10 نوفمبر 2014

أحمد الدريني يكتب: «مبروك يا فايزة».. بصوت مبارك

ذات مرة، كتب أحد مدرسي اللغة العربية الذين يتخذون من الحوائط مادة لإعلانهم عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية: «عقرت النساء أن يلدن مثلي»! مشفوعة برقم هاتفه والمركز الذي يقدم من خلاله خدماته التدريسية.
ولا أفهم الوجه الذي عقرت فيه النساء أن يلدن شخصا يلقنك تلقينا أن الفاعل مرفوع وأن المفعول منصوب..
فما هي الميزة الجينية التي يحملها هذا الأستاذ، ويتفرد بها بين أقرانه، وترفعه فوق مرتبة سيبويه إذا لزم الأمر؟
أتذكر هذا الإعلان الهزلي كلما تقافزت أسماء الأفاضل، الوزيرة فايزة أبو النجا والدكتور كمال الجنزوري، ومؤخرا اللواء أحمد جمال الدين.. فضلًا عن سيد مملكة الخواتم الأستاذ محمد حسنين هيكل.
لا أكن ضغينة شخصية لأي من هذه الأسماء، بل ربما أكن إعجابا بالغا بقدرتهم على العطاء (أيا كانت نوعية ودرجة وكفاءة هذا العطاء) على مدار عقود مديدة وأعمار مديدة، دون كلل أو تعب أو رغبة في التوقف أو حتى دون أي استسلام لسؤال وجودي عابر عن «جدوى» ما يفعلونه وأهميته للبشرية.. أو حتى لمصر المسكينة.
جاء تعيين الرئيس السيسي للسيدة فايزة أبو النجا مستشارًا للأمن القومي ليزيد من حيرتي الوجودية حول إكسير الحياة الذي تحتفظ به السيدة أبو النجا لنفسها، فتغري الأنظمة المتعاقبة على الاستعانة بخبراتها.
السيدة فايزة انتزعت منصبًا وزاريًا قبل 13 عامًا حين كانت وزيرة للتعاون الدولي، وظلت حاضرة في التشكيلات الوزارية رغم كل التغيرات التي طرأت على كوكب الأرض خلال هذه الأعوام الـ13.
وأتذكر بوضوح، صوت مبارك المتحشرج وهو يقول لها : مبروك يا فايزة.. بعدما أدت اليمين الوزارية في الحكومة التي تم تشكيلها أثناء ثورة يناير برئاسة الفريق أحمد شفيق، بعد استقالة حكومة نظيف.
«مبروك يا فايزة»..
لم أفهم ساعتها رغم اللحظات المرعبة التي تمر بها البلاد، ورغم الضغوط التي تكاد تطيح بمبارك وتقتلعه من منصبه، لماذا نظر مبارك إلى فايزة أبو النجا أثناء حلف اليمين وأصر على أن يهنئها: مبروك يا فايزة.
بدا لي الأمر غيبيًا أكثر منها قابلًا للفهم البشري المعتاد. فهذه السيدة تمتلك شيئًا ما يعطل النواميس لصالحها، حتى إن مبارك ينسى في حضرتها أنه على وشك مغادرة منصبه ثم يهنئها بمنصبها، والشوارع في الخلفية تهدر مطالبة برحيله هو شخصيًا!
السيدة فايزة أيًا كانت حنكتها ودرجتها العلمية، بدت عصية على التأثر بالمتغيرات الدولية والإقليمية الطاحنة، وظلت مفضلة للأنظمة السياسية المتعاقبة من وزارة نظيف لشفيق لعصام شرف، ثم هاهي تحل مستشارة للسيسي.
ولا أفهم..هل عقرت نساء مصر أن يلدن شخصًا بكفاءة فايزة أبو النجار مثلما عقرن عن ولادة مثيل لمدرس اللغة العربية إياه؟
قد تكون أبو النجا، ألمعية وخارقة الذكاء وتجيد التحرك في بعض الملفات كما لا يجيد سواها، وقد تكون صلاتها الدولية المتشعبة قادرة على فصل معارك كثيرة لصالح مصر، قد تكون أي شيء لا يدركه عقلي المحدود وتفكيري الأرعن وقدراتي المتواضعة.. لكن الخطير في الأمر هو استمراء هذه الحالة المزمنة من الإبقاء على مسؤولين بعينهم وكأن مصر خلت من البشر، لا من الكفاءات فحسب.
(2)
والحديث الآن يدور حول تجهيز الدكتور الجنزوري لتولي منصب هام هو الآخر..
فضلًا عن جلسات تقدير الموقف وإسداء النصح التي يبديها الأستاذ هيكل منذ أكثر من نصف قرن من الزمان هو الآخر، وكأن لا أحد في مصر بمقدوره فهم أي شيء غير هذه الأسماء التي احتكرت المعرفة الكلية، ويجيئها الإلهام بكرة وعشيا.
الخطير هو إدمان أنظمة الحكم على التعاون مع هؤلاء الأشخاص وكأنهم القدر المحتوم، وكأن لا سواهم بمقدوره فعل أي شيء.
ورغم أن تشخيص الحالة المصرية من أطرافها لأطرافها يعكس دولة مهلهلة مفككة الأوصال منهكة من كل الجوانب، إلا أننا نصر على الاستعانة بمن كانوا دوما جزءًا من المشكلة لا جزءًا من الحل!
(3)
الإصرار الدائم على استدعاء «خلطة العطار» التي جربها الآباء والأجداد من الأنظمة الحاكمة أمر مثير للأسف، ويعكس ارتدادًا للخلف بأكثر ما يؤسس لرغبة في الانطلاق للأمام.
ربما كانت الأسماء الواردة في هذا المقال من أكفأ من تقلدوا المناصب مطلقًا، ومن أطهرهم يدًا..
لكن في هذه الإصرار على الضغط على زر (pause) وتوقيف الزمن عند لقطات بعينها، مصادرة على طبائع الحياة نفسها، وإهدار لكفاءات كامنة ستضيع في غمار الطريق، لا محالة.
دعونا نجرب ونخطئ، دعونا نفكر بطريقة مختلفة بأشخاص مختلفين.. وحتى لو فشلنا.. دعونا نجرب طرقًا أخرى للفشل واتركوا لنا متعة التجريب والمغامرة والشعور بأن الزمن يتحرك للأمام ولم يتوقف عن نقطة بعينها.
على الأقل دعونا نشعر أن تغييرًا ولو بصريًا قد جرى في المشهد.. بدلًا من أن أنظر إلى السيسي فأرى حواليه نفس الوجوه التي كنت أراها حول مبارك مذ كنت طفلًا!
(4)
يظل يتردد في الفناء من حولي، صوت مبارك المتحشرج في آخر يمين تؤديه أمامه وزارة ما، وهو يقول: مبروك يا فايزة!
دون أن أفهم سر المباركة لهذه السيدة الحديدية التي بقيت بينما مصر تحترق خارج جدران المبنى الذي تحلف فيه القسم.

