سواء سقطَ قصر الرئاسة اليمنية في يد المتمردين الحوثيين وبسطوا سيطرتهم بالكامل على دار الرئاسة جنوب العاصمة صنعاء أمس الثلاثاء، كما قالت الجماعة في صفحتها الرسمية على فيس بوك، أم لا تزال بعض جيوب الحرس الرئاسي تقاوم وتمنع سيطرتهم الكاملة على القصر، كما تقول حكومة الرئيس “هادي”؛ فقد وضحت أهداف الحوثيين ورغبتهم في استكمال انقلابهم الذي بدأوه في سبتمبر الماضي 2014 بلغز تساقط مؤسسات الدولة والجيش والشرطة في أيدي مئات المسلحين الحوثيين (الشيعة الزيدية) وسيطرتهم على الدولة اليمنية بما فيها مقرّ القيادة العامّة للجيش.
الأنباء القادمة من اليمن تشير بوضوح، بحسب محللين يمنيين، لرغبة الحوثيين في قطف ثمار انقلابهم بعد أن ضمنت إيران -داعمة الحوثيين بالسلاح والنفوذ- مقعدًا في السلطة اليمنية، وبات الخليج هو الخاسر الأكبر، بعدما ضحّت الإمارات والسعودية بالمبادرة الخليجية واتخذتا موقف الصمت على انقلاب الحوثيين أملًا في إزاحة إخوان اليمن (التجمع للإصلاح) من المشهد السياسي.
فقبل أن تسقط دار الرئاسة اليمنية، بيد الحوثيين بعد سيطرتهم على المداخل الرئيسة للقصر الجمهوري اليمني، كان نائب البرلمان الإيراني عن مدينة طهران “علي رضا زاكاني” المقرّب من المرشد الإيراني علي خامنئي يعلن الفوز الإيراني بقوله: إن “ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية“، وإنّ صنعاء “أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية“، وسط ترحيب إيراني بما أسماه موقع “شيعة أون لاين” الرسمي التابع للحوزة الشيعية في إيران “انتصار الثورة الشيعية بقيادة الحوثي في اليمن“.
أهداف الانقلاب
الأهداف الرئيسة لاجتياح صنعاء منذ سبتمبر الماضي وحتى انقلاب يناير الجاري باحتلال مقرّ الرئاسة، تبدو وكأنّه تم تحديدها مسبقًا وبطريقة سياسية؛ حيث بدأت بإسقاط والسيطرة على مراكز القوى الإسلامية السنية المؤثرة وبخاصّة أحزاب الإخوان والسلفية، ومراكز وقيادات الجيش التي انحازت إلى ثورة اليمن لتحقيق مصلحة إسقاط (صالح)، مثل اللواء علي محسن الأحمر المستشار العسكري للرئيس واللواء حميد القشيبي قائد أكبر الألوية العسكرية في المنطقة الذي دعم المقاتلين الموالين للشيخ الأحمر بالسلاح، وثكنات الجيش والشرطة، حتي استكملتها أمس بالقصر الرئاسيّ.
الأهداف التي وضحت، منذ سبتمبر الماضي، لتحركات الحوثيين والقوى الإقليمية والدولية في اليمن كانت: إما تصفية جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والتيارات الإسلامية التي كان لها -مثل باقي دول الربيع العربي- دورًا كبيرًا في انتصار الثورات الشعبية، وكسر الجيش اليمني لصالح قوى إقليمية (إيران) وتنفيذ أجندة ما في اليمن علي غرار الثورات المضادة العربية الأخيرة، أو سيناريو النهاية للعبة فارسية – غربية تجري منذ فترة في اليمن، أو الضغط على الرئاسة والشعب الذين قد يقبلون مطالب الحوثيين بدور مؤثر في القرار السياسي للدولة اليمنية، وهو ما أكده مستشار رئيس الجمهورية الدكتور فارس السقاف: “أن هذه الاتفاقية التي تم توقيعها ستمنح الحوثيين الكثير من النفوذ وفق الواقع الذي وصلوا إليه“.
أما سيناريو تنفيذ هذا الهدف، فأعلنه الحوثيون بقولهم إنّ عبد الملك الحوثي سيعلن مجلسًا عسكريًا لإدارة البلاد، يكون لهم فيه الغلبة ويسيرون الجيش لمصالحهم.
تحذيرات يمنية
ربما لهذا دعا المحلل السياسي اليمني “عبد الناصر المودع” القوى السياسية اليمنية إلى مقاطعة الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد اجتياح الحوثيين للقصر الرئاسي، قائلًا: “إن الاجتماع هدفه إعطاء الحوثيين غطاء شرعي لجمع المكونات السياسية والتوقيع ما يملي عليها الحوثيون“، مشيرًا إلى أن بعض تلك القوى متواطئة مع الحوثيين، وأنها “إما في حالة تواطؤ أو استسلام“.
وأوضح أن الحوثيين يريدون صياغة اتفاقية جديدة من خلال هذا الاجتماع ويسعون لجعل القوى السياسية توقع عليها، ليظهروا للعالم أن هناك اتفاقًا سياسيًا، معتبرًا أن ذلك ليس اتفاقًا؛ بل إكراهًا للقوى السياسية على التوقيع، و”الاجتماع ستكون فيه إملاءات حوثية وليس اتفاقات“.
وأشار إلى أن أيّ اتفاق قادم سيكون امتدادًا لسيطرة الحوثيين وسيحاول أن يشرعن سيطرة جديدة للحوثيين كما شرعن اتفاق السلم والشراكة، فهم -الحوثيون- الآن بحاجة إلى غطاء شرعي وسياسي لتحركهم القادم تجاه مأرب وإشراك قوات الجيش لتحارب بالنيابة عنهم.
أما لماذا “مأرب”؛ فلأنها لتمثل معضلة حقيقية للحوثيين ويتوافد إليها جميع خصومهم؛ فقبائل مأرب قبائل مقاتلة وفيها الكهرباء والنفط والغاز وهددت أنها ستدمر البنية التحتية والحوثيون يخشون استعصاء مأرب عليهم ويدركون أنهم في موقف ضعيف وأنهم ليس لهم شرعية سياسية لأنهم أقلية يفرضون سياستهم بالسلاح على الأغلبية.
لماذا هاجم الحوثيُّ القصرَ الرئاسيّ؟
أغلب اليمنيين يرغبون في نظام فيدرالي يمنح المزيد من القوة للسلطات المحلية، ولكن الحوثيون والكثيرون في الجنوب قد يرغبون في إعادة تقسيم اليمن لشمال وجنوب، وفيما يفضل الرئيس هادي والموالون له نظامًا يقسم اليمن لستة أقاليم مثلما جاء في مسودة الدستور، يري الجنوبيون، الذين كانوا يحظون بدولة شيوعية مستقلة حتى إعلان الوحدة عام 1990، أن نظام التقسيم لستة أقاليم قد يجعل الشمال يتمتع بسلطة أكبر.
ويرفض الحوثيون خطة التقسيم لستة أقاليم بسبب مخاوفهم أن يؤدي ذلك لتقليص سلطتهم في المناطق التي يسيطرون عليها فعليًا.
وعندما بدأت خطة استيلاء الحوثيين على القصر الرئاسي الاثنين 19 يناير، فتحت جماعة الحوثي، ما قالت إنه “الصندوق الأسود للرئاسة”، ونشرت ثلاث مكالمات هاتفية بين رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ومدير مكتبه المعتقل لدى الحوثيين منذ مطلع الأسبوع الجاري الدكتور أحمد عوض بن مبارك، تشير لإصرارهم على خطة تقسيم اليمن لستة أقاليم، وهو ما يرفضه الحوثي ويعتبره خطة لإضعاف سيطرته علي كل اليمن.
وأذاعت قناة «المسيرة» الحوثية المكالمات الثلاث كاملةً في نشرتها مساء الاثنين، حيث تمحورت (المكالمة الأولى) حول الحوار الوطني وتمرير الأقاليم الستة وكيف خطط هادي ومدير مكتبه لتمريرها عبر مخرجات الحوار، فيما تضمَّنت (المكالمة الثانية) الحديث حول القضية الجنوبية وتطويع الجنوبيين بما في ذلك قيادات في الحراك مقرَّبة من هادي من بينهم مستشار الرئيس ياسين مكاوي ونائب رئيس مجلس النواب محمد الشدادي، وقد تحدث الرئيس فيها بألفاظ نابية تمسَّ الجنوبيين، بحسب التسريب.
أما (المكالمة الثالثة)، فكشفت عن توظيف الرئيس لحادث “العرضي” للضغط على الأطراف السياسية لتمرير تقسيم اليمن إلى أقاليم. وعن الطريقة التي يعمل بها الرئيس من خلال إذكاء ما قالوا إنه “المناطقية” لتمرير المشروع، ورد في المكالمة ذِكر أسماء قيادات في الشمال أبرزها رئيس مجلس النواب يحيى الراعي وأمين عام المؤتمر عارف الزوكا والأمين العام المساعد ياسر العواضي.
والتقرير الإعلامي الذي نشرته قناة المسيرة الحوثية أكد وجود وثائق وتقارير أخرى مسجلة ومكتوبة حصلت عليها “اللجان الشعبية الحوثية” داخل الرئاسة بعد اقتحامها.
توافق إيراني – أمريكي
أما التوافق أو التنسيق الإيراني – الأمريكي لخروج هذا السيناريو بسيطرة الحوثيين، ربما لاستخدامهم لاحقًا في مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن، فشرحه أكثر من محلل غربي منذ وقت مبكر. فـ”إيان بلاك” كتب في صحيفة الجارديان 21 سبتمبر الماضي تحت عنوان: “
دليل سياسات الشرق الأوسط عام 2014“، يقول إن: “أعداء الأمس (أمريكا وإيران) أصبحوا أصدقاء اليوم” بسبب توافق مصالحهم في مناطق مختلفة مثل العراق واليمن طالما أن مصالحهم تجتمع ضد الآخرين“، وأنه: “حتى ولو ظل الإيرانيون والأمريكيون مختلفين لمدة 35 عاما، فالآن تبادل المصالح في العراق واليمن يجمعهم سويًا“.
وصحيفة المونيتور الأمريكية، قالت أيضًا يوم 21 أغسطس الماضي تحت عنوان: (
السعودية تبحث عن تحالفات يمنية لإخضاع الحوثيين) إن: “السعوديّة تحاول ترتيب الوضع السياسيّ في اليمن من جديد تحت لافتة المصالحة الوطنيّة، في الشكل الذي تطمح إليه، ولكنها سعت إلى بعض التناقضات هي: إضعاف الإخوان بعد اعترافها بالحوثيّين كقوّة محليّة، لكن ليس بالقوّة التي تقلق حدودها وحضورها داخل اليمن، والنتيجة حتّى الآن هي إضعاف الإخوان وصعوبة احتواء الحوثيّين الذين أصبحوا أقوى، وهو مشهد يلخّص الكثير حول مدى فاعليّة الدور السعوديّ المتراجع باستمرار في اليمن“.
وسبق هذا تقرير للكاتب البريطاني ديفيد هيرست في صحيفة الجارديان البريطانية نوفمبر 2013 الماضي يؤكد أنّ السعودية تدعم الحوثيين في اليمن؛ “لضرب الإسلام السياسي في المنطقة، بما في ذلك حزب الإصلاح الإسلامي الذي تجد فيه السعودية خطرًا كبيرًا وجامحًا“.
وقال إن: «الحوثيين يتلقون دعمًا ماليًا وعسكريًا من السعودية، وحول سر استمرار الدعم السعودي للحوثيين رغم أنهم كانوا محسوبين على إيران، نقل عن مصدر سعودي أن «المملكة لا ترى في الحوثيين أو الشيعة أو حتى إيران خطرًا عليها، بقدر ما إنها تعتبر بأن الخطر هو الإخوان المسلمون في مصر والتجمع اليمني للإصلاح في اليمن».
خسارة خليجية وتهديدات أمنية
عندما دشنت السعودية المصالحة الخليجية مع قطر، قيل بوضوح إنّ المصالحة جاءت لمواجهة المخاطر الإقليمية المتزايدة الممثلة في تمدد نفوذ إيران والشيعة في دول خليجية وتهديدهم للاستقرار الخليجي من بوابة البحرين، وشرق السعودية. ومع الوقت، بدأت تقارير غربية ومحلية تتحدث عن أخطاء خليجية في التعامل مع التيارات السنية العربية التي كانت جزءًا من القوة التي تستعملها السعودية ضد إيران والتمدد الشيعي في المنطقة، واحتمالات عودة التعاون مع قوى مثل الإخوان لو قبلوا تطويعهم تحت السياسة الخليجية.
وهناك تقديرات سياسية بأنّ السعودية ودولًا خليجية أدركت خطأ مقولة إنّ الحوثيين وإيران ليسوا أخطر من الإخوان المسلمين، بعدما نجح الحوثيون في كسر الذراع الخليجية في اليمن وأجهضوا المبادرة الخليجية وغيّروا قواعد اللعبة لصالح إيران حتي بات التهديد الشيعي مباشرة عبر البوابة السعودية جهة اليمن في الشمال، بجانب التهديد الداعشي عبر حدود العراق من الجنوب.
فالسعوديون يرون الحوثيين وكيلًا لإيران وجماعة إرهابية تهدد الاستقرار الإقليمي، وتخشى الرياض أيضًا من أن تخلق الحركة الحوثية بلدًا صغيرًا شمال اليمن، المتاخم للسعودية يهدد استقرارها.
ولهذا، كان رد الفعل الخليجي على سيطرة الحوثيين على مقر الرئاسة اليمنية سريعًا، حيث سيعقد وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اجتماعًا استثنائيًّا، اليوم الأربعاء، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة التدهور الأمني والسياسي في اليمن.
وذكرت مصادر في أمانة المجلس أنّ الاجتماع سيعقد في القاعدة الجوية بالرياض، ما يشير لطابع عسكريّ للاجتماع، وخليه أزمة عسكرية وسياسية لمعالجة تداعيات هذا الانقلاب في اليمن على أمن الخليج وبخاصة السعودية الأقرب للحدود اليمنية، وفي ظلّ التهديد الذي تواجهه البحرين أيضًا، والأخطار التي يشكّلها حزب الله بقيادة نصر الله بجانب جماعة الحوثي.
ولكن المشكل أن السعودية فقدت أوراق لعبها المؤثرة في اليمن بعد الغزو الحوثي للعاصمة، وباتت خياراتها تتقلص في اليمن. فالإدارة السعودية التقليدية اعتمدت على بناء توازن قبلي (حاشد، بكيل، بعض مذحج) شمال البلاد وشراء ولاء السلطة عبر المساعدات المالية التي كانت تورد إلى خزينة البنك المركزي اليمني، وتسحب بعد ذلك إلى أرصدة خاصة، وكان اسمُ الرئيس السابق علي صالح، أحدَ أبرز المشمولين في كشوفات “اللجنة الخاصة”.
وخلال حروب صعدة، قدمت المملكة لعلي صالح دعمًا سخيًّا ودفعت فاتورة الحروب، وحين أدركت مكره واستثماره لورقة الحوثي لابتزاز الجوار أوقفت الدعم ووصل الحوثيون إلى جبل “الدخان” داخل أراضيها وخاضت معهم مواجهات عنيفة انتهت بانسحابهم باتفاق لم يعلن وقالت يومها إنها تواجه جيشًا نظاميًا وليس مجرد مسلحين قبليين.
ومع اندلاع ثورة فبراير 2011م ضد صالح وإعلان جماعة الحوثي سيطرتها على محافظة صعدة اتخذت المملكة قرارًا بتجميد أنشطة “اللجنة الخاصة” وتوقيف الاعتمادات الشهرية عن القبائل المناصرة للثورة، ثم توقفت جميع المساعدات والمعونات المالية عن اليمن.
وعندما صاغ علي صالح مبادرة على مقاسه تبنتها دول الخليج ودعمتها، ووقع عليها برعاية وحضور الملك عبد الله (23 نوفمبر 2011م) لتتحوّل إلى مبادرة خليجية منحت لصالح حصانة من المحاكمة والمسائلة، لكنها أبقت على نظامه بقبضته على مفاصل السلطة والثروة، وكانت أقرب إلى أن تكون مصالحة بين قوى الثورة ونظام صالح تشكلت معها حكومة بالمناصفة وانتخب عبد ربه منصور هادي رئيسًا توافقيًا.
وشارك الحوثي في الثورة، لكنّه لم يعترف بالمبادرة وما ترتب عليها وبقي أنصاره في ساحة الاعتصام أمام بوابة جامعة صنعاء حتى 2014م، وظل يقوي مراكزه بدعم إيراني، فيما سكتت المملكة عن تمدد الحوثيين خارج صعده، فأضعفت خصومه من القبائل والسلفيين وأنصار الثورة، بالتخلي عنهم وتركتهم فريسة بيد الحوثي وخلايا صالح.
فنجح الحوثي في تهجير السلفيين المحسوبين على المملكة من منطقتي دماج وكتاف بصعدة (يناير 2013م) وأجبرهم بالقوة على مغادرة معاقلهم ومراكزهم إلى خارج المحافظة بعد أشهر من مواجهات عنيفة، كما تهاوت قبيلة (حاشد)، معقل أولاد الشيخ الأحمر والقبيلة الأقوى، وبدأ يلتفت للجيش ومؤسسات الدولة ويسقط لواءات الجيش واحدًا بعد الأخر حتي باتت أسلحة الجيش ومعسكراته بيد الحوثي، وانتهي انقلابه الرسمي في سبتمبر الماضي باحتلال القصر الرئاسي في يناير الجاري، لتتقلص خيارات الخليج في اليمن باستمرار، وإن كان لدى المملكة الفرص لدعم أنصارها السابقين في اليمن لتحجيم الحوثيين والتهديد الإيراني الماثل وراءهم لحدودها.
ومع هذا بالسعودية بين خيارين أحلاهما مرّ، بين محاربة الحوثيين ومن ثمّ إعطاء فرصة لنمو تنظيم القاعدة في اليمن الذي يحارب الحوثيين، أو الصمت وترك التغلغل الإيراني الشيعي يتغلغل داخل حدودها بعد سيطرته على اليمن التي كانت تشكل بوابة حماية.
فتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، ازدهر نشاطه في أعقاب التطلعات التوسعية للحوثيين، واتخاذ الاضطرابات في اليمن طابعًا طائفيًا نجح في تأليب السنة ضد الشيعة، وهو الأمر الذي يصبّ في مصلحة القاعدة، التي تزعم وجودها في 16 من أصل 21 محافظة يمنية.
أيا كانت النهاية، فالقصة لم تنتهِ بعد ولم يعلن الانتصار الكامل لأحد حتى هذه اللحظة ولم يتم تسليم اليمن بالكامل للحوثيين وشركائهم الإقليميين (إيران) والدوليين، فالجميع في انتظار ردّ فعل القبائل والثوار والعسكريين المواليين للثورة اليمنية، والحرب لم تضع أوزارها، وفي انتظار ردّ فعل الخليج وعودته لنصرة أنصاره.
أما مؤشرات الصمود ضد الحوثيين، فظهرت بإعلان انتفاضة “تعز” ضد ما أسمته “الانقلاب”، وتجمع معارضي الحوثيين في مأرب، ويبدو أن اليمن مرشح أن يكون ساحة لحرب بالوكالة بين وكلاء إقليميين ومحليين، خاصة بعدما هدد الحوثي في خطابه المنتظر مساء الثلاثاء “باتخاذ إجراءات وخيارات تصعيدية“، وأنه “جاهز لأي إجراء مهما كان سقفه عاليًا”.