20 مارس 2023

عشرون عاما على غزو العراق "دعوة للمراجعة والمواجهة"


بقلم: محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

فى هذا الحديث سأتناول الغزو الامريكى للعراق من خلال الزوايا والجوانب التالية:

1) الخضوع الطوعى والاخضاع بالاكراه.

2) مستعمرة أمريكية كبرى.

3) بين الاستبداد الوطنى والديمقراطية التابعة.

4)العراق وإيران.

5) الترحم على الاتحاد السوفيتى.

6)الاستقواء بالخارج.

7) الحكام العرب يرفعون الراية البيضاء.

8)التواطؤ المصرى والسورى.

9)انتقال القيادة الى المحميات الأمريكية من ممالك وامارات النفط والغاز.

10)سقوط النظام العربى الرسمى.

***

الاخضاع بالاكراه:

·لم يكن الغزو العسكرى الامريكى للعراق واحتلاله على طريقة استعمار القرن التاسع عشر سوى الوسيلة التى اختارتها الولايات المتحدة لكسر العراق واخضاعه والحاقه بالحظيرة الامريكية، وهى الوسيلة التى لم تستخدمها ولم تحتاج اليها لاخضاع دول عربية اخرى، قبلت الخضوع طواعية بل سعت اليه.

***

تحول المنطقة العربية الى مستعمرة امريكية كبرى:

·لم يسفر الغزو الأمريكى عن الاحتلال العسكرى للعراق فقط، بل لمنطقة الخليج باكملها، اذ قامت الولايات المتحدة بتكثيف وجودها العسكرى وبذر أكبر عدد من قواعدها العسكرية فى العراق والسعودية وقطر والكويت والامارات والبحرين، مع الحصول على تسهيلات لوجستية كبرى لطائراتها واساطيلها فى المجالات الجوية والممرات المائية الاستراتيجية فى عديد من الدول العربية، لتتمكن من تثبيت وتدعيم هيمنتها الكاملة على المنطقة، وليتحول العالم العربى بأكمله، الا قليلا، الى مستعمرة أمريكية بمعنى من المعانى.

·وهي الحالة التى لا نزال تعيش فيها حتى اليوم والتى كان لها بالغ الأثر على كل صغيرة وكبيرة فى حياتنا.

· والتى يتوجب ان يكون التصدى لها ومواجهتها على رأس برامج ومشروعات كل القوى الوطنية العربية، فهى الأساس لما نحن فيه الآن، والباقى فروع وتفاصيل.

***

الاستبداد الوطنى والديمقراطية التابعة:

· يظل السؤال الأكثر محورية حول السرعة والسهولة التى تم بها هزيمة الدولة العراقية واسقاطها، رغم ما كانت تظهر به كدولة قوية وغنية ومسيطرة ومؤثرة تفرض قبضتها الحديدية على الداخل العراقى بلا منازع، وتعمل لها باقى دول المنطقة ألف حساب.

· ولماذا لم تستمر وتتصاعد المقاومة الشعبية للاحتلال لتجبره على التراجع والانسحاب على غرار ما حدث فى بلاد أخرى كفيتنام وافغانستان على سبيل المثال؟

· وهل كان استبداد النظام يبرر مواقف كل هذا الاعداد من القوى والطوائف والجماعات التى رحبت بالاحتلال الامريكى او صمتت وامتنعت عن مقاومته فى البداية، ثم سرعان ما قامت بالاعتراف به والتطبيع معه والالتحاق بالنظام الذى قام بتأسيسه والانخراط فى مؤسساته والمشاركة فى انتخاباته؟

· وكيف يمكن للقوى الوطنية العربية ان تنتصر فكريا وسياسيا وشعبيا للمشروع والنموذج الثالث البديل عن نموذجى الدولة فى العراق؛ نموذج الدولة الوطنية المستبدة قبل السقوط ونموذج الدولة الديمقراطية التابعة بعد السقوط؟

· فلا شك ان الاستبداد واخطاءه كان واحدا من اهم العوامل الاساسية التى مهدت لسقوط العراق وتدميره. وهو ما يرفض الحكام العرب بطبيعة الحال الاقرار به، بل على العكس فهم دائما ما يستشهدون بالضعف والفشل الذريع للدولة العراقية الحالية فى ظل نظام التعددية الحزبية، لشيطنة الديمقراطية والحريات والتبرير والترويج للاستبداد والدفاع عنه بمنطق قدرته على الحفاظ على وجود "الدولة الوطنية" وحمايتها من الانهيار والفشل.

· وهى حجة قوية بالفعل تؤكدها لاول وهلة ما آلت اليه الأمور فى سوريا وليبيا واليمن بعد الثورات العربية المطالبة بالديمقراطية، من انهيار للدولة وتدويل لكل شئونها الداخلية.

·ولكنها حجة مردود عليها بكم الهزائم والانهيارات التى حدثت بسبب الانفراد بالسلطة وصناعة القرار بلا مراقبة او محاسبة او تعقيب، ومنها تلك القرارات التى اتخذها صدام حسين باعلان الحرب على ايران 1980 او باحتلال الكويت عام 1990، قياسا على ما انتهى اليه حال العراق اليوم.

· وهو ما ينطبق على حكام عرب كثيرين.

***

العراق وايران:

· لم يسفر احتلال وتدمير الدولة العراقية عن انفراد الولايات المتحدة بحكم العراق، بل سرعان ما تمكنت ايران من اقتسام وانتزاع حصة كبيرة من النفوذ والسيطرة هناك مع الامريكان.

· وهو ما يجعلنا امام وضع غير تقليديا، حيث يعانى العراق اليوم من ظاهرة استعمارية معقدة تحت وطأة التبعية المزدوجة لكل من الولايات المتحدة وايران فى آن واحد، اللتين تقومان باستنزاف العراق واستغلاله الى أقصى حد، كواحدة من أهم وأشرس جبهات صراعهما فى المنطقة.

·واذا كانت الولايات المتحدة هناك بقوة السلاح والاقتصاد والهيمنة والجبروت الذين تمتلكهم كقوة عظمى منفردة بالعالم، فان الايرانيين هناك بقوة الطائفية المذهبية، وهى الظاهرة التى تثير اشكالية منهجية وسياسية كبرى فى التناقض والصراع القائم بين ما هو وطنى وعربى وبين ما هو دينى وطائفى او مذهبى.

· ان اشقاءنا من التيار الوطنى والقومى فى العراق يغضبون ويوجهون اقصى الانتقادات الى كل من يتعاطف مع ايران فى صراعها مع امريكا و(اسرائيل) والغرب، ويطلقون عليها (اسرائيل الشرقية)، فى حين ان اشقائنا القوميين والعروبيين من انصار بشار الاسد والنظام السورى وحزب الله ومحور الممانعة، يعتبرون ان اى نقد يوجه الى ايران اليوم هو بمثابة دعم وانحياز الى المشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة.

·وفى ذات المحور المتعلق بايران، يأتى السؤال حول الاسباب التى جعلت الولايات المتحدة لا تجرؤ على الاقدام على غزو ايران مثلما فعلت مع العراق رغم ان التناقضات والمخاطر التى تمثلها ايران على المصالح الامريكية تفوق بكثير تلك التى كان يمثلها عراق صدام حسين؟

·وهو ما يستدعى دراسة وتحديد طبيعة وخصائص الدول وانظمة الحكم التى تجبر الدول الاستعمارية الكبرى على تجنب وتحاشى الاحتكاك بها عسكريا رغم التفوق الهائل فى القدرات والامكانيات والتسليح.

· والاجابة الأولية بالطبع تكمن فى تلك الانظمة التي جاءت الى الحكم عبر ثورات شعبية حقيقية وتمتلك حاضنة بشرية مليونية من الكوادر والعناصر الثائرة القادرة على ايقاع ضربات مؤلمة بالعدو، وهو ما تفتقده كل انظمة الحكم العربية بدون استثناء.

***

الترحم على الاتحاد السوفيتى:

·  بعد أن شاركت عديد من الدول العربية فى اخراج الاتحاد السوفيتى من المنطقة فى السبعينات وما بعدها، مما كان احد المقدمات التى ساعدت على انهياره، فان مواقف كثيرة قد تغيرت، فيكاد اليوم يكون هناك شبه اجماع معلن او مستتر بين كل مؤسسات الحكم العربية وصناع القرار فيها على الترحم على يوم من أيام الثنائية القطبية. وذلك بعد ان إكتشفوا اهمية الدور الذى كان تقوم به فى الحفاظ على التوازن الدولى، وغل الايدى المتبادل بين القوى العظمى عن القيام بمثل هذه المغامرات وشن مثل هذه الحروب.

· خاصة وقد كنا فى افغانستان والعالم العربى اول من تذوق سم الانفراد الامريكى بالعالم وما تبعه من احتلال وعربدة وعدوان على شعوبنا بلا رادع او خوف او حساب. وهو ما يفسر التعاطف العربى الحالى فى دعم روسيا فى صراعها مع الغرب فى اوكرانيا، رغم كونه نموذجا للعدوان والاستعمار الصريح لاراضى الغير وفقا لكل قواعد ومواثيق الامم المتحدة.