في مقبرة السيسي السعيدتصريح خطير من البرعي لـ"الفايننشال تايم"

ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية أن الخوف بدأ يتزايد في نفوس العديد من الناشطين السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان في مصر, على خلفية القوانين الصارمة المتتالية, التي تحد من أي نشاط معارض.
وفي تعليقها على قانون المنظمات غير الحكومية, الذي يبدأ سريانه في مصر, اعتبارا من 10 نوفمبر, أشارت الصحيفة في تقرير لها في 9 نوفمبر إلى أنه في أكتوبر الماضي, قامت الحكومة المصرية أيضا بتشديد المادة 78 من قانون العقوبات ، والتي تقضي بفرض عقوبة السجن مدى الحياة وغرامات كبيرة على أي شخص يتلقى تمويل أجنبي من الخارج.
ونسبت الصحيفة إلى الناشط الحقوقي المصري نجاد البرعي، قوله :"أتوقع أن أذهب إلى السجن في أي وقت، ولكن إذا كان ذلك هو ثمن دفاعي عن مبادئي والدفاع عن الآخرين، فأنا على أتم استعداد لدفع هذه الثمن".
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدأ في 5 نوفمبر جلسة لمناقشة حالة حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، وهي الجلسة التي شهدت انتقادات أوروبية حادة للقاهرة, بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، في وقت أشادت به الإمارات والبحرين.
وجاءت جلسة المراجعة ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة, التي يجريها المجلس مع كافة دول الأعضاء.
وهذه المراجعة الأولى منذ الإطاحة بمبارك، وأبرز الدول التي وجهت انتقادات حادة للسلطات المصرية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وطالبتها بضرورة تحسينه وتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين، هي ألمانيا وأستراليا والدانمارك والسويد والنمسا وسويسرا وكوستاريكا.
وقد انتقد مندوب النمسا في كلمته أمام الجلسة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة المصرية في فض الاعتصامات كما حدث في رابعة العدوية وميدان النهضة.
كما طالب بضرورة إطلاق سراح جميع الصحفيين الذين اعتقلوا أثناء أداء عملهم، مع ضرورة إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وباحترام حق التجمع وإلغاء القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا بشأن توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، وطالب أيضا "بضرورة إصدار قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بما يسمح لها بممارسة عملها دون أي تدخل حكومي".
ومن جهته, طالب مندوب سويسرا في الجلسة نفسها السلطات المصرية بتعليق عقوبة الإعدام، وقال إن على مصر احترام التزاماتها الدولية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب.
وتابع "لا بد من التأكيد على ألا يُمارس التعذيب على المحبوسين على ذمة قضايا، كما لا بد من أن تسمح السلطات المصرية لأهالي هؤلاء بزيارتهم سواء أكانوا محبوسين في أماكن احتجاز مدنية أو عسكرية".
وقد أعربت مندوبة أستراليا في كلمتها عن قلقها من القيود التي تضعها السلطات المصرية على التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والتفكير.

آندرو براون : لماذا لا أصدق من يقولون إنهم يكرهون الإسلام وليس المسلمين؟

من غير الطبيعي نفسيا الادعاء بأنك تكره أيديولوجية ما دون كره الناس الذين تعبر حياتهم عن تلك الأيديولوجية.
انتشر بين هؤلاء الذين يكرهون الإسلام أن خوفهم وبغضهم ليس عنصرية، لأن الإسلام ليس عرقا، أو كأنهم يقولون ضمنا إن كره المسلمين أمر عقلاني وحكيم في حين أن كره السود هو أمر غبي وغير عقلاني!
بعض الناس الذين يدعون أن الإسلام هو دين شرير في الأصل يقولون إنهم لا يحملون أي كراهية تجاه المسلمين، لكني لا أعتقد أنهم يقولون الحقيقة. فمن الصعب حقا ومن غير الطبيعي نفسيا أن تدعي أنك تكره أيديولوجية دون كره الناس الذين تعبر حياتهم عن تلك الأيديولوجية. الأديان والأمم والأجناس جميعها بِنىً خيالية، وإذا فكرت أنك تريد أن تستأصل شأفة دين ما فإنه يتعين عليك أن تتخيل أنك تستئصل الأشخاص الذين تعتقد أنهم يعبرون عن هذا الدين.
أتذكر ما قاله جورج بوش الابن عندما قال موضحا أن الأمريكيين ليسوا في حرب مع الشعب العراقي، ولكن مع الحكومة العراقية. منذ ذلك الحين، لقى قرابة مليون عراقي حتفهم نتيجة الحرب معهم. ربما يكون التمييز بين الحكومة والشعب مريحا لمن هم على قيد الحياة، لكنه لا يقدم نموذجا تفسيريا للتنبؤ بمن سيتم قتله!
الكراهية العرقية والدينية لديها شيء ما مشترك: إنها ليست مستوحاة من عرق أو الدين الشخص الذي يكره، لكنها تُحدد عن طريق دين أو عرق الضحية. هذا واضح للغاية في قضية معاداة السامية، والتي يمكن أن تظهر إما بشكل عنصري أو أنها كراهية دينية، أو في الواقع، كلاهما! ما هو ثابت أن معاداة السامية تنطوي على كراهية اليهود، مهما كانت الأسباب التي قُدمت لذلك. 
وبالمثل، إذا كنت تكره السود، فإنك تكرههم لأسباب عنصرية بغض النظر عن لون جلدك، وإذا كنت تكره المسلمين والكاثوليك أو المورمون، فإنك تكرههم بسبب دينهم، مهما كانت معتقداتك الخاصة. لذلك فإنه من الممكن تماما أن تكون الكراهية الدينية مدفوعة بالإلحاد، وذلك قد يكون السبب لشيوعها في العالم الحديث.
الادعاء بأن الإسلام ليس عرقا، ولذلك فمن المنطقي أن يُكره ويُخشى أصبح ادعاء مقبولا للعديدين، لأنهم يرون بأن هناك شيئا شديد الفظاعة في الكراهية بناء على العرق. لكن لا أعتقد أن هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، أنا أستطيع تفهم افتراض أن التمييز العنصري كان قبل 50 أو 60 عاما جزءا طبيعيا تماما من الحياة الانجليزية. ومن أجل تغيير ذلك، كان من الضروري وصمه بشكل مبالغ فيه، وبالتالي أصبحت العنصرية نوعا من الجذام الأخلاقي. 
لكن إذا سمحنا لأنفسنا بالمقارنة بين الجرائم التي ارتكبها ستالين أو ماو، وبين جريمة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلنطي، من حيث طموح المجرم لا من حيث المدة لكل جريمة، فلا يمكن لأحد القول إنهم معذورون، لأن الطغاة الملحدين الأفظع في التاريخ لم يكونوا عنصريين!
ستالين وماو لو كانا هنا لأيدا ما كتبه سام هاريس عندما قال إن “هناك بعض المعتقدات الرهيبة التي من الممكن أن تبرر قتل الناس الذين يتبنونها”، سيؤيدان ذلك لأنها تدعم دفاعهما عن تعذيب السجناء.
في النهاية، موقف الناس الذين يدعون أن كراهية الإسلام أمر مختلف وأرقى من كراهية السود، هو تماما مثل آلان باتريدج وقوله إنه على الأقل ليس ديفيد برينت!

09 نوفمبر 2014

موقع "عربي21" ينشر صورة للطائرة الاماراتية المحملة بالسلاح والتى احتجزها ثوار ليبيبا

قالت مصادر مقربة من ثوار ليبيا إن طائرة إماراتية احتجزت من قبل الثوار في مطار غات جنوب البلاد، مضيفة أن طاقمها يخضع للتحقيق، بعد أن تبين أنها محملة بالذخيرة.
ويأتي احتجاز الطائرة، التي حصلت صحيفة "عربي21" على صورتها في المطار الليبي، في وقت حذرت فيه قوات فجر ليبيا الدول الإقليمية من مغبَة التدخل في شؤون الدولة الداخلية، معتبرة أن هذا التدخل سيدخل المنطقة بأكملها في صراعات لا يعرف مداها.
وطالبت "فجر ليبيا"، في البيان الذي حصلت "عربي21" على نسخة منه، كل "المنظمات الحقوقية والدول الصديقة بسرعة التدخل لإطلاق سراح المواطنين الليبين المحتجزين في دولة الإمارات".
وأعلنت "فجر ليبيا" إنها ترفض بشدة البيان الصادر عن "ما يعرف بمجلس شيوخ إقليم برقة"، معتبرة أنه يمثل "دعوة للانفصال وتمزيق الوحدة الوطنية".
وجاء بيان فجر ليبيا بعد ساعات من نشر "عربي21" لمعلومات عن مصدر مقرب من الجيش المصري، قال فيها إن الجيش يجري تدريبات عسكرية لأكثر من 50 ألف جندي مصري، استعدادا للتدخل العسكري في ليبيا إذا لزم الأمر، بعد الخسائر التي مني بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ومن الجدير بالذكر، إن قوات الثوار سبق وأن أعلنت عن اعتقال عناصر من الجيش المصري كانت تقدم دعما لقوات حفتر، فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها "تعتقد" أن مصر والإمارات شاركتا في قصف جوي على مدن ليبية، دعما لجهود حفتر بالانقلاب على السلطة.
قالت مصادر مقربة من ثوار ليبيا إن طائرة إماراتية احتجزت من قبل الثوار في مطار غات جنوب البلاد، مضيفة أن طاقمها يخضع للتحقيق، بعد أن تبين أنها محملة بالذخيرة.
وقد حصلت صحيفة "عربي21" على صورة الطائرة المحتجزة.

صبحي حديدي : تأثيم سيناء.. بعد شيطنة غزّة!

هذه المرّة لم يسارع الإعلام المصري الهابط ـ وهو الأغلبية اليوم فيمصر، للأسف ـ إلى تأثيم فلسطين، ثمّ الفلسطينيين أجمعين، عبر تأثيم «حماس»، وبالتالي غزّة وأهلها أجمعين، واختراع شتى التهم، وتلفيق أشدّ الأقاصيص ابتذالاً وانحطاطاً. ففي هذه الجولة كان موضوع الشيطنة يشمل المصريين أنفسهم، من أهل سيناء وقبائلها، ثمّ سيناء ذاتها: المجتمع والجغرافيا والتاريخ.
ولا تُقارَن الحمّى، والحمية والحماس، التي أصابت وحدات الجيش المصري في تهجير الآلاف من مواطني سيناء، وتفكيك تجمعاتهم، ومصادرة بيوتهم، وتهديم العشرات منها، إلا بالسعار الأعمى الذي حُقنت به مفارز الأمن المصرية، وبعض وحدات الجيش بالطبع، خلال تفكيك اعتصام رابعة. وفي أعلى هرم القرار، ضمن جهاز سياسات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصدد سيناء، ثمة مزاج العسكر، ونزعة العسكرتاريا بالطبع، من جهة أولى، وكذلك ترحيل المأزق الأمني الحقيقي نحو مخارج تلفيقية، أسهلها المتاجرة بدماء الجنود الشهداء، ضحايا إرهاب الجماعات المعلَن، وضحايا إرهاب الدولة الخفي، في آن معاً، من جهة ثانية.
وحين ستبلغ السلطات المصرية هدفها المحدد، أي إزالة 800 بيت وتهجير عشرة آلاف قاطن، تمهيداً لإقامة المنطقة العازلة، هل سيكون هذا هو منتهى «الحلّ الأمني» الذي سيجعل مواطني سيناء، وأهالي أفراد الجيش على امتداد مصر، ينامون قريري الأعين؟ الحمقى وحدهم، أسوة بالمطبّلين والمزمّرين في الإعلام المصري الهابط إياه، هم الذين سيصدّقون هذه الخديعة، المكشوفة والمفتضَحة حتى قبل أن تكتمل بعض فصولها. ذلك لأنّ معضلة استتباب الأمن في سيناء لم تبدأ من تأثيم «حماس» وإخوان مصر، ونسج الأساطير حول الإرهاب، وتلفيق الخرافات حول الأنفاق، ولهذا فإنها لن تنتهي عند سيناريوهات تجريف البيوت وتهجير السكان، أو ضخّ المزيد من الأكاذيب حول وجود «داعش» في سيناء.
وإذا جاز، في جانب من نقاش هذا الملفّ، القول بأنّ مصر تمارس سياسة سيادية على أرضها، ذات طبيعة أمنية نابعة من وقائع إرهاب فعلية استهدفت جنودها في سيناء، فإنّ الجانب الثاني من النقاش ذاته لا يجوز أن يتجاهل حقوق الإنسان والمواطن في سيناء، وما يقوله الدستور في مصر ذاتها بصدد العلاقة ـ وبالتالي: احتمال التناقض ـ بين السيادة والقانون. الرأي المعارض، الذي لا يعثر عليه المرء في سيناء وحدها، بل أيضاً في محافل منظمات حقوق الإنسان المصرية (غير المسيّرة من جانب النظام، بالطبع)، لا يقول بوجود تناقض صريح، فحسب، بل ثمة اعتبارات عديدة تسمح بالحديث عن مفهوم الـ»ترانسفير» في معانيه الأبغض، غير البعيدة عن الفاشية أيضاً.
وهذه حال ينبغي، أخلاقياً بادىء ذي بدء، أن تنطبق أيضاً على أهالي رفح، في الجانب الفلسطيني تحديداً، ثمّ أهل قطاع غزّة بأسره، بالنظر إلى أنّ المعبر هو رئتهم الوحيدة (القانونية، العلنية، المرئية…) على العالم الخارجي، فكيف إذا سُدّت ودُمّرت عشرات الأنفاق التي ظلّت تكفل تهريب السلع والمواد الغذائية، لأنها كانت الرئة الأخرى الموازية (رغم أنها غير قانونية، سرّية، ومخفية…)؟ ولعلّ أقصى المفارقة تتجلى، اليوم، في حقيقة أنّ نظام حسني مبارك كان، إجمالاً، وما خلا الظروف الاستثنائية، يغضّ النظر عن تلك الأنفاق لاعتبارات «إنسانية»، ونظام السيسي يتخذ سياسة نقيضة، لأسباب «أمنية» لا تفلح دائماً في طمس الأسباب السياسية الأبعد.
وبين قلب القاهرة المديني، وباطن سيناء الصحراوي، ثمة تلك الرابطة الأولى التي توحّد هراوة الأمن ببندقية الجيش، أو تجعل الحوّامة فوق رؤوس المدنيين في ميدان النهضة، الجيزة، شقيقة الـ»أباتشي» التي تقصف القبائل في «كرم القواديس»، سيناء!

كتاب جديد: الغزو الأميركي تعمّد تدمير الهوية العراقية والبنية الوطنية

How US set out to destroy Iraq 's national identity and build a dependent state

حاولت الولايات المتحدة الترويج لأفكار أنها فوجئت بالنتائج التي آل إليها العنف في العراق، والفوضى التي سادته، وأنها تحاول أنْ تعيد بناء البلد، وتعزيز المنهج الديمقراطي فيه.
لكن كتاباً جديداً صدر في بلفاست للكاتب السياسي رايموند بيكر (Cultural Cleansing in Iraq Edited by Raymond W. Baker, Shereen T. Ismael, and Tareq Y. Ismael. Pluto, 296 pp. $34.95) يكشف أن الغزو الأميركي تعمد تدمير الهوية العراقية، وتعريض ثرواته للنهب، وكنوزه الآثارية للتدمير والخراب. ونقل عن علماء أميركيين اتهامهم للجيش الأميركي بالتطهير الثقافي في العراق.
ويقول مايكل جانسين MICHAEL JANSEN محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة التايمز الإيرلندية: إن الكاتب المؤلف والمحلل السياسي رايموند بيكر، يؤكد أن الولايات تعمدت في غزوها للعراق، تحطيم هوية البلد، وبنيته الوطنية، وتحويله الى حالة تابعة. 
وقال الكاتب الذي أمضى فترة في العراق وساعده عدد من العراقيين والعراقيات في تأليف كتابه ((التطهير الثقافي في العراق)) إن الحرب العراقية ونتائجها ليست عشوائية، 
إنما هي حرب تطهير ثقافي منظمة ومتعمدة.
ويؤكد المؤلف أن واشنطن خططت منذ سنوات لتحقيق أهدافها في احتلال العراق ونشر الفوضى لجعلها وسيلة لإعادة صنع البلد وتحويله الى دولة تابعة للولايات المتحدة ولهذا مكّنت الشيعة والأكراد، ومنفيين كثر ممن يتعاونون معها على تسلم السلطة وممارسة الاضطهاد لفئات كثيرة.
وأوضح أن الهدف الأكبر لإدارة بوش هو تحقيق هيمنة عالمية بإعادة تشكيل ما تسميه الشرق الأوسط الستراتيجي، لكنّ هذه النهاية لم تأخذ بعدها لأن القوة العسكرية الأميركية الضخمة سُحقت في العراق، فيما عانت الولايات المتحدة من عزلة عالمية، بسبب النظر إليها على أنها آلة شر، على ما شهد العراق من إصابات كبيرة في أوساط المدنيين، وعلى ما أحدثت من خراب ثقافي وحالة إفقار للمجتمع العراقي.
ونقل المؤلف عن سياسيين عديدين قولهم إن الغزو الأميركي للعراق عمل بربري، أحرق البلد، وعرَّض ثرواته للضياع، وكشف كنوزه أمام اللصوص والناهبين، ودمر المكتبات التاريخية والمدارس والجامعات، وحوّل تقاليد البلد العلمانية المقبولة الى تقاليد تحرم على المرأة ممارسة أبسط حقوقها، برغم شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة.
ونقل المؤلف تحذير علماء في الولايات المتحدة اتهموا الجيش الأميركي بكسر أبواب المتاحف والمواقع الأثرية والمكتبات أمام اللصوص، وحطم مواقع آثارية مهمة لبابل وسومر وآشور. وحوّل الكثيرين من الكتاب والمثقفين والصحفيين إما الى عملاء للسفارة يتقاضون مبالغ منها أو الى سجناء ومنفيين ومطاردين.
ألكاتب : - ألمصدر : بلفاست تايمز


How US set out to destroy Iraq 's national identity and build a dependent state
MICHAEL JANSEN
Tue, Jan 12, 2010
Cultural Cleansing in Iraq Edited by Raymond W. Baker, Shereen T. Ismael, and Tareq Y. Ismael. Pluto, 296 pp. $34.95
THIS BOOK argues convincingly that the post- war cultural cleansing of Iraq is intentional rather than random and haphazard, the result of chaos and anarchy.
The aim of the policy of cultural cleansing is to remake Iraq into a US-friendly state and enable Washington ’s returned Shia and Kurd exiles to take and exercise power.
In the first of 10 chapters, the editors contend that the Bush administration’s objectives were to demonstrate US global dominance and remake “the strategic Middle East” to suit the US . “To that end, the invasion of Iraq would display America ’s crushing military power to a world reduced to the status of spectators in a spectacle of a state’s destruction, marked by massive civilian casualties, cultural devastation and the pauperisation of its people.”
Subsequent chapters show how Iraq ’s state structures were systematically destroyed along with the independent secular nationalist socialist regime.
This began with the looting of the country’s museums and libraries, schools and universities. Although Iraqis carried out most of the pillage and destruction, the US was responsible for what took place.
Scholars had warned the White House and Pentagon that this would happen if vulnerable sites were not protected. Nothing was done because, according to Barbara Bodine, Washington ’s first post-war ambassador, orders had been issued to the effect that looting should be allowed to proceed unchecked. In some cases, US troops broke open the doors of institutions to aid looters.
The US also used major archaeological sites, including ancient Babylon and Ur , as military bases, inflicting irreparable damage.
By attacking the country’s history and “collective memory”, Zainab Bahrani holds that the US sought to undermine the unique national identity of Iraqis. Their strong sense of history and culture has made them the most inventive poets, writers and painters in the Arab world.
The second half of the book focuses on the killing of Iraqi intellectuals and professionals. 
As early as April 11th, 2003, two days after the fall of Baghdad , a group of university professors and scientists dispatched an e-mail saying that the occupation forces had drawn up lists of individuals for detention, harassment and elimination. Since then, hundreds of university processors, doctors and scientists have been assassinated, kidnapped, killed or driven into exile.
The murder of Dr Muhammad Rawi, a medical doctor and chancellor of Baghdad University in July 2003, shocked the country and served as a warning to others in the intelligentsia.
Israel ’s Mossad intelligence agency and the Iranian-founded Iraqi Badr Corps militia were initially blamed for the killings. However, the book’s contributors provide solid evidence that the US and Britain fostered the decimation of the intellectuals because they would resist foreign domination through Shia and Kurd proxies who rode into Baghdad on the backs of US tanks.
The vehicle for the purge of intellectuals was the de-Baathification campaign instituted by Paul Bremer, the US pro-consul from 2003-2004, and used by successive Shia-led sectarian governments to target secular nationalist thinkers of every sect.
The US is accused of using the “ Salvador option”, a strategy evolved in Central America , to create US-compliant regimes in that region.
The 13 authors of this work say the US set out to destroy Iraq ’s national identity, reduce and marginalise the educated class and wipe the Iraqi slate clean in order to build from ground zero a weak state which would be dependent on the US . This experiment in “state ending” has left a black hole at the heart of the eastern Arab world.
Michael Jansen writes on Middle East affairs for The Irish Times 
© 2010 The Irish Times

