عزة الدورى لـ ( بوابة الأهرام) : الكويت كانت فخا والبعث دولة لم تسقط ومقاتلو الجيش توزعوا على المقاومة
حوار : إبراهيم سنجاب
عزة إبراهيم الدوري مع صدام حسين
تنفرد "بوابة الأهرام" بنشر حوار مع عزة إبراهيم الدورى أحد أكثر المسئولين العراقيين السابقين إثارة للجدل منذ الاحتلال
الأمريكى للعراق عام 2003 وحتى الآن، حيث كان أحد أهم أركان نظام صدام حسين.. تلاحقة
الشائعات والحكايات، وتتعقبه أجهزة المخابرات، وبعدما كان يحمل رقم (6) على لائحة المطلوبين
من المسئولين العراقيين السابقين، أصبح المطلوب رقم (1).
الحوار له قصة وظروف مختلفة عن أى حوار
مع مسئول سابق أو حالى، نظرا للظروف الخاصة للضيف، وفيما يلى التفاصيل :
مازال الرجل الثانى فى العراق خلال حكم
صدام حسين يمثل لغزا كبيرا، فرغم المكافأة المالية التى أعلنت عنها أمريكا -10 ملايين
دولار- لمن يقدم معلومات توصلها إليه، وما أذيع عن مرضه بسرطان الدم وتقدمه فى السن،
إلا أنه – طبقا لتسجيلات صوتية وفيديوهات نسبت إليه فى فترات مختلفة- استطاع البقاء،
وأصبح الأمين العام لحزب البعث العربى الاشتراكى (قطر العراق) خلفا لصدام حسين بعد
إعدامه، ليقود ما أسماه الحزب "المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكى"،
حيث يشير الحزب إلى أنه أسس أكبر فصيل للمقاومة تحت مسمى القيادة العليا للجهاد والتحرير،
وتمكن لاحقا من دمج معظم الفصائل المسلحة، التى يقترب عددها من 55 فصيلا وطنيا وقوميا
وإسلاميا، بحسب حزب البعث العراق.
الدورى الذى يصفه " البعث" الآن
بـ"شيخ المجاهدين، وقائد المقاومة"، ولد فى عام 1942 وتعرض للاعتقال والحبس
عده مرات خلال مسيرته السياسية، قبل أن يصبح أحد كبار المسئولين بحزب البعث، وقد سبق
له العمل كوزير للإصلاح الزراعى، ثم وزيرا للزراعة، ثم للداخلية عام 1974، حتى أصبح
نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة فى 16 يوليو 1979، عندما تولى صدام حسين رئاسة الجمهورية،
وفى نوفمبر 2005 أعلن حزب البعث العراقى نبأ وفاة الدورى، ثم عاد ونفى ذلك لاحقا.
عزة إبراهيم الدورى أذهل المتابعين للشأن
العراقى، عندما ظهر بخطاب تليفزيونى طويل للمرة الأولى منذ شائعة وفاته عام 2005، حيث
أكد فيه قيادته لحزب البعث والمقاومة، ونفى ضمنيا ما قيل حول خروجه من العراق وإقامته
في اليمن أو سوريا أو السعودية أو رومانيا أو بلغاريا. كما تناقل العراقيون أنه ظهر
فى بغداد خلال شهر رمضان الماضى.
ولأننى ممن أصابهم الذهول بعد خطاب عزة
إبراهيم الدورى فى إبريل الماضى، فقد طلبت عبر موقع "ذى قار" -المعروف بأنه
الناطق باسم المقاومة العراقية- أن أجرى معه حوارا، فأخبرونى استحالة مقابلته شخصيا،
لأنه لا يبيت فى مكان واحد أكثر من ليلتين، حيث إنه مطارد من أجهزة مخابرات كثيرة،
فشلت حتى الآن فى معرفة مكانه أو الوصول إلى معلومة عن مقر إقامته داخل العراق.
ومع تصميمى على الحوار طلبت منى إدارة الموقع
أن أرسل أسئلتى واستفساراتى، وأن أنتظر الإجابة إن وافق على الحوار، لأنه كما قيل لى
يرفض التعامل مع الإعلام خشية تزييف تصريحاته، وانتظرت شهرين كاملين إلى أن فوجئت برسالة
تتضمن الإجابة على أسئلتى كما أرسلتها تماما، برغم أنه كما أعرف لم يسبق له إجراء حوار
مع أى وسيلة إعلام عربية أو عالمية، إلا مرة واحدة كانت مع صديقه الكاتب عبد العظيم
مناف لمجلة الموقف العربى عام 2008، وحسب اتفاقى مع إدارة موقع "ذى قار"
نشرت تنويها عن الحوار مصحوبا بصورة عزة إبراهيم الدورى، قبل ساعات من نشره، قالت فيه:
"عاجل وهام جدا ترقبوا قريبا جدا بإذن الله.. ستقوم إحدى كبريات الصحف المصرية
بنشر حوار صحفي هام وتاريخي يجيب عن أسئلة مهمة عن آخر تطورات الوضع الداخلي في العراق
المحتل وشئون الحزب والمقاومة الباسلة وعن الشأن العربي والإقليمي والدولي .... فإلى
ذلك نسترعي الانتباه"، وتنشر "بوابة الأهرام" صورة من هذا التنويه،
للتأكيد بأن الدورى هو من أجاب عن أسئلة "بوابة الأهرام".
وتنشر "بوابة الأهرام" هذه الإجابات
كما وصلتها، دون تحريف، التزاما بالاتفاق مع عزة إبراهيم الدورى وعلى مسئوليته، مؤكدة
أنها الآراء الواردة بالحوار لا تمثل موقفا خاصا بالبوابة، وأن نشرها يدخل فى إطار
احترام القواعد المهنية، وطرح هذه الآراء ليحكم عليها القارئ بنفسه.
قبل إجابته على أسئلة الحوار قدم الدورى
التحية للشعب المصرى "شعب الكنانة والعروبة والحضارة العريقة"، وقال:
"أذكر أننا خرجنا ونحن فتية لا نتجاوز الرابعة عشر من العمر في مظاهرات بأغلب
مدن العراق لنصرة شعبنا المصري وثورته ضد العدوان البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على
مصر، فظلت بورسعيد العروبة منذ ذلك الحين محفورة في ذاكرتنا وفي قلوبنا، معقلا للصمود
والبطولة والفداء والإباء والشموخ الوطني والقومي، فتوحدنا مع مصر قلبا وقالبا منذ
ذلك اليوم، ثم صفقنا وهتفنا بحرارة لميثاق الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا
في السابع عشر من إبريل 1963م، الذي للأسف لم يأخذ طريقه إلى التحقق".
وأضاف الدورى : "في مناسبة لقائنا
ببوابة الأهرام اليوم أحيي أبناء شعبنا المصري المناضل مرة أخرى وهو يقطف ثمار ثورته
المجيدة في أول انتخابات حرة وشفافة ونزيهة قال شعب الكنانة فيها كلمته، وإننا لنتطلع
إلى ضرورة عودة الدور الريادي والقيادي لمصر العروبة في مسيرة الأمة الجهادية، من أجل
التحرر والتقدم والتطور، آملين أن تحقق الثورة كل عوامل ومستلزمات حمايتها وتصويب مسيرتها
من محاولات التدخل الأجنبي بهدف حرفها عن أهدافها أو احتوائها، متمنين لشعبنا المصري
الشقيق دوام العز والمجد والرفعة في ظل ثورته المجيدة".
* "بوابة الأهرام": الشعب العربي يريد
أن يتعرف على مشاعر عزة إبراهيم لحظة إعلان احتلال العراق؟
- الدورى : احتلال العراق لم يكن في يوم غزوه،
ولا في يوم وصول قوات الغزو الشوفيني النازي إلى بغداد العروبة وقلعتها الصامدة، فهو
لم يكن مفاجئا لنا، هو حصيلة نتاج مخطط إمبريالي أمريكي ـ صهيوني فارسي صفوي .. لقد
دخلنا معهم في صراع دام وطويل وعلى امتداد مسيرة ثورة تموز المجيدة عام 1968، بدأ الصراع
منذ اليوم الأول لإعدام جواسيس الكيان الصهيوني في ساحة التحرير ببغداد عام 1969، وما
تلا ذلك من إنجازات كبيرة وحيوية لثورة البعث في العراق، ثم صدور قانون الإصلاح الزراعي
الجذري، وتصفية الإقطاع ووضع الأرض بيد من يزرعها، ثم الثورة الزراعية في الريف، التي
غيرت حياة الإنسان ورفعته إلى مستوى عال من التطور والتقدم والتحضر، ثم صدور بيان آذار
التاريخي والحل السلمي والديمقراطي للمسألة الكردية، ثم الحكم الذاتي لشعبنا الكردي
في منطقة كردستان العراق، ثم قرار تأميم النفط التاريخي، الذي وضع أهم الثروات الوطنية
بيد الشعب لاستثمارها وطنيا وقوميا، ثم الوقوف الدائم مع القضية الفلسطينية، والوقوف
الدائم مع مصالح الأمة الحيوية من أقصى مغربها إلى أقصى مشرقها.
لقد قاتلوا ثورتنا في شمال العراق سنين
طويلة وقاتلونا في القادسية الثانية ثمان سنوات، وانتصرنا في كل تلك المعارك حتى وضعوا
لنا قضية الكويت فخا محكما وقعت فيه قيادة العراق فجاءوا من خلاله كحلقة أخيرة من حلقات
الغزو إلى العراق بكل حقدهم التاريخي على الأمة وعراقها الأشم، فدمروا وقتلوا وشردوا،
ظنا منهم أن ينتهي البعث وشعب العراق لكي يخلو لهذا الحلف الثلاثي الإجرامي الخبيث
الجو في تقاسم المصالح معا في العراق والأمة، لكن شعب العراق الأبي وقواه الوطنية والقومية
والإسلامية وفي طليعتها البعث رد الصاع صاعين للإمبريالية الأمريكية قائدة الحلف الشرير
فطردتها وهزمتها بفضل الله وعونه وستسحق الصفوية الفارسية وتطردها بإذن الله.. أما
مشاعري الوطنية والقومية والإيمانية فهي مشاعر كل عراقي وعربي شريف وغيور وشهم صادق
ومخلص لأمته وشعبه فقد تفجر هذا الشعور عندي وعند رفاقي في البعث إيمانا وهمة وعزيمة
ومضاءً وثورة عارمة بوجه الغزاة، فخضنا جهادا ملحميا مع حزبنا وقواتنا المسلحة الباسلة
وكل فصائل الشعب المجاهدة الوطنية والقومية والإسلامية وعلى امتداد تسع سنوات قد تحقق
فيها نصرنا التاريخي الكبير بالهزيمة الكبرى المذلة، التي مني بها المحتلون البغاة
المعتدون.
- لقد كان دور البعث طليعيا ومقداما وجسورا،
لأن وجوده وفعله وقوته وتأثيره لم يكن جديدا أو مبتدأ على الساحة، ولم يكن متفاجئا
بالاحتلال كما في الفصائل المجاهدة الخيرة الأخرى والكثيرة، وإنما هو امتداد لدولته
وجيشه وقوى أمنه الوطني ومؤسسات دولته المهمة، خصوصا التصنيع العسكري ومراكز البحوث
ثم شعبه العملاق الذي أعده البعث إيمانيا وعقائديا وسياسيا ً وعسكريا على امتداد خمس
وثلاثون عاما لكي يواجه مثل هذا اليوم ولكي يواجه قوى العدوان والطغيان والغزو والاحتلال،
فكانت مقاومة البعث هي امتداد لصراعه العسكري الرسمي مع الغزاة منذ حرب القادسية الثانية
المجيدة إلى يوم الغزو والاحتلال، لقد توحدت تحت راية القيادة العليا للجهاد والتحرير
والخلاص الوطني أكثر من خمسين فصيلا من فصائل المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية،
وإن ما بقي من فصائل جهادية خيرة كان مادتها رجال البعث ورجال جيشه الباسل وقوى أمنه
الوطني وإمكانيات هذا الجيش العظيم وأسلحته وخبرته ومستوى علومه ومعرفته مستندا هذا
الجيش العظيم وجميع القوات المسلحة الأخرى على قاعدة الثورة العظيمة ثورة تموز، فالبعث
دولة قوية ومتطورة لم تسقط كما تسقط الدول في الحروب، وإنما اختفت لتقود مسيرة التحرير
بإمكاناتها الهائلة. لقد توزع مقاتلو جيشنا الباسل وقوى الأمن الوطني وبعض الكادر الحزبي
على جميع فصائل المقاومة يقودون ويخططون بغض النظر عن اختلافنا معهم سياسيا وعقائديا
وحتى تاريخيا لأن الجامع بيننا هو تحرير العراق الهدف الأكبر والأسمى للجميع، الذي
لا يعلو عليه هدف.
* "بوابة الأهرام" : ما موقفك وتقييمك
لمعارك أم قصر وذي قار والمطار الشهيرة وذكرياتك عنها ؟
- كيف يكون موقفنا من هذه المعارك الخالدة
وتقييمنا لها وكل معارك الثورة، فنحن جزء أساسي وفاعل منها وفيها قد سجل شعبنا وحزبنا
وجيشنا العظيم أروع البطولات وأوسع التضحيات وأغلى الانتصارات، وستبقى هذه المعارك
وما سبقها من معارك في ملحمة القادسية الثانية من الوقائع الملحمية العسكرية المتفردة
للأمة، التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وستأخذ طريقها مستقبلا إلى الكليات والأكاديميات
العسكرية في الأمة لتدرس، فلقد سطر فيها مقاتلو جيشنا الباسل بفرقه وألويته وكتائبه
أروع البطولات وكبدوا المحتلين خسائر جسيمة في الأفراد والمعدات، فلقد جسدت الفرقة
المقاتلة في أم قصر وألويتها مع شعبنا وحزبنا هناك صور الصمود والتضحية، كما جسد مقاتلو
جيشنا الباسل وحزبنا المناضل ذات البطولات في معركة الناصرية، صعودا نحو الهندية والكفل،
وفي هذه المعارك قدم جيشنا العظيم وحزبنا من التضحيات السخية والشهداء الأبرار ما يشيب
له الولدان.
أما عن معركة المطار الخالدة فلقد سطر مقاتلو
الجيش العراقي والحرس الجمهوري وفدائيي صدام أروع البطولات والتضحيات السخية.. فلقد
كان الغزاة البغاة في غاية الخسة والقذارة عندما اصطدموا بهذا النوع من الاستبسال والصمود
والتضحية والحنكة في القتال وإدارة المعركة، فلقد استخدموا في هذه المعركة القنابل
النووية التكتيكية، التي تذيب البشر والشجر والحجر، ومع ذلك فقد قابلها مجاهدوا العراق
الشجعان بصدورهم العامرة بالإيمان وبحقهم في الحياة الحرة الكريمة، وكبدوا العدو فيها
خسائر فادحة وجسيمة، وستبقى معارك أم قصر والناصرية والمطار والنجف وقبلها معارك القادسية
وغيرها مآثر خالدة في سفر الجهاد البهي، الذي يتواصل حتى يومنا هذا وسيضل يشع بسناه
الباهر ودروسه البليغة على أقطار الأمة العربية وجماهيرها لتنهل منه ما يصعد مسيرة
أمتنا الكفاحية لتحقيق أهدافها في التحرر والتوحد والتطور والبناء.
* "بوابة الأهرام": متى بدأت المقاومة؟..
وما عمقها؟.. وما أكبر معاركها؟.. وهل حققت أهدافها ؟
- المقاومة وحرب التحرير الشعبية هي هوية
الأمة وعقيدتها وثقافتها منذ عصر الرسالة العربية الإسلامية الخالدة، قد جسدها وجذرها
في النفوس والعقول والقلوب والأرواح والضمائر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وآله
وصحبه المجاهدين في مسيرة عملاقة حرروا الأمة ووحدوها وأشادوا حضارتها الزاهية والخالدة
على مر الدهور، ولذلك فقد كان الجهاد عندنا هو هوية البعث وعقيدته وثقافته منذ اليوم
الأول لولادته في السابع من أبريل عام 1947، فالمقاومة كانت الرد التاريخي الطبيعي
لشعب العراق وقواه الوطنية والقومية والإسلامية وفي طليعتها البعث باعتباره صاحب القضية
وهو المستهدف من الغزو قبل كل شي، بدأت بعد انتهاء المعارك الرسمية فورا، بل تداخلت
مع آخر أيام المعارك الرسمية وكان ولا يزال وسيبقى عمقها شعب العراق العظيم، الذي أعده
البعث على امتداد مسيرة الثورة ولغاية يومنا هذا تربية وتعبئة وإعدادا ً وتدريبا ً
وتسليحا ً، ولذلك فهي لم تتأثر بالموقف العربي الرسمي السلبي، وكما تعلم أن العمق الإستراتيجي
لشعب العراق ومقاومته هي الأمة وشعبها وتاريخها، لقد استلهمت المقاومة كل قيم ومعاني
ومثل ومبادئ مسيرة الرسالة الخالدة على عصر صاحبها إمام المجاهدين الحبيب المصطفى صلى
الله عليه وسلم، إيمانا ً وصدقا ً وأداء ً وعطاء وفداء فقدمت مقاومتنا المجيدة أغلى
وأوسع التضحيات بهذا المدد وبهذه الروحية وبهذا الاستلهام.
لقد استطاع مجاهدو البعث وفصائل المقاومة
الأخرى بكل ألوانها وأشكالها بعد أن قدمت هذه المقاومة المتفردة في تاريخ الأمة الثمن
الباهظ مائة وخمسين ألف شهيد بعثي ومليوني شهيد عراقي متوكلين على الله القوي العزيز
متكئين على قاعدتهم شعب العراق المجيد وكل قواه المناهضة والمعارضة للاحتلال تمكنت
من تركيع قوى الغزو والعدوان وتحطيمها وهزيمتها المنكرة في الحادي والثلاثين من كانون
الأول من العام الماضي يجرون أذيال الخيبة والخسران.
وأجيبكم عن سؤالكم عن تقييمنا لدور الإعلام
العربي وموقفه من المقاومة وحرب التحرير فأقول لك ولكل أحرار الأمة للأسف الشديد :
كان موقفا متخاذلا بل كان متآمرا وكان الكثير من قنواته وإذاعاته وصحفه الرسمية مساندا
ً للعدوان وللمحتلين، كما أدى هذا الإعلام دورا غير مشرف وسيء للغاية في محاصرة المقاومة
العراقية الباسلة وطمس جهادها وانتصاراتها، وبخاصة البعث ومقاومته المجيدة باستثناء
بعض القنوات الشريفة القليلة جدا، ثم كتابات بعض الكتاب والصحفيين العرب المناضلين
الأحرار.
"* بوابه الاهرام" : قامت امريكا باحتلال
العراق بحجه اسلحه الدمار الشامل .. كيف تقيمون موقفها من ايران ؟
عزة ابراهيم - حقيقهً لقد اقترفت الاداره
الامريكيه ولا اقول الشعب الامريكي ابشع جريمه في تاريخ امريكا كدوله عظمي وحضاريه
، وتدعي انها راعيه للحريه والديمقراطيه وحريه الانسان وحقوقه باحتلالها للعراق، وليس
لهذه الجريمه مثيل لا في التاريخ القديم ولا في التاريخ الحديث، وهي قطعًا خارج سياقات
الشرعيه الدوليه وميثاق الامم المتحده والقانون الدولي، وهي قطعًا خارج سياقات القيم
والمبادئ السماويه التي ارادها الله سبحانه للانسان في الارض، وقد لفقت لعملها المشين
هذا اخس الاكاذيب واقذرها حول امتلاك العراق لاسلحه الدمار الشامل، وقد اعترفت الاداره
الامريكيه علي لسان بوش ووزير خارجيته كولن باول وغيرهم فيما بعد بعدم وجود اسلحه دمار
شامل في العراق.
وقد تاكد العالم كله بعد الاحتلال من خلو
العراق من هذه الاسلحه، اما بشان ايران فقد جري الاحتلال بمشاركه ايرانيه اساسيه مكشوفه
ومفضوحه، وهذا ما اعترفت به ايران نفسها متباهيه علي لسان علي اكبر ابطحي نائب الرئيس
الايراني السابق، وان التحالف الامريكي الصهيوني الايراني معروف ومكشوف انظر الي موضوع
الملف النووي الايراني كيف تتعامل معه الاداره الامريكيه والكيان الصهيوني، وكيف وفرت
له الزمن والفرصه المناسبه لاستكمال مهامه في انتاج السلاح الذري، لكي تبتز الامه العربيه
وتهدد منطقه الخليج العربي برمتها لكي تضطر دول الامه باللجوء الي امريكا والارتماء
في احضانها ولكي تاخذ ايران حصتها المتفق عليها مع امريكا في الامه وفي المنطقه.
التحالف الامريكي الصهيوني الايراني معروف
ومفضوح منذ زمن الشاه، وبعد ان قضوا وطرهم من الشاه، ومنذ امداد ايران بالسلاح في معركه
القادسيه عن طريق اسرائيل وحتي الغزو والاحتلال وحتي اليوم قد وفرت الاداره الامريكيه
الغطاء علي امتداد 9 سنوات لايران وعملائها لتدمير العراق وقتل شعبه، ثم سلمت العراق
اليوم بالكامل لايران من خلال عملائها في العمليه السياسيه ومن خلال تواجدها الرسمي
والامني والمخابراتي والسياسي والاقتصادي.
واني اقول للامه ولشعبها وشعب امريكا الحضاري
الانساني الصديق الذي وقف ضد غزو دولته لبلدنا ان ايران قد امتلكت السلاح النووي قبل
اليوم، وهي تنتظر الفرصه المناسبه لكي تعلن امتلاكها له، وستفاجئ العرب والعالم بهذا
الاعلان، نحن لدينا متابعه دقيقه ونمتلك معلومات مهمه للغايه عن المشروع الايراني النووي،
ان متابعتنا امتدت لاكثر من 40 عامًا منذ زمن الشاه، ولذلك علي العرب ان يتوحدوا ويعبئوا
كل امكانات الامه لمواجهه الخطر القادم، ولا يطمئنوا الي مزاعم امريكا والغرب بحمايتهم..
امريكا والغرب معا غير قادرين علي حمايه من ليس لهم في حمايته مصلحه اساسيه وحيويه.
* "بوابه الاهرام": بعد الاحتلال هل يوجد
دور وتاثير لاسرائيل في العراق ؟
عزة ابراهيم - اوضحنا في اجوبتنا السابقه
وفي كل خطاباتنا ورسائلنا وبياناتنا طبيعه الحلف الامريكي الصهيوني الايراني في احتلال
العراق وقبل احتلاله، واليوم وتحت حمايه ورعايه امريكا وايران فقد بدا واضحًا تواجد
الموساد الاسرائيلي والشركات الاسرائيليه بمختلف انواعها ومهامها وعلي نحو سافر ومكشوف
في العراق، وان المقاومه العراقيه الباسله اليوم تركز كل جهدها ضد الوجود الاسرائيلي
ووجود الفرس وعملائهم وجواسيسهم في العمليه السياسيه المخابراتيه وعند تحطيم المشروع
الايراني في العراق وطرد عملائهم سينتهي دور اسرائيل وسينتهي وجودها في العراق قطعًا،
وحتي يتحقق تحرير العراق الشامل والكامل باذن الله.
* "بوابه الاهرام": ما هي مظاهر المد
الايراني في العراق والوطن العربي .. وهل هو مد مذهبي ام سياسي؟
عزة ابراهيم - ان مظاهر المد والتغلغل الايراني
والتي شارفت الي حد الاحتلال والابتلاع لبعض اقطار الامه واضحه للعيان، بل اصبحت صارخه،
ففي العراق قد سلمت امريكا عمليتها السياسيه الي ايران بالجمله، وقد تخلت عن عملائها
القدامي والجدد المناهضين للمشروع الفارسي في الامه، وبهذا تكون هذه الاداره قد سلمت
العراق برمته الي ايران وفق شراكه وتقاسم مصالح بينهما، واقول وان لم تتوحد قوي الثوره
في العراق وفي الامه وينهض شعب العراق وشعب الامه خلفها لتحطيم هذا المشروع البغيض،
وفي لبنان يوجد دوله ايرانيه فارسيه صفويه داخل دوله لبنان تمامًا واقوي منها، لها
جيشها الذي هو اقوي من جيش لبنان واكثر منه عدداً وعده، وهناك في الخليج العربي تحتل
هذه الدوله العدوانيه اقليم الاحواز من الوطن العربي، وتحتل جزر طنب الكبري وطنب الصغري
وابو موسي من الامارات، وتطالب رسميًا بالبحرين، واخيرًا وبعد نكسه الامه الكبري في
العراق اصبحت ايران تطالب وعلي لسان رئيسها احمدي نجاد بالخليج كله من دوله الكويت
الي حدود عمان مع شطر من ارض المملكه العربيه السعوديه، وهي اليوم تركب موجه ما يسمى
بالربيع العربي، لتؤسس قواعد ومواطئ قدم لها في كل اقطارنا العربيه استعدادًا للغزو
المرتقب ووفق مشروع تصدير الثوره.
اما في العراق بشكل خاص فهي تستبيح جميع
محرماته ومقدساته وحريه شعبه وكرامتهم وسياده وطنهم واستقلالهم، فهي تقصف القري الحدوديه
في شمال العراق يوميًا وعلي طول الحدود معها، وهي تسرق النفط العراقي وتنهبه وتحتل
جزءًا كبيرًا من ارض العراق، وهي تقطع المياه عن العراق وتضخ مياه البزول المالحه والملوثه
الي العراق، وهي تشرف مباشره علي عمل القوات المسلحه العراقيه حتي التفاصيل، خصوصًا
في مهام القتل والاعتقالات والمطاردات والاعدامات ومشروع الاجتثاث.
* "بوابه الاهرام": لماذا لا يشارك البعث
في العمليه السياسيه بعد ان اعلن انهاء الاحتلال ؟
عزة ابراهيم - للبعث موقفه الواضح والقوي
والمعروف ضد اي نوع من انواع الوجود الاستعماري علي ارضه والعمليه السياسيه المخابراتيه
هي صنيعه المحتلين ومظهر من مظاهر وجودهم واداتهم المباشره لتنفيذ بعض مشاريعهم واهدافهم
داخل العراق، التي عجزوا عن تحقيقها بالقوه، فالبعث يرفضها جمله وتفصيلًا، وهي تمثل
مظهراً من مظاهر الوجود الامبريالي الصفوي المشترك وان مجاهدي البعث والمقاومه بكل
فصائلها الوطنيه والقوميه والاسلاميه الذين هزموا قوات الاحتلال سيحطمون صنيعتهم العمليه
السياسيه المخابراتيه، التي ضربت فعلًا في الصميم بهزيمه قوات الغزو من العراق، وهي
تترنح اليوم ويتصاعد الصراع والاحتراب بين اطرافها ويواصل مجاهدو البعث والمقاومه تهديم
اركانها وصولًا الي تحقيق النصر الشامل والتحرير الناجز للعراق ومواصله مسيره النهوض
والتقدم باذن الله.
* "بوابه الاهرام": ما تقييمكم لانتفاضه
الشعوب العربيه ؟..
عزة ابراهيم - انتِ سميتها انتفاضات الشعوب
العربيه، ونحن نقول هي انتفاضه الشعب العربي في اقطار امته التي نضجت ظروف وعوامل الانتفاضه
والثوره فيها، واقول لحد الآن لم يرتق ايًا من هذه الانتفاضات الجماهيريه المجيده الي
مستوي الثوره، وانما هي انتفاضات تعبر عن تطلعات محدوده كالظلم والتهميش والفقر والحرمان،
املنا كبير بجماهير الامه الثائره ان ترتقي بثوراتها او بانتفاضاتها الي مستوي الثوره
الشامله العميقه لاحداث التغيير الجذري السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وللتحرر من
الاستعمار وكل انواع الهيمنه والسيطره، والتطلع الي وحده الامه وحريتها وتقدمها الحضاري
الانساني واستعاده دورها الطليعي الرائد بين الامم ان انتفاضات جماهيرنا العربيه في
بعض اقطار الامه تعبر عن اراده الامه وشعبها الابي للنهوض والتحرر والتقدم، وهو يمثل
امتدادًا واستلهامًا لثورتنا وجهادنا في العراق علي امتداد السنوات التسع، التي خلت
وما حقق شعب العراق العظيم ومقاومته الباسله من انتصارات تاريخيه مجيده علي الغزاه
المحتلين.
ان انتفاضات شعبنا العربي في بعض اقطاره
قد استلهمت من اشعاعات الجهاد علي ارض العراق الطاهره، وبالتاكيد فان الحلف الامبريالي
الصهيوني الصفوي يحاول احتواءها او تحجيمها او تقزيمها او حرفها عن مسارها التاريخي،
وعن اهدافها الساميه في التحرر والانعتاق وفي التطور والتقدم لا سمح الله، وانظر الي
الذي حصل في ليبيا ودور حلف الناتو، وهذا يحصل اليوم في البحرين وقبلها اليمن وحتي
في تونس ومصر الحبيبه حاول هذا الحلف النيل من ثوره 25 يناير وسبق ان اعلنا موقفنا
وتقييمنا لثورات وانتفاضات شعبنا العربي في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا باننا مع
الثورات والانتفاضات الجماهيريه قلبًا وقالبًا، وبنفس الوقت نحن ضد اي تدخل اجنبي عسكري
او سياسي وباي شكل من الاشكال وسنقاوم مع شعبنا في اقطاره اي نوع من انواع التدخل الخارجي،
ونحن واثقون بان هذه الانتفاضات والثورات وبدعم من جماهير الامه وقواها الوطنيه والقوميه
من المضي في مساراتها الصائبه الموصله الي النهوض الوطني القومي الانساني التحرري الشامل
والعميق.
* "بوابه الاهرام" : الجنوب العراقي له
وضعيه خاصه .. هل سيطرت عليه ايران بالفعل كما يشاع ؟..
عزة ابراهيم - ان المقاومه العراقيه الباسله
شملت العراق كله من شماله الي جنوبه ومن شرقه الي غربه وان جنوب العراق هو في قلب المقاومه
منذ اليوم الاول للاحتلال الي يومنا هذا، ولابد انك قد سمعت من الاعلام ان اول فصيل
انطلق في الجنوب هو الجيش العربي لتحرير الجنوب، ومنذ الايام الاولي للاحتلال الذي
لقن الاحتلال البريطاني دروسًا قاسيه، فجعلهم يهربون من العراق في وقت مبكر .. ان شعبنا
في الجنوب وفي الفرات الاوسط يقف اليوم في طليعه المسيره الجهاديه للتحرير، وان اداءه
وعطاءه في ميدان الجهاد اكثر وقعًا وايلامًا وخوفًا ورعبًا لايران وعملائها واذنابها
هناك.. الم تسمع ما فعله البعث في كربلاء الحسين قره عيون المجاهدين وحلمهم، لقد سيطر
البعث بشكل كامل علي المحافظه ومدينه كربلاء تحديدًا ليله كامله، وزع وخط علي الجدران
وعلق لافتات في كل شارع وزقاق ومحله قد وزع ثمانمائه الف منشور وملصق واحدث هزه عنيفه
في قلوب العملاء والخونه، وهكذا قبلها في النجف والبصره والناصريه وواسط وفي كل مدن
الجنوب وقراه.