***

الاستقواء بالخارج:

·حدث بعد الغزو ان استلهم عدد من القوى والجماعات السياسية المعارضة فى العالم العربى، النموذج العراقى لمواجهة انظمة الحكم المستبدة والفاسدة، فلجأت وراهنت على الاستقواء بالخارج واستدعائه للضغط او حتى للتدخل المباشر لازاحة الحكام "المستبدين".

·خاصة بعد ان قام الامريكان باطلاق دعايتهم الكاذبة وحججهم الزائفة لتبرير الغزو، بانهم جاءوا من اجل الحريات ودقرطة الدول العربية وانقاذ الشعوب العربية من الحكام المستبدين.

·ولأول مرة أصبح للخيانة الوطنية مدرسة ووجهة نظر، وتزايد انصارها من بضع عشرات او مئات الى الاف والملايين فى بعض الاقطار فى السنوات الأخيرة.

·ولكن يتوجب الاقرار بأن الشريك او ربما الفاعل الرئيسى فى هذه الجريمة الكبرى، هو الحاكم المستبد ونظامه البوليسى الباطش الذين دفعوا الملايين من شعوبهم دفعا لاستدعاء الخارج.

***

الحكام العرب يرفعون الراية البيضاء:

· هؤلاء الحكام المستبدون الذين اصابهم الذعر بعدما شاهدوا ما يمكن ان يفعله الامريكان مع واحد منهم، لم يلبثوا ان قاموا برفع الرايات البيضاء، وتسابقوا للاعتراف بشرعية الاحتلال والتطبيع مع النظام الذى اسسه فى العراق بعد الغزو.

· بل منهم من قام بالإبلاغ عن نفسه بنفسه، مثلما قام القذافي فى 19 ديسمبر 2003 بالإعلان عن ان ليبيا ستزيل طوعا جميع المعدات والمواد والبرامج التى يمكن ان تؤدى الى اسلحة محظورة دوليا بما فى ذلك اسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية بعيدة المدى وقام بالفعل بالانضمام الى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية فى 5 فبراير 2004.

· ومنهم مبارك الذي استجاب للتعليمات الامريكية لتوسيع هامش الديمقراطية للمعارضة السياسية، فتم تقليص نسبة التزوير فى الانتخابات البرلمانية عام 2005 بما سمح بدخول اكثر من مائة نائب معارض لاول مرة فى البرلمان منهم 88 نائبا اخوانيا، وتم تخفيف قبضة الدولة عن الحق فى التظاهر وتاسيس حركات مدنية معارضة كحركة كفاية و6 ابريل والجمعية الوطنية للتغيير وعودة محمد البرادعى وفتح الاعلام للآراء المعارضة وغيره مما كان له انعكاسات كبيرة على الداخل المصرى مهدت لثورة يناير.

·وبالفعل التقطت قطاعات واسعة من المعارضة المصرية المدنية والاسلامية "الطعم"، ورحبت بالضغوط الامريكية سرا او علانية وحاولت الاستفادة منها لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية، وقبلت دفع الثمن المطلوب امريكيا وهو تغيير او تخفيف خطابها الوطنى القديم بمناهضة الاحتلال الصهيونى لفلسطين والاحتلال الامريكى للعراق.

· وهو ما يفسر لماذا جاءت ثورة يناير المصرية باجندة ليبرالية صرفة، منزوعة الدسم فى كل ما يتعلق برفض التبعية والتحرر من اتفاقيات كامب ديفيد، ومكتفية ومركزة فقط على الاصلاح السياسى والدستورى والحريات وحقوق الانسان والفصل بين السلطات والانتخابات النزيهة وتداول السلطة.

·ورغم ان كلها مطالب صحيحة ومشروعة الا انها غير كافية وعديمة الجدوى فى ظل دولة غارقة فى التبعية والتطبيع.

· ولذلك ورغم كل ما قدمته المعارضة السياسية المصرية من تنازلات مبدئية لتحقق حلمها القديم فى نظام ديمقراطى، الا انها فشلت فى تحقيقه وتم اجهاض ثورتها، وفشل رهانها على الامريكان، اذ سرعان ما استطاع النظام الحاكم القديم ودولته العميقة ومؤسساته النافذة من اقناع الامريكان بسوءات الديمقراطية فى بلدانهم التى ستأتى حتما بتيارات وقوى وجماعات معادية للامريكان ومناهضة لاسرائيل.

***

التواطؤ المصرى والسورى:

· ورغم كل هذا الرعب والانزعاج الذى اصاب الحكام العرب من شراسة الهيمنة والبلطجة والضغوط الامريكية بعد الغزو، الا انهم كان لهم دور كبير فى وصول الأمور الى هذا الحال، منذ أن قررت مصر وسوريا ودول عربية أخرى الالتحاق بالحلف العسكرى الامريكى عام 1990-1991 فيما سمى بحرب تحرير الكويت مع بداية الحشود العسكرية الأمريكية الاولى فى الخليج قبل ان يتم استكمالها فى عام 2003 وما بعدها.

·وهى المشاركة التى طلبتها الولايات المتحدة لتتصدى لاتهامها بأنها حملة صليبية جديدة ولتضفى قدر من الشرعية على وجودها فى المنطقة من خلال تطعيم هذا الوجود بمشاركات عربية واسلامية رمزية من مصر وسوريا ودول أخرى.

·ورغم ان الدول العربية التى ساهمت فى شرعنة الوجود العسكرى الامريكى مثل السعودية ودول الخليج هى محميات غربية قديمة منذ منتصف القرن التاسع عشر او نهايات الحرب العالمية الاولى، او مثل مصر الرسمية التى قد اختارت الانحياز والالتحاق والرهان على الولايات المتحدة منذ السبعينات وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد، الا موقف سوريا الرسمية بقيادة حافظ الاسد لم يكن مفهوما ومقبولا وهو النظام البعثى الشقيق للبعث العراقى الحاكم. وها هو اليوم يدفع اثمانا باهظة نتيجة الوجود والاحتلال العسكرى الامريكى لمساحات واسعة من ترابه الوطنى.

***

انتقال القيادة الى السعودية والخليج:

وكذلك كان من أبرز آثار الغزو وخصائص عصر الهيمنة الامريكية الشاملة، هو ما نراه اليوم من انتقال قيادة المنطقة وريادتها من دول مثل مصر وسوريا والعراق التى تصدرت المشهد لاربعة عقود بعد الحرب العالمية الثانية، الى المحميات الأمريكية التى قال ترامب انها ستسقط خلال اسبوع لو تم رفع الحماية عنها فى السعودية ودول وامارات الخليج. ليس فقط بسببها ملاءتها المالية وانما بسبب ان محميات الأمريكان وقواعدهم العسكرية اكثر كفاءة وطوعا فى تطبيق الاستراتيجيات وتنفيذ التعليمات، من غيرها من الدول العربية التابعة، وهو ما يفسر تصدرها المشهد فى السنوات العشر الماضية سواء فى قيامها بالتطبيع مع (اسرائيل) تنفيذا لصفقة القرن الامريكية واتفاقات ابراهم، او فى قيادتها وتمويلها لاستراتيجية اجهاض الثورات العربية او احتوائها وعسكرتها لتخريبها من الداخل، أو فى ترحيبها بمشروع ما يسمى بالناتو العربى/الاسرائيلى.

***

سقوط النظام العربى الرسمى:

· ولكن النتيجة الاهم على الاطلاق، بعد نجاح عملية غزو واحتلال وتدمير العراق، كانت هى سقوط أى شرعية وطنية أو قومية للنظام العربى الرسمى الذى تم تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، كنظام يتبنى اهداف الاستقلال والتحرر والتنمية والوحدة وتحرير فلسطين.

·فلقد أدركت الشعوب العربية ان سقوط الدولة العراقية بهذا الشكل وهذه السرعة وسط تواطؤ او عجز وصمت انظمة الحكم العربية، يعنى انها خرجت جميعا من الصلاحية ولم تعد قادرة او صالحة للقيام بأدوارها كدول وطنية سيادية مستقلة.

·ورغم ان الانظمة العربية قد سقطت موضوعيا ووظيفيا عام 2003، الا ان الامر احتاج لثمان سنوات كاملة قبل أن تثور الشعوب العربية لمحاولة اسقاطها فعليا، وهى الثورات التى لم يكتب لها النجاح والتوفيق ولم تمتلك الشروط والامكانيات اللازمة لتحقيق النجاح.

·ليظل المشروع والهدف والحلم قائما لم يتحقق بعد؛ مشروع بناء نظام عربى بديل يعيد الاعتبار الى الثوابت الوطنية العربية فى الحرية والتحرير والاستقلال والوحدة والحياة الكريمة.

*****

القاهرة فى 20 مارس 2023

19 مارس 2023

سيد أمين يكتب: لهذا يصرون على حبس عمران خان

 

قد لا يصدق أحد في الشرق الأوسط أن هذه الحملة الأمنية الصارمة التي تشهدها باكستان هذه الأيام من أجل تنفيذ حكم قضائي بالقبض على رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان، إنما هي لمحاكمته في قضية اتهامه ببيع 4 ساعات ذهبية تلقاها هدايا في فترة توليه السلطة تقدر قيمتها بنحو 100 ألف دولار فقط.