استمع .. اغنية هندية رائعة للشهيد صدام حسين


افتتاحية نارية جديدة لـ"نيويورك تايمز" ضد نظام السيسي

المصريون - كتبت - جهان مصطفى
واصلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية هجومها على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, واتهمته بتعزيز "قبضته الاستبدادية من خلال تشديد القيود على منظمات المجتمع المدني, وتهجير الأهالي في سيناء".
وانتقدت الصحيفة بشدة في افتتاحيتها في 7 نوفمبر مشاركة رجال أعمال أمريكيين في مؤتمر يعقد بالقاهرة خلال أيام, واعتبرت دعم وزارة الخارجية الأمريكية لهذا المؤتمر, تعزيزا لما اعتبرته "نظاما مستبدا".
وتابعت "حملة القمع في مصر أخذت منعطفا خطيرا في الأيام الأخيرة، عندما بدأ نظام السيسي بهدم البيوت في سيناء على طول الحدود مع إسرائيل", واصفة هذه الخطوة بـ"الإجراء التعسفي", الذي سيفاقم "التطرف والعنف" في مصر.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن مصر تعيش تحت ما سمته "وطأة نظام قمعي استبدادي من جديد", وأعربت الصحيفة في افتتاحيتها عن "الدهشة من التجاهل المفرط والمتعمد من جانب الإدارة الأميركية إزاء ما تشهده مصر من قمع واستبداد".
وأضافت "من المدهش أن تساعد إدارة الرئيس باراك أوباما في تنظيم مؤتمر استثماري كبير للشركات الأميركية في القاهرة الأسبوع القادم، خاصة في ظل القيود التي فرضتها ولا تزال تفرضها القاهرة على المجتمع المدني وحقوق الإنسان".
وكانت "نيويورك تايمز" نشرت أيضا "افتتاحية نارية" في 8 أكتوبر الماضي هاجمت فيها السيسي ونظامه الجديد، ودعت واشنطن والبيت الأبيض إلى تغيير سياساتهما تجاه القاهرة، فيما كان العنصر الأكثر لفتاً في تلك الافتتاحية أنها تأتي بعد أيام على أول زيارة للسيسي الى نيويورك وأول خطاب يلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الخطاب الذي قالت وسائل إعلام عالمية إنه كان يهدف الى "إنشاء موطئ قدم له لدى المجتمع الدولي". وتعتبر "نيويورك تايمز", التي تحمل لقب "السيدة العجوز" واحدة من أهم المؤشرات على المزاج العام لدى النخبة في الولايات المتحدة، كما أن الصحيفة تؤثر في صناعة القرار الأمريكي وخاصة المتعلق بالسياسات الخارجية. ودعت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها إلى ربط المساعدات السنوية الأمريكية التي تقدم للجيش المصري والتي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار بتحقيق تقدم على مستوى الحريات والديمقراطية، كما دعت إلى مراجعة شاملة لطبيعة العلاقة مع مصر في ظل ما سمته "الانقلاب العسكري". ووصفت الصحيفة ما حدث في مصر يوم الثـالث من يوليو 2013 بأنه "انقلاب عسكري", كما قالت إن الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالسيسي كانت "مزورة" . وقالت الصحيفة إن جماعة الإخوان المسلمين التي تصدّرت المشهد السياسي بعد ثورة يناير، يقبع أعضاؤها في السجون حاليا، مع اعتبارها جماعة إرهابية، وهو أمر "غير عادل"، وهو ما قد يجعلهم "عرضة للتشدد"، في وقت تقوم فيه الولايات المتحدة بإنشاء تحالف لمحاربة تنظيم "داعش"المتطرف. وتابعت الصحيفة "حكومة السيسي أحكمت قبضتها على وسائل الإعلام التابعة للدولة، في حين ينتظر صدور قانون غامض يشدد العقوبات على الأفراد الذين يتلقون تمويلا أجنبياً، ويجعل ذلك جريمة يعاقب عليها بالحبس مدى الحياة، بحجة محاربة الإرهاب، وهي الحجة التي استخدمتها الدولة من أجل إعاقة الجمعيات التي تدعو للديمقراطية". واتهمت الصحيفة الرئيس المصري بـ"استغلال تطلع الشعب المصري، وتمسكه بالاستقرار، في سبيل تحصين بقائه في منصب الرئيس"، حسب تعبيرها. وأضافت "السيسي يحظى بدعم قوي من حلفائه في الداخل، وترويج إعلامي لشخصيته بما يفوق الهالة التي كانت حول الرئيس المخلوع حسني مبارك", مشيرة إلى أن "احتكار السلطة", الذي تشهده مصر حاليًا، لم تشهده منذ عهد محمد على باشا، وأشد قمعا مما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأثارت الافتتاحية السابقة ردود فعل واسعة في مصر، حيث تناوله العديد من الصحافيين والسياسيين، وأبدى بعضهم غضبه مما جاء فيها, واعتبروها حملة أمريكية تستهدف مصر، وتدعم جماعة الاخوان المسلمين، بينما رآى آخرون من المعارضين لنظام السيسي أن الولايات المتحدة بدأت تكتشف بأنها كانت على خطأ عندما دعمت "الانقلاب العسكري"، وأن "القمع الذي تواجهه جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن قد يولد حالة من التطرف والعنف". وكانت عدة جامعات مصرية اتخذت قرارات وضوابط أمنية مشددة، بالتزامن مع العام الدراسي الجديد، تَصَدرها تجريم الإساءة للرئيس السيسي، وشددت على عقوبتها بالفصل النهائي. ووفق هذه القرارات, يتعين على الطلاب الالتزام بتسعة ضوابط، منها عدم الإساءة للرئيس، ومنع التظاهر نهائياً في المدن الجامعية، وعدم ارتداء ملابس عليها شعارات سياسية. وفي سياق متصل, تعاقدت وزارة التعليم العالي مع شركات معدات أمنية لتركيب بوابات إلكترونية للجامعات وتثبيت كاميرات مراقبة، كما تم تعديل قانون الجامعات بحيث يسمح لرئيس الجامعة بفصل أيٍ من أعضاء هيئة التدريس إن شارك في مظاهرات. وبدأ العام الدراسي الجديد في مصر في 11 أكتوبر, متأخرا ثلاثة أسابيع عن موعده المقرر

غلين غرينوالد : كم عدد الدول الإسلامية التي قصفتها أو احتلتها أمريكا منذ عام 1980؟

أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في مؤتمره الصحفي بعد الانتخابات أمس، أنه سيسعى للحصول على ترخيص لاستخدام القوة العسكرية (AUMF) من الكونغرس الجديد، وهو الترخيص الذي من شأنه أن يشرع حملة قصف أوباما في العراق وسوريا، التي بدأت منذ ثلاثة أشهر مضت.
وقد يكون من الممكن القول هنا، بأن السعي للحصول على تفويض من الكونغرس لحرب بدأت قبل أشهر، هو على الأقل أفضل من خوض حرب رفض الكونغرس منح تفويض لها صراحةً، كما فعل أوباما في ليبيا التي انهارت الآن.
وعندما بدأ أوباما بقصف أهداف داخل سوريا في سبتمبر، كنت قد لاحظت بأن هذا البلد كان سابع بلد غالبية سكانه من المسلمين، قد قصفته الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته، وذلك دون أن نشمل قصف أوباما للأقلية المسلمة في الفلبين. وكنت قد لاحظت سابقًا أيضًا أن هذه الحملة الجديدة، تعني أن أوباما قد أصبح رئيس الولايات المتحدة الرابع على التوالي الذي يقوم بإسقاط قنابل على العراق.
وهذه الحقائق مثيرة للدهشة؛ لأنها تكشف عن أن العنف الأمريكي مستمر ومتواصل إلى درجة أننا بتنا لا نكترث حتى بملاحظته. فقط في هذا الأسبوع، أطلقت طائرة أمريكية بدون طيار صاروخًا أسفر عن مقتل 10 أشخاص في اليمن، ووصف الأموات على الفور بأنهم “متشددون، مشتبه بهم”، وهو الوصف الذي يعني في الواقع مجرد أنهم “ذكور في سن الخدمة العسكرية”، ولم تتلق عمليات القتل هذه أي مناقشة تقريبًا.
وللحصول على النطاق الكامل للعنف الأمريكي، الذي تتم ممارسته في العالم، يجدر طرح سؤال أوسع، وهو كم عدد الدول في العالم الإسلامي التي قصفتها أو احتلتها الولايات المتحدة منذ عام 1980؟
الجواب على هذا السؤال تم تقديمه مؤخرًا في افتتاحية “واشنطن بوست”، التي كتبها المؤرخ العسكري والعقيد السابق في الجيش الأمريكي، أندرو باسيفيتش. وفيها يقول الكاتب: “أصبحت سوريا على الأقل الدولة رقم 14 في العالم الإسلامي، التي غزتها أو احتلتها أو قصفتها القوات الأمريكية، والتي قتل أو قُتل فيها جنود أمريكيون، منذ عام 1980 فقط”.
وأضاف الكاتب: “دعونا نعدد هذه الدول الإسلامية: إيران (1980، 1987-1988)، ليبيا (1981، 1986، 1989، 2011)، لبنان (1983)، الكويت (1991)، العراق (1991-2011، 2014)، الصومال (1992-1993، 2007-)، البوسنة (1995)، السعودية (1991، 1996)، أفغانستان (1998، 2001-)، السودان (1998)، كوسوفو (1999)، اليمن (2000، 2002-)، باكستان (2004-)، والآن سوريا. يا للعجب”.
وتعداد باسيفيتش هذا، يستبعد قصف واحتلال بلدان أخرى ذات أغلبية مسلمة من قبل حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو القصف أو الاحتلال الذي نفذ بدعم أمريكي حاسم. إنه يستبعد الانقلابات ضد الحكومات المنتخبة ديمقراطيًا، وعمليات التعذيب، وسجن الناس دون أي اتهامات.
وأيضًا، بالطبع، يستبعد كل التفجيرات وغيرها من عمليات الغزو والاحتلال، التي قامت بها الولايات المتحدة خلال هذه الفترة الزمنية في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، فضلًا عن عدة حروب بالوكالة في أفريقيا.
وهناك الكثير من الأشياء السيئة، التي يمكن قولها عن الناس في الغرب، الذين يكرسون كميات هائلة من وقتهم وفكرهم، لإعطاء المواعظ ضد بدائية المسلمين وعنفهم.
هؤلاء يعتبرون مثلًا، أن عدم وجود حانات للمثليين جنسيًا في غزة، بدلًا من مستويات العنف الأمريكي وعدوانه ضد العالم، هو المقياس الأهم للحكم على مجتمع ما. وهو ما يعكس هوسهم في سبيل تشويه صورة المسلمين، في نفس الوقت بالضبط، الذي تقوم فيه حكوماتهم بشن حرب لا تنتهي أبدًا على بلاد المسلمين، وعلى مجتمعات المسلمين المهمشة في الغرب.
ومن خلال توظيف تكتيك تعريف التعصب، يحب هؤلاء تسليط الضوء على أسوأ سلوكيات بعض الأفراد المسلمين، كوسيلة لتعميم هذه السلوكيات على المجموعة ككل، في حين يتجاهلون (وغالبًا صراحة) أسوأ سلوكيات الأفراد اليهود، أو المجموعات الخاصة بهم.
وبالمثل، يقوم هؤلاء بالاستشهاد بالتعاليم الأكثر تطرفًا من الإسلام، بينما يتجاهلون تلك التعاليم الموجودة في اليهودية؛ وهذا لأنه، وكما قالت رولا جبريل الأسبوع الماضي لبيل ماهر، إذا ما كان لدى هؤلاء من الشجاعة ما يكفي ليقولوا عن اليهود ما يقولونه عن المسلمين، فإنهم سوف يطردون من أعمالهم.
ولكن، ومن بين جميع هذه النقاط المختلفة فيما يخص هذه الفئة من الناس، هناك نقطة هي الأكثر إثارة للدهشة دائمًا، وهي أن هؤلاء الناس أنفسهم الذين يحبون التنديد بعنف الإسلام، يعيشون في البلدان التي تطلق العنان للعنف، من خلال قصف وغزو واحتلال دول أخرى، بطريقة تتجاوز إلى حد كبير، العنف الذي تمارسه أي مجموعة أو دولة أخرى في العالم. هذه هي الحقيقة.

