لا علاقة للمدونة بما جاء فى هذا المقال الخطير ولكننا ننشره اعمالا لدور الاعلام الحديث
محمد تامالت
أحدث مقالي المعنون: فيروس النفاق الخليجي والحركات الإسلامية بنسختيه العربية والانجليزية ضجة بسبب الشواهد التي قدمتها فيه، وجاءتني عشرات الردود المكتوبة والشفوية من مختلف شرائح القراء والتي كان أغلبها مؤيدا لما في المقال. وطلب مني البعض فضولا أو تحديا ذكر أسماء الدبلوماسيين الخليجيين الذين اتهمتهم بالانحراف في المقال كما أرسل إلي آخرون صورا لدبلوماسيين جزائريين يشربون الخمر مقارنا اياها بالصور التي وضعتها للسفير الكويتي في لندن خالد الدويسان وهو يسكر بحضور ابنته المصون.
لم تكن الخمر موضوع مقالي السابق كما توهم البعض بل كان النفاق موضوعها، شرب الخمر في الإسلام كبيرة ولكنها لا تخرج من الملة، ولكن تحريمها على المواطنين كما في السعودية والكويت ثم السماح بها لفئة معينة كالأمراء والشيوخ والوزراء والدبلوماسيين هو نفاق معيب يفوق في ضرره ضرر السكير على المحيط العام. ولأن من الردود ردين اتهماني باختراع حوادث لم تقع في بداية المقال ها أنا أعيد ذكر الوقائع التي ذكرتها هناك مع التصريح بالأسماء المقصودة.
لقد ذكرت أن سفيرا صلى الجماعة وهو سكران وأنا أقصد بذلك حسين الدوسري سفير قطر في الجزائر ثم في ايران وشقيق السفير القطري في تايلاندا، وقد وقع ذلك خلال عشاء وداع أقامه له السفير السعودي في أفغانستان ثم في الجزائر محمد بن عيد العتيبي وهو فريق متقاعد في المخابرات السعودية، أما السفير الكويتي الذي ذهب مخمورا إلى القصر الرئاسي فهو محمد فاضل السفير الكويتي الحالي في البوسنة والسابق في الجزائر. والدبلوماسي السعودي الذي شاهدته يشرب الخمر في حفل دبلوماسي كان عبد الرحمن السحيباني المستشار في سفارة السعودية في بريطانيا وكان ذلك في حفل
للسفارة الصينية في خريف عام 2009، أما الملحق الديني الذي كان برفقته وهو يشرب الخمر فلم يكن أحمد الذبيان المدير السعودي لمسجد لندن المركزي كما توهم البعض بل هو هزاع الحشر الرئيس السابق لقسم الشؤون الإسلامية في سفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن وهو حاليا مدير المكتب التجاري السعودي في تايوان؛ وهذا لا يعني أن الذبيان أفضل حالا، فقد نشرت صحيفة نيوز اوف ذو الوورلد حديثا أجرته مع عاهرة اسمها سابينا إلياتا قالت إنها كانت خليلة له لسنوات عديدة.
مقالي اليوم هو الأول في سلسلة مقالات أنوي كتابتها ان شاء الله عن أسباب تأخر الثورات أو فشلها في دول الخليج، سأبدأ الحديث اليوم عن دور الدول الغربية خصوصا بريطانيا في كبح جماح التغيير في بلدان مجلس التعاون الخليجي وسوف أتعرض لاحقا في هذه السلسلة إلى علاقة الطبقة الدينية والقبائل والثروة البترولية والمسألة الطائفية بتأخر الثورات في شبه الجزيرة العربية.
إذن: كيف يساهم الغرب وبريطانيا بالتحديد في تأخر الثورات في دول الخليج؟ (*)
سأبدأ الموضوع بتقسيمه إلى ثلاثة محاور رئيسية تساعد على الجواب على السؤال المطروح
1- هل هنالك فعلا ثورات في الخليج
2- لماذا تدعم بريطانيا الأنظمة الخليجية، ماذا تقدم لها، وماذا تقدم دول الخليج لبريطانيا بالمقابل
3- كيف عالج تقرير الخارجية البريطانية وضع حقوق الإنسان في الخليج
وأشير كما أشرت في مساهماتي السابقة إلى أنني حين أنتقد إنما أنتقد حكومات البلدان المشارة إليها لا شعوبها، راجيا ان يتغلب أي شخص على حساسيته تجاه موضوع نقد حكوماته من منطلق سوء فهم منه لمفهوم الوطنية
لم تكن الخمر موضوع مقالي السابق كما توهم البعض بل كان النفاق موضوعها، شرب الخمر في الإسلام كبيرة ولكنها لا تخرج من الملة، ولكن تحريمها على المواطنين كما في السعودية والكويت ثم السماح بها لفئة معينة كالأمراء والشيوخ والوزراء والدبلوماسيين هو نفاق معيب يفوق في ضرره ضرر السكير على المحيط العام. ولأن من الردود ردين اتهماني باختراع حوادث لم تقع في بداية المقال ها أنا أعيد ذكر الوقائع التي ذكرتها هناك مع التصريح بالأسماء المقصودة.
لقد ذكرت أن سفيرا صلى الجماعة وهو سكران وأنا أقصد بذلك حسين الدوسري سفير قطر في الجزائر ثم في ايران وشقيق السفير القطري في تايلاندا، وقد وقع ذلك خلال عشاء وداع أقامه له السفير السعودي في أفغانستان ثم في الجزائر محمد بن عيد العتيبي وهو فريق متقاعد في المخابرات السعودية، أما السفير الكويتي الذي ذهب مخمورا إلى القصر الرئاسي فهو محمد فاضل السفير الكويتي الحالي في البوسنة والسابق في الجزائر. والدبلوماسي السعودي الذي شاهدته يشرب الخمر في حفل دبلوماسي كان عبد الرحمن السحيباني المستشار في سفارة السعودية في بريطانيا وكان ذلك في حفل
للسفارة الصينية في خريف عام 2009، أما الملحق الديني الذي كان برفقته وهو يشرب الخمر فلم يكن أحمد الذبيان المدير السعودي لمسجد لندن المركزي كما توهم البعض بل هو هزاع الحشر الرئيس السابق لقسم الشؤون الإسلامية في سفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن وهو حاليا مدير المكتب التجاري السعودي في تايوان؛ وهذا لا يعني أن الذبيان أفضل حالا، فقد نشرت صحيفة نيوز اوف ذو الوورلد حديثا أجرته مع عاهرة اسمها سابينا إلياتا قالت إنها كانت خليلة له لسنوات عديدة.
مقالي اليوم هو الأول في سلسلة مقالات أنوي كتابتها ان شاء الله عن أسباب تأخر الثورات أو فشلها في دول الخليج، سأبدأ الحديث اليوم عن دور الدول الغربية خصوصا بريطانيا في كبح جماح التغيير في بلدان مجلس التعاون الخليجي وسوف أتعرض لاحقا في هذه السلسلة إلى علاقة الطبقة الدينية والقبائل والثروة البترولية والمسألة الطائفية بتأخر الثورات في شبه الجزيرة العربية.
إذن: كيف يساهم الغرب وبريطانيا بالتحديد في تأخر الثورات في دول الخليج؟ (*)
سأبدأ الموضوع بتقسيمه إلى ثلاثة محاور رئيسية تساعد على الجواب على السؤال المطروح
1- هل هنالك فعلا ثورات في الخليج
2- لماذا تدعم بريطانيا الأنظمة الخليجية، ماذا تقدم لها، وماذا تقدم دول الخليج لبريطانيا بالمقابل
3- كيف عالج تقرير الخارجية البريطانية وضع حقوق الإنسان في الخليج
وأشير كما أشرت في مساهماتي السابقة إلى أنني حين أنتقد إنما أنتقد حكومات البلدان المشارة إليها لا شعوبها، راجيا ان يتغلب أي شخص على حساسيته تجاه موضوع نقد حكوماته من منطلق سوء فهم منه لمفهوم الوطنية
1- هل هنالك فعلا ثورات في الخليج:
علي أن أوضح بأنني في هذه المساهمة لا أدعو إلى الثورة في دول الخليج وذلك لأنني أحترم سيادة الشعوب على أراضيها ولا أسمح لنفسي بالتدخل في شؤونها، ومع ذلك فإنني أرى أن بذور الثورة موجودة في المجتمعات الستة المكونة لمجلس التعاون الخليجي كغيرها من الدول العربية، بل إنني أجزم بأن هذه البذور أزهرت أو تكاد في دولتين من هذه الدول هي السعودية والبحرين وستزهر قريبا في الدول الأخرى مع يقين مني بأنها ستكبر بأسرع مما يتصوره الكثيرون مغيرة الواقع الحالي تغييرا سلميا يفضي الى ملكيات وامارات تملك ولا تحكم، أو دمويا ينتهي بأسقاطها واحلال أنظمة
جمهورية مكانها.
ويقيني هذا مرده تطور نزعة المساواة والحرية في هذه المنطقة بسبب التعليم وانتشار تقنيات الاتصال الحديثة من فضائيات وانترنت وعجز الأنظمة هنالك عن التجاوب مع هذا الواقع وبعدها عن امتلاك تصور حداثي يواكب تطلع البشر لتلك الحرية والمساواة.
ورغم أن أكثر الدول الخليجية التي تنتظر ثورة قادمة هي السعودية التي تعيش غليانا مستمرا ينجب أحيانا ثويرات كأحداث حنين والعوامية العام الماضي، غليان تنفخ فيه الحركات المعارضة الموجودة حاليا كالسلفية الجهادية والدستورية والاخوانية والخمينية والإصلاحية، تأتي بعدها البحرين التي تعيش ثورة حقيقية مشكلتها أنها غير قادرة على جمع كل البحرينيين بمختلف طوائفهم وراءها؛ رغم ذلك فإن الدول الأخرى مقبلة على نفس المصير إما لعوامل دينية واجتماعية كما في عمان أو لأسباب لها علاقة بالحريات كما في قطر والإمارات أو لأخرى تجمع بين البعد
الإجتماعي والبعد السياسي كما في الكويت.
ففي عمان قنبلتان يمكن أن تنفجرا قريبا بمجرد أن تضعف قبضة الدولة الأمنية هما قنبلتا الطائفية ونزعة الأسلمة المعادية للتوجه العلماني للدولة، طائفية طبيعية في دولة لا تعتبر الأغلبية الإباضية فيها أغلبية ساحقة بوجود نسبة كبيرة من السنة الشوافع والأحناف تكاد تقترب من النصف بالإضافة الى عدد أقل من الشيعة وأقلية جد بسيطة من الهندوس. وتوجه تدريجي من الطوائف الموجودة إلى الانخراط في محضن إسلاموي طائفي بديل لمحضن الدولة التي عرفت خلال العشرين سنة الماضية عددا قياسيا من محاولات الانقلاب التي أعد لها أنصار اعادة حكم الإمام غالب
الهنائي رحمه الله.
وفي الإمارات ها نحن نسمع كل يوم بفلان وفلان تسحب منهم جنسياتهم بسبب مواقفهم السياسية وبدعوى أنهم مجنسون، وهي اهانة يوجهها النظام الإماراتي واعلامه في الداخل والخارج للشعب حين يدعي أن المتجنسين وحدهم من لديهم وعي سياسي وحس طبيعي للمعارضة لا ينكر شرعيته الا نظام استبدادي لن تجعل أبراجه العالية منه نظاما ديموقراطيا.
وفي قطر التي قصم ظهر أي توجه معارض فيها سحب جنسيات عشر عدد سكانها بسبب تأييدهم للأمير السابق يشتكي القطريون همسا للعمالة الأجنبية المثقفة من الضغط الذي تمارسه عليهم الأجهزة الأمنية مدعومة بأجهزة استخبارات خارجية. وهو وضع جعل المواطن القطري يعيش حالة شيزوفرنيا بسبب القمع السياسي الممارس عليه في الداخل والحريات المزعومة التي تصدرها قناة الجزيرة. وقطر كالإمارات نموذجان سيثبتان مستقبلا خطأ المقولة الرائجة من أن المواطن لا يهمه إلا اشباع معدته وأن الحرية أمر ثانوي مقارنة بالرفاه المالي.
أما الكويت التي تعد بلا شك هي والبحرين (بشكل يظل نسبيا طبعا) أكثر الدول الخليجية التي اقتربت من تحقيق الانعتاق من الملكيات الاقطاعية والدخول في عصر الملكيات الدستورية أو الجمهوريات، فإنها تعاني من مشكلة الفساد أكثر مما تعاني من أزمة حرية تعبير وهو ما سيخفف الضغط عليها لمدة أطول ولكن هذا لا يعني أنها ستكون بمنأى عن التغيير ما دام المواطن الكويتي يطمح طموحا طبيعيا في الانخراط في أحزاب سياسية والتمتع بنفس حقوق شيوخ آل صباح والزام هؤلاء الشيوخ بنفس واجبات المواطن والوصول إلى انتخاب رئيس وزراء من الشعب.
ولعل من مسببات الثورة قضية اجتماعية مؤرقة تشترك فيها كل دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان هي قضية حق الحصول على الجنسية من عدمه؛ فالكويت وان كانت أكثر الدول التي تماطل في تجنيس من لديهم اثباتات بحقهم في جنسيتها ليست الدولة الوحيدة التي فيها بدون، فالامارات والسعودية لديها بدون في البريمي (منطقة حدودية سعودية اماراتية) وفي المنطقة الغربية (الحجاز وخصوصا مكة والمدينة). أما البحرين فتعرف مشكلة عكسية هي تجنيس من لا يستحق الجنسية على أساس طائفي، سواء اليوم كما تفعله حكومة آل خليفة التي تجنس العراقيين واللبنانيين والسوريين
لأنهم سنة، أو بالأمس عندما كان بعض الموظفين الشيعة يستغلون نفوذهم لتجنيس ايرانيين وغيرهم لأنهم شيعة.
وفي قطر يبلغ عدد البدون ألفي شخص أي 1% تقريبا من عدد المواطنين بالإضافة الى نسبة من الذين تم سحب جنسياتهم من بني مرة ولم يتمكنوا من التجنس بالجنسية السعودية كغيرهم، ورغم صعوبة قيام ثورة في هذه البلدان يحركها البدون بسبب كونهم أقلية إلا أن حجم تعاطف المواطنين معهم قد يسهل قيام حركات احتجاج عنيفة على طريقة ثورة الزنج في العراق قبل 13 قرنا.
2- لماذا تدعم بريطانيا الأنظمة الخليجية، ماذا تقدم لها، وماذا تقدم دول الخليج لبريطانيا بالمقابل
إن العلاقة القديمة لأنظمة الخليج ببريطانيا لم تعد سرا يمكن اخفاؤه، ولا أرى داعيا لاستعراض مسائل تاريخية استعرضتها سابقا في مقالي: "فيروس النفاق الخليجي والحركات الإسلامية" والذي أشرت فيه إلى دور بريطانيا والضابطين شكسبير وفلييبي في تقوية شوكة الملك عبد العزيز. يكفي أن السلطان قابوس اعترف ضمنيا للبي بي سي قبل اربعين سنة بأن بريطانيا ساعدته على الوصول إلى الحكم في عمان، ويكفي أن حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر اعترف أخيرا في مجلس الأمن بأن بريطانيا دخلت مشيخات الخليج بدعوة من حكامها وهو لا يقصد أل ثاني وحدهم بل آل صباح وآل خليفة وشيوخ
الامارات كذلك، كما يكفي أن يتنافس حديثا خالد وسعود نجلا صقر القاسمي الحاكم الراحل لرأس الخيمة على طلب الدعم الغربي لإحلال أخ مكان أخيه كما فعل قبلهما زايد حاكم الإمارات حين أطاح بأخيه شخبوط بعون بريطاني.
أولا: ان بريطانيا تدعم هذه الأنظمة لأنها هي التي أوصلتها إلى الحكم أو قوت شوكتها فساهمت في ذلك، لذلك فهذه الأنظمة هي استثمار تاريخي طويل الأمد لا بد لها ألا تخسره.
ثانيا: إن وصول أنظمة أفضل في هذه الدول من شأنه أن يعود بالعالم إلى عهد كانت فيه الجمعية العامة لمجلس الأمن ومن ورائها تكتل دول عدم الانحياز ترسم جزءا هاما من خارطة السياسة الدولية بفضل التنسيق الذي كان بين زعامات ذلك التكتل وكذلك بفضل وجود الاتحاد السوفياتي. بل إن مثل هذا الأمر اذا اتسع كما حدث في جنوب أمريكا من شأنه أن يهدد هيمنة دول ثلاث على مجلس الأمن واستخدامه سلاحا لإبقاء الهيمنة الرأسمالية على العالم.
ثالثا: إن سقوط هذه الأنظمة وقيام أنظمة تستمد سلطتها من اسلام أكثر ثورية ومن شعوب ساخطة سوف يوقع بريطانيا ومعها دول غربية كبيرة في أزمة طاقوية حادة سببها اتخاذ الحكومات الجديدة لاستراتيجية شعارها أقل انتاج بأكبر سعر، بدل استراتيجية الخليج لرفع الانتاج المتبعة منذ الثمانينات والتي تهدف إلى مساعدة الغرب على تحقيق الرفاهية (ومن ثم تفقير الدول المنتجة وادخالها في كوارث كتلك التي تعرض لها عراق صدام حسين) كما اعترف بذلك صراحة تركي الفيصل في مقال نشره في جريدتي الواشنطن بوست والشرق الأوسط في سبتمبر 2002 .
رابعا: إن النظام البريطاني يدرك حجم الكره الذي يحمله تجاهه أبناء الخليج ليس بسبب ماضي بريطانيا الإمبريالي ودعمها لنشوء اسرائيل فحسب بل بصورة أكبر بسبب الدعم الذي تقدمه لأنظمة الخليج في اطالة عمر الفساد والاستبداد بما يترتب عنه من وجود بريطاني ضخم يؤثر حتى على فرص المواطن في العمل، فضلا على أن بريطانيا ساهمت بدور كبير في احتلال العراق وأفغانستان في الماضي القريب.
لذلك اعتبر وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني في خطاب ألقاه في نوفمبر 2011 أمام رجال الأمن والاستخبارات بحضور المسؤولين عن جهازي الاستخبارات الخارجية وقاعدة التنصت الحكومية شبه الجزيرة العربية مصدر خطر أمني رئيسي على بريطانيا. وربما يكون مفيدا الإشارة إلى أن جون ساورس المدير الحالي لهيئة المخابرات الخارجية SIS/MI6 منذ 2009 عمل سفيرا في مصر كما بدأ مشواره دبلوماسيا صغيرا في سوريا واليمن اللتين كان فيهما في ذات الوقت عميلا للمخابرات البريطانية، اضافة إلى أنه كان في بداية احتلال العراق ممثلا خاصا لحكومته هناك.
خامسا: إن أي سقوط لهذه الأنظمة من شأنه أن يهدد بزيادة العجز والبطالة في بريطانيا ليس فقط لأن كثيرا من الكوادر البريطانية العاملة هناك والمسيطرة على أكثر المناصب نفوذا ودخلا سوف تفقد الكثير من امتيازاتها أو تفقد مناصب عملها لصالح كفاءات محلية أو اقليمية، بل كذلك لأن هذه الدول تدعم وستستمر في دعم الاقتصاد البريطاني باعتراف أفنان الشعيبي مديرة غرفة التجارة البريطانية في أكثر من تصريح. وأفنان هذه هي سعودية من القصيم تمكنت من الصعود بسرعة بفضل دعم أبيها عبد الله بن منصور الحمد الشعيبي خريج احدى الجامعات البريطانية وابن ضابط شرطة
برتبة مقدم وابن عم قائد قوات المنطقة الغربية السابق الفريق أول منصور بن علي الشعيبي بالإضافة إلى القائد الحالي لمجموعة الدفاع الجوي الثانية في جدة اللواء ركن علي بن منصور الشعيبي.
مديرة الغرفة العربية هذه نجحت بفضل دعم السفير السعودي في لندن وابن عم زوجته الأمير سلطان بن فهد في أن تحول الغرفة من غرفة تعنى برعاية الشأن العربي عموما كما كان عليه الحال أيام مؤسسها العراقي عبد الكريم المدرس إلى غرفة سعودية أولا ثم خليجية ثانية همها الإعداد للزيارات المتبادلة بين المسؤولين البريطانيين ونظرائهم الخليجيين لتأتي النشاطات العربية في مقام ثالث؛ زيارات ولقاءات تحرص أفنان على أن تكون بعيدة عن أعين الصحافة (فيما عدا صحافة العلاقات العامة الممولة من أنظمة الخليج) كأن هنالك شيئا تريد اخفاءه.
وللغرفة العربية دور هام في اتمام البنود السرية لصفقة عنوانها: "المال الخليجي مقابل التواطؤ البريطاني"، وقد بلغ حرص الطرف البريطاني على هذه الصفقة حدا جعل موظفي الغرفة العربية من البريطانيين عاجزين عن الحصول على دعم وزارة خارجيتهم ضد تسلط المديرة السعودية. كما أن البارونة اليزابيت سايمونز التي تولت حينها رئاسة الغرفة (وهي بدورها ابنة مدير سابق لمصلحة الضرائب) انخرطت في اللعبة ايقانا بضعف موقفها لأن حزب العمال الذي تنتمي إليه بعيد عن السلطة، وكذلك بسبب علاقاتها مع النظامين السابقين التونسي والليبي والاتهامات الموجهة لها
بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من مناصبها السياسية.
وليس سرا أن الأنظمة الخليجية تفضل أن تتعامل مع حكومة يقودها المحافظون وذلك بسبب ميل هذا الحزب الى التقاليد الاقطاعية أكثر من حزب العمال أو حتى من شريكه الحالي حزب الليبراليين الديمقراطيين، وقد أعلن عن ذلك صراحة عبد الرحمن المطيوعي سفير الامارات الحالي ورئيس غرفة التجارة الإماراتية السابق في تصريح لوكالة أنباء بلده قبل سنتين قائلا في لغة تدل على ضعف تجربته الدبلوماسية: إن الحكومة الجديدة افضل لنا من حكومة العمال. وتسعى أنظمة الخليج إلى توطيد علاقاتها مع قادة الجيش الذين ينتدب بعضهم لتأطير جيوشها اذا ترك الجيش البريطاني
برواتب خيالية، ولا زلت أتذكر كيف كان أحد سفراء الخليج نشوانا مزهوا وهو يحدثني أن جنرالا انجليزيا متقاعدا "شرفه" في مكتبه ست ساعات.
وكلام المطيوعي لم يزد عن كونه كلاما صحيحا وهو يمهد للجواب على سؤالينا: ما الذي تقدمه حكومة بريطانيا الحالية لحكومات الخليج وما الذي تقدمه حكومات الخليج لحكومة بريطانيا ورجال أعمالها الذين يزدادون غنى رغم الأزمة (وليس لشعبها كما يحاول كاميرون وهيغ اقناع الرأي العام به).
تقدم الحكومة البريطانية غطاء جيدا لفساد الأنظمة الخليجية بفضل الخبرة العالية للمحافظين سواء (كانوا سياسيين أو رجال أعمال) في الالتفاف على قوانين محاربة الفساد وتمييعها وافراغها من روحها كما حدث في الماضي في صفقة اليمامة التي تم عقدها أيام حكومة مارغاريت تاتشر وكما يحدث اليوم بأساليب أشد براعة على يد أبناء تاتشر كما وصف ديفيد كاميرون نفسه وزملاءه في لقاء في مكتب السفير الأمريكي في لندن لويس سوزمان. وكما استخدمت حكومة توني بلير خدعة الحفاظ على الأمن القومي لإقفال التحقيقات في تجاوزات صفقة اليمامة زاعمة أن السعودية هددت بإيقاف
التعاون في مكافحة الارهاب اذا لم يحدث ذلك، تستخدم الحكومة الحالية مسألة الحاجة إلى جلب أموال أكثر لسد العجز والقضاء على البطالة لتمرير كثير من التجاوزات التي تشوب صفقاتها مع دول الخليج بعيدا عن رقابة الشعب أو الصحافة البريطانيين.
وتمنح بريطانيا للعوائل الحاكمة في الخليج هامشا كبيرا من الخصوصية والسرية ليس في سهراتهم الشخصية فقط كما يتصور البعض بل كذلك في ادارة أعمالهم المالية وتيسير مصالحهم السياسية بما يترتب عن تلك الخصوصية المبالغ فيها من عدم خضوع لأي حساب أو مساءلة. ومن المضحكات أن وزارة الخارجية البريطانية قامت بتزوير القائمة الدبلوماسية التي ينشر فيها أسماء الدبلوماسيين العاملين في بريطانيا فقامت بإحداث تغيير على أسماء مضاوي ومشاعل ابنتي محمد بن نواف آل سعود سفير السعودية في لندن بطلب منه بسبب عدم رغبته في أن يعلم الرأي العام البريطاني أو
السعودي بأنه وظف ابنتيه في السفارة برتبتي سكرتير ثالث وملحق دون الخضوع للقواعد المعروفة في شغل المناصب الدبلوماسية من تدرج وعمل داخل البلد قبل الابتعاث الى الخارج، واذا لم يكن التستر على الفساد فسادا فما هو الفساد.
لذلك يفضل أمراء وشيوخ الخليج الخصوصية البريطانية أكثر من أي بلد آخر بما فيها أمريكا ذات النظام الجمهوري فيوظفون حرسهم من بين الضباط البريطانيين المتقاعدين (كما فعل محمد بن نواف الذي وظف أخيرا حارسا بريطانيا رغم أن ثلث مكاتب سفارته مخصص لضباط الأمن والمخابرات السعوديين)، ويحولون أموالهم إلى الخارج كما فعل ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي السابق بتواطؤ من خالد الدويسان سفير الكويت الذي أثبت النائب مسلم البراك أنه حول مليونين وسبعمائة وعشرين ألف جنيه استرليني على الأقل من حساب السفارة الى الحساب الشخصي لرئيس الوزراء
السابق بعلم من عبد الله المنصور مدير الشؤون المالية والادارية في وزارة الخارجية ودون علم من محمد الصباح الذي كان وزيرا حينها.
واذا كانت تحويلات ناصر المحمد قد ظهرت الى الملأ بسبب رغبة بعض الأطراف في ابعاده نتيجة لميله لإيران فإن كثيرا من شيوخ آل صباح وأمراء آل سعود وغيرهم يفعلون ذات الشيء بشكل يومي ودون حسيب أو رقيب ليس فقط لما في بريطانيا من خصوصية بل كذلك لشعور منهم بأنها ولية نعمتهم التي تبقيهم في السلطة مقابل دفعهم لمثل هذه الجزية. ولعل هذه اجابة لأولئك الذين تساءلوا داخل الكويت عن العبقرية التي مكنت سفيرهم في لندن من البقاء في منصبه أكثر من عشرين سنة رغم انه سيتم السن القانونية للتقاعد (65 سنة) بعد ثلاثة أشهر، فهذا السفير ليس سفيرهم بل هو سفير شيوخ
آل صباح الذين يحرص على رعاية مصالحهم ويعلم أنهم لن يفرطوا فيه لكونه عميد السلك الدبلوماسي الذي يستطيع بحكم توليه العمادة وبسحر الشيكات التي تسددها حكومته الوصول إلى أي عضو من أعضاء الحكومة بسهولة.
وفي التعاون الأمني يقدم الطرفان إلى بعضهما البعض خدمات كثيرة لا تفيد شعبي البلدين بقدر ما تفيد الأنظمة الخليجية والنظام البريطاني، ولعل قيام السعودية بأخذ بصمات الحجاج والمعتمرين وتبادلها مع المخابرات الغربية يؤكد أن العلاقات الخليجية البريطانية-الأمريكية أهم عند تلك الأنظمة من قواعد الإسلام التي تقضي بأن من قصد مكة للحج أو العمرة آمن حتى ولو كان أسامة بن لادن أو أحمد الجيزاوي.
وتثير صفقات السلاح الذي تستورده دول الخليج من بريطانيا تساؤلات عن طبيعة نوع هذا السلاح الذي من الممكن أن يتضمن أدوات تستخدم لقمع المتظاهرين في ما يشبه تجربة فرنسا مع تونس حين عرضت وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشيل أليو-ماري على نظام بن علي دعمه بالقنابل المسيلة للدموع للسيطرة على المظاهرات. وتثار تساؤلات عن حجم التورط البريطاني في انتهاكات حقوق الإنسان في الخليج والمتستر بما يسمى بالاتفاقيات الأمنية، خصوصا إذا علمنا أن الذين أدخلوا أحدث تقنيات التعذيب إلى تلك المنطقة كانوا بريطانيين منهم إيان هندرسون القائد الاسكتلندي
لجهاز الأمن البحريني.
وقد سرت مؤخرا شائعات بأن مواطنين قطريين خرجوا للاحتجاج على وجود قواعد عسكرية أمريكية في بلادهم يستهدف منها اخوانهم في العالم الإسلامي وأن جنودا من المارينز الأمريكي ساهموا في قمع هذه المظاهرات.
وتفرض الحكومة البريطانية على أكثر المعارضين الخليجيين ابقاء اتصالاتهم بها مربوطة بالقنوات الأمنية التي تحسن استخدام سياسة الترغيب والترهيب، بينما يفضل رجال الحكومة البريطانية تجنب الاتصال برموز المعارضة في هذه البلدان خصوصا الذين ينادون بإسقاط أنظمتهم سواء كانوا مقيمين في بلدانهم أو في بريطانيا.
ومحمد المسعري المعارض المعروف لآل سعود مثال جيد لقدرة الحكومة البريطانية على عزل وتهميش واسكات المعارضين السياسيين للدول الصديقة لها، فقد طلبت الحكومتان السابقتان (المحافظة والعمالية) رأسه أكثر من مرة محاولة نفيه الى جزر الدومنيكان واعتقاله واعادته الى السعودية وما أنجاه بعد الارادة الالهية كان الاستقلال النسبي للقضاء في بريطانيا وليس نزاهة تلك الحكومات. ويقول المسعري الذي يحمل وثيقة سفر ليست وثيقة لجوء ولا يمكن السفر من خلالها لأن أغلب الدول ترفض الاعتراف بها: إن الحكومات الثلاث المتتالية خلال فترة اقامته في بريطانيا سعت
لعدم تمكينه من الشعور بالاستقرار في هذا البلد هو وعائلته، وأنها لم تمنحه الاقامة الدائمة هو وابنه الا بأمر من المحكمة.
ويعاني سعد الفقيه رئيس ما يسمى حركة الإصلاح من وضع مماثل هو ساعده الأيمن عبد الله بن دخيخ الغامدي وكذلك المشرف على اذاعته ومواقعه عادل الظلي السرحاني الذين لم يمنحا اقامة الا بعد أن لجآ إلى المحاكم مثلهما مثل المسعري وابنه.
كما أن الحكومات البريطانية عجزت عن حماية هذين المعارضين الذين لا يزالان إلى اليوم أبرز المنادين بإسقاط النظام السعودي من تحرشات هذا الأخير، فقد تعرض المسعري وربما لا يزال يتعرض مثله مثل الفقيه ومضاوي الرشيد وكساب العتيبي وآخرين إلى التجسس من أشخاص دفعت الحكومة السعودية لهم أموالا مقابل ذلك. وأبرز مثال في هذا السياق قيام مندوب الاستخبارات السعودية علي الشمراني بأمر من السفير السابق تركي الفيصل بتجنيد شرطي بريطاني من أصل يمني لتتبع نشاطات المسعري وتصوير بيته وسيارة زوجته، وهي قضية لا يعلم عنها المسعري إلا ما ورد في الصحف
بالرغم من أنه طرف فيها لأن الشرطة البريطانية رفضت اطلاعه الا على أشياء عامة لا تفيد في شيء.
كما أن سعد الفقيه الذي تعرض إلى الضرب على يد شخصين يقول إن المخابرات السعودية أرسلتهما إليه (في فترة سفارة تركي الفيصل أيضا) لم يتمكن من مقاضاتهما رغم انه تم القبض عليهما واعترفا لأن الشرطة رفضت تحريك دعوى ضدهما، وهو أمر إن صح دليل على صحة اتهاماته.
وقد تعرض معارضون بحرينيون بدورهم إلى الاعتداء من جهات يبدو أنها مدفوعة من حكومتهم، بل وكاد سعيد الشهابي أحد زعماء هذه المعارضة يفقد حياته نتيجة لمحاولة حرق بيته قبل ثلاث سنوات دون أن تفضي تحقيقات البوليس البريطاني إلى نتائج تدل على جديتها.
وتمارس الحكومة البريطانية ومن خلال أجهزة الأمن التي اعترف وليام هيغ أنها اليد الضاربة للسياسة الخارجية الضغط على اللاجئين السياسيين الذين ينتمون لدول الخليج من أجل عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي تهدد علاقتها بتلك الدول، بل وتلفق تهم الإرهاب لبعضهم مثل ما حدث مع المسعري والفقيه وقبله سعيد الشهابي وحسن مشيمع المعارضان البحرينيان لآل خليفة، وذلك لكي تشل حركتهم السياسية وتحولهم من معارضين إلى مطلوبين في قضايا أمنية يخافون من أن يتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية لمواجهة التعذيب أو حتى الاغتيال.
ورغم أن الفقيه يملك قدرا من الانتهازية السياسية تجعله يغازل من يسميهم بالجهاديين طمعا في دعمهم له إلا أن وصفه بالإرهابي لمجرد أنه أهدى إلى أسامة بن لادن هاتفا جوالا في وقت لم يكن فيه أسامة متهما بعد بالإرهاب هي نكتة لم يصدقها حتى الانجليزي الذي اخترعها وإلا كان الفقيه اليوم في السجن. وكذلك هو حال محمد المسعري الذي ورغم تأييده الصريح للمقاومة العراقية والأفغانية إلا أنه لم يكن يوما من قادتها ولا من منظريها وهو ما تعلمه الحكومة البريطانية جيدا، بل إنني من موقع رصدي منذ مدة طويلة لنشاط تنظيم القاعدة على النت وجدت أكثر هذه المواقع
(خصوصا المخترقة من المخابرات السعودية والأردنية) تهاجمه بسبب استقلاله عن التيار الوهابي بعكس الفقيه.
ولا بد من الاعتراف بأن بريطانيا لم تعد تغري المعارضين في الخليج بالإقامة فيها بسبب سياسات حكوماتها المتلاحقة، بل إنني على معرفة شخصية بطلبة خليجيين مقيمين فيها يخشون من ابداء آرائهم المنادية بإسقاط حكوماتهم لخوفهم من قيامها بإرجاعهم الى بلدانهم ويقينهم أن أي طلب لجوء قد يقدمونه لن يلقى نفس الأولوية التي يلقاها الارتيري أو الدارفوري مثلا.
ويساهم الإعلام البريطاني بدوره في احكام الحصار على المعارضة الخليجية التي من المفترض أنها جاءت بريطانيا من أجل ابلاغ قضيتها للرأي العام، فقناة البي بي سي العربية التي يتحكم فيها بيروقراطيون يوجهون الصحفيين ويوجههم ضباط الأمن والدبلوماسيون لها أجندتها السياسية التي تحددها وزارة الخارجية والتي تصاغ وفقها طريقة التعامل مع الوضع في الخليج وتعين الأسماء التي يجب استضافتها من تلك التي يجب أن تقاطع.
ويقول محمد المسعري: إن البي بي سي العربية التي تم اقفالها في الماضي بسبب سحب الشريك السعودي لأمواله بعد استضافتها له قبل عقد ونصف لم تعد تستضيفه نهائيا منذ عودتها إلى البث قبل أربع سنوات، ويضيف أن الاستثناء الوحيد كان محاولة هذه القناة الحصول منه على تعليق حول اعتقال السعودي حمزة كاشغري مؤخرا بتهمة سب الرسول وأنه رفض المشاركة لأنه شم في الأمر رائحة فخ منصوب له. أما البي بي سي الانجليزية، يضيف المسعري، فإنها لا تتصل الا اذا تعلق الأمر بقضية لها علاقة بالإرهاب في محاولة مفضوحة لتمييع نشاط المسعري السياسي والحقوقي وابقائه رهينة
لصورة نمطية واحدة لا غير، صورة الإرهابي.
ويؤكد الفقيه بدوره أن البي بي سي قامت في أكثر من مرة بدعوته الى التعليق على مسائل معينة في برامجها وأن الفترة الزمنية التي منحت له لم تتجاوز بضعة دقائق في أغلب الأحيان مما جعله يشعر بالإهانة ويقرر الامتناع عن تلبية دعواتها التي هي في حقيقة الأمر دعوات يراد منها الابقاء على شعرة معاوية لا غير. ويقول الفقيه إن معلوماته هي أن البي بي سي لا تستضيف أيا من الفصائل المعارضة الأخرى فيما عدا ممثلي الطائفة الشيعية ومنهم الناشط حمزة الحسن.
ويثير تركيز الإعلام البريطاني على المعارضة الشيعية رغم كونها أقلية ورغم وجود معارضة قوية في الخارج تساؤلات كثيرة، ويفسر البعض ذلك بأن بريطانيا تراهن على استقلال المنطقة الشرقية الغنية بالنفط عن السعودية وتحاول كسب قيادات الشيعة هنالك. ويرى آخرون أن الهدف من التركيز على المسلمين الشيعة في السعودية هو ابتزاز النظام السعودي مع ضمان عدم سقوطه باعتبار أن العدد القليل لأبناء المذهب الموالي لعلي بن أبي طالب لا يؤهلهم لإحداث ثورة انفصالية، أما فريق ثالث فيرى بأن بريطانيا تسعى الى عزل الشيعة العرب عن المرجعية الإيرانية من خلال
تقريبهم اليها وابداء العطف عليهم كما أبدت من قبل عطفا على اليهود ساعدهم على اقامة دولتهم في وعد بلفور الشهير.
وعموما فإن مقارنة بين أساليب البي بي سي الفارسية التحريضية ضد ايران وتلك المعتمدة في البي بي سي العربية تجاه دول الخليج تكفي لإقناع أي معارض لمبدأ انحياز خدمة البي بي سي العالمية بأن رأيه خاطئ. فبريطانيا تقول ضمنيا لدول الخليج: لا تعرقلوا مصالحنا في أراضيكم ولن نحرك المعارضة ضدكم كما نفعل في سوريا وايران وليبيا؛ وهي في نفس الوقت الذي ترفض الضغط على دول مجلس التعاون من أجل احلال الديمقراطية بدعوى احترامها لسيادتها على أراضيها تستحل ذلك في بلدان أخرى.
والخلاصة هنا هي أن بريطانيا تتعامل مع المعارضات الخليجية وفق المبدأ الآتي: يجب أن تكون قوية بالقدر الكافي لإزعاج الأنظمة وضعيفة بالقدر الكافي لعدم الوصول إلى الحكم.
وتوحي كل المؤشرات أن المعارضة البحرينية هي أقوى المعارضات الخليجية المقيمة في الأراضي البريطانية بدليل نشاطاتها المكثفة التي أثمرت أخيرا بإجبار السفير السابق خليفة بن علي آل خليفة على مغادرة بريطانيا بعد أن شلت حركيته فيها لعدة أشهر، وذلك باتهامها له بتعذيب المعتقلين وهو في منصبه السابق وزيرا للأمن الوطني. ويبدو أن خليفة ذهب ضحية اصراره على مقاطعة معارضة لندن بعد لقائها بالملك في فترة السفير الذي سبقه وهو ما كلفه منصبه بالرغم من محاولاته رشوة الرأي العام البريطاني من خلال ندوات الاستثمار الكثيرة التي كان يعقدها ويوزع
خلالها الهدايا على المسؤولين ومنهم البارونة سايمونز رئيسة غرفة التجارة العربية.
ويعتبر اللورد اريك افيبري واحدا من أهم الداعمين للمعارضة البحرينية ورقما فاعلا في حركيتها داخل الأراضي البريطانية ، وهو شخصية يبدو أنها بذلت نفسها لنصرة الحركات السياسية المعارضة دون اعتناق للأجندة الامبريالية البريطانية؛ وقد سبق للورد افيبري أن دعم حركات معارضة أخرى بنفس الطريقة كالمعارضة الاثيوبية والارتيرية ضد نظام مانغيستو هيلا ماريام.
ورغم ذلك تعاني المعارضة البحرينية من ملاحقة أفرادها المعتصمين والمتظاهرين بتهمة الاخلال بالنظام العام كما حدث عدة مرات لعلي مشيمع ابن حسن مشيمع المعارض المسجون رغم اصابته بالسرطان وموسى عبد علي الخبير في التخفي واقتحام الحفلات والندوات التي يعقدها النظام البحريني في لندن بهدف افسادها. وقد تعرض موسى لعملية تعذيب بشعة في البحرين تخللها نوع من أنواع الاعتداء الجنسي أثر على نفسيته إلى اليوم.
ويسجل الملاحظون باستغراب صمت الحكومة البريطانية المشين تجاه اعتقال وتعذيب جعفر الحسابي المواطن البريطاني من أصل بحريني سنة 2010، وهو صمت يشبه صمتها تجاه اعتقال ثم اختفاء فواز العطية المواطن البريطاني الذي سحبت منه جنسيته القطرية.
علي أن أوضح بأنني في هذه المساهمة لا أدعو إلى الثورة في دول الخليج وذلك لأنني أحترم سيادة الشعوب على أراضيها ولا أسمح لنفسي بالتدخل في شؤونها، ومع ذلك فإنني أرى أن بذور الثورة موجودة في المجتمعات الستة المكونة لمجلس التعاون الخليجي كغيرها من الدول العربية، بل إنني أجزم بأن هذه البذور أزهرت أو تكاد في دولتين من هذه الدول هي السعودية والبحرين وستزهر قريبا في الدول الأخرى مع يقين مني بأنها ستكبر بأسرع مما يتصوره الكثيرون مغيرة الواقع الحالي تغييرا سلميا يفضي الى ملكيات وامارات تملك ولا تحكم، أو دمويا ينتهي بأسقاطها واحلال أنظمة
جمهورية مكانها.
ويقيني هذا مرده تطور نزعة المساواة والحرية في هذه المنطقة بسبب التعليم وانتشار تقنيات الاتصال الحديثة من فضائيات وانترنت وعجز الأنظمة هنالك عن التجاوب مع هذا الواقع وبعدها عن امتلاك تصور حداثي يواكب تطلع البشر لتلك الحرية والمساواة.
ورغم أن أكثر الدول الخليجية التي تنتظر ثورة قادمة هي السعودية التي تعيش غليانا مستمرا ينجب أحيانا ثويرات كأحداث حنين والعوامية العام الماضي، غليان تنفخ فيه الحركات المعارضة الموجودة حاليا كالسلفية الجهادية والدستورية والاخوانية والخمينية والإصلاحية، تأتي بعدها البحرين التي تعيش ثورة حقيقية مشكلتها أنها غير قادرة على جمع كل البحرينيين بمختلف طوائفهم وراءها؛ رغم ذلك فإن الدول الأخرى مقبلة على نفس المصير إما لعوامل دينية واجتماعية كما في عمان أو لأسباب لها علاقة بالحريات كما في قطر والإمارات أو لأخرى تجمع بين البعد
الإجتماعي والبعد السياسي كما في الكويت.
ففي عمان قنبلتان يمكن أن تنفجرا قريبا بمجرد أن تضعف قبضة الدولة الأمنية هما قنبلتا الطائفية ونزعة الأسلمة المعادية للتوجه العلماني للدولة، طائفية طبيعية في دولة لا تعتبر الأغلبية الإباضية فيها أغلبية ساحقة بوجود نسبة كبيرة من السنة الشوافع والأحناف تكاد تقترب من النصف بالإضافة الى عدد أقل من الشيعة وأقلية جد بسيطة من الهندوس. وتوجه تدريجي من الطوائف الموجودة إلى الانخراط في محضن إسلاموي طائفي بديل لمحضن الدولة التي عرفت خلال العشرين سنة الماضية عددا قياسيا من محاولات الانقلاب التي أعد لها أنصار اعادة حكم الإمام غالب
الهنائي رحمه الله.
وفي الإمارات ها نحن نسمع كل يوم بفلان وفلان تسحب منهم جنسياتهم بسبب مواقفهم السياسية وبدعوى أنهم مجنسون، وهي اهانة يوجهها النظام الإماراتي واعلامه في الداخل والخارج للشعب حين يدعي أن المتجنسين وحدهم من لديهم وعي سياسي وحس طبيعي للمعارضة لا ينكر شرعيته الا نظام استبدادي لن تجعل أبراجه العالية منه نظاما ديموقراطيا.
وفي قطر التي قصم ظهر أي توجه معارض فيها سحب جنسيات عشر عدد سكانها بسبب تأييدهم للأمير السابق يشتكي القطريون همسا للعمالة الأجنبية المثقفة من الضغط الذي تمارسه عليهم الأجهزة الأمنية مدعومة بأجهزة استخبارات خارجية. وهو وضع جعل المواطن القطري يعيش حالة شيزوفرنيا بسبب القمع السياسي الممارس عليه في الداخل والحريات المزعومة التي تصدرها قناة الجزيرة. وقطر كالإمارات نموذجان سيثبتان مستقبلا خطأ المقولة الرائجة من أن المواطن لا يهمه إلا اشباع معدته وأن الحرية أمر ثانوي مقارنة بالرفاه المالي.
أما الكويت التي تعد بلا شك هي والبحرين (بشكل يظل نسبيا طبعا) أكثر الدول الخليجية التي اقتربت من تحقيق الانعتاق من الملكيات الاقطاعية والدخول في عصر الملكيات الدستورية أو الجمهوريات، فإنها تعاني من مشكلة الفساد أكثر مما تعاني من أزمة حرية تعبير وهو ما سيخفف الضغط عليها لمدة أطول ولكن هذا لا يعني أنها ستكون بمنأى عن التغيير ما دام المواطن الكويتي يطمح طموحا طبيعيا في الانخراط في أحزاب سياسية والتمتع بنفس حقوق شيوخ آل صباح والزام هؤلاء الشيوخ بنفس واجبات المواطن والوصول إلى انتخاب رئيس وزراء من الشعب.
