13 أكتوبر 2020
علياء نصر تكتب :فى مرثية هاشم الرفاعي
07 أكتوبر 2020
محمد سيف الدولة يكتب: هل ترد القاهرة على وقاحة نتنياهو؟
06 أكتوبر 2020
نص بلاغ سعد الشاذلي ضد انور السادات
05 أكتوبر 2020
سيد أمين يكتب: لماذا تفشل المنظومة التعليمية في مصر؟
أيام قلائل ويبدأ في مصر عام دراسي جديد، تتضاعف معه معاناة الأسر المصرية التي تعاني الأمرّين أساسا من غلاء تكاليف المعيشة، وتدني الدخول وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتفشي الأمراض وغيرها.
حيث تبقى الأسر بحاجة لميزانيات
مالية كبيرة من أجل الدروس الخصوصية التي صارت لصيقة بالتعليم رغم تجريمها قانونا،
وميزانيات الزي والكتب والكراسات، والسيارات والحافلات المدرسية، بخلاف المصروفات
المدرسية والشخصية وغيرها.
ومع أن كثير من الأسر تعتبر أن
تلك الأوضاع وحدها كفيلة بجعلها تدير ظهرها للعملية التعليمية ما رفع نسب التسرب
من التعليم الأساسي مع تفشي ظاهرة أمية المتعلمين، إلا أن الكثيرين زادوا الأمر
تعقيدا باعتقادهم أنه لا جدوى من التعليم أساسا، لأن خريج الجامعة – رغم ما أُنفق
فيه من مال وجهد ومعاناة – سينافس في نهاية المطاف غير المتعلمين في سوق الأعمال
الحرفية واليدوية، وأن قيمة العلم – في مقابل قيمة الرشوة والفهلوة والبلطجة – لم
تشفع لصاحبها من عدم التنكيل به في أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة العتيقة
والبيروقراطية، أو حتى تحول دون اتهامه بالجهل.
عملية اقتصادية
ويسود اعتقاد كبير عند أولياء
الأمور وحتى المعلمين أنفسهم أن العملية التعليمية في مصر جرى تخريبها وتحويلها
لعملية جباية اقتصادية تهتم بكل شيء إلا التعليم.
وهناك قناعة سائدة بأن قرار بدء العملية
الدراسية الأساسية منتصف الشهر القادم لا يقصد منها سوى سرعة تحصيل المصروفات
الدراسية –التي ضوعفت إلى أكثر من أربعة أضعاف عما كانت عليه العام الماضي– وبعدها
سيجرى وقف الدراسة حضوريا على وقع جائحة كورونا والمتوقع أن تتفاقم مع حلول
الشتاء.
واللافت هنا أن وزارة التعليم
تقوم سنويا بتغييرات غير ذات قيمة في صياغة ومقررات المناهج قاصدة من ذلك حرمان
التلاميذ من تبادل الكتب وإعادة استخدامها في العام التالي، ما يضطرهم إلى شرائها
من الوزارة بأسعار تفوق تكلفتها الفعلية.
ومن الخطط التي أعلنت وزارة
التربية والتعليم عن دراسة إمكانية تطبيقها في هذا الشأن فتح منصات تعليم
إليكترونية يقوم الطلاب بالاشتراك فيها مقابل رسوم شهرية لكل مادة، وهو ما يعني
حرفيا في حال تطبيقه إلغاء مجانية التعليم التي تآكلت “فعليا” خلال السنوات
الماضية رغم احتفاظها ببعض القشور.
بالإضافة إلى أن تجربة التعليم
عن بعد ستكلف الأسر الفقيرة أموالا كبيرة في “باقات الإنترنت” المرتفع سعرها
أصلا.
إثقال ورتابة
والواقع أن تجربة التعليم
حضوريا في مصر كانت هي الأخرى مثالا للفشل الذريع، فبعد أن استمع الطالب للتو إلى
درس ممل عن “الفيزياء” دام 45 دقيقة، دخل مسرعا إلي درس مثله ولكن عن “الكيمياء”،
وما أن انتهي منه حتى دخل درسا آخر عن “الجبر” ورابع عن “الجغرافيا” وخامس عن
“اللغة الإنجليزية” ثم “اللغة العربية” ثم سابع عن “التاريخ” وثامن عن “الهندسة”
وتاسع عن “اللغة الفرنسية”، ليخرج هذا النابغة من المدرسة التي دخلها في السابعة
صباحا نحو الثالثة عصرا قاضيا نحو 8 ساعات كاملة يتخللها راحة دامت 45 دقيقة يليها
كثير من الواجبات والمراجعات التي يتوجب عليه أن يتفرغ ما تبقى من اليوم لإنجازها،
ولكن هذا لا يحدث لأنه في اليوم التالي سيعيد الكرّة ذاتها بينما تبقى مسألة إنهاء
الواجبات هي مهمة الدروس الخصوصية يليها النوم دون إتاحة أي فرصة لالتقاط الأنفاس
ولا المراجعة ولا الاستيعاب.
هذا الطالب الذي توحي تلك
الدروس بأن الوزارة تعتبره طالبا عبقريا، كثيرا ما تجده في نهاية المطاف لا يجيد
حتى القراءة والكتابة لا بالعربية ولا بأي لغة أخرى، وغالبا ما يلجأ في النهاية
إلى شراء شهادة المؤهل من الكليات والمعاهد الخاصة، لينتقل من أعداد الأميين إلى
أعداد أمية المتعلمين، وكل ما أخشاه أن تكون كل تلك المقدمات تهدف إلى صناعة هذه
النتيجة بشكل متعمد.
ما يؤكد ذلك أن المدارس الدولية
والأجنبية في مصر لا تجهد طلابها بهذا الشكل، لكون المناهج أقل وأكثر تلخيصا، وعدد
الدروس اليومية أو الأسبوعية أقل بكثير، فضلا عن إتاحتها للطالب كثيرا من المزايا
منها اختيار المناهج التي يستذكرها في كل مرحلة.
وإذا كان الفشل في التعليم
العام بهذه الحالة فان الفشل في التعليم الأزهري مستفحل بشكل أكبر خاصة أنه أكثر
كثافة في المناهج والأعداد، وأنه مستهدف بالتهميش والإلغاء تماشيا مع الحرب على
الخطاب الإسلامي.
شهادات دولية ومحلية
وطبعا غني عن البيان أنه طبقا
لبيانات رسمية دولية، فان مصر تذيلت قوائم جودة التعليم في العالم وسبقتها في ذلك
كل أمم العالم تقريبا بلا استثناء وذلك قبل أن تخرج من التصنيف الدولي نهائيا.
والكل يعلم أن التعليم تدهور في “السبعين عاما الماضية” لدرجة غير مسبوقة بدءا من
شهادة العالم فاروق الباز الذي أكد في قناةdmc أن جودة التعليم المصري تدهورت في الـ 50 أو
الـ 60 سنة الأخيرة بشكل كبير، وصولا إلى المصري البسيط الذي طال به العمر ليتعامل
مع متعلمي اليوم فأدرك أن ثقافة الحاصل على شهادة البكالوريا “الثانوية العامة
القديمة” أعلى من ثقافة الكثير من حملة دكتوراه الجامعات والمعاهد الخاصة والأهلية
الآن.
مخطط جديد
في الحقيقة أن تصريحات طارق
شوقي، وزير التربية والتعليم المتناقضة حول التعليم في مصر من آن لأخر والتي تارة
فيها يعترف بالفضيحة بعد أن كان يتجمل ويشيد بالمسار التعليمي وتارة أخرى يتجرأ
ويطالب بتخصيص 11 مليار جنيه للوزارة وإلا فإنه سوف “يغلقها”، وهى تصريحات لا يمكن
أن تصدر دون ضوء أخضر، وحوادث تسريب امتحانات الثانوية العامة التي أصبحت عادة
سنوية بديهية، كل ذلك يطرح تساؤلات أكثر مما يجيب عنها، حول ما يجري إخفاؤه
للتعليم في مصر، خاصة أن الوزير نفسه أشار إلى هذه الخطط حينما قال “إن حلم مصر
الأكبر هو وضع نظام جديد ومبتكر للتعليم في مصر”.
ولذلك فمن حق أي قائل أن يقول
أن أي مخطط تنفذه دولة – وليس شركة أو جمعية – لما لها من إمكانيات، يجب أن يكون محسوبا بدقة في كافة مراحله، وأن
هذا المخطط حينما يكون قائما على ركيزة “الإنترنت” فمن البديهي أن يكون أول ما
يحسب حسابه هو وجود تلك المادة حين إطلاقه.
الغريب أنه بعد طول احتفالات
رسمية بهذه المنظومة وما يرافقها من طول فشل، تم العام قبل الماضي امتحان غالبية
الطلاب بالنظام القديم مع غض الطرف رسميا عن انتشار “الغش” الذي انتاب تلك
الامتحانات، وذلك بسبب مسئولية الدولة عن وقوع الطلاب في هذا المأزق.
ويترافق مع هذا الفشل تنامي
ظاهرة صفحات “تشاومنج” على الفيس بوك التي
بات يعتقد الناس أنها أيضا ظاهرة مقصودة لسبب لم يتضح بعد، فكيف تنجح هذه
الصفحات سنويا في الوصول إلى أسئلة امتحانات الثانوية العامة ونشرها قبل أيام من
الامتحانات الرسمية، وما هو الهدف والمكسب العائد للقائمين عليها من وراء تلك
الجريمة والمخاطرة، وكيف يحدث ذلك رغم قيام أجهزة سيادية تتسم بغاية السرية
بطباعتها وتوزيعها بنفسها، وإعلان الداخلية عدة مرات القبض على أصحاب تلك الصفحات
مع عدم اختفاء الظاهرة؟
وفي العام الماضي وتحت ضغط
جائحة كورونا تم تجريب الامتحانات عبر الإنترنت وما يطلقون عليه “البحوث” فكانت
النتيجة فضيحة علمية، وجاءت بعيدة تماما عن العلم والتعليم.
كامب ديفيد والتعليم
ليس سرا أن اتفاقية كامب ديفيد
تستهدف غرس ثقافة الاستسلام والتبعية، والدعوة للاستسلام العربي للمخطط الصهيوني
والتطبيع معه وتذويب القضية الفلسطينية، واستبدال الوطن العربي بالشرق أوسطية التي
تضم “إسرائيل” والدعوة للشعوبية في مواجهته، وحذف آيات الجهاد من التعليم والإعلام
وحتى في خطب المساجد وتغيير تفسيراتها، واستبدال الحلال والحرام في وجدان الناس
بالخطأ والصواب، وتخريب وإلغاء التعليم الديني والأزهري، وتشويه صور الرموز الدينية
والجهادية التاريخية وغيرها.
ومن المعروف أيضا أن بعضا منها تحقق والبعض منها سيتحقق إما “بثورة دينية” أو بـ “منظومة تعليمية جديدة”.
اقرأ المقال كاملا
04 أكتوبر 2020
محمد سيف الدولة يكتب: حميدتى يقدم أوراق اعتماده للامريكان
بيع فلسطين وتصفية الثورة
22 سبتمبر 2020
محمد سيف الدولة يكتب: لن تقود (اسرائيل) الأمة
Seif_eldawla@hotmail.com
" ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة، واذا تركتم (اسرائيل) تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون "
هذا ما قاله "شمعون بيريز" لبعض رجال الأعمال العرب على هامش مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب "سلام الأوهام" لمحمد حسنين هيكل
***
حينها، اتهم البعض بيريز بالبلاهة، فكيف يمكن ان يخطر بباله أمر كهذا؟ كيف يجرؤ على تخيل ان العرب مهما كانت سوءاتهم يمكن ان يعطوا راية القيادة لعدوهم اللدود والمعتدى الأول على اوطانهم وشعوبهم على امتداد قرن من الزمان؟
***
فهل ما نراه اليوم يؤشر ان بيريز لم يكن أبلها ولا يحزنون، بل كان على علم بما ستؤول اليه الأمور ان عاجلا أم آجلا، بعد توقيع ثلاث اتفاقيات عربية مع (اسرائيل) كامب ديفيد 1978-1979 واوسلو 1993ووادى عربة 1994؟
لأنه اليوم وبعيدا عن التصريحات والبيانات الرسمية العربية الكثيرة حول حقوق الشعب الفلسطينى ودولته المستقلة، فلقد أصبح واضحا للجميع ما كانت عديد من الانظمة العربية تحاول اخفاءه منذ سنوات طويلة من ان معظمها تلتزم بالاسس والشروط والقواعد التى سنها الامريكان والصهاينة للمنطقة:
· فغالبية العرب الرسميين اليوم يبايعون ويباركون السيطرة المنفردة للولايات المتحدة الأمريكية على العالم والمنطقة، ويتحالفون معها ويتبعونها ويحتمون بها ويسيرون فى ركابها او يسعون الى ذلك.
·وأصبحوا يتبنون الموقف العقائدى الصهيونى من ارض فلسطين، وهو الموقف الذى ينطلق من انها أرض اليهود التاريخية ووطنهم القومى فيما عدا الضفة الغربية وغزة، فلقد اعترفوا جميعا بـالشرعية المزعومة لـ (اسرائيل) او فى سبيلهم الى ذلك.
·والجميع تاب وأناب بذريعة التفوق العسكري للكيان الصهيوني، وقرروا انهم لن يحاربوها مرة أخرى مهما حدث، وان حرب 1973 كانت آخر الحروب.
·والجميع التزم صراحة او ضمنا بقاعدة ان امن (اسرائيل) هو قدس الاقداس، ممنوع الاقتراب ممنوع اللمس.
·والجميع ينسق امنيا مع الكيان الصهيونى بدرجة أو بأخرى.
·والجميع شارك على امتداد ما يقرب من نصف قرن فى حصار واجهاض المقاومة المسلحة للعدو الصهيونى بدءا بأيلول الاسود 1970 وتل الزعتر 1975 وطرد ونفى القوات الفلسطينية من لبنان 1982، والعمل منذ ذلك الحين على شيطنة المقاومة فى لبنان وفلسطين وتجريمها وفرض الحصار عليها.
·والجميع مارس ضغوطا هائلة على القيادات الفلسطينية الرسمية للتنازل عن 78 % من وطنها والقاء السلاح والكف عن المقاومة والتفاوض مع العدو على 22 % فقط من فلسطين هى الضفة وغزة كما تقدم، الى أن آلت الأمور الى ما آلت اليه من تآمر الجميع على تصفية القضية الفلسطينية وابتلاع (اسرائيل) لما تبقى من الارض المحتلة.
·واعتمد غالبية الحكام العرب صراحة او ضمنا التوصيف الامريكى الصهيونى للمقاومة بأنها إرهاب، وامتنعوا عن دعمها باى شكل من الأشكال بدافع الخوف أو التواطؤ، بل ان منهم اليوم من يطالب بنزع سلاحها.
·والغالبية العظمى منهم قبلت صاغرة إعادة صياغة المنطقة وتشكيلها وادارتها وفقا للمشروع الامريكى الصهيونى، القائم على مجموعة من المحميات الامريكية التابعة، المسماة بالدول والدويلات العربية، فى القلب منها المحمية الكبرى والقاعدة العسكرية الاستراتيجية المسماة بـ (اسرائيل).
·اما عن التطبيع فحدث ولا حرج، فهو قائم على قدم وساق سرا وعلانية، بدءا بمصر كامب ديفيد ونهاية بالامارات والبحرين وما بينهما، وما خفى كان أعظم.
***
خلاصة القول ان أنظمتنا العربية المصونة ونظامها العربى الرسمى الموقر قد سلموا القيادة العامة للأمريكان والقيادة الإقليمية للصهاينة، وقرأوا الفاتحة على ذلك، وماتوا واندفنوا كقوى داعمة لقضايانا الوطنية والقومية. فالبقية فى حياتكم.
***
أما الشعوب فلم تكف عن المقاومة ولم تستسلم أبدا؛ تواطأت علينا كل القوى الكبرى وانظمتها الدولية المتعاقبة وقاموا برعاية الحركة الصهيونية وزراعة وتأسيس وحماية وتسليح وتمويل (اسرائيل) على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان، شهدنا فيه حربين عالميتين وقوى عظمى قديمة وجديدة وأسلحة نووية واعتداءات وحروب ومذابح أوروبية وامريكية وصهيونية لا أول لها ولا آخر، وصعود وسقوط انظمة وحكام، قرن شهدنا فيه اهوالا عظيمة وواجهنا تحديات جسام واختلالات رهيبة فى موازين القوى، ورغم كل ذلك ما زلنا هنا لم نفنى او نتبدد او نعترف او نستسلم، أربعة أجيال متعاقبة من المقاومة، امنهم مهدد ووجودهم على المحك، يعيشون داخل قرى محصنة، فبماذا تفيدهم صفقات يعقدونها او وريقات يوقعونها مع هذا الحاكم او ذاك؟
ابدا لن تقودنا (اسرائيل).
*****
22 سبتمبر 2020
20 سبتمبر 2020
Egyptians Are Fighting Silent Wars
17 سبتمبر 2020
سيد أمين يكتب: حروب صامتة يخوضها المصريون
تماما كما كان يحدث في كل
عصور الاضمحلال التي كنا نقرأ عنها في كتب التاريخ يحدث الآن في مصر سيادة المادية
المفرطة في مقابل القيم الروحية الصادقة، دعم وترويج الشك المذهبي في مقابل تسفيه
الشك المنهجي الراغب في الوصول للحقيقة، العصف بأهم مكونات المجتمع كالروابط
العائلية والجهوية وصولا إلى تفسيخ الخلية الأولى في المجتمع وهي الأسرة ليصبح كل
فرد فيها لا يمثل إلا نفسه، يترافق مع ذلك تجريم الوازع الديني والمجتمعي والتراثي
في نفوس الناس، وخنق قادة الرأي المجتمعيين وتسفيههم والحط من شأنهم وإحلالهم
بقادة رأي مصطنعين يفتقدون لأي مضامين فكرية ذات قيمة، كل ذلك جزء يسير للغاية من
حرب شاملة يتعرض لها بنيان المجتمع المصري منذ عقود لاسيما في العشرية الأخيرة من
التاريخ، بما يجعلها تعادل في خطورتها أعنف حروب الإبادة التي عرفها التاريخ.
صارت هناك حربا صغيرة
أحيانا أو كبيرة في أحيان أخرى داخل كل بيت أو أسرة أو عائلة أو قبيلة أو حي أو
قرية، تصغر معها معاناة الناس من الاكتواء بنار الاستبداد أو غلاء الأسعار ونضوب
الدخول والموارد، وبالتالي ففي مثل تلك الظروف فإن مسألة الاستقلال الوطني والحفاظ
على أراضيه وحماية المقدسات أصبحت رفاهية لا يملكها اغلب الناس، ولعل ذلك هو ما
يفسر أسباب صناعة ما سبق.
ومن الخطأ الجسيم النظر
إلى تلك الحروب بأنها معارك في درجة متدنية، وذلك لأن الثابت عند علماء الاجتماع
مثلا أن الظلم الاجتماعي أشد وطأة من الظلم الاقتصادي والسياسي، ورغم ذلك نجد أن
كثيرا من الكتاب والباحثين الجادين يستهينون به، رغم أن أعظم الثورات في التاريخ
كانت في الأصل هي ثورات اجتماعية كالثورة البلشفية والفرنسية وحرب الاستقلال
الأمريكية، وحتى الديانات المختلفة هي في الغالب تطبيقات اجتماعية.
عودة الثأر
لم تكن واقعة مصرع ابن
المنوفية الشاب محمود البنا العام الماضي والتعاطف الشعبي الواسع معه إلا تعبير عن
حالة رفض شعبي قاطعة لواقع أليم يعيشونه صباح مساء من تفشي أعمال البلطجة مع سهولة
الإفلات من العقاب وعدم وجود تشريعات لحماية الشهود، يغذيه تفشي المحسوبية والرشوة
في مؤسسات العدالة، فضلا عن ضعف القوانين الرادعة، بالإضافة إلى اهتمام السلطة
بالحفاظ على أمنها السياسي وردع المعارضين السياسيين وترويعهم، تارة بيدها عن طريق
التلاعب بالقوانين، وتارة أخرى بإطلاق يد البلطجية والمسجلين خطر والخارجين عن
القانون في المجتمع.
كان من الطبيعي إزاء هذا
أن يفقد الناس ثقتهم في الدولة ويعودون لحماية أنفسهم بأيديهم، فرغم أن ظاهرة
الثأر كانت قد أوشكت على الانتهاء من قاموس الحياة المصرية، إلا أنها عادت مؤخرا
بقوة إلى المجتمع المصري بحيث لم تعد غالبا أي قرية أو مركز من مراكز الجمهورية
إلا وتشتعل فيها معركة ثأرية طاحنة تحصد الأرواح وتروع الناس، وتكاد تحذر كل
تفصيلة من تفاصيل أحداثها بقرب انهيار دولة القانون، وأن القوانين بدلا من أن تقتص
للمظلوم من الظالم قصاصا رادعا، تعمد غالبا ادوان انفاذ القانون للتعامل مع قضية
العدالة طبقا لمصالحها مع أطرافها وثقلهم في المجتمع، فيما يبقي السبب الأبرز وراء
تنامي الظاهرة هو فقدان الثقة بقوة القانون واعتباره ذاته أداة للإفلات من العقاب
وليس أداة للعقاب.
ويبقى القول أن السلطة
مدعوة بإلحاح لاستخدام نفس القوة التي ردعت
بها الآلاف من معارضيها بعد ثورة يناير وما قبلها، لردع الخارجين عن
القانون.
وتضج وسائل الإعلام كافة
وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير عن قصص الثأر التي تفشت في المجتمع دون
وجود إحصاءات رسمية لذلك، نظرا لان الكثير من تلك الحوادث يتم تكييفها قانونيا –
باصرار من الاهالي- بصفات مغايرة دون الإفصاح عن تاريخ الصراع وحقيقته.
انتشار المخدرات
غني عن البيان أن للسلطات
المتعاقبة مآرب أخرى في تنامي ظاهرة تعاطي وتداول المخدرات، تارة بغض الطرف وتارة
بالتجاهل وتارة بالتهاون، وأحيانا بالاشتراك والتشجيع، وهو ما كشفته واقعة “عزت
حنفي” الشهيرة والتي جرت أحداثها في محافظة أسيوط، مطلع الألفية الجديدة، والتي
جسد جزءا من حقيقتها فيلم “الجزيرة”، واعترفت بها السلطة آنذاك.
كما أن التعامل الأمني مع
الظاهرة أعطى شعورا لدي الناس بانها لا تحاربها ما شجع بعض نواب برلمانها وكذلك
فنانون وباحثون وأكاديميون للمطالبة بتقنين تدلها وتعاطيها، يأتي ذلك رغم أن
البرلمان “نظريا” شدد عقوبة تداول تلك المواد لتصل إلى الإعدام.
الإحصاءات الرسمية تؤكد
أن 10.4%، من المصريين يتعاطون المخدرات مع انخفاض سن التعاطي إلى تسعة سنوات، وأن
79% من الجرائم التي تُرتكب في مصر ترجع إلى تعاطيها.
الاتجار بالبشر
“البلطجية”
هم أصحاب اليد الطولى في أي نزاع، شجعهم على ذلك تراخي الدولة في التعامل معهم
بالقوة اللازمة، ما أرسل لهم رسائل خاطئة بأنهم مميزون لديها، واعطى ذات الرسائل
للمجتمع بضرورة الاستكانة لهم نظرا لما يملكونه من نفوذ، وخاصة بعدما تم الاحتفاء
بهم وضهم في أعمال الخدمة المدنية للدولة ومنح رموزهم الإعفاءات التقديرية لهم.
كما أن الإعلام الرسمي
ساهم في تشجيع تلك “الظاهرة” عبر إنتاج أعمال درامية عديدة تمجد شخصية البلطجي
وتبرر له إجرامه، وتعلي من الدوافع التي
ساهمت في تشكيل شخصيته، كالمظلومية أو التمرد على الظلم الاجتماعي أو
للدفاع عن النفس وغيرها.
وزاد من الطين بلة أن
اللصوص الذين كانوا قديما يسرقون في غفلة من الزمان ممتلكات الناس وأموالهم، لم
يكتفوا بإظهار سطوتهم وفعل ذلك عنوة، بل تمادوا واخذوا يسرقون الناس أنفسهم
ويبيعونهم لعصابات تجارة الأعضاء البشرية تارة، ولشركات الأدوية العالمية تارة
أخرى لتجري عليهم تجاربها الطبية حتى صارت مصر من كبريات الدول في هذه النشاط الوضيع
الذي جرى تقنينه عام 2017، أو يقومون باختطاف الضحايا مقابل الفدية أو ابتزاز
ذويهم أو الاغتصاب في حالة الإناث، الوقائع شائعة جدا في المجامع المصري ونسجت
حالات من الخوف والهلع فيه.
المواقع الإباحية
تأتي المواقع الجنسية
والإباحية عبر الانترنت وأحيانا عبر بعض الاقمار والفضائيات لتحطم ما تبقي من قيم
وعادات ونوازع دينية لم تحطمها الدراما العربية المنحطة، ورغم أنه قد أثيرت ضجة في
مصر بداية عام 2012 مطالبة بحجب تلك المواقع وتعللت الحكومة وقتها بأن هذا الإجراء
سيكلف المليارات وأنه شبه مستحيل فنيا، إلا أن حجب السلطة حاليا مئات المواقع
السياسية وترك تلك المواقع لتتضاعف يؤكد أن السلطة كانت راغبة فيها لحاجة في
نفسها.
ونحن في غنى بالقطع من
الحديث عن الأضرار التي تتسبب فيها تلك المواقع علي النشء والشباب في استسهال
الرذيلة والشذوذ، ما يقود لقصص مروعة عن كل جرائم الاغتصاب والفجور والشذوذ وزنا
المحارم التي تمتلئ بها الصحف المصرية وترويها الحكايات الهامسة، وصارت ظواهر
لافتة للمتأملين.
مشكلات بالجملة
هناك جملة من المشكلات
التي تعانيها الأسرة المصرية قد تكون بواعثها في الغالب اقتصادية،ومنها تفشي ظواهر
العنوسة لدي الشباب من الجنسين وبالطبع فإن وجود هذه الحالة لدي الفتيات – وهي
تتخطي حاجز الـ10 ملايين بحسب الإحصاءات الرسمية – تسبب توترا كبيرا لأسرهن خوفا
على مستقبلهن بعد فقدانهن عوائلهن، وكذا تفشي ظاهرة الطلاق – حالة طلاق كل دقيقتين
– وتنامي ظاهرة تملص أرباب الأسر من الإنفاق عليها بسبب البطالة وتدني الأجور، ما
أنتج ظاهرة المرآة المعيلة والتي تعول نحو 3.5 مليون أسرة “نحو 20 مليون نسمة “.
كما أن إصابة أحد أفراد
الأسرة بمرض مزمن عادة ما يسبب ارتباكا لجميع أفراد أسرته حتى لو كان مقتدرا
ماديا، فهناك جهات تقدر وجود نحو 2.6 مليون مريض بالفشل الكلوي، و 8.2 مليون مريض
بالسكري، و1130 مريض سرطان لكل مليون نسمة، فضلا عن 10.6 مليون معاق، ناهيك عن
عشرات الأمراض الأخرى، وأن كل مريض من هؤلاء يشاركه آلامه العديد من أهله وذويه.
في الواقع أن الشعب
المصري يعاني الآن حربا بيولوجية ونفسية واقتصادية وسياسية شاملة هى الأخطر منذ
نشأة مصر.
اقرأ المقال على موقع المعهد
المصري للدرسات