سيد أمين
قد نختلف مع جماعة الإخوان المسلمين
أيديولوجيا ’ قد نرفض أساليبهم فى الإدارة السياسية ’ قد ننتقدهم بشدة على عدم
وضوح برنامجهم الفكري فيما يخص قضية العدالة الاجتماعية والتبعية للخارج ’ قد
نستكثر عليهم أن يكون رئيس البلاد من ضمن حقيبتهم الانتخابية ’ قد نكره فيهم سعيهم
للاستئثار بالحكم - مع ان المتأمل سيجد انهم لم يفعلوا - قد نهاجم فيهم تجاهل
الكفاءات واعتمادهم على شخصيات لا كفاءة لها ولا وزن علمى’ وربما يكونون براء من
تلك التهمة وتداعيات العمل السياسي فرضت عليهم ذلك كنوع من "التكتيك" ’ قد
يكون كل ذلك وهذا ليس عيبا فى حد ذاته بل هو عيب فى أليات الديمقراطية نفسها ’ ولكن
ينبغي ان يبقي احترام الطرفين للديمقراطية ثابتا ’ بمعنى ان نساند الرئيس في انجاز
دورته الانتخابية وبعدها نحاسبه على ما فعل وما وعد ولم يفعل.
إلا أن بعض الرفاق استخدموا
الديمقراطية أسوأ استخدام وحولوها الى معول للهدم والفوضي لا للبناء – على خلاف ما
يجب أن تكون – وراحوا يسخرون كل طاقاتهم لعرقلة سير القافلة ’ من خلال "تصيد"
الأخطاء وزلات اللسان وغمز العيون وحركات الأصابع للرئيس مرسي ’ وجماعته ’ وانصاره
’ تارة طالبوه بالاستقالة من الجماعة ففعل ’ إلا انه لم يرضهم ذلك ’ فزادوا بانه
يجب ان يقنن وضع الجماعة ’ فوعد بذلك ’ فقالوا بأنه سيأتي بخيرت الشاطر رئيسا
للوزراء فلم يفعل ’ فقالوا ربما نائبا له فلم يفعل ’ فلما خاب ظنهم قالوا أن
الشاطر يرأس الرئيس سرا ’ ولا ادري كيف سيفند مرسي هذا الزعم وليقولوا لى كيف
كانوا سيفعلون لو كانوا هم مكان الرئيس!!.
راحوا يجعلون من الهجوم على أصدقائه
معولا لضربه والهجوم عليه , وكأنهم يريدون منه ان يتحلي بصفات عدم الوفاء لأصدقاء
عمره الذين ساندوه فى السراء والضراء ’ فى السجون والمعتقلات ’ فى انتخابات الحزب ’
وانتخابات الرئاسة ’ ومناصرته ضد كارهيه من الفلول أو حتى من القوي السياسية المختلفة ’ طالبوه
بان يلقي بأصدقاء عمره وذكرياته وتجاربه حلوها ومرها فى سلة مهملات الماضى ’ بل
ويتنكر لهم ويستدير عليهم ’ ولو فعل ’ وما اظنه بفاعل ’ لهاجموه على قلة وفائه ’ وأداروا
ضده حربا إعلامية أكثر شراسة بوصفه عديم الانسانية.
راحوا يهاجمون مرسي فى شخص التيار
الاسلامى وسرعان ما تحول هجومهم رويدا رويدا إلى هجوم على الإسلام ذاته ’ فقد هاجم
الإعلام الإسلاميين الذين خرجوا للتظاهر أمام السفارة الأمريكية احتجاجا على
الإساءة للرسول الكريم واعتبروا ذلك أسلمة للدولة - مع ان الدولة إسلامية فعلا
وشعبها شعب متدين والغضبة كانت من اجل أعظم شخص فى تاريخ امتنا على مر التاريخ - وانتهز
البعض الفرصة للزج بالبلطجية بين المتظاهرين من اجل ارتكاب التجاوزات وإلصاقها بهم
’ ولما أدرك الإسلاميون وبينهم مواطنون عاديون الشرك ’ راحوا ينسحبون وتركوا البلطجية وغيرهم من غير
صادقي النوايا بمفردهم هنا راحت الصحف تنتقد الإسلاميين لأنهم لم يغضبوا كباقى
الشعب من اجل الرسول الكريم.
راحوا ينتقدون انتشار الحجاب والرجال
الملتحين واعتبروه دليلا على سيطرة مرسي وجماعة الإخوان المسلمين على البلاد ’ مع
ان معظم النساء المصريات يرتدين الحجاب او النقاب منذ دخل الإسلام مصر وهن لم
يرتدنه حبا أو كرها فى مرسي او غيره بل إيماننا بالإسلام وحبا فى الله ’ وكذلك
اعتبروا ان كل رجل ملتحي عدو بوصفه إسلاميا مع ان ليس كل ملتح منضم لجماعة الإخوان
المسلمين أو اى فصيل اسلامى أخر كما انه ليس لنا عداء لا مع الملتحين ولا مع
الإخوان المسلمين.
