24 أكتوبر 2015

محمد رفعت الدومي يكتب: الفلسطيني القديم

عساف الصهيونى يقبل عباس
كانوا يظنون أن كل أشكال الانتماء لرائحة الأرض تُقتل في البيضة، وأنهم في نهاية الطريق إلي بناء واقع جديد ودائم، لولا أن الشباب الفلسطيني الذي تخلص من الخوف وكأنه رزمة مشاكل، قد استطاع، بلغته الخاصة، أن يضع العربة أمام حصان اليهود، وأن يجلد حوذية اليهود وأحذيتهم من العرب علي مؤخراتهم بقسوة، وصار في حكم المؤكد أن مخطط "الفلسطيني الجديد"، بكل علامات التحريك، قد مُنيَ بالهزيمة! 
وفيما بدا أن اكتشاف "نتنياهو" قوة أرواح الفلسطينيين وصيرورتها أنزل به ما يشبه الجنون، لم يجد غضاضة في أن يتهم مفتي القدس الحاج "أمين الحسيني" بالايحاء إلي "هتلر" بحرق اليهود، هذا الكلام السفيه يسلم ذاكرة العالم إلي تأملات "القذافي" الشهيرة، مثل:
- يجوز للمرأة الترشح سواءًا كانت ذكرًا أو أنثي!
- بر الوالدين أهم من طاعة أمك وأبوك!
مع ذلك، سوف أصدق أن "نتنياهو" فضح أخيرًا مصدر إلهام الهولوكوست، وهذه فرصة مناسبة لاندلاع عدة أسئلة تحتاج إلي إجابات:
- من هو الذي أوحي إلي "هتلر" بقتل الغجر والمعاقين؟ 
- من هو مصدر إلهام "تيتوس" الذي ألحق باليهود من الفظائع ما لم يطرأ حتي علي بال "هتلر"؟
- من هو مصدر إلهام "تاجر البندقية" أشهر مسرحيات الكاتب الإنجليزي "ويليام شكسبير"؟ 
- من هو مصدر إلهام مؤلف أغنية "العم إبراهام"، اللص، بائع الروبابيكيا، حافظ المسروقات، المرابي، تلك الأغنية الساخرة التي كانت كأنها النشيد الوطني للإنجليز حتي وقت غير بعيد؟
ومن، ومن، ومن، تكرار.. 
وأغلب الظن، لو حافظ الفلسطينيون علي هذا الإيقاع المرضي من المقاومة لاكتمل جنون "بيبي"، أو لأخرجوه كسيرًا من التاريخ الإسرائيلي علي الأقل!
من الجدير بالذكر أن النظر عن كثب إلي لهجة السكاكين من كل أبعادها من شأنه أن يعترض العقول عن تبني أفكار مسبقة قد تكون صحيحة في نطاق آخر سوي الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قتل المدنيين جريمة هذا صحيح، لكن ارتكاب هذه الجريمة علي هامش حرب غير متكافئة لم تهدأ رحاها يومًا واحدًا يجب ألا يكون أبرز الهموم!
ولقد قالت السكاكين بصوت أحمر النبرات ألا "فلسطيني جديد" سوي الرئيس الفلسطيني وبطانته، وهؤلاء فلسطينيون جدد بالفطرة، كما أنهم ضالعون في تنفيذ مخطط "الفلسطيني الجديد" ضمن ماكينة جبارة يديرها اليهود وبعض الذين أخلصوا للصهيونية من العرب ربما أكثر من إخلاص اليهود لها، وهؤلاء كثر، رجال أعمال ومفكرون وإعلاميون وأنظمة عربية وحكومات، ووسائلهم في تنفيذ ذلك المخطط الفاشل متعددة، يأتي في صدارتها ما يعرف بـ "تليفزيون الواقع"، أقصد بالضبط، برامج المسابقات التي ينفقون عليها عشرات أضعاف عائداتها لرج وضعية الركود الذهني لدي العرب واستفزاز أعماقهم وتمهيدها لدس قيم جديدة علي أطلال قيم الأجداد، وهذا جيد لولا أنه مغرض وله ما بعده! 
ومن يريد أن يستوعب ما لدي هذه البرامج من أثر باهظ في نفوس المتلقين، كل ما عليه أن يرسم علي جدران خياله لوحة داخلية لفتاة من "السعودية" علي سبيل المثال لا تستطيع حتي الآن قيادة سيارة دون أن يطاردها شرطي المملكة المعروف بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عندما ينساب أمامها وهي جالسة في غرفتها مشهد مقصود لفتاة في مثل سنها وعلي مقربة جغرافية منها تقبل أو تعانق متسابقاً كان قبل أيام غريبًا عنها حتي اجتمعا علي حافة صدفة!
تلك المشاعر التي لابد أن تولد في أعماقها تلك اللحظة سوف ينجم عنها حتمًا إما شعور حاد بالنقص، وإما اللامبالاة بشتي صورها وتجلياتها، وإما التمرد علي واقعها المرير، وإما الرغبة في الانسحاب من الحياة، قد يكون الدين مهدئاً مفيدًا في هذا السياق، لكن الإيمان وحده لا يحول أبدًا بينها وبين نوبات الحنين إلي عالم كعالم "تليفزيون الواقع"!
ولهذه البرامج أبعاد أخري، سياسية بالأساس!
فقبل سنوات، عندما كان الأفق العراقي بالغ الحرج، ورغبة من مهندسي السياسة الأمريكية في التفاف العراقيين حول رمز من غبار واختطافهم بعيدًا عن التفكير في حرج أفق بلادهم، عملوا علي تصعيد المتسابقة العراقية "شذي حسون" مع سبق الإصرار، آنذاك، علقوا اسمها في مشنقة من الأضواء الخانقة، وابتلع العراقيون الطعم، وفازت، أين هي الآن؟ ما زالت هناك تطارد أي بقعة ضوء وإن كان الطريق إليها محفوفاً بالفضائح! لماذا لم يتصل نمو الضوء في اسمها طويلاً؟ ببساطة، لأن الذريعة لم تعد موجودة، كما لم يعد العراق أيضًا موجودًا، ولا أفهم حتي الآن أين الطارئ في هذا المخطط!
ثمة مثال أشد وضوحًا، أقصد بالضبط الطفلة الباكستانية "ملالا يوسف زاي"، تلك الطفلة التي تشبه كل الأطفال، وتشبه حكايتها الكثير من الحكايات، لولا أن حسن حظها جعل اختيار مهندسي مخطط "الباكستاني الجديد" يقع عليها كواسطة للعقد في ذلك المخطط لتتغير بعد ذلك حياتها تمامًا، إنها تملك الآن سيرة ذاتية لا يملكها إلا القلائل من النجوم عبر العالم الكبير، فهي أصغر حاصلة علي جائزة نوبل للسلام، وأيقونة عالمية للنضال ضد قوي الظلام، وبؤرة نشطة يحاصرها الضوء من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر، وصناع السينما أيضًا، كما أنها محاضرة في أرقي المنابر العالمية لا تقول من كلام كثير إلا جملة واحدة:
- يجب ألا تحرم أي فتاة أو طفل في أي مكان في عالمنا من التعليم! 
في نفس السياق، قبل عامين، أسرف الفلسطينيون في الاحتفال بفوز الشاب "محمد عساف" بـ "آراب أيدول 2" دون أن يدور ببالهم إن ذلك الفوز كان مخططاً له مسبقاً ليكون خطوة علي طريق "الفلسطيني الجديد"، صوته لائق هذا صحيح، لكن، صحيح أيضًا أن استقبال "محمود عباس" المسرف في الحفاوة لـ "عساف" ولكل نجوم "آراب أيدول" لذلك الموسم، كـ (عربي، يعمل مع رفاق الكدح في محجر)، وتسليمه جواز سفر دبلوماسي، وترويج صحف ذلك الوقت بقوة لتواجد نجله "ياسر محمود عباس" في مسرح "آراب أيدول" لدعم "محمد عساف"، بالإضافة إلي ضلوع رجل الأعمال السعودي "الوليد الإبراهيم" في ترقية "محمد عساف" من مغمور إلي "آراب أيدول"، وحرصه غير المسبوق علي حراسة الضوء حول اسمه بعد ذلك يطرح سؤالاً مهمًا: 
- هل صوت "محمد عساف" وحده هو ذريعة كل هذا الاهتمام أم أن خلف الأكمة ما خلفها؟
الإجابة بالتأكيد ليست صوته فقط، وإلا، فأين - ولا أين - اهتمام " محمود عباس"، و أين - ولا أين - اهتمام "الإبراهيم" بأطفال "غزة" الذين لم ينجحوا حتي الآن كما نجح "محمد عساف" في كسر الواقع المؤلم ومغادرة الجدران؟ هل "غزة" أبعد مسافة من "لندن" بالنسبة لمراسلي قنوات "إم بي سي" وصاحبها؟
النقطة الدالة في هذا الاتجاه هي أن "محمد عساف" آنذاك وصل إلى "الضفة الغربية" عبر معبر "ألنبي" الذي يفصل بين "الأردن" و"الضفة"، ذلك أن اللورد "إدموند هنري هاينمان ألنبي" واحد من ذوي النبض الأكيد في قيام دولة اليهود!
وقبل أقل من شهر، رأي العالم خلال مهرجان "لندن" السينمائي المطرب "محمد عساف" يخاصر خطيبته ويسير، بحسن نية حقيقي، مبتسمًا علي سجادة حمراء، كما رأي حشودًا في استقباله قل أن يجتمع مثلها لكبار نجوم "هوليوود" إلي حد من المبالغة جعل الحدث نفسه عاريًا ومبتذلاً، بالإضافة إلي مبالغة الإعلام العربي في التقاط الحدث وتهويله، يحدث كل هذا ليلتف الشباب الفلسطيني حول "محمد عساف" كرمز، ليتبني قيمًا أخري، ليتخلي عن حماية أرواح أجداده وشجر الزيتون، ليصدق أن حراسة العداء لإسرائيل، والتوقف عند ذاكرة الأرض وترات الماضي ضربًا من الحماقة، وبنفس القدر، ليعلم العالم أن "الفلسطيني الجديد" قد انخرط في الكون الكبير، وها هو يستطيع أن يبدع تحت ضغط الاحتلال الوديع الذي يعمل علي ادخار مناخ جيد لكل مبدع علي عكس الصورة الذهنية المضللة التي يحاول الإرهابيون رسمها، لون من ألوان اغتصاب الحقائق من دواعي البهجة أن تعقيب الشباب الفلسطيني ارتجالاً علي الحدث قبل أقل من أسبوعين كان مؤلمًا وقاطعًا دون أن يقصدوا، حدث هذا بطقس بسيط جعل الشوارع الإسرائيلية خاوية من المارة، سكين مطبخ، هذا هو الطريق، فقط!
لقد سقط المخطط، حقيقة لا تحتاج إلي الوقائعية للحكم علي صحتها، لكن، لسوء الحظ، ما زال لدي "اسرائيل" فلسطيني جديد شكلاً ومضموناً، أقصد بالضبط "محمود عباس"، وهو لا يشعر بالوحدة، فحوله الكثير من العرب الجدد في نفس المستنقع!

23 أكتوبر 2015

محمد التابعى عقل يكتب: أصحاب الاحتياجات الخاصة من اين والى اين؟

تختلف الرؤية والمفهوم لذوي الإحتياجات الخاصة عند الأطباء عنه عند التربويين أو حتى عند مقدمي الخدمة المجتمعية حيث كل ينظر إليهم من الناحية التخصصية التي سيقدم له الخدمة المتخصص بها، ولكن هناك اتفاق عام على أن هذا المصطلح استخدم كتسمية لمجموعة الأشخاص الذين لا يستطيعون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بدون تقديم لهم رعاية خاصة وقد تكون فائقة مقارنة بالخدمة التي تقدم لأقرانهم من نفس العمر، ويفضل استخدامه كبديل لمصطلح المعاقين. وحسب تعريف الأمم المتحدة للمعاق "هو ذلك الشخص الذي لا يمكنه تأمين احتياجاته الأساسية بشكل كامل أو جزئي محصلة عاهة خلقية أثرت في أهليته العقلية أو الجسدية"، كما خرج المختصون بتعريف لذوي الإحتياجات الخاصة "بأنه ذلك الشخص الذي يحتاج طوال حياته أو خلال فترة معينة من حياته مساعدات خاصة من أجل نموه، أو تعلمه، أو تدربه أو توافقه مع متطلبات الحياة اليومية، أو الأسرية، أو الإجتماعية، أو الوظيفية، أو المهنية"، 
وان الاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصه هو من القضايا التي تتطلب استنهاض الهمم وحراك عالمي من كافة القطاعات العامة والخاصة ، فهي قضية لا تقتصر على الدور الفردي فحسب، وإنما هي قضية مجتمع بأكمله، ولا تحتاج لأي شكل من أشكال التهميش والتظليل، بل هي قضية تعددت جوانبها واكتسبت أهميتها في الآونة الأخيرة نظراً لازدياد معدل ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى العالم، ويتطلب هذا الموضوع اهتماما كبيراُ يتمثل من بوثقة الجهود لخلق بيئة مناسبة لتلك الفئة المهشمة من الناس، كتأهيل وتعليم وتدريب الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة كي يتكيف مع مجتمعه، ولتحقيق بيئة أفضل له، وترسيخ مبادئ التعاون المستمر بين ذوي الاحتياجات الخاصة والمجتمع، لذا استوجب الأمر خلق بيئة طبيعية خاليا من العوائق في شتى جوانب الحياة من مرافق عامة وموصلات وتعليم والموصلات وغيرها من الأمور التي تسترعي فائق الاهتمام لديهم، لتصبح مناسبة لهم وليتم دمجهم ضمن فئات المجتمع، عن طريق وضع البرامج الإعلامية المتكاملة لإزالة بعض الأفكار السلبية العالقة في أذهان المجتمع اتجاههم، وتسهيل وسائل مشاركتهم في العمل الطبيعي كأي فرد طبيعي في المجتمع. وينبغي أن تخط الحكومات خطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم، وتغطية احتياجاتهم، وان يأخذوا على عاتقهم تلبيه حقوق هذه الفئة، ومن هذا المنطلق جاءت ضروره تمثيلهم في برلمان الثوره ووضع المشرع نصب عينيه ضرور وجود من ينوب عنهم ويحمل معاناتهم وطموحاتهم الى دار التشريعوأن تجاهل هذه الحقوق أو إغفالها يؤدي الي أن يدفع المجتمع الثمن باهظاً عندما تزداد أحوال هذه الفئة تدهوراً فيتحولون إلي طاقات غير مستثمرة ويصبحون عائق على ذويهم ومجتمعاتهم ، كما يكونوا عرضة للإنحراف الاجتماعي والأخلاقي ويجب على المجتمع أن يفهم هذه الحقوق لأنها جزء لا يتجزء من خط الدولة في الاهتمام بالمعاقين.
أن الجانب التشريعي لا يمكن أن يتخلف عن هذه الرعاية، بل يقننها ويعمل على بسط حمايته عليها، لذلك نجد المشرع قد حرص منذ 1959 على مواجهة مشكلة المعوقين فصدر القانون رقم 14 لسنة 1959 بشأن التأهيل المهني للعاجزين عن العمل وتحديدهم. ثم أدمجت مواد هذا القانون في قانون العمل ثم عاد المشرع لتنظيم الموضوع بموجب القانون رقم 39 لسنة 1975 بالمعدل رقم 49 لسنة 1982 وأطلق عليه اسم قانون تأهيل المعاقين.
كما أن هناك مشكلة من أهم المشاكل التي تواجه المعاقين وهي غياب مظلة التأمين الصحي التي تضمن لهم توفير الرعاية الصحية الخاصة في حين أن هناك الكثير من المعاقين تتطلب حالتهم الصحية انفاقاً دائماً أو نفقات ضخمة في صورة دفعة واحدة أو علاجاً أكثر متخصصاً وكل هذا لا يتاح من خلال الإمكانيات العادية للخدمات الصحية المتاحة.

19 أكتوبر 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: 30 وسيلة لدعم فلسطين

1) انقل وقائع العدوان ووحشيته لحظة بلحظة بالصورة والفيديو والخبر.
2) نظم مع زملائك فاعليات ووقفات احتجاجية فى كل مكان، وان لم تستطع ففى النقابات المهنية.
3) تبرع لشراء أدوية لوزارة الصحة الفلسطينية، وأسس لجان لجمع التبرعات، وارسلها الى نقابتى الاطباء والصيادلة
4) ادعو الأئمة فى المساجد والقساوسة فى الكنائس لمخاطبة المصلين عن القضية.
5) طالب مجالس النقابات المهنية والعمالية والاحزاب السياسية بإصدار بيانات الإدانة وإرسال قوافل الإغاثة
6) ان كنت طبيبا اطلب من نقابتك تقديم الدعم الطبى للمصابين اذا تيسر ذلك.
7) شكل لجان لدعم فلسطين على غرار ما فعلناه فى 1987 و 2000 وفى الاعتداءات الصهيونية المتكررة على فلسطين ولبنان.
8) ابحث عن المفتاح الدولى لفلسطين وابعث رسائل دعم وتأييد للفلسطينيين على موبيلاتهم وعناوينهم الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى، فدعمك يثبتهم.
9) اتصل بالشخصيات العامة وحضهم على اتخاذ مواقف جماعية ضد العدوان.
10) ابحث عن أهم الشخصيات المصرية التى تصدت لكامب ديفيد والتطبيع منذ 1979، وادعوها الى تجديد حركتها مرة أخرى
11) ادخل على مقالات كبار الكتاب فى المواقع الالكترونية للصحف الكبرى، واكتب تعليقاتك الداعمة لفلسطين.
12) أرسلSMS لأكبر عدد من أصدقائك ومعارفك ضد العدوان، وحول تليفونك وبروفايلك ومدونتك الى منابر اعلامية تندد بالعدوان لحظة بلحظة.
13) ارسل رسائل استنكار وادانة واستغاثة لاهم الصحف المصرية والعربية والعالمية، ولمواقع المؤسسات الدولية.
14) ضع على بروفيلك صورة علم فلسطين، وكذلك على صدرك وسيارتك، واطبع ووزع وارفع أكبر عدد ممكن من اعلام فلسطين فى كل مكان.
15) طالب بفتح معبر رفح ومعاملته معاملة معبر السلوم.
16) طالب باغلاق معبر طابا وسيناء امام الاسرائيليين.
17) قم باحياء حملات المقاطعة للسلع الامريكية والاوروبية ولكل الدول التى تؤيد العدوان الصهيونى.
18) اكسب أنصار جدد للقضية، واشرح حكاية اغتصاب فلسطين لم لا يعرفها بالتفصيل، ونظم دورات تثقيفية حول الصراع العربى الصهيونى.
19) جدد العداء داخل الناس، للصهيونية والكيان الصهيونى، وذكرهم بحقيقة أهدافه تجاه مصر والأمة العربية، وذكرهم بجرائمه ومذابحه واعتداءاته وحروبه.
20) اكشف بالتفصيل لمن حولك حقيقة اتفاقية العار المسماة بكامب ديفيد، وطالب بالغائها وسحب الاعتراف باسرائيل، وبقطع العلاقات وسحب السفراء.
21) اكشف حقيقة النظام بصمته وتنسيقه مع اسرائيل وقيامه باستبدال العدو الصهيونى بالعدو الفلسطينى.
22) واكشف حقيقة شعارات الوطنية المزيفة التى يطنطن بها اعلام النظام من شهور طويلة.
23) وافضح كل رجال اسرائيل فى الاعلام المصرى.
24) دافع عن فلسطين والفلسطينيين والانتفاضة والمقاومة وقم بإجلاء الحقيقة واكشف التضليل، وواجه حملات الشيطنة للفلسطينيين بالحجة والدليل.
25) ضع على رأس أجندة الثورة المصرية والثوار، هدف الغاء كامب ديفيد.
26) وحد معارك استرداد الثورة والحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، مع معركة مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى فى مصر، ولا تؤجلها، فلنتعظ مما سبق.
27) افضح التطبيع والمطبعين وصفقات الغاز القديمة والقادمة، واتفاقيات الكويز واخواتها.
28) قم بفرز القوى والاحزاب والشخصيات السياسية والعامة على أساس موقفها من العدوان ومن اسرائيل ومن كامب ديفيد.
29) جمد خلافاتك مع الجميع، وتوحد مع الجميع على هدف دعم فلسطين ومقاومة العدوان، ومناهضة المشروع الصهيونى فى مصر وفلسطين والامة العربية. وناشد الجميع بالتوحد ضد العدو الحقيقى، وترك كل اشكال الاقتتال الداخلى والصراعات العربية/العربية.
30) لا تترك القضية بعد نهاية العدوان.
*****

12 أكتوبر 2015

احسان الفقيه تكتب: لماذا لم نُجرّم المسيحية ولم نتهمها بالإرهاب رغم الحروب التي أشعلها الغرب؟

الحقيقة تقول:
إننا في اللحظة التي دخلت فيها أمريكا على خط قيادة العالم، بدأت الإنسانية في الاحتضار؛ إذ تضاعف خط انحدار البشرية ودنوّ أجلها وزادت خطورة الأمن العالمي لدولة تحرك العالم وتتصرف في المنظمات والأحداث دون نكير أو منافس.
وعلى مدى قرون أربعة، هي عمر الإمبراطورية الأمريكية، اختطفت فكرة روح الدين وطوّعته لأهدافها الإمبراطورية التوسعية التي استعارتها من فكرة إسرائيل التاريخية… وتقوم فكرتهم على أن الجندي الأبيض يتعلم تجريد عدوّه من إنسانيته قبل أن يزحف إلى ساحة المعركة، وبذلك يذيق أعداءه صنوف العذاب والهوان دون وخز ضمير أو تأنيب قلب، وتصبح معاركه مقدسة مسوّغة بعلل التفوّق العرقي والاختيار الإلهي.
فكرة أمريكا استوعبت كل أطروحات (هرتزل) وأحلامه قبل أن يخلق بثلاثة قرون… وملاحم نهاية التاريخ وتدمير بابل وإبادة أهلها وتأسيس دولة يهودية في فلسطين، كانت هواجس ثابتة لدى صهاينة الشعب الإنكليزي على طرفي الأطلسي.
ونظرًا لحضور الإرث الديني والأيديولوجيا المتطرفة في الثقافة الامريكية، تمتلئ خطب الرؤساء الأمريكيين بالتعابير الدينية والكلمات التوراتية والتلمودية؛ بل يشبه الزعماء أنفسهم بالأنبياء. فكلينتون يرى نفسه مثل النبي سليمان -عليه السلام ونزه الله مقامه-.
وبوش لفرط رعونته يقارن نفسه بكليم الله ونبيه الكبير موسى-عليه السلام ونزه الله مقامه-. أما المؤلف الفرنسي (جان كلود موريس) المراسل الحربي لصحيفة (لو جورنال دوماش) فيقول:
(كانت أمنية الرئيس ريغان أن يضغط على الزر النووي لتفجير معركة الهرمجدون التي يعدّ انفجارها شرطًا مسبقًا لتحقق نبوءات التوراة، ولكنه مات قبل أن يحقق رغباته الشيطانية).
ويقول في موضع آخر: إن الهرمجدون أكذوبة كبرى رسّخها أعداء الإسلام في وجدان الأمة الأمريكية، حتى أصبح من المألوف جدا سماع هذه الكلمة تتردد في تصريحات الرؤساء والقادة في القارتين الأوربية والأمريكية. فقد قال الرئيس الأمريكي الأسبق (رونالد ريغان) عام 1980: (إننا قد نكون الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون)، وصرح خمس مرات باعتقاده بقرب حلول معركة (هرمجدون).
وقال القس (جيمي سواجرت): (كنت أتمنى أن استطيع القول إننا سنحصل على السلام. ولكني أؤمن أن الهرمجدون قادمة، وسيخاض غمارها في وادي مجدون، أو في بابل…. إنهم يستطيعون أن يوقعوا على اتفاقيات السلام التي يريدون فذلك لن يحقق شيئا؛ لأن هناك أيامًا سودًا تلوح في الأفق).
ويختتم موريس كتابه بالقول:
(إن من المؤسف له أن نرى كوكب الأرض في الألفية الثالثة تتحكم به الكاهنات والساحرات وتتلاعب بمصيره التعاليم الوثنية المنبعثة من أوكار المجانين والمتخلفين عقائديا وعبيد الشيطان).
وهؤلاء النخب يؤمنون بالألفية السعيدة ونهاية التاريخ التي اعتقدوا أنها ستبدأ عام ألفين، ويمثل الوجه الآخر لأزمة المثقفين الأمريكيين واليمين الإنجيلي الأصولي الأمريكي الذين يبتهجون بتحقق نبوءاتهم ولو كان ذلك لحساب تدمير شعوب عدة في العالم وقتل الملايين من البشر. وهم يؤمنون بنظرية (هرمجدون) والألفية السعيدة التي تتحقق من خلال قتل الملايين من البشر والدم الذي يرتفع إلى مستوى ألجمة الخيل على مسافة (200) ميل في معركة كونية وملحمة أسطورية على أرض فلسطين الواردة في سفر القديس يوحنا (سفر الرؤيا)، تلك الأسطورة التي يؤمن بها الإنجيليون في أمريكا وستكون حاسمة في انتصار (الخير المسيحي) على (الشر الإسلامي) وسيجتمع فيها (400) مليون مقاتل من أنحاء العالم ويقتلون عن بكرة أبيهم كما يجزم القس (جيري فالويل) الأصولي المشهور وصديق بوش الابن الحميم…
هناك تعتيم إعلامي غربي أمريكي صهيوني لإخفاء جرائمهم المرعبة بحق المسلمين والإنسانية؛ فالذين يرتكبون الجريمة لا يعجزون عن تبريرها وتحميل الآخرين تبعاتها ومسؤولياتها.
نستعرض هذا لعل بعضا من المسلمين يستيقظون من سباتهم العميق ومن أحلامهم الوردية، وعلّ بني علمان من بني جلدتنا -ممن يسيرون وراء الغرب حذو القذة بالقذة ولو دخلوا جحر ظب لدخلوه- علّهم يدركون أن السراب لن يتحول في أفواه الظامئين إلى ماء عذب فرات أبدا.
هذه طائفة من الحقائق والتقارير والإثباتات نهديها لهم ولزعماء يدعون أنهم أولياء على الأمة وحماة مقدساتها، وإهداء خاص لكل من يؤيد مسيرة “شارلي إيبدو” ويبررها ولنعرف من هو المجرم الإرهابي والوحش الصليبي الطاغي الباغي الذي يقتل ويغدر ويغتال ثم يختال، ومن هو المغدور والضحية والمضحوك عليه.
اقرؤوا هذا على العبيد، وبلّغوا قومي أني لن أكون شريكة بأي تفريط ولو أُحيط بي:
1- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب رغم الحروب التي أشعلها الغرب، ولم يشهد لها التاريخ مثيلا في الحرب الكونية الأولى، وكان عدد القتلى 7 ملايين إنسان والجرحى 21 مليونا.
2- ولم نُجرّمها في الحرب الكونية الثانية، حيث بلغ عدد القتلى 50 مليونا والجرحى 90 مليونا في حين بلغت نفقات الحرب 37 ترليون جنيه استرليني وكانت تكلفة الحرب الباهظة في الساعة الواحدة مليون جنيه.
3- لم نُجرم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب رغم همجية ووحشية الغرب، وعلى رأسه أمريكا التي استخدمت أكثر الأسلحة في التاريخ هولا وفظاعة حين قتلت بقنبلتها النووية في اليابان 500 ألف إنسان.
4- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب، رغم أن تأثير طاعون القنبلة الذرية أثّر على السكان الذين يبعدون عنها 100 ميل، بل إن علامات الإصابة ظهرت على السكان الذين يبعدون عن اليابان آلاف الأميال.
5- أمريكا رسول السلام التي تقود الحضارة الغربية الشغوفة بالقتل والفتك والتعذيب، بعد سنوات معدودة تصنع قنبلة تفوق القنبلة الذرية في قوتها بمليون مرة وهي القنبلة الهيدروجينية التي جرى اختبارها في المحيط الهادي في مارس 1954.
6- لم نُجرّم المسيحية، ولم نصفها بالإرهاب؛ مع أن أمريكا رسول السلام وزعيمة العالم الحر هي من قتلت 3 مليون و400 ألف فيتنامي من أجل تنصيب رئيس موالي لها في الستينيات من القرن الماضي، وهذا الرقم باعتراف وزير الدفاع (روبرت ماكنامارا).
7-لم نجرم المسيحية واليهودية ولم نصفهما بالإرهاب والاستعمار الغربي هو من هجّر 7 مليون لاجئ فلسطيني من أرضهم، ووهبها لليهود بزعم ووعد تلمودي توراتي وتحقيق حلم الهرمجدون البائس.
8- لم نجرم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب، رغم أن القوات الأمريكية الحاقدة هي من حوّل جزر سامار الإندونيسية المسلمة إلى النصرانية بالنار والحديد وأطلقوا عليها اسم (الفلبيين)؛ نسبة إلى الملك فيليب الثاني ملك أسبانيا.
9- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب، عندما يقول صحفي أمريكي رافق الحملة الدموية على جزر سامار ما نصّه:
(إن الجنود الأميركيين قتلوا كل رجل وكل امرأة وكل طفل وكل سجين وأسير وكل مشتبه فيه ابتداء من سن العاشرة واعتقادهم أن الفلبيني ليس أفضل من كلبه، وخصوصا أن الأوامر الصادرة إليهم من قائدهم الجنرال (فرانكلين) كانت:
(لا أريد أسرى ولا أريد سجلات مكتوبة).
كانوا مسيحيين جميعا، ومع ذلك لم نُجرم المسيحية ولم نقل عليهم بالحق ما ادّعوه علينا بالباطل.
10- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب والاستعمار الصليبي هو من قتل 80 ألف مسلم ومسلمة في جزيرة مدغشقر المسلمة في يوم واحد وبضربه واحدة وبصورة مسرفة لم تشهدها البشرية عبر تاريخها المتطاول ولم يشهدها أدب الحروب على مر العصور.
11- لم نُجرّم المسيحية ولم نسئ لها، والاستعمار الإيطالي الفاشي هو من قتل 700 ألف ليبي ونفذ حرب إبادة لنصف السكان المدنيين الآمنين، ولم نطالب بالثأر لهم، بل ديننا قد ندب إلينا الصفح والمغفرة.
12- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب والاستعمار الفرنسي هو من قتل ملايين الشهداء في الجزائر المسلمة وفي مذبحة جماعية في مدينة خزاطة الجزائرية التي استشهد فيها 40 ألف موحد لله في يوم واحد.
13- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب في حرب البوسنة والهرسك.
غير أن أحد ضباط الأمم المتحدة يقول:
(إنه قضى شهورًا طويلة لا يستمع إلا لطلقات الرصاص ولا يرى سوى قذائف الصرب التي كانت تتوالى تباعًا فوق أشباح الموتى، وهي عطشى لمزيد من الجثث من الرجال والنساء والأطفال المسلمين في مذبحة (سربرنيتشا) المروعة).
14- لم نتهم المسيحية بالإرهاب، وقد اعترف قائد القوات الصربية (فوشتيك) لمجلة (ديرشبيجل) الألمانية وقال بالحرف: (لقد قتلت وحدي مئات المسلمين، وقمت شخصيًا بإطلاق الرصاص على الأسرى للقضاء عليهم). وعندما نبهته الصحفية إلى المعاهدات الدولية التي تحرم قتل الأسرى قال:
لم أجد سيارات لنقلهم وأن أرخص طريقة هو قتلهم بالجملة مثلما أجهز رفاقي على 640 مسلما.. وكنت أقوم أحيانًا بخرق عيون الاسرى وتعذيبهم أو تهشيم أيديهم ببطء حتى يعترفوا بما أريد).
15- كما يؤكد هذا الكلام ويؤكد حقيقة عداء الغرب للإسلام ما صرح به جزار الصرب الأرثوذكس الأصوليين ومجرم الحرب (سلوبودان ميلو سوفيتش)، وذلك حين سُئل عما يفعله في مسلمي البوسنة فقال: (إنني أُطهّر أوروبا من أتباع محمد).
16- لم نُجرّم المسيحية ولم نصفها بالإرهاب؛ رغم أنّ (سربرنيتشا) و(بيهاتش) التي أثبتت التقارير ما حدث فيهما ليستا إلا اثنتين من عشرات المدن البوسنية التي تم فيها -طبقًا للإحصائيات- قتل وتعذيب وحرق ما يزيد عن 300 ألف مسلم أغلبهم من النساء والأطفال، منهم 70 ألف قضوا نحبهم فورًا في مجازر جماعية و50 ألف معاق وما يزيد عن 120 ألف مفقود كما تم هدم أكثر من 800 مسجد وطرد جماعي قسري لما يزيد عن مليونين ونصف مسلم بلا مأوى ولا طعام ولا خيام.
17- لم نتهم المسيحية ولم نُجرّمها، والتقارير تثبت اغتصاب ما يزيد عن 75 ألف جندي صربي داخل ما يقرب من عشرين معسكرًا لأكثر من 700 ألف طفلة وسيدة زرعت أرحام الآلاف منهن بأجنّة ذئاب وكلاب بشرية تنتسب إلى حضارة زائفة طاغية متوحشة لا تعرف الرحمة ولا تمُتّ للإنسانية ولا للقيم والمبادئ النبيلة بأدنى صلة.
18- ولم نتهم المسيحية يوما، في حين أن عمليات الاغتصاب غالبًا ما كانت تتم على مرأى وأمام الآباء والأبناء والأزواج… وكان جزاء من يتحرك لإنقاذ أي منهن وابلًا من الرصاص يخترق رأسه يرديه صريعًا مضرجًا في دمه.. ووسط هذا الجحيم، تروي بعض التقارير الرسمية الأوروبية ان آلاف الأُسر تعرضت لاعتداءات تفوق الخيال وكلها من قبيل ما ذكرنا.
19- يؤكد ذلك تقرير (شفارتز) عضو الحزب الديمقراطي المسيحي وعضو البرلمان الألماني الذي ورد في إحدى نشرات منظمة البر الدولية بتاريخ 16/ 7/1992 تحت عنوان (رأيت بعيني) وفيه يقول:
(رأيت طفلًا لا يتجاوز عمره الثلاثة أشهر مقطوع الأذنين مجدوع الأنف..
رأيت صور الحبالى وقد بقرت بطونهن ومُثّل بأجنتهن..
رأيت الأطفال والشيوخ وقد ذُبحوا من الوريد إلى الوريد..
رأيت الكثيرات ممن هُتكت أعراضهن ومنهن من تحمل العار ولم يبق لولادة ما بأحشائهنّ سوى أسابيع..
رأيت صورًا لم أرها في حياتي على أية شاشات تليفزيونية غربية أو شرقية
على وجه الأرض.. وأتحدى إن كان لأحد الجرأة والشجاعة لبثها).
20- لم نُجرّم المسيحية، ولم نتهمها بالإرهاب بتسليط الكلاب المدربة على التهام الأعضاء الذكرية لـ 300 معتقل في سجن “أبو غريب”، بعد فتح أرجلهم عنوة عبر قيود حديدية في أيديهم وأرجلهم مثبتة في الحائط ووفاتهم على الفور.
21- لم نجرم المسيحية ولا حمّلنا المسيحيين المسؤولية عن مصرع 60 طفلًا من أبناء العراق في سجن “أبو غريب” بعد تقطيع أطرافهم أمام أمهاتهم.. عبر ربط الأعضاء الذكرية والألسنة للعديد منهم بالأسلاك الكهربائية..
22- لم نُجرّم المسيحية والمسيحيين رغم وحشية إدارة بوش على العراقيين في سجون الموصل وأم قصر وبوكا وغيرها وعلى مجاهدي طالبان في سجون أفغانستان وفي (جوانتانامو) بـ (كوبا).
ولم نجرم المسيحية ولا اليهود بما نشرته صحيفة (ديلي ستار) من إسرائيل قد أمدت الأمريكيين بآليات ونظم تعذيب لانتزاع الاعترافات من أسرى ومعتقلي السجون العراقية، حتى بات العسكريون الأمريكيون يستمعون بعناية فائقة إلى خبراء إسرائيليين للتزود بخبراتهم السابقه في التعامل مع المقاومة الفلسطينية.
23- سؤال أخير نوجهه إلى أصحاب القلوب المرهفة المدافعين عن الغرب ممن يتعامون عن جرائمه ويبررون مسيرة (شارلي إبيدو) ويُصفّقون لمسوخ عروشنا ممن شاركوا فيها، وكأنهم حمائم سلام، بل وكأن من يسكن أرضنا هم من سكان كوكب آخر.
سؤالي في ختام ما سبق من حقائق مؤلمة تقشعرّ لهولها الأبدان:
من هو الوحشي الإرهابي المجرم القاتل يا بعض المفصومين العرب؟
ومن هو الرجعيّ المتخلف يامن تدّعون أني وأمثالي ملوك الرجعية والتخلّف؟

08 أكتوبر 2015

رحاب أسعد التميمي تكتب: بعض مقاصد الفوضى الخلاقة


عندما انحرفت البوصلة أضاع المسلم الطريق,وذلك عندما عمدت العلمانية المُدارة من قبل الماسونية العالمية،باللعب بمؤشرها لتغيير اتجاهها لكي يفقد المسلم الجهة التي يقصد المسير اليها...
وفعلاً نجحت العلمانية نجاح مُنقطع النظير في ذلك,عندما ألقت بأدواتها على الأرض حتى أصبحت منهاج حياة...البوصلة تم حرفها عن اتجاهها عمداً وقصداً...فبوصلة المسلم التي بُنيت على وِحْدانيةْ الله وعلى اتجاه واحد مُحدد,أصبح مؤشرها يدور في كل فلك وفي أي اتجاه،دون الالتزام بالاتجاه الذي يتطلب أن يكون الولاء خالصاً لله تعالى دون أن يُشرك معه أحد...
بل أصبح اتجاه المؤشر يدور حيث تدور العلمانية,فشعار العلمانية الذي يملأ الساحات والأماكن بالولاء لله ....وللوطن حرف هذه البوصلة عن الاتجاه السليم وزَوَرَ الهوية،وحَرّفَ معانيها حينما جعلها اشتراكية خالية من التوحيد,دون أن يشعر المسلم من خلال ذلك بالتعدي على شرع الله,حتى اصبح المسلم يعتقد أن الولاء للوطن بمنزلة الولاء لله,وأن طاعة الملك أو الرئيس بمنزلة طاعة الله.
ولا يخفى على أحد الرايات المُتعددة التي بِقِطَعْ الألوان التي فيها إنما تُحاكي لون الفُرقة والتعصب،وإعلان الولاء لوطن يُعاني العجز في تحديد هويته,ويعاني البعد عن الدين...
الرايات لا لون لها ولا طعم ولا رائحة،رايات تُروج للعُنصرية وتدعو إلى الفُرقة,تم الاستعاضة بها بدل(راية الله أكبر)التي كانت هي راية الدولة الإسلامية المُمْتدة في عصورها المتعاقبة , حتى يتمكن أتباع الشيطان الرجيم إبعاد الناس عن روح الولاء والانتماء لله لكي يسهل التخريب,حتى أصبح رفع التحية لهذه الرايات مع النشيد الوطني الخاص بكل بلد هو شيء مُقدس لا يجوز اهماله
بعد تغيير اتجاه البوصلة هذا المُتعَمَدْ،واستبدال(راية الله أكبر)برايات الشيطان،سهل بعد ذلك التخريب وهو التطبيع مع أعداء الدين,وسهل استيعاب الدعوة إلى مُوالاة اليهود والنصارى ,بل أصبحت مُوالاتهم حِكمة وتسامح بين شعوب لا تدرك أن الولاء لله والبراء من الشرك والمشركين هو اﻷساس في سلامة عقيدة المسلم..وبين شعوب لا تميز الفرق بين عدوها وصديقها...
شعوب بعد كل ذلك التخريب الذي حصل في أساسها أصبحت ترى الحِكمة متمثلة في أخلاق أعدائها,وليس في العودة إلى حكم الله ,بل وتتمنى العيش في جلبابها خاصة أن الحكومات التي يستظل المسلم في ظلها حكومات لا هي أقامت شرع الله،ولا هي شابهت الحكومات العلمانية الغربية في البحث عن راحة ابنائها,حتى أصبح المرء المسلم يقيس حاله بحال أعدائه،وحكومته بحكومة أعدائه،فيرى الفرق الشاسع الذي يجعل المرء يتمنى العيش في ظل حكومات تحترم أبنائها،حتى وإن عاشت بعيدة عن الدين...
ومن هنا حصل التنازل عن الثوابت,ﻷن نظرة الفرد المسلم,تغيرت مع تغير اتجاه البوصلة,فلم يعد يهمه من الاسلام إلا أداء الشعائر في أحسن الأحوال،لأن الحكومات التي يعيش تحت حكمها عدى عن أنها تُعادي الله ورسوله,وتحرم أبنائها أبسط حقوق الإنسان،تدعي أنها الإسلام المعتدل,لتصرِف المسلمين عن دينهم الحقيقي الذي لا يقبل ان يكون الحكم فيه بغير ما أنزل الله،ولتحاصِر كل من يدعو إلى تطبيق شرع الله في الأرض,وتتهم من يدعو إلى نصرة دينه بالتطرف والإرهاب.
من هنا تصاعدت الفوضى الخلاقة في الأفكار،حتى عمت الفوضى في كل شيء,وأصبح الناس يؤمنون بأن الحل لن يكون بالعودة الى شرع الله , وإقامة حدوده وأحكامه،وإنما باستخدام النموذج العلماني الغربي كنظام حُكم يضمن للفرد حقوقه البشرية،والمحافظة على كرامته وإنسانيته ،ﻷنهالنموذج الأسلم في نظرهم بعد أن تم تشويه الإسلام كنظام حكم،بعد أن تم محاصرة الثورات العربية لكي لا تعود الشعوب إلى دين ربها وطبعاً الشعوب التي لا هي طالت بلح اليمن ولا عنب الشام..سيسهل بعد الانحراف الذي حصل على مؤشر بوصلتها عمداً احتوائها من قبل اعدائها
فأخذ الجلاد يُطرز لنا المصطلحات،وينقشها ليرد دعوة الجهاد التي تظهر على السطح كل حين،ليحاصر بها المجاهدين الذين يدعون لرفع السلاح في وجه المعتدي,أو كل من يحمل في أجندته اخراج اليهود والنصارى من ديار المسلمين ,بعد الخراب الذي أحدثه وجودهم فيها كمحتلين,لضرب الغربة المحكمة من جديد على كل مجاهد,ولكي تلحق التهمة كل من لا يقبل بالتعايش مع المحتل بأنه إنما يدعو إلى الكراهية البغيضة...وبما أن المسلم تنازل عن الثوابت في دينه حتى فقد كل شيء،وحتى أصبح لا يهمه من يعادي دينه،بل يهمه شكله أمام الآخرين،ويحرص على أن لا يُتهم بأنه حاقد يكره البشرية ﻷنه يحرص على شكله أمام الناس وليس أمام الله...وبما أننا قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله,كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قولته الشهيرة
((نحن قوم أعزنا الله بالإسلام))
فهذه كلها نتائج الذلة التي حصلت ثمناً للبعد عن الدين...لأن من الذلة أن تثق بأعدائك وتتحاور معهم في تعايش وتسامح ،هُم من تسبب في حرمانك منه في بلدك الأصل,وهُم من أشعل الأحقاد في نفوسنا تجاههم لتجاوزهم الحد معنا....ولم يكن ذلك ليحصل لولا انه سهل اختراق الثوابت في ديننا حتى سهل الانقلاب على كل المفاهيم,وسهل بعد ذلك توزيع الجريمة بين الضحية والجلاد دون أن يشعر أحد بعظم المصيبة...بل وأصبحنا نستجدي العطف من هذا الجلاد وذاك المجرم...وهذا كان من ضمن نشر الفوضى الخلاقة التي دعت إليها كونداليزا رايس، وزير الخارجية الأمريكي في عهد بوش الابن والتي لم تكن السباقة فيها...بل كانت من دُعاتها المُجددين حتى ضاع وسط هذه المفاهيم والمصطلحات العدو الرئيسي للأمة،فلا يعرف له طريق محدد ولا عنوان بًيِنْ بين شعوب غاب عندها الوعي.
وهذا ما كان فأعداء الأمة وسط التشريد والتنكيل والاعتداء على شرفها ينادون بالتسامح...فينصت الشباب المسلم المُغيب عن حقيقة المعركة لصوت التسامح من الجزار لأنهم لم يرون سيفه الذي يحز به رقاب المسلمين,أو ﻷنهم حينما يرونه يُصدقون أن سيفه مسلط على رقاب من هم إرهابيين كما يدعي بذلك من حَرّفً المصطلحات والمفاهيم...أو لأنهم يظنون أن العداء للأمة حديث عهد بدأ بإدراكهم،ﻷنهم لم يتلقوا المعرفة الكافية عن أعدائهم من قبل ابائهم وأجدادهم,ولم يتم تحميلهم مسؤولية إرث مكبل بالهزائم...
وبالمقابل وسط هذه الفوضى الخلاقة في المفاهيم فإن أي طرف يخرج ليتصدر الدفاع عن دين الأمة وشرفها اﻵن,سيُتهم حتماً بكل انواع الإرهاب والتطرف,لأنه عرف ربه وعلم عدوه جيداً،فلا يقبل المراوغة،ولا يقبل بأن يُمارسْ النفاق السياسي لأن علاقته مع الله،ومع الله فقط فلا يهمه هيئات أممية،ولا مجلس أمن،ولا يهمه كل المجتمع الدولي,لأنه يدرك أن مصيبته الكبرى كانت في التسليم لهذه المنظمات التي تعمل لصالح أعدائه,ويعلم تمام العلم أن هذه منظمات لم تنشأ إلا لحربنا والنيل من مقدراتنا,وتمرير كل دنية في اخلاقنا للحفاظ على استمرار الصهيونية وأطماعها وأطماعهم بيننا...
فهذا الذي تعلم الصدق في مدرسة الإسلام حتى أيقن أن كرامة الأمة لا تسترد إلا بجهاد المحتلين،وأعوانهم حتماً ستُضرب عليه غُربة الفكر وسيُحاط بالعزلة التي أقيمت عليه في دياره،وسيُتهم بكل التهم لأنه لا يهمه أن يرى كل العالم شكل السكين التي يحز به الرقاب,لأنه يدرك أنها نفس السكين التي استخدمت لتقطيع أوصال الأمة حتى وإن كان شكلها مختلف,ويُدرك أن عدوه لا يعرف الرحمة ولا يؤمن بها,حتى وإن نادى بها فهو يُدرك عدوه جيداً...
فلا يُمرر عليه ما يُمرر على اغلب الشعوب التي تعاني العجز في الفهم والإدراك بل أصبحت تعتبر الكذب والنفاق حكمة وتدبير،حتى اصبح منهاج حياة هذه الشعوب يدور في فلك اللف والدوران لذلك تجد الكثير من الشباب لا يُدرك أعداء أمته لأنه ينصت لصوت الكذب والخداع الذي يستخدمه اولئك المجرمون أو أبواقهم عبر وسائل الإعلام,لأن ثقته بهم زادت بعد أن فقد بوصلته التي يتجه اليها فينصت لمن يعتاشون على مصائب الأمة والتي تبيع دينها رخيصاً خدمة لهذا وذاك،لكي يُغرروا بالشباب المغرر به أصلاً لأنه نشأ وسط الدولة العلمانية التي انْقَضَتْ على دينه ومبادئه..ثم بعد ذلك تم إزاحة البوصلة أكثر عن اتجاهها بفصل الدين عن الحياة ,والذي تطلب فصل الدين عن العلم من خلال طرح كتب مدرسية،عدى عن كونها تحمل في طياتها مواد تعاني الضعف والتردي والسطحية في المفاهيم والدجل في تسجيل التاريخ...لا يتجاوز مستواها التعليمي في سنواتها الدراسية الكاملة مستوى محو الأمية...
تُدرس العلوم بعيداً عن مادة التربية الاسلامية,حتى يضمنوا حصول الانفصام الفكري والتربوي في شخصية الفرد المسلم إن ولد من أبوبن ملتزمين دينياً ,أو ينحدر من أسرة تخاف الله رب العالمين,حينما لا تتفق تربية الأسرة مع التربية في الشارع والمدرسة في أغلب الأحيان ,فيضمنوا بذلك الوصول إلى كل بيت للتخريب فيه،فينشأ جيل مهزوز يشعر كأن الأخلاق التي تربى عليها كأنها أشبه ما تكون مثاليات،غير قابلة للتطبيق لا في الشارع ولا في العمل ولا في أي مكان,فيحصل الانفصام الذي قد يجعل البعض يتخلى عن أخلاقه ليُساير عصر الخربطه،أو ينأى بنفسه فيعيش غُربة الفكر والزمان ,فيضمن من هذا التخريب نشوء جيل لا ينتمي لأمته بل ينتمي للتخريب الذي دُبر له،بل ويُصبح المُدافع الاول عنه لأنه اعتاد العيش فيه...ويخاف التجربة الإسلامية التي تم تشويهها والانقضاض عليها قبل حصولها...
في حين حينما أُخضع العلم للدين في فترات الحكم الاسلامي المتعاقبة سواء الاموي وما تبعه من فتوحات في الأندلس،أو حتى فترة الحكم العباسي او العثماني كان التفوق للعالم الإسلامي في كل شيء لأنه كان يتصدر المعرفة حينها ,ولأنه كان يُطبق شرع الله في الشارع وفي كل المؤسسات في ذلك الوقت كان المسلم انساناً حراً واثقاً من نفسه يخافه العالم ,حقق تفوقاً منقطع النظير في كل المجالات وسجل فضلاً على البشرية ..
وفي حين تم فصل الدين عن العلوم في العصور العلمانية اللاحقة،ماتت روح الإبداع في نفس المسلم ,حتى أصبح عبئاً على البشرية يُعاني من الضعف في كل شيء ومن عدم الثقة بالنفس،حتى أصبح يثق بالعلم أكثر من الدين،لأن الدول العلمانية التي فصلت العلم عن الدين هي النموذج الأمثل بالنسبة له فيما يراه فيها من تحقيقها للسبق العلمي في كل المجالات,وفي حرصها على تقديم كل الامكانيات للإنسان لكي يتميز ويتفوق،ونسي أن تلك الدول التي تملك إرادتها حققت تطوراً علمياً كبيراً على حساب نسيجها الأخلاقي والأسري الذي أصبح يُعاني العجز والانحدار نتيجة الانفلات من كل القيم والمبادئ،حتى أصبحت شعوب تعيش البهيمة بكل أشكالها لأنها فصلت العلم والحياة عن الدين,فحققت التقدم في ناحية والانحدار في النواحي الاخرى...
ولم يكتفوا بذلك بل عملوا على نشر الفوضى الفكرية حينما ألقوا بكرة الجدل الملتهبة بين هذه الشعوب التي تسمى اسلامية لكي يُكرسوا الاختلاف الذي يجعل المسلمين دائمين التشكيك بأي فئة تخرج بالسيف لنصرة الله،ونصرة المستضعفين في الارض لكي يضمنوا بقاء التخريب الخفي...بعد ان حصل التخريب العلني في كل شيء...
حتى اصبحت الفئة التي تنادي بفصل الدين عن الحياة هذه هي الفئة الاكثر بين الشعوب,وهي السيف المسلط على كل من يدعو للجهاد,وهي الفئة التي تتصدى ﻷي دعوى تعمل على تفعيل دور الدين في الحياة ،وهذا كان واضحاً وجلياً بعد قيام الثورات،ظهور هؤلاء المندسين الكثر الذين تبين أن أعدادهم تفوق ما كان متوقعاً...هبوا ليقفوا في وجه كل دعوة تدعو إلى عودة الدين إلى الحياة سواء في مصر او في ليبيا او في تونس وغيرها...
لأنهم رضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها,واعتادوا حياة العلمانية ويرون فيها النموذج اﻷمثل لإعطاء الحرية لأهوائهم وشهواتهم ,فيرون أن يبقى الدين بعيد عن كل شيء ,بل يرون أنه لا دخل للدين في العلوم ظلماً ،وزوراً ﻷنهم اعتادوا حياة الفوضى ويخافون أن يحرموا اللهو الحرام ..
وحتى يُحكموا الغُربة على كل من لا يبتغي غير الإسلام ديناً،ويتمنى حكم الله في الأرض,ومن هنا بدأنا نجني ثمار فصل الحياة والعلوم عن الدين،ونُصر على استمرار ما ثبت فشله وخطره لأننا نخاف أن يقف الدين حائلاً بيننا وبين شهواتنا،أو نخاف أن تقام من خلاله حدود الله التي جاءت من عند الله لاعتقادنا أن القوانين البشرية أرحم لأنها لن تمنع المجاهرة بالمعاصي التي اعتادت المجتمعات ممارستها بدعوى الحرية والديمقراطية, والله المستعان.
((زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ))]البقرة 212 [
الكاتبة والباحثة
رحاب أسعد بيوض التميمي

07 أكتوبر 2015

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: الشهداء الإسرائيليون والقتلى الفلسطينيون

