خاص – الشعب
اتهم "مؤشر الديمقراطية" الحكومة المصرية الحالية بأنها "تعيد إنتاج سياسات أثبتت إخفاقها في وقف الحراك الطلابي بالجامعات، ومؤكده أن "الإقصاء السياسي للطلاب هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى" بحسب تاريخ مصر علي مر العصور.
وشدد علي "استحالة فصل العمل السياسي عن الحركة الطلابية ولن تستطيع سلطة وقف مظاهرات الطلبة"، وأن "سياسات الدولة الحالية في التعامل مع الحراك الطلابي لن تؤتي سوى بانتفاضة طلابية كبرى".
وزعم التقرير: "إن مواجهة الحراك الطلابي والوهن السياسي للأحزاب المدنية سمح لسيطرة الإسلام السياسي على الحركة الطلابية"، وقال أنه يجب الوقف الفوري للمواجهات الأمنية والإفراج عن الطلبة المعتقلين الذي بلغ عددهم 70 في أول يومين للدراسة، وإعادة النظر في اللائحة الطلابية، وأن تكون من الأولويات أجندة التفاوض بين الدولة والطلاب.
وقال أن ما يجري حاليا في العام الدراسي 2014، هو تكرار لمشهد الحراك الطلابي 2013 الذي تمثل في المواجهات الأمنية والتقييد التشريعي والإقصاء السياسي والتشويه الإعلامي، وهي أهم أدوات الإدارة المصرية في التعامل مع الطلاب.
نفس ممارسات عام 2013
قال التقرير: "واجهت الإدارة المصرية حالة من الحراك الطلابي خلال العام 2013 حيث نظم الطلاب أكثر من 3000 احتجاج طلابي تخللهم أكثر من 600 حادثة عنف خلال العام الدراسي الماضي، الأمر الذي دفع الإدارة المصرية لإعادة إنتاج مجموعة من السياسات التي رأت أنها ربما تكون حوائط صد لهذا الحراك الطلابي السلمي منه أو العنيف، لكن تلك السياسات لم تفرز سوى المزيد من الاحتقان والمواجهات التي أعتقل على أساسها حوالي 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسي الحالي".
وقال أن "الدولة المصرية أعادت إنتاج سياسات أثبتت إخفاقات تاريخية في التعامل مع طلاب الجامعات عبر المواجهات الأمنية والتقييد التشريعي والإقصاء السياسي للطلاب والتشويه الإعلامي للحراك الطلابي و"البتر الاجتماعي للطلاب بالسماح بتجسسهم علي بعضهم البعض.
المواجهات الأمنية تولد مقاومة طلابية عنيفة
التقرير شدد علي أن الحركة الطلابية المصرية بدأت منذ أكثر من 120 عاما في العمل على القضايا الوطنية، بداية من مقاومة الاحتلال وحتى مقاومة الدكتاتورية والرجعية المحلية، الأمر الذي يؤكد على أن التصدي الأمني الذي يحدث الآن للنشاط الطلابي والذي اعتقل خلاله على أكثر من 70 طالب خلال أول يومين من العام الدراسي الحالي تحت مسميات وحجج مختلفة.
وتحدث عن صرف الملايين على التعاقد مع شركات الأمن الخاصة والكمائن المستفزة أمام الجامعات والتي حولتها لما يشبه مناطق عسكرية ومناطق عمليات حربية، ووصفته بأنه "لا يعد سوى امتدادا لسياسات القمع الأمني التي انتهجتها دولة الحكم في مصر ضد الطلاب, ورغم كافة تلك المواجهات الأمنية مع الطلاب، إلا أنها لم تستطع يوما صدهم عن ممارسة أنشطتهم، بل إنها أعطت الحركة الطلابية المزيد من التكتيكات والخبرة والحشد والمصداقية، وعززت من ضعف كل نظام حاول انتهاج سياسة المواجهات الأمنية، .
وشدد علي أن المواجهات الأمنية للنشاط الطلابي تدفع بالدولة للمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، وكذلك الدفع بالطلاب للمزيد من التنظيمات السرية الانتقامية والتي ستستهدف الانتقام من رموز سلطات الدولة وخاصة الأمنية منها، رغبة في الخلاص من قمع تلك السلطات.
التقييد التشريعي أداة للقمع
واتهم "مؤشر الديمقراطية" الإدارة الحالية للبلاد باستخدام التشريعات المقيدة للحريات مثل قانون التظاهر، بالإضافة للائحة العمل الطلابي الجديدة التي أحدثت شرخا واضحا بين إدارة الدولة وبين الطلاب، وإنتاج الدولة لسياسات التقييد التشريعي للنشاط الطلابي والتي بدأت منذ قانون 22 لسنة 1929 والمسمى بقانون "حفظ النظام" والذي أصدرته وزارة محمد محمود، لقمع الحراك الطلابي بعد تعطيل الحياة النيابية عام 1928 ، وكذلك التمهيد للانقلاب الدستوري الحاصل في الفترة من 1930-1933 ، ومرورا بلائحة السادات في 79، وتعديلاتها في عصر مبارك 1984.
وقالت أن قانون محمد محمود لم ينتج عنه سوى انتفاضة طلابية 1935، ولوائح السادات ومبارك لم تعمل سوى على تدمير النشاط الطلابي داخل الجامعة و السماح لجماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي السيطرة على العمل الطلابي، وينطبق الأمر حاليا على قوانين التظاهر واللوائح الطلابية الحالية والتي لم تنتج سوى المزيد من الدماء والاعتقالات والفوضى.
وشددت علي أن "أية محاولة تقييد تشريعي للحراك الطلابي سوف تواجه إما بتحدي تلك التشريعات وخرقها عمدا، أو زيادة الاحتقان الذي سينتج انتفاضات طلابية وسعة، وفي كل الأحوال سيولد المزيد من المواجهات العنيفة بين إدارة الدولة وبين الطلاب .
إقصاء الطلاب مفتاح الانتفاضات
وقال مؤشر الديمقراطية أن وقف العمل السياسي بالجامعات والتهديد بمحاكمة من يسيء لرئيس الدولة وحل الأسر الجامعية ، وغيرها من القرارات التي حاولت بكافة الأشكال إقصاء الطلاب الجامعين المعارضين للإدارة الحالية من العمل السياسي بالجامعة وتقييد حرية التظاهر والتنظيمات الشبابية خارج الجامعة بشكل يمثل خنقا واضحا لكافة متنفسات العمل السياسي للطلاب، لا يضع أمام الطلاب سوى خيارات خرق تلك القرارات علنا والوقوع في مواجهات مع السلطة أو الاتجاه للعمل السري.
وقد كشفت التجارب التاريخية القديمة والحديثة صحة تلك النظرية ، حيث كانت كل محاولة لحصار العمل الطلابي السياسي تنتهي بانتفاضات طلابية ومواجهات فارقة، منها انتفاضات الطلبة 1935، 1946 (حادثتي كوبري عباس ) و 1968 والتي رضخت لها دولة ناصر، وحركة الطلاب 1972 ودورهم في انتفاضة الخبز 1977 ضد دولة السادات وكل الحركات الرافضة لمبارك انتهاءا بقيادتهم لثورة أطاحت بمبارك. "لذا فإن الحصار السياسي للطلاب لن ينتج عنه سوى المزيد من المواجهات والاحتقان بين الإدارة المصرية والطلاب ، ولن ينتج عنه سوى خسارات سياسية للإدارة المصرية، والمزيد من المكاسب لمعارضيها وأعداؤها وخصومها السياسيين والدوليين" .
التشويه الإعلامي للطلاب أداة فاشلة
أشار تقرير "مؤشر الديمقراطية" لما ذكره مقدمي البرامج على واحدة من أكثر الفضائيات انتشارا، من تحريض علي الطلاب، تعليقا منه على بيان لطلاب الجامعات، بقوله: "لن نعبر ولن تعبر الدولة المصرية سوى على أجسادكم"، والذي ليس سوي جزء من سياسات متعمدة لتشويه الحراك الطلابي السياسي على مر العصور.
وقال أن هذا التشويه "وصل لذروته في العام الدراسي 2014 ، ليتهم الطلبة بالعمالة والإرهاب والبلطجة ، ويتم وصم كل من يعارض الإدارة الحالية وتصنيفه على أنه منتمي لجماعة إرهابية ، ناهيك عن سياسات واضحة تقصي المتحدثين باسم الطلاب ومصالحهم وتبرز دعاية سلبية لكل احتجاجاتهم وتحركاتهم، في حالة تناسي واضحة أن الطلاب الجامعيين يمثلون المكون الأساسي لنجاح أي كيان إعلامي، وأن لديهم من الوسائل الإعلامية الحديثة ما يمكنهم من قيادة حملات إعلامية كاملة ضد كل من يروج ضدهم، و أن تلك السياسة هي امتداد لسياسات قمع الحراك الطلابي وأساسا لشحن الطلاب وإحداث المزيد من العنف ."
البتر الاجتماعي يشعل نار العنف
ونوه "مؤشر الديمقراطية" إلي أن البتر الاجتماعي للطلاب "مجرد خطوة لإشعال نار العنف "، مشيرا لتفاخر رئيس جامعة الأزهر في غرة العام الدراسي 2014 "بتجنيد جواسيس من بلدياته لمراقبة الطلاب" ظنا منه أن هذا دوره الوطني والقومي، وتصريحات رجال الدولة والتعليم حول تصنيف الطلاب لمتعاونين يتم تجنيدهم لمراقبة الطلاب المشاغبين أو الإرهابيين، مما عكس سياسة واضحة للتصنيف والتفرقة بين الطلاب أنفسهم.
وقال أنه خلال العام الدراسي 2013 حدث ما يقارب من 100 حالة اشتباك بين الأهالي والطلاب، وصنفت الإدارة المصرية الأهالي المشتبكين مع الطلبة على أنهم "المواطنين الشرفاء"، بينما جرى تصنيف الطلاب على أنهم "مجرمون"، بالإضافة لبعض الشحن الإعلامي ضد الحراك الطلابي وتوفير غطاء شرعي من إدارة الدولة للمواطنين الشرفاء لملاحقة الطلاب المجرمين على حد وصف الدولة.
وقالت أن هذا يعكس "انتهاج الدولة لسياسة بتر اجتماعي للطلاب وشحذ لباقي قطاعات المجتمع ضدهم ومحاولة إلقاء كافة مشكلات الأمة على عاتق الحراك الطلابي خارج الجامعة أو داخلها، وتلك السياسية لا تمثل إلا أداة لتوسعة فجوة الخصام المجتمعي في مصر، و عائقا أساسيا أمام أفكار المصالحة الوطنية و شحذ الجهود ناحية البناء لا القمع الهدم والفرقة".
حقائق عن الحراك الطلابي
وشدد مؤشر الديمقراطية علي أنه "يجب على الدولة مراعاة عدد من الحقائق عند التعامل مع الحراك والحريات الطلابي" منها :
1- أن نشأة الحراك الطلابي كانت من أجل العمل الوطني وما لبث أن أصبح عملا وطنيا طلابيا ينتهج مسارات سياسية وتثقيفية، لذا فإن فكرة فصل العمل السياسي عن النشاط الطلابي هي كفصل روح عن جسد، وهي فكرة مستحيلة التطبيق عمليا في الواقع المصري .
2- أن التظاهرات و الإضرابات والمسيرات وغيرها من وسائل الاحتجاج والتظاهر هي الأساس الذي قام عليه نشاط الحركة الطلابية ولن تجدي محاولات قمع التظاهر خاصة لدى الطلاب، وعلى إدارة الدولة تنظيم هذا الحق و ليس منعه أو قمعه بأي وسيلة .
3- أن ظهور وسيطرة الإسلام السياسي وجماعات الفكر المتطرف على العمل الطلابي لم تأت سوى في فترات الوهن الحزبي و السياسي في مصر، أو بمساعدة من الإدارة المصرية لإضعاف والقضاء على الجماعات الطلابية المعارضة للإدارة.
4- أن أكثر فترات ازدهار الحركة الطلابية وإنتاجها كانت فترات العمل السياسي المنظم والمشترك بين الطلاب المنتمين للأحزاب المدنية، وأن الطلاب كانوا المحرك الأول للحياة الحزبية ونشر المفاهيم والأيديولوجيات الديمقراطية داخل وخارج المجتمع الجامعي .
5- أن الحراك الطلابي رغم ضخامته وقوته إلا أنه قوة زئبقية لا يمكن لسلطة أو إدارة التحكم بها أو قمعها أو إحكام السيطرة عليها، ولكنها قوة تمثل إضافة حقيقية لأي إدارة تنصت لها وتشاركها في عمليات الإصلاح والبناء، وأن هناك علاقة طرديه واضحة بين منح الحراك الطلابي المزيد من الحريات وبين استقرار الأنظمة والحكومات، مثلما أن أي تقييد للحريات الطلابية هو أحد العوامل الأساسية لزعزعة استقرار أي نظام إداري أو حكومة.
نصائح لحل الأزمة
وقدم مؤشر الديمقراطية نصائح لحل الأزمة بين الطلاب والدولة تتمثل في "البدء في عملية تفاوض جادة وحقيقية تجمع ممثلين عن إدارة الدولة – الاتحادات الطلابية – قطاع التدريس بالجامعات – المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الطلبة والحقوق والحريات المدنية والسياسية – الإعلام ، بهدف الوقف الفوري للمواجهات الحالية بين الدولة والطلاب ، والجلوس على مائدة تفاوض من أجل حماية وإقرار الحريات الطلابية مع حماية الجامعات من العنف والفوضى وأعمال الشغب ، وحماية حقوق كافة الطلاب في تلقي المعلومة في جو ملائم". ودعا لأن تبدأ المفاوضات أجندتها بالنظر في الخطوات التالية:
· إيقاف المواجهات الأمنية مع الطلاب وإعادة النظر فيما يخص التعاقدات الخاصة بشركات الأمن ودور قوات الأمن في تنظيم عملية حماية الأمن داخل وخارج أسوار الجامعة دون تحويها لمعسكرات مخابراتية أو أمنية .
· العفو عن كافة الطلاب المعتقلين تحت قضايا تخص مشاركتهم في أنشطة واحتجاجات طلابية وإعطائهم فرصة أخرى للتعليم عوضا عن الزج بهم بين المسجونين الجنائيين .
· إعادة النظر في اللائحة الطلابية .
· تنظيم العمل الطلابي وتشجيعه بما يصب في صالح تنمية العملية التعليمية والعمل الوطني الهادف لبناء الدولة والمواطن المصري.