30 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: ليت اسرائيل تعي الدرس

لو كنت مكان قادة اسرائيل لاستخلصت العبر الكافية من مواقف الجماهير العربية تجاههم وتجاه إعلامييهم في مونديال قطر، ولشرعت على الفور بالهرولة -بأقصى سرعة- نحو حل سياسي سلمي يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة عام 1967، والتوقف عن ممارسات استعداء الشعب العربي التي تجريها عبر صناعة ودعم ديكتاتورياته، وزرع الفتن والمؤامرات بينه.

فبحسابات المكاسب الآنية ستكون اسرائيل بذلك قد سكبت الماء على النار المتقدة في صدور مئات الملايين العرب وملياري مسلم تجاهها، بدلا من السكب المستمر للبنزين عليها الذي عملت عليه منذ نشأة كيانها عبر الاغتيالات، والهجمات الجوية الوحشية على بيوت الآمنين في المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، مخلفة قوافل شهداء تعج بهم مدن غزة والضفة الغربية يوميا، وبيوت مهدمة، وأمهات ثكالى، وحصار خانق..

فضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها يمكن للجميع الحديث عن القواسم المشتركة بين العرب والعبرانيين، والمسلمين واليهود في التاريخ، بلا خجل ولا تخوين.

خاصة أن اليهود لم يكونوا هم الأعداء الأصليين للمسلمين في أي حقبة من حقب التاريخ سوى بعد إنشاء هذا الكيان، بل إنهم حينما تعرضوا للمظلومية في الأندلس وحتى في روسيا القيصرية وأوربا والعديد من بقاع العالم مثلهم مثل المسلمين، كان العالم الاسلامي هو الملاذ الآمن لهم، وكان المسلمون هم المدافعون عنهم.

ناهيك عن أننا حينئذ سيحلو لنا الكلام عن التشابه الكبير في الحدود والفقه بين اليهودية والإسلام، وعن الانتماء لسيدنا إبراهيم الأب لإسماعيل وإسحاق.

قصر نظر

لكن إسرائيل كما عودتنا دائما، لا تعير بالا لا بالحسابات الآنية ولا البعيدة سوى بما تملكه من وسائل الرعب، والمثل يقول “الطمع قلّ مما جمع”، فالسياسة الاسرائيلية الدائمة قائمة على نهب ما يمكن نهبه، وقتل ما يمكن قتله، وتخريب ما يمكن تخريبه، وهو الأمر الذي حتما ستدفع ثمنه مهما طال الزمن.

ولم تدرك بعد أنه قد تهاوت -مع تطور وسائل الإعلام الحر- ادعاءات المظلومية التي تقوتت عليها طيلة تاريخها، وظهر للرفيق والغريب نهم قادتها للدم.

ولم يأت في حسبانها أن المقاومة الفلسطينية تكسب مزيدا من التعاطف الشعبي العالمي كل يوم، وتتضخم رقعة الالتفاف حولها في الداخل بوصفها طوق النجاة الذي يحمي ما تبقى من مقدرات الشعب الفلسطيني.

ولعله من العقل أن تدرك أن تجاربها السابقة طيلة 74 عاما من القمع والوحشية لم تستطع خلالها ردع المقاومة الفلسطينية، ولا حتى إخافتها، لا بالطائرات، ولا بالمسيرات، ولا بالمفخخات، ولا بكل مقومات القوة الإسرائيلية بما فيها الأسلحة النووية.

وعليها أن تصدق أن من لم يخشاها ذات يوم حينما كان شبه أعزل يملك أسلحة بدائية وعزيمة لا تلين، يمكن أن يتم ردعه وهزيمته وقد امتلك هو الآخر وسائل الردع الكافية، وصار يملك أيضا الصواريخ والمسيرات؟ وصار يؤلم الغاصبين ويرد لهم الصاع بالصاع؟

إذن عليها أن تبقى على يقين أن الوضع القائم قد يكون نافعا في حقبة معينة من التاريخ، كالتي نعيشها نحن العرب الآن، حيث نظم رسمية تعيش هوانا غير مسبوق، ويتم التحكم بها كعرائس الماريونيت من قبل أمريكا والقوى الغربية وأحيانا من تل أبيب نفسها، وحيث تتلقى إسرائيل دعما غربيا غير محدود.

لكن لو قرأوا التاريخ جيدا لاكتشفوا أن التغيير قد يأتي فجأة، وأن موازين القوى قد تتغير أيضا فجأة، وبالتالي ستنهار كل العوامل التي تسببت في بقاء إسرائيل طيلة العقود الماضية، وسيعرفون وقتها أنها كانت مجرد غفوة بمقاييس التاريخ، وأن هذا الواقع المرير آخذ في الإدبار.

الفخ الإسرائيلي

هناك نفر من اليهود يعارضون قيام دولة إسرائيل، ويرون أن تعاليم موسى عليه السلام تنهى عن وجود كيان خاص لهم، وأن إنشاء هذه الدولة أضر بسمعة اليهودية كدين، ومن أبرز هؤلاء الناس منتسبو حركة ناتوري كارتا الذين يزيد عددهم عن 20 ألف شخص، وبالمناسبة هذا عدد له حسابه بالنسبة للعدد الإجمالي لليهود في العالم.

لكن البعض يزيد عليهم القول إن من ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل، لم ينشئوها إلا تخلصا من أذى اليهود في أوربا، ومن أجل إبقائها شوكة في خاصرة المسلمين والعرب.

وأضيف إلى ذلك أن هناك من يقول إنهم أنشئوها لتوفير الأجواء اللازمة لتحقق نبوءات دينية خاصة بهم، تعنى بتجميع الأعداء جميعا “اليهود والمسلمين” في هذه المنطقة المقدسة حتى يتسنى للمخلص الخلاص منهم جميعا، وبدء الألفية السعيدة.

والملاحظ أنه في كل التفسيرات حتى الكهنوتية منها كان إنشاء هذه الدولة خلاصا من اليهود وليس دعما لهم، وبالتالي فإذا غيّر الداعم الغربي خطته في أي لحظة، أو حتى اختلت موازين القوى لديه، فلن يكون الأمر خيرا أبدا لهذا الكيان.

كل ذلك يجب أن يحفز اسرائيل على الاحتماء بالسلام الحقيقي، وليس ذلك السلام القائم على لي الذراع والإجبار على الابتسام المصطنع، والتطبيع غير الطبيعي، والضغط على الحكومات وشرائها.

السلام القائم على احترام حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته دون أي قيود، وعلى تخليها عن سياسة نفث سمومها في البلدان العربية، حتى لا تكون عاقبة ذلك تكرار ما حدث بعد فشل غزوة الخندق.

مع ملاحظة أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيفنون، وأنهم فقط ينحنون للريح ولا يسقطون.

اقرأ المقال هنا على موقع قناة الجزيرة مباشر  

أو هنــــــــاللمزيد| https://ajm.me/a4ykwe

20 ديسمبر 2022

محمد سيف الدولة يكتب: فلسطين بين حب الشعوب وغدر القصور



((ان اسرائيل عاجزة عن التعامل مع الشعوب العربية التى تكرهها وتعاديها، فلقد اعتادت منذ عقود طويلة على التعامل مع القصور العربية)) تصريح شهير لأحد قادة الصهاينة بعد ثورة يناير 2011 وقيام شباب الثورة بحصار السفارة الاسرائيلية وتسلق العمارة القائمة بها، لنزع العلم الاسرائيلى مما ادى لاغلاقها لاول مرة منذ 1979، قبل ان يتم اعادة فتحها مرة اخرى فى 2015.

***
· لم يكشف مونديال قطر جديدا حين اظهر عمق مشاعر الحب العربية تجاه فلسطين ومدى الكراهية والعداء التى تكنها الشعوب لإسرائيل، فهى حقيقة ساطعة وثابتة ومتأصلة ومعروفة للجميع منذ عشرات السنين.
· وساحات النضال العربى شاهدة على آلاف الانشطة والفاعليات السياسية والشعبية على امتداد عشرات السنوات لدعم فلسطين وقضيتها من احزاب وتنظيمات ولجان ومؤتمرات وتظاهرات وبيانات وتبرعات وقوافل اغاثة وكتب وكتابات وموسوعات ومقالات وتغريدات وتدوينات وكاريكاتيرات واغانى وقصائد واشعار .. الخ، ناهيك عن محاولات الشباب العربى للالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية فى ميادين القتال منذ 1948 حتى يومنا هذا.
· ففلسطين هى ايقونة القرن فى معارك الكرامة والاستقلال والتحرر الوطنى والعربى بلا منازع.
***
· ولكن الحقيقة الفعلية التى كشفتها كاميرات المونديال هى مشهد الشعوب العربية حين تكون على حريتها وسجيتها بعيدا عن استبداد انظمة الحكم العربية وقبضتها الباطشة.
· وربما يكون السؤال البديهى الأول الذى قد يتبادر الى ذهن اى متابع هو: لماذا لا نرى مثل هذه المشاهد فى عديد من الدول العربية؟
· وقد يقوم البعض بعقد مقارنة بينها وبين المشهد الشهير بتوقيف شاب مصرى حين قام برفع رفعه علم فلسطين فى احدى المباريات.
· ولكن السؤال القديم والأكثر عمقا وايلاما هو لماذا لا تزال فلسطين محتلة، رغم كل هذا الزخم الشعبى العربى من المحيط الى الخليج؟ ولماذا عجزنا على امتداد عقود طويلة عن ترجمته وتحويله الى حركات ومؤسسات شعبية تشارك فى معارك التحرير من خارج فلسطين؟
· فالحقيقة ان الحاضر الغائب فى مشهد الاحتفاء الشعبى العربى بفلسطين، وفى المشهد العربى بشكل عام، هو ذلك السجن الكبير الذي نصبته عدد من انظمة الحكم العربية لكبح جماح شعوبها ومنعها من تقديم اى دعم للشعب الفلسطيني ولحركات المقاومة، بدءا بحصارها وتقييد حركتها، ووصولا الى وأدها التام للحريات مع حظر وتجريم أى نشاط سياسى يخص فلسطين او اى قضية اخرى.
· وأتصور أن هذا الدور تحديدا هو أحد الوظائف الاساسية التى تستمد غالبية الانظمة العربية منها شرعية بقائها ووجودها من الخارج الامريكى والدولى.
· والتى يتم تحديد قيمة ووزن ومكانة اى حاكم عربى ودرجة الدعم الدولى التى يستحقها نظامه، بمدى قدرته على السيطرة والكبح واجهاض واسكات اى عداء لاسرائيل او للولايات المتحدة ولمشروعهما الاستعمارى فى المنطقة.
***
· ان هناك مأثورة عربية شهيرة وقديمة عن ((اسرائيل ومن يقف وراء اسرائيل)) فى تعبير عن الوعى بحقيقة الدور الامريكى والغربى فى تأسيس المشروع الصهيونى ومواصلة تسليحه ودعمه للحفاظ على وجوده ولتمكينه من الانتصار على العرب مجتمعين والاستيلاء على اوطانهم او كسر ارادتهم واخضاعهم والحاقهم بحظيرة التبعية لامريكا والغرب.
· ولكن هناك مأثورة اخرى أكثر خطورة ودلالة وان كانت اقل شهرة وهى ((اسرائيل ومن يقف امام اسرائيل))؛ والمقصود بها تلك الدول والحدود العربية التى تقف حاجزا صلبا ورادعا عنيفا أمام التحام واشتباك الملايين من الشباب من كل الأقطار العربية فى معارك المقاومة والتحرير فى فلسطين.
· لقد تأسست دولة الاحتلال وترعرعت فى حماية هذه الدول العربية التى كانت ولا تزال لها الفضل الاول فى حماية وجود (اسرائيل) وامنها.
· وهذا واحد من أهم الأسباب التى تفسر لنا لماذا تقف امة عريقة من 450 مليون عربى متراجعة ومهزومة وضعيفة وخائفة امام كيان وافد وغريب ومصطنع لا يتعدى سبعة ملايين وافد محتل.
· وأى مشروع مستقبلى جاد يستهدف تحقيق حلم التحرير الذى فشلت فيه اربعة اجيال عربية متعاقبة، عليه ان يقدم حلا ومخرجا تاريخيا من معضلة الدولة العربية الوظيفية الحاجزة الكابحة لجماح شعوبها الحامية لاسرائيل.
*****
القاهرة فى 20 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: انتخابات قيس سعيّد.. تتحدث عنه

 

رفع الشعب التونسي صوته عاليا، وقال كلمته في مسار 25 يوليو الذي سلكه الرئيس التونسي قيس سعيّد دون وجود أي حاجة إليه، فقاطع الانتخابات التشريعية التي قاطعتها معه أيضا غالبية الأحزاب التونسية، حتى تلك التي كانت تدعم المسار السياسي الإقصائي للرئيس.

وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كاشفة لكونها لا تزيد على 8.8% بواقع 803 آلاف شخص، وفقا لما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نسبة المشاركة الأدنى على الاطلاق بعد ثورة الياسمين، وربما في كل الانتخابات في تاريخ هذا البلد بعد الاستقلال.

والمقارنة الفاضحة في هذه النسبة أنها جاءت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 والتي كانت نسبة المشاركة فيها 41.3%، ومع ذلك اتهمتها المعارضة آنذاك -التي تحالفت بعد ذلك مع قيس سعيّد- بأن البرلمان الناجم عنها لا يعبّر عن الشعب، وذلك في إطار المكايدة لكتلة الأغلبية التي تتزعمها حركة النهضة.

ولعل هذه النتيجة هي في حد ذاتها تحمل استفتاء على شعبية قيس سعيّد وعلى مساراته التي سلكها منذ أن جاء إلى الحكم، وبالقطع سيكون لها تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة مستقبلا عليه وعلى حكومته، لعل أقربها تصعيب موافقة صندوق النقد الدولي على طلبه قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.

خلط للأوراق

وعلى الفور بعد اعلان هذه النسبة، خرجت الأحزاب والأبواق المدافعة عن مسار قيس سعيّد الإقصائي، وتلك التي كانت تسايره لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب التخبط الشديد الذي يعتري مساره، لتمارس عملية تشويش وخلط للأوراق في محاولة بائسة للدفاع عنه ورفع الحرج البالغ الذي أصابه وأصاب أنصاره.

منها قولها إن الشعب لم يقاطع الانتخابات، ولم يستجب لدعوة المعارضة بمقاطعتها، ولكنه فقط “عزف” عنها بعد الفشل الذي لحق بالبلاد طيلة العشرية الماضية، التي أفسحت المجال لمشاركة حركة النهضة في الحكم.

ثم قامت تلك الأبواق بتوجيه الإهانة إلى الشعب التونسي بأكمله، بقولها إن ضعف المشاركة يعود إلى غياب المال السياسي والرشى التي كان يوزعها بعض السياسيين على الشعب لحثهم على المشاركة، وهو الاتهام الذي يعني أن غالبية من صوتوا في كل العمليات الانتخابية السابقة -وهم يمثلون نصف الشعب التونسي- كانوا مجرد مأجورين.

ولك مثلا أن تتخيل أننا لو صدّقنا بحسن نية أو حتى بسذاجة هذا الزعم، فهل يجعلنا ذلك نقول بأن 90% ممن شاركوا في انتخابات 2014 البرلمانية “التي كانت 69%” كانوا من المأجورين.

كما راحت بعض الأصوات تردد أن حماسة الناس للعمل السياسي قلت تدريجيا عما كان عليه الأمر بعد الثورة، مع أن الواقع العملي يكذّب ذلك الادعاء أيضا، فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية في ظل المناخ الثوري عام 2011 نحو 54%، وبعد ذلك بثلاث سنوات عام 2014 قفزت إلى 69%، وحتى إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جاءت بقايد السبسي المحسوب على نظام بن علي تجاوزت 64%.

والواقع أن التونسيين لم يعرفوا نسبة المشاركة الضئيلة إلا في تلك الانتخابات التي يدعو إليها قيس سعيّد، سواء البرلمانية محل الحديث، أو في استفتائه الدستوري الذي لم يشارك فيه إلا 27% من الناخبين، مما يعني أنه دستور لا يمثل كل الشعب، وهو ما تقوله المعارضة.

تبادل الأدوار

الغريب في أمر المشهد التونسي أن مفهوم المعارضة يشوبه الكثير من الالتباس، فالمعارضة التونسية الآن هي في الواقع القوى الشعبية المنتخبة التي تم إقصاؤها من البرلمان ومن الحكومة بقرارات غير دستورية للرئيس قيس سعيّد، ليحل محلها قوى أخرى غير منتخبة شعبيا، وتصير الممثلة للحكومة وللدولة، وهو الوضع الذي تتوافر فيه كل صفات الانقلاب.

وبدلا من أن ينصاع الرئيس للدستور الذي وقف حائلا دون تنفيذه مساره “غير المفهوم” و”غير المهم”، راح الرجل يغيّر الدستور بما يوافق هواه، فقاطعه الشعب وصوّت عليه ربع من يحق لهم التصويت فقط.

وبدلا من أن يهتم بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد كما وعد، وصلت الأحوال في عهده إلى حالة مزرية، ووجدناه يتفرغ بشكل شبه كامل لإدارة المعارك مع الجميع.

فتارة يخوض معركة من أجل رغبته في تنصيب هشام المشيشي المحسوب على نظام بن على رئيسا للوزراء، ولما استقر له الأمر ونجح في تعيينه وجدناه يعود ليخوض معركة أخرى من أجل إقالته بالمخالفة للدستور.

وتارة أخرى يهاجم الاستعمار الفرنسي لبلاده، ولما استقر له الأمر وجدناه يشيد به ويعتبره تحالفا بين بلاده وفرنسا.

بخلاف معاركه الأساسية مع حركة النهضة والبرلمان والقضاء واتحاد الشغل والحركات الثورية ومع الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي وغيرهم.

وجدناه في كل شيء يفعل الشيء ونقيضه، ولو تحقق له ما يريده اليوم لربما وجدناه غدا يخوض معركة من أجل الخلاص منه.

لا أحد يعرف ماذا يريد قيس سعيّد، ولو كان قيس سعيّد نفسه!

لتخطي الحجب | https://ajm.me/0ifzbm
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/33ta5i

زهير كمال يكتب: الحرب في أوكرانيا .... دروس وعبر

تاريخياً، وإلى حد ما، تشبه العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، العلاقة بين العراق وسوريا، فالعراقيون والسوريون شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة، كذلك الروس والأوكرانيون، هما شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة.

ومثلما كانت دمشق عاصمة للدولة الإسلامية، كانت كييف عاصمة للدولة الروسية، بعدها أصبحت بغداد هي العاصمة، كذلك أصبحت موسكو.

الخارطة المرفقة تبين توسيع مساحة أوكرانيا عبر العصور، ولعل أهم توسيع كان بعد انتصار الثورة البلشفية ولغايات تنظيم الإتحاد السوفييتي الجديد، وكما نلاحظ أن بعض المناطق المضافة مثل لوغانسك ودونيتسك يقطنها مواطنون روس ( تم ضمها مؤخراً لروسيا أو من وجهة النظر الروسية إرجاعها الى أرض الوطن)، تم توسيع أوكرانيا ثانية، في اتجاه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، هذا التوسع تم على حساب أراضي بولندا. وفي عام 1954  ضمت شبه جزيرة القرم إليها. (استعادتها روسيا قبل 8 سنوات).

في مقاييس الثوار البلاشفة ضم مناطق تعتبر صغيرة إلى أوكرانيا يعتبر أمراً طبيعياً فمساحة أراضي الاتحاد السوفييتي البالغة 8.65 مليون ميل مربع هو رقم ضخم فعلاً. بطبيعة الحال لم يفكر هؤلاء القادة عندما نظموا دولتهم أنه من الممكن انهيارها بعد 73 عاماً.

لاستكمال هذه المقدمة الضرورية ولفهم طبيعة الصراع الحالي، لابد من الإشارة الى القادة الذين تولوا زمام الأمور في الاتحاد السوفييتي السابق، فبعد لينين مباشرة تولى السلطة مواطن من جمهورية جورجيا هو جوزيف ستالين ثم تبعه مواطن أوكراني هو نيكيتا خروتشوف الذي تولى السلطة عام 1953 وحتى عام 1964.

كانت حصة أوكرانيا وما حولها في قيادة الاتحاد السوفييتي هي حصة الأسد، وبعد خروتشوف تولى مواطن أوكراني السلطة هو ليونيد بريجينيف وكان آخر من تولى السلطة ميخائيل جورباتشوف ويمكن اعتباره مواطن أوكراني كذلك، فقد ولد في إحدى القرى القريبة منها. وإذا علمنا أن مجمل هذه القيادات هو ثمانية زعماء منذ لينين وحتى الانهيار، ربما تبين لماذا يشعر الكثير من الروس بخيبة الأمل والإحباط من أشقائهم الأوكران.

ما سبق نبذة قصيرة توضح بعض حقائق التاريخ والجغرافيا في العلاقة بين الشعبين.

عام 1962 كان العالم على مشارف حرب نووية، فقد اكتشف الأمريكان أن الاتحاد السوفييتي بقيادة خروتشوف الأوكراني وضع صواريخ نووية في كوبا التي تبعد 90 ميلاً عن شواطئ الولايات المتحدة، فكان موقف الرئيس الأمريكي جون كنيدي حازماً في رفض هذا الوضع المخل بتوازن الردع بين القوتين العظميين. توازن الردع يعني أن يكون لدى أي طرف الوقت الكافي للرد النووي في حال تفكير الطرف المقابل إطلاق صواريخه لتدميره .

تم سحب الصواريخ السوفياتية، وفي نفس الوقت لم تتدخل الولايات المتحدة في كوبا منذ ستين عاماً.

كان رفض أوكرانيا بقيادة فولودومير زيلنسكي الطلب الروسي بإبقاء أوكرانيا على الحياد وعدم التفكير بالانضمام الى الناتو، وما يتبع ذلك الانضمام من إمكانية نشر صواريخ نووية أمريكية في أراضيها، هو السبب الأساسي المباشر في الحرب الحالية.

وزيلنسكي هو أحد رجلين، إما أنه جاهل على درجة كبيرة من الغباء لا يعرف حقائق التاريخ والجغرافية وأهمها أن أوكرانيا جار محاذ لدولة نووية كبيرة وعليه أن يأخذ في اعتباره مصالحها، ويشبه ذلك وضع المكسيك أو كندا تجاه الولايات المتحدة، وإما أن ولاءه المزدوج أعماه ومنعه من اتخاذ قرار لصالح وطنه الأم، فجنسيته الإسرائيلية هو وعدد من كبار المسؤولين الأوكران تجعل ولاءهم الخالص لوطنهم محل تساؤل ومشكوك فيه، وهذا ما تظهره الأحداث، فأوكرانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي تسمح قوانينه بمثل هذه الازدواجية على قمة هرم السلطة.

وسيذكر التاريخ أن زيلنسكي ورفاقه كانوا السبب المباشر في تدمير بلدهم وتشريد سكانه، وربما سيكون السبب أيضاً في اندلاع الحرب العالمية الثالثة.

بدأت الحرب في 24 فبراير 2022 بوصول الجيش الروسي الى مشارف كييف والجنوب الأوكراني في  جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك، وفجأة تم سحب القوات من جبهة كييف وتم التركيز على الجنوب، وكانت هذه غلطة العمر بالنسبة لفلاديمير بوتين والقيادة الروسية.

ويخطر على البال سؤال استراتيجي عما يريده بوتين من هذه الحرب، وعندما أقول بوتين وذلك لأن القيادة الروسية مركزية الى حد كبير، فمعظم القيادات السياسية والعسكرية ما زالت في مراكزها منذ فترة طويلة، على سبيل المثال، وزير الدفاع سيرجي شويجو، عينه بوتين في هذا المنصب عام 2012، ولا يزال يشغل هذا المنصب، فما الذي يفعله مهندس معماري في وقت الحرب؟ في الأزمات الكبرى لا يصلح وجود رجال من نوع yes man  في المراكز العليا للدولة. لكن السؤال الأساسي : ماذا يريد صاحب القرار في روسيا من هذه الحرب؟ هل يريد تحييد أوكرانيا وإبعاد شبح التهديد النووي عن بلاده؟ أم استرجاع مناطق الجنوب في حوض الدونباس؟  لان هذا ما حدث فعلاً.

في الخيار الأول: كان المفترض احتلال كييف والقبض على القيادات السياسية والعسكرية الأوكرانية، وفائدة هذا الخيار لو كان حدث أنه سيقصر مدة هذه الحرب المستمرة حتى الآن بدون حسم.

ضرب بوتين بعرض الحائط بأهم قانون وضعه سون تزو في كتابه الشهير فن الحرب:

(ليكن الهم الأول في الحرب هو تحقيق النصر، لا إطالة أمد الحملات العسكرية، إذ لا توجد سابقة تاريخية تذكر أن بلداً ما قد استفاد من دخوله حروباً طويلة).

كانت تصريحات بوتين متناقضة، فهو يلوم قادة الاتحاد السوفييتي على تسليم المناطق الجنوبية إلى أوكرانيا وفي نفس الوقت كان يعتبر الشعب الأوكراني شعباً شقيقاً لا يرغب في تعريضه للمعاناة.

لو تم احتلال كييف في بداية الحرب، لانتهت الحرب بسرعة، فغالبية الشعب الأوكراني ستعتبر أن هذه حرب بين القيادات لا تعنيهم في شيء .

ولكن ما حدث أن تغيير اتجاه سير المعارك عمل على تدمير العلاقة الحميمة المتناهية في القدم بين الشعبين، وقد لاحظنا أن القوى الغربية عملت على تسريع هذا العمل بعد أن فتحت حدود دول الناتو التي تقع غرب أوكرانيا.

وفي العادة، يصل كره أي حكومة الى حد مقاومة لجوء مواطنين من دول أخرى إلى درجة استعمال العنف، ونحن نرى ذلك كل يوم على مستوى العالم، بين المكسيك والولايات المتحدة، وفي قوارب اللجوء إلى أوروبا عبر البحر وغير ذلك.

ولكننا لاحظنا ترحيباً غير مسبوق باللاجئين الأوكران من قبل دول الناتو إليها، وإذا كان للفنادق تصنيف حسب فخامتها، فان هذا اللجوء يعتبر خمسة نجوم، من الترحيب على الحدود الى مجانية المواصلات الى تأمين سكن وغير ذلك مما لانعرفه. استثنت هذه المعاملة المقيمين الأجانب في أوكرانيا ، كأن الحرب تفرق بين المواطن والمقيم.

والتفسير المعقول لما حدث أن الأوامر صدرت لهذه الدول بتشجيع الأوكران على مغادرة بلادهم وذلك بغرض فصم العلاقة بين الشعبين الشقيقين، فكانت النتيجة لجوء 10 الى 12 مليون أوكراني الى الدول المجاورة، واللجوء مهما كان ميسراً ، إلا أنه يترك مرارة وأسى لا ينسى في نفس اللاجئ.

وقد أثبت تغيّر اتجاه المعارك أن بوتين لا يتمتع بوضوح الرؤيا، فقد كان عليه قبول حقائق العصر واعتبار أوكرانيا مثل كازاخستان، ففيها يعيش 30% من الروس ولكن لا يخطر على باله ضم المناطق التي يعيش فيها الروس الى الاتحاد الروسي. وسيذكر التاريخ أن بوتين هو الذي دق إسفيناً في العلاقة بين شعبين شقيقين وأنهى العلاقة الحميمة بينهما ووضع أسس استقلال أوكرانيا النهائي، ربما ستكون أوكرانيا بحدود مختلفة، لكن ما جرى هو عكس اتجاه المستقبل.

الرابح والخاسر في الحرب الحالية:

كانت الضحية الكبرى في الحرب هي الشعب الأوكراني الذي تجري المعارك على أراضيه، يلي ذلك الشعب الروسي الذي تستنزف موارده بشكل يومي، ثم باقي شعوب العالم في ارتفاع أسعار المواد الأولية وارتفاع نسبة التضخم بشكل حاد في كثير من الدول، ثم دافع الضرائب الأمريكي الذي يموّل حرباً فرضتها الدولة العميقة في الولايات المتحدة الممثلة في الشركات الرأسمالية الكبرى وخاصة في صناعة الأسلحة التي هي الرابح الوحيد من هذه الحرب.

آفاق الحرب ومآلاتها: خطورة هذه الحرب هي إمكانية تحولها إلى حرب نووية، والخوف من وقوع حرب كهذه عام 1962 منع الزعامات العاقلة في أمريكا والاتحاد السوفييتي من التصعيد فقاموا بعمل تنازلات تعتبر مؤلمة في ذلك الوقت. ولكن هذه المرة لا يبدو أن الطرفين مستعدان لعمل تسوية مناسبة لوقف التصعيد، صحيح أن كل طرف يعرف الحدود التي يتوقف عندها مثل تصريح بوتين بأن لا يكون البادئ باستعمال الأسلحة النووية، والتزام بايدن بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية، ولكن ماذا لو طورت القيادة الأوكرانية الصواريخ الموجودة لديها وهاجمت موسكو وسانت بطرسبيرج؟ وماذا لو هاجمت الصواريخ الروسية وقتلت طواقم الباتريوت الأمريكية المزمع انشاؤها؟

سياسة القيادة الأمريكية منذ بدء الحرب هو مثل السير على حافة الهاوية بغرض استنزاف روسيا، ولا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك. وربما كانت تصريحات الثعلب العجوز هنري كيسنجر في بدايات الحرب عن التنازل لروسيا عن أراضي الدونباس هي الحل الوحيد الذي ينهي الحرب، فالروس لن يقبلوا بأقل من ذلك مهما طالت الحرب.

18 ديسمبر 2022

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: الفائزون الأربعة في مونديال قطر 2022


انتهى المونديال وأسدل الستار على مبارياته، وأغلقت ملاعب قطر الكبرى أبوابها وأطفأت أنوارها، وخسرت فرنسا كأسها وتسلمته الأرجنتين وفريقها، ورحل المشجعون وغادر الرياضيون بغير الوجه الذي دخلوا فيه، فبعضهم غادرها سعيداً مبتهجاً وقد فاز فريقه، وبعضهم تركها حزيناً مبتئساً وقد خاب فريقه، لكنهم جميعاً غادروها وهم يشعرون بالنشوة والفرح والبهجة والسعادة، وقد خلفوا وراءهم في دوحة قطر قصصاً وحكاياتٍ، واحتفظوا برواياتٍ وذكرياتٍ، وسجلت عيونهم وعدسات هواتفهم مشاهد لن ينسوها، وصوراً لم يعهدوها، فقد هالتهم قطر ودوحتها، وفاجأتهم دولتها وحكومتها، ولفت أنظارهم ترتيبها وتنظيمها، ونظافة شوارعها وتنسيق مبانيها، ودماثة خلق أهلها وبشاشة وجه سكانها، وسرهم رحابة صدرهم والابتسامة على وجوههم، واستجلب استحسانهم جودهم وسخاؤهم، وكريم استقبالهم وحسن وفادتهم.

إلا أن الحديث عن مونديال قطر لن يتوقف بانتهاء المونديال، ولن تنتهي فصوله بخلو شوارعها من المشجعين وإغلاق ملاعبها أمام الرياضيين، بل سيبقى مونديال قطر 2022 الذي ملأ الدنيا صخباً وضجيجاً، وأشغل العالم متابعةً واهتماماً، علامةً فارقةً في تاريخ كرة القدم ومسيرة كأس العالم، وحديث العامة والخاصة، ومحل إعجاب المنظمين وإشادة المراقبين، وسيفرض نفسه على مدى العقود القادمة والدورات التالية، مثالاً يحتذى ونموذجاً للمقارنة، وسيتعب من بعدهم، وسيرهق من سيحاول أن يقلدهم أو أن ينظم مثلهم.

فقد أثبتت قطر أنها على قدر التحدي وأنها تستحق الاستضافة بجدارةٍ، وأن دوحتها الأصيلة لا تقل قدرةً وكفاءةً عن العواصم الكبرى التي سبق لها استضافة المونديال، بل بزتها وتجاوزتها، وتفوقت عليها وسبقتها، وتركت بصماتها المميزة وعلاماتها الفارقة، التي يصعب على الزمان مهما طال أن يشطبها أو يبهتها.

تلك كانت قطر، أول الفائزين الأربعة وأكثرهم سعادةً بالفوز وابتهاجاً بالنجاح، فقد تحدت العالم كله، ووقفت في وجه المتشككين، وأثبتت أنها تستطيع أن تقوم بأكثر مما قام به السابقون، وفضلاً عن النجاح الباهر الذي شهد به المحبون والشانئون، والمؤيدون والمنافسون، فقد نجحت في فرض الهوية العربية والثقافة الإسلامية على مونديالها، وأظهرت وجه العرب الأصيل وحضارة الإسلام العظيم، وسلطت الضوء على العادات العربية المميزة والمفاهيم الإسلامية المتنورة.
رفع العرب رؤوسهم عاليةً بقطر العروبة، واختال المسلمون فرحاً بالحضارة الإسلامية، وازدانوا أمام الضيوف والوافدين بدينهم وثقافتهم، وبلغتهم وهويتهم، واستعرضوا أمامهم أزياءهم وطعامهم، واختالوا بنظافتهم وباهوا بتنظيمهم، حتى غدا فوز قطر فوزاً عربياً إسلامياً نفخر به ونعتز.
أما الفيفا فقد كانت الفائز الثاني في مونديال قطر 2022، ولها ينسب الفضل في جوانب كثيرة تميز فيها المونديال وأبدع، فقد نجحت بالتعاون مع القطريين في تنظيم أول مونديالٍ في المنطقة العربية، وأثبتت أنها كانت على حق عندما صادقت على عقد المونديال في قطر، رغم حملات التشكيك والاتهامات التي تعرض لها مسؤولوها، إلا أن النتائج المبهرة التي رأوها، والتنظيم المهول الذي شهدوه، أثلج صدورهم وأسعدهم، وعوضهم عن مراحل القلق وشبهات الانحياز والاتهام.
أما الأرجنتين التي استعادت كأس العالم بعد ست وثلاثين سنة من آخر فوزٍ حققته عام 1986، فقد كانت ثالثة الفائزين وأول الكاسبين، وأكثر الفرق الرياضية فرحاً باستعادة اللقب وتحقيق النصر الذي عملوا كثيراً على تحقيقه، وتدربوا طويلاً على استحقاقه، وحق لهم أن يفوزوا ويفرحوا، وأن يحتفلوا ويخرجوا، فقد لعبوا بجدارةٍ، وقدموا صوراً في المباراة رائعة، وانتزعوا نصراً سريعاً وأظهروا تفوقاً لافتاً، وسجلوا في شباك الخصم أهدافاً مبكرة، وعندما هاجمهم الفريق الفرنسي وعدل النتيجة معهم، صمد اللاعبون الأرجنتينيون وقاوموا، وأصروا على الفوز ولو في الأشواط الإضافية أو الضربات الترجيحية، فتحقق لهم ما أرادوا، فاستحقوا الفوز والفرح والكأس.
أما الفائز الرابع الأكبر والمنتصر الأول فقد كانت فلسطين وقضيتها، وشعبها وأهلها، والمؤمنون بها والمؤيدون لها، والموالون لها والعاملون معها، فقد تميزت فلسطين في المونديال وسطعت في سماء الدنيا شمسها، وسما في ليالي الدوحة نجمها، ورفرف علمها، وانتشرت في شوارع الدوحة صور أبطالها ورموز مقاومتها، وعجز المناؤون لها والمعادون لشعبها في إسكات الصوت العربي الهادر، والتضامن الإسلامي الصادق، والتأييد الدولي اللافت.
ولعل ما حققته القضية الفلسطينية في ميادين الدوحة وملاعب المونديال يرقى إلى مصاف المقاومة ومدارج النضال، وهو ما أغاض العدو وأحزن حلفاءه، إذ ساءهم ما شاهدوا، وأغضبهم ما رأوا في شوارع الدوحة وملاعبها، والأعلام التي رفعت والكلمات التي صدحت، والمواقف التي عبر عنها اللاعبون والمشجعون، والمنظمون والمستضيفون.
ربما الفائزون في مونديال قطر 2022 أكثر مما ذكرت، وأشمل بكثيرٍ مما استعرضت، لكن الأربعة الذين سبقوا كانوا هم المتربعين على كأس العالم، وكانت القضية الفلسطينية شريك الفائزين والقاسم المشترك في يوميات المونديال، فهي الفائز الأول الذي صبغ المونديال بهويتها، وفرض مظلوميتها، ورفع مقام المؤمنين بها، وأخزى وجوه المعادين لها والظالمين لأهلها.
بيروت في 19/12/2022

29 نوفمبر 2022

سيد أمين يكتب: العروبة.. فازت بكأس العالم

 

بدون مبالغة، يمكننا القول إن الفائز الحقيقي من مونديال كأس العالم لكرة القدم في دورته القطرية، هو الهوية العربية بجذورها الإسلامية، وإن قطر، وهي دولة صغيرة المساحة عظيمة التأثير استطاعت أن تحفر بمفردها في وجدان من يتسيدون هذا العالم، حقيقة أن هناك أمة تضرب جذورها في عمق التاريخ، تسكن حيزا جغرافيا يمتد عبر قارتين، لها هى أيضا مساهمات كبيرة في ميراث حضارة هذا الكوكب.

الأداء القطري في تنظيم هذا المونديال العالمي الفريد الذي يقام لأول مرة في تاريخه في دولة عربية أو مسلمة، جعل العالم الحر لا ينبهر فقط بأداء الفرق والمنتخبات وما قدمته من مفاجآت غير متوقعة، ولكن ينبهر أيضا بمعرفة قيم حضارية مختلفة ولكنها أكثر سموا ورقيا.

ولأول مرة أيضا صارت نشرات الأخبار العالمية لا يقترن فيها اسم “العربي” بالأوبئة والفساد والاستبداد والحماقات والحروب والانقلابات والمؤامرات والجرائم، لكن برسائل الإبداع والتألق والتعايش المشترك المبني على الاعتزاز بالهوية.

كان يمكن لقطر أن تنحني أمام عاصفة الانتقادات التي سرت في “الميديا” الغربية وتقبل بوجود مظاهر الفجور والشذوذ التي صارت تصاحب دورات كاس العالم، وكان لديها من المبررات ما يكفي ويفيض، وهي المبررات التي كان سيتذرع بها آخرون لو أقاموا هم هذا الحدث العظيم، لكن خيرا فعلت حينما تمسكت بحضور هويتها العربية والمسلمة، فاحترمها المنصفون الغربيون، وزادت هيبتها ومكانتها في قلوب الشرقيين.

اللغة العربية

أنا لم أتشرف بالذهاب لقطر أبدًا لكن ما عرفته عنها حتى قبل كأس العالم، أنها تعتز باللغة العربية اعتزازا واضحا حتى أن معظم اللافتات في الشوارع، وكما تظهر عبر المشاهد التي تبثها الشاشات حول المونديال أغلبها مكتوبة باللغة العربية بجانبا لغات أخرى أحيانا.

هي ملحوظة من جملة ملاحظات قد تبدو بسيطة لدى البعض، لكنها في الواقع شديدة الأهمية لكون “الهوية” وفي القلب منها “اللغة والدين والعادات والتقاليد” هي محور الاشتباك والتفاهم بين الأمم على مر التاريخ.

هذا يحدث بينما نحو 8 مليارات شخص حول العالم يلتفتون الآن نحو هذا البلد، وعشرات أو ربما مئات الألاف من الوافدين الأجانب يزورونها هذه الأسابيع لحضور المهرجان، وكان يمكنها أن تتذرع بما تتذرع به غيرها بأنهم يسحقون هويتهم ولغتهم من شوارعهم من أجل تشجيع السياحة أو حتى مواكبة “المدنية والنهضة العلمية”، ثم كانت النتيجة أنه لا جاء السائحون ولا جاءت المدنية، ولكن أصبح الناس غرباء يعيشون بهويات مستعارة.

ومن أجمل ما عرفت هو أن اللغة العربية في قطر بخلاف أنه منصوص عليها في الدستور كلغة للبلاد إلا أن هناك أيضا العديد من القوانين التي تشدد على احترامها منها مثلا القانون: رقم 7 لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية ودعمها في كافة الأنشطة والفعاليات والوزارات والجهات والمؤتمرات، مع معاقبة المخالفين، وفرض تدريسها في كافة المؤسسات التعليمية بالدولة.

وتلاه إطلاق “معجم الدوحة التاريخي للغة العربية”، وهو مشروع فريد عملاق معني بإنشاء معجم تاريخي يؤصل للغة العربية عبر آلاف السنين وحفظ مدلولات وتطور ألفاظها عبر التاريخ ، وكذلك مبادرة “TED بالعربي”، وهي منصة عالمية تستقطب المفكرين والباحثين والفنانين وصناع التغيير من الناطقين باللغة العربية في العالم.

من فات قديمه تاه

في القرنين الأخيرين من الزمان كان التدفق الحضاري يأتي دائما من الشمال للجنوب ومن الغرب للشرق، لكن من اللحظات الفريدة التي تحققت في هذا المونديال أن هذا التدفق عاد لطبيعته ليكون من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب ولو لأسابيع معدودة.

فقد كان من الممكن لقطر أن تتهرب أيضا من انتساب ثقافتها للخيمة، كما يردد الحاسدون والماكرون، ولكن حكمتها البليغة التي أذهلت منتقديها جاءت عبر تحفة معمارية لـ”استاد” على شكل خيمة، وكأنها تقول للعالم إن تلك الخيمة العربية هى إحدى مفردات التراث العربي الذي نعتز به، سكن أسلافنا فيها ومنها انبعثت النهضة لقصورالعالم أجمع بالاسلام وبالرسالة التي بشر بها راعي الغنم، في وقت كان فيه يسكن أسلاف هؤلاء الناقمين الغابات وفجوات الجبال.

كان الناقمون يتوقعون أن يجدوا القطريين وأشقائهم العرب يرتدون ملابس العراة ويحملون شارات الرينبو، ويدوسون في تلك اللحظة كل القيم الحضارية التي انبعثت من شبه الجزيرة العربية للعالم، لكن ما حدث في كثير من التفاصيل التي رافقت الحدث العالمي كانت العكس تماما.

عموما، هى أيام وينتهي المونديال وقد لا يقام ثانية في بلد عربي أو إسلامي، لكن الرسالة الثقافية التي حملتها الإجراءات المصاحبة له في هذه المرة ستمكث طويلا في وجدان الملايين من عشاق كرة القدم، وستغير بشكل جذري الصورة الذهنية عن هذه البقعة من العالم، الثقافة والتراث والدين وحتى كرة القدم.

العروبة انتصرت في مونديال قطر.

.................

اقرأ المقال هنا على لتخطي الحجب الجزيرة مباشر

الموقع بدون تخطي الحجب 

15 نوفمبر 2022

مصر والولايات المتحدة..مائة عام من الغدر والتهديد والعدوان والتبعية

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

فى لقائهما الاخير بشرم الشيخ على هامش مؤتمر المناخ، تبادل الرئيسان المصرى والامريكى، عبارات الاشادة والتحية والتقدير، فقام بايدن بتوجيه الشكر والتقدير للسيسى على ما يقوم به من وساطة بين (اسرائيل) وغزة ووصفه بالحليف القوى والشريك المركزى فى مكافحة الارهاب، بينما تحدث السيسى عن اربعين عاما من العلاقات الاستراتيجية القوية التى لم تتغير على امتداد اربعين عاما، امتلكت فيها الدولتان ذات التوجه. وفى اليوم التالى خرجت لنا جريدة الاهرام المصرية بمانشيت عريض يتحدث عن ((مائة عام من العلاقات الاستراتيجية)).

***

واذا كان هذا هو الموقف المصرى الرسمى من الولايات المتحدة، فان للشعب المصرى رأيا وموقفا مختلفا ومناقضا تماما من الامريكان، فتاريخنا معهم على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان ليس سوى سلسلة طويلة من الغدر والتهديد والعدوان والتبعية:

· كانت طعنة الغدر الاولى التى تلقتها مصر من الولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الأولى حين رفضت مطالبنا بالاستقلال وأيدت استمرار الحماية البريطانية على مصر، رغم المبادئ الاربعة عشر الشهيرة التى اصدرها الرئيس الامريكى ويلسون والتى نصت على حق الشعوب فى تقرير مصيرها.

· وهو ذات النهج الذى سارت عليه بعد الحرب العالمية الثانية ضد استقلالنا فى مصر والعالم العربى وكل بلدان العالم الثالث؛

·  ففى بلادنا كانت امريكا هى التى استكملت تنفيذ العملية "القيصرية الاجرامية" لزراعة وتأسيس وحماية دولة (اسرائيل).

· فكانت أول دولة تعترف بها وتوافق على قبولها عضوا بالامم المتحدة.

·كما رفضت تسليح مصر بعد الاعتداء الصهيونى علينا فى غزة ١٩٥٥ واستشهاد عشرات من جنودنا وضباطنا.

· فى الوقت الذى تقوم فيه وعلى امتداد 74 عاما بتقديم كل اشكال الدعم والتسليح والتمويل لاسرائيل لضمان تفوقها العسكرى على الدول العربية مجتمعة، وتمكينها من شن عشرات الحروب والاعتداءات لاحتلال الاراضى العربية.

  وقامت بحظر امتلاك السلاح النووى على كل دول المنطقة فيما عدا (اسرائيل).

· وامريكا هى التى حرضت البنك الدولى لرفض تمويل السد العالى الا بشرط الاعتراف المصرى باسرائيل.

·وقامت بحصارنا ووضعتنا على قوائمها السوداء حين رفضنا الاعتراف وناهضنا أحلافها العسكرية.

·وحين قامت الوحدة المصرية السورية عام 1958، تآمرت وخططت للانفصال عام ١٩٦١.

· وهى التى خططت وحرضت وسلحت (اسرائيل) لاحتلال سيناء والجولان وباقى فلسطين فى 1967، بهدف كسر واخضاع مصر وسوريا وكل الامة.

·  وهى التى رفضت بعد العدوان صدور أى قرار من مجلس الامن يقضى بانسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضى التى احتلتها بالقوة بالمخالفة لميثاق الامم المتحدة.

·  ثم تدخلت فى حرب ١٩٧٣ لانقاذ (اسرائيل) من هزيمة محققة وامدتها بجسر جوى من السلاح والعتاد وخططت معها لثغرة الدفرسوار، التى غيرت مسار الحرب ونتائجها.

·   ثم قامت بسرقة ما حققناه من نصر، بالضغط والتهديد لدفع السادات فى مفاوضات فض الاشتباك الاول 18/1/1974الى سحب الغالبية العظمى من قواتنا التى عبرت واعادتها مرة اخرى الى غرب القناة مقابل انسحاب القوات الاسرائيلية من الثغرة.

·  ثم أكرهته أو استقطبته للتوقيع على معاهدة سلام بالاكراه مع (اسرائيل) فى 1979 تنحاز لأمن (اسرائيل) على حساب الامن القومى المصرى من خلال فرض حزمة من القيود على وجود وتسليح قواتنا فى سيناء.

·  ثم جلبت قواتها الى سيناء لمراقبة قواتنا هناك بدلا من قوات الامم المتحدة، منذ عام 1981 حتى اليوم.

·  وهى التى ارسلت للدولة المصرية تهديدا صريحا ومكتوبا، يوم ٢٥ مارس ١٩٧٩ قبل توقيع المعاهدة بيوم واحد، تهددنا فيه بضربنا عسكريا اذا انتهكنا اتفاقية السلام فيما عرف "بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية".

·وهى امريكا التى ادارت مع حلفائها منذ ١٩٧٤ عملية تفكيك مصر التى انتصرت فى حرب ١٩٧٣ صامولة صامولة ومسمارا ومسمارا، وبناء مصر اخرى تابعة، على مقاس مصالح امريكا وامن (اسرائيل)، وهو ما كتبت عنه بالتفصيل تحت عنوان "الكتالوج الامريكى لحكم مصر".

· وهى التى تقود النظام الراسمالي العالمى بشركاته عابرة القومية التى اخترقت اسواقنا ودمرت صناعتنا الوطنية واغلقت مصانعنا ونهبت ثرواتنا.

· وتدير مؤسسات الاقراض الدولى التى افقدتنا استقلالنا وفككت اقتصادنا الوطنى وسيطرت عليه والحقتنا بأسواق المستهلكين وأفقرت شعوبنا ودمرت عملتنا، واغرقتنا فى مليارات الدولارات من القروض والديون.

· وهى التى قامت من خلال اموال المعونة الامريكية الاقتصادية ومشروعتها منذ السبعينات التى بدأت بـ 815 مليون دولار سنويا، بتاسيس وصناعة طبقة تابعة من رجال الاعمال المصريين، اصبحت اليوم بمثابة طابور خامس ومخلب قط وراس حربة لرؤوس الاموال العالمية، تقدم لهم التسهيلات والتشهيلات، وتشاركهم نهب اموالنا ومواردنا وتصفية صناعاتنا الوطنية، من خلال آلاف التوكيلات للشركات والمنتجات الأجنبية.

· وامريكا هى التى وضعت أسس النظام السياسى لحكم "مصر كامب ديفيد" وحددت مواصفات الحكام، وعلى رأسها الالتزام بالسلام مع (اسرائيل) وبالحفاظ على امنها، وهو ما عبر عنه الدكتور/ مصطفى الفقى عام 2009/2010 بقوله ان اى رئيس مصرى يجب ان توافق عليه الولايات المتحدة وتقبله (اسرائيل).

·  وهى التى اسست الكتائب الاستخبارية الاجنبية وجندت مثيلتها المحلية لضرب وتفكيك اى مقومات فكرية وعقائدية تناهض التبعية وتتمسك بالتحرر والمقاومة والاستقلال، لا فرق لديها بين تيار وطنى أو قومى أو اسلامى أو اشتراكى.

· وعلى المستوى العربى والاقليمى قامت بحصار العراق لعشر سنوات قبل ان تقوم بغزوه وتدميره وانهاء وجوده كدولة عربية مستقلة وقوية ووطنية.

·وبذرت قواعدها وقواتها العسكرية حولنا فى امارات وممالك الخليج التى تحولت الى محميات أمريكية.

· ونجحت فى تنفيذ مخطط تقسيم السودان بعد تهميش دور مصر وضرب مصالحها هناك، فى اطار مشروع أكبر لتفتيت باقى الدول العربية.

· وهى التى اعادت رسم خرائط المنطقة وترتيباتها الامنية، لتقزيم دور مصر ومكانتها ولتصبح (اسرائيل) هى الدولة الاقليمية العظمى التى يدور فى فلكها عديد من الدول العربية عبر ما يسمى بصفقة القرن واتفاقات ابراهام المزعومة وتأسيس ناتو عربى/اسرائيلى تحت القيادة الامريكية.

·ولتطلق يدها لابتلاع ما تبقى من فلسطين وتهبها الجولان وتحمى وتبارك اقتحامات المسجد الاقصى ومشروعات تقسيمه وتهويده وجرائم القتل والابادة اليومية للفلسطينيين، مع تجريم اى مقاومة فلسطينية ووصمها بالارهاب.

·  وحين أرادت الشعوب العربية التحرر من أغلالها واسقاط هذا النظام العربى الرسمى التابع والعاجز والمهزوم، كانت الولايات المتحدة على رأس القوى التى اجهضت الثورات العربية بالاختراق والافساد والاحتواء والعسكرة.

·  وهى التى تدعى كذبا دعمها لحقوق الانسان، بينما تقوم بحماية كل انظمة الحكم المستبدة، طالما انخرطت فى حظيرتها وخدمت مصالحها وقامت بالتطبيع والتحالف مع (اسرائيل).

***

لكل ذلك وغيره الكثير، نؤكد على اننا لسنا حلفاء للامريكان ولا شركاء لهم وليس بيننا وبينهم ذات التوجه لا من قريب او بعيد، فتاريخنا معهم هو تاريخ طويل ومرير من الغدر والنهب والعدوان التهديد والاكراه والتبعية، بل أن غايتنا الرئيسية هى الانعتاق منهم والاستقلال عنهم وتحرير الأمة من وجودهم وهيمنتهم ونفوذهم وانقاذها من مخططاتهم، وهى حقائق تاريخية وثوابت وطنية لا تقبل التبديل او المقايضة من أجل نفحة رضا امريكية هنا او هناك.

*****

القاهرة فى 14 نوفمبر 2022

09 نوفمبر 2022

عبد الهادي راجي المجالي يكتب: ماذا فعلت قطر في كأس العالم

نقلا عن وكالة عكاظ الاردنية

نشرت أحاديث للرسول , وايات قرانية باللغتين العربية والإنجليزية …على اللوحات الإعلانية والجداريات , حتى يقرأها الذين يأتون لمشاهدة كأس العالم …حسنا نحن لم نترك دعاية شامبو ولا مجوهرات , ولا مذيعىة تبث برامج (مايصة) ..ولا أنواع (مكياج) ..أو (دالاس ) للسياحة والسفر ..إلا ونشرناها على جدران عمان ..

قطر أعادت انتاج الهوية ورسختها وانتجت ثقافة خاصة بالدولة ..انظروا لأسماء الملاعب : ملعب الثمامة , ملعب أحمد بن علي , ملعب البيت , ملعب لوسيل ..الخ , نحن ألغينا كل الأسماء العربية ..حوض المدينة الطبية حولناه للبزنس بارك , العبدلي حولناه للبوليفارد , شارع الشهيد وصفي التل حولناه للجاردنز , حوض الفقوس حولناه للسيتي مول …حتى ملامح وجوهنا طمسناها ..

قطر قررت أن يكون الدشداش والشماغ هو اللباس الرسمي لهذه المناسبة , ويمنع على أي قطري أن يرتدي الربطة وبدلة العمق , ونحن في مناسباتنا الوطنية : تصبح ماركات : ( فانجلز , مسيمو دوتي , دورشستر , بالي …الخ) هي الرائجة والمعبرة عن الضمير الوطني .

قطر اعتزت (بالبرقع) والعباءة التي ترتديها النساء هناك , ستشاهدون الألوف من العباءات السود في استاد الثمامة , والألوف في الشوارع …ونحن صارت المدرقة زيا تراثيا يشتريه السائح الأجنبي فقط , والعصابة التي توضع على الرأس مجرد صور لفنان مهووس بتصوير التراث , والمجند وثياب البادية صارت زيا تاريخيا أيضا يستعمل في مكاتب السادة الوزراء لصب القهوة .

قطر وظفت المال والغاز والرمل ومراكب صيد اللؤلؤ , وكل التراث البسيط لانتاج هوية للدولة ونحن وظفنا المال والخصخصة , واستوردنا كل (داشر عابر) …ووظفنا الريادة , والمؤسسات , والليبرالية , والتكنوقراط ..فقط لطمس الهوية , صرت تائها لا اعرف أين اقع على الخارطة صرت تائها بين نفسي ونفسي وكأني انتجت انقلابا على نفسي وهزمت نفسي .

قطر استوردت العقل , ونحن كل عقل أردني (مفتح) صدرناه لهم …هربنا أولادنا من البلد , قطر في كأس العالم قررت أن تدفع نفقة عودة كل قطري يدرس أو يعمل في الخارج , كي يشاهد كأس العالم ..ونحن أنتجنا قتيبة الذي وصل أقصى طموح له : الحصول على فيزا والهروب لأمريكا ..

قطر فتحت حدودها للسوري واللبناني والصومالي واليمني , ومنحتهم أجورهم كي يبنوا المرافق ويعملوا في الدولة , ونحن فتحنا حدودنا أيضا. وطلبنا معونات باسمهم وبنينا لهم مخيمات , وأحضرنا وزراء الخارجية في أوروبا ..كي نقول أن الأردن يدفع ضريبة الحروب في المنطقة… وفيما بعد سنوطنهم جميعا .

ماذا أقول أكثر ؟ ..إلى هنا ويكفي ..لقد تجاوزنا مرحلة البكاء , والحمد لله أننا الان في أوج النحيب

08 نوفمبر 2022

محمد سيف الدولة يكنب: اعترافات قاتل اقتصادى


فيما يلى شهادة قد تكون مفيدة لتنمية الوعى بمخاطر وعواقب الاقتراض الخارجى، ولدعم وتنشيط المعارضة الوطنية للاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى وأمثاله، وللدفاع عن استقلالية الارادة الوطنية والسياسات الاقتصادية فى مصر وأى بلد عربى، فى مواجهة كل المحاولات الخارجية لإضعافه وإخضاعه.

انها شهادة لـ "جون بيركنز" مؤلف كتاب ((الاغتيال الاقتصادي للأمم ـ اعترافات قرصان اقتصادي))، منشورة على اليوتيوب بعنوان ((ولادة القاتل الاقتصادي)). وهى مكونة من جزئين؛ الجزء الأول والأهم والمنشور فيما يلى، يشرح فيه كيف تقوم الدول الرأسمالية الكبرى بالانقضاض على أى بلد لإخضاعها اقتصاديا والسيطرة عليها. أما الجزء الثاني فهو يحكى كيف فعلوها فى ايران عام 1953 وفى جواتيمالا 1954 والاكوادور 1981 وبنما 1981 والعراق 2003.

***

يقول جون بيركنز:

((هناك طريقتان لقهر واستعباد الأمم: الأولى بحد السيف والأخرى عن طريق الديون.

نحن القتلة الإقتصاديون مسئولون حقا عن خلق هذه الإمبراطورية العالمية الأولى من نوعها، ونحن نعمل بطرق مختلفة كثيرة.

ولكن ربما كانت الطريقة الأكثر شيوعا هي أننا نحدد بلدا لديه موارد تثير لعاب شركاتنا مثل النفط، وبعد ذلك نرتب قرضا ضخما لهذا البلد من البنك الدولي أو أي من المنظمات الحليفة. ولكن المال لايذهب فعلا لهذا البلد وبدلا من ذلك يذهب إلى شركاتنا الكبرى لبناء مشاريع البنية التحتية في ذلك البلد: محطات توليد الطاقة، المجمعات الصناعية، الموانئ، وهو ما يعود بالنفع على قلة من الأغنياء في ذلك البلد بالإضافة إلى شركاتنا ولكنها في الواقع لا تساعد أغلبية العامة من الناس على الإطلاق.

ونترك هؤلاء الناس وكل البلد حاملا عبء دين ضخم من المستحيل سداده، وهذا جزء من الخطة، ان يكونوا عاجزين عن سداده، ثم نأتى نحن بعد ذلك، نحن القتلة الإقتصاديون قائلين لهم:

اسمعوا .. أنتم مدينون لنا بالكثيرمن المال ولا يمكنكم سداد ديونكم. حسنا قوموا ببيع النفط الخاص بكم بسعر بخس لشركاتنا النفطية

وإسمحوا لنا ببناء قاعدة عسكرية في بلدكم.

أو إرسلوا قوات لدعمنا في مكان ما من العالم مثل العراق.

أو صوتوا معنا في تصويت الأمم المتحدة المقبل.

أو خصخصة شركات الكهرباء الخاصة بهم .

أو خصخصة شركات الماء والمجارير الخاصة بهم وبيعها للشركات الأمريكية.

وهذا كله ينمو ويتطور مثل الفطريات وهي الطريقة الإعتيادية لعمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهى أن يترك البلد حاملا عبء الدين وهو دين ضخم من المستحيل سداده وبعد ذلك تعرض إعادة تمويل الدين ودفع المزيد من الفائدة.

وهو ما يطلق عليه "المشروطية" أو "الحكم الرشيد" وهو ما يعني في الأساس أنه يتوجب عليهم بيع مواردهم بما في ذلك العديد من خدماتهم الإجتماعية وشركات المرافق وأحيانا نظمهم المدرسية، ونظمهم القانونية ونظم تأمينهم إلى الشركات الأجنبية.

اننا فى الحقيقة نوجه اليهم ضربات متعددة الطلقات.))

*****

القاهرة فى 8 نوفمبر 2022

05 نوفمبر 2022

سيد أمين يكتب: عمران خان يواجه عاصفة التلطيخ

 

كان من المتوقع تمامًا أن يصدر حكم من مفوضية الانتخابات باستبعاد رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان من العمل السياسي لمدة 5 سنوات، فالقضاء الباكستاني شأنه شأن أي قضاء يقع في دولة تسيطر عليها سلطة عسكرية، يدور في فلكها ويعبّر عنها، لا سيما لو جاءت تلك السلطة عقب انقلاب “مقنَّع” على سلطة مدنية.

جاء الحكم الزلزال ليزيل من أمام المتحكمين في السلطة الباكستانية منافسًا عتيدًا يدين له عشرات الملايين من الباكستانيين بالولاء ويعدّونه بطلًا قوميًا، لا سيما من طوائف الشباب المطالبين بمدنية الدولة ووقف سيطرة الجيش على العمل السياسي، والاستقلال عن النفوذ الغربي، وذلك بسبب خطاباته وسياساته الساعية للتملص من الهيمنة الأمريكية على البلاد، ومحاربة الفساد المستشري بين الطبقات العسكرية والقضائية، وتنويع مصادر السلاح، والانفتاح على حركة طالبان.

خاصة أن خلفه شهباز شريف أحد رجال المعارضة البارزين الذي انتخبه البرلمان الباكستاني رئيسًا للوزراء في أبريل الماضي ضمن حكومة ائتلافية لحزبي الرابطة الإسلامية والشعب الباكستاني جاء لمنصبه بفوز يسير بنحو 174 صوتًا من أصل 342 صوتًا.

وفيما يبدو أن من يلعب خلف الكواليس هناك أراد أن يستكمل حرق زعماء المعارضة التي بدأها بعمران خان حينما جعل أعضاء من حزبه “حركة الإنصاف” بالإضافة إلى نواب آخرين من كتل برلمانية أخرى موالية يخذلونه في تصويت على سحب الثقة منه في أبريل الماضي، مع تسرب معلومات عن تلقيهم “تهديدات من جهات أمنية” في حال التصويت لدعمه.

ثم استمر هذا اللاعب في مهمته ليطول الحريق عدوه وخليفته شهباز شريف الذي ينتمي لأسرة أرستوقراطية، فضلًا عن أنه شقيق رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف -الذي انقلب عليه الديكتاتور برويز مشرف عام 1999- فسمحوا له بالفوز في تصويت البرلمان بفارق ضئيل، ليتولى منصبه وسط أجواء اقتصادية وأمنية عاصفة لا يمكن أن يجتازها أكثر السياسيين حنكة وحيطة.

في حين كان يمكن لهذا العابث خلف الكواليس بتوجيه النواب ضد شهباز أيضًا، لولا أن هناك حاجة في نفسه كان يريد أن يقضيها، وهو ضرب العصفورين المتنافسين بحجر واحد.

فالوضع الاقتصادي للبلاد مزريّ، والتضخم والدين الداخلي والخارجي هائل، مع تراجع كبير لقيمة الروبية الباكستانية، وهي الأجواء ذاتها والأسباب نفسها التي ورثها عمران خان من سابقه وخفضت من حماسة أنصاره له، فما بالك إذا كان كثر من الباكستانيين يرون أن شهباز متورط في التآمر على عمران خان ويذوق الآن الكأس نفسه الذي أسهم في سقايته له.

تنفيذ الحكم

والسؤال الأكثر أهمية الآن في المجتمع الباكستاني ولدى المراقبين لشأن هذا البلد الكبير: هل سيمر هذا الحكم؟ وهل سينال الرجل مصير مشرف أم بوتو؟

التجربة أثبتت أن الأحكام في باكستان كما في عالمنا الثالث كله تمر طبقًا لطبيعتها ولمن صدرت ضده أو لصالحه، وطبقًا للأضرار أو المنافع التي ستنجم عنها.

فهناك حكم نادر أصدرته محكمة باكستانية في ديسمبر 2019 ضد الجنرال برويز مشرف بالإعدام مع تعليق جثته أمام البرلمان لثلاثة أيام، إلا أن الجيش استاء من إدانة أحد جنرالاته بمثل هذا الحكم، فسارع المدعي العام الذي تم تعيينه في ظروف مرتبكة ليعلن أن حكمًا من هذا النوع “غير دستوري وغير أخلاقي وغير قانوني”، وأن القضاء “ألغى كل شيء”.

في حين أن محكمة أخرى كانت قد أصدرت حكمًا بالإعدام على ذي الفقار علي بوتو بعد انقلاب الجنرال ضياء الحق عليه بتهمة فضفاضة أسموها “إهدار الممارسات الديمقراطية”، ونُفّذ الحكم فعليًا عليه في أبريل ١٩٧٩ بدلًا من تكريمه لكونه راعيًا لأهم إنجاز في تاريخ باكستان وهو حيازتها للقنبلة النووية.

المؤشرات تتجه لتنفيذ سيناريو “بوتو” وأن أحكامًا قد تصدر مستقبلًا بإعدام “عمران خان”، لكن هناك صعوبات كثيرة تحول دون الوصول لهذا السيناريو أهمها شعبيته الجارفة في الداخل، والكاريزما العالمية التي تملكها الرجل بصفته سياسيًا سواء أو لأنه واحد من أشهر 6 لاعبي كريكيت في العالم جعلته رمزًا دوليًا.

وهو ما قد يخشى معه تنفيذ سيناريو رئيسة الوزراء “بينظير علي بوتو” التي تم اغتيالها في مؤتمر انتخابي عام 2007 لمنعها من الوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء مرة جديدة، ولعل “عمران” يدرك تلك المخاطر، وهو السيناريو الذي جرت محاولة فاشلة له صباح اليوم الخميس بينما هذا المقال في طريقه للنشر.

القضية والطعن

من الواضح أن عمران خان واثق جدًا من اتساع شعبيته بدليل المظاهرات المليونية التي قام بها طيلة الأسابيع الماضية نحو العاصمة إسلام أباد لإسقاط الحكومة الحالية وإجراء انتخابات مبكرة، أما بخصوص الحكم المثير للضجة فقد تم الطعن أمام محكمة إسلام أباد العليا لإسقاطه هو أيضًا.

ولعل هذه الثقة وتلك المثابرة وما تركته من انطباعات هي من دعت بابار افتخار المتحدث باسم الجيش يعقد مع قائد وكالة الاستخبارات الرئيسية الجنرال نديم أنجوم، مؤتمرًا صحفيًا نادرًا يهاجم فيه عمران خان، ويؤكد فيه أن الجيش لن يقوم بدور غير دستوري ولا يقحم نفسه بالسياسة.

علمًا بأن “انجوم” كان واحدًا من أبرز الشخصيات التي اعترض “عمران خان” على توليها منصبها، لكن إرادة السلطة العسكرية انتصرت في النهاية.

وإذا كان هذا الجدل بسبب الحكم إلا أن تفاصيله هي محط الدهشة، وهو يتعلق باتهام “خان” ببيع “ساعات ملكية” قيمتها 650 ألف دولار أمريكي قدمت له أثناء فترة رئاسته للوزراء كهدايا شخصية، وهي الاتهامات التي نفاها تمامًا وعدّها محاولة لوصمه بالفساد، وهو الرجل الذي كانت خطته الأساسية محاربته، فضلًا عن صدور الحكم من محكمة غير مختصة.

الأحداث في باكستان رتيبة، ولم يتغير شيء منذ الاستقلال، أدوات في الظاهر والمتحكمون خلف الكواليس.

……

من البداية كنا ندرك أن من يعادي النفوذ الغربي في بلادنا لن يستمر.

لتخطي الحجب | ajm.me/78iwlq ajm.me/q7dlyb