"سقط اليوم شهيدٌ إسرائيلي، كما سقط قبل يومين شهيدان إسرائيليان آخران، طعناً بسكينٍ على أيدي شابين فلسطينيين، الأمر الذي دفع بالشرطة الإسرائيلية وبعض المواطنين المسلحين بمسدساتٍ، لإطلاق النار على الشابين دفاعاً عن أنفسهم وآخرين، فأردوهما قتلى، مخافة أن يستهدفا المزيد من المواطنين، ومما هو جديرٌ بالذكر أن المناطق الفلسطينية تشهد غلياناً وتصعيداً لافتاً، نظراً لقيام الفلسطينيين بمنع اليهود من ممارسة طقوسهم الدينية في الأماكن التي يعتقدون أنها مقدسة حسب عقيدتهم الدينية، ويصرون على الاستئثار بالأماكن المقدسة وحدهم، ويرفضون التقاسم العادل والتعايش السلمي المشترك".
هذا الخبر ليس منقولاً عن محطةٍ تلفزيونيةٍ إسرائيلية، ولا هو مقتبسٌ من نصٍ إعلامي أو محررٍ صحفي إسرائيلي، ولا هو صياغة مدونٍ أو كاتبٍ هاوٍ ، كما أنه ليس نصاً رسمياً صادراً عن الحكومة الإسرائيلية، ولا هو بيانٌ صادرٌ عن وزارة الخارجية أو بلسان أفيخاي أدرعي الناطق باسم جيش العدوان الإسرائيلي الذي يتقن اللغة العربية، وتستضيفه العديد من القنوات الفضائية، كما أنه ليس مقتبساً عن محطةٍ إعلاميةٍ أجنبيةٍ، غربيةٍ أو أمريكية، مؤيدة للكيان الصهيوني ومناصرةً له.
إنه خبر صادرٌ عن محطةٍ إعلاميةٍ عربيةٍ، تبث من وطننا العربي، وباللغة العربية، وتستهدف القطاع العربي كله، وتلقى احتراماً وتقديراً من السلطات العربية، ولها على الأقمار الاصطناعية العربية مكانٌ محفوظٌ وترددٌ محجوز، وقد تتلقى مساعداتٍ ومعوناتٍ أهليةٍ ورسمية، لتتمكن من أداء مهمتها الإعلامية، والقيام بالواجب الوطني الملقى على عاتقها، وقد سمع نص الخبر مسؤولون ومتابعون، وناقدون ومشرفون، ممن يراقبون الكلمة، ويقفون عند الفكرة، ويراجعون كل نصٍ ويقفون عند كل صورة، وينتقدون كل حركة، لكنهم سكتوا عن النص، وكانوا قد وافقوا على نشر الخبر.
ربما يستغرب البعض أو ينكر أن يكون هذا النص قد صدر فعلاً بلسان مذيعةٍ عربيةٍ شابةٍ، ذلقة اللسان، حسناء الوجه، تهتم بمظهرها، وتحرص على شكلها، ولكنها لا تهتم بما يصدر عنها، أو ينطق به لسانها، فهذا آخر همها، إلا أنها قد لا تكون مسؤولةً عن النص، ولا محاسبةً عن فحوى الخبر، إنما هذا من مسؤولية المشرف عن نشرة الأخبار والمعد لها، إلا أن المسؤولية تتوزع عليهم جميعاً، فلا نبرئ منها المذيعة ولا المعد ولا المشرف ولا المخرج، بل كلهم سواء في هذه الجريمة القيمية، التي تمس عقيدة الأمة الوطنية، التي تربت عليها ونشأت، وضحت في سبيلها وقدمت، والتي ما زالت بها تتمسك وعليها تحرص.
الحقيقة أنها ليست محطة واحدة، بل تعددت القنوات ووسائل الإعلام العربية التي تصف الشهداء الفلسطينيين بالقتلى، وتتجنب أن تطلق عليهم الوصف الذي اختاره الله لهم بأنهم شهداء، و تتعمد أن تسيئ إليهم، ولا تقدرهم حق التقدير، رغم أنهم بشهادة رب العزة مكرمين وأخياراً، وأنهم خيرته من خلقه، وصفوته من عباده، وأنه سبحانه الذي اختارهم واتخذهم شهداء، وقد وعد أن يجمعهم يوم القيامة مع الأنبياء والصديقين، كما شفعهم بسبعين من أهلهم، تقديراً لمكانتهم، وحفظاً لقدرهم، وتعهد سبحانه وتعالى بأن يحفظ ذكرهم عبقاً وسيرتهم حسنةً في الدنيا والآخرة.
عجيب ما آلت إليه بعض سلطاتنا العربية، التي حادت عن الحق، وابتعدت عن الصراط، وجانبت الصواب، وقلبت الموازين وشوهت الحقائق، واستبدلت قيمها السامية بغيرها دونية، ومعانيها النبيلة بغيرها دنيئة، وكانت المعالي غاياتها فأصبحت الدنايا طريقها، عندما انحازت إلى الباطل، ومالأت الظالمين وناصرت المعتدين، وساندت القاتل، وأيدت المحتلين الغاصبين، وقلبت لأمتها ظهر المجن، بعد أن انقلبت على إرث الأجداد، وعطاءات الآباء وتضحيات الأبناء، فبخست في دمائهم، وأهانت أرواحهم، وفرطت في المجد الذي بنوه، وفي سنائم العز التي رفعوها.
لا تستغربوا ما سمعتم ولا تستغربوا ما قد تسمعون في المستقبل، فهذه مطالبٌ إسرائيلية، وهي شروطٌ أمريكية، تمليها على الحكومات العربية التي تسعى للبقاء، وتخشى على نفسها من الرحيل من مواقعها، وتتحسب من الانقلاب عليها، فقالوا لهم إن ضمان بقائهم واستقرار حكمهم يكمن في رضا الكيان الصهيوني عليهم، وفي الاعتراف بشرعية وجودهم، وأحقية ملكيتهم للأرض التي يقيمون عليها، والتي كانت ملكاً لأجدادهم، ومجداً لملوكهم، وإرثاً عن أنبيائهم، ومنحةً من الرب لهم.
يشعر الإسرائيليون أنهم باتوا الأقوى والأقدر على فرض القرار وإملاء السياسات وتحديد المسارات، وباتت الدول الكبرى تسعى لمصالحها، وتؤمن احتياجاتها، وتحمي وجودها، وتصل من وصلهم، وتقطع من قطعهم أو حاربهم، لهذا يظن الحاكمون أن ممالأة الإسرائيليين قوةٌ لهم، واستمرارٌ لحكمهم، واستقرارٌ لبلادهم، وأنهم إن أطاعوهم واتبعوا أمرهم، فإنهم يكفلون لهم المستقبل، ويكفونهم غضب شعوبهم وثورتهم عليهم، ويطلبون من كبريات العواصم الدولية أن ترحب بهم، وأن تمد لهم يد المساعدة، وألا تضيق عليهم أو تحاصر بلادهم، طالما أنهم يؤيدون الحق الإسرائيلي ويؤمنون بشرعيته.
خاب من صدق الإسرائيليين واتبع هواهم، وضل من سار على نهجهم ونفذ تعليماتهم، وتباً لخائفٍ منهم وجبانٍ أمامهم، وتعساً لقتلاهم وموتاهم، وسحقاً لمن طالتهم أيدي المقاومين وخنقتهم، أو نالت منهم بنادقهم ومتفجراتهم فقتلتهم، فما هم إلا غاصبين معتدين، مارقين فاسدين، جيفاً معفنين، يستحقون الموت قتلاً، والفناء حكماً، فلا مقام لهم بيننا، ولا حق لهم عندنا، ولا شرعية لوجودهم معنا.
أيها الأبطال البواسل، والرجال الشجعان، أيها المضحون بأرواحهم، والسابقون بجهادهم، ستبقون أنتم الشهداء، والشموع التي تضيء لنا الطريق، والمثال الذي به نقتدي، والدرب الذي عليه نمشي، وسنرفع بكم الرأس ونفاخر، وسنتيه بتضحياتكم ونزهو، فأنتم من رفع رايتنا، وأعلى كلمتنا، ونصَّعَ صفحتنا، وجعل لنا بين الأمم مكانة مرموقة، وكلمة مسموعة، وهيبةً مخيفة، فلن نفرط فيكم، ولن نسمح لجاهلٍ أن يؤذيكم، ولا لمتخاذلٍ أو يتطاول عليكم، ولا لعدوٍ أن ينال منكم، فأنت العين والشامة، والجبين والرأس العالية الشامخة، طاب محياكم، وخلد الله في الأرض والسماء ذكراكم
بيروت في 8/10/2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة بكتب: نحن وبشائر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة

هل يتفاعل المصريون مع بشائر الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التى طال انتظارها، كما فعلوا مع انتفاضتى 1987 و 2000، أم أن النظام المصرى سيتمكن بقبضته البوليسية الحديدية وعلاقته الحميمة مع اسرائيل من اجهاض أى محاولات من هذا النوع؟
***
لم يتخلف الشعب المصرى أبدا، عن المشاركة مع اشقائه من الشعوب العربية، عن نصرة فلسطين والتفاعل مع قضاياها، ودعم انتفاضاتها ومقاومتها.
وحتى فى أعتى سنوات كامب ديفيد، لم يتمكن النظام الحاكم فى ظل السادات أو مبارك، من ايقاف الزخم الشعبى المعادى لاسرائيل والمناصر لفلسطين.
***
ومن ناحية أخرى كان للصمود والنضال الفلسطيني فى مواجهة آلات القتل الصهيونية، بالغ الأثر فى تشكيل الحركة الوطنية المصرية بكافة تياراتها، فكان له دورا رئيسيا فى بناء وبلورة الوعى الوطنى المصرى، وترتيب الاولويات فى برامج و اجندات القوى السياسية، وكان له فضل كبير فى ضخ دماء جديدة الى الحركة الوطنية المصرية، فآلاف مؤلفة من الشباب المصرى بدأت الاهتمام بالِشأن العام والولوج الى عالم السياسة لأول مرة، من بوابة فلسطين.
***
لقد أصبح لكل جيل من أجيالنا، نضالاته ومعاركه وفاعلياته التى يعتز بها ولا ينساها ابدا، فى مضمار الصراع ضد المشروع الصهيونى منذ بدايته و ضد اسرائيل و كامب ديفيد ونظامها الحاكم فى مصر.
فلقد شاركنا فى معارك فلسطين وتوحدنا مع قضاياها منذ قرار التقسيم وحرب 1948، مرورا باعتداءات 1956 و1967، وحربى الاستنزاف و 1973. ثم معاركنا ضد قبول وقف اطلاق النار واتفاقيتى فض الاشباك الاول والثانى وزيارة القدس واتفاقيات كامب ديفيد. وكذلك فى اجتياح بيروت ومذابح صبرا وشاتيلا، وقضايا سليمان خاطر وثورة مصر. وانتفاضة الحجارة، وحرق الحرم الابراهيمى وانتفاضة الاقصى والعدوان على لبنان والاعتداءات المتكررة على غزة فى السنوات الاخير، ومعارك كثيرة أخرى.
وعلى امتداد عقود طويلة، شكلت القوى السياسية المصرية بكافة تياراتها، مئات من التجمعات والمؤسسات واللجان لدعم القضية، مثل انصار الثورة الفلسطينية، واللجان الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطينى، ولجنة الدفاع عن الثقافة القومية، ولجان للاغاثة وفك الحصار، ولجان للمقاطعة ومقاومة التطبيع ومناهضة الصهيونية، ولجان لنصرة المسجد الاقصى ....الخ.
وشهدت شوارع مصر وميادينها وساحات جامعاتها ومقرات احزابها وقاعات نقاباتها مئات الفاعليات من قوافل اغاثة ومظاهرات ووقفات وندوات ومؤتمرات دفاعا عن فلسطين وتصديا لاسرائيل وكامب ديفيد والتطبيع.
وكان الموقف من فلسطين ومن العدو الصهيونى ومن اتفاقيات كامب ديفيد ومن التطبيع، هو معيار الفرز الوطنى الأول بلا منازع بين كل القوى والاحزاب والحركات والشخصيات السياسية والعامة.
***
وحين تفجرت الثورة المصرية، أعطى زخمها الثورى دعما اضافيا للقضية الفلسطينية، على الأقل فى عامها الأول، بلغ ذروته بمحاصرة مقر السفارة الصهيونية فى 9 سبتمبر 2011 وإغلاقها لأول مرة منذ توقيع المعاهدة. قبل ان تضربنا جميعا جرثومة الانقسام وكل ما ترتب عليه، وعلى الأخص ما نراه اليوم من علاقات تنسيق وتآلف وتحالف غير مسبوقة بين الادارة المصرية واسرائيل، وصفتها فى مقال سابق بالعصر الذهبى للعلاقات المصرية الاسرائيلية.
***
واليوم وتحت وطأة الاجرام والجبروت (الاسرائيلى) غير المسبوق، وفى ظل تجاهل وتهميش دولى وعربى ومصرى للقضية الفلسطينية، يفاجئنا الشعب الفلسطينى مرة أخرى، ببشائر انتفاضة ثالثة، تتصدى للاحتلال وتحاصره وتكسر جبروته وتوحشه، وتفضح التنسيق الفلسطينى والعربى مع اسرائيل، وتحيى الروح الوطنية وتصحح البوصلة العربية وتعيد القضية الى مكانتها الطبيعية على رأس أولويات القضايا العربية.
· فهل نتركه، وحيدا منفردا، فى مواجهة آلة الاحتلال والقتل والتهويد الصهيونية؟
· هل نتواطأ مع اسرائيل والنظام الرسمى العربى، بالصمت على اجهاض انتفاضة طالما انتظرناها وحلمنا بها؟
· هل نصبح مثل كل زبانية العالم الذين يعربدون فى اوطاننا بذريعة مكافحة الارهاب، ولا ينطقون حرفا عن جرائم (اسرائيل) أخطر كيان إرهابى فى التاريخ؟
· هل نترك جماعة كامب ديفيد وأصدقاء اسرائيل فى مصر يواصلون تشويه وجه مصر الوطنى؟
· هل نتذرع بعجزنا أمام الحصار السياسى والقيود الأمنية لتبرير عزوفنا عن دعم الانتفاضة؟
· هل نضيع هذه الفرصة التاريخية، لتصحيح بوصلة الثورة المصرية، بإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومواجهة العدو الصهيونى والتحرر من اتفاقياتنا معه، لتكون على رأس برامجنا السياسية؟
· وهل نضيع هذه الفرصة لإعادة فرز صفوفنا على أساس الموقف من المشروع الأمريكى الصهيونى: الموقف من التحالف مع الولايات المتحدة، ومن الاعتراف باسرائيل والتنسيق معها، ومن دعم أو حصار الشعب الفلسطينى؟ 
· هل نقبل أن نوصم بأننا الجيل الوحيد فى التاريخ المصرى الذى خذل انتفاضة فلسطينية؟
*****
القاهرة فى 7 أكتوبر 2015
موضوعات مرتبطة :

محمد رفعت الدومي بكتب: شعير

 
إذا كان الشعر هو "ديوان العرب" فإن "العديد" هو السجل الذي تواطأ الجنوبيون دون قصد منهم علي تدوين مغامراتهم في الوجود وتجاربهم وخياراتهم الجماعية من خلاله، عندما حدث ذلك، كانوا يعرفون أنهم إنما يكتبون مراراتهم شعرًا، وهذه امرأة حزينة تطلب امرأة مثلها تقول القصائد لتبكي هي علي ايقاعاتها:
شوفوا لي حزينة متلي.. هي تقصِّد وأنا أبكي!
انه الشعر لولا أنه ركيك ومباشر، ربما لأنه كان يقال ارتجالاً في ذروة اللحظة الحزينة ثم يعلَّب للاستعمال في المآتم القادمة دون محاولة منهم لترقيته أو تهذيبه، من هذه الناحية يمكن القول بأن معظمه خواطر حزينة، مع ذلك، يضاهي بعضه الشعر الراقي رقيًا، كهذه البنت التي تشكو من أن البيت بعد غياب أمها أصبح مسيجًا لا يعرف الزائر كيف يدخله، كأنما يحرسه عبيد يتكلمون لغة مجهولة، تلك الوحشة وذلك السور مع تضارب اللغات يأخذ "العدودة" إلي مرتفعات حسية شاهقة:
يا بيت أمي زرَّبوه (سوَّروه) داير.. تخشُّه منين يا اللي تجيه زاير؟
يا بيتها ياما زربوه قرطم.. حطّوا علي بابه عبيد ترطن!
ومن المؤسف أن الجنوبيين الجدد توقفوا عن التدوين واكتفوا باستخدام تراث أجدادهم، حتي مظاهر الحزن نفسها شحبت جدًا، لا لأن دواعي الحزن قد انخفضت، بل لأنه بات أليفاً، لقد نجح القهر المنظم في أن يدفعهم إلي الإيمان بأن السعادة بعيدة المنال، وبأنها ليست متاحة إلا للأغنياء لا لأمثالهم:
الفرح غالي ماهوش لكل الناس.. جوَّه مدينة,, وقفولها نحاس..
الفرح غالي في صناديقه.. وأش جسّر (جرّأ) الفقري يمد ايده!
ولربما لو لم تنضج جلودهم الداكنة تحت أشعة الألم لما تمكنوا من الصمود حتي الآن في بلدٍ يعمل حكامه المتعاقبين علي نبذهم وتهميشهم وإغراقهم في صراعاتٍ أهلية أسباب بعضها من شأنه أن يُهيِّجَ الضحكات، برغم هذا، وربما بفضله، لم تفارق أعماقهم مفردات الوطن الذي يطمحون إلي الحياة فيه أبدًا! 
من الواضح طبعًا أن مجتمعات الجنوب غير سليمة في تفاعلها كعادة كل المجتمعات القبلية، مثل هذه المجتمعات الراكدة من الصعب أن تصاب بالشيزوفرنيا لأن هذه تستهدف الأصحاء فحسب، مع ذلك، كل من عايش الجنوبي يعرف جيدًا أنه المصري الأكثر انصياعًا للحزن وإخلاصًا له، وكل من تعرف علي شعراء الجنوب، كـ "أمل دنقل"، و"صلاح عبد الصبور"، و "عبد الرحيم منصور"، أو حتي "عبد الرحمن الأبنودي"، اكتشف بالضرورة أن أشعارهم ما هي إلا فصول أضيفت حديثاً إلي "كتاب الموتي" الذي ألَّفه آباء الجنوب الأوائل، مفردات حبلي بأصداءٍ لأحزان قديمة، ونفوس ممزقة يثقلها القهر، وأرواح مرتعشة تبحث عن ملاذ مراوغ، وأعماق مكدسة بمشاعر الإحساس بالغربة، وعناقيد الحنين المؤلم تتدلي من كل حرف!
مثل هذه المجتمعات أيضًا في بلد لا يطال القانون فيه إلا الضعفاء من الضروري أن تمجد القوة، فهي الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس، وليس غريبًا أن يكون الوصف بالطول أشهر الصفات التي يكيلونها للمتوفي:
اتنين والغاسل، دخلوا له.. أبو طول وافي، كيف عملوا له؟
وفي السياق نفسه، لأن معظم معارك الجنوب قديمًا كانت تدور بالعصي، استحوذ طول عصا الميت وغلظها، وقوة ذراعه تحديدًا، علي مساحة لا بأس بهم من مراثيهم، وهذه معددة تطلب من عائلة الميت الذهاب إلي صانع الشوم والزان شمال البلدة ليختاروا أثقلها للميت:
بحري البلد خرَّاط يخرط زان.. نقوا (اختاروا) الرزينة (الثقيلة) لابو دراع عجبان
بحري البلد خراط يخرط شوب.. نقوا الرزينة لابو دراع منصوب
ويصل توقع المهانة بالمرأة بعد موت فقيدها أحيانًا إلي اختزاله في ذراع فحسب:
يا دود كُلْ منُّه وخلِّي لي .. خلي دراع السبع يحميني
للشارب الجهم أيضًا حضوره القوي في مراثيهم لاعتقادهم أنه من أمارات القوة:
دود البلا يلعب علي شنبك.. ما اسرع تراب القبر ما طلبك!
ولا يزاحم الوصف بالقوة في المآتم كالوصف بالكرم، فالميت دائمًا كان كريمًا لم يحاسب زوجته علي مئونة البيت يومًا، ولم يغضبها:
عاش عمره ما كيَّل المونة.. ولا ست بيته جات مغبونة (مظلومة)
من الجدير بالذكر أن الجنوبيين متهمون بالغفلة، ونحن الجنوبيون بوصفنا المعنيون نضحك كثيرًا من الذين يرجموننا بهذه التهمة، ويقول الواحد منا لنفسه: دعهم فإنهم لا يعرفون أننا برغم قسوة الجغرافيا علينا وابتعادنا عن العاصمة نسبقهم وعيًا بمئات السنين، لا يعرفون أن هذا اتهام يروجه المستعمر ويوقظه كلما هدأ لنصدق نحن أننا هكذا، وبالقدر نفسه، ليبقي وشائج التوتر بين المصريين متصلة، ونصيب الجنوب من هذه الوشائج هو النصيب الأكبر، فقلما تنطفئ معركة في الجنوب قبل أن تقطع وعدًا بمعركة قادمة، وربما معارك، وما أكثر الذرائع وأتفهها، وهذه مكيدة كل الأنظمة!
نقول أيضًا لأنفسنا: يكفينا فخرًا أننا نعرف أن شعار "يسقط يسقط حكم العسكر" كان يتردد في مآتم الجنوب قبل أن يتوصل غيرنا إليه بمئات السنين:
يا اولاد الحكومة يا غز يا عسكر .. ولا تمسحوا اسمي من الدفتر
هنا فقط انهارت لأول مرة تلك الحدود الفاصلة بين الغزاة والعسكر!
كما كانوا يملكون من وضوح الرؤية قدرًا جعلهم ينتبهون إلي كل مفردات الدولة العميقة، واعتبروا القضاء أهم أدواتها علي الإطلاق، وفيما بدا أنهم كانوا واثقين من صحة ما توصلوا إليه، لم يجدوا غضاضة في أن يقسموا بالله، وهذا نادر جدًا في يوميات الجنوبيين، أو من عايشتهم علي الأقل:
واللهِ النيابة سورها مخلَّعْ.. وتخشَّها الجدعان تتمنَّعْ
واللهِ النيابة قدَّامها روبة (وحل).. وتخشها الجدعان مغصوبة
لقد سردوا مفردات الدولة العميقة في وعي مدهش، وها هم علي لسان الميت الذي كان في حياته قويًا مهابًا لا يخشي السلطة فهو يخوض بلسانه في جابي الضرائب المسيحي مؤكدًا أنه هو وحده الذي بإمكانه أن يحاسبه، كتبوا هذه الخاطرة:
قال للنصاري يا كلب يا ديري.. دير الحساب لا يحاسبك غيري
وهذا كلام مناسبات، لم يكن يحدث في الحقيقة، لكنه يعكس استغراقهم في الحلم بوطن هذه مفرداته، ما كان يحدث في الواقع هو أن جابي الضرائب كان يدهم صباحاتهم في حراسة تجريدة، وكانوا يضربون بقسوة شديدة، وعندما يذهب الغزاة آخر النهار يصبح مصدر فخر أحدهم الوحيد هو كثرة عدد الجلدات التي تحملها قبل أن تسقط العملة النقدية قيمة الضريبة من فمه، ولعله كان يفتح في المساء داره لاستقبال المهنئين!
ولا تستعجل أرجوك في اتهامهم بالعنصرية والاستهانة بالأقليات قبل أن تعرف أن هذه الكلمات كانت تتردد في مآتم الأقباط أيضًا، ذلك أن الأقباط حتي وقت غير بعيد كانوا شركائهم في العجز حقيقة، وما يبدو الآن من مظاهر التوتر والكراهية بينهم مدبرة ومقصودة وللأسف حقيقية، كما أنهم برأوا أنفسهم ضمنيًا من تهمة العنصرية حين خاطبوا صراف المال بصيغة الجمع وهو مفرد، كأنه يعتقدون أن كل النصاري هو جابي الضرائب، فالميت لا يشتمه لكونه قبطيًا، إنما بوصفه صرافاً فحسب..
بمرور الأيام وعصفها بالأرواح، تسربت إلي خواطرهم أصداء تاريخية لأحداث لم يسمعوا عنها أبدًا، كيف صمدت في ذاكرة المكان؟ لا أحد يدري، فبرغم أن التوتر بين الشمال والجنوب قديم جدًا، ما زالت مراثي الجنوب شاهدةً عليه، ولعلها هي التي أمنت له سهولة الانتقال من جيل إلي جيل بأمانة، وما زالت لعبة التحطيب شاهدة عليه أيضًا، ذلك أن اسم التحطيب في لهجات الجنوبيين حتي الآن هو: (سوَّة)، وهي ليست إلا المفردة الفرعونية: "سوَّت" وتعني "الحلفا البري" وصلت إلينا محرفة قليلاً، لا شك أن هروب هذه المفردة بهذا الشكل من الذوبان مذهل، ولارتباطها بالتحطيب سبب تاريخي، هذا هو: 
كان نبات "الحلفا البري" هو شعار الجنوب في حربه الظافرة علي الشمال الذي اتخذ من النحلة شعارًا، عندما قرأت هذه المعلومة لأول مرة حدثت نفسي لماذا لا تكون لعبة النحلة هي ذكري لتلك الحرب البعيدة أيضًا؟ لماذا لا يكون الشماليون قد ابتكروا لعبة النحلة ليخلدوا ذكري مقاتليهم عندما كان المقاتل الصعيدي يمسك برأس أحدهم بين أصبعيه ويديره فيظل يدور علي الأرض حتي يسقط قتيلاً؟ وأيًا كان الأمر، لقد انتهت المعركة قبل آلاف السنين، مع ذلك، ما زالت رحاها تدور في مآتم الجنوب، ولحسن الحظ، جعلنا موت بعض الجنوبيين في الغربة نحظي بالكثير من الدفقات الشعورية التي تمزق النفس، علي سبيل المثال، هذه أم تعتذر لابنها لأنها يوم موته (عدمه) لبعد المنطقة (الملقة) تناولت عشائها، وهي تلقي باللوم علي نفسها لأنها لم تشعر بموته، وهي تقسم علي ذلك بـ (حرام):
يوم عدمك فتِّيت واتعشيت.. مَلَقَة بعيدة، حرام ما حسيت!
وهي تضغط بقوة علي بعد المسافة والتواءات الطرق لاستدرار الشعور بالوحشة وتنميته:
بلاد بعيدة وطرقها ليَّة (ملتوية).. بعيدة عليَّ في الروحة والجية!
ومن رحم الوهم، بحكم شهرته في مخالطة الشعراء، ولدت أبيات كثيرة من المراثي علي ألسنة الموتي، كهذا البيت الذي يحكي آخر مشهد من حياة الميت:
هاتوا المخدة واسندوا راسي.. أكتب جواب أشيِّعه لناسي
ثم يحدث انتقال سريع من بلد الميت إلي بلد موته ويطلبون من "بنت البحيرة" أن تطلق صرخة مدوية تكريمًا لموت الغريب:
بت البحيرة يا لابسة الطرحة.. أمانة عليكي تعطي الغريب صرخة
تحتد اللهجة فجأة عندما يستدعون من ذاكرة بعيدة ذلك التوتر القديم بين الشمال والجنوب، فيتوهمون أن بنت البحيرة سوف تترك كلبها طليقاً لاعتراض الجنازة وسوف لا تقيم وزناً لحرمة الميت:
يا بت البحيرة دخلي كلابك.. نعش الغريب فايت علي بابك!
السئ، أنهم بمجئ العسكر كانوا جميعًا علي وعدٍ بالمهانة والعيون الكسيرة، والأسوأ، أنهم آمنوا أن هذا الوضع واقعٌ غير قابل للتغيير، فقرروا أن يتعايشوا معه، وصار من مصادر فخر العائلة أن ميتها جلس ذات مرة علي مقعد بجوار موظف حكومي:
داخل لقا المدير وحده.. طلب له كرسي وقعد جنبه!
أو دخل قسمًا من أقسام الشرطة دون أن يترك كرامته عند الباب:
يا رب تيجي يا راكب البيضة (المهرة).. يا داخل المركز بلا هيبة..
أو أن يذهب إليه وكيل النيابة ليستشيره، وهذا ما وكزت السينما ذكراه وهيجهتا كفيلم "الزوجة الثانية" مثلاً، لقد كانت المحاكم تعتمد علي كلام كبار القري وتقضي وفقاً له حتي في وجود أدلة تؤكد بطلانه:
أودة (غرفة) جلوسه شباكها بالياي.. وقاضي النيابة يعيد عليه الراي
الأغرب أننا نجد في مراثي الجنوب صدي كبير لديانة المصريين القدماء، كهذه الأم التي تتخيل أن ملفحة ابنها القديمة قد تآكلت أطرافها في الحياة الأخري وهي تتأسف لأنها لا تجد أحدًا يحمل إليه ملفحة جديدة أعدتها له:
الملفحة دابت حواشيها.. حدانا (عندنا) الجديدة مين يودِّيها؟
باختصار، لا توجد منطقة في الأعماق لم يكتشفها العديد، كل مستويات الموت اهتدي اليها، لم ينسوا حتي تلك المرأة التي مات جنينها، وتخشي أن تنسيها الأيام اسمه فهي تقرر الاستعانة بمعلم يكتبه لها في ورقة تحتفظ بها:
اسمك مليح خايفة يتوه ويروح.. لاجيب خطيب ينزله في اللوح!
حتي اليهود، وذلك القتيل يعاتب قاتله قائلاً بأنه لم يسئ إليه ولم يذنب في حقه:
مالك ومالي يابن اليهودية؟.. لا ليك حدايا ذنب ولا سيِّة (سيئة)!
وهذه نماذج مقتطفة من كتاب "المراثي الشعبية" لـ "د.عبد الحليم حفني"، بعض مفرداتها مهجورة، ومعظمها ما زالت مستعملة:
هنا عالم يحتل السجن فيه مكاناً بارزًا، ويترهل حتي يصير وطناً يحاصر الجميع من كل اتجاه:
سجان وراه وسجان قدامه.. وسجان يحل زرار قفطانه!
وهذا الميت أيضًا كان سجينًا، وكان قبل سجنه عزيزًا في بلده، يأكل اللحم في حموة النهار، وهذا يبدو غريبًا لمن لا يعرف أن الجنوبيين يفضلون تناول اللحم علي العشاء، ولقد أصبح في السجن يستلذ ما كان يعافه خارجه:
عيال المعزة والدبح في الحموة.. صبحوا يقولوا الماسخة حلوة!
تحاوروا أيضًا مع الموت الذي اصطاد امرأة في ذروة توهجها وشرخ شبابها:
غزالك مليح.. منين يا صياد؟.. صدتها وفانوسها منقاد (مشتعل)
وللرجل التقي عديد خاص به:
طريق الجوامع تبكي عليه وتنوح.. فين المُصلِّي اللي يجي ويروح؟
وهذه أم أدركت أن ابنها مات وانتهي الأمر، وهي تطلب من القاتل أن يصوب بعد ذلك إلي أعلي ليمر الشباب من تحت الرصاص سالمين:
يا ضارب أم زناد (البندقية) علِّيها.. خلي الشباب يفوت تحتيها
ومن اللافت جدًا أنهم يجمعون علي موازاة القاتل بـ "ابن الحرام، كهذه الأم التي تتمني لو كانت رأت قاتل ابنها فثأرت له:
ابن الحرام يا ريتني ريته.. لاجْريت وراه بالنار وأديته
ابن الحرام حضر سكاكينه.. لا خاف علي عقله ولا دينه
يا بن الحرام ما زقيتني (سقيتني) كاسه.. والدم نازل من صميم راسه
يا بن الحرام ما زقيتني همه.. والدم نازل من صميم فمُّه..
وما زال الموت قائمًا، وما زالت أحواض الصباح الجنوبي لا ينبت فيها إلا الحنظل، وعند المساء يبتكر الجنوبيون نمائمهم الخاصة، وتتساقط الأعمار أمام أعينهم كحبات شعير تنمو بعد ذلك في موضع جلوسهم داخل السجن الكبير أعواد شعير بشري علي وعد متواصل بالألم والعزلة والهامش، تمامًا، كالشعير الذي ينمو في الموضع الذي كان الميت يضع فيه الحبوب لفرسه:
قدّام باب داره والشعير خضَّر.. مطرح عليق المهرة ما اتبعتر!