ولا يصدق أيضا أن عمران خان نفسه هو من بادر بتقديم وثائق لهيئات ضريبية تثبت أنه قام بشرائها من أمواله الخاصة بصفته من أشهر لاعبي الكريكيت في العالم سابقا، ومن حقه بيعها في أي وقت، خاصة أنه في عام 2019 أصدرت مفوضية الانتخابات الباكستانية تقريرا بامتلاكه ثروة قيمتها نحو 700 ألف دولار وقصرا قيمته 4.7 ملايين دولار أمريكي هي حصيلة بيع شقته في لندن.

ومصدر عدم التصديق هنا هو تلك المبالغة التي يحلو للإعلام الغربي والحكومي الباكستاني على حد سواء وصفها بجمل كبيرة من عينة “محاكمته بتهم فساد” أو “قضية الهدايا الثمينة”، وذلك بغرض أن يأخذها من لا يدري على عواهنها فتتخلق لديه صورة ذهنية سيئة عن الرجل، في حين أن المبلغ محل الحديث -إذا صدقت تلك الاتهامات- لا يتعدى مصروفات تكفي ليوم واحد من فسدة بلادنا.

تاريخ من اللامنطق

ولعل هناك من يستغرب عدم قيام عمران خان بتسليم نفسه لحضور جلسة محاكمته خشية اغتياله، لكن من يعرف التاريخ هناك يدرك ببساطة أنه لا مكان أبدا للمنطق فقد اغتيلت رئيسة الوزراء بينظير بوتو وسط حشد من جماهيرها، وأعدم أبوها ذو الفقار علي بوتو بينما كان رئيسا للوزراء وهو الذي خطط لتملك بلاده القنبلة النووية، أما عبد القدير خان الذي أهدى البلاد هذه القوة الاستراتيجية فتم سجنه وتخوينه ومنعه من السفر حتى مات في ظروف غامضة.

 خاصة أن الرجل تعرض فعلا لمحاولة اغتيال في نوفمبر 2022 أودت بحياة أحد أنصاره وأصيب هو في قدمه مع أحد آخر.

وليس من العجيب أن عمران خان حينما علم بما يدبر له بسحب الثقة من حكومته في البرلمان، استخدم في 3 أبريل/ نيسان 2022 حقه القانوني في إعلام رئيس باكستان بطلبه حل البرلمان لكن بدلا من أن يستجيب الرئيس للطلب كما هو متعارف عليه، وجدنا البرلمان يعقد في 10 أبريل من نفس الشهر جلسة غامضة وعلى عجلة لم تتح لأعضاء حزب الإنصاف الذي يترأسه خان حضور الجلسة، ويقوم بسحب الثقة من الحكومة.

ولعل هناك دلالات كبيرة في أن حدة الهجمة على عمران خان التي حدثت أثناء فترة حكمه تصاعدت بعد تقربه من روسيا والصين وسعيه للتكامل مع حركة طالبان أفغانستان، وهو ما أعلنه عمران نفسه قبل أن يطاح به من أنه تلقى تهديدات أمريكية.

نية مبيتة

المهم أن خان سارع بتقديم تعهد خطي للقوات التي تحاصر قصره في وسط إسلام آباد وتقود اشتباكات عنيفة مع أنصاره بأنه سيمثل أمام المحكمة، لكن فيما يبدو هناك نية لتصويره على أنه يستهزئ بأحكام القضاء وأنه يعتبر نفسه فوق القانون.

ولو كان في الأمر قدر من الحكمة لقبلت قوات الأمن التعهد وانتظرت الساعات الثماني والأربعين الباقية على موعد المحاكمة، فإذا أخل الرجل بتعهده كرت مجددا على قصره وأبطلت مزاعمه، لكنها رفضت قبول التعهد، مما يؤكد أن النية مبيتة للتصعيد وإخفاء الرجل في السجون بأي ثمن كان قبل المحاكمة المزعومة للحيلولة دون تواصله مع أنصاره، وهي إرهاصات تشير إلى نية لإدانته قبيل الانتخابات المقبلة في إقليم البنجاب.

وإذا نجا خان هذه المرة من الإدانة فقد أُعدّ له شرك محكم بسيل من البلاغات ضده بلغ 83 بلاغا، مع قضيتين أخريين تفصل فيهما المحاكم في البلاد، إحداهما حول ازدراء القضاء، والأخرى متهم فيها بالإرهاب!!!

وقد ظهرت النيات السيئة مبكرا حينما عينت لجنة الانتخابات الباكستانية في يناير/ كانون الثاني الماضي مرشح الحكومة المركزية سيد محسن رضا نقوي رئيسا مؤقتا للوزراء في إقليم البنجاب بعد حل عمران برلمان الإقليم الذي يسيطر عليه حزبه، وجاء قرار اللجنة بحجة فشل الحكومة والمعارضة على مدى أسبوع في اختيار شخص يشغل منصب رئيس الحكومة.

 شعبية جارفة

لكن الأمر الذي يحسب له الجميع حسابا هو أن عمران يتمتع بشعبية جارفة في عموم باكستان ولا سيما في أقاليم البنجاب وبين قبائل البشتون التي ينتمي إليها والتي تعتبر واحدة من أكبر قبائل باكستان وأفغانستان.

ومع تدني مستوى عمل حكومة شهباز شريف، وتردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد، نظر كثير من الشباب الباكستاني إلى عمران خان على أنه الرجل المخلص للبلاد من الفساد وأنه الأجدر بتولي زمام الأمور.

ولعل هذه الحالة ومخاطر تحديها هي الشيء الوحيد الذي حال دون إخفاء عمران خان في ظروف سريعة وغامضة، وهي في نفس الوقت التي تبقي موقد النار متقدا.

المصدر : الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/3/16/%D9%84%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D9%8A%D8%B5%D8%B1%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%A8%D8%B3-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D9%86

13 مارس 2023

غونتر ليرش: لولا الخوارزمي ما كان الإنترنت

قال عميد محرري صحيفة فرانكفورتر الغماينة تسايتونغ الألمانية، فولفغانغ غونتر ليرش، إنه ما كان للعالم اليوم أن يرى الإنترنت أو الحاسوب لولا ما سطره من نظريات ومفاهيم مؤسس علمي الجبر واللوغاريتمات وواضع القواعد الأساسية لعلم الحساب الحديث، العالم المسلم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي.

وقال ليرش "إن رواد علوم الرياضيات الألمانية الحديثة آدم ريزا وكارل فريدريش غاوس وكورت جويديل بنوا نتائج أبحاثهم الباهرة على ما أخذوه من نتائج توصل إليها الخوارزمي، الذي ينسب إليه مفهوم الخوارزمية في الرياضيات ويعد عند بعض كبار علماء الرياضيات الأب الروحي لعلم الحاسوب".

وأضاف "لا تجري الآن مناقشة علمية حول أهمية الإنترنت دون أن يستدل فيها بالخوارزمية التي توصل إليها الفلكي والرياضي المسلم الكبير، الذي يعود نسبه إلى منطقة خوارزم الواقعة حاليا بين أوزباكستان وتركمانستان".

-مآثر علمية-

وذكر ليرش -الذي يعد أبرز الصحفيين الألمان المتخصصين في تاريخ الحضارة الإسلامية- أن الخوارزمي يعد واحدا من أشهر علماء الرياضيات والفلك والحساب في العالمين العربي والإسلامي، ومثله في ذلك مواطنه أبو الريحان البيروني، صاحب الفضل في وضع اللبنات الأولى لعلمي الجغرافيا والخرائط وعلوم أخرى عديدة.

ونبه الصحفي الألماني إلى أن ترجمة أعمال الخوارزمي إلى اللاتينية في العصور الوسطى ساعدت أوروبا في الوصول إلى ما تستخدمه الآن من نظريات حديثة في علوم الرياضيات والحساب، مشيرا إلى أن صاحب كتاب "حساب الجبر والمقابلة" هو واضع أسس علمي الجبر وحساب اللوغاريتمات وأول من أدخل الصفر في العمليات الحسابية ومبتكر علامة التساوي وحاصل ضرب علامات الجمع والطرح. ونوه إلى أن محمد بن موسى الخوارزمي اعتمد في معادلاته الرياضية على الأرقام والعلامات الرياضية واختلف بذلك عن اليونانيين الذين ركزوا في معادلاتهم على استخدام الحروف والرسوم.

-بيت الحكمة-

ولفت ليرش إلى قضاء الخوارزمي الشطر الثاني من حياته في بغداد العاصمة الذهبية لدولة الخلافة العباسية التي امتدت -في عصره- من شمال أفريقيا إلى آسيا الوسطى.

ونوه الصحفي الألماني بدور الخلفاء العباسيين في دعم العلوم وتشجيع انفتاح المسلمين على الثقافات والحضارات المختلفة، وقال إن الخليفة المأمون أسند إلى الخوارزمي رئاسة بيت الحكمة الذي مثل بوتقة انصهرت فيها عصارة تجارب وأفكار مميزة لعلماء مسلمين ومسيحيين ويهود ومجوس.

وخلص كبير محرري صحيفة فرانكفورتر الغماينة إلى أنه في حين "بقي عام ميلاد الخوارزمي مجهولا يعتقد أن وفاته كانت في عام 850 م، غير أن مآثر هذا العالم الكبير ستبقى شاخصة ودالة عليه عبر العصور و الازمنة.

اقرأ المقال الاصلي هنا على الجزيرة مباشر

11 مارس 2023

محمد سيف الدولة يكتب: إذا بليتم فاستتروا

Seif_eldawla@hotmail.com

فى سابقة هى الاولى من نوعها فى تاريخ الدولة المصرية وفى تاريخ حكامها، وفى ذكرى يوم استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض برصاص (اسرائيل)، قدم الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى سياق حديثه عن الارهاب فى سيناء والتنسيق الامنى مع (اسرائيل) شهادة ايجابية لصالحها وذكر انها شهادة واجبة للتاريخ.


وقد جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها فى الدورة التثقيفية رقم 37 للقوات المسلحة المنعقدة فى ذكرى يوم الشهيد فى يوم الخميس 9 مارس 2023، والتى قال فيها بالنص ما يلى:

 (( كنت نائب مدير المخابرات فى 2009 .. وكنا نرى ان هناك كتلة بشرية مسلحة كبيرة للارهابيين تكونت فى سيناء منذ 2005، وكان لابد من القيام بعمل عسكرى كبير لمواجهتها، ولكنه لم يحدث بسبب قيود اتفاقية السلام، التى لا تسمح للجيش المصرى بتخطى المنطقة (أ)..

وفى ثورة يناير تم تخريب دور الدولة المصرية هناك، وخرجت الأمور عن السيطرة..

فقلت لسيادة المشير طنطاوى ان هناك خطورة كبيرة من ان تقوم هذه الجماعات بالقيام بعمل عسكرى عبر الحدود ضد اسرائيل، واسرائيل حتما سترد مما يمكن ان يعقد الامور تعقيدا شديدا ويدخلنا فى صراع كبير.

فكان قرار المشير ان ندخل قوات للتصدى للمشكلة.

فقمنا باتخاذ الاجراءات اللازمة مع اسرائيل لدخول القوات، واتصلت بالاسرائيليين وقلت لهم اننا محتاجين ندخل قوات فى العريش ورفح والشيخ زويد علشان نسيطر على الموقف هناك.

والحقيقة التى احب أن اسجلها للتاريخ ان الاسرائيليين كانوا متفهمين ولكن طلبوا التنسيق معهم بخصوص حجم القوات  

واستمر الحال على هذا المنوال من 2011 حتى اليوم مع زيادة القوات للتعامل مع التحديات هناك))

***

الحقائق والمغالطات:

أولا ــ لاول مرة منذ عام 1978 يتم الحديث والاعتراف والقبول علانية من اى مسئول مصرى امام الراى العام بما يلى:

·بان هناك قيودا فرضتها الاتفاقية المصرية الاسرائيلية على تواجد القوات المسلحة المصرية فى سيناء، وتحديدها فى المنطقة (أ) فقط المجاورة لقناة السويس التى تبعد عن الحدود الدولية مع فلسطين بمسافة 150 كيلومتر، بعد ان تم تجريد ثلثى سيناء من اى قوات فيما عدا 4000 عسكرى حرس حدود مسلحين باسلحة خفيفة فى وسط سيناء (المنطقة ب) مع الاكتفاء بقوات شرطة فقط فى المنطقة (ج) المجاورة للحدود مع فلسطين التى يطلقون عليها (اسرائيل)

·وبأن ادخال اى قوات اضافية يجب ان يتم بعلم واذن وموافقة (اسرائيل) على عدد القوات وطبيعة مهمتها وتسليحها واماكن تمركزها ومدة بقائها.

·والاعتراف بان الدولة المصرية بكل مؤسساتها بما فيه رؤوس النظام ملتزمون بهذه القيود ويمتنعون تماما عن كسرها او الخروج عنها.

·مع التأكيد على انه شخصيا يلتزم بهذه القيود ويحترمها.

***

ورغم ان كلها معلومات وحقائق معلومة لكل الخبراء والمتخصصين ومنشورة فى وثائق المعاهدة وملاحقها الامنية، الا أن الحديث عنها والاعتراف بها علانية كان يمثل حرجا بالغا لكل الرؤساء والمسئولين المصريين، لما فيها من تعرية للانتهاك البالغ الواقع على السيادة الوطنية الذى تم اكراه الدولة المصرية على قبوله مقابل استرداد سيناء، وهو انتهاك لا يزال يمثل الخطر الأكبر الذى يهدد سيناء ونقطة الضعف الرئيسية فى الأمن القومى لمصر.

فيقوم رئيس الدولة، لسبب لا نعلمه، بطرحه على الرأى العام بهذا الشكل، وكأنه مجال للفخر وأمر حلال وطبيعي ومقبول ولا غبار عليه!

***

ثانيا ـ وهو مربط الفرس، ان فى هذه الشهادة التاريخية لصالح (اسرائيل) وأيا كان السياق الذى قيلت فيه، خروجا عن الثوابت الوطنية واستفزازا للشعور الوطنى العام ومخالفة لكل الحقائق التاريخية الثابتة التى جرت على الارض منذ عقود طويلة، فاسرائيل هى العدو وأصل المشكلة وأُس البلاء فى سيناء والراعى الأول للارهاب هناك، ولا تستحق منا أى شكر أو تقدير، بل تستدعى الرفض والعداء والغضب والتحدى والعمل الدؤوب لتحرير مصر من هذه القيود المذلة التى تكبل ارادتنا منذ 45 عاما.

وفيما يلى تذكرة للشباب الذى قد ينخدع بكلمات الرئيس فيتصور ان هناك اى خير فى هذا الكيان العدوانى المسمى (باسرائيل):

· فبالاضافة الى طبيعتها كقاعدة عسكرية متقدمة للغرب الاستعمارى وشرطى تأديب للأمة العربية، وحاجز بين مشرقها ومغربها، وتهديدها الدائم لكل دول المنطقة واحتلالها لفلسطين والجولان واعتداءاتها التى لا تتوقف على الشعب الفلسطينى يوميا، فلقد قامت (اسرائيل) بالاعتداء على مصر عدة مرات كان اولها عدوانها على غزة تحت الادارة المصرية عام 1955 وقتلها ما يزيد عن 30 ضابطا مصريا. ثم احتلالها سيناء عام 1956 بمشاركتها فى العدوان الثلاثى على مصر بعد قيامنا بتاميم قناة السويس. ثم عدوانها علينا مرة ثالثة عام 1967 واحتلالها سيناء، ورفضها للانسحاب بعد حرب 1973 الا بشرط تجريد ونزع سلاح ثلثى سيناء من القوات والسلاح، مع اجبارنا على الاعتراف بها والتطبيع معها بالاكراه.

·وهو التجريد والقيود التى تم فرضها على مصر فى اتفاقية السلام الموقعة 1979 لحماية امن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى وكانت هى السبب الرئيسى بل والوحيد فى كل الجرائم التى لا ترتكب فى أى أرض مصرية أخرى الا فى سيناء وحدها؛ من اختراق وتجسس وارهاب وتهريب وارتقاء لكل هذا العدد من الشهداء على مر السنين، بعد أن تم كسر واضعاف قبضة وسيادة الدولة المصرية هناك.

ثم بعد ذلك نأتى ونقدم لها التحية والتقدير لموافقتها على الطلبات المصرية بادخال قوات مصرية الى اراضى مصرية.

اذا بليتم فاستتروا.

*****

القاهرة فى 10 مارس 2023

01 مارس 2023

سيد أمين يكتب: الزواج الحرام.. العلمانية والقومية العربية

لا أعرف كيف تم دس العلمانية في الفكر القومي العربي، خاصة أن هذا النوع من العلمانية يتقوت على أيديولوجية وضع الدين في حالة الاصطدام مع القوم، في حين أن القوم أنفسهم -وهم الواجب على القوميين أن يبرزوا ويُعلوا من شأن خصائصهم الفريدة- لا يقدسون إلا هذا الدين بل ويعدّونه المميز الوحيد لقوميتهم، والأسمى مرتبة منها.

ولِمَ لا؟ وهو الدين الذي ميزهم بأنه اتخذ منهم رسولا يُذكر اسمه في كل صلاة يوميا في أرجاء العالم كافة، واتخذ من لغتهم التي تُنسب إليها قوميتهم لغة وحيدة لأسمى مراجعه المقدسة.

أكاد أجزم بأن ثمة مؤامرة فكرية عشناها على مر العقود الماضية، وضعت العربة أمام الحصان، تعالت فيها فكرة القومية العربية على هذا النحو المريب والمعوج فاتخذت من الإسلام خصما لها، بدلا من أن تجعله عمودها الفقري، مما نجم عنه أن تهالكت العربة وكاد الحصان يفلت من بين يديها ليذهب إلى أقوام آخرين تقدّر قوته.

تجربة الدولة العثمانية

لعل تلك الفكرة تنامت في وطننا العربي بعد انهيار الدولة العثمانية عام 1923، وهي الدولة التي كانت تقدّر خصائص العربية وتعلي من شأنها ولم تجرؤ أبدا على الاستهانة بها، فكان هذا سببا من أسباب التمدد الهائل لها في رقعة خريطة العالم، مساحة وزمنا، وكان سببا أيضا في أن تقدّر الأمصار كلها تلك الخلافة العظيمة.

خاصة حينما جعلت اللغة العربية جزءا أصيلا من الهوية القومية التركية، وجعلتها لغة العلوم والثقافة والتعليم، رغم أن التركية كانت هي اللغة الرسمية في الداخل التركي في حين كانت العربية والتركية والفارسية هي اللغات الرسمية للخلافة العثمانية، وبذلك حظيت العربية بنصيب هائل من العناية فصارت لغة تفكير حضارية في كل الأصقاع الإسلامية التي تستظل بمظلة الباب العالي.

ولهذا، فحينما يئس الاستعمار الغربي المتربص بالإمبراطورية الجامعة للعالم الإسلامي من إمكانية كسرها عسكريا وسياسيا وثقافيا، لجأ إلى تفتيتها من الداخل عبر الزج بالكثير من المخدوعين والمتأمرين وضحال الآفاق في جميع أمصارها، ليدعوا إلى فصل قومياتهم عن الإسلام، فخُدع الترك بالتتريك، وخُدع العرب بالدولة العربية الكبرى، وخُدع الفرس بإعادة أمجاد الأكاسرة والساسانية، وهكذا في القوميات كلها.

وكانت النتيجة أن سقطت الدولة العثمانية لكن لم تنهض تركيا ثانية لعقود طويلة بخلاف ما أرادها المنكمشون في داخلهم، وسقط العرب والفرس في الاستعمار الحقيقي والمتخفي بدلا من أن يتحرروا، وتفتت رقعة بلادهم أيما تفتيت.

علمانية هنا ودينية هناك

في حين أن دول أوربا ربطت لفترات طويلة في تاريخها بشكل مباشر بين الهوية القومية والدينية، لدرجة يمكن فيها اعتبار أن نزاعاتها التي أدت إلى كل الحروب الداخلية والخارجية المعروفة بينها، كانت في الأصل نتائج للتعصب المذهبي والقومي بينها.

فضلا عن أن العلمانية نفسها هناك أُقرّت للحيلولة دون الفشل الدائم في منع الصدام القومي والمذهبي، وقد ساعد على نمو التجربة ونجاحها هناك افتقار المسيحية إلى “الفقه “و”طقوس الحياة اليومية” التي تتوافر في كثير من الأديان في العالم ومنها الإسلام.

لذلك نجد الفلسفة العلمانية الغربية الظاهرة تقول “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، لكننا نحن -المسلمين- مأمورون في ديننا بأن نُحكّم الدين عندنا في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة، لأن ديننا هو دين ودنيا، وبالتالي فحينما نتحدث عن القومية العربية فلا بد من ربطها بالإسلام.

كما يوجد الكثير من الأحزاب القومية، والدول القومية، والأقاليم القومية، يكون فيها الدين أو المعتقد أو الثقافة هي المحاور الأساسية لتشكل الانتماء القومي، لا سيما في الهند وبورما والكثير من بلدان شرقي آسيا، وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.

بل إن هناك أناسا من أوطان وأجناس ولغات وألوان متنوعة، تمترسوا حول دين جامع بينهم ليجعلوه هو القومية التي تجمعهم، تماما كما فعلت “إسرائيل”، التي لم تكتف بأنها سرقت الأرض التي تجمعت عليها كل هذه الأجناس غصبا، بل أقرت قوانين تسلب من غير اليهودي مواطنته، وبالطبع تقصد بها صاحب الأرض الأصلي.

ولعل من العجيب حقا أن تجد أحزابا قومية في العالم غير الإسلامي تحتفي عمليا بدين القوم الذين تمثلهم، في حين أن قوميينا العلمانيين يجعلونه مجرد شعارات لزوم “اللقطة” يرفعونها بخجل وعلى استحياء كلما اقتضت المنفعة، وفي كثير من الأحيان يقودون حملات الصدام معه.

والخلاصة أن كثيرا من القوميين العرب ولأسباب مريبة بدّلوا انتماءهم إلى قوميتهم بالانتماء إلى فكرة العلمانية الفضفاضة، وليتهم فهموا جوهرها، فهم استخدموها -فقط- لكسر الإسلام، وما هو بمنكسر حتى تقوم الساعة.

…..

بعد كل ذلك يأتي السؤال: لماذا نحن -العرب- صرنا نغمط الحق ونغبط الباطل، ونجيد تحطيم مصادر قوتنا بأيدينا في المجالات كافة؟

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/2/27/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9

أو

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2023/2/27/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9

28 فبراير 2023

مصطفى يوسف اللداوي يكتب: البكاؤون على الهلوكوست فاشيون مجرمون



يطلبون من دول العالم وشعوبها أن تعترف بالمذابح التي تعرضوا لها إبَّان الحرب العالمية الثانية، ويحملون المجتمع الدولي تبعات المحرقة "الهولوكوست" التي أبيد فيها بزعمهم "ملايين اليهود" ظلماً وعدواناً، ويجبرونهم على الاعتذار لهم وتعويضهم، ويبتزون الأنظمة والحكام ويحرجونهم، ويضغطون على الشعوب والمنظمات ويتهمونهم، ويعتبرون أن المجتمع الدولي كله شريكٌ في هذه المذابح ما لم يعترف بها ويعتذر، ويقر بالجريمة ويندم، ويطلب المغفرة من أجيال اليهود ويأسف.

يتباكى الإسرائيليون على ما أصابهم، ويدعون المظلومية جراء ما لحق بهم، ويعاقبون كل من ينكر المحرقة أو يشكك فيها ويرفض الاعتراف بها، ويعلنون الحرب عليه ويحاكمونه، ويضيقون عليه ويطردونه، ويجردونه من كل صفاته ويحرمونه من أبسط حقوقه، ويعتبرون أن الصمت عنها جريمة، وعدم الاعتراف بها كبيرة، وقد عانى من إرهابهم الفكري وطغيانهم العنصري الكثير من المفكرين والمؤرخين الأوروبيين، الذين خاف بعضهم وتراجع وجبن، وروى روايتهم وسَلِم، بينما عُوقب ونُفِيَ من أصر على موقفه ونَفَى، وطُرد من وظيفته وحُرم من حقوقه من كذب روايتهم واتهمهم.

يجبر الإسرائيليون دول العالم الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية وغيرها، على تشييد نصبٍ تذكارية للمذابح اليهودية واحترامها، وتعليق صور الضحايا وبيان حجم الفاجعة فيهم، ويعتبرون زيارتها واجبة، وإحياء ذكراها  كل عامٍ فرضاً على الدول والحكومات، التي يجب أن تشرع برلماناتها القوانين التي تجرم وتعاقب المنكرين لها والمستخفين بها، ويلزمون كل ضيفٍ يزور كيانهم بزيارة النصب التذكاري للمحرقة "ياد فاشيم"، والشهادة في كتابهم، ووضع الأكاليل اعترافاً بهم واحتراماً لهم.

هؤلاء الذين يتباكون على المحرقة ويطالبون العالم بالتضامن معهم والبكاء من أجلهم، يرتكبون كل يومٍ أعظم المجازر وأكبر المذابح بحق الشعب الفلسطيني، ويقومون ضده بأبشع حرب إبادةٍ رسميةٍ بهدف إنهاء وجودهم وشطب هويتهم وإخراجهم من أرضهم وطردهم من ديارهم، ويشهد العالم كله على جريمتهم، ويرقب أفعالهم، ويرصد عدوانهم، ولكنه يقف إزاءها صامتاً لا يعترض، وعاجزاً لا يقوى على منعهم، بل يطالب الضحية بأن تكف عن الشكوى والأنين، وتمتنع عن الدفاع عن نفسها وصد العدوان عنها.

إنهم أنفسهم الذين أقدموا بالأمس، جيشاً ومستوطنين، على إشعال النار في بيوت الآمنين، فحرقوا بيوتهم، وأشعلوا النار في سياراتهم، وطعنوا المواطنين واعتدوا عليهم، وأجبروا النساء والأطفال على الهروب من منازلهم، فقد حرق قطعان المستوطنين الذي زاد عددهم عن المائتي مستوطنٍ، أكثر من مائة بيتٍ وسيارةٍ، وعاثوا فساداً وخراباً وحرقاً وتدميراً في قرى بورين وحوارة وبيتا وزعترة جنوب مدينة نابلس، ووثقت وسائل الإعلام المحلية والدولية ألسنة اللهب التي تتصاعد من المحارق، وأحصوا عدد الجرحى والمصابين، وما زالت كرة اللهب الصهيونية تنتقل من قريةٍ في الضفة الغربية إلى أخرى، وجيش العدو يراقب ما يحدث، ويحمي المستوطنين وهو يعلم أنهم مخربون، وأنهم يحرقون ويدمرون، ويعتدون ويقتلون.

إن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، ضد أهلها وشعبها، وأرضهم ومقدساتهم، وبيوتهم وممتلكاتهم، لهو أكبر من جريمة "الهلوكوست" التي صدعوا رؤوس العالم بها، وأجبروهم على إبداء الندم والأسف الدائم بسببها، ولعلهم يخططون في كل يومٍ لارتكاب المزيد من هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، ويستنكرها الأحرار والشرفاء، ويشجعهم على ذلك ويدفعهم إلى المزيد منها، ما يرونه من صمت العالم وعجزه، وتواطؤ أنظمته ومشاركة حكوماته، التي تهب كلها غاضبةً، وتقف في وجه الشعب الفلسطيني كله معارضةً، إذا تقدمت مقاومته على الثأر والانتقام، وعلى الرد وصد العدوان، بينما تصمت وتعجز عندما يرتكب العدو مجزرةً أو ينفذ مذبحةً بحق الشعب الفلسطيني.

لن يرد الغلاة المتطرفين، المتشددين المتدينين، الفاشيين المجرمين، المحتلين الغاصبين، المستوطنين الهمجيين، إلا المقاومة التي باتت تحسن الرد زماناً ومكاناً، وهدفاً ونوعاً، ولم تعد تصبر وتصمت، وتتأخر وتتردد، بل باتت تباغت وتهاجم، وتفاجئ وتصدم، وتقنص وتقتل، وتقصف وتفجر، وتطعن وتدهس، ولن يفلح العدو بعدوانه المستمر وغاراته الدائمة واجتياحاته المتكررة، في كسر شوكة المقاومة وتركيع كتائبها، وسحب سلاحها وإخضاع عناصرها، كما لن تجدي محاولات قتل ا لمقاومين واعتقالهم، أو حصارهم والتضييق عليهم، فهذه المقاومة التي أصبح معها سيفٌ لا يثلم، ودرعٌ لا تخرق، ورمحٌ طويلٌ لا يكسر، لن تهزم بإذن الله أمام عدوها، ولن ينال منها ويخضعها، ولن يفرض شروطه عليها ويذلها.

بيروت في 28/2/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

23 فبراير 2023

سيد أمين يكتب: قيس سعيد والمسارات الغامضة

 

يتلقى الرئيس التونسي قيس سعيد الصفعة تلو الأخرى من الشعب التونسي من دون أن يتعظ، أو يطور مساراته -التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها غامضة- لتكون مقبولة شعبيا، فيقع دوما في نفس الشرك الذي نصبه للآخرين، بعدما أصمّ أذنيه عن جميع الناصحين الذين لم يألوا جهدا في نصحه بكافة الطرق بضرورة التراجع عن مسار 25 يوليو/ تموز الغامض الذي فرضه على الشعب التونسي، من دون هدف منطقي يستحق اللهاث خلفه.

لكنه أصرّ على الهرولة إلى الأمام، واضعا نصب عينيه تجارب آخرين نجحت مثل تلك الهرولة في إبقائهم في السلطة، متناسيا اختلاف تونس عن غيرها في أن لديها قضاء لا يزال خارج التدجين ولو نسبيا، وجيشا لم ينغمس بعد في الحياة السياسية حتى الثمالة، وأن الشركاء أو الرعاة الغربيين مشغولون الآن بإشعال أو إطفاء عشرات من النيران المشتعلة الأولى كثيرا بالاهتمام.

ولا يدري أحد ما العائد على تونس، أو شعبها الذي يعاني الأمرين اقتصاديا، أو على التجربة الديمقراطية، ولا على قيس سعيد نفسه، من تلك المسارات والحروب “الدون كيوشتية” التي يخوضها، في حين كان الأولى به الاهتمام بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد بدلا من تنظيم انتخابات وراء انتخابات وراء انتخابات تقاطعها الأغلبية الكاسحة التي لا تجد جدوى لها، والسعي لعسكرة البلاد واعتقال الحقوقيين والنشطاء والصحفيين والبرلمانيين وقادة الأحزاب المعارضة انتهاء بطرد الأمين العام لاتحاد النقابات الأوربية.

ردود سعيد

لم يتعظ بأن نسبة المشاركين في الاستفتاء الدستوري لم تتجاوز11% من الناخبين وهي أقلّ نسبة مشاركة في كل تاريخ تونس، ولم يتعظ بنزول عشرات الآلاف في عدة تظاهرات متتالية يطالبونه بالتوقف الفوري عن كل الإجراءات التي اتخذها منذ أن جاء للسلطة، ولم يتعظ بفشل ما أسماه الاستشارة الإليكترونية وما نالته من سخرية وانتقاد واسع في البلاد، ولم يتعظ بمهزلة الحوار الوطني التي أقصى منها الجميع وراح يتحاور مع أنصاره، فراح يمضي قدما إلى إجراء انتخابات برلمانية كانت نتائجها هي الأخرى مقروءة منذ البداية، وحصلت المشاركة فيها على نفس النسبة التي حصل عليها دستوره.

ولعل المدهش حقا هو تعليق الرئيس على نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في جولتيها، حيث لم يجد ردا على نتائج الجولة الأولى التي جرت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والتي شارك فيها التونسيون بنسبة 11%، سوى قوله “إن نسبة المشاركة لا تقاس فقط بالدورة الأولى بل بالدورتين” وإن “المشككين يشبهون من يعلنون نتيجة مقابلة رياضية عند انتهاء شوطها الأول”.

وحينما أعلنت نتائج دورة الإعادة في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي وكانت بنفس نسبة المشاركة في الدور الأول راح يردد مبررا عجيبا لا نعرف كيف اقتطعه ويحاول جعله منطقيا وهو أن نحو 90% لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني شيئًا بالنسبة لهم، وعلى طريقة مات المولود وماتت الأم ولكن نجحت العملية علق قائلا “إن الأهم أننا حافظنا على مواعيد الانتخابات”.

وبالقطع إزاء مثل هذه التبريرات قد يتساءل أحد: بما أن البرلمان القديم فاشل، والبرلمان الجديد فاشل، والدستور القديم فاشل، والدستور الجديد فاشل، والحكومة القديمة فاشلة، والحكومة الجديدة فاشلة، لماذا لا نجرب تغيير قائد السيارة نفسها لعل تونس تصل إلى وجهتها بسلام؟

وحصر سعيد الوطن في ذاته وصار كل من يخالف توجهاته عدوا لهذا الوطن.

النواب الجدد

مشهد الانتخابات التشريعية الأخيرة يشي بالكثير، فبغض النظر عما يردده كثير من المراقبين التونسيين عن أن المرشحين في الانتخابات البرلمانية هم في الغالب شخصيات غير معروفة، وليس لهم سوابق في العمل النيابي حتى لو في المجالس القروية سوى عدد قليل منهم ينتمي لأسر الحظوة لنظام بن على، فإنهم أيضا يتحدثون بنغمة واحدة تشبه خطاب الرئيس عن المؤامرة وقوى الشر والمخربين والإرهابيين ونحو ذلك، وبرامجهم لا تعدو برامج رئيس حي أو شيخ حارة، وليست برامج نواب برلمانيين لهم خطط قومية.

ومن الملفت للنظر أن هناك نوابا في البرلمان فازوا بعدد أصوات يزيد قليلا عن ألف صوت، وهو رقم ضئيل للغاية لا يعبر حتى عن أصوات حارة من الحارات، في حين أن أعلى الأصوات كانت متدنية أيضا وزادات قليلا عن ثمانية آلاف صوت.

كما أصابت الرئيس قيس سعيد أيضا لامة إضافية من تلك النتائج عبر رسوب معظم المرتبطين به من التيارات الناصرية، ولا سيما أحمد شفتر أحد أبرز الداعمين له والمبررين لكل خطواته أمام منافسه مسعود قريرة، رغم كل ما كان يحظى به من دعم إعلامي داخلي وخارجي، إذ حصل على ما يزيد قليلا على ألفي صوت فقط.

ولكي تكتمل دائرة الملهاة في هذه الانتخابات التي قاطعتها جميع الأحزاب الشعبية في تونس بجميع توجهاتها، تبيّن أحد المنافسين في جدول الإعادة لم يحصل على أي صوت، أي أنه لم يحصل حتى على صوته، وفاز مرشحون بالتزكية في بعض الدوائر لعدم وجود منافس.

ورغم تلك النسب المتدنية في المشاركة فإن مراقبين محليين شككوا في حدوث تزوير على نطاق واسع في النتائج، وإن كنت أنا شخصيا أعتقد أن من يستطيعون تزوير الانتخابات هناك كان بإمكانهم أيضا تزوير نسب المشاركة، كما يحدث في كل الانتخابات في البلدان العربية، وتجنيب جبين الرئيس هذه الوصمة، إلا إذا كان في جراب الحاوي ما لم نره بعد.

لو كنت مكان الرئيس قيس سعيد لتركت التونسيين يكتوون بنار قلة وعيهم لتحرقهم الأخطار التي لا أراها إلا أنا، وحرمتهم من جنتي، ورحلت!!

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/2/21/%D9%82%D9%8A%D8%B3-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D9%85%D8%B6%D8%A9?fbclid=IwAR12NjB6aOctid6qyQw6s5UndrzCAYhP3_5Itfm7VAsGuUBOgaNnIYNmcZE

او 

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2023/2/21/%D9%82%D9%8A%D8%B3-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D9%85%D8%B6%D8%A9

محمد سيف الدولة يكتب: من الوحدة العربية الى الردة العربية الشاملة

Seif_eldawla@hotmail.com

فى الذكرى الـسنوية لقيام دولة الوحدة العربية بين مصر وسوريا فى 22 فبراير 1958، ما أمس حاجتنا لـعمل وقفة جادة ومتأنية للتأمل فى تاريخنا القريب للمقارنة بين ما كنا عليه وبين واقعنا الحالى، لعلنا ننجح فى استفزاز المهمومين باحوال الأمة ومستقبلها وحثهم على التداعى للبحث عن اهم الاسباب التى أدت الى هذه الردة العربية الشاملة:

· ففى سنوات الوحدة كنا نعيش عصر الاستقلال والتحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الثانية، فيما عدا قلة قليلة من الدول العربية التى لم تخرج أبدا من عباءة الهيمنة الغربية.

واليوم تعيش كل الدول العربية من المحيط الى الخليج بلا استثناء واحد فى مستنقع التبعية بكل الوانها واشكالها.

· وكان لفلسطين معنى عربى واحد ووحيد هو فلسطين 1948 اى كل الارض المحتلة الواقعة بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط.

واليوم اصبحت فى قاموس الانظمة العربية هى فلسطين 1967 التى لا تتعدى الضفة الغربية وغزة، والمساومات قائمة على قدم وساق لتقليصها الى ما هو أدنى من ذلك بكثير.

· وكان هناك اجماع عربى رسمى وشعبى على ضرورة تحرير كامل ترابها المحتل والقضاء تماما على المشروع الصهيونى الذى يهدد كل الامة بقدر ما يهدد فلسطين. وكانت الامة تضمد جراحها وتلملم شتاتها بعد النكبة، استعدادا لمعركة التحرير.

واليوم بعد ان اعترفت مصر والاردن والسلطة الفلسطينية، ثم الامارات والبحرين والمغرب والسودان بشرعية دولة (اسرائيل)، أصبحوا يتحدثون عن ناتو عربى/اسرائيلى تحت قيادة الولايات المتحدة لمواجهة ايران والتطرف الاسلامى ولتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على مقاومتها ونزع سلاحها، فيما يسمى بصفقة القرن واتفاقات ابراهام.

· وكان هناك اجماع بين غالبية الشعوب العربية على مكانة مصر ودورها التاريخى والقومى فى قيادة الامة.

واليوم اهتزت مكانتها بشدة وتراجعت وتبدلت الادوار، لتشغله بدلا منها المحميات الامريكية من ممالك وامارات النفط والغاز.

· وكان هناك قوتان عظمتان ومعسكران دوليان رأسمالى واشتراكى وتوازن دولى يسمح لنا ولكل الدول المتحررة والنامية بمساحة أكبر من الحركة والمناورة.

واليوم هناك انفراد وهيمنة امريكية لا تزال تقبض على العالم والمنطقة بيد من حديد.

· وكانت غالبية دول العالم شمالا وجنوبا، تُقيم لنا وزنا وتتعامل معنا ككتلة واحدة متجانسة ومتماسكة يُعمل لها ألف حساب، فتتجنب الانحياز لأعدائنا او الاضرار بالمصالح والقضايا العربية الرئيسية. وكان العرب هم القوة الاقليمية الاولى فى المنطقة.

اما اليوم فلم يعد للدول العربية منفردة او مجتمعة وزنا يذكر فى الحسابات والصراعات والمحاور الدولية والاقليمية، بل يتم تدويل كل قضايانا ومصائرنا. واصبحت دول الجوار إيران وتركيا تحتلان هذه المكانة جنبا الى جنب مع الكيان الصهيونى المسمى باسرائيل التى تحولت الى قوة اقليمية عظمى.

· وكانت الهوية القومية واضحة ومحددة وموحدة، فغالبية شعوبنا من المحيط الى الخليج كانت تؤمن بهويتها العربية وتلتف حولها وتطالب باستقلال الامة ووحدتها وبتحرير فلسطين.

واليوم دفعت كثرة الهزائم والصدمات والاستسلامات قطاعات عربية من الشعوب العربية الى الكفر بالانتماءات القومية بل حتى بالوطنية، والى البحث عن هويات وانتماءات بديلة والتعلق بها، فضربتنا الانقسامات السياسية والايديولوجية والفتن الطائفية والصراعات العرقية والحروب الاهلية ومخاطر التفتيت والانفصال.

· وكان التيار المؤمن بوحدة الامة، الداعى الى توحيدها هو التيار الأقوى والأوسع انتشارا والأكثر تاثيرا على المستويات الشعبية والفكرية والسياسية والتنظيمية.

واليوم تراجع هذا التيار مئات الاميال الى الوراء، لتتصدر المشهد تيارات أخرى، منها من ينكر وجود الأمة من الأساس من منطلقات فكرية وايديولوجية مختلفة. وأصبح أى حديث عن العروبة او القومية او الوحدة يثير الدهشة وأحيانا السخرية، من منطق انه كلام قديم عفي عليه الزمن أو اوهام خيالية غير واقعية ومستحيلة فى ظل حالة التشرذم الحادة التى يعيش فيها العرب اليوم.

· صحيح انه كانت لنا اخطاؤنا وخطايانا الكبرى التى ساهمت فيما نحن فيه اليوم، ولكننا ظللنا نقاوم ونقاتل متمسكين بمواقفنا المبدئية وثوابتنا الوطنية حتى فى اقصى لحظات الهزيمة والانكسار.

اما اليوم فلقد اصبحنا على عقيدة الامريكان والصهاينة.

***

ليس هناك فائدة ترجى بطبيعة الحال من البكاء على اللبن المسكوب، ولكن الجدوى الوحيدة من احياء ذكرى انتصاراتنا ولحظات صعودنا، كعصر العروبة والوحدة والاستقلال والصمود والعداء (لاسرائيل) وغيرها، هى دراسة اسباب الردة والانكسار، ثم التداعى والتواصل من أجل البحث عن سبل انقاذ الأمة وانتشالها من المستنقع الذى اصبحنا نعيش فيه اليوم من انقسام وتمزق وتبعية وتصهين وتخلف واستبداد.

*****

القاهرة فى 22 فبراير 2023

14 فبراير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: حق الفقراء فى الدفاع عن أنفسهم

Seif_eldawla@hotmail.com

من الحرية كل الحرية للشعب .. الى الحرية فقط لأعداء الشعب!!

***

تشعر الغالبية العظمى من المصريين اليوم بعجز شديد امام الغلاء الرهيب فى الاسعار وكل الاحتياجات الاساسية للحياة، مع الانخفاض الهائل فى قيمة الجنيه وبالتالي فى قيمة الاجور والرواتب والمدخرات. فلا توجد عائلة فى مصر الا ومعيشتها قد تأثرت تأثرا شديدا بالسياسات والقرارات الاقتصادية الاخيرة التى اتخذتها السلطات المصرية تنفيذا وخضوعا لتعليمات صندوق النقد الدولى.

ولا يجد المصريون اى ملاذ او منفذ يلجأون اليه او يستنجدون به فى مواجهة هذه المخاطر الاقتصادية والمعيشية الجمة.

ففى كل بلاد العالم ينظم ويتيح الدستور والنظام السياسى آليات وقنوات وأدوات تمكن طبقات الشعب وفئاته المختلفة من الدفاع عن نفسها والتعبير عن آرائها ومخاوفها فى مواجهة أى قرارات أو سياسات حكومية تمس حقوقها أو مصالحها.

الا فى مصر وبلادنا العربية، فلقد تم تجريد الشعوب من أى وسيلة تستطيع بها أن تفعل ذلك.

· فالبرلمان بسلطته التشريعية تابع بشكل مطلق للسلطة التنفيذية.

**والنقابات العمالية والمهنية بعد تدجينها الكامل من السلطة، توقفت عن القيام بأى دور للدفاع عن حقوق ومصالح الملايين من منتسبيها

·والاحزاب السياسية المعارضة والمستقلة محاصرة ومحبوسة فى مقراتها ومحظور عليها اقامة اى تواصل جماهيرى.

· وهو الحظر المفروض ايضا على تأسيس أى لجان شعبية أو تنظيم أى أنشطة وفاعليات تتعلق بمطالب اقتصادية او اجتماعية فى مجال الاجور والاسعار والضرائب وكل اشكال الجباية.

· والمنابر الاعلامية من صحف وفضائيات مغلقة فى وجه اى راى آخر.

· وبطبيعة الحال فان الاضرابات والاعتصامات والوقفات محظورة ومجرمة.

· حتى القضاء الادارى (مجلس الدولة) الذي كان يمثل الملاذ الأخير للطعن فى قرارات السلطة ومؤسساتها، تم اغلاقه فى وجوهنا بعد صدور قانون تحسن صفقات الدولة من الطعن عليها الا من طرفيها الذي صدر عام 2014.

