Seif_eldawla@hotmail.com
توفى الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك بعد 9 سنوات بالتمام والكمال من اسقاطه على ايدى ثورة يناير المجيدة.
· كان عليه رحمة الله حاكما مستبدا، لكن كان هناك فى عهده هامشا من الحريات للمعارضة السياسية، سمح لها بتاسيس حركات مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغيير و6 ابريل والاشتراكيين الثوريين وغيرها.
· كانت اجهزته تقوم بتزوير الانتخابات كالمعتاد، لكنها كانت
تترك للمعارضة حصة فى البرلمان فيما عدا عام 2010.
تترك للمعارضة حصة فى البرلمان فيما عدا عام 2010.
· ولم يتوقف عن التدخل فى شئون القضاء ومحاولة فرض هيمنة السلطة التنفيذية عليه، لكن فى عهده استطاع المستشار يحيى الرفاعى تنظيم مؤتمر العدالة والمطالبة بالغاء قانون الطوارئ فى حضوره وفى مواجهته، واستطاع القضاة ان يؤسسوا تيار الاستقلال الذى انتخبوه لادارة ناديهم، وقاموا باعتصامهم الشهير عام 2006.
· لم تخلُ السجون من المعتقلين وسجناء الرأى، لكن لم تبلغ اعدادهم ابدا عشرات الالاف.
· كان هناك سيطرة على الاعلام والمؤسسات الصحفية، لكن كان بامكان عديد من الشخصيات المعارضة ان تشارك فى البرامج والفضائيات وان تكتب فى الصحف الخاصة والمستقلة.
· كانت المظاهرات محظورة، لكن كثيرا ما استطاعت القوى السياسية اختراق هذا الحظر وكسره بالذات خلال العدوان الصهيونى على غزة 2008/2009، وفى المسيرات الرافضة للتوريث.
· كانت الجامعة تخضع لرقابة الامن وحرس الجامعة، لكن كان الطلاب قادرين على ممارسة عديد من الانشطة الفكرية والسياسية، وكان ممكنا ان نجد اعضاء بارزين من هيئات التدريس ينتمون الى المعارضة السياسية بدون ان يفقدوا وظائفهم، بل وان تتأسس حركات معارضة منهم داخل حرم الجامعة مثل حركة 9 مارس.
· كان يحاصر النقابات ويخترقها ويفرض الحراسة على البعض منها، ولكن كان لدينا دائما نقابات مستقلة على راسها نقابة الصحفيين التى كانت ابوابها وقاعاتها وسلالمها مفتوحة على مصراعيها للمعارضة الوطنية.
· كان وفاة شخص واحد تحت التعذيب مثل حالة خالد سعيد، كفيلة بان تقيم الدنيا وتثير الراى العام.
· كان يلتزم هو الاخر بشروط الدائنين فى نادى باريس وتعليمات مؤسسات الاقراض الدولى ويسير وفقا لروشتات صندوق النقد، لكنه لم يتم تعويم الجنيه او الالغاء الكامل لدعم الطاقة او الرفع الكبير للاسعار مثل القرارات الاقتصادية الجديدة.
· تضخمت الديون الخارجية والداخلية فى سنوات حكمه، ولكن ليس الى الدرجة التى وصلت اليها اليوم.
· بدأت سياسة بيع القطاع العام والخصخصة فى عهده، ولكن كان من حق المواطنين الطعن على شرعية صفقات البيع فى مجلس الدولة، قبل ان يتم تحصينها عام 2014.
· كان منحازا كالمعتاد للطبقات الغنية، وكان هناك ايضا احتكارا واختلالا هائلا فى امتلاك وتوزيع الثروة ونسبة عالية من الفقر، ولكن الطبقات المتوسطة لم تكن تعانى اقتصاديا كما هى اليوم، خاصة بعد أن فقدت مدخراتها ما يقرب من ثلثى قيمتها وقوتها الشرائية بعد تعويم الجنيه ورفع الاسعار، بالاضافة بطبيعة الحال الى ارتفاع نسبة الفقر والفقراء بعد القرارات الاقتصادية الاخيرة.
· كان التطبيع والتنسيق مع (اسرائيل) قائما على قدم وساق، ولكن تم رفض الضغوط الاسرائيلية للاغلاق التام للانفاق مع غزة لترك متنفسا لشعبها حتى لا يتكرر اجتياحهم للحدود الذى تم فى يناير 2008، كما انه تم رفض الالحاح الاسرائيلى القديم باخلاء الحدود الدولية المصرية من السكان لاقامة المنطقة العازلة.
· كما كان يٌسمح (فى حدود معينة بطبيعة الحال) للقوى الوطنية بتنظيم الحركات والفاعليات الندوات والمؤتمرات الداعمة لفلسطين والمناهضة لاسرائيل
· كان يصدر الغاز المصرى لاسرائيل بابخس الاثمان، لكننا كنا نستطيع ان نرفع دعاوى امام القضاء الإداري ضد الصفقة.
· قام بتوقيع اتفاقية الكويز من امريكا واسرائيل، لكننا كنا قادرين على تنظيم حركات وفاعليات قوية ضد التطبيع.
· كنا تابعين للأمريكان منذ السبعينات ولكن ليس الى الدرجة التى يمكن ان نقبل بها صفقات مثل صفقة القرن.
· كان واحدا من رجال كامب ديفيد ملتزما باتفاقياتها ومنفذا لنصوصها، ولكن بمنطق مجبر أخاك لا بطل، وليس لان (اسرائيل) شريك وحليف استراتيجى فى ملفات الامن الاقليمى وغاز شرق المتوسط.
· كانت (اسرئيل) دائما ما تضغط على الكونجرس لربط المساعدات الامريكية لمصر بمطالب مثل ردم الانفاق واغلاق المعبر وغيرها، ولم يحدث، فى حدود علمى، ان طالبت (اسرائيل) الادارة الامريكية والكونجرس من قبل باستئناف المساعدات كما حدث عام 2014.
· كان يؤمن سفارة (اسرائيل) ويردع اى تظاهرات او محاولات للاقتراب منها، وسمح لها بالمشاركة فى معرض الكتاب، قبل ان يتراجع تحت الضغط والرفض الشعبى وما تبعه من احداث ثورة مصر، ولكن لم يحدث ابدا ان تم السماح للسفارة الاسرائيلية بالاحتفال علانية بذكرى النكبة على ضفاف النيل بالقرب من ميدان التحرير كما حدث عام 2018.
· كان لديه كتائب وفرق كاملة ومدربة من ترزية القوانين ورجال الدولة لكل العصور، لكنهم كانوا خبراء ومحترفين من الفرز الاول، وليس من عناصر الفرز الرابع والخامس.
لم يتغير النظام برحيل مبارك، بل استمر وأصبح أكثر قوة وسيطرة وشراسة بعد ان استطاع ان يهزم الثورة ويعصف بكل من قام بها، وأن يسترد السلطة ويوسعها ويفرض قبضته الحديدية على الجميع، وأن يذهب الى مسافات أعمق بكثير فى ذات السياسات والانحيازات والتحالفات الخارجية والداخلية.
***
أما من قام بالثورة أو حلم بالحرية والتغيير، فلقد فشل فى مسعاه ويقوم اليوم بدفع اثمانا باهظة نتيجة هزيمته، ولكنه تعلم درس عمره وهو المخاطر الجسيمة والعواقب الوخيمة التى تترتب على اسقاط حاكم أو نظام بدون امتلاك المقدرة والادوات اللازمة لتأسيس البديل الأفضل منه، أو على اضعف الايمان العلم والقبول بمن الذى سيحكم بعده وماذا ستؤول اليه الامور فى نهاية المطاف.
*****
القاهرة فى 25 فبراير 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق