"الوطن" المصرية:
لا تمل تلك المرأة من إبرام الصفقات تحت الترابيزة وإجراء التفاهمات المعقدة وتنفيذ الخطط المستحيلة.. حتى بعد 25 يناير لا يزال جراب سوزان مبارك يحوى العديد من المفاجآت الصادمة للجميع التى تعكس قدرتها على التماسك واللعب بكل الخيوط لدرجة أنها استطاعت أن تورط حكومتى عصام شرف وكمال الجنزورى فى تهريب أموالها لسويسرا عن طريق مؤسسة أهلية.الهانم.. أو سيدة مصر الأولى.. كما أحبت أن يطلق عليها طوال ثلاثين عاما من حكم زوجها المخلوع حسنى مبارك.. دفعتها رغبتها الجامحة فى تقمص دور صاحبة الرسالة الإنسانية لأن تطلق مؤسسة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام عام 2003 فى جنيف لتصدر صورة للإعلامين العربى والغربى بأنها المدافعة عن حقوق الإنسان والمرأة والسلام.
كان أكثر ما يهمها طوال السنوات العشر الماضية أن تحصل على جائزة دولية مثل نوبل للسلام من خلال منظمتها الأهلية بحسب تصريحات سابقة لفاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق.
اختارت زوجة المخلوع مقرا رئيسيا لمنظمتها فى العاصمة السويسرية جنيف -معقل شركات أثرياء العالم ومحل إقامتهم المفضل لقضاء الإجازات- بينما تتخذ مكتبا دائما لها فى «مكتبة الإسكندرية»، التى وضعت يدها عليها منذ إعادة افتتاحها بمدينة الإسكندر المقدونى.
بعد رحلة بحث طويلة فى أرشيفات وسجلات سويسرا والدول الغربية، تمكنت «الوطن» من كشف مفاجأة كبرى عن ثروة سوزان مبارك، تتمثل فى تحويلها لكامل أموالها الموجودة بالمنظمة من الإسكندرية إلى سويسرا فى أعقاب الثورة، بمساعدة حكومتى شرف والجنزورى.
يثبت 20 مستندا رسميا محليا و80 مستندا من جهات غربية -حصلت عليها «الوطن»- أن زوجة المخلوع بدأت إجراءات تحويل الأموال فى عهد حكومة عصام شرف رغم صدور قرار من النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بمنعها من السفر والتصرف فى أموالها، وساعدتها حكومة كمال الجنزورى ووافقت على إتمام الصفقة بنجاح، وتسرد مخاطبات عديدة تخص حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة ووزارة التضامن الاجتماعى ووزارة الخارجية المصرية تفاصيل كثيرة لعمليات تحويل الأموال تحت سمع وبصر الحكومة.
بدأت الإجراءات فى عهد الحكومة السابقة.. و«الحالية» وافقت على إتمام الصفقة
بدأت القصة فى ليلة دافئة من ليالى جنيف نهاية شهر أبريل 2011، وعلى شاطئ بحيرة جنيف الشهيرة.. عقدت منظمة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام جمعية عمومية «استثنائية» دعت إليها علية البندارى نائبة سوزان مبارك فى الحركة -والمحدد إقامتها حاليا بجنيف بقرار من النائب العام السويسرى- وطبقا لمحضر الاجتماع الذى حصلت عليه «الوطن»، حضر الجمعية العمومية عدد من أعضاء مجلس الإدارة أبرزهم سوزان مبارك -رغم منعها من السفر آنذاك- ووليد شاش وعلية البندارى، ويحمل المحضر توقيعات الأشخاص الثلاثة، واتخذت الجمعية الاستثنائية قرارا بتجميد عمل الحركة فى مصر وتحويل كامل أموالها إلى معهد دراسات السلام المسجل بجنيف عام 2006، وهو إحدى المنظمات الأهلية التابعة للحركة، استهدفت الخطوة كما يقول الدكتور محمد محسوب أستاذ القانون بجامعة المنوفية وأمين اللجنة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة فى الخارج أن تتمكن سوزان مبارك من التصرف فى أموال التبرعات التى جمعتها طوال السنوات الماضية، وتنعم بها بعيدا عن السخط السياسى والإجراءات الحكومية التى قامت بها مصر من مداهمات للجمعيات الأهلية وملاحقات قضائية، وذلك قبل أن ينتهى ترخيص الحركة فى أكتوبر 2012.
أعقب هذا القرار سلسلة من الإجراءات والمخاطبات بدأت تتوالى بين الحركة والعديد من الجهات الحكومية المصرية سواء من مكتبها الدائم بمكتبة الإسكندرية أو مكتبها فى جنيف، شكلت فى مجملها ما يشبه المفاوضات السرية التى خاضتها منظمة سوزان مبارك وانتهت بموافقة السلطات المصرية على تجميد عمل المنظمة فى مصر وتحويل المبلغ إلى معهد دراسات السلام فى جنيف، وتوضح المستندات كافة التفاصيل.
بهدوء شديد، حاولت سوزان استغلال تصريح العمل الممنوح لمنظمتها الأجنبية قبل الثورة الذى يعطيها الحق فى العمل لمدة 3 سنوات تنتهى فى أكتوبر 2012، فى إتمام عملية تحويل الأموال بشكل طبيعى بين مصر وسويسرا،خاصة أن اتفاقية عمل المنظمة تسمح لها بإنهاء عملها وتحويل أصولها من مصر إلى حسابات أى مؤسسة شبيهة، ويوضح التصريح الصادر للمنظمة بتاريخ 28/4/2009، الذى حصلت عليه «الوطن» أن مصادر التمويل التى تعتمد عليها الحركة هى الاشتراكات السنوية والهدايا والهبات والتبرعات، ووفقا لآخر بند فى قرار الترخيص فإن الحركة تلتزم بموافاة وزارة التضامن الاجتماعى بتقرير نشاط فنى ومالى عن أعمالها كل سنة، لكن المنظمة لم تلتزم بهذا الشرط، طبقا للمسئول عن المنظمات الأهلية فى وزارة التأمينات الاجتماعية الذى رفض ذكر اسمه.
لم تكن سوزان مبارك بشخصها حاضرة فى المشهد، بل قامت بتقديم استقالتها من المنظمة فى سويسرا بتاريخ 2 سبتمبر 2011، واعتمدت رسميا من السلطات فى جنيف بتاريخ 7 من نفس الشهر، بما يتيح لها ألا تصطدم إجراءات تحويل أموالها من مصر إلى سويسرا بأية عوائق لدى السلطات المصرية.
تولى الدكتور إسماعيل سراج الدين، رئيس مكتبة الإسكندرية وعضو مجلس الإدارة وأمين الصندوق بمنظمة سوزان مبارك، إنهاء كافة الإجراءات الخاصة بتجميد المنظمة وتحويل أصولها المالية للخارج، بعد خروج سوزان من الصورة تماما.
بدأ إسماعيل سراج الدين مخاطبة الحكومة المصرية بطلب الموافقة على تحويل أموال منظمة سوزان مبارك، ووجه خطابا إلى محمد كامل عمرو وزير الخارجية يقول فيه إنه وفقا لقرار الجمعية العمومية الاستثنائية المنعقدة فى جنيف بتجميد عملها فى مصر، فإن المنظمة ستقوم بتجميد النشاط وإغلاق مكتبها فى مصر، وفجر سراج الدين مفاجأة حين أكد فى خطابه أن حسابات الجمعية وأصولها وأرصدتها مودعة لدى البنك الأهلى المصرى فرع مصر الجديدة وأنها تنوى تحويل كافة الأرصدة وما لها من حقوق وما عليها من التزامات مالية وتعاقدات واتفاقيات إلى معهد دراسات السلام التابع للمنظمة، الذى أسسته سوزان مبارك فى جنيف عام 2006. وفى نفس اليوم قام إسماعيل سراج الدين بتوجيه خطاب مماثل إلى الدكتور جودة عبدالخالق بصفته وزيرا للتضامن والعدالة الاجتماعية، وقام بدوره بالتأشير عليه فى شهر نوفمبر 2011 للدراسة والعرض على الوزير لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.
الحقائق الماثلة أمامنا من واقع المستندات تثبت أن سوزان مبارك حصلت على موافقة صريحة من الحكومة المصرية بنقل أموال منظمتها، وبقى السؤال الأهم وهو كم تبلغ هذه الأموال؟
حملنا ما لدينا من معلومات ومستندات، وتوجهنا إلى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة الذى تودع فيه حسابات المنظمة لنعرف حجم المبالغ التى تريد منظمة سوزان مبارك للمرأة والسلام تحويلها، لكن مسئولى البنك رفضوا الإفصاح عن أية تفاصيل مكتفين بقولهم إن البنك ملتزم بسرية الحسابات البنكية لعملائه، ولا يمكنه الإفصاح عن هذا الملف بالتحديد.
لا يوجد مستند حكومى صريح يقدر قيمة ما تملكه منظمة سوزان مبارك من أموال فى حساباتها البنكية، لكن تحقيقات النيابة العامة المصرية وجهاز الكسب غير المشروع حول تضخم ثروة الرئيس المخلوع تكشف أن حركة سوزان مبارك تمتلك حسابات لدى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة بعملات مختلفة، وأن حساباتها تصل إلى ما يعادل 40 مليون جنيه حتى أبريل 2011، بخلاف 800 مليون جنيه كانت تتصرف فيها زوجة الرئيس كمنح من الدول الأوروبية، وطلب المحقق آنذاك تحريات تكميلية.
وفى سبيل إثبات قيمة المبالغ التى تخص الحركة، وسعت «الوطن» نطاق بحثها حول مخالفات وسجلات المنظمة حول العالم، لنتوصل إلى تحقيقات المكتب الفيدرالى السويسرى فى العام الماضى التى اتهمت فيها منظمة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام بارتكاب جرائم غسل أموال وتهرب ضريبى بمبلغ 962 مليون دولار لينكشف النقاب عن مفاجأة من العيار الثقيل وهى أن حجم الأموال التى جمعتها الحركة فى 4 سنوات ونصف السنة بلغت مليارا و230 مليون دولار من مختلف الدول العربية.
واجهت «الوطن» إسماعيل سراج الدين بالحقائق المذكورة بصفته عضو مجلس إدارة المنظمة والذراع الأساسية فى عملية تجميد وتحويل أموال المنظمة لكنه رفض التعليق، مكتفيا بقوله إن هذه الموضوع انتهى وليس له علاقة به، لكن معهد دراسات السلام فى مصر والذى أصبح حاليا يتبع مكتبة الإسكندرية نفى تماما تحويل أى أموال للخارج، مؤكدا أنه تم تحويل جزء من أموال سوزان مبارك إلى المعهد فى مصر.
التحقيقات السويسرية: المنظمة جمعت 1.2 مليار دولار تبرعات فى 4 سنوات.. و«سراج الدين» يرفض التعليق
وأضاف المعهد فى رد رسمى على استفسارات «الوطن» أن فرع المعهد فى مصر مستقل ماليا عن المركز الرئيسى فى سويسرا، مؤكدا أنه تم التحفظ على الأموال لحين تحويلها والتبرع بها إلى مركز دراسات السلام والديمقراطية بمكتبة الإسكندرية فى مصر، ومؤكدا أن المبلغ الذى تم تحويله إلى المعهد فى مصر 3 ملايين دولار فقط.
الدكتور محمد محسوب أمين المجموعة المصرية لاسترداد ثروة مصر يؤكد أن الهدف من هذه الإجراءات ليس تحويل المبالغ التى تخص منظمة زوجة الرئيس المخلوع إلى سويسرا وإنما تهدف إلى استخدام إجراءات تجميد المنظمة فى مصر لإنهاء ملف التحقيقات السويسرية التى تجرى حاليا بشأن التهرب الضريبى.
مرت أسابيع ولم تحصل منظمة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام على موافقة الحكومة المصرية على تحويل الأموال والأصول إلى معهد دراسات السلام، مما دفعها لاستعجال الحكومة المصرية فى 9 نوفمبر 2011، الاستعجال مرسل إلى عزيزة يوسف، رئيس الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات، ومرفق به عدد من الخطابات الأخرى بشأن إيقاف النشاط وتجميده فى مصر.
طلبت المنظمة فى نهاية خطابها من الحكومة المصرية سرعة الرد حتى يتسنى للمنظمة اتخاذ الإجراءات ومخاطبة الجهات الأخرى خاصة البنك الأهلى فرع مصر الجديدة، والضرائب والتأمينات.
20 يوماً من تاريخ تسليم آخر استعجال إلى وزارة التضامن الاجتماعى ولم يصل رد منهم.. ومنظمة سوزان مبارك تنتظر الموافقة على تحويل الأموال.. لكن دون جدوى.
بدأت منظمة سوزان مبارك فى محاولة للبحث عن طريقة أخرى لإنهاء إجراءات تحويل الأموال، ووجدت ضالتها فى وزارة الخارجية المصرية، حيث أرسلت خطاباً إلى وزارة الخارجية فى 29 من نوفمبر لا يحمل جديداً عن الخطابات الأخرى والتى تتضمن أنها اتخذت قراراً بتجميد أعمالها فى مصر وتحويل الأموال إلى معهد دراسات السلام المسجل فى سويسرا.
وبدأت النهاية تقترب مع قيام النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، أوائل ديسمبر بإرسال خطاب إلى وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية يفيد موافقة وزارة الخارجية على تجميد النشاط وتحويل الأموال، ومعه خطاب آخر مرسل لوزارة التضامن الاجتماعى يفيد موافقة معهد دراسات السلام على التحويل المقدم من حركة سوزان مبارك من أجل السلام لكل أصولها والتزاماتها إلى معهد السلام، مؤكدة أن الدكتور إسماعيل سراج الدين هو صاحب التوقيع المعتمد منفرداً لحسابات المعهد، لتنتهى سوزان مبارك من تحويل الأموال إلى جنيف لكن خطأً صغيراً عرقل القصة، تمثل فى أن الجمعية العمومية التى انعقدت فى جنيف نصت على أن هناك تحويلاً جزئياً من تلك الأموال التى سيتم تحويلها لصالح منظمة «ehtn»، لكن سرعان ما أرسلت منظمة سوزان مبارك للمرأة خطاباً جديداً فى منتصف ديسمبر يشدد على عدم التحويل لهذه المنظمة، مؤكداً أن التحويل بالكامل سيتم إلى معهد دراسات السلام فقط ولن يتم تقسيمه إلى أجزاء.
كان السؤال الأول: ما هى منظمة «ehtn» وما عملها، رحلة بحث طويلة استمرت أسبوعين دون نتيجة.. وفى النهاية منظمة «ehtn» هى اختصار لـ «End Human Trafficking Now» حركة مكافحة الاتجار بالبشر، وهى إحدى المبادرات التى أطلقتها سوزان مبارك عام 2004 من خلال منظمة «حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام».
لكن المفاجأة الكبرى التى تفجرها مستندات دولية حصلت «الوطن» عليها تكشف أن حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام تم تغيير اسمها إلى «منظمة مكافحة الاتجار بالبشر» فى تاريخ انعقاد الجمعية العمومية فى جنيف فى نهاية أبريل، بما يعنى اختفاء حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام من السجلات السويسرية، وتم تغيير النظام الأساسى وقواعد عمل الحركة بما يتماشى مع تغير الاسم، ووقع على مستندات تغيير اسم المنظمة سوزان مبارك وعلية البندارى ووليد شاش (سويسرى من أصل مصرى).
المستند اعتمد فى السجلات السويسرية فى 26 مايو 2011، وتفسر هذه المستندات محاولة سوزان مبارك إغلاق ملف تحقيقات سويسرا بشأن التهرب الضريبى من ناحية، إلى جانب إنهاء عمل حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام وإخفائها فى منظمة مكافحة الاتجار بالبشر، بحسب معتز صلاح الدين رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة.
ويضيف قائلا: عمليات تهريب الأموال كانت تتم بمعرفة علية البندارى وبمساعدة من وليد شاش عضو مجلس إدارة منظمة سوزان مبارك، والذى يشغل فى نفس الوقت رئيس قسم أفريقيا والشرق الأوسط فى مصرف يدعى اتحاد البنوك الخاصة فى مدينة جنيف.
أيام مرت لم تتجاوز أصابع اليد ليظهر خطاب من وزارة الخارجية المصرية موجه إلى رئيس الإدارة المركزية للجمعيات الأهلية والاتحادات بوزارة التضامن يفيد أن وزارة الخارجية لديها العلم الكامل بتجميد النشاط وتحويل الأموال، وتأكيد على تحويل الأموال إلى معهد دراسات السلام والمسجل فى جنيف وصادر له ترخيص بالعمل فى مصر.
الخطاب أكد أن «الخارجية» أبلغت جهات الأمن المعنية بملف المنظمات ووزارة العدل إلى جانب وزارة التضامن الاجتماعى، مؤكداً أن قرار وقف النشاط يرجع فى الأساس إلى المنظمة، وألقت وزارة الخارجية الملف بالكامل على عاتق وزارة التضامن الاجتماعى، حيث ذكر الخطاب نصا «ولما كان تصريح مزاولة المنظمات غير الحكومية الأجنبية يصدر عن وزارتكم الموقرة فإن وزارة الخارجية ترجع الأمر لوزارتكم الموقرة للإحاطة بالتنبيه وباتخاذ ما ترونه مناسباً فى هذا الشأن والإفادة».
ووقع الخطاب فى 19ديسمبر من أسامة شلتوت وزير مفوض ومدير شئون المنظمات غير الحكومية، بما يعنى أن وزارة التضامن أرسلت العديد من الاستفسارات إلى وزارة الخارجية لإنهاء الملف وتحويل الأموال.
لم يستمر الخطاب المرسل من الخارجية فى وزارة التضامن سوى 3 أيام لينتهى الملف بالتأشير عليه لاتخاذ اللازم من قبل رئيس الإدارة المركزية للجمعيات الأهلية والاتحادات.
يقول عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى، تعليقا على المستندات: إن المخاطبات التى دخلت فيها وزارة الخارجية كطرف تؤكد أن التحويل تم خارج مصر، قائلا «إنه لو أن التحويل سيتم فى حسابات داخل مصر فلن يتم أخذ رأى وزارة الخارجية نهائياً وأن الملف كان سيقتصر على وزارة التضامن فقط فى إطار القوانين».. إلى هنا يسدل الستار على مسرحية تحويل أموال حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام إلى معهد دراسات السلام فى جنيف بقرار وزارى صدر فى 27 من ديسمبر الماضى بموافقة وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية على إلغاء التصريح الصادر لمنظمة «حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام» وأيلولة أموال وأصول الحركة بالكامل إلى معهد دراسات السلام الصادر بشأنه تصريح رقم 62 فى أكتوبر 2009، ذلك الإجراء فى الأوراق المصرية، لكن فى الحقيقة وعلى الجانب السويسرى فمنظمة سوزان مبارك الدولية للمرأة والسلام انتهت من الوجود فى أبريل وأصبحت منظمة «أوقفوا الاتجار بالبشر الآن».
ويقول عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى، إن الملف يضع كل من شارك فى الموافقة على تصفية حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام بتحويل أصولها وأرصدتها إلى معهد دراسات السلام بجنيف، فى موقف المتهم بالمشاركة فى تهريب الأموال إلى الخارج. ويضيف: «الخطورة فى هذا الأمر هو حصول السيدة سوزان ثابت على أنبوب قانونى لضخ الأموال من مصر إلى الخارج، أنبوب يتسع لكل ما تستطيع جمعه سواء من الأموال التى لا يعرف عنها أحد أو حتى أموال رجال الأموال الراغبين فى تحويل أموالهم للخارج».
من جانبه يؤكد الدكتور محمد محسوب، أمين المجموعة المصرية لاسترداد الأموال وهو عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية، أنه بهذا القرار تمكنت سوزان مبارك من تحويل أرصدتها الموجودة فى البنوك المصرية باسم حركة سوزان مبارك للمرأة لصالح معهد دراسات السلام بجنيف، وأدخلت الحكومة المصرية فى قضية دولية تتمثل فى تسهيل غسل الأموال، خاصة أنه لم يتم التحقيق بشأن كيفية الحصول على هذه الأموال. ويضيف: إن ما تم بشأن الموافقة على التحويل يعبر عن تعاون المسئولين المصريين مع سوزان مبارك، قائلاً: لو كانت المنظمة تعمل بشكل سليم ما كانت جمدت أعمالها فى مصر فى أعقاب الثورة، ولكانت مثل الجمعيات الأهلية التى استمرت فى العمل رغم ما واجهته من إجراءات حكومية.
وتساءل محسوب قائلا: لماذا سمح لها بالتحويل والتجميد، وأغلب الأموال الخاصة بالحركة هى أموال تبرعات وهبات، كان يجب أن تنتقل إلى الحكومة المصرية.
«الوطن» حاولت الحصول على تعليقات من أعضاء مجلس إدارة المنظمة السويسرية والذين من بينهم وليد شاش وطاهر حلمى وسميح ساويرس، لكن دون جدوى، ليلى تكلا أحد أعضاء مجلس إدارة المنظمة سابقاً، تقول إن الهدف من المنظمة كان هدفاً اجتماعياً، وهو تدعيم السلام ودعم المرأة، رافضة الخوض فى تفاصيل عمل المنظمة وفكرة تجميد أعمال المنظمة فى مصر وتحويل الأموال، مكتفية بقولها إنها كانت ضمن الأعضاء باعتبار المنظمة عملاً عاماً فقط.