"مصر كانت تتجه نحو حرب أهلية"، كان هذا هو المبرر الذي ساقه الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع للإطاحة بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي، إلا أنه وبعد مضي أكثر من ثلاثة شهور، قالت وكالة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية، إن ما فعله جعل مصر أقرب إلى الحرب الأهلية من ذي قبل.
وأضافت أن استمرار العنف وتساقط المزيد من الضحايا في ظل حالة من الطوارئ وحظر التجوال لا يشبه شيئًا مما يقول السيسي أنه يريده البلاد: المصالحة، والنمو الاقتصادي، والعودة لحكومة مدنية منتخبة. بل أن الحرب الأهلية أصبحت تهديداً حقيقياً اليوم أكثر مما كانت عليه عندما أطاح الجيش بحكم مرسي.
ورأت أن مشكلة السيسي تكمن في أنه لن ينجح إلا إذا نجح الاقتصاد، وهذا النجاح بدوره يتطلب حالة من الاستقرار السياسي، مشيرة إلى أن مليارات الدولارات التي تضخها دول الخليج المؤيدة لقمع جماعة الإخوان المسلمين لن تكون بديلاً.
وقالت إن على السيسي تذكر أن ما أشعل شرارة الربيع العربي كان شعوراً بالظلم والفشل الاقتصادي، وإدراك أن مؤيدي مرسي وجماعته لا يملكون أي حافز للسماح للسيسي بالنجاح فيما فشل فيه مرسي، فهم لن يعودوا لمنازلهم قبل أن يخرج قادتهم من السجون ويصبح لهم دور في العملية السياسية ويطلبوا من أنصارهم مغادرة الشوارع.
وأشارت إلى أن الإخوان المسلمين تعلموا تكتيك زعزعة الاستقرار هذا من النظام المدعوم من قبل الجيش والذي استمرت في إدارة المؤسسات البيروقراطية في البلاد وأجهزة الأمن بعد الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011.
فعلى الرغم من أن مرسي كان رئيسًا سيئًا ـ بحسب وصف الوكالة ـ كونه ركز على إحكام قبضته على السلطة عوضًا عن إصلاح الاقتصاد، إلا أن النظام البيروقراطي القديم فعل كل ما في وسعه لمنعه من إحراز أي تقدم ونتيجة لذلك تعثر الاقتصاد.
وشددت على أنه يجب إقناع السيسي عاجلاً وليس آجلاً أن نسبة 20-30% من الشعب المصري التي تدعم الأحزاب والحركات الإسلامية لا يمكن تهميشها سلمياً، وأنه لن ينجح في سحق جماعة الإخوان المسلمين التي نجت من كل محاولات كسرها منذ نشأتها في عام 1928، وأن حالة عدم الاستقرار التي ستتسبب فيها الحملة ضد الجماعة ستؤدي إلى إحباط أي استثمار أو نمو اقتصادي.
غير أنها ترى أن إقناع السيسي بتغيير مساره لن يكون سهلاً، فنفوذ الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أثبت أنه محدود للغاية في مصر، مما يجعل عبء المهمة يقع على عاتق قادة التيار العلماني في مصر وساسته اللذين لا زالوا يعدمون الجيش في حملة القمع ذات المحصلة الصفرية ضد الإخوان.
وختمت الوكالة، قائلة إن السيسي محقاً في أن تجنب الحرب الأهلية يتفوق على كل المخاوف الأخرى في مصر، إلا أن السؤال لمؤيديه كما هو لمعارضيه هو: "لماذا يعزز هو من فرص الحرب الأهلية؟"