بل المدهش ان العديد من القوي
اليسارية والليبرالية كانت تهاجم الإخوان المسلمين والتيار الاسلامى عامة فى فترة
الانتخابات بوصفهم قوي غير مدنية ’ ثم فوجئنا بانحياز تلك القوي الى صالح المجلس
العسكري’ مع ان المنطق يقول ان النقيض الواضح للحكم المدنى هو الحكم العسكري ’ وليس
الحكم الدينى فضلا عن التيار الاسلامى وخاصة جماعة الإخوان المسلمين منه لم يعلنوا
قط رغبتهم فى الانقلاب على الدولة المدنية واعلان حكما دينيا وتم حسم ذلك فيما بعد
فى الدستور المزمع إعداده ’ ومن ابجديات الديمقراطية انه لا يهمنى ابدا ان يحكمنى
شيخ او حتى شيخ منصر حسن السمعة ويملك الكفاءة .. طالما انه لا يحيد عن العقد الذى
اتفق المجتمع عليه وهو الدستور.
ولما كنا- كقوي وطنية - قبل الثورة
نطالب مبارك بفض تحالفه مع امريكا والاتجاه الى الصين وبح صوتنا فى سبيل ذلك دون
جدوي وجدنا من ينتقد مرسي لقيامه باتخاذ مثل تلك الخطوة وراح من كانوا يطالبون
مبارك بها بالاستداره وادنة مرسي حينما
قام بها’ بل رأيت بنفسي احد القياديين فى
حزب الوفد ويدعى حسن شعبان او رمضان لا ادري ينتقد الرئيس عبر احدى الفضائيات
محذرا اياه من محاولة فك ارتباط مصر بامريكا ’ ومشيدا بما اعتبره بطولات لمبارك فى
عدم كسره لهذا الارتباط طيلة 30 عاما ’ مثنيا على موقف مصر مما اسماه حماية الدول
العربية والتى كان أهم ثمارها مشاركتها في حرب "تحرير الكويت" !! استحلفكم
بالله هل هؤلاء وطنيين حقا وهل هذه أحزاب تعبر عن الشعب فعلا.
هاجموا الرئيس فى كل صغيرة وكبيرة ’ وجعلوها
محور إعلامهم ’ بدءا من إشارة الرئيس الضاحكة عن "المانجو" الى قيامه
بتهذيب ملابسه فى إحدى اللقاءات الرسمية ’ حتى طريقة سيره وكحته ’ مع ان المنتقدين
هم أنفسهم هللوا لمبارك حينما تحدث عن الخيار واعتبروه دليلا على قرب مبارك من
الشعب ’ واعتبروا تهريج مبارك بشكل لا يليق مع كونداليزا رايس دليلا على رجولته ’ وكثير
من هؤلاء الإعلاميين شاهد وسمع مبارك فى معظم اللقاءات الخاصة يتحدث بشكل خارج عن
اللياقة وخادش للحياء ولم ينبسوا ببنت شفة ’ ولكنهم مع مرسي ارتدوا ثوب الفرسان فى
معارك هلامية تخرج عن النص وعن حرية التعبير وعن موطن الفروسية فصارت ملابسهم
فضفاضة عليهم ’ وغير مقنعة للرأي العام الناضج وحال سبيلهم يقول "اللي يكره ما يحبش".
وراح الصحفيون الشرفاء ينساقون وراء
شعارات استغلها بعضهم المغرض حول حرية التعبير وراحوا يكيلون السباب ويطلقون سيلا
من الشائعات بسبب وبدون للرئيس بغية تحويله الى "شخشيخة" فى أعين الناس ’
وحينما تتم مطاردتهم قانونيا يعلوا نحيبهم على الحرية الضائعة للصحافة والإعلام ’ مع
أنهم أنفسهم أصحاب شعار "هيبة الرئيس من هيبة الدولة " فى زمن
الديكتاتور ’نعم نحن مع حرية الصحافة والإعلام وبذلنا عمرنا ننادى بذلك ليكون
واقعا ’ ولكن يجب ان يكون إعلاما مسئولا ’ وان لم يكن فمن حق المتضرر اللجؤ الى
القضاء.
تباكى المغرضون ضد قيام بعض أنصار
الرئيس برفع دعاوي قضائية ضد رئيس تحرير جريدة الدستور ’ واعتبروا ان ذلك تم
بايعاز من الرئيس ’ وانه تكميم للإعلام ’ يحدث ذلك مع ان ما كتبه محرر
الدستور مجرد أساطير الأولين ولا يرقي الى مستوي إعلام ولا يرضاه اى صحفي حر ’ فضلا
عن ان الجميع يدرك كيدية ما تنشره لكون هذه الصحيفة كانت قبل الثورة بأشهر قليلة
معبرة عن القوي الوطنية المصرية فضاق مبارك بها ذرعا وتمت مساومة رئيس مجلس
إدارتها على بيعها لأحد رجال أعمال تابع لمبارك وهو ما حدث وهم من يديرون هذه
الصحيفة حتى الآن فضلا عن انها كانت تهاجم الثورة والثوار بضراوة فى فترة ما قبل
تنحى مبارك وكان لها السبق فى اختراع فرية ان ثوار التحرير قابضين ويأكلون
الكنتاكى.
نكرر اننا لا ندافع عن مرسي ولكن
ندافع عن الديمقراطية والمنطق لمجابهة سيل الشائعات التى لا تنقطع ويحتاج الرد
عليها الى توافر تنظيم اعلامي متكامل ونشط وفعال ’ يوضح ان ما حدث فى الفترة
القليلة الماضية منذ ان تولي مرسي الحكم عملا رائعا ’ الامن استتب بدرجة هائلة
وشعر به الناس وشوارع القاهرة صارت انظف واقل ازدحاما مروريا وغيرها من ازمات كنا
نعيشها طوال فترة مبارك مثل ازمة ارتفاع الاسعار وازمة السولار والبنزين وازمة
رغيف الخبز ’ وهو عمل عملاق فى تلك الفترة القصيرة التى لا يمكن ان تحل خلالها
ابسط المشكلات التى يواجهها المصريون نظرا لكون حل مشكلة المرور نهائيا يحتاج الى
كباري وانفاق وهو ما يستحيل انجازه فى عامين وليس مائة يوم .
رسالة الى الرئيس
احذر يا سيادة الرئيس ’ رجال مبارك
يلتفون حولك ويعوقون خطواتك ويقيدون حركتك ويشوهون موقفك ’ حاذر ان تخاف منهم ’ واجههم
بقوة وحزم وقتها ستجد الجميع يدافعون عنك وسيكسر الشعب حملتهم الاعلامية ضدك ’اختر من يدافع عن مصر لتدفع به الى الامام ’ ولا تعتمد على تقارير الاجهزة .
سيادة الرئيس ’ ما يحدث فى الشارع الصحفي اكد بما لا يدع مجالا للشك ان رجال امن دولة مبارك هم اصحاب القرار الاول والاخير فى التغييرات الصحفية ’ اكشف حقيقتهم وعريهم واستمع لرأى المخلصين الى الوطن ممن لا ناقة لهم ولا جمل فيما يفضون به اليك .
سيادة الرئيس ’ ما يحدث فى الشارع الصحفي اكد بما لا يدع مجالا للشك ان رجال امن دولة مبارك هم اصحاب القرار الاول والاخير فى التغييرات الصحفية ’ اكشف حقيقتهم وعريهم واستمع لرأى المخلصين الى الوطن ممن لا ناقة لهم ولا جمل فيما يفضون به اليك .
سيادة الرئيس ’ تم حل مشاكل صحفيين
وصحف حزبية لم تصدر قط ’ ولم يكتب اى صحفى منهم خمسة اسطر طيلة تاريخه المهنى ’ ونحن
لا نعترض ولكن نطالبك بحل مشكلة صحفيي جريدة الشعب ’ هذه الصحيفة ناضلت فى زمن
حالك السواد وكانت لسان حال شعب مصر بأسره ’ حتى اغلقها الديكتاتور بجرة قلم منذ 12
عاما ’ فقد آن الآوان لأن ينقل صحفييها الى الصحف القومية بعدما كبر سنهم ’ بل ان
وجب عليك حالا وفورا تكريمهم ’ لانهم هم الاولى بجنى حصاد الثورة بعدما دفعوا ثمن
غرسها سجنا واغلاقا وتضييقا على اقواتهم.
سيادة الرئيس ’حاذر ممن يشيرون لك
بخياراتك الاعلامية والصحفية ’ فقطاع كبير ممن تمت ترقيتهم لشغل المناصب القيادية
فى الصحف والمرئيات والمجلس الاعلي للصحافة هم من اشد كارهيك وكارهي نجاح برنامجك ’
بل ان بعضهم هم من رجال حملة شفيق الاعلامية ’ ولم يقتصر الامر على القيادات بل
انتقل الامر الى شباب ’ فقد تم نقل وتعيين اعداد كبيرة من هؤلاء فى الصحف القومية ’
رغم ان معظمهم ليسوا صحفيين أساسا فى حين أن الصحفيين الثوار الشرفاء لا زالوا
يناضلون وتنبذهم الصحف الشائهة.