05 أكتوبر 2015

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: لماذا تحتفل جماعة كامب ديفيد بنصر أكتوبر!

ان المعادين (لاسرائيل) الذين يرفضون الاعتراف بها والصلح والتطبيع معها، وأنصار فلسطين وداعميها، هم وحدهم اصحاب الحق فى الاحتفال بالنصر على العدو فى حرب اكتوبر.
أما جماعة النظام، جماعة كامب ديفيد التى تحتفل كل عام بذكرى نصر اكتوبر، فانهم لا يفعلون ذلك من أجل التأكيد على المبادئ والأهداف والمعانى التى قاتلنا من اجلها وهى ان كل فلسطين ارض عربية، وان الكيان الصهيونى يستهدف مصر وكل الأمة العربية مثلما يستهدف فلسطين، وانه لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف معه، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وانه صراع وجود وليس صراع حدود، وان الامريكان هم العدو الحقيقى وليس (اسرائيل) فقط...الخ
وانما يحتفلون ليضعوا انفسهم فى مراكز سامية فوق باقى جموع الشعب، وليصنعوا لأنفسهم شرعية مقدسة، يبرروا بها احتكارهم للسلطة، وأحقيتهم وحدهم فى حكم مصر. هل تتذكرون مبارك قائد الضربة الجوية الأولى؟
***
· فبالله عليكم، ما قيمة ان نحتفل بحرب تحرير ارضنا التى احتلها العدو لإجبارنا على الاعتراف به وبحقه فى ارض فلسطين، اذا كنا اليوم نعترف بشرعيته المزعومة.
· وما قيمة ان نحتفل بنصر حققناه ونحن ندافع عن عروبة فلسطين ضد الادعاءات الصهيونية الزائفة بأنها ارض الميعاد، اذا كنا اليوم نتبنى ذات الرؤية الصهيونية فى أن هذه ارض (اسرائيل).
· ما قيمة ان نحتفل بحرب مصرية عربية لتحرير كامل الارض المحتلة، ونحن اليوم نحرض الفلسطينيين على التنازل عن 78 % من اراضيهم (لاسرائيل).
· وما قيمة ان نحتفل باسترداد جزء من ارضنا بالقوة و القتال، اذا كنا اليوم نُحَرِّم ونُجَرِّم ذلك على أشقائنا ، ونتحالف مع (اسرائيل) لحصار المقاومة و لحظر السلاح الفلسطينيى.
· ما قيمة ان نحتفل اليوم بانتصارنا فى معركة حاربنا فيها العدو الامريكى راعى (اسرائيل) وحاميها، اذا كنا نتفاخر اليوم بالتحالف معه، ونهرول لاسترضائه والفوز باعترافه بشرعية النظام الجديد.
· ما قيمة ان نحتفل بنصر كنا فيه نقود الأمة لتحرير الارض العربية المحتلة من الكيان الصهيونى ومشروعه، اذا كنا ندعو اليوم الى توسيع السلام معه، رغم استيلائه على مزيد من الأرض، وقيامه باستباحة المسجد الأقصى وتقسيمه أمام أعيننا.
· ما قيمة ان نحتفل بحرب عبرنا فيها بأكثر من ثمانين الف مقاتل وألف دبابة، ثم رضخنا للضغوط، بعد وقف اطلاق النار، وسحبنا قواتنا من سيناء وأعدناها مرة اخرى الى غرب القناة، بحيث لم يتبقى لنا هناك سوى 7000 جندى و 30 دبابة. ليمنوا علينا بعدها بسنوات ويسمحوا لنا، بموجب المعاهدة المشئومة، بنشر 26 الف جندى فقط فى سيناء، بما يعادل ربع عدد القوات التى عبرنا بها بسلاحنا ودمائنا. 
· ما قيمة ان نحتفل بمعركة تحرير سيناء، ونحن لا نزال حتى اليوم نستأذن (اسرائيل) لإدخال قواتنا اليها، بعد ان جردت المعاهدة ثلثيها من القوات والسلاح.
· ما قيمة ان نحتفل بحرب اعلن فيها القادة والحكام ان امريكا هى العدو الأصلى، ثم نقوم بعد الحرب بتسليم مصر تسليم مفتاح الى الامريكان، ونفتح لهم سيناء، ليدخلوها بقواتهم ضمن قوات متعددة الجنسية التى تخضع لهم وليس للأمم المتحدة.
***
ان النصر واحد، ولكن مغزى إحياء ذكراه ليس كذلك، فلهم مغزاهم ولنا مغزانا.
****
القاهرة فى 5 اكتوبر 2015
موضوعات مرتبطة :