·وهكذا

***

أما على الجانب الآخر؛ جانب أثرياء مصر من الطبقة الرأسمالية ورجال الاعمال، فلديهم كل الآليات والمؤسسات والأدوات الممكنة للمشاركة فى صناعة القرار والتواصل مع الحكومة بل والضغط عليها، مثل الغرف التجارية واتحادات المستثمرين والمصدرين والمستوردين واتحاد الصناعات وجمعيات رجال الاعمال..الخ، ولديهم من الملاءة المالية ما يمكنهم من شراء او ترشيح ممثلين لهم فى البرلمان لفرض مطالبهم واجنداتهم الاقتصادية التشريعية. بل انهم كثيرا ما يحرضون أصدقاءهم وشركاءهم الدوليين من شركات ومؤسسات دولية للضغط على الدولة لتلبية مطالبهم الاقتصادية والمالية، وهو ما نراه طوال الوقت فى الضغط من أجل ريادة وقيادة القطاع الخاص للاقتصاد المصرى.

***

اما رؤوس الاموال الاجنبية من مستثمرين وشركات عابرة القومية .. الخ فحدث ولا حرج، فهم السادة الحقيقيون المهيمنون على الاقتصاد المصرى، تمثلهم وتدعمهم وتقف ورائهم كل مؤسسات الشر الاقتصادية الدولية من الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية والدائنون فى نادى باريس، يضغطون بكل الطرق والادوات على الدولة المصرية لفتح الاسواق امام المنتجات الاجنبية ومنع اى حماية جمركية للمنتجات الوطنية وتصفية شركات القطاع العام واعطاء التسهيلات والاعفاءات الضريبية واباحة اخراج الارباح وتحويلها للخارج وتخفيض قيمة العملة الوطنية ..الخ.

***

خلاصة المشهد الاقتصادى والمعيشى والسياسى اليوم فى مصر، هو ان الناس تشعر بخطر شديد، ولكنها محظور عليها كل أدوات المشاركة والتعبير والضغط دفاعا عن حياتها وحقوقها ومصالحها، محظور عليها الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس.

بينما خصومها من اصحاب رؤوس الاموال الاجنبية والمحلية، يهيمنون ويصولون ويجولون ويعبثون كيفا شاءوا بمقدرات البلاد وحياة الناس.

*****

القاهرة فى 14 فبراير 2023

موضوعات مرتبطة:

· حب فلسطين حق من حقوق الانسان

·الدفاع عن الوطن حق من حقوق الانسان

زهير كمال يكتب: عسكر السودان..في السياسة والحكم

بعد ثورة شعبية ناجحة أطاحت بحكم ديكتاتوري فاسد جثم على صدر السودان لمدة 30 عاماً،  والمفترض خلال فترة طويلة مثل هذه أن يرتقي السودان فيها الى مصاف الدول الكبرى نظراً  لما يحتويه من ثروات طبيعية ومعدنية ضخمة، إضافة الى شعب ذكي تواق للنهوض والتقدم. وجدنا على الطبيعة انقسام البلد الى قسمين تقاتلا على فتات الثروة البترولية، أضف الى ذلك ثورات وقلاقل كردفان ودارفور والتي انحاز فيها النظام إلى طائفة من الشعب ضد طائفة أخرى. قتل كثيرون خلال هذه الفترة وبقي السودان يراوح في خانة الدول الأكثر فقراً في العالم.

وبدلاً من تشغيل الجيش في المشاريع التي يحتاجها البلد وجدنا البشير يرسلهم الى بلد شقيق في اليمن ليقوموا بقتل شعبه وليُقتلوا، وربما لم يكلف النظام نفسه إرجاع جثثهم الى ذويهم، كل ذلك مقابل حفنة من الدولارات يضعها في خزائنه الخاصة.

كان المفترض أن يتسلم السلطة هؤلاء الثوار الذين قدموا التضحيات والضحايا، ولكن هذا لم يحدث، فقد برز فجأة دون مقدمات تكنوقراط قادم من أمريكا، لا علاقة له بالثورة والثوار، اسمه عبدالله حمدوك، تم اختياره ليصبح رئيساً للوزراء. وكانت هذه هي الغلطة الاولى التي ارتكبتها القوى الثورية ومن بينها قوى الحرية والتغيير.

لم يستمع حمدوك ( قدّس سره )[1] الى النصائح التي قدمت له بأن يتولى - وهو المدني - وزارة الدفاع وأن يحيل كل من يريد من العسكر الذين يريدون الانضمام الى مجلس السيادة الى التقاعد، وأن يعين قادة جدداً للجيش وإحداث تغييرات هيكلية فيه بضم قوات الدعم السريع اليه.

يومها كان بإمكانه فعل ذلك، فهو يتكلم باسم الثوار ويستطيع فرض شروطه على الجميع بمن فيهم العسكر الذين كانوا في أضعف لحظاتهم وأيديهم ملطخة بدماء شهداء الثورة المنتصرة. وبعد أن قويت شوكة العسكر خلال المرحلة الانتقالية وقبل نهايتها طردوا حمدوك، فلم يعودوا بحاجة الى قنطرة للحكم، ولم نعد نسمع عن الرجل منذ ذلك الحين، فقد انتهت مهمته.

عدد لا بأس به من الأنظمة العربية تدار من خلف ستار بواسطة أجهزة المخابرات الغربية التي تستعمل أحدث العلوم في كيفية إدارة دول العالم الثالث وفي علم سيكولوجية الجماهير، وعسكر السودان حديثو عهد بالحكم، كانت وما تزال تنقصهم الحنكة السياسية ولكن لاحظنا اختيارهم التوقيتات المناسبة في الفعل ورد الفعل.

مثل هذه المقدمة ضرورية لفهم ما يجري في السودان حالياً.

تصدى الشعب السوداني وقواه الحية الى انفراد العسكر بالحكم، واستمرت المظاهرات المناوئة لحكم العسكر لفترة طويلة واستمر قتل المتظاهرين.

كان بإمكان قوى الحرية والتغيير الصبر مدة أطول لفرض رجوع العسكر الى ثكناتهم بدون مفاوضات، ففي قرارة أنفس العسكر أنه لا يحق لهم أن يكونوا في السلطة فقد تسلقوا إليها دون أن يبذلوا أي جهد للحصول عليها.

بدأت تصريحات متناغمة من العسكر، أنهم لا يريدون السلطة وأنهم كانوا مرغمين على ملء الفراغ، وأنهم في أشد التوق للرجوع الى ثكناتهم ولكن تعالوا نتفاوض. هذه أغرب تصريحات تصدر من عسكر منذ فجر التاريخ والى يوم يبعثون، ولهذا أستبعد أن تكون من بنات أفكارهم.

استطاعوا خداع جزء كبير من قوى الحرية والتغيير وضمنوا لأنفسهم فترة انتقالية جديدة مدتها 24 شهراً يعززون بها مراكزهم، وبعد هذه الفترة سينقضون هذا الاتفاق لأوهى الأسباب، كما فعلوا في المرة الأولى مع حمدوك، وهذه غلطة أخرى تحسب على قوى الحرية والتغيير.

كان يراد من السودان الاعتراف بإسرائيل، وقد تم الموضوع على مرحلتين

في المرحلة الأولى قبل عامين تقريباً تم لقاء كل قادة العسكر بالوفد الإسرائيلي في الخرطوم، كان يراد قياس ردود الفعل على الخطوة، وقد كانت الردود على الحدث خجولة، وهذه هي الغلطة الثانية لقوى الحرية والتغيير، كانوا لا يريدون تعكير صفو المرحلة الانتقالية.

في المرحلة الثانية حضر وفد إسرائيلي رفيع المستوى يرأسه وزير الخارجية الإسرائيلي في الثاني من شهر فبراير عام  2023 ، بغرض استكمال التطبيع بين البلدين، ولوحظ هذه المرة أن الرجل القوي الثاني في النظام المدعو حميدتي لم يحضر اللقاء وتم تعميم ذلك بشكل صارخ على وسائل الإعلام.

لم يكن هذا تخطيط العسكر، فالبيادق لا تستطيع وضع خطط طويلة المدى، سيتم التخلص من البيدق الأول بعد أن أدى مهمته في إرساء خطوات التطبيع، أما البيدق الثاني فيستطيع إكمال المهمة دون تعكير. ( تمت تجربة ذلك مسبقاً مع السادات ومبارك).

مأساة العالم العربي أن شخصاً واحداً (أو عدداً بسيطاً) يستطيع قلب توجه الدولة من أقصاه الى أقصاه، من حالة عداء الى حالة سلام. من ( لا صلح ولا اعتراف) استمر لأكثر من 70 عاماً الى تبادل القبلات والتنسيق المتبادل.

غلطة أخرى من قوى الحرية والتغيير في عدم التصدي للبرهان بقوة فهو يخالف الاتفاق الإطاري الذي وقعه معهم، ولا يحق له عقد صفقات من وراء ظهر الشعب السوداني، وهو الذي يدعي أنه عائد للثكنات.

الخلاصة: عدم توحد قوى الحرية والتغيير في جسم واحد له رأس واحد ناطق باسمه وله برنامج سياسي واضح من أهم بنوده إرجاع العسكر الى الثكنات، ساهم الى حد كبير في خداعهم ولدغهم من نفس الجحر عدة مرات.

سيظل السودان يدور في حلقة مفرغة نظراً لعدم وجود قوى جماهيرية وأحزاب تتقن اللعبة السياسية وتمتلك التصميم والإرادة اللازمة لتحقيق تطلعات الجماهير في حياة كريمة.   

..................................

[1] ليس بالضرورة أن يكون تقديس السر من الله في هذه الحالة