ولعل من مسببات الثورة قضية اجتماعية مؤرقة تشترك فيها كل دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان هي قضية حق الحصول على الجنسية من عدمه؛ فالكويت وان كانت أكثر الدول التي تماطل في تجنيس من لديهم اثباتات بحقهم في جنسيتها ليست الدولة الوحيدة التي فيها بدون، فالامارات والسعودية لديها بدون في البريمي (منطقة حدودية سعودية اماراتية) وفي المنطقة الغربية (الحجاز وخصوصا مكة والمدينة). أما البحرين فتعرف مشكلة عكسية هي تجنيس من لا يستحق الجنسية على أساس طائفي، سواء اليوم كما تفعله حكومة آل خليفة التي تجنس العراقيين واللبنانيين والسوريين
لأنهم سنة، أو بالأمس عندما كان بعض الموظفين الشيعة يستغلون نفوذهم لتجنيس ايرانيين وغيرهم لأنهم شيعة.
وفي قطر يبلغ عدد البدون ألفي شخص أي 1% تقريبا من عدد المواطنين بالإضافة الى نسبة من الذين تم سحب جنسياتهم من بني مرة ولم يتمكنوا من التجنس بالجنسية السعودية كغيرهم، ورغم صعوبة قيام ثورة في هذه البلدان يحركها البدون بسبب كونهم أقلية إلا أن حجم تعاطف المواطنين معهم قد يسهل قيام حركات احتجاج عنيفة على طريقة ثورة الزنج في العراق قبل 13 قرنا.
2- لماذا تدعم بريطانيا الأنظمة الخليجية، ماذا تقدم لها، وماذا تقدم دول الخليج لبريطانيا بالمقابل
إن العلاقة القديمة لأنظمة الخليج ببريطانيا لم تعد سرا يمكن اخفاؤه، ولا أرى داعيا لاستعراض مسائل تاريخية استعرضتها سابقا في مقالي: "فيروس النفاق الخليجي والحركات الإسلامية" والذي أشرت فيه إلى دور بريطانيا والضابطين شكسبير وفلييبي في تقوية شوكة الملك عبد العزيز. يكفي أن السلطان قابوس اعترف ضمنيا للبي بي سي قبل اربعين سنة بأن بريطانيا ساعدته على الوصول إلى الحكم في عمان، ويكفي أن حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر اعترف أخيرا في مجلس الأمن بأن بريطانيا دخلت مشيخات الخليج بدعوة من حكامها وهو لا يقصد أل ثاني وحدهم بل آل صباح وآل خليفة وشيوخ
الامارات كذلك، كما يكفي أن يتنافس حديثا خالد وسعود نجلا صقر القاسمي الحاكم الراحل لرأس الخيمة على طلب الدعم الغربي لإحلال أخ مكان أخيه كما فعل قبلهما زايد حاكم الإمارات حين أطاح بأخيه شخبوط بعون بريطاني.
أولا: ان بريطانيا تدعم هذه الأنظمة لأنها هي التي أوصلتها إلى الحكم أو قوت شوكتها فساهمت في ذلك، لذلك فهذه الأنظمة هي استثمار تاريخي طويل الأمد لا بد لها ألا تخسره.
ثانيا: إن وصول أنظمة أفضل في هذه الدول من شأنه أن يعود بالعالم إلى عهد كانت فيه الجمعية العامة لمجلس الأمن ومن ورائها تكتل دول عدم الانحياز ترسم جزءا هاما من خارطة السياسة الدولية بفضل التنسيق الذي كان بين زعامات ذلك التكتل وكذلك بفضل وجود الاتحاد السوفياتي. بل إن مثل هذا الأمر اذا اتسع كما حدث في جنوب أمريكا من شأنه أن يهدد هيمنة دول ثلاث على مجلس الأمن واستخدامه سلاحا لإبقاء الهيمنة الرأسمالية على العالم.
ثالثا: إن سقوط هذه الأنظمة وقيام أنظمة تستمد سلطتها من اسلام أكثر ثورية ومن شعوب ساخطة سوف يوقع بريطانيا ومعها دول غربية كبيرة في أزمة طاقوية حادة سببها اتخاذ الحكومات الجديدة لاستراتيجية شعارها أقل انتاج بأكبر سعر، بدل استراتيجية الخليج لرفع الانتاج المتبعة منذ الثمانينات والتي تهدف إلى مساعدة الغرب على تحقيق الرفاهية (ومن ثم تفقير الدول المنتجة وادخالها في كوارث كتلك التي تعرض لها عراق صدام حسين) كما اعترف بذلك صراحة تركي الفيصل في مقال نشره في جريدتي الواشنطن بوست والشرق الأوسط في سبتمبر 2002 .
رابعا: إن النظام البريطاني يدرك حجم الكره الذي يحمله تجاهه أبناء الخليج ليس بسبب ماضي بريطانيا الإمبريالي ودعمها لنشوء اسرائيل فحسب بل بصورة أكبر بسبب الدعم الذي تقدمه لأنظمة الخليج في اطالة عمر الفساد والاستبداد بما يترتب عنه من وجود بريطاني ضخم يؤثر حتى على فرص المواطن في العمل، فضلا على أن بريطانيا ساهمت بدور كبير في احتلال العراق وأفغانستان في الماضي القريب.
لذلك اعتبر وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني في خطاب ألقاه في نوفمبر 2011 أمام رجال الأمن والاستخبارات بحضور المسؤولين عن جهازي الاستخبارات الخارجية وقاعدة التنصت الحكومية شبه الجزيرة العربية مصدر خطر أمني رئيسي على بريطانيا. وربما يكون مفيدا الإشارة إلى أن جون ساورس المدير الحالي لهيئة المخابرات الخارجية SIS/MI6 منذ 2009 عمل سفيرا في مصر كما بدأ مشواره دبلوماسيا صغيرا في سوريا واليمن اللتين كان فيهما في ذات الوقت عميلا للمخابرات البريطانية، اضافة إلى أنه كان في بداية احتلال العراق ممثلا خاصا لحكومته هناك.
خامسا: إن أي سقوط لهذه الأنظمة من شأنه أن يهدد بزيادة العجز والبطالة في بريطانيا ليس فقط لأن كثيرا من الكوادر البريطانية العاملة هناك والمسيطرة على أكثر المناصب نفوذا ودخلا سوف تفقد الكثير من امتيازاتها أو تفقد مناصب عملها لصالح كفاءات محلية أو اقليمية، بل كذلك لأن هذه الدول تدعم وستستمر في دعم الاقتصاد البريطاني باعتراف أفنان الشعيبي مديرة غرفة التجارة البريطانية في أكثر من تصريح. وأفنان هذه هي سعودية من القصيم تمكنت من الصعود بسرعة بفضل دعم أبيها عبد الله بن منصور الحمد الشعيبي خريج احدى الجامعات البريطانية وابن ضابط شرطة
برتبة مقدم وابن عم قائد قوات المنطقة الغربية السابق الفريق أول منصور بن علي الشعيبي بالإضافة إلى القائد الحالي لمجموعة الدفاع الجوي الثانية في جدة اللواء ركن علي بن منصور الشعيبي.
مديرة الغرفة العربية هذه نجحت بفضل دعم السفير السعودي في لندن وابن عم زوجته الأمير سلطان بن فهد في أن تحول الغرفة من غرفة تعنى برعاية الشأن العربي عموما كما كان عليه الحال أيام مؤسسها العراقي عبد الكريم المدرس إلى غرفة سعودية أولا ثم خليجية ثانية همها الإعداد للزيارات المتبادلة بين المسؤولين البريطانيين ونظرائهم الخليجيين لتأتي النشاطات العربية في مقام ثالث؛ زيارات ولقاءات تحرص أفنان على أن تكون بعيدة عن أعين الصحافة (فيما عدا صحافة العلاقات العامة الممولة من أنظمة الخليج) كأن هنالك شيئا تريد اخفاءه.
وللغرفة العربية دور هام في اتمام البنود السرية لصفقة عنوانها: "المال الخليجي مقابل التواطؤ البريطاني"، وقد بلغ حرص الطرف البريطاني على هذه الصفقة حدا جعل موظفي الغرفة العربية من البريطانيين عاجزين عن الحصول على دعم وزارة خارجيتهم ضد تسلط المديرة السعودية. كما أن البارونة اليزابيت سايمونز التي تولت حينها رئاسة الغرفة (وهي بدورها ابنة مدير سابق لمصلحة الضرائب) انخرطت في اللعبة ايقانا بضعف موقفها لأن حزب العمال الذي تنتمي إليه بعيد عن السلطة، وكذلك بسبب علاقاتها مع النظامين السابقين التونسي والليبي والاتهامات الموجهة لها
بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من مناصبها السياسية.
وليس سرا أن الأنظمة الخليجية تفضل أن تتعامل مع حكومة يقودها المحافظون وذلك بسبب ميل هذا الحزب الى التقاليد الاقطاعية أكثر من حزب العمال أو حتى من شريكه الحالي حزب الليبراليين الديمقراطيين، وقد أعلن عن ذلك صراحة عبد الرحمن المطيوعي سفير الامارات الحالي ورئيس غرفة التجارة الإماراتية السابق في تصريح لوكالة أنباء بلده قبل سنتين قائلا في لغة تدل على ضعف تجربته الدبلوماسية: إن الحكومة الجديدة افضل لنا من حكومة العمال. وتسعى أنظمة الخليج إلى توطيد علاقاتها مع قادة الجيش الذين ينتدب بعضهم لتأطير جيوشها اذا ترك الجيش البريطاني
برواتب خيالية، ولا زلت أتذكر كيف كان أحد سفراء الخليج نشوانا مزهوا وهو يحدثني أن جنرالا انجليزيا متقاعدا "شرفه" في مكتبه ست ساعات.
وكلام المطيوعي لم يزد عن كونه كلاما صحيحا وهو يمهد للجواب على سؤالينا: ما الذي تقدمه حكومة بريطانيا الحالية لحكومات الخليج وما الذي تقدمه حكومات الخليج لحكومة بريطانيا ورجال أعمالها الذين يزدادون غنى رغم الأزمة (وليس لشعبها كما يحاول كاميرون وهيغ اقناع الرأي العام به).
تقدم الحكومة البريطانية غطاء جيدا لفساد الأنظمة الخليجية بفضل الخبرة العالية للمحافظين سواء (كانوا سياسيين أو رجال أعمال) في الالتفاف على قوانين محاربة الفساد وتمييعها وافراغها من روحها كما حدث في الماضي في صفقة اليمامة التي تم عقدها أيام حكومة مارغاريت تاتشر وكما يحدث اليوم بأساليب أشد براعة على يد أبناء تاتشر كما وصف ديفيد كاميرون نفسه وزملاءه في لقاء في مكتب السفير الأمريكي في لندن لويس سوزمان. وكما استخدمت حكومة توني بلير خدعة الحفاظ على الأمن القومي لإقفال التحقيقات في تجاوزات صفقة اليمامة زاعمة أن السعودية هددت بإيقاف
التعاون في مكافحة الارهاب اذا لم يحدث ذلك، تستخدم الحكومة الحالية مسألة الحاجة إلى جلب أموال أكثر لسد العجز والقضاء على البطالة لتمرير كثير من التجاوزات التي تشوب صفقاتها مع دول الخليج بعيدا عن رقابة الشعب أو الصحافة البريطانيين.
وتمنح بريطانيا للعوائل الحاكمة في الخليج هامشا كبيرا من الخصوصية والسرية ليس في سهراتهم الشخصية فقط كما يتصور البعض بل كذلك في ادارة أعمالهم المالية وتيسير مصالحهم السياسية بما يترتب عن تلك الخصوصية المبالغ فيها من عدم خضوع لأي حساب أو مساءلة. ومن المضحكات أن وزارة الخارجية البريطانية قامت بتزوير القائمة الدبلوماسية التي ينشر فيها أسماء الدبلوماسيين العاملين في بريطانيا فقامت بإحداث تغيير على أسماء مضاوي ومشاعل ابنتي محمد بن نواف آل سعود سفير السعودية في لندن بطلب منه بسبب عدم رغبته في أن يعلم الرأي العام البريطاني أو
السعودي بأنه وظف ابنتيه في السفارة برتبتي سكرتير ثالث وملحق دون الخضوع للقواعد المعروفة في شغل المناصب الدبلوماسية من تدرج وعمل داخل البلد قبل الابتعاث الى الخارج، واذا لم يكن التستر على الفساد فسادا فما هو الفساد.
لذلك يفضل أمراء وشيوخ الخليج الخصوصية البريطانية أكثر من أي بلد آخر بما فيها أمريكا ذات النظام الجمهوري فيوظفون حرسهم من بين الضباط البريطانيين المتقاعدين (كما فعل محمد بن نواف الذي وظف أخيرا حارسا بريطانيا رغم أن ثلث مكاتب سفارته مخصص لضباط الأمن والمخابرات السعوديين)، ويحولون أموالهم إلى الخارج كما فعل ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي السابق بتواطؤ من خالد الدويسان سفير الكويت الذي أثبت النائب مسلم البراك أنه حول مليونين وسبعمائة وعشرين ألف جنيه استرليني على الأقل من حساب السفارة الى الحساب الشخصي لرئيس الوزراء
السابق بعلم من عبد الله المنصور مدير الشؤون المالية والادارية في وزارة الخارجية ودون علم من محمد الصباح الذي كان وزيرا حينها.
واذا كانت تحويلات ناصر المحمد قد ظهرت الى الملأ بسبب رغبة بعض الأطراف في ابعاده نتيجة لميله لإيران فإن كثيرا من شيوخ آل صباح وأمراء آل سعود وغيرهم يفعلون ذات الشيء بشكل يومي ودون حسيب أو رقيب ليس فقط لما في بريطانيا من خصوصية بل كذلك لشعور منهم بأنها ولية نعمتهم التي تبقيهم في السلطة مقابل دفعهم لمثل هذه الجزية. ولعل هذه اجابة لأولئك الذين تساءلوا داخل الكويت عن العبقرية التي مكنت سفيرهم في لندن من البقاء في منصبه أكثر من عشرين سنة رغم انه سيتم السن القانونية للتقاعد (65 سنة) بعد ثلاثة أشهر، فهذا السفير ليس سفيرهم بل هو سفير شيوخ
آل صباح الذين يحرص على رعاية مصالحهم ويعلم أنهم لن يفرطوا فيه لكونه عميد السلك الدبلوماسي الذي يستطيع بحكم توليه العمادة وبسحر الشيكات التي تسددها حكومته الوصول إلى أي عضو من أعضاء الحكومة بسهولة.
وفي التعاون الأمني يقدم الطرفان إلى بعضهما البعض خدمات كثيرة لا تفيد شعبي البلدين بقدر ما تفيد الأنظمة الخليجية والنظام البريطاني، ولعل قيام السعودية بأخذ بصمات الحجاج والمعتمرين وتبادلها مع المخابرات الغربية يؤكد أن العلاقات الخليجية البريطانية-الأمريكية أهم عند تلك الأنظمة من قواعد الإسلام التي تقضي بأن من قصد مكة للحج أو العمرة آمن حتى ولو كان أسامة بن لادن أو أحمد الجيزاوي.
وتثير صفقات السلاح الذي تستورده دول الخليج من بريطانيا تساؤلات عن طبيعة نوع هذا السلاح الذي من الممكن أن يتضمن أدوات تستخدم لقمع المتظاهرين في ما يشبه تجربة فرنسا مع تونس حين عرضت وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشيل أليو-ماري على نظام بن علي دعمه بالقنابل المسيلة للدموع للسيطرة على المظاهرات. وتثار تساؤلات عن حجم التورط البريطاني في انتهاكات حقوق الإنسان في الخليج والمتستر بما يسمى بالاتفاقيات الأمنية، خصوصا إذا علمنا أن الذين أدخلوا أحدث تقنيات التعذيب إلى تلك المنطقة كانوا بريطانيين منهم إيان هندرسون القائد الاسكتلندي
لجهاز الأمن البحريني.
وقد سرت مؤخرا شائعات بأن مواطنين قطريين خرجوا للاحتجاج على وجود قواعد عسكرية أمريكية في بلادهم يستهدف منها اخوانهم في العالم الإسلامي وأن جنودا من المارينز الأمريكي ساهموا في قمع هذه المظاهرات.
وتفرض الحكومة البريطانية على أكثر المعارضين الخليجيين ابقاء اتصالاتهم بها مربوطة بالقنوات الأمنية التي تحسن استخدام سياسة الترغيب والترهيب، بينما يفضل رجال الحكومة البريطانية تجنب الاتصال برموز المعارضة في هذه البلدان خصوصا الذين ينادون بإسقاط أنظمتهم سواء كانوا مقيمين في بلدانهم أو في بريطانيا.
ومحمد المسعري المعارض المعروف لآل سعود مثال جيد لقدرة الحكومة البريطانية على عزل وتهميش واسكات المعارضين السياسيين للدول الصديقة لها، فقد طلبت الحكومتان السابقتان (المحافظة والعمالية) رأسه أكثر من مرة محاولة نفيه الى جزر الدومنيكان واعتقاله واعادته الى السعودية وما أنجاه بعد الارادة الالهية كان الاستقلال النسبي للقضاء في بريطانيا وليس نزاهة تلك الحكومات. ويقول المسعري الذي يحمل وثيقة سفر ليست وثيقة لجوء ولا يمكن السفر من خلالها لأن أغلب الدول ترفض الاعتراف بها: إن الحكومات الثلاث المتتالية خلال فترة اقامته في بريطانيا سعت
لعدم تمكينه من الشعور بالاستقرار في هذا البلد هو وعائلته، وأنها لم تمنحه الاقامة الدائمة هو وابنه الا بأمر من المحكمة.
ويعاني سعد الفقيه رئيس ما يسمى حركة الإصلاح من وضع مماثل هو ساعده الأيمن عبد الله بن دخيخ الغامدي وكذلك المشرف على اذاعته ومواقعه عادل الظلي السرحاني الذين لم يمنحا اقامة الا بعد أن لجآ إلى المحاكم مثلهما مثل المسعري وابنه.
كما أن الحكومات البريطانية عجزت عن حماية هذين المعارضين الذين لا يزالان إلى اليوم أبرز المنادين بإسقاط النظام السعودي من تحرشات هذا الأخير، فقد تعرض المسعري وربما لا يزال يتعرض مثله مثل الفقيه ومضاوي الرشيد وكساب العتيبي وآخرين إلى التجسس من أشخاص دفعت الحكومة السعودية لهم أموالا مقابل ذلك. وأبرز مثال في هذا السياق قيام مندوب الاستخبارات السعودية علي الشمراني بأمر من السفير السابق تركي الفيصل بتجنيد شرطي بريطاني من أصل يمني لتتبع نشاطات المسعري وتصوير بيته وسيارة زوجته، وهي قضية لا يعلم عنها المسعري إلا ما ورد في الصحف
بالرغم من أنه طرف فيها لأن الشرطة البريطانية رفضت اطلاعه الا على أشياء عامة لا تفيد في شيء.
كما أن سعد الفقيه الذي تعرض إلى الضرب على يد شخصين يقول إن المخابرات السعودية أرسلتهما إليه (في فترة سفارة تركي الفيصل أيضا) لم يتمكن من مقاضاتهما رغم انه تم القبض عليهما واعترفا لأن الشرطة رفضت تحريك دعوى ضدهما، وهو أمر إن صح دليل على صحة اتهاماته.
وقد تعرض معارضون بحرينيون بدورهم إلى الاعتداء من جهات يبدو أنها مدفوعة من حكومتهم، بل وكاد سعيد الشهابي أحد زعماء هذه المعارضة يفقد حياته نتيجة لمحاولة حرق بيته قبل ثلاث سنوات دون أن تفضي تحقيقات البوليس البريطاني إلى نتائج تدل على جديتها.
وتمارس الحكومة البريطانية ومن خلال أجهزة الأمن التي اعترف وليام هيغ أنها اليد الضاربة للسياسة الخارجية الضغط على اللاجئين السياسيين الذين ينتمون لدول الخليج من أجل عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي تهدد علاقتها بتلك الدول، بل وتلفق تهم الإرهاب لبعضهم مثل ما حدث مع المسعري والفقيه وقبله سعيد الشهابي وحسن مشيمع المعارضان البحرينيان لآل خليفة، وذلك لكي تشل حركتهم السياسية وتحولهم من معارضين إلى مطلوبين في قضايا أمنية يخافون من أن يتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية لمواجهة التعذيب أو حتى الاغتيال.
ورغم أن الفقيه يملك قدرا من الانتهازية السياسية تجعله يغازل من يسميهم بالجهاديين طمعا في دعمهم له إلا أن وصفه بالإرهابي لمجرد أنه أهدى إلى أسامة بن لادن هاتفا جوالا في وقت لم يكن فيه أسامة متهما بعد بالإرهاب هي نكتة لم يصدقها حتى الانجليزي الذي اخترعها وإلا كان الفقيه اليوم في السجن. وكذلك هو حال محمد المسعري الذي ورغم تأييده الصريح للمقاومة العراقية والأفغانية إلا أنه لم يكن يوما من قادتها ولا من منظريها وهو ما تعلمه الحكومة البريطانية جيدا، بل إنني من موقع رصدي منذ مدة طويلة لنشاط تنظيم القاعدة على النت وجدت أكثر هذه المواقع
(خصوصا المخترقة من المخابرات السعودية والأردنية) تهاجمه بسبب استقلاله عن التيار الوهابي بعكس الفقيه.
ولا بد من الاعتراف بأن بريطانيا لم تعد تغري المعارضين في الخليج بالإقامة فيها بسبب سياسات حكوماتها المتلاحقة، بل إنني على معرفة شخصية بطلبة خليجيين مقيمين فيها يخشون من ابداء آرائهم المنادية بإسقاط حكوماتهم لخوفهم من قيامها بإرجاعهم الى بلدانهم ويقينهم أن أي طلب لجوء قد يقدمونه لن يلقى نفس الأولوية التي يلقاها الارتيري أو الدارفوري مثلا.
ويساهم الإعلام البريطاني بدوره في احكام الحصار على المعارضة الخليجية التي من المفترض أنها جاءت بريطانيا من أجل ابلاغ قضيتها للرأي العام، فقناة البي بي سي العربية التي يتحكم فيها بيروقراطيون يوجهون الصحفيين ويوجههم ضباط الأمن والدبلوماسيون لها أجندتها السياسية التي تحددها وزارة الخارجية والتي تصاغ وفقها طريقة التعامل مع الوضع في الخليج وتعين الأسماء التي يجب استضافتها من تلك التي يجب أن تقاطع.
ويقول محمد المسعري: إن البي بي سي العربية التي تم اقفالها في الماضي بسبب سحب الشريك السعودي لأمواله بعد استضافتها له قبل عقد ونصف لم تعد تستضيفه نهائيا منذ عودتها إلى البث قبل أربع سنوات، ويضيف أن الاستثناء الوحيد كان محاولة هذه القناة الحصول منه على تعليق حول اعتقال السعودي حمزة كاشغري مؤخرا بتهمة سب الرسول وأنه رفض المشاركة لأنه شم في الأمر رائحة فخ منصوب له. أما البي بي سي الانجليزية، يضيف المسعري، فإنها لا تتصل الا اذا تعلق الأمر بقضية لها علاقة بالإرهاب في محاولة مفضوحة لتمييع نشاط المسعري السياسي والحقوقي وابقائه رهينة
لصورة نمطية واحدة لا غير، صورة الإرهابي.
ويؤكد الفقيه بدوره أن البي بي سي قامت في أكثر من مرة بدعوته الى التعليق على مسائل معينة في برامجها وأن الفترة الزمنية التي منحت له لم تتجاوز بضعة دقائق في أغلب الأحيان مما جعله يشعر بالإهانة ويقرر الامتناع عن تلبية دعواتها التي هي في حقيقة الأمر دعوات يراد منها الابقاء على شعرة معاوية لا غير. ويقول الفقيه إن معلوماته هي أن البي بي سي لا تستضيف أيا من الفصائل المعارضة الأخرى فيما عدا ممثلي الطائفة الشيعية ومنهم الناشط حمزة الحسن.
ويثير تركيز الإعلام البريطاني على المعارضة الشيعية رغم كونها أقلية ورغم وجود معارضة قوية في الخارج تساؤلات كثيرة، ويفسر البعض ذلك بأن بريطانيا تراهن على استقلال المنطقة الشرقية الغنية بالنفط عن السعودية وتحاول كسب قيادات الشيعة هنالك. ويرى آخرون أن الهدف من التركيز على المسلمين الشيعة في السعودية هو ابتزاز النظام السعودي مع ضمان عدم سقوطه باعتبار أن العدد القليل لأبناء المذهب الموالي لعلي بن أبي طالب لا يؤهلهم لإحداث ثورة انفصالية، أما فريق ثالث فيرى بأن بريطانيا تسعى الى عزل الشيعة العرب عن المرجعية الإيرانية من خلال
تقريبهم اليها وابداء العطف عليهم كما أبدت من قبل عطفا على اليهود ساعدهم على اقامة دولتهم في وعد بلفور الشهير.
وعموما فإن مقارنة بين أساليب البي بي سي الفارسية التحريضية ضد ايران وتلك المعتمدة في البي بي سي العربية تجاه دول الخليج تكفي لإقناع أي معارض لمبدأ انحياز خدمة البي بي سي العالمية بأن رأيه خاطئ. فبريطانيا تقول ضمنيا لدول الخليج: لا تعرقلوا مصالحنا في أراضيكم ولن نحرك المعارضة ضدكم كما نفعل في سوريا وايران وليبيا؛ وهي في نفس الوقت الذي ترفض الضغط على دول مجلس التعاون من أجل احلال الديمقراطية بدعوى احترامها لسيادتها على أراضيها تستحل ذلك في بلدان أخرى.
والخلاصة هنا هي أن بريطانيا تتعامل مع المعارضات الخليجية وفق المبدأ الآتي: يجب أن تكون قوية بالقدر الكافي لإزعاج الأنظمة وضعيفة بالقدر الكافي لعدم الوصول إلى الحكم.
وتوحي كل المؤشرات أن المعارضة البحرينية هي أقوى المعارضات الخليجية المقيمة في الأراضي البريطانية بدليل نشاطاتها المكثفة التي أثمرت أخيرا بإجبار السفير السابق خليفة بن علي آل خليفة على مغادرة بريطانيا بعد أن شلت حركيته فيها لعدة أشهر، وذلك باتهامها له بتعذيب المعتقلين وهو في منصبه السابق وزيرا للأمن الوطني. ويبدو أن خليفة ذهب ضحية اصراره على مقاطعة معارضة لندن بعد لقائها بالملك في فترة السفير الذي سبقه وهو ما كلفه منصبه بالرغم من محاولاته رشوة الرأي العام البريطاني من خلال ندوات الاستثمار الكثيرة التي كان يعقدها ويوزع
خلالها الهدايا على المسؤولين ومنهم البارونة سايمونز رئيسة غرفة التجارة العربية.
ويعتبر اللورد اريك افيبري واحدا من أهم الداعمين للمعارضة البحرينية ورقما فاعلا في حركيتها داخل الأراضي البريطانية ، وهو شخصية يبدو أنها بذلت نفسها لنصرة الحركات السياسية المعارضة دون اعتناق للأجندة الامبريالية البريطانية؛ وقد سبق للورد افيبري أن دعم حركات معارضة أخرى بنفس الطريقة كالمعارضة الاثيوبية والارتيرية ضد نظام مانغيستو هيلا ماريام.
ورغم ذلك تعاني المعارضة البحرينية من ملاحقة أفرادها المعتصمين والمتظاهرين بتهمة الاخلال بالنظام العام كما حدث عدة مرات لعلي مشيمع ابن حسن مشيمع المعارض المسجون رغم اصابته بالسرطان وموسى عبد علي الخبير في التخفي واقتحام الحفلات والندوات التي يعقدها النظام البحريني في لندن بهدف افسادها. وقد تعرض موسى لعملية تعذيب بشعة في البحرين تخللها نوع من أنواع الاعتداء الجنسي أثر على نفسيته إلى اليوم.
ويسجل الملاحظون باستغراب صمت الحكومة البريطانية المشين تجاه اعتقال وتعذيب جعفر الحسابي المواطن البريطاني من أصل بحريني سنة 2010، وهو صمت يشبه صمتها تجاه اعتقال ثم اختفاء فواز العطية المواطن البريطاني الذي سحبت منه جنسيته القطرية.
3- كيف عالج تقرير الخارجية البريطانية وضع حقوق الإنسان في الخليج
ان قراءة تحليلية لتقرير سنة 2011 حول وضع حقوق الإنسان الذي أصدرته وزارة الخارجية البريطانية تعزز المقاربة التي تحاول هذا المساهمة الدفاع عنها، فالإشارات التي وردت فيه عن وضع حقوق الإنسان في دول الخليج وضعت بشكل واضح من أجل رفع العتب عن حكومة المحافظين (وهي في سياستها الخارجية حكومة محافظين وليست حكومة ائتلاف) واخراس الأصوات التي تتهم هذا الحزب بالانحياز لأنظمة الخليج.
وقد شمل التقرير مسحا لوضع حقوق الإنسان في 35 دولة وكيانا منها 28 تم تصنيفها على أنها دول يدعو الوضع فيها الى القلق وثمانية دول صنفت على أساس أنها عينات دراسة حالة. و توجد في القسم الأول 17 دولة ذات أغلبية اسلامية منها ستة دول عربية بينها دولة خليجية واحدة هي السعودية أما في القسم الثاني فتوجد دولتان عربيتان هما مصر والبحرين اللتين لم يتم اعتبار وضع حقوق الإنسان فيهما داعيا للقلق مثل دول صنفت في القسم الأول كروسيا وفيتنام والسودان فوضعت البحرين في نفس القسم الذي وضعت فيه جامايكا والمكسيك وهي دول تصنف عادة على أنها تتوافق مع المعيار
الدولي لاحترام حقوق الإنسان.
وقد خصصت للبحرين من مجمل التقرير الذي يحتوي 389 صفحة صفحتان فقط مع ذكرها عرضا في مواضع أخرى من التقرير، وذكرت كلمة التعذيب عندما تعلق الأمر بالبحرين خمس مرات منها مرتان تم الحديث فيهما عن وجود التعذيب باعتباره ادعاءات وثلاثة مرات حين تم التطرق الى جهود ملك البحرين في منع التعذيب. ورغم أنه لم يتم التطرق مطلقا الى قضية تعذيب جعفر الحسابي المواطن البريطاني من اصل بحريني الذي اعتقل في أوت/أغسطس 2010 في التقرير الصادر عن تلك السنة إلا أن اسم الإيرانية سكينة أشتياني التي حكم عليها بالرجم بتهمة الزنا والمساعدة على القتل، ذكر في تقريري 2010
و2011 على التوالي فتم التفصيل في ظروف قضيتها سنة 2010 ثم تم التطرق الى معلومات عن تعذيب محاميها جواد هوتان في تقرير 2011.
وتتميز المفردات المستخدمة لانتقاد انتهاكات حقوق الانسان في دول الخليج في هذا التقرير وفي بيانات الخارجية التي سبقته بكونها مفردات دبلوماسية مهذبة على عكس تلك التي تستخدم في حق دول أخرى لها عداوة مع بريطانيا.خأخرى ففي حال دول الخليج تستخدم عبارات مثل دعوة الحكومة، مناشدة، نصيحة أما في حال الدول المستهدفة فإن عبارات مثل استدعاء السفير، تنبيه وتحذير هي التي يتم استخدامها.
وفي تقرير حقوق الإنسان تصف الخارجية المعلومات عن التعذيب في السعودية والبحرين بأنها ادعاءات allegations لكنها تستخدم لغة أكثر جزما بخصوص سوريا وايران مثلا، كما تحرص على ابراز جهود الاصلاح في الدولتين الخليجيتين بشكل أخذ حيزا كبيرا من صفحات التقرير الموجهة للدولتين على عكس الدول الأخرى التي تركز فيها على عدم قيام حكوماتها بأي اصلاح. وتصوروا كيف أصبح تفكير بعض دول الخليج في تنظيم انتخابات بلدية انجازا كبيرا بينما توصف أنظمة فيها برلمانات منتخبة بأنها أقل رغبة في الإصلاح.
وقد كشفت بريطانيا في التقرير (صفحة 130) أنها تزعمت الدول التي عملت على تعيين مقرر خاص أممي في ايران لمراقبة احترام حكومتها لحقوق الإنسان، مقرر في ايران وليس في السعودية أو الكويت أو قطر أو عمان أو البحرين أو الإمارات مثلا؛ كما أنها كانت الدولة التي دعمت بشدة الاجراءات المقيدة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد الدولة الفارسية بسبب الانتهاكات فيها وكأن دول الخليج واحات لاحترام كرامة الإنسان.
فعند الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية والتي فصلت فيها الكثير من منظمات حقوق الإنسان خصص جزء كبير من السبع صفحات المكرسة لهذه الدولة للثناء على تحسن فهم النظام السعودي لقضية حقوق الإنسان دون دليل مقنع الا مرسوم أو مرسومان يراد بهما اسكات الرأي العام الغربي ورفع الإحراج عن حلفاء الأنظمة الخليجية هناك؛ كما لم تتم الاشارة مطلقا الى عدم قدرة (أو رغبة) بريطانيا على التأثير على الحكومة السعودية من أجل ايقاف انتهاكات حقوق الانسان كما فعل كتاب التقرير بالنسبة إلى دول أخرى كررت بريطانيا بشأنها اتهامات عدم التعاون، واكتفى
التقرير بإيراد مزاعم لوزير العدل السعودي بأنه لا يوجد تعذيب في السعودية .
وتم تضخيم دور مجلس الشورى السعودي وذكره عدة مرات في التقرير بدون مبرر (خصوصا وهو هيئة غير منتخبة يغلب عليها الطابع الاستشاري أكثر من الدور الرقابي)؛ كما غلب على التقرير الإغراق في المسائل النظرية من اشارة الى التشريعات والمراسيم دون مسح تفصيلي دقيق لما يحدث على الأرض من سجن تعسفي وتعذيب. وعندما تم التطرق إلى بعض الحالات باحتشام اختزلت انتهاكات حقوق الإنسان داخل السعودية في المناطق الشيعية التي لا يكاد سكانها يشكلون عشر التعداد السكاني للمملكة مع اهمال متعمد لأهم مشكلة حقوقية في السعودية وهي العدد الكبير للسجناء السياسيين
الذين صدرت في حق بعضهم احكام ثقيلة خلال السنة الماضية وما قبلها ولفقت للبعض الآخر تهم خطيرة كالإرهاب، والذين يبقى الكثير منهم في السجن بدون محاكمة لأنه ليس هنالك مقرر خاص ولا عام يسأل عنهم.
