04 سبتمبر 2012

نارام سرجون : الرئيس الأسد أخطر رجال الشرق ..ومرسي يضيع بين المراسي والمراثي



بقلم: نارام سرجون   
أعرف أنني أحارب الظلام الواسع ..لكنني في هذا الليل العربي الداجي .. سأملأ فمي بالضوء وأتحدث .. وسأملأ قلمي بالضوء وأكتب على وجه الليل الواسع أنني حر .. فأين هو الليل الذي يقدر على أن يطمس نورا مضيئا وقبسا حرا حتى لو كان وشاح الليل الأسود مبللا بالنفط الأسود؟ .. سأرسم بالقبس القمر ونجمتين مضيئتين خضراوين .. وفي أعلى اللوحة سأرسم طلوع الفجر الأحمر ..وفي وسط اللوحة سأطلق ضوء الشمس .. من قلمي ..وأوقّع .. أنا من سورية
وأعرف أني في مقاييس الزمن ماأنا الا زمن صغير أحارب جيوش القرون الهرمة التي تكللت بالشيب والقادمة من جلابيب التاريخ ذات الغبار .. ولكن من ذا الذي يقدر أن ينزع مني نزقي وأجنحتي بعد اليوم ..؟؟ ومن ذا الذي يستطيع أن يمنعني من أحب الضوء وأسعى اليه وأخفق حوله .. ومن أن أكره الظلام وأنفر منه .. ..

والمقارنة بين الرئيس الأسد والرئيس محمد مرسي هي المقارنة بين الضوء والظلام .. ولاأدري ان كان توقيت مقابلة الرئيس الأسد مع قناة الدنيا قبل خطبة الرئيس المصري في طهران مقصودا ومحسوبا من قبل السوريين ليرى الناس الفرق بين الرجلين .. فاليوم في طهران وقف رجل مصري اسمه محمد مرسي يريد تدمير سورية .. وبجانبه وقف رجل ايراني اسمه أحمدي نجاد يريد تدمير اسرائيل .. والخلاف بينهما هو .. الرئيس الأسد الذي بيده مصير المشروعين .. ليثبت بالدليل القاطع أن الأسد هو الرجل الأخطر في الشرق الأوسط على الاطلاق .. لانه الفيصل بين مشروعين كبيرين .. مشروع نجاد لتدمير اسرائيل .. ومشروع مرسي لاحياء اسرائيل بتدمير سورية ..

لن أتحدث عن أبسط شيء يلاحظه المراقب للمقارنة بين رجلين تحدثا في يوم أو يومين .. الأسد ومرسي .. فأبسط شيء أبدا به هو أن اللغة العربية انحازت للأسد ونفرت من مرسي .. لغة القرآن التي يجب أن تكون دستور مرسي (الاسلامي) كانت منفرة وقد عانت وتعذبت على لسانه وهو من يفترض فيه أن يكون قارئا للقرآن ومتقنا للغته .. ولاأستطيع أن أتخيل أن اسلاميا قياديا مثله لايعرف أبسط قواعد اللغة العربية اذا كان فعلا يقرأ القرآن وينهل منه طوال عمره .. فاذا به يجرّ مالايجرّ ويفتح مالايفتح ويكسر السكون..وغني عن القول ان من لايعرف أساسيات اللغة العربية لن يعرف دستور اللغة ولن يفهمه .. أي القرآن الكريم .. ونصيحتي لمن يكتب له خطاباته ان يتذكر أن الرئيس مرسي بأمس الحاجة الى اختراعات (أبي الأسود الدؤلي) على نهايات الحروف .. أما حديث الرئيس الأسد العفوي والسلس والمتقن باللغة العربية التي كانت مكرّمة على شفتيه كما في بيت أمها وأبيها فيدل على أن من يعرف الحرف وحركة الحرف ودقة المعاني يلم بدستور الحرف العربي .. القرآن الكريم وروح القرآن ..

لن أتحدث عن الرئيس الأسد على أنه خارق وسوبرمان كما تحاول المعارضات المريضة الايحاء بأنه يتصرف كالرجل الخارق وفوق الناس وبأننا نصوره كالسوبرمان .. بل لابد من الاعتراف أنه ظهر كما هو رجل دولة وقائدا من الطراز الاستثنائي .. كان في منتهى الصدق والوضوح والشفافية والعفوية ودون لمسات النفاق التي رأيناها في مراثي مرسي .. وبدا الأسد رجلا يحترف صناعة التاريخ لأنه يعرف الواقع ويعرف أن الرومانسية السياسية هي العدو الرئيسي للشعوب في الأزمات .. ان هذا الرجل في خطر لأنه أخطر رجال الشرق الأوسط القادم .. وأستطيع فهم الصحفي الطبال عبد الباري عطوان الذي حاول هدم حديث الأسد بوصفه بأنه متشائم .. لأنه يبعث فعلا على تشاؤم معسكر الشر بواقعيته وبعده عن الرومانسية السياسية ..

لقد حاول مرسي كما توقعنا أن يتقرب من ايران وأن يبتعد عن سورية كما طلب منه أن يكون دوره في هذه المرحلة جسرا نحو ايران للوصول الى سورية .. فاذا لم تبتعد سورية عن ايران فلماذا لايكون العكس بابعاد ايران عن سورية باسفين مصري .. وهذه أولى عثرات الفكر الاسلامي المصري الجديد ودلائل سوء تقديراته وقراءاته الساذجة .. التي بدت في نفاق اللغة بالحديث عن فلسطين ودعم شعبها دون أن يصف اسرائيل بصفات مشينة كما فعل في توصيفه للنظام السوري فبدا النظام السوري أسوأ من اسرائيل .. وأتبع ذلك بالحديث عن اصلاح مجلس الأمن من أجل سورية وليس من أجل فلسطين .. أي لعبة تشتيت انتباه الجماهير .. كمن يطلب منك التحدبق في عينيه لتقرأ نواياه كي تنسى يده الممسكة بالسكين نحوك .. نسيت سفن مرسي كل فيتوات اميريكا وتذكرت القاء المرساة أمام فيتو روسي صيني لحماية الشعب السوري .. ان مرساة مرسي .. هي المرثاة .. والمأساة..
مرسي يريد منا أن نتصور السياسة رومانسية وأن الاطناب بالحلول السلمية سيغطي على نواياه .. كما بدا مشهد وصوله الى السلطة رومانسيا وروائي الحبكة بالرغم من بوليسيات أغاثا كريستي في تمثيليات الاخوان السرية مع الأمريكان .. مرسي يريد أن يلقي بثقل مصر لتسويق فكرة الحل السلمي الرومانسي للأزمة السورية .. لكن على الطريقة الأمريكية .. وهو ربما ناقل للرسالة الرومانسية التالية: ان رحيل الرئيس الأسد هو نهاية الأزمة سلميا.. هذا ماقاله قبل أيام لرويترز ..وهو كما يبدو تصوره الرومانسي
.
رومانسية المراسي والمراثي:
الرومانسية السياسية هي مايقتل الأمم .. كن رومانسيا حيثما تريد الا في الحروب والسياسة .. الرومانسية السياسية العربية هي التي أوصلتنا الى سايكس بيكو الأولى وهي التي تدشن انطلاق الثانية..
كان الشرق يحلم بمشروع قومي عربي والتقط لورنس العرب وشركاؤه رومانسية شرقية وأدخلونا في ليالي شهرزاد ..حتى خطفت منا فلسطين .. وقطع رأس شهريار .. وتبين أن شهرزاد التي حدثتنا عن الدولة العربية المستقلة حتى الصباح ليست الا الصهيونية العالمية..
الرومانسيون العرب الذين ارتدوا جلابيب الربيع كالبلهاء وحضروا المهرجان لم يعرفوا أنهم في حفلة تنكرية وأن كل الحضور كان متنكرا بثياب حقوق الانسان والحرية والديمقراطية ..فقط المثقفون العرب وجماهيرهم كانوا على نياتهم ورقصوا بجلابيبهم في السهرة حول علبة اسمها صندوق الانتخاب ونادوا بالحرية .. السهرة انتهت ..وطلع الصبح ..وسيعود المثقفون العرب ليس الى بيوتهم القديمة .. بل الى الشارع .. لأنه لم تبق لهم بيوت ولاأوطان .. فبيوتهم سكنها السلفيون وعتاولة القاعدة وذوو اللحى الطويلة المنفوشة .. وكل هذه الحفلة والرقصة كانت لاسكان السلفيين والوهابيين بيوتنا .. والسلفيون وقعوا على عقد الايجار مع الغرب .. والغرب هو وحده الذي سيلقي بهم في الشارع بعد أن يدعوهم يوما الى حفلة خيرية جديدة لذكر الله .. لاسكان طلاب سلطة جدد بعقد جديد ..

حفلة شهرزاد الرومانسية التي رتبها لورنس العرب انتهت بلوعة وفاجعة بفقدان فلسطين .. لوعة لم تتوقف ولم تبرد .. أما حفلة الرقص الرومانسي (رقصة الربيع العربي) في الحفلة التنكرية الأخيرة التي دعا اليها برنار هنري ليفي واعتقدت نخب العرب أنها باليه بحيرة البجع .. فانها انتهت نهاية دموية فجائعية وأوصلت الدم الى كل البيوت كما تصل أنابيب المياه اليها.. وملأت دهاليز الذاكرة بدم سنرثه جيلا وراء جيل .. وانتهت الأحلام الرومانسية الى حرب دينية قروسطية سيدشنها الاسلاميون من تونس الى تركيا .. حتى صار البعض يريد اضفاء صفات مذهبية على شخصيات لايمكن مذهبتها مثل الرئيس عبد الناصر السني وعبد القادر الجزائري وجمال الدين الأفغاني الشيعي .. ولاأستغرب ان صار الناس يتساءلون ان كانت جذور عبد الحليم حافظ سنية أم شيعية .. وهل اعتنق صوت فيروز المذاهب والتعصب وأن نقاطعه لأنه غنى لـ "الطفل في المغارة..وأمه مريم" .. وليس للرسول في الغار !!..
من الرومانسيات العربية التي يروجها أصحاب الحفلات هذه الأيام رومانسية الحل السلمي بتبديل الرئيس .. لأن كل الأزمة السورية وكل الدم يتوقف في تنازل واحد بسيط هو (رحيل الرئيس بشار الأسد) ..ويردد البسطاء والبلهاء ذلك من رواد المقاهي الى الأبله الرزوقي .. الى مرسي المراثي محمد مرسي .. وبالطبع فان الناس تردد مايقال بطريقة العدوى .. وهناك من الناس من لايفقه في السياسة شيئا لكنه بارع في الترديد (رديدة) مثل كورس الغناء .. وهناك أناس يعتقدون أن ترديد الشعارات السياسية هو مثل الموضة يجب اللحاق بها .. وهناك من يقول مايسمع لأنه يردد المقولات المتكررة ظنا منه أن ذلك يجعله متميزا في المجتمع ومن (الناس الفهمانين) من باب الشعور بالنقص كما يفعل بعض الفقراء الذين يدخلون الى المولات التجارية الكبيرة الفاخرة بدعوى التسوق من الأماكن الراقية أو الذين يبحثون عن ماركة ثياب فاخرة ونظارات شمسية ينتسبون من خلالها الى عالم الأبهة نفسيا وهم مساكين مدينون لبقال الحارة وتاجر البالة.. وحالهم أحيانا كحال القروي الذي التقى المحافظ أو الوزير لدقائق وصافحه فصار يردد الحكاية وكلمات المحافظ كل العمر وفي كل مناسبة ويورثها لأبنائه للفخر..

لن أكون رومانسيا ولكن معرفتي بخطر الرومانسية السياسية تجعلني أعتقد أن هذه الدعوة الرومانسية هي أخطر دعوة على الاطلاق ..ويكاد المرددون المتحمسون لها يصفون عبارة (رحيل الرئيس الأسد يعني رحيل الأزمة) بمثل ما وصف الوليد بن المغيرة كلام القرآن عندما سمعه .. فاذا بهم يقولون عن هذه العبارة: "ان بها لحلاوة ..وان عليها لطلاوة .. وان أسفلها لمغدق .. وان أعلاها لمثمر..وانها لتعلو ولايعلى عليها".. انها قطعة مقدسة من قرآن الربيع العربي ..قرآن هنري ليفي..
من ينظر الى هذه المعادلة البسيطة يعتقد أن من العار رفضها .. فالتخلي عن رجل من أجل أمة كاملة هو المنطق والواجب .. وأن الرومانسية هي التمسك برجل وانكار أمة كاملة .. لكن ماذا وراء هذه الدعوة الرومانسية المفخخة؟؟ ..
هذه المعادلة (رحيل الرئيس بشار الأسد = نهاية الأزمة السورية) هي في الواقع معادلة تشبه معادلة الانشطار النووي .. التي تبدأ بالقاء نيوترون واحد في قلب الذرة فتتوالى فيها الانشطارات والانفجارات الهائلة والحرائق ..هذا النيوترون السياسي في الأزمة السورية هو الشطر الأول من المعادلة (رحيل الرئيس) ..ولكن التفاعل يأخذ منحى تفاعليا آخر .. سينتقل التفاعل السياسي الى شيء مختلف تماما .. أي الى بداية الأزمة الحقيقية السورية ..وسيتلو ذلك انشطار ذري آخر هو .. بداية الحرب الأهلية السورية الكبرى .. يتلو ذلك تفاعل آخر يقول بداية تقسيم سورية .. وينتهي بحريق هائل هو حريق سورية .. وينتهي التفاعل بـ نهاية سورية .. وآخر مرحلة من هذا التفجير النووي هو .. هنا كانت سورية..

ماذا يعني الاصرار على رحيل الأسد؟ وهل الرئيس الأسد هو سورية؟؟
ان منتهى الرومانسية الساذجة هو الذهاب في اتجاه الاقتناع أن نهاية الأزمة السورية تكمن في اجراء بسيط هو رحيل الرئيس.. وهي معادلة خبيثة تقنع الكثيرين في الشارع العربي الطيب الساذج الذي يؤلمه النزيف السوري .. وتبين أن عمليات القتل الممنهج المقصود المنتشر تريد ان توصل كل من يتألم على سورية بأن يقبل اي حل طالما انه يوقف النزيف .. فما بالك بحل بسيط جدا؟ ..أي رحيل الرئيس ..تريد هذه اللعبة التسلل الى الشارع السوري بعد أن تمكنت من الرسوخ في أذهان المتمردين على أنها الحل السحري ذي التكلفة الأقل .. لكن هذه الخطوة هي الخطوة التي ستطلق شرارة الجحيم الذي لن يلملمه الرومانس العربي ولن تكفيه كل أحلام البلهاء ونواياهم الطيبة .. والدماغ الذي وضع هذا الشرط لتسوية الأزمة هو دماغ لابد من الاعتراف بعبقريته وجهنميته .. ولكن عبقريته تسقط اذا تمكنا من تفكيك معادلته ..

تفكيك المعادلة:
في بداية الأحداث لم تقترب المطالب الثورجية من رحيل الرئيس بل بدأت برحيل محافظ ورجل أمن فتم ذلك .. تلاها المطالبة برحيل قانون الطوارئ فتم ذلك ..ثم محكمة أمن الدولة .. لكن ارتفعت سوية المطالب الى رحيل الدستور ورحيل المادة الثامنة .. وكان الكثيرون من السذج يسمعون المعارضين الذين كانوا يتحدون الدولة السورية ان كانت قادرة على التخلي عن أيقونة الدستور (المادة الثامنة) لأن التخلي عنها هو تخل عن شرعية الحكم ونهاية عصر الاستبداد .. وفي هذه المرحلة وبالرغم من الاشارات الى امكانية اسقاط المادة الثامنة -وهذا ماحصل - تبلورت القوة الحقيقية خلف الأحداث وهي قوى الغرب ..وبرزت الغاية الحقيقية من اسقاط المبررات الدستورية لاستمرار نظام الحكم ومعادلة رحيل الأسد كامتداد لمسلسل رحيل الزعماء في الجمهوريات العربية ..واحلال حكومات اسلامية متماهية مع الملكيات العربية مرحليا قبل تغييرها..
ان المطالبة برحيل الرئيس كشرط وحيد تريد منه الولايات المتحدة وحلفاؤها أن تبدأ بذلك مرحلة انهاء سورية ..هذا الكلام لانقوله تعصبا للرئيس .. ولكن شاءت الأقدار أن هذا الرئيس ارتبطت به الأقدار السورية المنظورة .. فلنواجه الحقائق التالية .. والتسلح بالحقائق يوصل الى منارات الحكمة ..أما السعي بين الصفا والمروة (الحوار والسلاح) في الأزمة السورية فهو الكذبة الكبرى..وليست من الحج السياسي في شيء..

1- فمن الحقائق أنه ولظروف معقدة - بغض النظر عن أسبابها - على مدى طويل لاتوجد حتى الآن شخصية مقبولة من الطيف الأوسع جماهيريا .. ولم تستطع الظروف الراهنة فرض شخصية وطنية لها تأييد يتجاوز 10% بل ان معظم رموز المعارضة الحاليين رغم علو أصواتهم ليس لهم تمثيل على الأرض يتجاوز 1 - 5 % .. أي أن اي شخصية قادمة سيكون غالبية الجمهور ضدها .. ووصول هذه الشخصيات الضعيفة هو اضعاف لموقع سورية الاقليمي والدولي وتشجيع اللاعبين على التلاعب بالرئيس السوري الضعيف داخليا..

2- ان مقام الرئاسة يجب أن يكون المقام الأقوى جماهيريا ليكون الأقوى خارجيا .. ولنعترف دون مواربة أن أي شخص في القيادات السورية المعارضة دون استثناء لايحظى بشعبية مناسبة للوصول الى موقع الرئاسة الذي يعتبر الموقع الذي يجب حتما أن يصله شخص له تأييد واسع لايقل عن 50% في انتخابات رئاسية ..ولذلك تهرّب كل المعارضين من فكرة انتخابات رئاسية ..ومنازلة الأسد شعبيا ..
فقبل طلب رحيل الرئيس يجب أن يكون هناك بديل مقبول .. يتم اعداده عبر برنامج انتقاء وطني وتنافس برامجي في جو من الهدوء السياسي والثقة المتبادلة .. أما فرض الرئيس وسلقه بسرعة من أجل أزمة وطنية خارجية التحكم فهذا مايطلق عليه "طفولة سياسية" .. ورحلة في حقول الألغام..
وأما أنشودة ارحل واترك لنا الباقي في بلد معقد مثل سورية فهذ مثير للغثيان والرثاء وهو تسليم البلاد للأقدار واليانصيب على مبدأ (فلينزل القبطان على الميناء ولتبحر السفينة على بركة الله) .. أو كأن الرئاسة هي ناقة النبي التي تختار أن تبرك أمام البيت الذي تختار ..

3- هناك الاقليات الاثنية والدينية التي صارت متوجسة جدا من التمدد السلفي الذي برز ذيله الكبير بلا ضوابط مثل ذيل الديناصور تحت ثياب المجلس الوطني ومثقفيه الأراجوزات .. وهناك أيضا النخب المثقفة والتجارية الواسعة التي لاتحس بالاطمئنان على المستقبل في مزارع اللحى ومحاكم الله أكبر ومحاكم "سبحان من حلل اليك الذبح" .. التي لاتتبع مرجعيات قانونية بل مرجعيات دينية وهذه المرجعيات غارقة في التشنج والجهل ولاتعرف في ادارة الدولة وليست لها أية خبرة سياسية..
4- ولكن الأخطر على الاطلاق هو ترويج هذه الدعوات عن الحلول السلمية ومناقشة موقع الرئاسة بعد انتشار المسلحين من كل المشارب في الأرياف السورية .. وبسبب هؤلاء المسلحين لن يمكن التعاطي مع هذا الطرح الا بعد اخراج السلاح من المعادلة أو السيطرة التامة عليه من قبل الدولة .. فمن الذي سيقوم بضبط المسلحين وضبط السلاح اذا قبلنا الآن برحيل الرئيس؟.. ومن هي مرجعية هؤلاء المقاتلين ؟.. الرئيس الجديد؟ .. من هو ؟؟وهل سيسيطر على كل قطاعاتها وألوانها؟؟ هل ستخضع للقيادات الجديدة؟ من هي هذه القيادات؟ فلاتوجد معارضة واحدة وبالتالي لاتخضع فوهات البنادق الا لجهاتها الخاصة بها .. فهناك من يتبع قطر وهناك من يتبع السعوديين وهناك أتراك وهناك قاعدة .. وهناك أكراد وهناك تركمان ..وهناك كل شيء الا من يقدر على ضبط هؤلاء كمرجعية لهم .. ومن سيخلص المجتمع من فوضى السلاح وفلتان الأرياف؟ الرئيس الجديد بجيش جديد؟؟ هراء ..ان استعراض الكوارث التي تتلو رحيل الرئيس يحتاج أطروحة كاملة للنقاش .. لايعرف عنها تلامذة الصفوف الابتدائية في المعارضة شيئا..ولايمكن القبول بها من خلال ضيوف لدقائق في برنامج حواري على محطات لها مرجعياتها الخارجية ..أن "طالبان سورية" يجب اضعافها أو ستئصالها قبل اي حديث عن مستقبل سورية ..

5- ثم ان القبول برحيل الرئيس يعني أن المؤسسة العسكرية ستخضع لعملية فلترة واسعة سريعة لاقصاء القيادات العسكرية التي تشكل مصدر قلق كبير للغرب طالما أن الغرب يريد ثمن دعمه للتغيير .. ولدينا هنا نموذجان يجب دراستهما بتأن لنرى كيف يريد الغرب السيطرة على المؤسسات العسكرية المتمردة عليه .. الأول هو المؤسسة العسكرية العراقية الوطنية التي لم تكن للولايات المتحدة سطوة عليها ولذلك قررت أميريكا بعد التخلص من صدام حسين اثر غزو العراق تدميرها بحل الجيش الوطني العراقي كله وماتلا ذلك من فلتان وحرب مذهبية .. والنموذج الثاني هو المؤسسة العسكرية المصرية وهي وطنية لكن صف القيادات الأولى الموالية لحسني مبارك كان للولايات المتحدة قول حاسم فيها بسبب المساعدات العسكرية بحجة معاهدة السلام وأمن مصالحها وكانت لها علاقات مباشرة معها وتستقبلهم في دورات التدريب والاعداد .. ولذلك تمت ازاحة مبارك بمساعدة المؤسسةالعسكرية العليا لصالح الاخوان في صفقة الربيع العربي دون المساس بقيادات الصف الأول أو الجيش ذات المزاج الغربي التي ستتحول الى نموذج العسكر التركي الحامي للمصالح الغربية "ديمقراطيا" الى أن توافق الادارات الأمريكية على بعض التعديل (مثال اقصاء المشيرين في مصر.. وضبط العسكر في تركيا حاليا لصالح أردوغان)..

أما في سورية فان النجاح في ابعاد الرئيس الأسد يعني أن القوى الغربية ستعمل بعد ذلك على التخلص من وطنية الجيش السوري بالتخلص (وفق بعض الكواليس) من القيادات الهامة الميدانية ذات الاهمية الاستراتيجية التي تشبه عملية تخدير الدماغ العسكري للجيش السوري باقصاء قياداته الكبيرة .. وسيتسبب التخلص الممنهج من القيادات العسكرية الرئيسية في تعريض البلاد فورا للخطر الخارجي الذي يتحين الفرصة .. وستفتح شهية من لاشهية له لابداء الرغبة في التدخل بأية حجة وتجاوز الحدود من تركيا الى اسرائيل اللتين لم تجرؤا على تخطي الحدود بوجود الجيش الوطني وقياداته .. لكنهما في غياب الرؤوس العسكرية والقيادات لن تفوتا هذه الفرصة التاريخية لفرض واقع جديد وبدء التقسيم .. ومن المعروف أن استئصال القيادات العسكرية يعني تعريض البلاد لخطر هزيمة عسكرية في أية مواجهة كما حدث مع نجاح الثورة الايرانية التي تخلصت من آلاف العسكريين الموالين للشاه وأبعدتهم بسرعة عن العمل العسكري (90 ألف عسكري من أصل 700 ألف) وهذا مافتح شهية الرئيس صدام حسين لاجتياز الحدود والمطالبة بتعديل اتفاقية شط العرب .. وقد مكن غياب القيادات العسكرية الايرانية الميدانية المعتبرة الرئيس صدام حسين من مواجهة ايران 8 سنوات ..لأن الراحل صدام حسين اعتبرها فرصة تاريخية فالايرانيون مرهقون وجيشهم مشتت وصار بلا رؤوس "كما ورد في مذكرات موفد العراق الى الامم المتحدة الذي فاجأه سماعه للرئيس صدام حسين يقول له عندما اعترض على ذلك اذ قال الرئيس: يبدو أن العمل السياسي خرب لك مخك ..هذه فرصة لن تعود

6- ناهيك عن الخطر العسكري فان هذا بحد ذاته سيطلق حركات التمرد والانشقاق لقطعات كبيرة محاربة ولكبار الضباط الذين سيتصارعون مع القيادات السياسية الجديدة لأن الجيش يوالي عادة الشصيات العسكرية التي أشرفت على بنائه وتحديثه (مثل شخصية عبد الحليم أبو غزالة المصر الذي أبعده حسني مبارك) .. وفي الحالة السورية فان من أشرف على تطوير الجيش هو الرئيس الأسد نفسه .. ووجود قيادات سياسية مدنية ليس لها أي يد في بناء الجيش السوري (حتى من الصف القيادي الحالي المدني) سيجعل التفاهم بين العسكر والسياسيين صعبا .. خاصة في بلد مواجهة .. ودرس محمد مرسي واضح مع المشيرين .. أي هذا سيكون عاملا آخر للدفع باتجاه العودة بسورية الى عهود الفوضى السياسية والصراعات بدل ارساء الديمقراطية لأن تطويع القيادات السياسية لجيش لم تسهم في بنائه أبدا ليس أمرا سهلا..ان لم يكن مستحيلا ..
7- في الاصرار على رحيل الرئيس رسالة واضحة لكل من سيجلس على كرسي الحكم في دمشق بأن الانصياع للغرب وبرامجه هو السبيل للبقاء وليس ارادة الشعب .. وهنا تصبح ارادة الشعب رهينة بيد الغرب .. وكل البرامج المناوئة لاسرائيل ستصبح برامج مغازلة لها .. وتصبح أولويات الحكم السوري هي اولويات تل ابيب وأنقرة والرياض ..وحتى قطر ..وربما يراعى رأي سمير جعجع ..فتخيلوا أن أهل الشام يرجعون الى الدوحة أو يزورون سمير جعجع لدعم مرشحيهم الرئاسيين ..وهذا جلي وواضح في غياب اسرائيل عن اي برامج للمعارضة السورية بل طفا على السطح برنامج العداء لايران ..تماما كما تريد أمريكا واسرائيل..
لذلك ان من أقدس الأقداس اسقاط هذا الخيار حفاظا على كرامة الشعب السوري واستقلاله الوطني .. ويجب احلال خيار آخر استراتيجي هو: لاشأن للرئاسة بالأزمة الوطنية .. الرئيس بالذات شأن سوري صرف .. ولاأحد له الحق في ابداء رأيه بذلك الا الشعب السوري ..

ومهما قيل عنا فاننا نعرف أننا نحارب الظلام الواسع .. لكننا في هذا الليل العربي الداجي .. سنملأ صدورنا بالضوء ونتحدث .. وسنملأ أقلامنا بالضوء ونكتب على وجه الليل الواسع أننا أحرار .. فأين هو الليل الذي يقدر على أن يطمس نورا مضيئا وقبسا حرا حتى لو كان وشاح الليل الأسود مليئا بالمراسي .. والمراثي ..وثوار المآسي .. والكراسي ؟
 الجمعة 31-08-2012

كاتب امريكى: مرسى من الذى يتعقبونه الى الذى يطاردونه و أخيرا إلى الصياد


نيكوس ريتسوس - 13 أغسطس، 2012
ترجمة د محمد شرف

يوم 15 يونيو، 2012، كتبت مقالا في صحيفة الديلي تلغراف، UK (http://my.telegraph.co.uk/retsos_) التي كانت بعنوان: مصر: مطلوب! جمال عبد الناصر آخر! واليوم، أستطيع أن أقول أن مصر لديها ناصر آخر، نوعا ما، محمد مرسي. ولكن مرسي السيد لم يأت الى السلطة مع انقلاب عسكري – كما فى حالة ثورة 1952 و لكنه جاء الى السلطة كزعيم فى أعقاب الثورة المصرية فى يناير 2011، وسلطاته تنبثق من صناديق الاقتراع. إليكم أوجه الشبه بين جمال عبد الناصر ومحمد مرسي، ناصر أطاح بالملك فاروق الذى خدم على مصالح بريطانيا الاستعمارية وغيرها على حساب المصريين، أما فى حالة الرئيس محمد مرسى فقد انتخب انتخب رئيس مصر من قبل الشعب، ولكن تم تكبيل صلاحياته من قبل المجلس الأعلى يسمى للقوات المسلحة (SCAF)، الذي يخدم على مصالح الولايات المتحدة، والسبب؟ بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، شنت الولايات المتحدة عملية واسعة النطاق ضد الاسلاميين في الشرق الأوسط لحماية الأنظمة الاستبدادية العربية الصديقة من الإطاحة بهم كما حدث لنظام عميل ايران الشاه رضا بهلوي، و كان على رأس المطاردين الإسلاميين والإخوان المسلمين فى مصر، لأن مصر كانت دائما الدولة المحورية في العملية السياسة و الجيوسياسية في الشرق الأوسط! الاعتقالات التعسفية والتعذيب والمحاكمات الصورية، والاعتقال و السجن مدى الحياة، و الرئيس. مرسي نال ما نال و كن نزيلا على السجون أيضا! ما جريمته؟ انه لا تحب سيطرة الولايات المتحدة على بلاده.- إلى هنا انتهت مرحلة من يتعقبونه
ثم جاء الربيع العربي التونسي الذي أثار حمية الوطنية المصرية و بالتالى إنطلق الربيع العربي المصرى، وكان ذلك أسوأ كابوس بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل حيث تمكنوا من الحفاظ على السلطة العميلة، حسني مبارك، لمدة 30 عاما، ولكن الآن أدركوا أنه لا يكن اصلاحها، لجئوا للخطة (أ) لتحييد قوة التسونامي الثوري عن طريق تولي المجلس العسكرى SCAF -السلطة لحماية الدولة، ومن ثم إجراء انتخابات التي كانوا يأملون أن من الممكن أن يفوزوا بها مع حملة إعلامية ضخمة، وشراء الأصوات، تدفقت بعد ذلك  مئات الملايين من الدولارات إلى مصر لشراء تلك الانتخابات لرئيس وزراء مبارك أحمد شفيق! و توجيه تلك الأموال، من خلال مختلف المنظمات غير الحكومية، مكنوا من شرأء ملايين  من الأصوات، ولكن ليس بما يكفي لمنع الإخوان المسلمي من أن يتبوئوا السلطة في مصر، من ثم بدأت بعد ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل Bالخطة (ب) لمنع الإخوان مسلم من الوصول لسدة الحكم، فباستخدام المعينين بواسطة مبارك من قضاة المحكمة الدستورية تمكنوا من إبطال  نتائج الانتخابات البرلمانية التى فاز فيها الإخوان المسلمين، وأصدر المجلس العسكري تشريعا دستوريا مكملا (مكبلا) للحد من سلطة الرئيس المنتخب حديثا. بمقتضاه يمكن للسيد مرسي أن يحكم،و  لكن أي قرار هام ينتويه ينبغي أن يمرر من خلال  قضاة مبارك بالدستورية  و جنرالات العسكر (SCAF)  – و هنا تنتهى مرحلة المطارد.
و لكن الرئيس مرسي قرر ألا يلعب دورا ثانويا إلى الولايات المتحدة، وإسرائيل وعملائهم في الجيش المصري، إستغل مرسى ببراعة يحسد عليها الظرف العربى و الدولى فالغرب والعرب جميعا ضد الرئيس السوري المستبد بشار الأسد ، والمستبد الأوروبي البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو، والسيد مرسي وزن الامور بشكل صحيح اخذا فى الحساب أن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل لن تجرؤ على إثارة انقلاب عسكري ضده باستخدام العسكر عملائهم في SCAF. و هو ما سيثير حفيظة العالم و احتجاجات ضخمة و عنف في ميدان التحرير، و حين يفشل انقلاب من هذا النوع غالبا سيؤدى الى وصول قوى اسلامية مناهضة شبيهة بتلك فى إيران. السيد مرسي، لذلك قرر السيد مرسى أنه آن الآوان لتنظيف البيت مع إقالة عملاء الغرب من العسكر و حل المجلس العسكرى SCAF، و يتحتم على الرئيس أن يكون الدور على القضاة التابعين لمبارك بالمحكمة الدستورية العليا –  و هنا بداية مرحلة عهد الصائد.
حقا من المطلوب اصطياده إلى المطارد إلى الصياد (و لكن الطريق طويل)
 نيكوس ريتسوس، أستاذ متقاعد، شيكاجو، الولايات المتحدة الأمريكية

http://my.telegraph.co.uk/retsos_nikos/nikos_retsos/16011530/egypts-morsi-from-hunted-to-hounded-to-hunter-2/

السر وراء افراغ المناطق الوسطى والجنوبيه في العراق من الاسلحة ؟


ليطلع الشعب العراقي على السر في افراغ المناطق الوسطى والجنوبيه في العراق من الاسلحة ؟



شبكة ذي قـار
راصد طويرجاوي
تناقلت وسائل الاعلام الرسمية والمواقع الالكترونيه في الاونه الاخيرة خبرا مفاده ( تشكيل جيش العراق الحر ) حيث يقوم هذا التشكيل بشراء الاسلحة من مناطق وسط وجنوب العراق لتفريغ هذه المناطق من السلاح ؛ وهذه فبركة ايرانيه بالاتفاق مع حكومة المنطقة الخضراء فقد وردتنا معلومات من مصادر موثوقة ان ظاهرة تفريغ السلاح يقف ورائها فيلق القدس الايراني وادناه تفاصيل المعلومات :

قام عملاء تابعين لفيلق القدس الايراني وهم موظفين في وزارة الرياضة والشباب بشراء هذه الاسلحة وباشراف وزير الرياضة والشباب الايراني جاسم محمد جعفر ويقوم بتنفيذ شراء الاسلحة المدعو ( خالد بشير الكبيسي ) وشقيقه احمد وهم من الطائفة السنيه يعملون مع فيلق القدس الايراني منذ عام ٢٠٠٥ وتم ادخالهم مع مجموعة كبيرة من نفس الطائفة في دورات عديدة في كل من ايران ولبنان وباشراف المدعو ( رضوي ) المستشار في السفارة الايرانيه بالعراق في ذلك الوقت والهدف من اختيار هؤلاء المذكورين في هذه المهمه هو :


١- لتاجيج النزاع الطائفي من جديد على اساس ان ( السُنه ) يريدون ان يفرغوا مناطق الوسط والجنوب من السلاح .
٢- الهدف الاخر ان لا تصل هذه الاسلحة الى الجيش الحر في سوريا .

بعد جمع هذه الاسلحة يتم ارسالها الى معسكرات ايرانيه تقع على الحدود العراقيه الايرانيه مع محافظة واسط ومن المثير للاستغراب بعد نشر هذه المعلومات المفبركة عن وجود تشكيل الجيش الحر في العراق سارع المالكي بتسليح شيوخ عشائر مجالس الاسناد في المحافظات حيث ان المالكي وفيلق القدس متفقين على هذا السيناريو لاغراض تتعلق باثارة الفتنة في العراق واغراض خاصة بالماكي لمجابهة خصومه من الكتل الشيعيه في مناطق بغداد والمناطق الوسطى والجنوبيه تحسبا لاي طارئ يحدث وخاصة في موضوع انتخابات مجالس المحافظات التي ستجري قريبا .

٠١ ايلول ٢٠١٢

لماذا نرفض قرض الصندوق؟



بقلم محمد عصمت سيف الدولة
قررت الحكومة ان تقترض من صندوق النقد الدولي 4,8 مليار دولار ، ليظهر الأمر وكأن الشعب المصري ثار وقدم الشهداء، لإسقاط مبارك ونظامه ولكن تحت الرعاية المالية والاقتصادية للأعداء الأصليين لثورته، صناع نظام مبارك.

فالنظام الاقتصادي فى مصر منذ 1974 وحتى 2011 هو صناعة غربية أمريكية بإدراه صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكية ومنظمة التجارة العالمية وأخواتهم.

فهؤلاء هم أعداؤنا الحقيقيون.

أما رجال النظام الساقط فلم يكونوا سوى أدوات تنفيذية طيعة فى أياديهم.

***

وتاريخ البنك والصندوق معنا محفور ومحفوظ فى ضميرنا الوطنى، بدءا من انتفاضة يناير 1977 ضد قرارات رفع الأسعار التى تمت بأوامرهم، و مرورا بروشتاتهم المتتالية واجتماعات نادى باريس واتفاقات وخطابات النوايا عام 1991 وما بعدها، و التى فرضوها علينا باسم الإصلاح الاقتصادي المزعوم والتى تتضمن سلسلة من الأوامر والنواهي الصريحة والقاطعة على وزن :

لا تدعم السلع والخدمات
لا تعالج الناس مجانا
لا تجعل التعليم مجانى الا فى المراحل الأساسية
لا تبنى مساكن للفقراء
لا تعين موظفين جدد ، بل حاول ان تتخلص من الحاليين او تقلصهم
لا تقضى على البطالة ، فكثرة العاطلين تمكن القطاع الخاص من التحكم فى الأجور
لا تنفق على الفقراء ، فهذا ليس من شأنك .
لا تقدم لهم خدمات مجانية أو رخيصة
لا تنتج بنفسك ، وقم فورا ببيع القطاع العام وتصفيته
لا تقترب من القطاع الخاص ، و دعه يفعل ما يريد
لا تشترط عليه مشروعات محددة ، فهو حر يستثمر فيما يريد
ولا تضع اى سقف لأرباحه ، و دعه يربح كما يريد
لا تقيد الملكية ، فليملك من يريد ما يريد .
ولا تتدخل فى حق التصرف من بيع وشراء للمصريين أو للأجانب .
وليس لك شأن بثروات رجال الأعمال ، فليكتنزوا ما يريدون .
و لا تضع حدا أعلى للأجور
ولا تضع حدا أدنى لها
و لا تقاوم الفوارق بين الطبقات ولا تسع لتقريبها .
و لا تزيد الأجور ، و دع السوق والقطاع الخاص يحددها
ولا تحمى العمال من الطرد أو الفصل .
ولا تحمى عملتك الوطنية ودعها للسوق يحدد قيمتها
ولا تحمى منتجاتك الوطنية بالجمارك
لا تستقل اقتصاديا ، وارتبط بالسوق العالمى واتبعه .
لا تخطط للمستقبل ، فالتخطيط يضر بحرية السوق
لا تفرض أسعارا إجبارية ( تسعيرة ) حتى على سلع الفقراء
لا تُرَشّد الاستيراد
لا تقاوم البذخ
لا تغلق بابك أبدا أمام الاستثمار الاجنبى
ولا تضع عليه شروطا ، و قدم له ما يريد من تسهيلات واعفاءات .
لا تمنع نقل الأموال الى الخارج
لا تكف عن الاقتراض منا
ولا تتأخر فى السداد
و إياك أن تحاول الاستغناء عنا
لا تعادىِ إسرائيل فهى صديقتنا
و لا تبنى جيشا قويا ، حتى لا يستنزف مدخراتك
و لا تعارض السياسات الغربية
بل يجب ان تتعاون معها وتدعمها .
لا تأخذ قرارا الا بعد العودة إلينا
لا تتباطأ فى تنفيذ تعليماتنا
* * *

و بالفعل قام النظام السابق بتنفيذ هذه التعليمات كالتلميذ النجيب المطيع ، فرضي عنه الخواجات وأثنوا عليه كثيرا، الى درجة أنهم اختاروا وزير ماليته يوسف بطرس غالى مديرا للجنة المالية فى الصندوق منذ بضعة شهور .

* * *

أما عن النتائج الكارثية لهذه السياسات ، فيمكن ان نستخلصها من بعض الأرقام التالية :

توزيع الثروة فى مصر : 160 ألف رجل أعمال يملكون 40 % من ثروة مصر وفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2007

توزيع الفقر : يعيش أكثر من 36 مليون مصرى بأقل من 360 جنيه فى الشهر

توزيع الناتج المحلى السنوى : يحصل أصحاب رؤوس الأموال أمثال هشام طلعت مصطفى واحمد عز وغيرهم على 70 % من الناتج المحلى الاجمالى مقابل 30% للعاملين بكافة أشكالهم .

البطالة : بلغ عدد العاطلين حوالى 2,5 مليون مواطن وفقا للتقديرات الرسمية ، فى حين يقدرها بعض الخبراء بـ 8 مليون عاطل .

الجنيه : تضاءلت قوته الشرائية أربعة مرات منذ عام 1980 حين كان الدولار يساوى 1,43 جنيه ، الى ان أصبح يساوى الآن 6 جنيه

الديون :
تضاعفت ديوننا الخارجية 11 مرة من 1,7 مليار دولار عام 1970 الى 19,1 مليار دولار عام 1980
ثم قفزت مرة أخرى الى 34,7 مليار دولار عام 2010
هذا بالإضافة الى الديون الداخلية التى قفزت من 11 مليار جنيه عام 1980 الى 888 مليار جنيه حتى عام 2010
ليصبح مجمل الدين العام 1080 مليار جنيه
وليمثل 89.5% من الناتج المحلى الاجمالى
ولتبلغ نسبة خدمة الدين العام الى الناتج المحلى الاجمالى ما يقرب من 11 %
وما يقرب من 39 % من جملة الإنفاق العام .
مع العلم بان نسبة استفادة مصر من القروض الخارجية لم تتعدى 50 % تقريبا ، كما تبتلع مرتبات الخبراء الأجانب 25 % منها ، كما تم إهدار جزء كبير منها بسبب فساد و أخطاء الإدارة الحكومية وفقا لتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات .
* * *
 ولكن الأخطر من كل ذلك هو فقدان استقلالنا الوطنى لذات الأسباب و على ذات الوجه الذى أدى الى الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882 .
 وكلنا نتذكر شروطهم لنا عام 1956 عشية بناء السد العالى حين سحبوا عروض تمويله لأننا لم نقبل الاعتراف بإسرائيل ولم نتنازل عن حقنا فى الحصول على السلاح السوفيتي بعد أن رفضوا هم إمدادنا بالسلاح .
 كما نتذكر سيول الأموال والقروض والمعونات التى نزلت علينا منذ السبعينات بعد انسحابنا من مواجهة اسرائيل وتوقيع معاهدة سلام معها .
 كما نتذكر كيف استخدموا ديوننا لهم ، كأداة ضغط لإرغامنا على الالتحاق بهم فى حرب الخليج عام 1991 ، ثم قاموا بإلغائها مكافأة لنا على هذا التبعية .
 وكيف يستخدموها ذريعة للتدخل فى أدق شئوننا بحجة ضمان حقوقهم لدينا ، فيأمروننا على الدوام أن : افعلوا ذلك ولا تفعلوا ذاك ، اصرفوا هنا ، ولا تدفعوا مليما هناك ...الخ .
 ولو لم نوقفهم عند حدهم الآن ، فسيفرضون علينا فى الغد القريب خياراتهم السياسية والاقتصادية ، وكله بفلوسهم ، لنصبح جميعا النسخة المعدلة من نظام مبارك .
 انها ذات السياسات التى يسلكونها مع كل بلاد العالم الثالث ، ليخضعوها ويكسروا ارادتها ويلحقوها بركابهم ويستولوا على مقدراتها
  ويكفى أن نعلم أن الدول الغنية المقرضة البالغ تعداد سكانها 16 % من العالم تمتلك 76 % من الناتج العالمى
 فى حين ان الدول المقترضة مثلنا و البالغ تعداد سكانها 77 % من العالم تمتلك 19% فقط من الناتج العالمى
* * *
 ولذا يجب أن نؤكد على ان توريط مصر فى مزيد من القروض ، ليس من صلاحيات اى حكومة بعد الثورة ، وهناك عشرات الحلول البديلة العاجلة ولكن من منطلقات أكثر جذرية وأكثر انحيازا للفقراء الذين يمثلون الغالبية من شعب مصر مثل :
 المطالبة بإلغاء الديون الخارجية والتلويح بالامتناع عن سدادها لارتباطها بنظام فاسد وتابع تم إسقاطه .
 اتخاذ سياسات أكثر حزما وصرامة وسرعة لاسترداد الأموال المنهوبة المهربة الى الخارج .
 واسترداد شركات القطاع العام التى بيعت بأبخس الأثمان
 واسترداد الاراضى التى نهبت بتراب الفلوس ، أو تحصيل فروق الأسعار
 زيادة الجمارك على الواردات من السلع الترفيهية
 •  وفرض نظام من الضرائب التصاعدية قادر على محاسبة مليارديرات مصر الكثر .
 و فرض ضريبة علي الأرباح الناتجة من الإتجار بالعقارات والأراضي أوالمضاربة في البورصة
 و فتح تحقيق قضائى وشعبى واسع حول مصادر كل الثروات الطائلة التى راكمها رجال الأعمال عبر أكثر من 30 عام من خلال النهب المنظم بالتعاون مع رجال النظام السابق .
 وتأميم او فرض تعويضات على من يثبت عليه عدم مشروعية مصادر ثروته .
 فيجب أن نعلم أين ذهبت كل هذه القروض والمعونات ، ويجب أن نسترد ما أمكننا منها .
فالذين سرقوا مصر أكثر بكثير من الخمسين رجلا المحبوسين فى طرة الآن .
* * *
 وإذا كنا نشتبك كل يوم فى حوارات وصراعات سياسية وحزبية حول الدستور والانتخابات والمدنى والاسلامى ، فانه من باب أولى أن ندير حوارا وطنيا حول كيفية التحرر من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب .
 ولدينا والحمد لله تصورات وطنية بديلة متكاملة فى هذا الشأن ، لخبراء متخصصين أمثال الدكاترة : إبراهيم العيسوى وجلال أمين و محمود عبد الفضيل واحمد النجار وغيرهم .
 كما أن هناك مؤسسات مدنية عالمية تناضل فى هذا المجال ، منها لجنة إلغاء ديون العالم الثالث ، التى قدمت بالفعل حلولا بديلة لسياسات الاقتراض الدولى

* * *
ان الامتناع عن تلقى مزيد من القروض والنضال ضد سياسات عصابات النهب الدولى المسماة بالبنك والصندوق ، وتحرير مصر من براثنها هو اولوية وطنية على قائمة مهام الثورة .

01 سبتمبر 2012

الولى: تم الإنتهاء من إعداد مسودة قانون نقابة الصحفيين



القاهرة - أ ش أ
أكد نقيب الصحفيين ممدوح الولى استمرار المطالبة بتعديل التشريعات الصحفية ومنها تعديل قانون الصحافة بسبب وجود الكثير من المواد التى تجيز حبس الصحفيين ، فى أكثر من موضع .

وقال الولى خلال اجتماع مع عدد من الصحفيين أنه تم الإنتهاء من إعداد مسودة قانون النقابة على أيدى خبراء ومستشارين قانونيين تنص على إلغاء أى عقوبات سالبة ومقيدة للحريات وحبس الصحفيين فى قضايا النشر .

وأضاف أن النقابة بعثت لمجلس الدولة طلب الإفادة حول موعد إجراء انتخابات التجديد النصفى وهل سيكون فى مارس القادم أم فى نوفمبر المقبل؟وفيما يتعلق بالمشاكل المالية للمؤسسات الصحفية قال الولى إن هناك 11 صحيفة خاصة متوقفة عن الإصدار بسبب الصعوبات المالية و6 صحف منها لم تصرف مرتبات منذ شهور.

من جانب أخر، أشار الولى إلى أن النقابة تجرى مباحثات مع وزارة الإسكان لبحث أسعار الأراضى التى تم طرحها لأعضاء النقابة والعمل على تخفيضها فضلا عن استمرار المباحثات مع وزارة المالية بشأن زيادة بدل الصحفيين والمعاشات .

السيسي يحيل 70 لواء جيش إلى التقاعد بينهم الفنجري والملا وعتمان عمارة



الشروق - خالد الجهمى
أكدت مصادر عسكرية أن الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أعد قائمة بأعضاء المجلس العسكري الجديد، تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية.
 وأوضحت المصادر أن السيسى لم يستقر حتى الآن على تسمية مدير المخابرات الحربية، ليتولى المنصب، خلفا له.
 وقالت المصادر إن السيسى أجرى تغييرات جذرية بالقوات المسلحة، واستغنى عن عدد كبير من اللواءات وصل عددهم إلى 70 لواء، من بينهم أعضاء بالمجلس العسكري، أبرزهم ممدوح عبد الحق واسماعيل عتمان ومحسن الفنجرى وسامى دياب وعادل عمارة ومختار الملا، مشيرا إلى أنهم لا يزالون بالخدمة في القوات المسلحة.
 وكشفت المصادر أن المشير حسين طنطاوي، استدعى قبل ثورة 25 يناير عددا كبيرا من اللواءات، الذين خرجوا إلى المعاش، للخدمة مرة أخرى، ومن بينهم مختار الملا وممدوح شاهين والعصار والفنجرى واسماعيل عتمان وممدوح عبد الحق، ومحمود نصر، الذين عملوا مساعدين لوزير الدفاع.
 وأوضحت المصادر أن الاستدعاء صيغة يستطيع استخدامها وزير الدفاع للاستعانة بالخبرات التي يراها مناسبة، وفقا لقانون القوات المسلحة، ما يبرر سبب تخطى عدد من مساعدي وزير الدفاع للسن القانونية، بنحو عشر سنوات.

ملحنا وأهلنا... المسيحيون العـرب... لماذا يُظلمون؟



علـي الصـراف
القول أن المسيحيين العرب " أقلية " ينطوي على خطأ من ثلاث نواح على الأقل، الأول، هو أنه يتجاهل كونهم عرب، والعرب أغلبية في أوطانهم، و"أقلـَنة" المسيحيين، إنما " تؤقلـِن" عروبتهم وتسعى إلى تصغيرها (وهذه بالأحرى خطيئة، لا مجرد خطأ)، والثاني، هو أنه يضعهم على هامش التاريخ في المنطقة، وهم الذين ظلوا في قلبه، ولعبوا دورا فكريا رياديا في صنع مشروعنا الحضاري الحديث فيه، والثالث، هو أنه يعزلهم عن الدور السياسي الوطني الذي لعبوه في كل مشروع للتحرر والاستقلال والوحدة عرفته المنطقة، وهم مسيحيون، ولكن هل غلبت "مسيحيتهم" على عروبتهم ووطنيتهم في أي وقت من الأوقات؟ لم يحصل هذا أبد...ه
اليوم يمكن أن تجد مسلمين يضعون طائفيتهم فوق وطنيتهم وقوميتهم، بل وفوق إسلامهم نفسه، ليكتشفوا أنهم "شيعة" أو "سنة"، ولكن لا يوجد نص ولا سلوك كنسي واحد يضع المسيحية على هذه الأرض فوق وطنيتها وانتمائها القومي، بل أن ثقافة "العيش المشترك" هي الفلسفة الجامعة لكل جـَهد مسيحي في العالم العربي...ه
كان يمكن للأمر أن يبلغ ببعض المسيحيين العرب، ومنهم البابا شنودة، إلى حد القول أنه لو "كان الإسلام شـرطا للعـروبة لصرنا مسلمين"، وكان يمكن لشخصية وطنية كبرى في مصر مثل مكرم عبيـد باشا أن يقول عن نفسه "أنا مصري الجنسية، ومسلم الثقافة"، إلا أنه ما كان لأي مسيحي أن يضع ديانته بالتعارض مع قوميته، ولا يوجد أي نص ولا تصريح ولا خطبة ولا موعظة تضع المسيحية خارج إطار الشراكة والتعايش والانتماء للوطن الواحد...ه
والوقت ما يزال مبكرا على ظهور رجل دين مسلم، يملك من الشجاعة والوطنية ما يكفي للقول: "نحن وطنيون كإخوتنا المسيحيين، ولو كانت المسيحية شرطا للوطنية، لصرنا مسيحيين"...ه
وباستثناء لبنان، وهو استثناء يستحق ما يستثنيه، لأسباب تتعلق بنشأته أصلا، فأن المسيحيين العرب في كل مكان، بمن فيهم اللبنانيون، لم يكونوا في نظر أنفسهم، إلا جزءا من أوطانهم ومدافعين عن قضاياها وحقوقها، أسرع من غيرهم، أحيانا، بيومين، وأكثر تقدما بفرسخين...ه
وسوى احترام الخصوصيات، والحريات الفردية، والمعاملة بالمثل كمواطنين متساوين، لم يطالب المسيحيون العرب لا بكيان ولا بحقوق خاصة ولا بحصص ولا امتيازات، ولا سعوا إلى إقامة إمارة، ولا طالبوا بوزارة، لماذا؟ لأنهم عرب، ولأنهم كانوا وما يزالون ينظرون إلى أنفسهم، ليس كجزء من هذه القومية فحسب، بل لأنهم في قلبها أيضا، وفي الواقع، وبمقدار ما يتعلق الأمر بالمشروع التحرري القومي من الاستعمارين العثماني والغربي، فقد كان مشروعا لعب فيه المسيحيون العرب دورا متقدما، فكرا وتنظيما، لا يستطيع أن ينكره مسلمو ذلك الدور أنفسهم...ه
وفي مواجهة هجمة التتريك العثمانية، حفظت أديرتهم كتب التراث العربي، كما لو أنها كانت تحافظ بها على حقها في الوجود، وبنى المسيحيون المدارس والمعاهد لتدريس اللغة العربية، في غير مكان واحد، لأنها كانت صوت ثقافتهم و"تميزهم" القومي الخاص...ه
وحينما وضع الأتراك قوميتهم فوق ديانتهم، كان المسيحيون العـرب هم الذين رفعوا لواء العروبة وهم الذين سارعوا إلى تذكير المسلمين بمكانتهم كـ"خير أمة أخرجت للناس"، وكعرب، فقد كان المسيحيون جزءا من هذه الأمة، وجزءا من خيرها...ه
وهكذا، فعندما سكن جورج انطونيوس القدس اختار منزلا في جوار منزل الحاج أمين الحسيني في حي "الشيخ جراح"، على طريق جبل الزيتون المشرف على المدينة المقدسة، ليكون قريبا من المعنى الذي يوحد الديانتين، وهناك كتب كتابه الشهير " يقظة العـرب...ه
وكتب جورج علاف "نهضة العرب"، واليسوعي لويس شيخو "تاريخ الآداب العربية"، وكان عبد الله مراش من بين أوائل الذين حرروا جرائد المهجر العربية كـ"مرآة الأحوال"لرزق الله حسون و"مصر القاهرة" لأديب إسحاق و"الحقوق" لميخائيل عورا، وكان الأخوان بشارة وسليم تقلا هما من أنشأ عام 1876 جريدة "الأهرام" ثم "صدى الأهرام" و"كابدا بسبب الجريدتين عدة مشقات لما نشراه من المقالات الحرة وانتقاد أعمال الحكام والدفاع عن حقوق المصريين". وكان نقولا بك توما (ولد عام 1853) من أوائل المسيحيين الذين التقوا بأصحاب مشروع النهضة الذي تصدره جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وكان جميل بك نخله المدور مولعا بالتنقيب عن آداب العرب وتاريخ الأمم الشرقية القديمة، فصنف في حداثته تاريخ بابل وآشور، وعرّب كتاب التاريخ القديم، وكتب كتابه الشهير "حضارة الإسلام في دار السلام" روى فيه ما ورد في تأليف المؤرخين والأدباء عن أحوال المملكة في أيام هارون الرشيد، وكان أول من أشار إلى "أن النصارى شاركوا المسلمين في غزواتهم"، وكان سعيد البستاني (توفي عام 1901) قد تقلب بين مصر وبلاد الشام ليعكف على نشر الآداب العربية، وكان خليل غانم واحدا من أبرز السياسيين الأحرار (ولد 1846) وانتخب نائبا عن سورية لـ"مجلس المبعوثان" عام 1875 وساعد مدحت باشا في وضع قانون الدولة السياسي فكان أحد أركان النهضة الدستورية، وكان رشيد الشرتوني (توفي عام 1906) احد أبرز نخبة الأدباء في عصره، ومن آثاره "مبادئ العربية في الصرف والنحو" مع تمارينه للطلاب في التصريف والأعراب وكتابه "نهج المراسلة ومفتاح القراءة"، وكان نجيب حبيقة الذي انصرف إلى تعليم العربية، ومنها في المدرسة العثمانية للشيخ أحمد عباس الأزهري، قبل أن يتفرغ إلى الكتابة "ساعيا إلى تعزيز الآداب العربية وتأليف قلوب الناشئة في خدمة الوطن"، وكانخليل الخوري (ولد عام 1836) هو أول من فكر في نشر جريدة عربية في بلاد الشام فأبرزها إلى النور سنة 1858 تحت اسم "حديقة الأخبار" وساعد بذلك (حسب وصفلويس شيخو) "على نهضة البلاد العربية"، وكان سليم شحادة (توفي عام 1907) قضى جل حياته القصيرة (48 عاما) في خدمة الآداب وأشترك سنة 1875 مع سليم أفندي الخوري لنشر معجم تاريخي وجغرافي دعواه بـ"آثار الأدهار"، وكان نخلة قلفاط البيروتي(ولد سنة 1851) هو الذي نشر ديوان أبي فراس الحمداني...ه
ويقول شيخو عن الشيخ إبراهيم اليازجي، " إنه بشهرة اسم والده الشيخ ناصيف وشهرته الشخصية وتأليفه كان من أعظم المساعدين على نهضة الآداب العربية في القطر المصري "...ه
وهذا اليازجي العظيم كان هو الذي قال:ه
تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ فِيمَ التَّعَلُّـلُ بِالآمَـال تَخْدَعُـكُم وَأَنْتُـمُ بَيْنَ رَاحَاتِ القَنَـا سُلـبُ اللهُ أَكْبَـرُ مَا هَـذَا المَنَـامُ فَقَـدْ شَكَاكُمُ المَهْدُ وَاشْتَاقَتْـكُمُ التُّـرَبُ إلى أن يقولبِاللهِ يَا قَوْمَنَـا هُبُّـوا لِشَأْنِـكُمُ فَكَمْ تُنَادِيكُمُ الأَشْعَـارُ وَالْخُطَـبُ أَلَسْتُمُ مَنْ سَطَوا في الأَرْضِ وَافْتَتَحُوا شَرْقَـاً وَغَرْبَـاً وَعَـزّوا أَيْنَمَا ذَهَبُوا وَمَنْ أَذّلُّوا الْمُلُوكَ الصِّيدَ فَارْتَعَـدَتْ وَزَلْـزَلَ الأَرْضَ مِمَّا تَحْتَهَا الرَّهَـبُ وَمَنْ بَنوا لِصُـرُوحِ العِـزِّ أَعْمِـدَةً تَهْوِي الصَّوَاعِـقُ عَنْها وَهْيَ تَنْقَلِـبُ... فَيَا لِقَوْمِي وَمَا قَوْمِـي سِوَى عَرَب وَلَنْ يُضَيَّـعَ فِيْهُم ذَلِكَ النَّسَـبُ
وليس اليازجي إلا واحدا ممن سقوا الأرض بملح العروبة حتى صارت ملحنا وملحهم. ولنا فيهم كثيرون، بالمئات بل بالآلاف، من جبران خليل جبران إلى إيليا أبو ماضي، إلى أمين الريحاني والأخطل الصغير (بشارة الخوري) والشاعر القروي (رشيد سليم الخوري) وخليل مطران واحمد فارس الشدياق ونجيب عازوري ومي زيادة (وجورج حنا، وجورج جرداق مؤلف كتاب الإمام علي صوت العداله الإنسانيه) وسلامة موسى، وصولا إلى إدوارد سعيد...ه
وعدا الفكر والثقافة والأدب، فقد لعب المسيحيون العرب دورا مشهودا، ومتميزا، في كل مجال أبداعي من مجالات الفن أيضا...ه
أيجوز أن يُظلموا ويُظلم أبناؤهم في وطنهم؟ وهل بهذا الظلم لا يَظلم المسلمون، بهم، إلا أنفسهم؟ ولكنهم اليوم يُهجّرون من ديارهم، ويعاملون بتمييز، ويُعزلون، وتوضع على حقوقهم وحرياتهم قيود وشروط، وهناك بيننا (بعض ممن ليس لديهم ضمير ولا ذمة) من ينظر إليهم على أنهم "أهل ذمة"، ليعاملهم كـ"أقلية"...ه
وهل هم "أقلية"؟ إذا كان المسيحيون العرب "أقلية"، فأقلية هم طرفة بن العبـد وامرؤ القيس والنابغة الذبياني، وهؤلاء مسيحيون، ولا أدري كيف يمكن أن تكون الثقافةُ العربيةُ عربيةً من دونهم، بل لا أدري أي ثقافة ستكون؟ كما لا أدري أي عرب ولا أي مسلمين سنكون؟
لقد نصر المسيحيون الأوائل محمدا (ص) عندما كان أهله يحاربونه، وهم حموه وحموا أتباعه، عندما كان أهله يريدون قتله وقتلهم...ه
وها أن هناك بيننا من يرد لأبنائهم هذا "الدَين"، ظلما وتهجيرا، بل حرقا للكنائس وقتلا لرجال دين، كما هو حاصل في العراق؛ وحرمانا وتمييزا، كما هو حاصل في غير بلد عربي واحدولئن حارب المسيحيون العرب الاستعمار العثماني، باسم القومية العربية، فقد فعلوا الشيء نفسه في وجه الاستعمار الغربي أيضا...ه
لا دين العثمانيين كان هو القضية في مشروع التحرر القومي، ولا دين الغربيين، القضية كانت، بالنسبة لرواد مشروع النهضة، هي قضية التحرر من الاستعمار والهيمنة الأجنبية، من هذا المنطلق فقط كان قسطنطين زريق وجورج حبش من أوائل الذين أسسوا حركة القوميين العرب، ومن هذا المنطلق نفسه أنجبت حركة النضال من أجل الوحدة القومية وتحرير فلسطين مناضلين، بالآلاف، من قبيل (ألأب عطا الله حنا والأب كابوتشي) وديع حداد ونايف حواتمة وصلاح البيطار وميشيل عفلق وانطون سعادة ونجاح واكيم وجورج حاوي وصولا إلى البطريرك ميشيل الصباح وأميل حبيبي وحنان عشراوي، ووصولا إلى جوزيف سماحة وسمير قصيروإذا كان الملايين منا يحتفون ببطولة الاستشهاديين في مقاومة الغزاة، فقد كان جول جمالأول استشهادي عرفه تاريخ الصراع في المنطقة، وجول جمال مسيحي...ه
وكان هذا الضابط السوري هو الذي دمر البارجة الفرنسية الضخمة "جان دارك" في حرب السويس عام 1956 باستخدام الطوربيد الذي يقوده لكي يصدم به تلك البارجة، وتقول الوثائق التاريخية حول هذا البطل، أنه سوري من مواليد اللاذقية وكان ضابطا ميكانيكا، وعندما اندلعت حرب السويس بالهجوم الثلاثي (البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي) على مصر عام 1956 لم يستطع، وهو يستمع إلى ما تتعرض له مصر من عدوان، ألا يفعل شيئا، فقرر الالتحاق كمتطوع في سلاح البحرية المصرية، وانضم إلى القتال فورا، وذات يوم والحرب مازالت مستعرة عرف جول جمال أن المدمرة الفرنسية الشهيرة تقترب من بور سعيد، وكانت إحدى أكبر المدمرات في ذلك الزمن ولو وصلت إلى الشاطئ المصري لكان بوسعها أن تلحق دمارا بالمدينة، فذهب إلى قائده جلال الدسوقي في منتصف الليل وترجاه أن يسمح له بأخذ قارب مليء بالمتفجرات ليصدم به تلك البارجة إذا حدث واقتربت بالفعل من شواطئ بور سعيد، وزوده الدسوقي بالقارب، ويقال أنه رافقه في تلك الملحمة، التي أسفرت عن شطر البارجة العملاقة إلى نصفين لتغرق بكل من فيها، وكانت هذه العملية من بين أبرز العمليات التي صنعت النصر في المعركة...ه
وإلى جانب جول جمال هناك الآلاف ممن لا يُحصون قد سطروا بطولات في أعمال المقاومة والدفاع عن الأوطان في جميع حروبنا ضد المعتدين والغزاة...ه
ولا أدري كم كان سيبقى من مشروع التحرر من دون هؤلاء، أو أي مشروع سيكون؟ مسيحيون، نعم، ولكنهم نصروا محمدا (ص) حتى ضد أهله، ونصروا العرب المسلمين ضد المستعمرين حتى عندما كان أولئك المستعمرون مسيحيينه
وتقول أدلة التاريخ أن الغزاة الصليبيين عندما اجتاحوا القدس عام 1099، فأنهم لم يقصروا مذابحهم على المسلمين، بل ذبحوا معهم المسيحيين أيضا...ه
وهكذا كان الغربيون تجاهنا دائما، أعطيناهم العلوم الأولى فعادوا إلينا بتكنولوجيا القتل والدمار الشامل، أعطيناهم أول قيم العدالة والقانون، فعادوا إلينا بديمقراطية الدبابات، وأعطيناهم المسيحية، فجاؤا إلينا بالحروب الصليبية...ه
وظلت "الكنائس الشرقية"، غريبة ومنبوذة في نظر كنائس الغربيين لا لشيء إلا لأن مسيحييها عرب، وإلا لأن روح المسيحية الأصيلة تكمن فيهم...ه
والسيد المسيح (عليه السلام) إنما هو مسيحنا نحن أولا، على أي حال، وإن جاء لكل العالمين، هو ابن سمائنا، وهو أبن السيدة مريم آل عمران (عليها وعليهم السلام)، الذين قال فيهم القرآن الكريم: "إن الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلـ إبراهيم وآلـ عمران على العالمين". (آل عمران 32)، و.. "وإذ قالت الملائكةُ يا مريمَ إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين" (آل عمران 42)، و.. " قل آمنّا بالله وما أُنزل علينا وما أنزل على إبراهيم واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهملا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" (آل عمران 84).ه
ولكن ها نحن نفرق بينهم، ونجازيهم.. بوصفهم "أقلية". وها أن كنائسهم وأديرتهم لم تعـد في مأمن من المضايقات والاعتداءات...ه
ويقول المطران اندراوس أبونا، " إن أعمال العنف التي تضرب العـراق كل يوم من كل ناحية وصوب أدت إلى هجرة نصف مسيحيي العراق...ه
وتشير الدلائل إلى أن هجرة المسيحيين العرب الآخرين تحولت إلى ما يشبه ظاهرة نزوح جماعي في العديد من البلدان العربية، تلافيا للمضايقات وأعمال التمييز التي يتعرضون لها...ه
وبطبيعة الحال، فقد أسهمت الأصوليات الإسلامية (وهي في الغالب أصوليات جهل بالدين والتاريخ معا)، في تحويل أجواء العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، التي استمرت على مدى 14 قرنا، إلى أجواء يغلب عليها التوتر، فيما تتراوح السياسات الرسمية للكثير من الدول العربية بين متجاهل للمخاطر، مستهين بعواقبها الاجتماعية، وبين متواطئ مع ثقافة التمييز، ومتساهل مع خطاب الجهل الأصولي حيال هذه " الأقلية"...ه
ولكن فقط أولئك الذين هم "أقليو" عقل وضمير، هم الذين يستطيعون أن يعاملوا المسيحيين العرب كـ"أقلية" برغم أنهم، مثلنا، عرب قبل أن يكونوا مسيحيين، وبرغم أننا، مثلهم، مسيحيين قبل أن نكون مسلمين...ه
ولكن ماذا يعني مجتمع مسلم من دون مسيحيين؟ بتغييب المسيحيين عن عروبتهم، لن يبقى لدى العرب إلا الدين، وهذا من دون مسيحيين لن يعود، بمقاييس اليوم، دينا جامعا أبدا، فبدلاً من أن ترتفع التمايزات إلى مصاف الوطن والوطنية، فأن الإسلام، من دون المسيحيين، سينخفض بمصاف تمايزاته ليكون صراعا بين "سنة" و"شيعة" فقط لا غير...ه
وجود المسيحيين بين المسلمين، كما غيرهم من الطوائف الدينية الأخرى، في بيئة تعايش ومساواة، هو العنصر الاجتماعي الوحيد الذي يمكنه أن يضع التمايزات الطائفية على معيار وطني جامع...ه
ووجود المسيحيين بين العرب هو وحده الذي يقدمهم كأمة ذات طبيعة قومية لا كمجرد مجموعة دينية، فالأمم الحديثة، حتى وان كان الدين عنصرا حيويا في وجودها، إلا أنها لا تقوم على أساس ديني من دون أن تجد نفسها في حرب مع كل دين، وهذا ليس من الإسلام في شيء...ه
احموا مسيحييكم، تحموا عروبتكم، بل احموا مسيحييكم، لتحموا دينكم نفسه من التمزق الطائفي...ه
إنهم ملحنا، وهم منا ونحن منهم، فلماذا يُظلمون؟ الكثيرون يعتبرون المسيحيين العرب، بالدور التاريخي الذي لعبوه في مشروع النهضة والتحرر، "جسرا" مع الحضارات الإنسانية الأخرى، ولكن هذا الوصف لا يستقيم مع من كانوا جزءا أصيلا من الأساس القومي لهذا المشروع...ه
اليوم، المسيحيون العرب، هم وحدهم الإسمنت الذي يمكنه أن يحافظ على هذا الأساس من التفتت

د.عمران الكبيسي: أحكام الإعدام في العراق ومواقف لصدام حسين والمالكي




 جريدة البلد البحرينية العدد 1418
وردني على بريدي الإلكتروني نداء استغاثة من العراق أطلقه المحامي العراقي بديع عارف، وهو محام عراقي معروف ومشهور بمصداقيته، يناشد الرأي العام العالمي وقف تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة في العراق، ويقارن بين مناشداته للرئيس السابق صدام حسين، ومناشداته لرئيس الوزراء المالكي، أقدمها بدوري للقارئ لثقتي بصحتها، وأفترض على أسوأ الاحتمالات إن لم تصح، ناقل الكفر ليس بكافر. يقول النداء:
نفذت الحكومة العراقية يوم 27/7/2012 أحكام الإعدام شنقا بحق (22) مواطنا بينهم نساء، حكمتهم المحاكم العراقية باعترافات وهمية انتزعت بالتعذيب الجسدي والنفسي الموثق بتقارير طبية، وستنفذ أحكام إعدام جماعية بحق (254) عراقيا، وناشد رئيس الوزراء ونائبيه والمنظمات الإنسانية، والرأي العام، والأمين العام للأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووش، وكل الخيرين ألا يقفوا متفرجين مكتوفي الأيدي، وطالبهم برفع أصواتهم لإيقاف عجلة الموت في بلده الحبيب العراق.
ويقول عام 1984 استغاثت بالرئيس صدام حسين أسرة حكم ابنها بالإعدام بسبب خطأ لحق ظلماَ بولدهم، وصودق الحكم واكتسب الدرجة القطعية، فشكل الرئيس السابق هيئة قضائية من أحد عشر قاضياً متمرساً من محكمة التمييز تفرغوا لدراسة القضية بعيداَ عن التأثير وحدد إقامتهم بجزيرة الأعراس؛ لتقديم تفاصيل القضية خلال ثلاثة أيام، فجاء بحيثيات دراستهم أن خطاً وظلماً لحق بالمواطن، فأمر بإعادة محاكمته وبرئ.
وحكمت محكمة الثورة أشخاصا بالإعدام لانتمائهم لحزب الدعوة، واعتقدت أن ظلماً لحق بهؤلاء فاتصلت بالقصر الجمهوري وشرحت لأحد المسؤولين شكوكي بالحكم الصادر، فطلب المرحوم خيري الشماع احد قضاة القصر الجمهوري حضوري فورا، ورأيت قصاصة كتب عليها الرئيس صدام بخطه (يستقبل المحامي بديع عارف وتؤخذ ملاحظاته وتقدم لي) وعلى اثر ملاحظاتي أعيدت محاكمة الموطنين وأفرج عنهم، وفي واقعة ثالثة حكم بالإعدام غيابياً على المواطن علي عبدالله نورمان من الطائفة الفيلية بتهمة التجسس، لإيران فوجهت رسالة إلى الرئيس صدام بتفنيد الحكم فطلب إعادة المحاكمة وأفرج عنه وهو حي يرزق الآن. ويعرض المحامي بديع عارف مناشداته للرئيس المالكي التي لم تحظ بالاهتمام ومنها:
معالي رئيس دولة القانون هذا ما حصل لي قبل احتلال العراق 9/4/2003. أما اليوم ونحن نعيش عهد الديمقراطية كما يقال، يحكم مئات المواطنين بالإعدام جورا وهم أبرياء وتصدقها محكمة التمييزالاتحادية والرئاسة، وعلى سبيل المثال.
صدرت بالدعوى المرقمة1641/ج2/2009 في 14/1/2010 أحكام إعدام بأحد عشر مواطناً بريئاً بتهمة تفجيرات الأربعاء الدامي وصدقت رئاسة الجمهورية الإحكام في 16/3/2011، ثم قبض على مناف الراوي وأربعة من جماعته ليعترفوا أنهم قاموا بعمليات الأربعاء الدامي، وان المواطنين الأحد عشر المحكومين بالإعدام وينتظرون تنفيذ الحكم فيهم أبرياء لا علاقة لهم البتة بالتفجير، وقابلت المتهم في سجن الكاظمية ذي الأهمية القصوى، فأكد أمام مسئولي المعتقل أن الفتية الأحد عشر أبرياء، وانه ورفاقه الأربعة قاموا بالتفجير وطالب بحضور قاضي التحقيق ليوثق أقواله، واسر الأبرياء يأتون لمكتبي يومياً ويلتمسون عرض أمر أولادهم عليكم وعلى الرأي العام والمنظمات الإنسانية، وما زال الأمر بين أيديكم.
وأن المحكومين باغتيال أولاد السيد مثال الألوسي، وهم جعفر مصطفى حامد، وعلي محمد حافظ تعرضا لأبشع عمليات التعذيب ليعترفا باغتياله، ولدي الأدلة القاطعة وأثار التعذيب الوحشي محفورة بجسديهما ليعترفا بجريمة لم يقوما بها وحكما بالإعدام. وأسرتا الموطنين يلتمسونك بتشكيل لجنة قانونية نزيهة لدراسة قضيتهما قبل تنفيذ حكم الإعدام، وفوات الأوان، ولا يفوتني شكر مستشارين من مكتبك اتصلا بي يوما ليستوضحا قضية تتعلق بأحكام إعدام جائرة نشرتها في الصحف العراقية، وعن اعتداء عسكريي الفوج الثاني بالعامرية على محام يعمل بمكتبي، ولا شيء.
معالي رئيس الوزراء إنني أتطلع لتنسب احد مستشاريك القانونيين لأشرح بالتفصيل الأحكام الظالمة التي تطول يوميا مئات المواطنين باعترافات وهمية بالتعذيب الوحشي الموثق بتقارير طبية وأدلة قاطعة تخص المحكومين بالإعدام قبل أن يسبق السيف العذل، وناشدت رئيس مجلس القضاء الأعلى، وزير العدل، ورئيس محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ولا شيء ومازلت انتظر!
سيدي القارئ: يشهد الله لا أريد امتداح الرئيس صدام حسين على حساب المالكي، ولا يعنيني ذلك بشيء، ولو أردت ذلك لتحدثت عن مواقف للرئيس صدام معي شخصيا، منها إنصافي في خصومه وقعت لي ذات يوم مع اقرب الناس إليه، ولكن ما يهمني نشر الحقائق للرأي العام ليقف كل حر، ومحام شريف، وقفة الحق والعدل، كي لا يجرم بريء ويعدم ظلما، ويطلق سراح المذنب، فملايين العراقيين المهجرين والمشردين الذين تركوا أوطانهم قهرا وهم يحملون أرقى الدرجات العلمية، فروا بأنفسهم خارج البلد خوفا مما أصاب أقرانا من قتل على الهوية، وأحكام قاسية ظلما وعدوانا على يد المخبر السري وجلاوزة التحقيقات الذين يبتزون البريء بملايين الدنانير أو يذهب دمهم هدرا بالإعدام نتيجة الاعترافات الوهمية بالتعذيب وتضيع أسرهم، والله من وراء القصد. ألا هل بلغت اللهم اشهد.