* "بوابه الاهرام": هل انسحبت امريكا
من العراق تحت ضغط المقاومه فعلًا ام انسحبت بعد ان حققت اهدافها ؟
عزة ابراهيم - خاضت المقاومه العراقيه بفصائلها
الباسله معارك ضاريه تصدت فيها للمحتلين البغاه الطغاه الغزاه وحلفائهم الاشرار وعملائهم
الاذلاء، علي امتداد السنوات التسع من عمر الغزو قدمنا الاعداد الكبيره من الشهداء
كما ذكرنا في الجزء الاول من الحوار، وقد تمكنت هذه المقاومه العظيمه بكل فصائلها الوطنيه
والقوميه والاسلاميه حتي انجزت وعدها لشعب العراق وللامه فقصمت ظهر الغزاه المحتلين،
فكان اعلانهم عن انسحابهم الي ما اسموه بالقواعد الآمنه في الثلاثين من يونيه عام
2009م بدايه انهيار قواتهم المسلحه، وفعلًا نفذوا هزيمتهم الي هذه القواعد في الحادي
والثلاثين من اغسطس عام 2009، وقد كان ذلك اليوم المجيد هو يوم الفتح الاول واستمرت
الملاحقه والمطارده لقوات الغزو سواء في القواعد او حين خروجها لمهامها الخاصه، حتي
اعلن الرئيس اوباما عزمه الانسحاب الكامل في الثاني والعشرين من اكتوبر عام 2011.
فقد كان هذا اليوم هو يوم الفتح الثاني
وصولًا الي هزيمه وهروب آخر جندي غازي محتل في الحادي والثلاثين من يناير من العام
الماضي، فكان يومه بحق هو يوم الفتح الاكبر والاعظم وهو يوم النصر العظيم، وهو عندنا
اليوم يمثل عيدًا وطنيًا وقوميًا للعراق والامه، ولقد تجرع الغزاه المحتلون البغاه
خسائر فادحه ليس في البشر والمعدات فحسب بل وحتي علي صعيدي السياسه والاقتصاد، وحدث
الافلاس الاقتصادي والمالي والهزه الاقتصاديه المدّويه للبنوك الامريكيه والغربيه،
انظر الي لقطه من الخسائر الفادحه التي منيت بها امريكا يقول العالم الاقتصادي الحاصل
علي جائزه نوبل للاقتصاد، الذي وصف حرب العراق ( بالحرب الكارثيه وبالهزيمه المره التي
كلفتنا خسائر سندفع ثمنها لثلاثين عاما قادمه، وقد اوصلت امريكا الي حافه الانهيار
) .. هذا ما جاء بكتابه الشهير ( حرب الثلاث ترليونات دولار الكلفه الحقيقيه لحرب العراق ) .
وكل من يقرا هذا الكتاب من احرار الامه
ومناضليها سيشعر بالفخر والاعتزاز لما حققته المقاومه العراقيه من هزيمه قاسيه لاعتي
امبراطوريه في التاريخ، وقد تحقق هذا كنتيجه مباشره ونتيجه اكيده لما الحقت المقاومه
بهم من خسائر واسعه واستنزاف هائل كاد ان ينهار معه الاقتصاد العالمي برمته.
واؤكد لشعب العراق والامه اليوم ان الاحتلال
قد اخفق ولم يحقق اي هدف من اهدافه، طالما البعث موجودًا في ساحه المنازله ومازالت
المقاومه الوطنيه والقوميه والاسلاميه موجوده في ساحه الجهاد تترصد وتلاحق وتطارد بقاياهم
وعملاءهم واذنابهم، واقول بشكل ادق واوضح ان كل ما حققوه من اهداف ظاهريًا ورسميًا
فهو معلق في الهواء سيذهب ويتلاشي في اليوم الاول للتحرير الشامل والكامل لبلدنا، خصوصًا
بعد طرد عملائه واذنابه وجواسيسه خونه الوطن والامه، ومن المفيد جدًا ان يعود اعلام
المقاومه واعلام الامه ومناضليها واحرارها الي مذكرات بوش ( قرارات مصيريه ) ليري فعل
المقاومه وانجازاتها علي الارض، ومن منظار عدوها اللدود ذكر بوش انه قرر عام 2006 سحب
قواته من العراق بفعل القوه الهائله التي جابهت قواته واستنزفتها حتي اوصلتها الي حافه
الانهيار الشامل والهزيمه الكارثيه.
رابط المقابلة المنشور في الاهرام
http://gate.ahram.org.eg/News/256717.aspx