وحتى في قضية اجتماعية أكثر منها سياسية كقضية منع المرأة من السياقة اقتصرت اشارة تقرير الخارجية البريطانية على مسألة حجب موقع الفيسبوك الذي استخدمته الناشطة منال الشريف ومن معها دون التنبيه إلى اعتقال هذه الناشطة بسبب تلك الحملة.
وعند التطرق الى اصلاح القضاء في السعودية تمت الاشادة بإنفاق المملكة لحوالي ملياري دولار على بناء المحكمات وتزويدها بالتكنولوجيا وتدريب كوادرها مع اهمال التقصير الحاصل في مسائل أهم: منها استقلالية القضاء وتدوين قانون العقوبات والتقيد بقانون الاجراءات الجزائية الذي يضرب به القضاة السعوديون في الغالب عرض الحائط. وقد ميع التقرير الانتقادات الموجهة للنظام القضائي السعودي بأن جعلها موجهة ضد استخدام الحدود الشرعية أكثر من توجيهها الى سوء استخدام القضاة لعقوبات التعزير واستخدام الحكومة للقضاء وسيلة لتصفية حساباتها مع المعارضين
وهذا هو حديث الساعة.
ورغم ايراد كلمة التعذيب في الصفحات المخصصة للسعودية 13 مرة (وهو نفس عدد المرات التي وردت في الصفحات المخصصة للصين) إلا أن الخارجية البريطانية تعمدت التأكيد مرة أخرى على أن التقارير بشأن ممارسته في السعودية هي ادعاءات يصعب التأكد منها؛ وكان التقرير حين يتحدث عن التعذيب في السعودية يقرنه بتنفيذ أحكام شرعية يراها الغرب مجحفة كقطع اليد وحد الحرابة مهملا تماما تقارير المحامين والسجناء ومنظمات حقوق الإنسان عن ممارسة التعذيب على عدد كبير من السجناء والسجينات المعتقلين لأسباب سياسية سنة 2011 ومنهم مبارك بن سعيد آل زعير و مخلف بن دهام
الشمري وكذلك هيفاء الأحمدي ونجوى الصاعدي وأخريات تم تهديدهن بالاغتصاب. اللهم إلا حالة شاذة هي حالة فاضل مكي المناسف الناشط الشيعي الذي هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة في التقرير.
وكخلاصة أقول أن بريطانيا (حكومة وأمنا واعلاما) لا تساهم فحسب في التعتيم على وضع حقوق الإنسان في دول الخليج بل إنها تتخذ لها الذرائع بما يجعلها شريكة في المظالم التي يتعرض إليها المذكورون وغيرهم، وهؤلاء في النهاية هم ضحايا الانتقائية والتسييس الذي تتعرض له قضية حقوق الإنسان التي أصبحت للأسف الشديد سلاحا لإسقاط حكومات تهدد النظام العالمي الجديد الذي أعلن عنه جورج بوش الأب الذي كان يسمي بعض الكويتيين أبناءهم باسمه للأسف الشديد.
وقد شمل التقرير مسحا لوضع حقوق الإنسان في 35 دولة وكيانا منها 28 تم تصنيفها على أنها دول يدعو الوضع فيها الى القلق وثمانية دول صنفت على أساس أنها عينات دراسة حالة. و توجد في القسم الأول 17 دولة ذات أغلبية اسلامية منها ستة دول عربية بينها دولة خليجية واحدة هي السعودية أما في القسم الثاني فتوجد دولتان عربيتان هما مصر والبحرين اللتين لم يتم اعتبار وضع حقوق الإنسان فيهما داعيا للقلق مثل دول صنفت في القسم الأول كروسيا وفيتنام والسودان فوضعت البحرين في نفس القسم الذي وضعت فيه جامايكا والمكسيك وهي دول تصنف عادة على أنها تتوافق مع المعيار
الدولي لاحترام حقوق الإنسان.
وقد خصصت للبحرين من مجمل التقرير الذي يحتوي 389 صفحة صفحتان فقط مع ذكرها عرضا في مواضع أخرى من التقرير، وذكرت كلمة التعذيب عندما تعلق الأمر بالبحرين خمس مرات منها مرتان تم الحديث فيهما عن وجود التعذيب باعتباره ادعاءات وثلاثة مرات حين تم التطرق الى جهود ملك البحرين في منع التعذيب. ورغم أنه لم يتم التطرق مطلقا الى قضية تعذيب جعفر الحسابي المواطن البريطاني من اصل بحريني الذي اعتقل في أوت/أغسطس 2010 في التقرير الصادر عن تلك السنة إلا أن اسم الإيرانية سكينة أشتياني التي حكم عليها بالرجم بتهمة الزنا والمساعدة على القتل، ذكر في تقريري 2010
و2011 على التوالي فتم التفصيل في ظروف قضيتها سنة 2010 ثم تم التطرق الى معلومات عن تعذيب محاميها جواد هوتان في تقرير 2011.
وتتميز المفردات المستخدمة لانتقاد انتهاكات حقوق الانسان في دول الخليج في هذا التقرير وفي بيانات الخارجية التي سبقته بكونها مفردات دبلوماسية مهذبة على عكس تلك التي تستخدم في حق دول أخرى لها عداوة مع بريطانيا.خأخرى ففي حال دول الخليج تستخدم عبارات مثل دعوة الحكومة، مناشدة، نصيحة أما في حال الدول المستهدفة فإن عبارات مثل استدعاء السفير، تنبيه وتحذير هي التي يتم استخدامها.
وفي تقرير حقوق الإنسان تصف الخارجية المعلومات عن التعذيب في السعودية والبحرين بأنها ادعاءات allegations لكنها تستخدم لغة أكثر جزما بخصوص سوريا وايران مثلا، كما تحرص على ابراز جهود الاصلاح في الدولتين الخليجيتين بشكل أخذ حيزا كبيرا من صفحات التقرير الموجهة للدولتين على عكس الدول الأخرى التي تركز فيها على عدم قيام حكوماتها بأي اصلاح. وتصوروا كيف أصبح تفكير بعض دول الخليج في تنظيم انتخابات بلدية انجازا كبيرا بينما توصف أنظمة فيها برلمانات منتخبة بأنها أقل رغبة في الإصلاح.
وقد كشفت بريطانيا في التقرير (صفحة 130) أنها تزعمت الدول التي عملت على تعيين مقرر خاص أممي في ايران لمراقبة احترام حكومتها لحقوق الإنسان، مقرر في ايران وليس في السعودية أو الكويت أو قطر أو عمان أو البحرين أو الإمارات مثلا؛ كما أنها كانت الدولة التي دعمت بشدة الاجراءات المقيدة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد الدولة الفارسية بسبب الانتهاكات فيها وكأن دول الخليج واحات لاحترام كرامة الإنسان.
فعند الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية والتي فصلت فيها الكثير من منظمات حقوق الإنسان خصص جزء كبير من السبع صفحات المكرسة لهذه الدولة للثناء على تحسن فهم النظام السعودي لقضية حقوق الإنسان دون دليل مقنع الا مرسوم أو مرسومان يراد بهما اسكات الرأي العام الغربي ورفع الإحراج عن حلفاء الأنظمة الخليجية هناك؛ كما لم تتم الاشارة مطلقا الى عدم قدرة (أو رغبة) بريطانيا على التأثير على الحكومة السعودية من أجل ايقاف انتهاكات حقوق الانسان كما فعل كتاب التقرير بالنسبة إلى دول أخرى كررت بريطانيا بشأنها اتهامات عدم التعاون، واكتفى
التقرير بإيراد مزاعم لوزير العدل السعودي بأنه لا يوجد تعذيب في السعودية .
وتم تضخيم دور مجلس الشورى السعودي وذكره عدة مرات في التقرير بدون مبرر (خصوصا وهو هيئة غير منتخبة يغلب عليها الطابع الاستشاري أكثر من الدور الرقابي)؛ كما غلب على التقرير الإغراق في المسائل النظرية من اشارة الى التشريعات والمراسيم دون مسح تفصيلي دقيق لما يحدث على الأرض من سجن تعسفي وتعذيب. وعندما تم التطرق إلى بعض الحالات باحتشام اختزلت انتهاكات حقوق الإنسان داخل السعودية في المناطق الشيعية التي لا يكاد سكانها يشكلون عشر التعداد السكاني للمملكة مع اهمال متعمد لأهم مشكلة حقوقية في السعودية وهي العدد الكبير للسجناء السياسيين
الذين صدرت في حق بعضهم احكام ثقيلة خلال السنة الماضية وما قبلها ولفقت للبعض الآخر تهم خطيرة كالإرهاب، والذين يبقى الكثير منهم في السجن بدون محاكمة لأنه ليس هنالك مقرر خاص ولا عام يسأل عنهم.
وحتى في قضية اجتماعية أكثر منها سياسية كقضية منع المرأة من السياقة اقتصرت اشارة تقرير الخارجية البريطانية على مسألة حجب موقع الفيسبوك الذي استخدمته الناشطة منال الشريف ومن معها دون التنبيه إلى اعتقال هذه الناشطة بسبب تلك الحملة.
وعند التطرق الى اصلاح القضاء في السعودية تمت الاشادة بإنفاق المملكة لحوالي ملياري دولار على بناء المحكمات وتزويدها بالتكنولوجيا وتدريب كوادرها مع اهمال التقصير الحاصل في مسائل أهم: منها استقلالية القضاء وتدوين قانون العقوبات والتقيد بقانون الاجراءات الجزائية الذي يضرب به القضاة السعوديون في الغالب عرض الحائط. وقد ميع التقرير الانتقادات الموجهة للنظام القضائي السعودي بأن جعلها موجهة ضد استخدام الحدود الشرعية أكثر من توجيهها الى سوء استخدام القضاة لعقوبات التعزير واستخدام الحكومة للقضاء وسيلة لتصفية حساباتها مع المعارضين
وهذا هو حديث الساعة.
ورغم ايراد كلمة التعذيب في الصفحات المخصصة للسعودية 13 مرة (وهو نفس عدد المرات التي وردت في الصفحات المخصصة للصين) إلا أن الخارجية البريطانية تعمدت التأكيد مرة أخرى على أن التقارير بشأن ممارسته في السعودية هي ادعاءات يصعب التأكد منها؛ وكان التقرير حين يتحدث عن التعذيب في السعودية يقرنه بتنفيذ أحكام شرعية يراها الغرب مجحفة كقطع اليد وحد الحرابة مهملا تماما تقارير المحامين والسجناء ومنظمات حقوق الإنسان عن ممارسة التعذيب على عدد كبير من السجناء والسجينات المعتقلين لأسباب سياسية سنة 2011 ومنهم مبارك بن سعيد آل زعير و مخلف بن دهام
الشمري وكذلك هيفاء الأحمدي ونجوى الصاعدي وأخريات تم تهديدهن بالاغتصاب. اللهم إلا حالة شاذة هي حالة فاضل مكي المناسف الناشط الشيعي الذي هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة في التقرير.
وكخلاصة أقول أن بريطانيا (حكومة وأمنا واعلاما) لا تساهم فحسب في التعتيم على وضع حقوق الإنسان في دول الخليج بل إنها تتخذ لها الذرائع بما يجعلها شريكة في المظالم التي يتعرض إليها المذكورون وغيرهم، وهؤلاء في النهاية هم ضحايا الانتقائية والتسييس الذي تتعرض له قضية حقوق الإنسان التي أصبحت للأسف الشديد سلاحا لإسقاط حكومات تهدد النظام العالمي الجديد الذي أعلن عنه جورج بوش الأب الذي كان يسمي بعض الكويتيين أبناءهم باسمه للأسف الشديد.
(*) ما تحت هذه الإشارة هو النص الكامل لمحاضرة ألقيتها في 11 ماي 2012 في أحد فنادق لندن بعنوان: كيف يساهم الغرب في تأخر الثورات في دول الخليج - بريطانيا نموذجا