"سافرت في رحلة صيفية إلى سورية ، وتفضل إخواني السوريون في الشام ولبنان وفلسطين ، فشملوني بترحيبهم وتكريمهم ، فوقفت يومئذ وتحدثت عن الوحدة العربية وقلت : المصريون عرب ، وأبديت رأيي في هذه النظرية التي يؤيدها التاريخ ، فنحن معشر المصريين جئنا من آسيا ، ونحن أدنى إلى العرب منذ القدم من حيث
اللون واللغة والخصائص السامية والقومية ، نحن عرب ويجب أن نذكر في هذا العصر دائماً أننا عرب قد وحدت بيننا الآلام والآمال ، ووثقت روابطنا الكوارث والأشجان، وصهرتنا المظالم وخطوب الزمان، فأحدثت منا أمماً متشابهة متماثلة في كل ناحية من نواحي الحياة.وأبناء العروبة في حاجة إلى أن يؤمنوا بعروبتهم وبما فيها من عناصر قوية استطاعت أن تبني حضارة زاهرة، وأن تخضع البلاد الأجنبية لها حقبة طويلة من الزمان.
نحن عرب في هذا الجهاد القائم في كل قطر من أقطار العروبة لاستكمال الحرية، وإحياء مجد الحضارة العربية، وترقية شئوننا العامة، وقيادة الشباب إلى المثل العليا، وتربية شعوبنا تربية صالحة تنزع عنها خمول الأعوام الماضية، وتدفعها إلى التماس الخير لها، وتوقفها من سباتها، وتشعرها بكرامتها، وتنير أمامها السبيل فنرى الحياة العصرية على حقيقتها، وتعرف ما ينفعها وما يضرها وتأخذ منها ما يساعدها في بناء حياة جديدة مؤسسة على مجد الماضي وما يمتاز به من قوة روحية وايمان سماوي، ومرفوعة الأركان بخير ما أنتجه العصر الحاضر من رقي علمي وإنتاج صناعي.
نعم نحن عرب من هذه الناحية، ومن ناحية تاريخ الحضارة العربية في مصر، وامتداد أصلنا القديم إلى الأصل السامي الذي هاجر إلى بلادنا من الجزيرة العربية، ولهذا يجب أن نعمل متضامنين، ونسعى إلى المجد متعاونين ونوثق الوحدة العربية التي تنهض على الاشتراك في الأماني والآلام وفي التاريخ واللغة والخصائص القومية".
(مجلة الهلال ـ أبريل 1939)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق