21 يناير 2023

الوطنية من حب الوطن إلى تقديس الفرد.. عبد الناصر نموذجا

 

بقلم سيد أمين

لست أدري ما الذي يبرر تلك الموجة السياسية العارمة السائدة في وطننا العربي في تقديس الشخص لا الوطن، والبحث عن الانتصار للولاء بدلا من الانتصار للحقيقة، والاعتناء بالإجراءات والصورة وليس بالجوهر والنتيجة، مع أن حكمة الزمان تقول إن العِبرة بالنهاية.

ورغم النهايات الواضحة وضوح الشمس، فإن البعض يصر على المراوغة والخداع، والاستمرار في تقديس “تابوهات” أضرت أكثر مما أفادت، وقد يكون هؤلاء النسّاك في محرابها هم أنفسهم من متضرريها، لكنهم فقط لا يحسبون الأمور بمنطق العقل والحقيقة، ولكن بمنطق “المكابرة”، والإصرار على الانتصار للولاءات الزائفة، وكأننا في مباراة شطرنج، وليست أمورا تحدد مصائر أوطان وأرواح بشر.

مشهد واحد

خذ لقطة من هذه في مصر، فمثلا، ليس سرّا أن اتفاقية “السلام” مع إسرائيل وشروطها المجحفة المعلنة -وغير المعلنة التي باتت معروفة للجميع- طوّقت مصر بشدة لعقود، وحرمتها تماما من تنمية سيناء والاستفادة القصوى والمثلى من مواردها.

وليس سرّا أيضا أن مصر أُجبرت على توقيع تلك الاتفاقية لأنه لم يكن باليد حيلة لاسترداد أراضيها، كما سوّق الإعلام المصري لفترة من الزمن.

مع أن ذلك أعدم مصر وحوّل مسارها السياسي من قيادة تيار الممانعة العربية إلى قيادة تيار التطبيع، وكانت نتيجة ذلك إهدار ثروات البلد في الرشاوى والفساد الذي صاحب عملية “الانفتاح الاقتصادي” التي كانت في الواقع تنفيذا لأمر بيع القطاع العام، وحرمان الجيش المصري من أهم روافد تمويله ليتم تعويضه بالمعونة الأمريكية.

وقبل ذلك، خاضت مصر حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي استُشهد فيها آلاف الجنود وثكلت بسببها آلاف الأمهات، وأُنهك فيها الاقتصاد المصري بشدة.


وإذا كان الحال كذلك في الانتصار، فما بالك بنكسة يونيو/حزيران 1967 التي هي في الواقعة هزيمة نكراء لم تحدث في تاريخ حروب العالم، حيث أبيد عشرات الآلاف من الجنود المصريين دون حتى أن يتمكنوا من إطلاق الرصاص في الهواء، ولأن تفاصيل ما جرى كثيرة وجميعنا يعرفها فلا داعي لتكرارها، ولكن يكفي أن نقول إنه لولاها ما حدث ما بعدها، وما وقعنا في فخاخ اسرائيل الآن.

فضلا عن أننا في غنى عن الحديث عن تأثيرها السياسي والاقتصادي والنفسي على الوطن وشبابه، وتأثيرها العسكري الذي انعكس بصورة كارثية على ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، والذي لا يزال سمه ساريا إلى اليوم.

فإذا كانت كل هذه المصائب هي مجرد آثار معلنة لهزيمة عسكرية واحدة حدثت منذ أكثر من نصف قرن، من هزائمه المتعددة في اليمن والكونغو و1956 وغيرها، أليس من الطبيعي أن نعتبر أن جمال عبد الناصر الذي يناسب هذا الشهر ذكرى ميلاده “أبو الهزائم”، بدلا من تقديسه واعتباره النموذج الكامل للوطنية دون دليل واحد؟

ظاهرة صوتية

ولا أرى بطولة إطلاقا في أن يخطب الرجل بأنه سيلقي إسرائيل ومن يقف وراءها في البحر، فهذا قد يكون مشهدا تمثيليا لا يتناسب مع المواقف الجادة، ولكن البطولة أن تفعل ذلك حقا بها، وتحرر الأراضي المحتلة لا أن تضاعفها للقادمين بعدك.

ولعله ليس من الصدفة أبدا أن كل معركة تخوضها تخسرها خسارة فادحة، دون مسوغات موضوعية لذلك، لا سيما أن إسرائيل آنذاك لم تكن إلا في حجم محافظة مصرية دون امتلاكها سلاحا استراتيجيا كما هو الآن، وكان حجم التعاضد العربي والإسلامي والعالمي جبارا، لدرجة أنه بإمكانه مع قليل من الجهد العسكري لدول المواجهة خنق إسرائيل وتحرير فلسطين كاملة في أيام معدودات، لكن الإرادة في ما يبدو كانت مخصصة فقط للقطة.

هذا نموذج لإخفاق واحد من إخفاقات قائد قدسوه لدرجة أن أحدهم وصفه بأنه “آخر الأنبياء”، ولا يزال آخرون يمارسون تلك النسك رغم الانكشاف الكامل للمشهد، وما زالت أنقاض الدمار تملأ المكان.

حب من طرف واحد

ولطالما تساءلت عن السبب الذي يدفع قامات كبيرة إلى السقوط في هذا الفخ المهين، لكني سرعان ما أتدارك أن كبرها هذا ربما جاء فقط بسبب تسليط الإعلام الأضواء عليها.

وفي حالة هؤلاء المتيمين القدامى والمحدثين، نكتشف أنهم يعيشون حبا من طرف واحد، يهرول خلاله المحبون خلف المحبوب ويتفنون في استخراج المآثر له، في حين أن المحبوب لا يبالي، وربما كان يسخر في قرارة نفسه بسفه المحبين وضيق أفقهم.

فما المتعة التي يجدونها في ممارسة هذا النشاط المريب الذي دفعت شعوبنا وبلادنا بسببه ثمنا باهظا، فقرا وظلما واستبدادا وتخلفا، ونزف فيه شبابها الدماء على عتبات اللا شيء، حتى أنهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب الجاهلية الأولى الذين لم يتشبثوا بأوثانهم التي عبدوها أبا عن جد، حينما أتتهم دعوة الخلاص؟

قد أكون مخطئا في كل تقديري، ولكن فليأتني أحدهم بما يقنعني عسى أن أعود من الناسكين!!

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/1/18/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%AF?fbclid=IwAR2nevkQWyKlU5Mswnb8PBiVvf6zqM0LfBTK4PBpWiPrVURChDkgFKeh_kw

10 يناير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: قروض فديون فاحتلال

الخديوي سعيد

Seif_eldawla@hotmail.com

وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى، بلغت ديون مصر الخارجية 155.7 مليار دولار فى نهاية 2022، (وتعدت الـ 170 مليار $ فى تقديرات أخرى). والديون الداخلية 4.7 تريليون جنيه فى يونيو 2020، وذلك وسط أزمة اقتصادية حادة ومزمنة وقرض جديد من صندوق النقد مشروطا بتعليمات جديدة شديدة القسوة، أدت الى تخفيض هائل فى قيمة الجنيه وزيادة كبيرة فى التضخم وفى الاسعار، مع تصريحات وأحاديث وتكهنات عن اتجاه الدولة لبيع بعض اصولها للسداد لمحاولة النجاة.

***

تخبرنا كتب التاريخ* انه بعد قيام قوات التحالف الاوروبى تحت قيادة بريطانيا بالعدوان على جيوش محمد على وهزيمتها واكراهه على توقيع معاهدة (كامب ديفيد الأولى) المشهورة باسم معاهدة لندن 1840 والتى نصت على انسحاب الجيوش المصرية من الشام والجزيرة العربية وغيرها ما عدا مصر والسودان، وتخفيض الجيش المصرى الى 18 ألف جندي فقط ..

نقول بعد ذلك، بدأت فورا قصة الاستعباد المالي لمصر التى انتهت باحتلالها عام 1882، ذلك الاحتلال الذي استمر 74 عاما، وفيما يلى ملخص الحكاية التى يجب ان نتعظ منها ونحفظها عن ظهر قلب:

· فى 1838 وقعت تركيا مع انجلترا معاهدة تجارية تعطى امتيازات كبرى للانجليز، وفى 1842 تم تطبيق هذه المعاهدة على مصر وبموجبها حرمت صناعتنا الوطنية من الحماية الجمركية وكان هذا هو المسمار الاول فى نعش الاستقلال الوطنى.

· وفى 1851 اعطى عباس باشا للانجليز امتياز مد السكك الحديد فى مصر.

·وفى 30 نوفمبر 1854 أعطى سعيد للفرنسيين امتياز شق قناة السويس.

·ثم قام سعيد بعقد اول قرض اجنبى تجاوز 6 ملايين جنيه استرلينى حين اصدر سندات على الخزينة بيعت فى البورصات الاوروبية لانه لم يكن من حق مصر فى ذلك الوقت حق عقد قروض خارجية دون موافقة الباب العالى.

المهندس محمد سيف الدولة

·وفى عام 1864 اقترض اسماعيل من مصرف "فروهلنغ وغوشن" مبلغا مقداره 5.7 مليون جنيه استرلينى، الا انه لم يدخل الخزينة المصرية فى الواقع سوى 4.86 مليون جنيه فقط.

