19 أكتوبر 2023

غزة حالة نموذجية من الإبادة الجماعية/ بقلم : دجلة وحيد


قبل الولوج في موضوع عنوان هذا المقال أود القول بملئ الفم أن ما يحدث في غزة في الوقت الحاضر من خراب وقتل ودمار هو إستمرار للمخطط الأمريكي – الصهيوني القديم المرسوم لتدمير الأمة العربية وتقسيم أراضيها ومكوناتها ومجتمعاتها الإنسانية وإرجاعها إلى مرحلة ما قبل الحضارة والتطور بكل اشكاله من أجل المصالح الإستعمارية الغربية وحماية الكيان الصهيوني.

 إن إنتشار القوات البحرية الأمريكية والفرقاطات الإيطالية والبريطانية وغيرها في شرق البحر الأبيض المتوسط  قبل وبعد عملية طوفان القدس التي قامت بها فصائل حماس خير دليل على تطبيق مرحلة متقدمة من مراحل ذلك المخطط لتصفية القضية الفلسطينية والذي جاء بعد مرحلة عملية التطبيع مع الكيان  الصهيوني من قبل بعض الأنظمة العربية وخصوصا منها الأنظمة الخليجية التي ادانت عملية طوفان القدس.

لقد بدأ تطبيق هذا المخطط بصورة عملية مباشرة  بعد إنتهاء الحرب العراقية-الإيرانية  وبمساعدة والمساهمة الفعلية لدول المحميات الخليجية التي مهدت للتطبيق العملي لهذا المخطط من خلال  محاولة  تدمير الإقتصاد العراقي عن طريق إغراق الأسواق العالمية بالنفط وخفض أسعاره وذلك لإعاقة أو منع النظام الوطني العراقي من إعادة بناء الدولة والمجتمع بعد حرب ضروس دامت لمدة ثمانية سنوات التي خرج منها العراق منتصرا على نظام ملالي قم وطهران، وهذا التآمر العربي دفع العراق مجبرا إلى دخول وإسترجاع قصبة كاظمة من حكامها المتأمرين والذين ساهموا فيما بعد مع دول خليجية أخرى وإيران بشكل مباشر في عملية إحتلال وتدمير العراق عام 2003.

  ومرة أخرى أقول لولا التآمر العربي على العراق الذي مهد إلى إحتلاله وتدميره كليا وخراب دول عربية أخرى فيما بعد لما حصل ما يحصل الأن في غزة من تدمير وإبادة جماعية لشعبنا العربي الفلسطيني فيها.


ما يفعله الكيان الصهيوني العنصري في غزة من جرائم فضيعة وبشعة وبإصرار مسبق ومخطط له بحق السكان المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ورجال وتدمير مساكنهم على رؤوسهم، وقصف وتدمير المستشفيات وتعطيل عملها، وحرمان المواطنين من أبسط مقومات الحياة من ماء صالح للشرب وطعام ودواء بشكل واضح وعلني أمام أنظار ومسامع العالم دون أن يكترث هذا العالم لهذه المجازر المفضوحة. عكس ذلك بدأت بعض قيادات العالم الغربي وخصوصا الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية تتقاطر على زيارة الكيان الصهيوني لمساندته معنويا وماديا وسياسيا وإقتصاديا وتشجيعه على الإستمرار بالقيام بمجازر جديدة، وهذا يعد ويعني توافق عالمي غربي عام ومفضوح من أجل تصفية القضية الفلسطينية وإلى الأبد عن طريق الإبادة الجماعية للشعب العربي الفلسطيني وتهجيره من أرضه وإخضاع الأمة العربية و تخنيعها للقبول بما تملئه عليها القوى الإستعمارية الغربية وذيولها. 

إن إتفاقية الأمم المتحدة لمنع جرائم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 تتطلب أن تكون هناك نية خاصة لحدوث الإبادة الجماعية، والنية  تعرف بتدمير مجموعة ما على أنها عنصرية أو إثنية أو دينية أو قومية بشكل جماعي وليس مجرد أفراد. 

وهذه النية أظهرها بوضوح تام ومفضوح السياسيين الإسرائيليين وضباط الجيش ومنذ السابع من تشرين أول/أكتوبر. 

لقد كانت هذه النية موجودة في تصريحات رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرزوغ وكذلك وزير دفاعه يوآف غالانت الذي صرح في 9 تشرين أول/أوكتوبر معلنا حصارا كاملا على قطاع غزة الذي كان فعلا محاصرا لمدة 17 عاما قبل عملية طوفان القدس، وقطع المياه والغذاء والوقود حيث أنه قال " نحن نقاتل حيوانات بشرية وسنرد وفقا لذلك "، وقال أيضا " سنقضي على كل شئ " وهذا بالفعل إنتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي. 

كذلك صرح المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري أنه يعترف بالتدمير الوحشي وقال بشكل صريح " التركيز على الضرر وليس على الدقة ". 

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت قال في مقابلة مع مذيع سكاي نيوز باللغة الأنكليزية بأننا نحارب النازيين، ويقصد هنا حماس، وإذا كنا نحارب النازيين فكل شيئ مباح. وحينما ضغط عليه المذيع بشأن الهجمات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين في المستشفى الذين كانوا مرتبطين بأجهزة دعم الحياة والأطفال في الحاضنات والذين سيتعرضون إلى الموت بسبب إيقاف أجهزة دعم الحياة  والحاضنات الخاصة بالأطفال بسبب قطع الأسرائيليين الكهرباء عن غزة، أجابه نفتالي بينيت متسائلا هل أنت جدي في توجيه مثل هذا السؤال لي عن المدنيين الفلسطينيين ؟ ما هو الخطأ معك؟ إذا كنت تريد أن تجلب الكهرباء لهم، لن أقوم أنا بتزويد أعدائي بالكهرباء أو الماء.

 استخدم الساسة الإسرائيليون في سياق معركتهم الإعلامية المشوهة ضد الفلسطينيين فكرة محاربة النازيين وذكرى المحرقة لتبرير والتنصل من العنف الجماعي والإبادة الجماعية للفلسطينيين. 

هذه التصريحات تقع ضمن النية لإرتكاب إبادة جماعية. هذا إضافة إلى إسقاط الآف الأطنان من القنابل في غضون يومين من بدأ عملية طوفان الأقصى بما في ذلك القنابل الفسفورية على غزة وسكانها التي تعتبر من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في جميع أنحاء العالم.

 إذن وضع هذا القصف المدمر بالقنابل جنبا إلى جنب مع إعلانات النوايا يشكل فعلا إبادة جماعية وفقا لأتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948. لهذا فإن إسرائيل وحسب الإتفاقية تسبب أذى جسدي أو عقلي خطير لسكان غزة المدنيين وخلق ظروف تهدف إلى تدمير جماعي لسكلن غزة عن طريق قطع المياه وإمدادات الطاقة وإعطاء الأوامر بالإخلاء السريع للمستشفيات الذي بحد ذاته وحسب منظمة الصحة العالمية يعتبر " حكم بالإعدام "، وهذه فعلا حالة نموذجية للإبادة الجماعية.

19/10/2023

ليست هناك تعليقات: