Seif_eldawla@hotmail.com
فى سابقة هى الاولى من نوعها فى تاريخ الدولة المصرية وفى تاريخ حكامها، وفى ذكرى يوم استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض برصاص (اسرائيل)، قدم الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى سياق حديثه عن الارهاب فى سيناء والتنسيق الامنى مع (اسرائيل) شهادة ايجابية لصالحها وذكر انها شهادة واجبة للتاريخ.
وقد جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها فى الدورة التثقيفية رقم 37 للقوات المسلحة المنعقدة فى ذكرى يوم الشهيد فى يوم الخميس 9 مارس 2023، والتى قال فيها بالنص ما يلى:
(( كنت نائب مدير المخابرات فى 2009 .. وكنا نرى ان هناك كتلة بشرية مسلحة كبيرة للارهابيين تكونت فى سيناء منذ 2005، وكان لابد من القيام بعمل عسكرى كبير لمواجهتها، ولكنه لم يحدث بسبب قيود اتفاقية السلام، التى لا تسمح للجيش المصرى بتخطى المنطقة (أ)..
وفى ثورة يناير تم تخريب دور الدولة المصرية هناك، وخرجت الأمور عن السيطرة..
فقلت لسيادة المشير طنطاوى ان هناك خطورة كبيرة من ان تقوم هذه الجماعات بالقيام بعمل عسكرى عبر الحدود ضد اسرائيل، واسرائيل حتما سترد مما يمكن ان يعقد الامور تعقيدا شديدا ويدخلنا فى صراع كبير.
فكان قرار المشير ان ندخل قوات للتصدى للمشكلة.
فقمنا باتخاذ الاجراءات اللازمة مع اسرائيل لدخول القوات، واتصلت بالاسرائيليين وقلت لهم اننا محتاجين ندخل قوات فى العريش ورفح والشيخ زويد علشان نسيطر على الموقف هناك.
والحقيقة التى احب أن اسجلها للتاريخ ان الاسرائيليين كانوا متفهمين ولكن طلبوا التنسيق معهم بخصوص حجم القوات
واستمر الحال على هذا المنوال من 2011 حتى اليوم مع زيادة القوات للتعامل مع التحديات هناك))
***
الحقائق والمغالطات:
أولا ــ لاول مرة منذ عام 1978 يتم الحديث والاعتراف والقبول علانية من اى مسئول مصرى امام الراى العام بما يلى:
·بان هناك قيودا فرضتها الاتفاقية المصرية الاسرائيلية على تواجد القوات المسلحة المصرية فى سيناء، وتحديدها فى المنطقة (أ) فقط المجاورة لقناة السويس التى تبعد عن الحدود الدولية مع فلسطين بمسافة 150 كيلومتر، بعد ان تم تجريد ثلثى سيناء من اى قوات فيما عدا 4000 عسكرى حرس حدود مسلحين باسلحة خفيفة فى وسط سيناء (المنطقة ب) مع الاكتفاء بقوات شرطة فقط فى المنطقة (ج) المجاورة للحدود مع فلسطين التى يطلقون عليها (اسرائيل)
·وبأن ادخال اى قوات اضافية يجب ان يتم بعلم واذن وموافقة (اسرائيل) على عدد القوات وطبيعة مهمتها وتسليحها واماكن تمركزها ومدة بقائها.
·والاعتراف بان الدولة المصرية بكل مؤسساتها بما فيه رؤوس النظام ملتزمون بهذه القيود ويمتنعون تماما عن كسرها او الخروج عنها.
·مع التأكيد على انه شخصيا يلتزم بهذه القيود ويحترمها.
***
ورغم ان كلها معلومات وحقائق معلومة لكل الخبراء والمتخصصين ومنشورة فى وثائق المعاهدة وملاحقها الامنية، الا أن الحديث عنها والاعتراف بها علانية كان يمثل حرجا بالغا لكل الرؤساء والمسئولين المصريين، لما فيها من تعرية للانتهاك البالغ الواقع على السيادة الوطنية الذى تم اكراه الدولة المصرية على قبوله مقابل استرداد سيناء، وهو انتهاك لا يزال يمثل الخطر الأكبر الذى يهدد سيناء ونقطة الضعف الرئيسية فى الأمن القومى لمصر.
فيقوم رئيس الدولة، لسبب لا نعلمه، بطرحه على الرأى العام بهذا الشكل، وكأنه مجال للفخر وأمر حلال وطبيعي ومقبول ولا غبار عليه!
***
ثانيا ـ وهو مربط الفرس، ان فى هذه الشهادة التاريخية لصالح (اسرائيل) وأيا كان السياق الذى قيلت فيه، خروجا عن الثوابت الوطنية واستفزازا للشعور الوطنى العام ومخالفة لكل الحقائق التاريخية الثابتة التى جرت على الارض منذ عقود طويلة، فاسرائيل هى العدو وأصل المشكلة وأُس البلاء فى سيناء والراعى الأول للارهاب هناك، ولا تستحق منا أى شكر أو تقدير، بل تستدعى الرفض والعداء والغضب والتحدى والعمل الدؤوب لتحرير مصر من هذه القيود المذلة التى تكبل ارادتنا منذ 45 عاما.
وفيما يلى تذكرة للشباب الذى قد ينخدع بكلمات الرئيس فيتصور ان هناك اى خير فى هذا الكيان العدوانى المسمى (باسرائيل):
· فبالاضافة الى طبيعتها كقاعدة عسكرية متقدمة للغرب الاستعمارى وشرطى تأديب للأمة العربية، وحاجز بين مشرقها ومغربها، وتهديدها الدائم لكل دول المنطقة واحتلالها لفلسطين والجولان واعتداءاتها التى لا تتوقف على الشعب الفلسطينى يوميا، فلقد قامت (اسرائيل) بالاعتداء على مصر عدة مرات كان اولها عدوانها على غزة تحت الادارة المصرية عام 1955 وقتلها ما يزيد عن 30 ضابطا مصريا. ثم احتلالها سيناء عام 1956 بمشاركتها فى العدوان الثلاثى على مصر بعد قيامنا بتاميم قناة السويس. ثم عدوانها علينا مرة ثالثة عام 1967 واحتلالها سيناء، ورفضها للانسحاب بعد حرب 1973 الا بشرط تجريد ونزع سلاح ثلثى سيناء من القوات والسلاح، مع اجبارنا على الاعتراف بها والتطبيع معها بالاكراه.
·وهو التجريد والقيود التى تم فرضها على مصر فى اتفاقية السلام الموقعة 1979 لحماية امن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى وكانت هى السبب الرئيسى بل والوحيد فى كل الجرائم التى لا ترتكب فى أى أرض مصرية أخرى الا فى سيناء وحدها؛ من اختراق وتجسس وارهاب وتهريب وارتقاء لكل هذا العدد من الشهداء على مر السنين، بعد أن تم كسر واضعاف قبضة وسيادة الدولة المصرية هناك.
ثم بعد ذلك نأتى ونقدم لها التحية والتقدير لموافقتها على الطلبات المصرية بادخال قوات مصرية الى اراضى مصرية.
اذا بليتم فاستتروا.
*****
القاهرة فى 10 مارس 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق