الوظيفة العامة ليست وسيلة لتأمين مستقبل العائلة على حساب الفقراء… ورفع راتب الرئيس يثير غضب الكثيرين
القدس العربي - حسام عبد البصير:
MAY 23, 2014
القاهرة ـ ‘القدس العربي’
بحلول فترة الصمت الانتخابي استردت مصر كثيراً من هدوئها، وإن لم تستمد بعد عقلها الحائر بين متنازعين على سدة الرئاسة، وفصيل يرفض ان يترك الشوارع حتى يعود الرئيس المعزول لسدة الحكم. أيام قلائل ويظهر الرئيس الذي لازال اسمه في الغيب.. هو الرئيس الذي تراهن عليه الجماهير التي عاشت سنوات تنتظر الليل ان يتبدد والفقر ان يذهب الى غير رجعة، لكن سوء الطالع يشير إلى ان هذه الجماهير مقدر لها ان تنتظر لفترات طويلة مقبلة قبل ان يأتى الفرج، فالمــــرشح الرئاسي الاوفر حظاً يردد في كل مناسبة، بشجاعة يحسد عليها، انه لا يملك عصا نبي الله موسى كي يحيل الصحراء الى جنات، او يضرب بها الارض فتنفجر آبار النفط. وانه لا يملك سوى العمل، اما الوعود البراقة فلا يملك ادواتها في الوقت الراهن. فيما يتعهد منافسه حمدين صباحي بانجازات سريعة يشعر بها الفقراء والمساكين وعابري السبيل فور وصوله قصر الاتحادية. وبعد اسابيع شهدتها البلاد من الضجيج الاعلامي يحل على المصريين الهدوء لعلها فرصة مناسبة لتحسس موضع اقدامهم والتفكير ملياً في الشخص الانسب ليمنحوه اصواتهم، وان كانت صور المشير عبد الفتاح السيسي لا تعطي لاحد فرصة في التفكير، فعشاقه ومنافقوه ايضاً لم يتركوا حارة ولا شارعا ولا ميدانا الا وامطروه بصور الرجل، فيما يبدو حال صباحي كحال فقير متيم بفتاة من طبقة النبلاء لا يملك ان يشتري لاسرتها علبة حلوى وهو ذاهب لطلب يدها من العائلة. وان كان الصمت الانتخابي قد حل إلا أن اصوات انصار السيسي في الصحف والفضائيات لم تخمد بعد فلازال ضجيجها مستمرا حتى إشعار آخر، لذا لم يكن من الغريب ان تواصل صحف امس حشد الجماهير لعدم مقاطعة الانتخابات، وهو الامر الذي يتخوف منه كلا المرشحين.
مرسي لا زال أكبر
تهديد يواجه السيسي
ونبدأ رحلتنا مع جريدة ‘المصريون’ التي يرى رئيس تحريرها جمال سلطان ان العقبة التي تواجه المرشح الاوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية عبد الفتاح السيسي، ليس حمدين صباحي منافسه الوحيد: ‘التحدي الذي يواجهه السيسي لا يتعلق بالفوز على حمدين صباحي في جوهر الأمر، وإنما بالفوز على محمد مرسي، فإن السيسي يمكنه الفوز بأي فارق من الأصوات ويصبح رئيسا للجمهورية، ولكن تبقى شرعيته مشروخة وضعيفة وربما غير أخلاقية إذا حصل على أصوات أقل من التي حصل عليها محمد مرسي في انتخابات الرئاسة 2012، لأن العملية التي قام بها السيسي للإطاحة بمرسي قدمها باعتبارها إرادة شعبية واستجابة للملايين الذين طلبوا منه ذلك، وهذا يفترض معه أن الملايين التي تؤيد السيسي هي أكبر من الملايين التي كانت تؤيد مرسي، فلا يمكن أن تفوز بستة ملايين صوت أو عشرة ملايين ثم تدافع عن ازاحتك لرئيس حصل على ضعف الأصوات التي حصلت عليها أو أكبر منها بعدة ملايين، بدعوى الجماهير والإرادة الشعبية، وهذا هو وجه المعاناة والقلق الحقيقي الذي يقض مضاجع معسكر المشير السيسي، إنها مسألة حياة أو موت، شرعية أو لا شرعية، أن يحصل على أكثر من أربعة عشر مليون صوت انتخابي على الأقل، ولذلك نسمع كل هذا الصراخ، رغم ضعف المنافسة الفعلية والحصار الذي يعانيه صباحي والإجماع على أن فرصته ضعيفة، ولكنها ليست مستحيلة، ولعله لذلك، ورغم حساسية الأمر، اضطر البابا تواضروس، أبرز داعمي المشير السيسي إلى أن يطالب الأقباط في عظته قبل أيام بضرورة تكثيف وجودهم في الانتخابات وحذرهم من الكسل، منبها إلى أن الأمور ستكون خطيرة، حسب قوله، وهو مؤشر جديد على القلق المتزايد في معسكر السيسي’.
الإصلاح بين المتنازعين واجب شرعي
اتسعت الهوة بين الاخوان وخصومهم فما هو موقف الشرع من هذا التناحر؟ هذا ما يتعرض له الشيخ عبود الزمر في ‘المصريون’: ‘الخلاف شر، والتمادي فيه زيادة في الشر، وغلق أبواب الخلاف من الواجبات لأن دفع الشقاق يحمي روابط الأخوة بين الناس، ويحفظ سلامتهم. ألم تروا أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من فساد ذات البين، ووصفها بأنها الحالقة، وأكد أنها لا تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين. والحاصل أن اختلاف الناس وتردي العلاقات في ما بينهم قد يدفع إلى الرمي بالباطل والكذب والبهتان، بل إلى إراقة الدماء وكل هذا يصيب دين المرء في مقتل… الخلاف قرين التنازع، فمتى دب الخلاف في الرأي على نحو متضاد ولم يقبل أحد فيه الآخر، فإنه نذير التنازع المفضي إلى الفشل، قال تعالى ‘ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين’. والإنسان منا مطالب بالسعي لإنهاء حالة الخصومة والخلافات مع إخوانه حتى ان بعض العلماء قال ‘لا تجعل بينك وبين أخيك قاضياً بل اجعل حكمه رضاه’. والمقصود أن يسترضيه بأي صورة، ولقد أوصى بعض أهل العلم بالالتفاف حول المتفق عليه من الأمور وعدم تعظيم نقاط الخلاف، فلقد ذكر أهل العلم أن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم كانوا يتناظرون في المسائل الخلافية في ما بينهم وصولاً إلى الحق مع بقاء الألفة، ولم يرم أحداً منهم الآخر بكفر ولا فسق ولا بدعة. ان من عظمة التشريع الإسلامي أنه يُسوّغ لنا عند الاختلاف ـ مثلاً ـ تقديم الأسوس للناس على الاكفأ، وتقديم المفضول على من هو أفضل منه، درءاً للشقاق ورفعاً للخلاف وهي قواعد معتبره ينبغي ألا تغيب عن أذهاننا عند النظر في أمور حياتنا’.
شكر واجب للرئيس المؤقت
بدأ العد التنازلي لرحيل الرئيس المؤقت عدلي منصور عن قصر الرئاسة، وهو ما دفع فاروق جويدة في ‘الاهرام’ لارسال برقية شكر له على ما قام به خلال فترة رئاسته: ‘هذا الرجل يستحق من كل مصري كلمة وفاء وعرفان وهو يمضى تاركا موقعه الذي لم يحلم به يوما ولم يسع إليه، بل هي الأقدار التي حملته في لحظة تاريخية صعبة وقاسية لأن يحمل لقب رئيس جمهورية مصر. هذا الرجل يستحق ان نقول له شكرا أيها المستشار الجليل وأنت تعود الى عالمك الذي أحببت، وطريقك الذي اخترت، وقد زدت قصر الرئاسة جلالا وتواضعا ونبلا.. اتحدث عن المستشار الجليل عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت، وقد أوشك أن يجمع أوراقه تاركا قصر الرئاسة، بعد أن ادى دوره بكل الصدق والوفاء والتجرد لهذا الوطن، في لحظة هي الأصعب في تاريخ مصر الحديث.. هذا هو النموذج الوطني الرفيع الذي قدمه المستشار عدلي منصور وضرب للمصريين فيه مثلا، وقدم لهم صورة فريدة في الوطنية والولاء.. منصور خرج من منصبه المؤقت حاملا معه صفحات مضيئة سطرها في شهور قليلة، وعمر المرء ليس بالسنين والأيام ولكن بما يتركه من أثر وقيمة، ولا شك أن المستشار عدلي منصور اضاف لمنصب الرئاسة الكثير، وترك للمصريين ذكرى رجل نبيل تحمل المسؤولية بشرف، وادى دورا كبيرا في حماية وطن يعيش مأساة الانقسام’ .
لماذا لم يسر السيسي على درب هتلر؟
تعرض المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي لبعض الانتقادات لانه تجاهل التلفزيون المصري الناطق بلسان الشعب ولم يفرد له حواراً، كما فعل مع الفضائيات الخاصة، وهو ما تشير اليه سامية ابو النصر في ‘الاهرام’:’ان هذا الجهاز هو الذي يعمل لمصلحة الوطن فقط، من دون أي حسابات أو مصالح او تدخل لرأس المال فهذا الجهاز يعمل من رأس المال الوطني الذي يأتي من دافعي الضرائب، أي الشعب المصري العظيم الذي يثبت كل يوم القدرة على تحقيق المعجزة.. كما لا يعجبني أن المشير عندما قابل الاعلاميين لم يختر الا مذيعي القنوات الفضائية، باستثناء الاعلامية صفاء حجازي رئيسة قطاع الاخبار.. واننى أتساءل أين بقية الاعلاميين وما أكثرهم العاملين في هذا المبنى المهم.. يا سيادة المشير قال رئيس وزراء هتلر، الاعلام يستطيع أن يبني أمة أو يهدم أمة.. نريد أن نعطي الحافز والدافع للاعلاميين في هذا الجهاز لبناء الوطن بدلا من مهاجمته وعدم تطوير أدائه، خاصة في ظل الحرب الاعلامية التي تشن ضد مصر. ابتعد عن قنوات الفتنة والتصارع وسياسة فرق تسد التي ينصبها لنا الأعداء. كما لنا أن نتذكر معادلة كلاين التي تقول ان قوة الدولة الشاملة = القوة العسكرية + القوة الاقتصادية + القوة السياسية، مضروبة في القوة المعنوية، أي أن القوة المعنوية متمثلة في الاعلام والأفلام والكتب، ولذلك لو ان القوة المعنوية صفر ستكون قوة الدولة كلها صفر.. من هنا أطالب المشير السيسي بالتوجه لتلفزيون الدولة والاستفادة من جميع الكوادر الإعلامية الموجودة فيه.. كما أطالب الشعب بالنزول للمشاركة في الانتخابات الرئاسية لأن المقاطعة تعني المقاطعة للوطن’.
بعد الضجيج مصر تسترد هدوءها مؤقتاً
اخيراً دخلت البلاد صمتها الاجباري قبل يومين من بدء الانتخابات الرئاسية في الداخل، وهو ما اعتبره عمرو خفاجي في ‘الشروق’ فرصة لتأمل سير المعركة الانتخابية: ‘قبل آخر الكلام كان هناك كلام استمر لعشرين يوما لم نسمع فيه كلاما مختلفا ولم نسمع عنه كلاما مختلفا أيضا، رغم أن الحدث كبير، انتخاب رئيس بعد عزل رئيس منتخب، يبدو كل شيء تقليديا، ومعتادا، وكأن الجميع عاش هذه الحالة مرارا وتكرارا، حتى نتائج المصريين في الخارج، لم تغير الكلام ولم تبدله، لذا يبدو أن آخر الكلام سيكون مثل أوله، وألا نتوقع جديدا في اليوم الأخير المسموح فيه بالدعاية، قبل الصمت الإجباري الذي يبدأ منتصف ليل اليوم (الجمعة)، في مقابل ذلك، وعلى هامش كلام المرشحين، يظهر كلام لبعض فئات الناخبين، تكشف عن تغير واضح في الأمزجة السياسية التي كانت قائمة وقت الانتخابات الماضية، فلم يعد هناك من يعصر الليمون، ولم يعد هناك من يعتقد أنه يدعم الماضي، وتوارى تماما الذين كانوا يعتقدون أن الانتخابات من أبواب الجهاد في سبيل الله، واكتشفنا أن الموجود يبحث عن مصر أخرى مختلفة، ورئيس يعمل على تنفيذ ذلك، ويدعمه ولا يحيد عنه، حتى لو كان يتكلم بشكل تقليدي، أو أن كلامه ليس بجديد، فالغالبية في انتظار الأفعال. كلام المرشحين، لم يكن حاسما في تقديم تفسيراتهما عن عزل الرئيس المنتخب، وعن عوار سنة حكمه، كما لم يحدثانا عن تعهدهما بعدم تكرار ما كان قائما في زمن ما قبل يناير/كانون الثاني، أو ما قبل يونيو/حزيران، وطبعا ما بينهما، عشنا عشرين يوما مع كلام عن الفقر والفقراء، ولم نسمع عن آليات تنفيذ ذلك أو برنامج تحقيقه، لكن فهمنا أن الجميع دوما في حاجة لأصوات الفقراء، ولمحاباة الفقراء، والتحدث باسمهم، فهذه ضرورات السياسة في الدول التي تعتقد أنها مخلصة لشعوبها’.
بعد 30 يونيو الديمقراطية في إجازة
ولا يمكن بأي حال ان نترك جريدة ‘الشروق’ قبل ان نعرج لما تطرق له عضو البرلمان السابق مصطفى النجار بشأن ازمة المسار الديمقراطي الذي كانت تتوق البلاد اليه بعد ثورتين متعاقبتين: ‘الانتكاسة التي منيت بها الديمقراطية في مصر خلال الفترة الماضية كانت مهمة للغاية لفرز كثير من شخوص الصف المدني الذي يرفع شعارات الديمقراطية، ويقدم نفسه كمناصر لليبرالية ومدافع عن قيمها النظرية، بينما سقط بامتياز في لحظات المواجهة الحقيقية لينضم للصف المعادي للديمقراطية بشكل مباشر، أو عبر التبرير أو الصمت أو مهاجمة المدافعين عن الديمقراطية وتخوينهم والمشاركة في حملات تشويههم.. كشفت غبار المعركة الحالية عن أسطورة وجود تيار ليبرالي في مصر، واكتشفنا أن الأمر لا يعدو وجود بعض الأشخاص القلائل المؤمنين بالديمقراطية والمخلصين لمبادئ الليبرالية الحقة، وسط جمع كبير تمسح فيها وقدم نفسه على أنه حاميها، بينما هو في الحقيقة ساهم في هدمها ودعم ما يقلص فرص تعزيزها. من البديهي حين نتحدث عن التيار الديمقراطي يجب التأكيد على أننا لا نقصره على المنتمين للمدرسة الليبرالية فقط، لأن البعض يصنع افتراضا خاطئا بحصر الديمقراطية في الليبرالية ونزعها عمن سواها، وهذا اجتراء غير منطقي، لأن مفهوم الديمقراطية أوسع بكثير من الانتماءات الأيديولوجية الضيقة، سواء كانت ليبرالية أو يسارية أو دينية أو قومية أو غيرها. الديمقراطية ليست عدة إجراءات وليست صناديق انتخابات فقط، فهي أعمق من ذلك بكثير، لذلك فتقريب المفهوم وتوحيده بالقدر المستطاع بين أنصار الديمقراطية هو الخطوة الأولى للتأسيس، خاصة بعد حالة الخلط المتعمد والتدليس على الشعوب بأنها تعيش في ديمقراطية، بينما الحقيقة أنها أبعد ما تكون عنها’.
حزب النور لا يجد من يصدقه
يعيش حزب النور ذو الخلفية السلفية حالة من الارتباك تهدد مستقبله، بعدما فقد الكثير من شعبيته إثر لفظ كافة اطياف التيارات الاسلامية له، ومعها انصار ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران. وها هو حمدي رزق في ‘المصري اليوم’ يلقي عليه مزيداً من الهجوم: ‘على طريقة أغنية ‘اخترناه.. اخترناه’، دشن الشاب خالد زيدان، منشد حزب النور السلفي الأغنية (أعلاه)، ولكن على الطريقة السلفية، تحت عنوان ملغز ‘حراس صاحيين’، وتتخلله جملة انتخابية فاقعة: ‘النجمة رمزنا واخترناه’، الفيديو الذي يحمل شعار حزب النور يخلو تماما من الموسيقى، ويحتل مساحة في الفضاء الإلكتروني. معلوم ان الموسيقى مختلف على جوازها سلفيًا، لكن الرياء السياسي متفق عليه، جائز على مذهب ابن برهامي لفيديو صاخب يحظى بمباركة شيوخ الحزب. حزب النور زايد على الكل، أكاد أشك في نفسي لأني أشك في تأييد حزب النور، كان بالأمس مرسياً (نسبة إلى مرسي)، صار اليوم سيسياً (نسبة إلى السيسي)، مع الفارق لصالح الأخير وطنياً. لا أعرف سر غرام الحزب بالمشير، السيسي سره باتع، ساحر للسلفيين على شال أخضر حرير في حرير. بين شيوخ الحزب والسيسي مودة ورحمة، وكما جاء في الأثر، وقد يجمع العداء للإخوان الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا، السيسي والحزب.عفواً، قبل التهليل والتكبير للنشيد وبلع الطعم أعلاه، و’النجمة رمزنا واخترناه’، فلنسمع جيدا هذه الجملة الواردة نصا في نشيد الحزب: ‘أملنا وإحنا في حزب النور، نسعد وطن وننور دور، برحمة، حب ولين وسرور، على الحدود حراس صاحيين’.. طبعا الحزب لا يقصد البتة الحدود الشرقية، يقصد الحدود الشرعية.. يقيني الذي لا يتزعزع، اتنين مالهمش أمان.. السلفيين والإخوان، على الأقل هذا ما أعتقد، وجهان لعملة واحدة، حلفاء رابعة’.
زيادة راتب الرئيس لا تتناسب
مع بلد غالبيته من الجوعى
والى معركة اخرى يقودها هذه المرة في ‘المصري اليوم’ نجاد البرعي بسبب قرار زيادة راتب رئيس الجمهورية: ‘أصدر رئيس الجمهورية المؤقت قرارا بقانون نص فيه على تعديل مرتب رئيس الجمهورية الشهري من أربعة وعشرين ألف جنيه إلى اثنين وأربعين ألف جنيه. بما في ذلك بدل التمثيل. يمكن معرفة مرتب أي موظف حكومي كبير بما في ذلك الرئيس، ولكن لا يمكن معرفة قيمة دخله من أعمال الوظيفة العامة. الدخل هنا يشمل إلى جانب المرتب بدلات حضور اللجان وبدلات السفر وبدلات المخاطر والدخل من الصناديق الخاصة وغيره، من المصادر المتعددة التي تؤدي إلى أن يكون دخل أي موظف كبير من الوظيفة أعلى من مرتبه بكثير. ويرى البرعي ان الكثيرين يغيرون ولاءاتهم، من أجل الفوز بالمنصب ولو لبعض الوقت؛ ينفق أعضاء البرلمان الملايين على حملات انتخابية من اجل الفوز بشرف العضوية فيه. أنفق المشير المتقاعد عبد الفتاح السيسي حتى اللحظة، وفقا لحملته – اثني عشر مليون جنيه. السيسي نفسه كان موظفا عاما لا نعرف معلومات عن قيمة ما كان يتقاضاه من مرتبات وبدلات ومكافآت. ببساطة لو أراد رئيس الجمهورية القادم من المصريين أن يعملوا معه، عليه أن يصدر قانونا من مادة واحدة تقول ‘لا يجوز لأي موظف بالحكومة أو مكلف بخدمة عامة أو يعمل بأي هيئة أو مشروع تشارك فيه الحكومة أن يحصل على دخل مادي أو امتيازات عينية من أعمال الوظيفة أو الخدمة العامة يزيد على 42 ألف جنيه. يجب أن نتوقف عن شرعنة المال العام. الوظيفة العامة خدمة وليست وسيلة لتأمين مستقبل الأبناء والأحفاد على حساب الفقراء. هذا أفضل بكثير من توزيع اللمبات الموفرة على المواطنين؛ لو توقف الفساد سيتمكن الناس من شراء تلك اللمبات بأموالهم’.