· وفى 1865 عقد اسماعيل قرضاً خاصاً مع البنك الانكلوـ مصرى، واستلم نقداً 2.75 مليون جنيه استرلينى من اصل 3.38 مليون جنيه قيمة القرض الاسمية.

·وفى 1866 عقد اسماعيل مع مصرف فروهلنغ وغوشن قرضاً لمد سكك حديدية بضمان السكك الحديدية المصرية. ولم تستلم الخزينة المصرية الا 2.64 مليون جنيه استرلينى من المبلغ الاسمى للقرض وقدره ثلاثة ملايين جنيه.

·وفى 1867 عقد قرضاً " شخصياً " مع البنك الامبراطورى العثمانى ( الانكلوـ فرنسى ) ، واستلم منه 1.7 مليون فقط من اصل 2.08 مليون وهو المبلغ الإسمى للقرض .

·وفى 1868 عقد قرضاً مع رجل الاعمال الدولى "اوبنهايم" بمقدار 11.89 مليون ولم تستلم مصر منه سوى 7.195 مليون جنيه.

·فى 1870 عقد قرضاً جديداً شخصياً مع صاحبى البنوك بيشفسهايم وغولدشمدت بمبلغ 7.143 مليون، استلم منه 5 ملايين جنيه فقط .

·واخيراً، وقع اسماعيل فى 11يونيو 1873 اتفاقية مع اوبنهايم لمنحه قرضاً لتسديد اقساط الدين الجارى. وبلغت كمية هذا القرض الهائل 32 مليون جنيه لم تستلم منه مصر نقداً إلا 20 مليون جنيه بينما الزمت بدفع 3.5 مليون جنيه سنوياً الى اوبنهايم على شكل فوائد.

***

·وبذلك تمكنت البنوك الانكليزية خلال 11 عاماُ من ربط مصر بدين تبلغ قيمته 68 مليون جنيه استرلينى، دفع منه نقداً فى الحقيقة 46 مليون جنيه فقط واغتصب ما يزيد عن 20 مليون جنيه كفرق تسعير ونفقات عمولة.

·كما بلغت سندات الدين الجارى لهذه السنوات 26 مليون جنيه، دفعت عليها مصر فائضاً سنويا قدره 15% وحتى 25%.

·وهكذا بلغت قيمة دين مصر الخارجي الإجمالي قبيل عام 1876 اربعة وتسعون مليون جنيه إسترليني.

· هذا بالإضافة الى أن مصر قد انفقت فعليا على مد السكك الحديدية 75 مليون فرنك بينما دفعت الى المقاولين الاجانب 325 مليون فرنك. كما دفعت الخزينة المصرية ما يربو على 2.5 مليون جنية إسترليني لشركة البناء الاوربية لغرض تشييد ميناء الاسكندرية بينما كلفته الفعلية 1.5 مليون جنيه فقط.

***

اى انه فى النهاية قد نشأ فى ذمة مصر للبنوك الاوروبية دين مقداره حوالى 100 مليون جنيه! تراكم فى اقل من ربع قرن من عام 1854 حتى 1876، وتبدد كالتالي:

·دفعت الحكومة المصرية 16 مليون جنيه على تشييد قناة السويس.

·تسرب الى جيوب اصحاب البنوك كـفرق تسعيرة (سعر الصرف) ونفقات عمولة وغيرها 22 مليون استرلينى لم تستلمها مصر ولكنها اضيفت الى دينها.

·دفعت مصر حتى عام 1876 ما يربو عن 50 مليون استرلينى كفوائد على القروض الاصلية وسندات الدين.

·لم ينفق فى الحقيقة سوى مبلغ يتراوح بين 5: 6 ملايين استرلينى على تشييد منشآت تعود بالفائدة على مصر.

·وهكذا نشأ القسم الأكبر من دين الدولة المصرية نتيجة المكائد الاجرامية التى دبرتها المصارف الانجليزية والفرنسية، ولم يستلم الشعب المصرى فى الواقع شيئاً من ذلك الدين الذى أثقل كاهله والذى أرغم على تسديده فيما بعد بثلاثة اضعاف قيمته الأصلية.

·ناهيك عن القروض الداخلية كالمقابلة والروزنامة فى عامى 1871و1874

·ولقد ساعدت عوامل اخرى على تفاقم هذا الاوضاع ومن ذلك انه:

·فى عام 1863 قرر إسماعيل تحريم العمل الاجبارى فى حفر قناة السويس، فثار خلاف حاد مع ديلسبس ، فقام الخديوي، وياللعجب ، بتفويض نابليون فى هذا الخلاف وكانت النتيجة هى الحكم على مصر بغرامة ، تبعها لجوءها إلى مزيد من الاقتراض  لسداد الغرامة

·وكانت تركيا فى 1873 قد وافقت، تحت الضغط الاوروبى، على اعطاء مصر حق الاقتراض المستقل، وهو ما تم توظيفه اسوأ توظيف.

***

وكانت النتائج الوخيمة على الوجه التالى:

·فى 25 نوفمبر 1875 تم بيع اسهم مصر فى قناة السويس لبريطانيا لسداد الديون، وكانوا 176 الف سهم، وبيعت بـ 4 ملايين جنيه استرلينى اقترضهم رئيس وزراء بريطانيا دزرائيلى من صديقه روتشيلد.

·4 ملايين فقط! رغم انه كلف مصر 16 مليون جنيه وأغرقها بديون بلغت 100 مليون جنيه وفوائد 300 مليون جنيه، وقد بلغت قيمة الأسهم المبيعة فى عام 1910 مبلغ قدره 35 مليون .

·وفى 1875 تم إعلان إفلاس تركيا، وهو ما انعكس على مصر فورا، ففرضت بريطانيا عليها لجنة لفحص شئونها المالية

· وفى 8/4/1876 توقف إسماعيل عن دفع سنداته المالية وأعلنت مصر إفلاسها.

·وفى 2/5/1876 تشكلت لجنة لمراقبة دين الخديوي من فرنسا والنمسا وايطاليا، وقررت توحيد الدين المصري

· وفى 1876 تشكلت لجنة ثنائية انجليزية فرنسية لمراقبة مصر ماليا.

·وفى 1878 تشكلت اول وزارة اوروبية فى تاريخنا برئاسة نوبار باشا الارمنى الاصل وثيق الصلة ببنوك لندن وباريس وكان وزير المالية فيها انجليزى ووزير الاشغال العامة فرنسى.

·ففرضت زيادة فى الضرائب على المواطنين، وامتنعت عن دفع اجور الضباط المصريين، ثم قامت بتسريح 2500 ضابط وتخفيض الرواتب الى النصف.

·ووضعت خطة مالية لادارة مصر عرفت باسم "خطة ويلسون" نزعت من الخديوى اى صلاحيات مالية وتم منح الوزيرين الانجليزى "ولسن" والفرنسى "دى بلينيير" حق الفيتو ضد اى مشروع حكومى وكان اهم ما تضمنته الخطة هو رفع ضرائب الارض الخراجية والعشرية والغاء القروض الداخلية من اجل القروض الخارجية.

·فغضب اسماعيل وقام فى 7/4/1879 بحل الوزارة الاوروبية وتأليف وزارة وطنية برئاسة شريف باشا التى قام بعزل عدد من الموظفين الاوروبيين وزيادة عدد الجيش الى 60 الف ووضع اول دستور لمصر.

·وفى17مايو 1879 عرض مشروع اللائحة الاساسية وقانون الانتخاب على مجلس النواب، وفى 8 يونيو 1879 وافق المجلس ووضع خطة مالية وطنية، فاعترضت بريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا على الخطة المالية.

·وقامت انجلترا وفرنسا فى 19يونيو 1879بتوجيه انذار انجليزى فرنسى لاسماعيل بالتنازل عن العرش دعمته المانيا والنمسا وروسيا وايطاليا وضغطت على السلطان عبد الحميد الذى اقال اسماعيل فى 25 يونيو ليغادر الى ايطاليا ويعين الخديوى توفيق بدلا منه.

·وفى 4/9/1879 تم اعادة الرقابة المالية الثنائية واقالة الوزارة الوطنية، وكلف رياض باشا بالوزارة الجديدة الذى امر بتخفيض الجيش الى 18 الف فقط، كما تم الغاء فرمان 1873 فحرمت مصر مجددا من حق عقد قروض خارجية، وفى يناير 1880 طبقت خطة ولسن المالية التى حددت الدين المصرى بـ 98 مليون وزادت الضرائب على الفلاحين، وامتنعت عن دفع مرتبات الضباط بالاضافة الى ترقية الضباط الشراكسة دون المصريين.

·فثار الجيش وتمت إقالة رياض وتكليف شريف باشا بالوزارة الجديدة.

·وفى 9/9/1881 قامت الثورة العرابية.

·وفى 26/12/1881 أصر مجلس النواب المصرى على حقه فى التصويت على الميزانية المصرية.

·  فقامت انجلترا وفرنسا بتوجيه انذار الى مصر فى 26/12/1881 تعلنا فيه رفضهما لاى صلاحيات مصرية تخص الميزانية، وقبل شريف باشا الانذار وغضب المجلس فاستقالت الوزارة، وتم تعيين وزارة وطنية جديدة بقيادة البارودى وكلف عرابى بالحربية فى 5 فبراير 1882

·وفى 5 فبراير تم نشر اللائحة الاساسية وابطال المراقبة الثنائية وإعداد قانون انتخابات جديد فثار الفلاحون ضد ملاك الاراضى وخاف الاقطاعيين من الحركة الجارية وتصاعدت الثورة، فبعثت انجلترا وفرنسا بأساطيلها الى الاسكندرية فى 20 مايو وطلبت من الخديوى ابعاد عرابى وعلى فهمى وعبد العال واقالة وزارة البارودى فقبل الخديوى الذى هرب الى الاسكندرية فى 13 يونيو

· وانعقد فى 23 يونيو مؤتمر للدائنين ضد مصر فى القسطنطينية من كل من فرنسا وانجلترا وروسيا والنمسا والمانيا (مؤتمر النزاهة).

·  وفى 6 يوليو وجه الأميرال سيمور انذار اول الى رئيس حامية الإسكندرية بتوقيف أعمال التحصينات، ثم انذار ثانى فى 10 يوليو، وبدأ قصف الاسكندرية فى 11 يوليو الذى انتهى بوقوع مصر تحت الاحتلال البريطانى لمدة 76 سنة.

· وقام الانجليز فورا بعد استسلام عرابى بنزع سلاح الجيش المصرى وتسريحه وارغام مصر على دفع 9 مليون جنيه استرلينى تعويضا للانجليز، وتم الغاء الرقابة الثنائية، وتحويل مصر الى مزرعة قطن لبريطانيا.

·وفى 1885 وقعت اتفاقية دولية لديون مصر، وفى 1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية بشان قناة السويس من كل من فرنسا وروسيا والمانيا والنمسا والمجر وايطاليا واسبانيا وهولندا وتركيا.

***

وناضلت أجيال كثيرة من الشعب المصرى الى ان نجحت فى تحرير مصر 1954/1956، ولكن بعد ان كان الاستغلال الاستعماري الطويل قد أنهك مصر وتسبب فى تأخرها وتخلفها عن نظرائها، وهو التخلف الذى لا تزال آثاره ممتدة حتى اليوم.

 ومنذ ذلك الحين، استقر فى الضمير الوطنى المصرى ان الاقتراض هو أقصر الطرق الى التبعية.

فهل تتكرر المأساة؟

*****

القاهرة فى 10 يناير 2023

* تاريخ الاقطار العربية الحديث ـ لوتكسى

01 يناير 2023

مقالات عام 2022

سيد أمين يكتب: "الاستبداد الديمقراطي" عند عصمت سيف الدولة

في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.

ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة

30 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: ليت اسرائيل تعي الدرس

لو كنت مكان قادة اسرائيل لاستخلصت العبر الكافية من مواقف الجماهير العربية تجاههم وتجاه إعلامييهم في مونديال قطر، ولشرعت على الفور بالهرولة -بأقصى سرعة- نحو حل سياسي سلمي يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة عام 1967، والتوقف عن ممارسات استعداء الشعب العربي التي تجريها عبر صناعة ودعم ديكتاتورياته، وزرع الفتن والمؤامرات بينه.

فبحسابات المكاسب الآنية ستكون اسرائيل بذلك قد سكبت الماء على النار المتقدة في صدور مئات الملايين العرب وملياري مسلم تجاهها، بدلا من السكب المستمر للبنزين عليها الذي عملت عليه منذ نشأة كيانها عبر الاغتيالات، والهجمات الجوية الوحشية على بيوت الآمنين في المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، مخلفة قوافل شهداء تعج بهم مدن غزة والضفة الغربية يوميا، وبيوت مهدمة، وأمهات ثكالى، وحصار خانق..

فضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها يمكن للجميع الحديث عن القواسم المشتركة بين العرب والعبرانيين، والمسلمين واليهود في التاريخ، بلا خجل ولا تخوين.

خاصة أن اليهود لم يكونوا هم الأعداء الأصليين للمسلمين في أي حقبة من حقب التاريخ سوى بعد إنشاء هذا الكيان، بل إنهم حينما تعرضوا للمظلومية في الأندلس وحتى في روسيا القيصرية وأوربا والعديد من بقاع العالم مثلهم مثل المسلمين، كان العالم الاسلامي هو الملاذ الآمن لهم، وكان المسلمون هم المدافعون عنهم.

ناهيك عن أننا حينئذ سيحلو لنا الكلام عن التشابه الكبير في الحدود والفقه بين اليهودية والإسلام، وعن الانتماء لسيدنا إبراهيم الأب لإسماعيل وإسحاق.

قصر نظر

لكن إسرائيل كما عودتنا دائما، لا تعير بالا لا بالحسابات الآنية ولا البعيدة سوى بما تملكه من وسائل الرعب، والمثل يقول “الطمع قلّ مما جمع”، فالسياسة الاسرائيلية الدائمة قائمة على نهب ما يمكن نهبه، وقتل ما يمكن قتله، وتخريب ما يمكن تخريبه، وهو الأمر الذي حتما ستدفع ثمنه مهما طال الزمن.

ولم تدرك بعد أنه قد تهاوت -مع تطور وسائل الإعلام الحر- ادعاءات المظلومية التي تقوتت عليها طيلة تاريخها، وظهر للرفيق والغريب نهم قادتها للدم.

ولم يأت في حسبانها أن المقاومة الفلسطينية تكسب مزيدا من التعاطف الشعبي العالمي كل يوم، وتتضخم رقعة الالتفاف حولها في الداخل بوصفها طوق النجاة الذي يحمي ما تبقى من مقدرات الشعب الفلسطيني.

ولعله من العقل أن تدرك أن تجاربها السابقة طيلة 74 عاما من القمع والوحشية لم تستطع خلالها ردع المقاومة الفلسطينية، ولا حتى إخافتها، لا بالطائرات، ولا بالمسيرات، ولا بالمفخخات، ولا بكل مقومات القوة الإسرائيلية بما فيها الأسلحة النووية.

وعليها أن تصدق أن من لم يخشاها ذات يوم حينما كان شبه أعزل يملك أسلحة بدائية وعزيمة لا تلين، يمكن أن يتم ردعه وهزيمته وقد امتلك هو الآخر وسائل الردع الكافية، وصار يملك أيضا الصواريخ والمسيرات؟ وصار يؤلم الغاصبين ويرد لهم الصاع بالصاع؟

إذن عليها أن تبقى على يقين أن الوضع القائم قد يكون نافعا في حقبة معينة من التاريخ، كالتي نعيشها نحن العرب الآن، حيث نظم رسمية تعيش هوانا غير مسبوق، ويتم التحكم بها كعرائس الماريونيت من قبل أمريكا والقوى الغربية وأحيانا من تل أبيب نفسها، وحيث تتلقى إسرائيل دعما غربيا غير محدود.

لكن لو قرأوا التاريخ جيدا لاكتشفوا أن التغيير قد يأتي فجأة، وأن موازين القوى قد تتغير أيضا فجأة، وبالتالي ستنهار كل العوامل التي تسببت في بقاء إسرائيل طيلة العقود الماضية، وسيعرفون وقتها أنها كانت مجرد غفوة بمقاييس التاريخ، وأن هذا الواقع المرير آخذ في الإدبار.

الفخ الإسرائيلي

هناك نفر من اليهود يعارضون قيام دولة إسرائيل، ويرون أن تعاليم موسى عليه السلام تنهى عن وجود كيان خاص لهم، وأن إنشاء هذه الدولة أضر بسمعة اليهودية كدين، ومن أبرز هؤلاء الناس منتسبو حركة ناتوري كارتا الذين يزيد عددهم عن 20 ألف شخص، وبالمناسبة هذا عدد له حسابه بالنسبة للعدد الإجمالي لليهود في العالم.

لكن البعض يزيد عليهم القول إن من ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل، لم ينشئوها إلا تخلصا من أذى اليهود في أوربا، ومن أجل إبقائها شوكة في خاصرة المسلمين والعرب.

وأضيف إلى ذلك أن هناك من يقول إنهم أنشئوها لتوفير الأجواء اللازمة لتحقق نبوءات دينية خاصة بهم، تعنى بتجميع الأعداء جميعا “اليهود والمسلمين” في هذه المنطقة المقدسة حتى يتسنى للمخلص الخلاص منهم جميعا، وبدء الألفية السعيدة.

والملاحظ أنه في كل التفسيرات حتى الكهنوتية منها كان إنشاء هذه الدولة خلاصا من اليهود وليس دعما لهم، وبالتالي فإذا غيّر الداعم الغربي خطته في أي لحظة، أو حتى اختلت موازين القوى لديه، فلن يكون الأمر خيرا أبدا لهذا الكيان.

كل ذلك يجب أن يحفز اسرائيل على الاحتماء بالسلام الحقيقي، وليس ذلك السلام القائم على لي الذراع والإجبار على الابتسام المصطنع، والتطبيع غير الطبيعي، والضغط على الحكومات وشرائها.

السلام القائم على احترام حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته دون أي قيود، وعلى تخليها عن سياسة نفث سمومها في البلدان العربية، حتى لا تكون عاقبة ذلك تكرار ما حدث بعد فشل غزوة الخندق.

مع ملاحظة أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيفنون، وأنهم فقط ينحنون للريح ولا يسقطون.

اقرأ المقال هنا على موقع قناة الجزيرة مباشر  

أو هنــــــــاللمزيد| https://ajm.me/a4ykwe

20 ديسمبر 2022

محمد سيف الدولة يكتب: فلسطين بين حب الشعوب وغدر القصور



((ان اسرائيل عاجزة عن التعامل مع الشعوب العربية التى تكرهها وتعاديها، فلقد اعتادت منذ عقود طويلة على التعامل مع القصور العربية)) تصريح شهير لأحد قادة الصهاينة بعد ثورة يناير 2011 وقيام شباب الثورة بحصار السفارة الاسرائيلية وتسلق العمارة القائمة بها، لنزع العلم الاسرائيلى مما ادى لاغلاقها لاول مرة منذ 1979، قبل ان يتم اعادة فتحها مرة اخرى فى 2015.

***
· لم يكشف مونديال قطر جديدا حين اظهر عمق مشاعر الحب العربية تجاه فلسطين ومدى الكراهية والعداء التى تكنها الشعوب لإسرائيل، فهى حقيقة ساطعة وثابتة ومتأصلة ومعروفة للجميع منذ عشرات السنين.
· وساحات النضال العربى شاهدة على آلاف الانشطة والفاعليات السياسية والشعبية على امتداد عشرات السنوات لدعم فلسطين وقضيتها من احزاب وتنظيمات ولجان ومؤتمرات وتظاهرات وبيانات وتبرعات وقوافل اغاثة وكتب وكتابات وموسوعات ومقالات وتغريدات وتدوينات وكاريكاتيرات واغانى وقصائد واشعار .. الخ، ناهيك عن محاولات الشباب العربى للالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية فى ميادين القتال منذ 1948 حتى يومنا هذا.
· ففلسطين هى ايقونة القرن فى معارك الكرامة والاستقلال والتحرر الوطنى والعربى بلا منازع.
***
· ولكن الحقيقة الفعلية التى كشفتها كاميرات المونديال هى مشهد الشعوب العربية حين تكون على حريتها وسجيتها بعيدا عن استبداد انظمة الحكم العربية وقبضتها الباطشة.
· وربما يكون السؤال البديهى الأول الذى قد يتبادر الى ذهن اى متابع هو: لماذا لا نرى مثل هذه المشاهد فى عديد من الدول العربية؟
· وقد يقوم البعض بعقد مقارنة بينها وبين المشهد الشهير بتوقيف شاب مصرى حين قام برفع رفعه علم فلسطين فى احدى المباريات.
· ولكن السؤال القديم والأكثر عمقا وايلاما هو لماذا لا تزال فلسطين محتلة، رغم كل هذا الزخم الشعبى العربى من المحيط الى الخليج؟ ولماذا عجزنا على امتداد عقود طويلة عن ترجمته وتحويله الى حركات ومؤسسات شعبية تشارك فى معارك التحرير من خارج فلسطين؟
· فالحقيقة ان الحاضر الغائب فى مشهد الاحتفاء الشعبى العربى بفلسطين، وفى المشهد العربى بشكل عام، هو ذلك السجن الكبير الذي نصبته عدد من انظمة الحكم العربية لكبح جماح شعوبها ومنعها من تقديم اى دعم للشعب الفلسطيني ولحركات المقاومة، بدءا بحصارها وتقييد حركتها، ووصولا الى وأدها التام للحريات مع حظر وتجريم أى نشاط سياسى يخص فلسطين او اى قضية اخرى.
· وأتصور أن هذا الدور تحديدا هو أحد الوظائف الاساسية التى تستمد غالبية الانظمة العربية منها شرعية بقائها ووجودها من الخارج الامريكى والدولى.
· والتى يتم تحديد قيمة ووزن ومكانة اى حاكم عربى ودرجة الدعم الدولى التى يستحقها نظامه، بمدى قدرته على السيطرة والكبح واجهاض واسكات اى عداء لاسرائيل او للولايات المتحدة ولمشروعهما الاستعمارى فى المنطقة.
***
· ان هناك مأثورة عربية شهيرة وقديمة عن ((اسرائيل ومن يقف وراء اسرائيل)) فى تعبير عن الوعى بحقيقة الدور الامريكى والغربى فى تأسيس المشروع الصهيونى ومواصلة تسليحه ودعمه للحفاظ على وجوده ولتمكينه من الانتصار على العرب مجتمعين والاستيلاء على اوطانهم او كسر ارادتهم واخضاعهم والحاقهم بحظيرة التبعية لامريكا والغرب.
· ولكن هناك مأثورة اخرى أكثر خطورة ودلالة وان كانت اقل شهرة وهى ((اسرائيل ومن يقف امام اسرائيل))؛ والمقصود بها تلك الدول والحدود العربية التى تقف حاجزا صلبا ورادعا عنيفا أمام التحام واشتباك الملايين من الشباب من كل الأقطار العربية فى معارك المقاومة والتحرير فى فلسطين.
· لقد تأسست دولة الاحتلال وترعرعت فى حماية هذه الدول العربية التى كانت ولا تزال لها الفضل الاول فى حماية وجود (اسرائيل) وامنها.
· وهذا واحد من أهم الأسباب التى تفسر لنا لماذا تقف امة عريقة من 450 مليون عربى متراجعة ومهزومة وضعيفة وخائفة امام كيان وافد وغريب ومصطنع لا يتعدى سبعة ملايين وافد محتل.
· وأى مشروع مستقبلى جاد يستهدف تحقيق حلم التحرير الذى فشلت فيه اربعة اجيال عربية متعاقبة، عليه ان يقدم حلا ومخرجا تاريخيا من معضلة الدولة العربية الوظيفية الحاجزة الكابحة لجماح شعوبها الحامية لاسرائيل.
*****
القاهرة فى 20 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: انتخابات قيس سعيّد.. تتحدث عنه

 

رفع الشعب التونسي صوته عاليا، وقال كلمته في مسار 25 يوليو الذي سلكه الرئيس التونسي قيس سعيّد دون وجود أي حاجة إليه، فقاطع الانتخابات التشريعية التي قاطعتها معه أيضا غالبية الأحزاب التونسية، حتى تلك التي كانت تدعم المسار السياسي الإقصائي للرئيس.

وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كاشفة لكونها لا تزيد على 8.8% بواقع 803 آلاف شخص، وفقا لما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نسبة المشاركة الأدنى على الاطلاق بعد ثورة الياسمين، وربما في كل الانتخابات في تاريخ هذا البلد بعد الاستقلال.

والمقارنة الفاضحة في هذه النسبة أنها جاءت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 والتي كانت نسبة المشاركة فيها 41.3%، ومع ذلك اتهمتها المعارضة آنذاك -التي تحالفت بعد ذلك مع قيس سعيّد- بأن البرلمان الناجم عنها لا يعبّر عن الشعب، وذلك في إطار المكايدة لكتلة الأغلبية التي تتزعمها حركة النهضة.

ولعل هذه النتيجة هي في حد ذاتها تحمل استفتاء على شعبية قيس سعيّد وعلى مساراته التي سلكها منذ أن جاء إلى الحكم، وبالقطع سيكون لها تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة مستقبلا عليه وعلى حكومته، لعل أقربها تصعيب موافقة صندوق النقد الدولي على طلبه قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.

خلط للأوراق

وعلى الفور بعد اعلان هذه النسبة، خرجت الأحزاب والأبواق المدافعة عن مسار قيس سعيّد الإقصائي، وتلك التي كانت تسايره لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب التخبط الشديد الذي يعتري مساره، لتمارس عملية تشويش وخلط للأوراق في محاولة بائسة للدفاع عنه ورفع الحرج البالغ الذي أصابه وأصاب أنصاره.

منها قولها إن الشعب لم يقاطع الانتخابات، ولم يستجب لدعوة المعارضة بمقاطعتها، ولكنه فقط “عزف” عنها بعد الفشل الذي لحق بالبلاد طيلة العشرية الماضية، التي أفسحت المجال لمشاركة حركة النهضة في الحكم.

ثم قامت تلك الأبواق بتوجيه الإهانة إلى الشعب التونسي بأكمله، بقولها إن ضعف المشاركة يعود إلى غياب المال السياسي والرشى التي كان يوزعها بعض السياسيين على الشعب لحثهم على المشاركة، وهو الاتهام الذي يعني أن غالبية من صوتوا في كل العمليات الانتخابية السابقة -وهم يمثلون نصف الشعب التونسي- كانوا مجرد مأجورين.

ولك مثلا أن تتخيل أننا لو صدّقنا بحسن نية أو حتى بسذاجة هذا الزعم، فهل يجعلنا ذلك نقول بأن 90% ممن شاركوا في انتخابات 2014 البرلمانية “التي كانت 69%” كانوا من المأجورين.

كما راحت بعض الأصوات تردد أن حماسة الناس للعمل السياسي قلت تدريجيا عما كان عليه الأمر بعد الثورة، مع أن الواقع العملي يكذّب ذلك الادعاء أيضا، فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية في ظل المناخ الثوري عام 2011 نحو 54%، وبعد ذلك بثلاث سنوات عام 2014 قفزت إلى 69%، وحتى إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جاءت بقايد السبسي المحسوب على نظام بن علي تجاوزت 64%.

والواقع أن التونسيين لم يعرفوا نسبة المشاركة الضئيلة إلا في تلك الانتخابات التي يدعو إليها قيس سعيّد، سواء البرلمانية محل الحديث، أو في استفتائه الدستوري الذي لم يشارك فيه إلا 27% من الناخبين، مما يعني أنه دستور لا يمثل كل الشعب، وهو ما تقوله المعارضة.

تبادل الأدوار

الغريب في أمر المشهد التونسي أن مفهوم المعارضة يشوبه الكثير من الالتباس، فالمعارضة التونسية الآن هي في الواقع القوى الشعبية المنتخبة التي تم إقصاؤها من البرلمان ومن الحكومة بقرارات غير دستورية للرئيس قيس سعيّد، ليحل محلها قوى أخرى غير منتخبة شعبيا، وتصير الممثلة للحكومة وللدولة، وهو الوضع الذي تتوافر فيه كل صفات الانقلاب.

وبدلا من أن ينصاع الرئيس للدستور الذي وقف حائلا دون تنفيذه مساره “غير المفهوم” و”غير المهم”، راح الرجل يغيّر الدستور بما يوافق هواه، فقاطعه الشعب وصوّت عليه ربع من يحق لهم التصويت فقط.

وبدلا من أن يهتم بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد كما وعد، وصلت الأحوال في عهده إلى حالة مزرية، ووجدناه يتفرغ بشكل شبه كامل لإدارة المعارك مع الجميع.

فتارة يخوض معركة من أجل رغبته في تنصيب هشام المشيشي المحسوب على نظام بن على رئيسا للوزراء، ولما استقر له الأمر ونجح في تعيينه وجدناه يعود ليخوض معركة أخرى من أجل إقالته بالمخالفة للدستور.

وتارة أخرى يهاجم الاستعمار الفرنسي لبلاده، ولما استقر له الأمر وجدناه يشيد به ويعتبره تحالفا بين بلاده وفرنسا.

بخلاف معاركه الأساسية مع حركة النهضة والبرلمان والقضاء واتحاد الشغل والحركات الثورية ومع الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي وغيرهم.

وجدناه في كل شيء يفعل الشيء ونقيضه، ولو تحقق له ما يريده اليوم لربما وجدناه غدا يخوض معركة من أجل الخلاص منه.

لا أحد يعرف ماذا يريد قيس سعيّد، ولو كان قيس سعيّد نفسه!

لتخطي الحجب | https://ajm.me/0ifzbm
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/33ta5i

زهير كمال يكتب: الحرب في أوكرانيا .... دروس وعبر

تاريخياً، وإلى حد ما، تشبه العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، العلاقة بين العراق وسوريا، فالعراقيون والسوريون شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة، كذلك الروس والأوكرانيون، هما شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة.

ومثلما كانت دمشق عاصمة للدولة الإسلامية، كانت كييف عاصمة للدولة الروسية، بعدها أصبحت بغداد هي العاصمة، كذلك أصبحت موسكو.

الخارطة المرفقة تبين توسيع مساحة أوكرانيا عبر العصور، ولعل أهم توسيع كان بعد انتصار الثورة البلشفية ولغايات تنظيم الإتحاد السوفييتي الجديد، وكما نلاحظ أن بعض المناطق المضافة مثل لوغانسك ودونيتسك يقطنها مواطنون روس ( تم ضمها مؤخراً لروسيا أو من وجهة النظر الروسية إرجاعها الى أرض الوطن)، تم توسيع أوكرانيا ثانية، في اتجاه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، هذا التوسع تم على حساب أراضي بولندا. وفي عام 1954  ضمت شبه جزيرة القرم إليها. (استعادتها روسيا قبل 8 سنوات).

في مقاييس الثوار البلاشفة ضم مناطق تعتبر صغيرة إلى أوكرانيا يعتبر أمراً طبيعياً فمساحة أراضي الاتحاد السوفييتي البالغة 8.65 مليون ميل مربع هو رقم ضخم فعلاً. بطبيعة الحال لم يفكر هؤلاء القادة عندما نظموا دولتهم أنه من الممكن انهيارها بعد 73 عاماً.

لاستكمال هذه المقدمة الضرورية ولفهم طبيعة الصراع الحالي، لابد من الإشارة الى القادة الذين تولوا زمام الأمور في الاتحاد السوفييتي السابق، فبعد لينين مباشرة تولى السلطة مواطن من جمهورية جورجيا هو جوزيف ستالين ثم تبعه مواطن أوكراني هو نيكيتا خروتشوف الذي تولى السلطة عام 1953 وحتى عام 1964.

كانت حصة أوكرانيا وما حولها في قيادة الاتحاد السوفييتي هي حصة الأسد، وبعد خروتشوف تولى مواطن أوكراني السلطة هو ليونيد بريجينيف وكان آخر من تولى السلطة ميخائيل جورباتشوف ويمكن اعتباره مواطن أوكراني كذلك، فقد ولد في إحدى القرى القريبة منها. وإذا علمنا أن مجمل هذه القيادات هو ثمانية زعماء منذ لينين وحتى الانهيار، ربما تبين لماذا يشعر الكثير من الروس بخيبة الأمل والإحباط من أشقائهم الأوكران.

ما سبق نبذة قصيرة توضح بعض حقائق التاريخ والجغرافيا في العلاقة بين الشعبين.

عام 1962 كان العالم على مشارف حرب نووية، فقد اكتشف الأمريكان أن الاتحاد السوفييتي بقيادة خروتشوف الأوكراني وضع صواريخ نووية في كوبا التي تبعد 90 ميلاً عن شواطئ الولايات المتحدة، فكان موقف الرئيس الأمريكي جون كنيدي حازماً في رفض هذا الوضع المخل بتوازن الردع بين القوتين العظميين. توازن الردع يعني أن يكون لدى أي طرف الوقت الكافي للرد النووي في حال تفكير الطرف المقابل إطلاق صواريخه لتدميره .

تم سحب الصواريخ السوفياتية، وفي نفس الوقت لم تتدخل الولايات المتحدة في كوبا منذ ستين عاماً.

كان رفض أوكرانيا بقيادة فولودومير زيلنسكي الطلب الروسي بإبقاء أوكرانيا على الحياد وعدم التفكير بالانضمام الى الناتو، وما يتبع ذلك الانضمام من إمكانية نشر صواريخ نووية أمريكية في أراضيها، هو السبب الأساسي المباشر في الحرب الحالية.

وزيلنسكي هو أحد رجلين، إما أنه جاهل على درجة كبيرة من الغباء لا يعرف حقائق التاريخ والجغرافية وأهمها أن أوكرانيا جار محاذ لدولة نووية كبيرة وعليه أن يأخذ في اعتباره مصالحها، ويشبه ذلك وضع المكسيك أو كندا تجاه الولايات المتحدة، وإما أن ولاءه المزدوج أعماه ومنعه من اتخاذ قرار لصالح وطنه الأم، فجنسيته الإسرائيلية هو وعدد من كبار المسؤولين الأوكران تجعل ولاءهم الخالص لوطنهم محل تساؤل ومشكوك فيه، وهذا ما تظهره الأحداث، فأوكرانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي تسمح قوانينه بمثل هذه الازدواجية على قمة هرم السلطة.

وسيذكر التاريخ أن زيلنسكي ورفاقه كانوا السبب المباشر في تدمير بلدهم وتشريد سكانه، وربما سيكون السبب أيضاً في اندلاع الحرب العالمية الثالثة.

بدأت الحرب في 24 فبراير 2022 بوصول الجيش الروسي الى مشارف كييف والجنوب الأوكراني في  جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك، وفجأة تم سحب القوات من جبهة كييف وتم التركيز على الجنوب، وكانت هذه غلطة العمر بالنسبة لفلاديمير بوتين والقيادة الروسية.

ويخطر على البال سؤال استراتيجي عما يريده بوتين من هذه الحرب، وعندما أقول بوتين وذلك لأن القيادة الروسية مركزية الى حد كبير، فمعظم القيادات السياسية والعسكرية ما زالت في مراكزها منذ فترة طويلة، على سبيل المثال، وزير الدفاع سيرجي شويجو، عينه بوتين في هذا المنصب عام 2012، ولا يزال يشغل هذا المنصب، فما الذي يفعله مهندس معماري في وقت الحرب؟ في الأزمات الكبرى لا يصلح وجود رجال من نوع yes man  في المراكز العليا للدولة. لكن السؤال الأساسي : ماذا يريد صاحب القرار في روسيا من هذه الحرب؟ هل يريد تحييد أوكرانيا وإبعاد شبح التهديد النووي عن بلاده؟ أم استرجاع مناطق الجنوب في حوض الدونباس؟  لان هذا ما حدث فعلاً.

في الخيار الأول: كان المفترض احتلال كييف والقبض على القيادات السياسية والعسكرية الأوكرانية، وفائدة هذا الخيار لو كان حدث أنه سيقصر مدة هذه الحرب المستمرة حتى الآن بدون حسم.

ضرب بوتين بعرض الحائط بأهم قانون وضعه سون تزو في كتابه الشهير فن الحرب:

(ليكن الهم الأول في الحرب هو تحقيق النصر، لا إطالة أمد الحملات العسكرية، إذ لا توجد سابقة تاريخية تذكر أن بلداً ما قد استفاد من دخوله حروباً طويلة).

كانت تصريحات بوتين متناقضة، فهو يلوم قادة الاتحاد السوفييتي على تسليم المناطق الجنوبية إلى أوكرانيا وفي نفس الوقت كان يعتبر الشعب الأوكراني شعباً شقيقاً لا يرغب في تعريضه للمعاناة.

لو تم احتلال كييف في بداية الحرب، لانتهت الحرب بسرعة، فغالبية الشعب الأوكراني ستعتبر أن هذه حرب بين القيادات لا تعنيهم في شيء .

ولكن ما حدث أن تغيير اتجاه سير المعارك عمل على تدمير العلاقة الحميمة المتناهية في القدم بين الشعبين، وقد لاحظنا أن القوى الغربية عملت على تسريع هذا العمل بعد أن فتحت حدود دول الناتو التي تقع غرب أوكرانيا.

وفي العادة، يصل كره أي حكومة الى حد مقاومة لجوء مواطنين من دول أخرى إلى درجة استعمال العنف، ونحن نرى ذلك كل يوم على مستوى العالم، بين المكسيك والولايات المتحدة، وفي قوارب اللجوء إلى أوروبا عبر البحر وغير ذلك.

ولكننا لاحظنا ترحيباً غير مسبوق باللاجئين الأوكران من قبل دول الناتو إليها، وإذا كان للفنادق تصنيف حسب فخامتها، فان هذا اللجوء يعتبر خمسة نجوم، من الترحيب على الحدود الى مجانية المواصلات الى تأمين سكن وغير ذلك مما لانعرفه. استثنت هذه المعاملة المقيمين الأجانب في أوكرانيا ، كأن الحرب تفرق بين المواطن والمقيم.

والتفسير المعقول لما حدث أن الأوامر صدرت لهذه الدول بتشجيع الأوكران على مغادرة بلادهم وذلك بغرض فصم العلاقة بين الشعبين الشقيقين، فكانت النتيجة لجوء 10 الى 12 مليون أوكراني الى الدول المجاورة، واللجوء مهما كان ميسراً ، إلا أنه يترك مرارة وأسى لا ينسى في نفس اللاجئ.

وقد أثبت تغيّر اتجاه المعارك أن بوتين لا يتمتع بوضوح الرؤيا، فقد كان عليه قبول حقائق العصر واعتبار أوكرانيا مثل كازاخستان، ففيها يعيش 30% من الروس ولكن لا يخطر على باله ضم المناطق التي يعيش فيها الروس الى الاتحاد الروسي. وسيذكر التاريخ أن بوتين هو الذي دق إسفيناً في العلاقة بين شعبين شقيقين وأنهى العلاقة الحميمة بينهما ووضع أسس استقلال أوكرانيا النهائي، ربما ستكون أوكرانيا بحدود مختلفة، لكن ما جرى هو عكس اتجاه المستقبل.

الرابح والخاسر في الحرب الحالية:

كانت الضحية الكبرى في الحرب هي الشعب الأوكراني الذي تجري المعارك على أراضيه، يلي ذلك الشعب الروسي الذي تستنزف موارده بشكل يومي، ثم باقي شعوب العالم في ارتفاع أسعار المواد الأولية وارتفاع نسبة التضخم بشكل حاد في كثير من الدول، ثم دافع الضرائب الأمريكي الذي يموّل حرباً فرضتها الدولة العميقة في الولايات المتحدة الممثلة في الشركات الرأسمالية الكبرى وخاصة في صناعة الأسلحة التي هي الرابح الوحيد من هذه الحرب.

آفاق الحرب ومآلاتها: خطورة هذه الحرب هي إمكانية تحولها إلى حرب نووية، والخوف من وقوع حرب كهذه عام 1962 منع الزعامات العاقلة في أمريكا والاتحاد السوفييتي من التصعيد فقاموا بعمل تنازلات تعتبر مؤلمة في ذلك الوقت. ولكن هذه المرة لا يبدو أن الطرفين مستعدان لعمل تسوية مناسبة لوقف التصعيد، صحيح أن كل طرف يعرف الحدود التي يتوقف عندها مثل تصريح بوتين بأن لا يكون البادئ باستعمال الأسلحة النووية، والتزام بايدن بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية، ولكن ماذا لو طورت القيادة الأوكرانية الصواريخ الموجودة لديها وهاجمت موسكو وسانت بطرسبيرج؟ وماذا لو هاجمت الصواريخ الروسية وقتلت طواقم الباتريوت الأمريكية المزمع انشاؤها؟

سياسة القيادة الأمريكية منذ بدء الحرب هو مثل السير على حافة الهاوية بغرض استنزاف روسيا، ولا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك. وربما كانت تصريحات الثعلب العجوز هنري كيسنجر في بدايات الحرب عن التنازل لروسيا عن أراضي الدونباس هي الحل الوحيد الذي ينهي الحرب، فالروس لن يقبلوا بأقل من ذلك مهما طالت الحرب.

18 ديسمبر 2022

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: الفائزون الأربعة في مونديال قطر 2022


انتهى المونديال وأسدل الستار على مبارياته، وأغلقت ملاعب قطر الكبرى أبوابها وأطفأت أنوارها، وخسرت فرنسا كأسها وتسلمته الأرجنتين وفريقها، ورحل المشجعون وغادر الرياضيون بغير الوجه الذي دخلوا فيه، فبعضهم غادرها سعيداً مبتهجاً وقد فاز فريقه، وبعضهم تركها حزيناً مبتئساً وقد خاب فريقه، لكنهم جميعاً غادروها وهم يشعرون بالنشوة والفرح والبهجة والسعادة، وقد خلفوا وراءهم في دوحة قطر قصصاً وحكاياتٍ، واحتفظوا برواياتٍ وذكرياتٍ، وسجلت عيونهم وعدسات هواتفهم مشاهد لن ينسوها، وصوراً لم يعهدوها، فقد هالتهم قطر ودوحتها، وفاجأتهم دولتها وحكومتها، ولفت أنظارهم ترتيبها وتنظيمها، ونظافة شوارعها وتنسيق مبانيها، ودماثة خلق أهلها وبشاشة وجه سكانها، وسرهم رحابة صدرهم والابتسامة على وجوههم، واستجلب استحسانهم جودهم وسخاؤهم، وكريم استقبالهم وحسن وفادتهم.

إلا أن الحديث عن مونديال قطر لن يتوقف بانتهاء المونديال، ولن تنتهي فصوله بخلو شوارعها من المشجعين وإغلاق ملاعبها أمام الرياضيين، بل سيبقى مونديال قطر 2022 الذي ملأ الدنيا صخباً وضجيجاً، وأشغل العالم متابعةً واهتماماً، علامةً فارقةً في تاريخ كرة القدم ومسيرة كأس العالم، وحديث العامة والخاصة، ومحل إعجاب المنظمين وإشادة المراقبين، وسيفرض نفسه على مدى العقود القادمة والدورات التالية، مثالاً يحتذى ونموذجاً للمقارنة، وسيتعب من بعدهم، وسيرهق من سيحاول أن يقلدهم أو أن ينظم مثلهم.

فقد أثبتت قطر أنها على قدر التحدي وأنها تستحق الاستضافة بجدارةٍ، وأن دوحتها الأصيلة لا تقل قدرةً وكفاءةً عن العواصم الكبرى التي سبق لها استضافة المونديال، بل بزتها وتجاوزتها، وتفوقت عليها وسبقتها، وتركت بصماتها المميزة وعلاماتها الفارقة، التي يصعب على الزمان مهما طال أن يشطبها أو يبهتها.

تلك كانت قطر، أول الفائزين الأربعة وأكثرهم سعادةً بالفوز وابتهاجاً بالنجاح، فقد تحدت العالم كله، ووقفت في وجه المتشككين، وأثبتت أنها تستطيع أن تقوم بأكثر مما قام به السابقون، وفضلاً عن النجاح الباهر الذي شهد به المحبون والشانئون، والمؤيدون والمنافسون، فقد نجحت في فرض الهوية العربية والثقافة الإسلامية على مونديالها، وأظهرت وجه العرب الأصيل وحضارة الإسلام العظيم، وسلطت الضوء على العادات العربية المميزة والمفاهيم الإسلامية المتنورة.
رفع العرب رؤوسهم عاليةً بقطر العروبة، واختال المسلمون فرحاً بالحضارة الإسلامية، وازدانوا أمام الضيوف والوافدين بدينهم وثقافتهم، وبلغتهم وهويتهم، واستعرضوا أمامهم أزياءهم وطعامهم، واختالوا بنظافتهم وباهوا بتنظيمهم، حتى غدا فوز قطر فوزاً عربياً إسلامياً نفخر به ونعتز.
أما الفيفا فقد كانت الفائز الثاني في مونديال قطر 2022، ولها ينسب الفضل في جوانب كثيرة تميز فيها المونديال وأبدع، فقد نجحت بالتعاون مع القطريين في تنظيم أول مونديالٍ في المنطقة العربية، وأثبتت أنها كانت على حق عندما صادقت على عقد المونديال في قطر، رغم حملات التشكيك والاتهامات التي تعرض لها مسؤولوها، إلا أن النتائج المبهرة التي رأوها، والتنظيم المهول الذي شهدوه، أثلج صدورهم وأسعدهم، وعوضهم عن مراحل القلق وشبهات الانحياز والاتهام.
أما الأرجنتين التي استعادت كأس العالم بعد ست وثلاثين سنة من آخر فوزٍ حققته عام 1986، فقد كانت ثالثة الفائزين وأول الكاسبين، وأكثر الفرق الرياضية فرحاً باستعادة اللقب وتحقيق النصر الذي عملوا كثيراً على تحقيقه، وتدربوا طويلاً على استحقاقه، وحق لهم أن يفوزوا ويفرحوا، وأن يحتفلوا ويخرجوا، فقد لعبوا بجدارةٍ، وقدموا صوراً في المباراة رائعة، وانتزعوا نصراً سريعاً وأظهروا تفوقاً لافتاً، وسجلوا في شباك الخصم أهدافاً مبكرة، وعندما هاجمهم الفريق الفرنسي وعدل النتيجة معهم، صمد اللاعبون الأرجنتينيون وقاوموا، وأصروا على الفوز ولو في الأشواط الإضافية أو الضربات الترجيحية، فتحقق لهم ما أرادوا، فاستحقوا الفوز والفرح والكأس.
أما الفائز الرابع الأكبر والمنتصر الأول فقد كانت فلسطين وقضيتها، وشعبها وأهلها، والمؤمنون بها والمؤيدون لها، والموالون لها والعاملون معها، فقد تميزت فلسطين في المونديال وسطعت في سماء الدنيا شمسها، وسما في ليالي الدوحة نجمها، ورفرف علمها، وانتشرت في شوارع الدوحة صور أبطالها ورموز مقاومتها، وعجز المناؤون لها والمعادون لشعبها في إسكات الصوت العربي الهادر، والتضامن الإسلامي الصادق، والتأييد الدولي اللافت.
ولعل ما حققته القضية الفلسطينية في ميادين الدوحة وملاعب المونديال يرقى إلى مصاف المقاومة ومدارج النضال، وهو ما أغاض العدو وأحزن حلفاءه، إذ ساءهم ما شاهدوا، وأغضبهم ما رأوا في شوارع الدوحة وملاعبها، والأعلام التي رفعت والكلمات التي صدحت، والمواقف التي عبر عنها اللاعبون والمشجعون، والمنظمون والمستضيفون.
ربما الفائزون في مونديال قطر 2022 أكثر مما ذكرت، وأشمل بكثيرٍ مما استعرضت، لكن الأربعة الذين سبقوا كانوا هم المتربعين على كأس العالم، وكانت القضية الفلسطينية شريك الفائزين والقاسم المشترك في يوميات المونديال، فهي الفائز الأول الذي صبغ المونديال بهويتها، وفرض مظلوميتها، ورفع مقام المؤمنين بها، وأخزى وجوه المعادين لها والظالمين لأهلها.
بيروت في 19/12/2022

29 نوفمبر 2022

سيد أمين يكتب: العروبة.. فازت بكأس العالم

 

بدون مبالغة، يمكننا القول إن الفائز الحقيقي من مونديال كأس العالم لكرة القدم في دورته القطرية، هو الهوية العربية بجذورها الإسلامية، وإن قطر، وهي دولة صغيرة المساحة عظيمة التأثير استطاعت أن تحفر بمفردها في وجدان من يتسيدون هذا العالم، حقيقة أن هناك أمة تضرب جذورها في عمق التاريخ، تسكن حيزا جغرافيا يمتد عبر قارتين، لها هى أيضا مساهمات كبيرة في ميراث حضارة هذا الكوكب.

الأداء القطري في تنظيم هذا المونديال العالمي الفريد الذي يقام لأول مرة في تاريخه في دولة عربية أو مسلمة، جعل العالم الحر لا ينبهر فقط بأداء الفرق والمنتخبات وما قدمته من مفاجآت غير متوقعة، ولكن ينبهر أيضا بمعرفة قيم حضارية مختلفة ولكنها أكثر سموا ورقيا.

ولأول مرة أيضا صارت نشرات الأخبار العالمية لا يقترن فيها اسم “العربي” بالأوبئة والفساد والاستبداد والحماقات والحروب والانقلابات والمؤامرات والجرائم، لكن برسائل الإبداع والتألق والتعايش المشترك المبني على الاعتزاز بالهوية.

كان يمكن لقطر أن تنحني أمام عاصفة الانتقادات التي سرت في “الميديا” الغربية وتقبل بوجود مظاهر الفجور والشذوذ التي صارت تصاحب دورات كاس العالم، وكان لديها من المبررات ما يكفي ويفيض، وهي المبررات التي كان سيتذرع بها آخرون لو أقاموا هم هذا الحدث العظيم، لكن خيرا فعلت حينما تمسكت بحضور هويتها العربية والمسلمة، فاحترمها المنصفون الغربيون، وزادت هيبتها ومكانتها في قلوب الشرقيين.

اللغة العربية

أنا لم أتشرف بالذهاب لقطر أبدًا لكن ما عرفته عنها حتى قبل كأس العالم، أنها تعتز باللغة العربية اعتزازا واضحا حتى أن معظم اللافتات في الشوارع، وكما تظهر عبر المشاهد التي تبثها الشاشات حول المونديال أغلبها مكتوبة باللغة العربية بجانبا لغات أخرى أحيانا.

هي ملحوظة من جملة ملاحظات قد تبدو بسيطة لدى البعض، لكنها في الواقع شديدة الأهمية لكون “الهوية” وفي القلب منها “اللغة والدين والعادات والتقاليد” هي محور الاشتباك والتفاهم بين الأمم على مر التاريخ.

هذا يحدث بينما نحو 8 مليارات شخص حول العالم يلتفتون الآن نحو هذا البلد، وعشرات أو ربما مئات الألاف من الوافدين الأجانب يزورونها هذه الأسابيع لحضور المهرجان، وكان يمكنها أن تتذرع بما تتذرع به غيرها بأنهم يسحقون هويتهم ولغتهم من شوارعهم من أجل تشجيع السياحة أو حتى مواكبة “المدنية والنهضة العلمية”، ثم كانت النتيجة أنه لا جاء السائحون ولا جاءت المدنية، ولكن أصبح الناس غرباء يعيشون بهويات مستعارة.

ومن أجمل ما عرفت هو أن اللغة العربية في قطر بخلاف أنه منصوص عليها في الدستور كلغة للبلاد إلا أن هناك أيضا العديد من القوانين التي تشدد على احترامها منها مثلا القانون: رقم 7 لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية ودعمها في كافة الأنشطة والفعاليات والوزارات والجهات والمؤتمرات، مع معاقبة المخالفين، وفرض تدريسها في كافة المؤسسات التعليمية بالدولة.

وتلاه إطلاق “معجم الدوحة التاريخي للغة العربية”، وهو مشروع فريد عملاق معني بإنشاء معجم تاريخي يؤصل للغة العربية عبر آلاف السنين وحفظ مدلولات وتطور ألفاظها عبر التاريخ ، وكذلك مبادرة “TED بالعربي”، وهي منصة عالمية تستقطب المفكرين والباحثين والفنانين وصناع التغيير من الناطقين باللغة العربية في العالم.

من فات قديمه تاه

في القرنين الأخيرين من الزمان كان التدفق الحضاري يأتي دائما من الشمال للجنوب ومن الغرب للشرق، لكن من اللحظات الفريدة التي تحققت في هذا المونديال أن هذا التدفق عاد لطبيعته ليكون من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب ولو لأسابيع معدودة.

فقد كان من الممكن لقطر أن تتهرب أيضا من انتساب ثقافتها للخيمة، كما يردد الحاسدون والماكرون، ولكن حكمتها البليغة التي أذهلت منتقديها جاءت عبر تحفة معمارية لـ”استاد” على شكل خيمة، وكأنها تقول للعالم إن تلك الخيمة العربية هى إحدى مفردات التراث العربي الذي نعتز به، سكن أسلافنا فيها ومنها انبعثت النهضة لقصورالعالم أجمع بالاسلام وبالرسالة التي بشر بها راعي الغنم، في وقت كان فيه يسكن أسلاف هؤلاء الناقمين الغابات وفجوات الجبال.

كان الناقمون يتوقعون أن يجدوا القطريين وأشقائهم العرب يرتدون ملابس العراة ويحملون شارات الرينبو، ويدوسون في تلك اللحظة كل القيم الحضارية التي انبعثت من شبه الجزيرة العربية للعالم، لكن ما حدث في كثير من التفاصيل التي رافقت الحدث العالمي كانت العكس تماما.

عموما، هى أيام وينتهي المونديال وقد لا يقام ثانية في بلد عربي أو إسلامي، لكن الرسالة الثقافية التي حملتها الإجراءات المصاحبة له في هذه المرة ستمكث طويلا في وجدان الملايين من عشاق كرة القدم، وستغير بشكل جذري الصورة الذهنية عن هذه البقعة من العالم، الثقافة والتراث والدين وحتى كرة القدم.

العروبة انتصرت في مونديال قطر.

.................

اقرأ المقال هنا على لتخطي الحجب الجزيرة مباشر

الموقع بدون تخطي الحجب 

15 نوفمبر 2022

مصر والولايات المتحدة..مائة عام من الغدر والتهديد والعدوان والتبعية

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

فى لقائهما الاخير بشرم الشيخ على هامش مؤتمر المناخ، تبادل الرئيسان المصرى والامريكى، عبارات الاشادة والتحية والتقدير، فقام بايدن بتوجيه الشكر والتقدير للسيسى على ما يقوم به من وساطة بين (اسرائيل) وغزة ووصفه بالحليف القوى والشريك المركزى فى مكافحة الارهاب، بينما تحدث السيسى عن اربعين عاما من العلاقات الاستراتيجية القوية التى لم تتغير على امتداد اربعين عاما، امتلكت فيها الدولتان ذات التوجه. وفى اليوم التالى خرجت لنا جريدة الاهرام المصرية بمانشيت عريض يتحدث عن ((مائة عام من العلاقات الاستراتيجية)).

***

واذا كان هذا هو الموقف المصرى الرسمى من الولايات المتحدة، فان للشعب المصرى رأيا وموقفا مختلفا ومناقضا تماما من الامريكان، فتاريخنا معهم على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان ليس سوى سلسلة طويلة من الغدر والتهديد والعدوان والتبعية:

· كانت طعنة الغدر الاولى التى تلقتها مصر من الولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الأولى حين رفضت مطالبنا بالاستقلال وأيدت استمرار الحماية البريطانية على مصر، رغم المبادئ الاربعة عشر الشهيرة التى اصدرها الرئيس الامريكى ويلسون والتى نصت على حق الشعوب فى تقرير مصيرها.

· وهو ذات النهج الذى سارت عليه بعد الحرب العالمية الثانية ضد استقلالنا فى مصر والعالم العربى وكل بلدان العالم الثالث؛

·  ففى بلادنا كانت امريكا هى التى استكملت تنفيذ العملية "القيصرية الاجرامية" لزراعة وتأسيس وحماية دولة (اسرائيل).

· فكانت أول دولة تعترف بها وتوافق على قبولها عضوا بالامم المتحدة.

·كما رفضت تسليح مصر بعد الاعتداء الصهيونى علينا فى غزة ١٩٥٥ واستشهاد عشرات من جنودنا وضباطنا.

· فى الوقت الذى تقوم فيه وعلى امتداد 74 عاما بتقديم كل اشكال الدعم والتسليح والتمويل لاسرائيل لضمان تفوقها العسكرى على الدول العربية مجتمعة، وتمكينها من شن عشرات الحروب والاعتداءات لاحتلال الاراضى العربية.

  وقامت بحظر امتلاك السلاح النووى على كل دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل).

· وامريكا هى التى حرضت البنك الدولى لرفض تمويل السد العالى الا بشرط الاعتراف المصرى باسرائيل.

·وقامت بحصارنا ووضعتنا على قوائمها السوداء حين رفضنا الاعتراف وناهضنا أحلافها العسكرية.

·وحين قامت الوحدة المصرية السورية عام 1958، تآمرت وخططت للانفصال عام ١٩٦١.

· وهى التى خططت وحرضت وسلحت (اسرائيل) لاحتلال سيناء والجولان وباقى فلسطين فى 1967، بهدف كسر واخضاع مصر وسوريا وكل الامة.

·  وهى التى رفضت بعد العدوان صدور أى قرار من مجلس الامن يقضى بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضى التى احتلتها بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة.

·  ثم تدخلت فى حرب ١٩٧٣ لانقاذ (اسرائيل) من هزيمة محققة وامدتها بجسر جوى من السلاح والعتاد وخططت معها لثغرة الدفرسوار، التى غيرت مسار الحرب ونتائجها.

·   ثم قامت بسرقة ما حققناه من نصر، بالضغط والتهديد لدفع السادات فى مفاوضات فض الاشتباك الاول 18/1/1974الى سحب الغالبية العظمى من قواتنا التى عبرت واعادتها مرة اخرى الى غرب القناة مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الثغرة.

·  ثم أكرهته أو استقطبته للتوقيع على معاهدة سلام بالاكراه مع (اسرائيل) فى 1979 تنحاز لأمن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى من خلال فرض حزمة من القيود على وجود وتسليح قواتنا فى سيناء.

·  ثم جلبت قواتها الى سيناء لمراقبة قواتنا هناك بدلا من قوات الامم المتحدة، منذ عام 1981 حتى اليوم.

·  وهى التى ارسلت للدولة المصرية تهديدا صريحا ومكتوبا، يوم ٢٥ مارس ١٩٧٩ قبل توقيع المعاهدة بيوم واحد، تهددنا فيه بضربنا عسكريا اذا انتهكنا اتفاقية السلام فيما عرف "بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية".

·وهى امريكا التى ادارت مع حلفائها منذ ١٩٧٤ عملية تفكيك مصر التى انتصرت فى حرب ١٩٧٣ صامولة صامولة ومسمارا ومسمارا، وبناء مصر اخرى تابعة، على مقاس مصالح امريكا وامن (اسرائيل)، وهو ما كتبت عنه بالتفصيل تحت عنوان "الكتالوج الامريكى لحكم مصر".

· وهى التى تقود النظام الراسمالي العالمى بشركاته عابرة القومية التى اخترقت اسواقنا ودمرت صناعتنا الوطنية واغلقت مصانعنا ونهبت ثرواتنا.

· وتدير مؤسسات الاقراض الدولى التى افقدتنا استقلالنا وفككت اقتصادنا الوطنى وسيطرت عليه والحقتنا بأسواق المستهلكين وأفقرت شعوبنا ودمرت عملتنا، واغرقتنا فى مليارات الدولارات من القروض والديون.

· وهى التى قامت من خلال اموال المعونة الامريكية الاقتصادية ومشروعتها منذ السبعينات التى بدأت بـ 815 مليون دولار سنويا، بتاسيس وصناعة طبقة تابعة من رجال الاعمال المصريين، اصبحت اليوم بمثابة طابور خامس ومخلب قط وراس حربة لرؤوس الاموال العالمية، تقدم لهم التسهيلات والتشهيلات، وتشاركهم نهب اموالنا ومواردنا وتصفية صناعاتنا الوطنية، من خلال آلاف التوكيلات للشركات والمنتجات الأجنبية.

· وامريكا هى التى وضعت أسس النظام السياسى لحكم "مصر كامب ديفيد" وحددت مواصفات الحكام، وعلى رأسها الالتزام بالسلام مع (اسرائيل) وبالحفاظ على امنها، وهو ما عبر عنه الدكتور/ مصطفى الفقى عام 2009/2010 بقوله ان اى رئيس مصرى يجب ان توافق عليه الولايات المتحدة وتقبله (اسرائيل).

·  وهى التى اسست الكتائب الاستخبارية الاجنبية وجندت مثيلتها المحلية لضرب وتفكيك اى مقومات فكرية وعقائدية تناهض التبعية وتتمسك بالتحرر والمقاومة والاستقلال، لا فرق لديها بين تيار وطنى أو قومى أو اسلامى أو اشتراكى.

· وعلى المستوى العربى والاقليمى قامت بحصار العراق لعشر سنوات قبل ان تقوم بغزوه وتدميره وانهاء وجوده كدولة عربية مستقلة وقوية ووطنية.

·وبذرت قواعدها وقواتها العسكرية حولنا فى امارات وممالك الخليج التى تحولت الى محميات أمريكية.

· ونجحت فى تنفيذ مخطط تقسيم السودان بعد تهميش دور مصر وضرب مصالحها هناك، فى اطار مشروع أكبر لتفتيت باقى الدول العربية.

· وهى التى اعادت رسم خرائط المنطقة وترتيباتها الامنية، لتقزيم دور مصر ومكانتها ولتصبح (اسرائيل) هى الدولة الاقليمية العظمى التى يدور فى فلكها عديد من الدول العربية عبر ما يسمى بصفقة القرن واتفاقات ابراهام المزعومة وتأسيس ناتو عربى/اسرائيلى تحت القيادة الامريكية.

·ولتطلق يدها لابتلاع ما تبقى من فلسطين وتهبها الجولان وتحمى وتبارك اقتحامات المسجد الاقصى ومشروعات تقسيمه وتهويده وجرائم القتل والابادة اليومية للفلسطينيين، مع تجريم اى مقاومة فلسطينية ووصمها بالارهاب.

·  وحين أرادت الشعوب العربية التحرر من أغلالها واسقاط هذا النظام العربى الرسمى التابع والعاجز والمهزوم، كانت الولايات المتحدة على رأس القوى التى اجهضت الثورات العربية بالاختراق والافساد والاحتواء والعسكرة.

·  وهى التى تدعى كذبا دعمها لحقوق الانسان، بينما تقوم بحماية كل انظمة الحكم المستبدة، طالما انخرطت فى حظيرتها وخدمت مصالحها وقامت بالتطبيع والتحالف مع (اسرائيل).

***

لكل ذلك وغيره الكثير، نؤكد على اننا لسنا حلفاء للامريكان ولا شركاء لهم وليس بيننا وبينهم ذات التوجه لا من قريب او بعيد، فتاريخنا معهم هو تاريخ طويل ومرير من الغدر والنهب والعدوان التهديد والاكراه والتبعية، بل أن غايتنا الرئيسية هى الانعتاق منهم والاستقلال عنهم وتحرير الأمة من وجودهم وهيمنتهم ونفوذهم وانقاذها من مخططاتهم، وهى حقائق تاريخية وثوابت وطنية لا تقبل التبديل او المقايضة من أجل نفحة رضا امريكية هنا او هناك.

*****

القاهرة فى 14 نوفمبر 2022