ما الذى نفقده أثناء رحلتنا للوصول إلى كل أسباب الحياة؟
إننا وياللحسرة_.وللأسف ..( نفقد الحياة ذاتها) .. ولكن كيف يحدث ذلك؟
الشباب العشرينى والثلاثينىـوحتى البعض فى الأربعينات والخمسينات لا يشغلهم سوى هدف واحدـ هو تأمين كل أسباب الحياةـ القوةـوالمنصبـوالعلمـوالوظيفةـوقطعا المال.. باختصار مشغولون بتأمين كل أسباب النجاح والسعادة فى هذه الدنيا..ولكن ما يحدث حقيقة ـ وياللمفارقة الساخرة والمبكية معاـ أن الجميع
يستفيق مؤخرا_والقليل جدا يستفيق مبكرا_على حقيقة أن سعيه الدؤوب فى تأمين أسباب الحياةـ قد أفقده الحياة ذاتهاـ ..فالعمر قصير جداـ والأيام تترىـوالزمن لا يرحمـ.. يقضى المرء زهرة شبابه فى تأمين الغدـ ..وحين يأتى الغد يكون قد فقد حماسته وروحه وقدرته على الاستمتاع بما كان بالأمس يتلهى بالحصول عليه.. تشغلنا الأسباب ــ لدرجة تطغى فيها على الغاياتـ ونتفاجأ جميعا فى نهاية مشوار عمرناـ أننا بذلنا جهدا كبيرا ـ كبيرا جداـ ولكنه جهد مجانىـلأننا لسنا من سنسعد بقطف ثماره وجنى محصولهـ وإنما أولادنا ـوالذين لا ندرى حتى هل سيحسنون تدبير أمر ما تركناه لهم أم سيبددونه فى لا شىءـ لتراقبهم أرواحنا بعد موتنا آسفة متحسرة على كل ما بذلناه ولم يجنى أحد منا نحن أو هم ثمرته.
يستفيق مؤخرا_والقليل جدا يستفيق مبكرا_على حقيقة أن سعيه الدؤوب فى تأمين أسباب الحياةـ قد أفقده الحياة ذاتهاـ ..فالعمر قصير جداـ والأيام تترىـوالزمن لا يرحمـ.. يقضى المرء زهرة شبابه فى تأمين الغدـ ..وحين يأتى الغد يكون قد فقد حماسته وروحه وقدرته على الاستمتاع بما كان بالأمس يتلهى بالحصول عليه.. تشغلنا الأسباب ــ لدرجة تطغى فيها على الغاياتـ ونتفاجأ جميعا فى نهاية مشوار عمرناـ أننا بذلنا جهدا كبيرا ـ كبيرا جداـ ولكنه جهد مجانىـلأننا لسنا من سنسعد بقطف ثماره وجنى محصولهـ وإنما أولادنا ـوالذين لا ندرى حتى هل سيحسنون تدبير أمر ما تركناه لهم أم سيبددونه فى لا شىءـ لتراقبهم أرواحنا بعد موتنا آسفة متحسرة على كل ما بذلناه ولم يجنى أحد منا نحن أو هم ثمرته.
متى ما كان الإنسان لاهثا طوال عمره وراء أسباب السعادةـ وغير منتبه لحقيقة ما يجره إليه هذا الحلم الذى يحياه.. أيهديه بالفعل إلى السعادة التى ينشدها؟؟ أم يهوى به إلى ماراثون يتسابق فيه مع الحياة ذاتها ..إلى حيث تسبقه الحياة ـبل وتسخر منه ومن غبائهـ حين ينظر إلى المرآة ليجد الشيب قد كلل مفرقهـ وسلبه الزمن ما سلبهـ وهو لا يزال يلهث وراء سراب النجاح فيها.. حقيقة شاهدت مشهدا رائعا ينطوى على هذه الحكمة العظيمةـفى المسلسل العظيم(ربيع قرطبة) ـعلى لسان أحد شخصيات المسلسل _والذى كان يشغل منصبا عظيما_حين قال ..(عشت ألهث وراء المال والمنصب والنجاح والسعادة خمسين عاماـ ولم أسعد فى الخمسين عاما إلا أربعة عشر يوماـ كم هو مؤسف) ..كلمات يبترها الرجل الخمسينى متألما ـ لأنها حكمة متأخرة ـ قال الرجل كلماته شاحباـ نادما على على عدم فهم حكمتها حينما كان شابا نابضا بالحياة ..
(كم هو مؤسف أن تمر بك الأيام وتمضى السنين ..ويأتيك ما كنت تتمنىـ..وقد تأخر الوقت ..وتغيرت أنت ـ..وتبدلت فيك الأمنيات)
إن جل ما تفعله بنا الحياة هى أن تلهينا عنها بطلبهاـ تصرفنا عن التمتع بها بأن تضعنا على قائمة انتظار طويلة للوصول إلى غاية السعادة فيها ـ فى حين أنها _وبينما نحن جميعا نلهث إلي هذه الغاية_تسلبنا كل شىء ـ ولا تبقى لنا فى النهاية غير الحسرة على كل ما قد فات منا فى طلبها. ..مع ضحكة استهزاء ساخرة منها بنا ـ .. فقط العاقل هو من يأخذ منها سعادة عاجلة غير آجلةـ ولا يقبل تسويف كل سعادته بها إلى أجل غير مسمى.سعادتنا بالحياة هى الغايةـ ووسائل تحقيق هذه السعادة هى الفخ والكمين المنصوب لنا جميعاـ فإما أن ننشغل بالوسائل ونتلهى بها عن بلوغ الغايةـ وإما أن ننتبه جيدا لهذا الفخ المنصوب. ونأبى إلا أن نأخذ من الحياة كل ما نستحقه ـ ..اليوم ..أكرر ..اليوم وليس غدا.
أيها الشباب العشرينى والثلاثينى ـ .. أنتم تنبضون بالحياة ـ فلا تنسوا تحت مسميات تأمين المستقبل والحياة أن تؤمنوا حاضركم وتسعدوا بيومكمـ لا تتركوا الحياة تسلبكم روحكم المضيئة ونقاؤكم وجمالكم وأحلامكم البريئة ـوتحولكم إلى ماكينات للعمل فحسبـ..ماكينات بلا مشاعر أو نبض أو روح.
أيها الرجل الأربعينى والمرأة الأربعينية.. فقدتم كثيراـ لكن لايزال لديكم الفرصة للاستفاقة ـفالزمن لا يرحم.والتردد لا يعنى سوى الوصول إلى حافة الشيب قبل بلوغ غاية الحياة الحق.
أيها الرجل الخمسينى والمرأة الخمسينية.. ما عدت تمتلك رفاهية التردد والتأنىـ .. فما لا تعيشه اليومـلن تعيشه أبدا.فاحذر تفلت العمر والحياة دون جنى ثمار كفاحك.
وختاما .. إن لم تنجح أسباب النجاح والسعادة فى إسعادنا ـ فلسنا إلا مخدوعون وموهومون ـ ولننتبه إلى حقيقة النعم التى منحنا الله إياها وفشلنا فى إسعاد أنفسنا بها ـ فكم من فاقد لهذه النعم يحيا حياة أسعد من تلك التى نحياها. فقط لأنه .. كان أكثر منا وعيا بحقيقة الحياة ..وأكثر جرأة على انتزاع سعادته منها.
كونوا سعداء .. ولا تتركوا أسباب جلب الحياة ..تطغى على الحياة ذاتها ـ فالعمر جد قصير ـ فإنما أنت بعض أيامـ.. فإن ذهب يومك .ذهب بعضك ..
ولتبدأ اليوم ..اليوم ..وليس غدا .فمن يدرى هل يكون هناك غدا أم لا؟
هناك تعليقان (2):
مقال ممتاز.. ومحتاجين فعلا نعيد طريقة أسلوبنا ف التعامل مع الحياه.. مشكورة كتير ع التوجيه الرائع
إرسال تعليق