بقلم آيات عرابي
تلك الجملة الخالدة كم تنطبق على مصر الآن بعد قيام المعين الذي يخطيء المصريون في إسمه ألف مرة في الدقيقة, بترقية قائد الإنقلاب إلي رتبة مشير
وعد بلفور .... من لا يملك اعطى من لا يملك ولا يستحق. تلك الجملة الخالدة كم تنطبق على مصر الآن بعد قيام الرئيس المؤقت الذي يخطيء المصريون في إسمه ألف مرة في الدقيقة, بترقية مدبر الإنقلاب الذي يعتبره الببلاوي وسيماً إلى رتبة المشير وهي رتبة لا تعطى إلا لمن خاض حرباً وحقق فيها إنجازاً فلم تعطى في بريطانيا إلا لمونتجومري ولم تمنح في ألمانيا إلا لروميل ولم يعطها ستالين في روسيا إلا لجوكوف الذي هزم الألمان في أكثر من معركة, في مصر بلد الأعاجيب يقتل الشباب العشريني الواعد الثوري في الشوارع, بينما يمنح الببلاوي الذي استشهد في معركة قادش لقب (( وسيم أول )) في منتدى دافوس ويجعل من مصر مضحكة, ثم تتصاعد وتيرة العبث ليمنح مجهول الهوية المعين الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً رتبة المشير لمن يقول عنه رفاق السلاح أنه كان يعمل (( عصفورة )) في ديوان وزارة الدفاع وهو اللقب الذي يطلقونه على ضابط الأمن الذي يبلغ رؤساءه بكل صغيرة وكبيرة في الوحدة العسكرية التي يعمل بها وهو المنصب الذي رشحه فيما بعد ليشغل منصب مدير المخابرات ليفشل في توقع ثورة 25 يناير ثم ينقلب على الرئيس المنتخب ليستمر فشله حتى وهو وزير دفاع فتتمكن شبكة أخبار محلية ضعيفة الإمكانات من تسريب حديث صحفي من داخل مكتبه يتحدث فيه عن هلاوسه في إمتلاك ساعة أوميجا وتخاريف من هذا القبيل لا تصدر إلا عن شخص ضحل التفكير والثقافة, أصبح من كان يشتكي أن أحد رؤساءه ينعته بلقب ( ضابط نتن ) في فيديو شهير مسرب له وموجود على اليوتيوب مشيراً بأمر من مجلس جنرالات البزنس الذين لم يخوضوا حرباً سوى في رابعة والنهضة ورمسيس صدر للمجهول المعين.
هؤلاء الجنرالات الذين تملأ فضائح عمولاتهم وصفقاتهم المشبوهة الفضاء الالكتروني ولم ينجحوا في قيادة أي قوات سوى بلطجية الحزب الوطني ظنوا أنهم امتلكوا مصر ففوضوا (( الفتى الأنشوش )) كما سماه أحد العرافين المستأجرين في احدى القنوات, في الترشح للرئاسة, معتمدين على سبعة آلاف من المسجلين خطر والنشالين وعديمي العقل واتباع الحزب الوطني حشروهم حشراً في ميدان التحرير الذي تلوث بتحرشهم ومشروباتهم الكحولية للإيحاء بشعبية غير موجودة, في الوقت الذي كان افضل شباب مصر من جميع التيارات السياسية يقتلون فيه بالرصاص على أعتاب الميدان.
لم اندهش في الواقع من هذين الخبرين بل كنت اتوقعهما, وخصوصاً بعد الحشد غير المسبوق ومن جميع التيارات السياسية في 25 يناير وهو ما بعث برسالة إنذار إلى جنرالات البزنس بالمسارعة في ترتيب أوضاعهم بالإضافة إلى رغبتهم في الغالب في توجيه ضربة معنوية ينشرون بها اليأس بين معارضي الإنقلاب وقبل ليلة من المحاكمة الهزلية للرئيس الشرعي المنتخب للبلاد, في الوقت الذي تعيش مصر فيه عصر اللا دولة حيث تمنع مصر من حضور القمة الأفريقية الأمريكية ومن حضور القمة الأفريقية لأول مرة منذ خمسين عاماً ويختطف الدبلوماسيون المصريون في ليبيا وتضطر إدارة الإنقلاب صاغرة إلى الإستجابة لمطالب الخاطفين والإفراج عن شعبان أبو هدية الليبي والذي قامت شرطة الإنقلاب باختطافه في الاسكندرية واتهمته بتفجير مديرية امن القاهرة, مهمة دحر الإنقلاب العسكري أصبحت أكثر سهولة من الآن, فأراجوز الإنقلاب سيحمل وحده مسؤولية الأمن والإقتصاد المنهار والحريات وكل ما يحدث في مصر من مساخر ولن يجرؤ أحد من المخدوعين أو المكابرين على تسمية ((سهرة 30 سونيا المجيدة )) بالثورة!! وتقديري أن ترشيح مجلس جنرالات البزنس لأراجوزهم الأصلع سيزيد من حجم الرفض الشعبي له ولن تبقى حجة لمؤيد للإنقلاب, للدفاع عنه أو للاستمرار في تسميته بلفظ ( ثورة ), وفي نفس الوقت يبدو بوضوح ان الثورة ماضية في طريقها وأن الشباب الثائر في شوارع مصر بدأ يطور من أساليب اللا عنف متخذاً من سيناريو الثورة الإيرانية منهجاً يطبقه في مصر مع تكييفه حسب الظروف المصرية, بينما أخذ من الثورة الفرنسية حتى الآن طول النفس والصبر على المواجهات وعدم اليأس, وعلى العكس من البعض انتابتني حالة من الفرح العارم, فهاهو (( المشير)) يضع نفسه في مواجهة صريحة لا لبس فيها ولا تأويل مع المصريين, وما أن شاهدت المظاهرات العفوية التي خرجت بعد هذه الأخبار بقليل وهتافاتها المستهينة بذلك الحالم برئاسة مصر على دماء المصريين حتى بدأت ادرك ملامح المشهد بشكل أعمق وأن المصريين يبدو أنهم مصرين على اقتلاع جذور دولة العسكر وأن هذه القرارات الهوجاء صبت المزيد من الوقود على نار الثورة المشتعلة والتي لن تترك مجرماً الا و أحرقته.
المصريون بعد ما يقرب من القرن من وعد بلفور تعلموا كيف يقاومون وتعلموا كيف يتشبثون بالشوارع, بل بلغ الأمر أن قال الأستاذ عمرو عبد الهادي على شاشة الجزيرة منذ قليل أنه يدعو التحالف الوطني لكشف وجهه وأن يدعو للتظاهر وقطع الطرق وغلق المديريات بالجنازير وما إلى ذلك كما كانت تفعل ما تسمى بجبهة الإنقاذ والتي بلغ من تعديها على اختيار الشعب أن بررت القاء المولوتوف على قصر الاتحادية ومحاولة خلع بابه عن طريق بولدوزر, اتضح فيما بعد أنه كان البولدوزر المسروق منذ سنوات من مشروع مترو الأنفاق, فهل سيحتمل الوسيم أول الطامع في رئاسة مصر كل هذا وخصوصاً بعد إطلاق يد الإرهابيين من وزارة الداخلية في قتل الناس في الشوارع بالجيرينوف ؟ وهل سيحتمل من كان يتحدث عن أن أعداد القتلى في سوريا جعلت الثأر في كل بيت ثأر المصريين معه ومع الإرهابيين الذين أطلقهم على المصريين في الشوارع ؟
الأيام القادمة قد تحمل لذلك الذي أراد إذلال المصريين مفاجئات قد لا يتوقعها ...
هي نهايته تقترب سريعاً على ما أرى, فدماء الشهداء لن تذهب هباءاً ورب الأرض والسماء حي لا ينام.