«أكتمل انقلاب القصر. فمن خلال مرسوم ملكى أصدره مساء الخميس الماضى، قام العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز، بتفكيك تركة أخيه غير الشقيق عبدالله، واضعا المملكة على طريق إعادة ترتيب إقليمى مهم: تقارب محتمل مع تركيا وقطر.. استعادة الدور السعودى التقليدى فى التوسط بين فتح وحماس.. وتغيير نوعى فى الدعم الذى منحته الرياض لحكام مصر».
بهذه العبارات بدأ الكاتب البريطانى ديفيد هيرست مقاله، المنشور فى صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية، حول النتائج المترتبة على قرارات الملك سلمان الأخيرة والتى عزل بمقتضاها وعين عشرات المسئولين فى المواقع القيادية للمملكة.
وأوضح الكاتب أن «تجريد الأمير بندر بن سلطان من آخر دور تبقى له، وهو رئاسة مجلس الأمن القومى، قد يكون فعلا هو آخر العهد بالأمير، وبداية عودة الاستقرار إلى المنطقة».
واستطرد قائلا أنه «تم إعفاء اثنين من أبناء الملك عبدالله من منصبيهما، هما الأمير مشعل الذى كان أميرا لمكة، والأمير تركى الذى كان أميرا للعاصمة الرياض». وأضاف «الابن الوحيد لعبدالله الذى بقى فى منصبه هو الأمير متعب، الذى يستمر فى قيادة الحرس الوطنى».
وأشار هيرست إلى أن «الرجلين اللذين بات لديهما النفوذ لإدارة البلاد هما ولى ولى العهد محمد بن نايف، ومحمد بن سلمان الذى تناط به الآن ثلاثة أدوار: وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكى ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنموية (مجلس مستحدث مؤخرا). بالإضافة إلى تعيين ابن سلمان الآخر، عبدالعزيز، فى منصب نائب وزير النفط».
ومضى قائلا: «إن الجيل الثانى من عشيرة السديريين (أبناء الملك عبدالعزيز من الأميرة حصة بنت أحمد السديرى) نجح فى تثبيت وجوده بشكل حاسم».
وأوضح الكاتب الذى كان كبير كتاب الجارديان البريطانية فى السابق، أن «الملك الجديد أكد على استمراره على نهج سلفه، إلا أن الأيام السبعة الأولى من عهده كانت أبعد ما يكون عن ذلك». مشيرا إلى أنه «فى عالم تلعب العلاقات الشخصية فيه دورا مهما فى السياسة، من المهم تذكر من هم أصدقاء سلمان ومن هم أصدقاء بن نايف. فالملك يحتفظ بعلاقة وطيدة بالشيخ تميم بن حمد أمير قطر، لذا فتهديد الرياض فى العام الماضى بفرض حصار على جارتها الصغيرة أو بطردها من مجلس التعاون الخليجى يبدو الآن كما لو كان مجرد ذكرى سيئة». وأوضح هيرست أنه «علم من مصادر سعودية بأن محمد بن نايف أيضا يحتفظ بعلاقة وثيقة مع كبار المسئولين الأتراك».
وتابع: «من المتوقع أن يبادر بن نايف إلى رأب الصدع الذى طرأ على العلاقات بين تركيا والسعودية إثر تفجر الثورات العربية فى عام 2011، ليس فقط لأن هاتين القوتين الإقليميتين تحتاج كل منهما إلى الأخرى لاحتواء النفوذ الإيرانى الممتد فى العراق واليمن ولبنان وسوريا، ولكن أيضا بسبب علاقاته الشخصية».
وأشار إلى أن هذا هو الوقت المناسب للعودة إلى الوراء لتذكير خصوم «بن نايف» الشخصيين بما بدر منهم، إذ إن وزير الداخلية لم ينس بعد تلك المحادثة التى استغرقت ساعتين ونصف الساعة، بين ولى عهد أبوظبى محمد بن زايد وريتشارد هيس قبل 12 عاما، والتى تم كشفها فى تسريبات ويكيليكس. فأثناء حديثه عن والد «بن نايف»، الذى كان وقتها وزيرا للداخلية، قال الأمير الإماراتى إن «داروين كان محقا حين قال إن الإنسان انحدر من القرد».
وتابع «من الواضح أن التغييرات كان لها تأثير. فلم يحضر بن زايد جنازة الملك عبدالله ولم يحضرها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى كذلك.
يذكر أن الرئيس السيسى قطع زيارته لسويسرا وزار السعودية فى اليوم التالى لأداء واجب العزاء.
واستطرد: «سياسة اعتبار الإخوان المسلمين منظمة إرهابية يمكن أن تكون عرضة للتغيير أيضا، فقد استقبل سلمان بنفسه رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشى الذى جاء معزيا بوفاة الملك الراحل. وكان الغنوشى هو القيادة الأرفع مستوى فى (الإسلاميين) التى يرحب بها فى المملكة.
كما أن إقالة وزير الأوقاف والشئون الإسلامية سليمان أبا الخيل، الذى كان العدو اللدود لجماعة الإخوان المسلمين، هو مؤشر آخر إلى أن السياسة تجاه الجماعة يمكن أن تتغير حسب هيرست.