د. يحيى القزاز
لقطة عابرة: كنت فى صعيد مصر، تجلس بجوارى سيدة بسيطة من أفراد أسرتى، صرخت بعفوية " ياخسارة دم شبابنا اللى راح هدر" ونحن نستمع إلى بيان رئاسة الجمهورية الذى ينعى الجنرال عمر سليمان ويؤكد إقامة جنازة عسكرية تكريما له. سيدة.. ربة منزل لاعلاقة لها بالسياسة لكنها تابعت الثورة، وبكت كثيرا على شهدائها فهى أم وهم أبناؤها.
لم اكن منتميا لجماعة الاخوان بالرغم من شراكتى الجبرية لهم فى الدين الاسلامى الذى يحاولون خصخصته على مقاس جماعتهم، وأنا أريده إسلاما عاما للجميع بغير مزايدة ولا تزيد. كنت مقاطعا لمهزلة الانتخابات المدعوة بالديمقراطية عديمة الصلاحية بدءً من البرلمان وانتهاء برئاسة الجمهورية، إلا اننى كسرت مقاطعتى فى جولة الاعادة للانتخابات الرئاسية ووقفت بكل ما أملك مع مرشح الاخوان للرئاسة د.محمد مرسى حتى يفوز، وكى لا ياتى بالانتخاب رجل (أحمد شفيق) يشوه وجه الثوة وينتمى لنظام بائد قامت الثورة عليه . واعتبرت الى حد ما أن فوز د.مرسى بالرئاسة هو نقلة نوعية فى مسيرة الثورة، ولم اعتبره نجاحا كاملا لها.
وبمرور الايام رأينا تباطؤ الرئيس المنتخب مرغما فى تشكيل حكومة الثورة, ولاحظنا كيف تدير خلايا من جماعة الاخوان أزمة الصراع على السلطة بين الجماعة والمجلس العسكرى بمعزل عن القوة الثورية التى أيدت د.مرسى.
وقفت وغيرى كثيرون وراء فوز مرسى احتراما لدماء وأطراف مصابينا وتقديرا لشهادئنا حتى لا يعود من ينتمى لنظام خائن بائدا فيحكمنا.
واليوم الخميس 19-7-2011 يصدر بيان من مؤسسة الرئاسة –التى من المفترض تنتمى إلى الثورة أو على الأقل جاءت بموجبها– بيانا يعلن اقامة جنازة عسكرية تكريما لدور المرحوم الجنرال عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع حسنى مبارك ورئيس المخابرات المصرية السابق , ومع احترامى الكامل لحرمة الموتى وعزائى الخالص لأهل الجنرال وأسرته الا إننى استغرب من تصرفات رئيس ينتمى إلى الثورة يكرم اعدائها وقاتلى ثوارها, أليس عمر سليمان هو واحدا من رجال النظام البائد الذين قامت الثورة عليهم؟ أليس هو من حول المخابرات المصرية الى قسم تابع للموساد الإسرائيلى وقسم تابع للسى آى إيه الإمريكية.
اليوم تكريم الراحل عمر سليمان باقامة جنازة عسكرية وغدا يتم تنفيذ جميع المخططات الصهيوأمريكية التى هندسها الجنرال الراحل، والتزم بها مبارك المخلوع، ومن يقيم جنازة عسكرية تكريما لعميل صهيونى غدا يقيم جنازة عسكرية لشارون فى قلب القاهرة.
سيدى الرئيس د.مرسى قلت فى أول يوم اعتليت فيه كرسى الرئاسة "أطيعونى ما اطعت الله فيكم", وانت تعلم أعداء الوطن والثورة وقاتلى ابنائه، وتعلم من خان الوطن وشارك فى قتل الفلسطنين وذبحهم فى غزة، وتحويل غزة من مجزرة الى مقبرة معزولة تحوى رفات الشهداء وتوئد الاحياء, فهل تكريم الخونه المتعاملين مع الصهيونية فيه طاعة لله؟!
انتخبتك ودافعت عنك بكل ما أملك حتى لا أرى وجها خائنا يحكم مصر ولا تكريم لعميل خائن .تكريم الخونه وإحاطتهم بشرف العسكرية يعنى احتقار شهداء الثورة واعتبارهم بلطجية، أو اعتبارهم أمواتا بالصدفة فى مشاجرة عابرة يستحقون الدية وليس نُصبا تذكاريا فى قلب ميدان التحرير .
سيدى الرئيس أنت خير من يعلم أن من يكرم العملاء الخونة اليوم غدا يتعامل مع سادتهم فى واشنطن وتل أبيب, فما التكريم الا عربون محبة للصهوينة والأمريكان. يبدو ان هذا ليس بجديد على سلوك جماعة ادعت خلافها مع حكومة الجنزورى واتهمتها بتعطيل البرلمان فى اداء دوره وقررت سحب الثقة منها ,وبعد ان وصل الرئيس الإخوانى الى سدة الحكم تعامل مع حكومة الجنزورى وترك لها الحبل على الغارب، ونسى خلافات الجماعة مع الحكومة ورفض الثوار لها ومادفعوه من ثمن باهظ فيه مصابين وشهداء فى شارعى محمد محمود ومجلس الوزراء، ونسى تشكيل حكومة الثورة وترك حكومة الجنزورى.
وهكذا فى كل يوم يمر يثبت الرئيس ان ولاءه للجماعة اكثر من ولاءه لمصر ويتعامل مع اعداء الثورة بأريحية. وتطالب الجماعة بصبر اصحاب المظالم الفئوية لاعطاء فرصة للرئيس الجديد ..
ويبدو ان الفرصة لتكريم الاعداء على حساب الشهداء.
سيدى الرئيس منذ اليوم لا طاعة لك علينا بحكم الشرع وتكريمك للخوانه .. من يكرم اعداء الثورة لا يستحق ان ينتمى الى شرفها, ولا يمكن بأى حال من الاحوال ان يكون قائدا لها او معبرا عنها.
سيدى الرئيس كنت اتمنى الا تنسى أنك أول رئيس منتخب، وأنك رئيس مصر وليس رئيس حزب الحرية والعدالة. سيدى الرئيس صبرنا ورصيدكم نفذا ولا داعى للإحراج.