السيسي تعالى على الجماهير
ولن يلبي طموحات الفقراء
والى اشد انتقاد ضد السيسي من المفكر البارز نادر فرجاني في ‘الوطن’: ‘الفائز، في شخص الرئيس القادم، يبدو محسوماً. واضح أنه أنصت إلى نصح كهنة الاستبداد، ولم يقدم برنامجاً محدداً للشعب لكي ينتخبه على أساسه، ويمكن أن يحاسبه في ما بعد على مدى النجاح في تنفيذه. ومع ذلك، فقد توافر شتات متناثر عن ملامح برنامج طموح، ولكنه مغرق في النمط التقليدي السابق تبيان فشله. في النهاية، ليس مشروع نهضة وإنما مجموعة مشروعات إنشائية وضعها مهندسون تنفيذيون من القوات المسلحة، على ما يبدو. هي صحيح طموحة ولكنها ‘فكر’ مهندسين ورجال أعمال، تحديداً هم مقاولون تقليديون لا يهمهم إلا توافر التمويل لتشغيل المعدات والبشر في التشييد، في استمرار للذهنية الاقتصادية التي بدأها النظام الذي قامت الثورة الشعبية لإسقاطه، وما زالت تحكم مصر. فليس من أدنى اهتمام بالبحث العلمي والتطوير التقني مثلاً، وهو مدخل مصر الأوسع لنهضة حقيقية. ‘نتكلم في مبالغ ضخمة مش أقل من تريليون جنيه’. كان هذا تقدير المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، لاحتياجات مصر من التمويل الاستثماري، في فترة ولايته، حتى يستطيع تنفيذ الكثير من المشاريع، وعلى الرغم من ذلك الموقف المتعالي، فقد توافرت من سيل الترويجات الإعلامية علامات على أي رئيس سيكون إن قُدّر له أن يفوز في الانتخابات المقبلة.
لعل السمة الغالبة على سيل الترويج المحسوب هي الترفُّع عن السياسة، والتعالي على جماهير الناس، فهو يرفض مناظرة منافسه علناً، على الرغم من إلحاح المنافس، وبدلاً من عقد المؤتمرات مع الجماهير كحال المرشحين في جميع أنحاء الدنيا، فهو يستدعي من يروق له موقفهم لحضرته المتسامية في قاعات فخمة نخمّن أنها مملوكة للمؤسسة العسكرية. وفي تذكير باهتمامات رؤوس نظام سعت الثورة الشعبية إلى إسقاطه، عقد لقاءً دعا إليه عدداً كبيراً من العاملين في حقل الرياضة، وليس الرياضيين كما أُعلن، كانت ذروته عقد صلح بين المدعوين مرتضى منصور وشوبير’.
لا مكان للمنافقين
في سدة الرئاسة
لكن ما هي مزايا الصمت الانتخابي الذي تمر به مصر حالياً هذا ما يحدثنا عنه محمد حسن البنا في ‘الاخبار’: ‘في فترة الصمت الانتخابي مزايا عديدة.. على رأسها منح المواطن فرصة لكي يفكر بحرية.. ويتدبر أمره.. ويقرر من سيختاره ليقود مصر في أخطر المراحل التي تمر بها في التاريخ.. الصمت الانتخابي يعني توقف الدعاية لأي مرشح.. ومنع أي تأثيرات على الناخب.. ويحظر نشر أو إذاعة أي دعايات لمرشح.. ولا يجوز أن يخرج علينا نفر من الناس ليقولوا لنا برنامج فلان أفضل من برنامج علان.. لأن مدة الصمت الانتخابي التي تستمر يومي السبت والأحد ملك المواطن.. وليست ملك المرشح.. وعندما تفكر فيمن تختاره ليجلس على كرسي الرئيس.. يجب أن تضع مصر في اعتبارك.. وكما نقول في القوات المسلحة ‘مصر دائما.. مصر أولا’.. هذا شعار نحفظه أجيالا من بعد أجيال.. وعندما كنت ضابطا احتياطيا في نهاية السبعينيات من القرن الماضي كانت من ضمن مهماتي أن أنشر هذا الشعار في ربوع القاعدة التي كنت أخدم فيها.. ومعنى ذلك أنه يجب أن نراعي مصر عند اختيار الرئيس.. أنت تختار رئيسا يستطيع أن يقود المصريين لنهضة بلدهم.. رئيسا لا يهاب الموت.. رئيسا فدائيا.. لأن المهمة صعبة.. بل شبه مستحيلة..’.