ديفيد هيرست : بإمكان السيسي أن يماطل ولكن ليس بإمكانه إخفاء جرائمه

استمع إلى ما قاله الجنرال المصري حول مخاطر مواجهة التمرد في سيناء:
"انت مش متصور وانت ضابط جيش إني بمنتهى البساطة يعني آجي على رفح أو الشيخ زويد أروح محاصرها، ومطلع السكان منها، وأروح مفجر المباني الموجودة فيها؟، مشكلة احنا نعمل كدة؟ مش حنقتل حد ولا حاجة، رفح والشيخ زويد حنعمل الحصار، نخرج السكان الـ 100 بيت دول، ممكن نعمل كدة حد ضرب نار نطلع قدام النار دي ميت نار، مات اثنين ثلاثة أبرياء، انت في الآخر بتشكل عدو ضدك وضد بلدك؛ لإنه بقى في ثار بينك وبينه. بتشكل أمن بالتواجد مش بالقتال، خلي بالك الكلام دا بنقولوا احنا مع بعض كده. في التواجد مش في القتال، ما هي دبابة واحدة ورشاش واحد قادر يعمل لك حاجات كثير، بس دول في الآخر أهلك وناسك، ولازم نستدعي حالة انفصال الجنوب في السودان".
كلمات حكيمة قالها السيسي عندما كان وزيرا للدفاع تحت حكم محمد مرسي، وهي تصف ما يفعله اليوم تماما، وقد وظف بوتين نفس التكتيك في الشيشان، وحصلت النتائج ذاتها وزاد التمرد، وبعد حربين وعقدين من هذا التكتيك، لا تزال الحرب مستمرة في شمال القوقاز. 
وكرد فعل على الهجمات التي قام بها متطرفون، والتي ذهب ضحيتها 31 جنديا مصريا في سيناء في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، أمر السيسي بهدم 800 منزل على حدود غزة، وأعطى المواطنين مهلة 48 ساعة للإخلاء، وشرد حوالي عشرة آلاف شخص في شمال سيناء؛ بسبب عمليات الجيش هذه. 
في شهر نيسان/ أبريل الماضي نشر موقع "ميدل إيست آي" تقديرات محلية بمقتل ثلاثمئة شخص على مدى الثمانية أشهر السابقة، معظمهم من المدنيين، بينما ذكرت الصحيفة المصرية "أصوات مصرية" أن 82 قتلوا، منهم 62 من قوات الأمن و20 مدنيا، بناء على بيانات صحافية صادرة عن الجيش في شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر فقط، وهذا يصل إلى أربعة أضعاف الشهرين السابقين لذلك.
وقد وثّق الجيش المصري، دون قصد، لإعدامين قام بهما، حيث نشر صورا لجثتي أحمد عبدالقادر فريج، البالغ من العمر (18 عاما) من قرية المهدية، والمؤذن يوسف عتيق من نفس القرية، ولم يكن الجيش يعلم أن الشخصين ظهرا في فيديو، وهما أحياء يتم تعذيبهما. 
تدعم الولايات المتحدة النظام المصري، ويتحدث مسؤولوها حول أهمية إبقاء المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية خالية من الجهاديين، ولا يذكرون أهمية الدور الذي تلعبه مصر بالنسبة لهم ولإسرائيل في إبقاء الحصار على غزة.
والحاجة لدعم جهود محاربة المتمردين كانت بمثابة المبرر لجون كيري لرفع العقوبات العسكرية، التي فرضتها أميركا بعد مذبحة رابعة. والعمليات الآن في ذروتها، والتأييد لا يتمثل فقط في طائرات الأباتشي، ولكن بالدعم المعنوي أيضا.
وبحسب مجلة "جينز انتلجسن ريفيو" لم يتم التأكد من وجود علاقة أو عدمها بين حماس في غزة وأنصار بيت المقدس، المتطرفين التكفيريين، الذين تسببوا بمقتل حوالي 85 جنديا مصريا، ومع هذا قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي إن من حق مصر أن تحتفظ بمنطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة؛ لتعزيز أمنها: "بالتأكيد نعتقد بأن لمصر الحق في اتخاذ خطوات للحفاظ على أمنها، ونحن نتفهم الخطر الذي تواجهه من سيناء". أما محكمة الجنايات الدولية فهي غافلة عن قضية مصر. 
وهذا لا يدع سوى منتدى واحد يمكن التحدث فيه عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وكان في جلسة لمدة يوم في جنيف يوم الأربعاء. 
وسيتم هذا تحت آلية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي ينعقد مرة كل 4 سنوات، وقبل أن تبدأ جلسة الاستماع فإن احتمال صدور ما يدين القائمة المتنامية من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ضئيل، حيث أن المراجعة ستقوم بها ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة، وكلها على علاقة وثيقة بنظام السيسي. 
فالسعودية هي ممولة مصر ما بعد الانقلاب، ودولة مونتيغرو حظيت بمليارات الدولارات كاستثمارات من الإمارات، أنشط بلدان الخليج في محاربة ثورات الربيع العربي، وساحل العاج، التي لعبت دورا رئيسيا في إعادة العضوية لمصر في الاتحاد الأفريقي. 
ومع هذا فبإمكان الـ 47 بلدا الأخرى التعليق خلال المراجعة، وتستطيع مفوضية حقوق الإنسان في هذه الحالة أن تضع قرارا للتصويت أمام جميع الأعضاء، وذلك لإنشاء لجنة تحقيق، كما حصل في حالة سوريا وشمال كوريا وفلسطين. 
إن المفوضية جسم من الأمم المتحدة، لكن ليست له أنياب، ومع هذا فإن السيسي يأخذ موضوع المراجعة هذا بجدية؛ لأنه يمكن أن يتسبب له بسمعة سيئة على مستوى العالم. 
وبحسب تقرير أعده محامون يمثلون حزب الحرية والعدالة، التابع للإخوان المسلمين، فعريضة الحكومة المصرية لا تذكر الحوادث التي "فوضت بارتكاب جرائم واسعة ومنظمة ضد المدنيين المصريين، والتي تتضمن القتل والاعتقال الجماعي والتعذيب. 
ولم تأخذ مصر بعين الاعتبار أن هذه الحوادث قد انتهكت مباشرة حقوق المواطنين بالتظاهر سلميا والكرامة، باعتبارهما حقوقا لكل المواطنين، ومن الواجب على الدولة تأمينها"، والتي يؤكد تقرير النظام العسكري أنها حقوق مضمونة لكل المواطنين.
والقائمة معروفة، ولكن يجدر ذكرها مرة أخرى لطولها وتضم: تفريق التظاهرات خارج مقرات الحرس الجمهوري في القاهرة في 8 تموز/ يوليو 2013، والتي قتل فيها 61 متظاهرا، وقتل 81 شخصا في 27 تموز/ يوليو، 121 شخصا قتلوا في 16 آب/ أغسطس، وفي مسجد رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس قتل ما يقارب الـ 1000 شخص، وهو الحادث الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، الذي قتل فيه أشخاص بطريقة ظالمة. و57 متظاهرا قتلوا في تشرين الأول/ أكتوبر، 64 شخصا قتلوا في 25 كانون الثاني/ يناير هذا العام، والقائمة طويلة.
وهناك أيضا عمليات اعتقالات، ويتراوح العدد فيها بين 16.000 -41.000 شخص، وقامت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"أمنستي" بجمع وتوثيق أدلة دامغة عن التعذيب في السجون، وكذلك توثيق الفشل في اتباع الإجراءات القانونية، الذي نتجت عنه أحكام جماعية بالإعدام، فمحاكمة 545 شخصا انتهت في أقل من ساعة. وهذه الأحكام ليست أرقاما قليلة، ففي أقل من سبعة أشهر صدرت أحكام بإعدام 1243 في محاكم "انتهكت بشكل صارخ كل الضمانات التي يمنحها القانون المصري وتعهدات مصر الدولية بتوفير محاكم عادلة"، حسب تقرير المحامين.
وهناك أيضا قمع الدولة للصحافيين، وقانون التظاهر. وقام الجيش بانتهاك حريات، ضمنها الدستور المصري، وبشكل صارخ، مثل حرية الانتماء للأحزاب، وحرية التعبير وحرية الصحافة. وفي الحقيقة نحتاج ليوم كامل لقراءة عريضة الاتهامات.
كل هذا غاب عن اهتمام القانون الدولي، باستثناء موقف واحد ومشرف، ونعني هنا المنظمة الأفريقية لحقوق الناس والشعوب، والتي شجبت في 29 تموز/ يوليو هذا العام "الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان مثل التحرش والاعتقالات التعسفية والحجز والعنف الجنسي ضد المرأة، وممارسات التعذيب". 
وتعتبر جنوب أفريقيا واحدة من الدول القليلة، التي لم تمنح حصانة من الاعتقال لمن يدخلون أراضيها من أعضاء الحكومات الأجنبية.
ولا تزال السياسة الأميركية، والتي يتبعها الاتحاد الأوروبي، تجاه مصر تقوم على الشجب البلاغي من جهة، ومواصلة التعاون من جهة أخرى؛ دعم عسكري، فتح المؤسسات المالية والأسواق الغربية لمصر، ومنح حصانة قانونية في كل المحاكم، سواء كانت وطنية أو دولية. وتعتمد الحكومات الغربية في تبنيها هذه المواقف على ما يعاني منه الرأي العام الغربي، وهو "داء فقدان الاهتمام"، والذي لديه قابلية للعودة للحياة عندما يتعلق الأمر بإعادة كتابة تاريخ هذه الأحداث المريعة. وصدى خافت من هذا سيبدأ يوم الأربعاء في جنيف.
*عن هافنغتون بوست