Seif_eldawla@hotmail.com
هذا حديث عن دور ومسئولية "مصر كامب ديفيد" عما آلت اليه الأمور اليوم من تجبر أمريكى وعربدة صهيونية غير مسبوقة.
***
·كانت مصر الرسمية هى أول من كسرت الثوابت العربية والإجماع العربى حول الموقف من فلسطين وقضيتها، والموقف من الكيان الصهيونى المسمى بدولة اسرائيل.
·فمنذ 1948 وما قبلها حتى عام 1977(زيارة السادات للقدس)، كان هناك موقفا عربيا موحدا بأن (اسرائيل) كيانا استعماريا استيطانيا باطلا غير مشروع يستهدف مصر والأمة العربية كلها بقدر ما يستهدف فلسطين، وبالتالى يُحظَر الاعتراف به او الصلح معه، وهو ما تم التعبير عنه فى عشرات القرارت الصادرة من مؤتمرات القمة العربية، وأوضحها كانت مقررات مؤتمر الخرطوم فى اغسطس 1967 بانه لا صلح لا تفاوض لا اعتراف، وما تلى ذلك من دعم عربى لمصر وسوريا ولمنظمة التحرير الفلسطينية للاعداد لمعركة تحرير الارض المحتلة حتى حرب 1973.
·كان هذا هو الموقف العربى الرسمى الى ان قامت مصر بتوقيع اتفاقية سلام مع (اسرائيل)، اعترفت فيها بشرعية دولتها وحقها فى ان تعيش آمنة داخل حدود ارض فلسطين التاريخية، ما عدا الضفة الغربية وغزة المشهورة باسم فلسطين 1967، وانسحبت من معارك الصراع ضد العدو الصهيونى، وأجهضت اى خيار عسكرى عربى، حيث أنه يستحيل تحقيق أى انتصار عسكرى على (اسرائيل) بدون مصر.
·ثم سعت للترويج لهذا السلام عربيا، بالادعاء بانها فتحت الطريق امام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم فى المنطقة، وانها قدمت نموذجا يمكن تكراره والاحتذاء به، وهو ما تم النص عليه صراحة فى كل مقدمات وديباجات ومخاطبات كامب ديفيد 1978 و المعاهدة المصرية الاسرائيلية 1979.
·ولا تزال تروج له حتى اليوم على لسان الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى الذى لا يترك فرصة الا ويتحدث عن السلام الرائع بيننا وبين (اسرائيل) الذى انقذنا من الضياع، وكيف ان المصريين قاتلوا فى 1973 من أجل السلام، وكيف وصل بنا الحال اليوم الى بناء اجواء عميقة ومستقرة من الدفء والثقة والطمأنينة بيننا وبين اسرائيل!
·وكان أن ترتب على القرار المصرى بالانسحاب من معارك الصراع ضد الكيان الصهيونى، والصلح والسلام والتطبيع معه، نتائج كارثية، عصفت بالقضية الفلسطينية، كان اولها هو قيام القوات الاسرائيلية باقتحام بيروت ومحاصرة القوات الفلسطينية وطردها الى المنافى عام 1982، حيث تعرضوا لضغوط هائلة من مصر والمجتمع الدولى، نجحت فى النهاية فى كسر ارادتهم وتوقيعهم اتفاقيات اوسلو التى بموجبها قاموا بالتنازل عن ارض فلسطين التاريخية والاكتفاء بالمطالبة بالضفة الغربية وغزة والاعتراف بشرعية دولة (اسرائيل) والتخلى عن الحق فى المقاومة والكفاح المسلح، مما أدى الى تجريد الشعب الفسطينى من اى مقدرة على المواجهة والتحرير.
· وتم استدراج المنظمة ثم السلطة الفلسطينية الى متاهات من المفاوضات العبثية على امتداد ما يقرب من ربع قرن، لتنتهى باستيطان (اسرائيل) لمساحات شاسعة من الارض المحتلة فى 1967 بما فيها القدس الشرقية، مع توظيف السلطة الفلسطينية لمطاردة حركات وسلاح المقاومة الفلسطينية فيما عرف بالتنسيق الامنى المشترك. ثم ما تلى ذلك من عمليات تمهيد وتأهيل وإعداد الوضع العربى والاقليمى والدولى، لانهاء المقاطعة العربية الرسمية لاسرائيل ودمجها فى المنطقة والتحالف بينها وبين مصر والسعودية والامارات لمواجهة ما يسمي بالمخاطر المشتركة المتمثل فى ايران وفى الارهاب الاسلامى المتطرف.
·ثم جاء ترامب ليطلق الرصاصة الاخيرة على أوهام السلام الفلسطينية الاسرائيلية، بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارته اليها، ليعلن انهاء أى امل فيما يسمى بدولة فلسطينية على حدود 1967، وليوجه صفعة الى حلفائه وتابعيه من جماعات ودول كامب ديفيد واوسلو ووادى عربة و مبادرة السلام العربية.
·لينكشف للجميع وهم وضلال ما زرعته وبشرت به مصر كامب ديفيد، مصر السادات/مبارك/السيسى وحلفاؤها من العرب والسلطة الفلسطينية من امكانية السلام مع العدو الصهيونى، وامكانية الانسحاب من ارض فلسطين 1967.
***
·والغريب اننا فى مصر نتفاخر طول الوقت بأننا لم نقبل ان نتنازل عن كيلو متر مربع واحد فى طابا وأننا استرددنا سيناء كاملة بدون ان تنقص منها ذرة تراب واحدة، بينما فى ذات الوقت تقوم الدولة المصرية منذ ١٩٧٩ بالضغط على القيادة الفلسطينية لتوقيع اتفاقية سلام مع (اسرائيل) والاعتراف بها والتنازل لها عن كل ارض فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة. ثم نعود وننتقد الامريكان ومجتمعهم الدولى لأنهم يكيلون بمكيالين!
***
· ولم تكتفِ مصر كامب ديفيد بذلك فقط، بل شاركت مع الولايات المتحدة و(اسرائيل) والأردن ودول عربية اخرى، فى حصار المقاومة الفلسطينية، واجهاض اى محاولات للتحرر من خديعة اتفاقية اوسلو، حتى بعد ان اتضح للجميع منذ سنوات طويلة ان (اسرائيل) لن تقوم بالانسحاب من اى ارض فلسطينية، بل تغتصب المزيد منها كل يوم.
***
·هل تقوم مصر الرسمية بالتكفيرعن خطيئتها الكبرى التى ساهمت فى ضياع الحقوق العربية فى فلسطين، وهل تتراجع وتعترف بفشل طريق التسوية، وبان (اسرائيل) لا تريد سلاما ولا يحزنون وانما تريد استكمال اغتصاب ما تبقى من فلسطين، ام ستظل تردد وراء السيسى ان السلام مع (اسرائيل) هو سلاما رائعا وتغوص اكثر واكثر فى مستنقع التحالف الامريكى الاسرائيلى العربى لتصفية القضية.
*****
القاهرة فى 28 ديسمبر 2017