حمدين والسيسي
وجهان لعملة واحدة
ولا يمكن بأي حال ان ننهي جولتنا الصحافيه من غير ان ننتبه لذلك الهجوم على المرشحين الرئاسيين ويشنه سيد امين في جريدة ‘الشعب’: السيسي وحمدين .. وجهان لحكم العسكر.. وقد يتساءل احدنا أنه من البديهي أن يكون السيسي وجها من أوجه حكم العسكر، وأن خلعه بزته العسكرية لا تعنى انه صار مرشحا مدنيا، بينما كل أجهزة الدولة وعلى رأسها الجيش يقفان خلفه. ولكن ماذا عن حمدين وهو شخص مدني كان ممن ينتمون للمعارضة؟ في الحقيقة أن حمدين صباحي يمتلك مميزات هائلة ترشحه ليرتدي بذلة رئيس جمهورية مصر العربية، ولكن بالمواصفات الأمريكية .. أول هذه المميزات أن الأمريكان الذين دائما يعتمدون على التحالف مع العسكر في مصر يحاولون تحسين هذا التحــــالف، مجاراة للديمقراطية الغربية وخجلا منها بأن يكون رأس هذا النظام شخصا مدنيا غير محسوب على العسكر.. هل يتخــــيل أحدكم أن يأتي مرشح رئاسي يقول انه ناصري النزعة لينافس مرشحا رئاسيا آخر يشبهه عبيده بأنه ليـــس ناصــريا فحسب بل عبد الناصر نفسه – مع ان هذا المرشح لم يذكر عبد الناصر بحرف واحــد ولم يفعــــل اي شيء مما كان يفعله إلا عيوبه دون ميزاته، ثم نجد ان كلا منهــــما أي هذا الناصري وعبد الناصر الجديد، لا يفوتون فرصة واحدة إلا ويتوعدون بقطع ايادي وأرجل وألسنة حماس .. ولم ينطق واحد منهما بكلمة واحدة ضد إسرائيل. اللافت انه ومنافسه يتفنان في اســـتفزاز قطاع ضخم للغاية من الشعب من معارضي الانقلاب العسكري، أو هؤلاء الرافضين للمسلك الاستبدادي للســـــلطة العسكرية الآن، التي ستحكم مستقبلا إن قدر لهذا الانقلاب النجاح.. وان كلا منهما يصر على التحدث باسم الشعب والفقراء.. مع ان الفقراء هم من يقتـــلون في الشوارع من دون مصمصة الشفاه من الكومبارس او وخزة خجل عند المشير’.
الرئيس القادم بلا سلطة
البعض يرى ان الرئيس الذي لازال اسمه في علم الغيب لا يمتلك اي صلاحيات تجعل منه صاحب سلطه مستبدة، وهو ما يشير اليه ابراهيم عيسى في صحيفة ‘التحرير’:’الرئيس القادم مقيَّد بدستور يجعله يُدير لا يَحكُم قطعًا، دور الرئيس في منتهى الأهمية، وهو قائد البلاد، لكن ليس محرِّكها الوحيد (ولا الأول) مثلا في تشكيل الحكومة طبقًا للمادة ’146′، يُكلِّف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يُكلِّف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا، عُدّ المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل. وفي جميع الأحوال يجب أن لا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على ستين يومًا. وفي حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، وفي حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل. هذا ما يملكه الرئيس إذن في تشكيل الحكومة، حيث لا شيء إلا بأمر البرلمان وموافقته، حتى اختيار الوزراء الأربعة يتم بالتشاور مع رئيس الحكومة وليس حقًّا نهائيًّا منفردًا، ثُمَّ هناك كذلك المادة ’147′: ‘لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس′.هذا يعني ببساطة أن الرئيس لا يملك لا تعيين الحكومة ولا حتى إقالتها إلا بموافقة’