09 سبتمبر 2022

سيد أمين يكتب: يبغونها عوجا.. العالم يخوض معركة الشذوذ الجنسي

 

لا أحد يعرف السر الذي يجعل من المجموعات المثلية أو بالأدق “الشواذ” حول العالم تستخدم ممارساتها بشكل دعائي ودعوي، مع أنه كان يمكنها أن تكتفي بالمطالبة بعدم تعقبها طالما أن نشاطها يجري في الخفاء، مثله مثل كل العلاقات الجنسية السليمة أو الشاذة، والمشروعة أو المحرمة والمجرمة على حد سواء.

ولا نعرف أيضا ما الدواعي المنطقية لما يتردد عن أن هناك ضغوطا تمارس على الحكومات العربية من أجل إباحة الشذوذ، بل والدعاية له، وهو الفعل الذي قبل أن يُجرم قانونا، محرم شرعا في الأديان السماوية وفي كثير من العقائد الأخرى.

والأهم أنه يكون سببا للخزي والعار اجتماعيا لمن ينخرط فيه، وبالتالي فالحكومات ليس بيدها فعل شيء لتمرير ممارسات يلفظها المجتمع، خاصة أنها تهدد أولى وحداته وهي الأسرة.

صحيح أن تلك الضغوط قد حققت نجاحا طفيفا فيما مضى، لكنه أيضا ليس النجاح الذي تريده الجهات الضاغطة.

ذلك النجاح الشكلي تدلنا إليه أحاديث جانبية كثيرة تتناثر في أكثر من بلد عربي وإسلامي تفيد أن الشذوذ الجنسي واحد من مفاتيح الترقي في السلم الحكومي، وأنه يمكن أن يكون في حد ذاته سببا لشغل المناصب القيادية لاسيما في المجالات الاجتماعية والفنية والأدبية.

يحدث ذلك في حين أن دولا غير مسلمة كروسيا مثلا تعرف قوانينها الزواج بأنه ما يتم فقط بين الرجل والمرأة، ويحكى في ذلك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سخر من رفع السفارة الأمريكية في بلاده علم المثليين قائلا إنه يعكس التوجه الجنسي للموظفين فيها.

دين جديد

وبحسب احصاءات الأمم المتحدة؛ يعيش واحد من كل خمسة أطفال في العالم في فقر مدقع، مع مخاطر تعرض 160 مليون طفل للموت جوعا في الأعوام السبعة القادمة، مع مقتل 167 ألف شخص نصفهم عرب في عام 2015 وحده، فيما فتكت الامراض والأوبئة بالملايين.

مع تفجر النزاعات بكافة أطيافها، وتنامي الديكتاتوريات وتراجع خريطة الديمقراطية في العالم بسبب الانتهازية الغربية، وكذب شعاراتها الزاعمة الدفاع عن حقوق الإنسان، التي اتضح أنها تقتصر على حقه في الشذوذ والإلحاد.

لذلك لا يوجد أي سبب مقنع يبرر ترك حماة حمى الحرية في العالم تلك المقتلة الكبيرة الدائرة في كثير من بلدان العالم ضد الإنسان بسبب عقيدته أو فكره أو عرقه، وذلك الموت المتربص به جوعا وحرقا وغرقا ومرضا وفقرا، وينشغلون بتطويع العالم للانشغال بقضية لا تمس سوى 2% من سكانه، اللهم إلا إن كانوا يَبْغُونَهَا عِوَجًا لإفساد الأرض.

ولعلهم يبغونها كذلك فعلا بدليل أن تلك المجموعات هي من تتحرش بالمجتمعات بغية أن تحوز على إعجاب الآخرين وتنال دعمهم، بل وتجعلهم يسلكون مسلكهم، وتلطخ من لم ينخرط أو حتى يتأفف من الانخراط فيها؛ بالعنصرية ومعاداة حقوق الإنسان.

هدف أممي

وبدلا من قصر أنشطتها على أعضائها، تشيع أبواقها مناخا يؤكد بأنه من كمال صلاح المرء الإيمان بهذا الشذوذ والدفاع عنه، مع أنه لو طبقت على هذه الدعوات معايير الديمقراطية، فلا مانع أبدا من الاعتراض السلمي عليها، شأنها شأن كل النشاطات والأفكار التي يتبناها الإنسان ومن المتوقع أن يخطئ أو يصيب فيها.

وتهتم ماكينة الدعاية للشذوذ بالنشء، فنجد فضائيات للأطفال تدعو، ودراما تدعم، وإعلام مشبوه يدافع، ونجد كبريات شركات الإنتاج الإعلامي الخاص بالأطفال مثل والت ديزني تعلن تحويل 50% من شخصياتها الكرتونية إلى شخصيات ذات ميول جنسية مثلية، كما أباحت 28 دولة في العالم الزواج الرسمي بين المثليين.

ولم يتوقف الأمر عند الجمعيات الأهلية والفضائيات وما شابه، ولكن دخلت الأمم المتحدة على الخط وراحت تبارك هذا القبح وتدعو إليه بعشرات المقاطع المصورة، بل إن قوانين الأسرة والطفل التي اعتمدتها كمعيار فيما يعرف بقوانين “السيداو” هى نفسها القوانين الداعية لتفتيت الأسرة، وانفراط الرقابة الأبوية، وتشجيع انحراف الأبناء.

وللأسف هناك الكثير من قوانين الأحوال الشخصية التي تسن في بعض بلدان العالم الآن تراعي هذه المعايير النموذجية، تحت دعاوى الحرية الشخصية وهي الدعاوى التي تم تحميلها كل النقائص التي لا تستحقها.

ولا نعرف هل كل هذا الزخم المدافع عن الشذوذ المقصود منه هو جعلنا نتساهل معه، أم يريدوننا أن ننخرط فيه، فنصبح لا مؤاخذة شواذ؟!

ولك أن تتخيل مثلا أن الكثيرين ممن يدافعون عن مسيرات ومهرجانات واحتفالات المثليين ويصفونها بأنها تعبير عن الحرية الشخصية، هم أنفسهم سيكونون المبادرين بالهجوم على أي أنشطة تكذب وقوع الهولوكوست أو تمجد هتلر أو موسوليني مثلا،، مع أن ذلك في الأساس هو نشاط فكري بحت حتى لو اختلفنا معه.

الواقع أننا حينما أطلقنا مصطلح المثلية الجنسية على الشذوذ الجنسي بما فيه من وضوح، وقعنا في الفخ وخسرنا شوطا من المبارزة، وعملنا بأنفسنا على تحسين الوقع النفسي البغيض لتلك الفاحشة.

يجب أن نخوض المعركة بمسمياتها.

تخطي الحجب: https://ajm.me/k279bv
للمزيد: https://ajm.me/fnzwxz

01 سبتمبر 2022

سيد أمين يكتب: إفريقيا تخلع عباءة فرنسا

 

عام بعد عام، ينسلخ غرب إفريقيا أكثر فأكثر من العباءة الاستعمارية الفرنسية التي ارتداها قسرا حينا من الزمن، وارتداها عبر وكلاء فرنسا الإفريقيين قسرا أيضا حينا آخر.. تفقد باريس أجزاء من إرثها الإمبراطوري ومصادر قوتها الاقتصادية والسياسية بوتيرة متسارعة وذلك بفقدها مساحات ضخمة من الأراضي التي كانت تعتبرها الحديقة الخلفية لنفوذها الجيوسياسي في القارة السمراء.

أتت الضربة الأخيرة لهذا النفوذ من دولة مالي وتسببت في إجلاء باريس آخر جندي من جنودها الذين أرسلتهم إلى هناك بزعم مكافحة الإرهاب عام 2013 من الأراضي المالية. وما إن تمت تلك العملية حتى قامت حكومة باماكو باتهام القوات المنسحبة في شكوى رسمية قدمتها إلى مجلس الأمن بالتجسس عليها ودعم “الجهاديين” في أراضيها.

ذلك الانسحاب وما أعقبه من اتهام سبب لفرنسا إحراجا كبيرا، خاصة أن قواتها التي انسحبت إلى النيجر، ما إن وصلت إلى هناك حتى خرجت في نيامي مظاهرات شعبية تطالب بجلائها من البلاد أيضا، ولما منعت الحكومة تلك المظاهرات أطلق المتظاهرون حملة توقيعات شعبية لتنفيذ مطالبهم.

وفي العام الماضي تفجرت مظاهرات في دولة بوركينا فاسو تطالب برحيل القوات الفرنسية القادمة إليها من ساحل العاج، مما أجبر تلك القوات على الإسراع في الانضمام إلى قوات فرنسا في مالي.

يأتي هذا الرفض المتنامي للوجود الفرنسي على الأراضي الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى لينسجم مع نفس الرفض للنفوذ الثقافي الفرنسي في بلدان شمال تلك الصحراء كتونس والمغرب، وقيام الجزائر بجعل الإنجليزية لغتها الثانية في البلاد بدلا من الفرنسية.

هذا فضلا عن أن انسحاب القوات الفرنسية الذي تم بناء على تفجر مظاهرات شعبية في مدن شمال مالي تطالب برحيلها وتمهلها ثلاثة أيام للتنفيذ، كان في حد ذاته إهانة لباريس التي تزعم أن وجود قواتها في بلدان إفريقيا جاء تلبية لرغبة الشعوب الإفريقية.

قصة الرحيل

كان للصراع الشديد بين الرئيس المالي بوبكر كيتا المدعوم من قبل فرنسا الذي صعد إلى الحكم عام 2013 في انتخابات وصفتها المعارضة والمنظمات الدولية بأنها مزورة؛ وبين حركة 5 يونيو (تجمُّع القوى الوطنية المدعومة شعبيا) هو أول انهيارات الوجود الفرنسي في مالي.

وقد سرّع ذلك الانهيار ما ترافق معه من تردّ في الأوضاع الاقتصادية والحقوقية واختناق سياسي، واستمرار الاحتجاجات في المدن الرئيسية للبلاد ضد الفساد والغلاء والوجود الأجنبي، مع تنامي العمليات الإرهابية التي كان من المفترض أن القوات الفرنسية جاءت أصلا للحدّ منها، مما عجّل بانقلاب عسكري في 18 أغسطس/آب 2020.

لكن العسكر المتمردين انصاعوا للضغوط الفرنسية وقبلوا بأن يعود الرئيس بوبكر كيتا ليتولى فترة انتقالية مدتها عام، إلا أنه قبل أن يمر ذلك العام قام عسكريون بقيادة العقيد عاصمي كويتا بالانقلاب مجددا على “كيتا” في 24 مايو/أيار 2021، وتحالفوا مع قيادات حركة 5 يونيو المناهضة للوجود الفرنسي في البلاد.

ترافق ذلك مع إحداث تغييرات عميقة في بنية القوات المسلحة المالية تهدف لعزل كبار الضباط الذين لا يرون أي غضاضة في التبعية لفرنسا، ليحلّ محلّهم آخرون من صغار الضباط الذين يحملون نزعات وطنية استقلالية.

البديل الروسي

لكن للأسف، هناك اتهامات بأن عمليات التخلص من النفوذ الفرنسي في إفريقيا لا تتم لصالح الاستقلال بل لصالح إيجاد موطئ قدم لروسيا في إفريقيا، وهو أمر -إن كان صحيحا- لا يحمل ألمًا مضاعفا لفرنسا وحدها، بل لحلفائها الأوربيين والأمريكيين أيضا.

هذا الاتهام تصر عليه فرنسا ربما رغبة في استدرار تضامن الأمريكان والحلفاء الأوربيين معها، وحثهم على استعمال نفوذهم لدى الدول الإفريقية من أجل العمل على إبقائها هناك.

لكن مع ذلك هناك شواهد تدعم صحة هذا الافتراض، وهي أنه في السنوات الخمس الماضية وحدها أبرمت روسيا عدة اتفاقات عسكرية مع مالي والنيجر وإفريقيا الوسطى وموريتانيا، لتفتح تلك الاتفاقات سوق السلاح الروسي أمام هذه الدول.

ولم يتوقف الأمر عند مجرد فتح أسواق الأسلحة فحسب، بل تخللتها أيضا اتفاقات تتعلق بنشر قوات فاغنر كما حدث في إفريقيا الوسطى وليبيا، وهي قوات تحرص الحكومة الروسية في المناسبات العامة على اعتبارها تابعة لشركة خاصة لا تمثل روسيا، في حين تؤكد كل ممارسات تلك القوات أنها ممثلة لحكومة موسكو.

وقد كشفت وثيقة عسكرية ألمانية أن قوات ألمانية تابعة لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة رصدت عشرات من أفراد قوات أمنية يُفترض أنها روسية في مطار جاو بشمال مالي، وهو نفس يوم رحيل القوات الفرنسية.

انهيار نظام فوكار

كل الأدلة تؤكد أن إفريقيا تعمل بشكل حثيث على إكمال خلع العباءة الفرنسية والتخلص نهائيا من النظام الذي أنشأه جاك فوكار عام 1962 بتكليف من الرئيس الفرنسي شارل ديغول حول صياغة علاقة جديدة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في إفريقيا، مما جعل البعض يعتبر فوكار “مهندس الاستعمار الفرنسي” الحديث لإفريقيا.

وهو النظام الذي قام على إبرام فرنسا عقودا سرية أو معلنة مع حكام الدول الإفريقية تحميهم من الانقلابات العسكرية وتضمن سلامتهم وعائلاتهم مقابل مليارات الدولارات وآلاف الأطنان من الثروة المعدنية والنفطية التي تتمتع بها القارة السمراء، وهو ما يفسر وجود آلاف من الشركات الفرنسية في كافة المجالات تسيطر على الأوضاع الاقتصادية في أغلب بلدان غرب إفريقيا.

لكن تمادي فرنسا في امتصاص ثروات الدول الإفريقية في حين يموت الشباب الأفريقي غرقا في البحر المتوسط لكي يأخذ الفتات من ثرواته التي استحوذت عليها باريس، جعل فكرة الخلاص تختمر في العقول. لأن جحا أولى بلحم ثوره.

تابع المقال 

 لتخطي الحجب | https://ajm.me/6nhrgw

ولتخطي الحجب هنا

24 أغسطس 2022

سيد امين يكتب: لماذا نهدر تميزنا وننافس على الذيل؟

لا ندري ما السر وراء هذا السعار الذي يجتاح الحكومات العربية للتنكر لهويتها عبر طمس اللغة العربية والنزول بسن تعلّم اللغات الأجنبية إلى رياض الأطفال، وهو القرار الذي اتخذه وزير التعليم المصري السابق الدكتور طارق شوقي، وهو السن الذي يحتاج فيه الطفل إلي تعلّم الحروف الأولى من لغته القومية وإتقانها، وليس التشويش والإثقال عليه بتعلم لغات الآخرين.

يأتي هذا القرار ضمن جملة إجراءات سابقة اتخذها هذا الوزير، بجعل اللغة الإنجليزية هى اللغة التي سيجري بها تعلم كافة المواد العلمية والإنسانية في جميع مراحل التعليم الابتدائي الرسمي.

ولا نعرف ما الداعي للسعي وراء التخلص من موروثاتنا الثقافية والحضارية التي نتميز بها، وتجعلنا محطا لأنظار العالم الباحث عن التفرد والاقتداء، الذي نملك كل أدواته عبر الاعتناء بلغتنا العربية التي شرّفها الله بالقرآن الكريم لتكون لغته الوحيدة، ومع ذلك نلقي بذلك أرضا ونهرول لننضم إلى حشد لا يمكننا أبدا أن نكون إلا في نهاية ذيله.

علما بوجود عشرات من الدراسات قد نتطرق إليها في مرات أخرى أجراها علماء مصريون وعرب وأجانب تؤكد جميعها أن أداء الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة كان أفضل من أداء ونتائج الأطفال الذين يتعلمون لغتين حيث يعانون من مخاطر دينية وثقافية ولغوية وعاطفية.

وهي النتائج التي يراها المصريون الآن عمليا في الواقع جراء هذا الاضطراب التعليمي حيث إن عوائد التحصيل العلمي منخفضة للغاية، وكانت نتائجها عدم تعلم الأطفال لا العربية ولا الإنجليزية.

مبررات واهية

التعليل لأهمية تعلم اللغات الأوربية لا سيما الإنجليزية أو الفرنسية بكونها لغات العلوم أمر قد يحظى بوجاهة ما في بادئ الأمر، لكن وجاهته تزول سريعا لتحل محلها علامات استفهام كبيرة إن لم نجد لها إجابات مقنعة على جملة من التساؤلات أهمها:

لماذا نعلّم أطفالنا في المراحل التعليمية المتقدمة في رياض الأطفال والابتدائية والإعدادية لغات غير لغتنا القومية المنصوص عليها دستوريا بناء على موروثاتنا الحضارية والثقافية، بينما كان يمكننا أن نعلمهم تلك اللغات في مراحل تعليمية متأخرة بما يتناسب مع حاجتهم الفعلية لتلك العلوم وسوق العمل؟

فنحن مثلا لم نجد مؤسسات علمية غربية صغرى أو كبرى تطلب اطفالا عربا للالتحاق بها للتعلم أو العمل، لكي نسعى لتقديم ما تحتاجه أسواقها منهم، بل إن عمالة الأطفال تحت أي مسمى أمر مخالف للقوانين الصارمة لعمالة الأطفال في المجتمعات الغربية، وهي الصرامة التي نحن بحاجة إليها أكثر من حاجتنا لتعلم لغتهم.

ولماذا نعلمها لجميع الطلاب إجباريا ونحرمهم من حقهم في الاختيار بين تعلمها من عدمه، ونكلف أسرهم المنهكة اقتصاديا أعباء مادية ثقيلة تزيدهم فقرا على فقر، وتزيد أعباءهم مرة أخرى حينما تنفق الدولة مئات المليارات من الدولارات عليها فتلجأ لتعويضها من جيوب ذويهم في صورة ضرائب ورسوم وغيرها.

بينما عدد من يمكنهم استثمار ما تعلموه من تلك اللغات لا يكاد يُذكَر، مقارنة بالأعداد الكبيرة للطلاب الذين أُنفِقت عليها تلك الأموال الطائلة، التي لو مُنحت لهم بعد التخرج أو استُثمرت اقتصاديا لكانت سببا في رقي البلاد ورفاهية مواطنيها.

وهل هناك جدوى أو قيمة واحدة من أن يتعلم أطفالنا التاريخ والجغرافيا والدراسات الاجتماعية والفكرية باللغة الإنجليزية؟

في حين أن تعليمهم هذا باللغة العربية أسهل وأوقع وذو مردود استيعابي أوسع، ووطني أعمق بما يعزز قيم الانتماء الوطني والثقافي لدى هؤلاء النشء، فضلا عن أنه لا يمكن أن تجد أمة واحدة في العالم كله تدرس تاريخها وآدابها لطلابها بغير لغتها الأصلية.

السعي وراء تحقق الفائدة العلمية

ويبقى السؤال الأهم، وهو: هل كل الشعوب التي أهدرت لغتها القومية وتعلمت الإنجليزية أو الفرنسية وصارت تتحدث بها في الحياة اليومية صارت شعوبا متقدمة؟

الإجابة تأتينا من قارات العالم الست، لا سيما أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، فأخبار الجريمة والفساد والمجاعات والجهل والتخلف فيها تتصدر نشرات الأخبار في فضائيات العالم مثلها مثل باقي دول العالم وربما أكثر وقعا، فما الجديد الذي نسعى لتحصيله من وراء تعلم طلابنا تلك اللغات على المشاع؟

الاستثمار في اللغة العربية

بدلا من الجري وراء قطار التبعية الثقافية، يمكن لدولة مثل مصر أن تستثمر حضاريا واقتصاديا في الإنفاق على تعلم اللغة العربية وتتلقى مردودا هائلا منها، فمصر واحدة من أكبر بلدان العالم التي يتحدث سكانها اللغة العربية، وتمتلك أعظم معاقل تعلمها التاريخية وهو الأزهر الشريف.

بينما هناك ما يقرب من 57 دولة حول العالم ديانتها الرسمية هى الإسلام، فضلا عن ضعف هذا الرقم في دول أخرى يمثل فيها المسلمون أقليات بنسب متفاوتة، وبالتالي فهي بحاجة إلى المتكلمين باللغة العربية الفصحى لتعليم أبنائهم لغة دينهم، وهي بحاجة أيضا لمن يملكون خبرات في كافة المجالات الأخرى ممن يجيدون العربية، في مثل هذا يمكن لنا الاستثمارالاقتصادي، ونجاحنا في ذلك مضمون.

كما يمكننا أيضا العودة إلى عصر كان فيه الأزهر منارة الحضارة ومحجا لراغبي العلم من أصقاع العالم كافة، وتعظيم هذا الشأن واستغلال ذلك في عودة مصر لتحتل مكانتها القديمة بين أمم العالم بعلمها وثقافتها وليس بعلم وثقافة الآخرين.

…….

نأمل من وزير التعليم الجديد في مصر تدارك الأخطاء، وأن يعلم الأطفال العربية، وعندما يجيدونها يعلمهم لغة غيرها، فمن خرج من داره قلّ مقداره.

المصدر : الجزيرة مباشر

لتخطي الحجب:
المزيد:

07 أغسطس 2022

محمد سيف الدولة يكتب: لماذا يكره الحكام العرب "حركات المقاومة"؟



Seif_eldawla@hotmail.com
·لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف تهافت ما يروجون له منذ عقود من أنه لا قبل لنا بإسرائيل، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الوحيد الممكن.
·ولأنها تتمسك بتحرير كامل التراب الفلسطينى بينما يعيشون هم بعقدة 1967.
·وهى ترفض الاعتراف (باسرائيل) التى اعترفوا جميعا بها سرا أو علانية.
·كما أنها ترفض نزع سلاحها، بينما قبلوا هم فى المعاهدات التى وقعوها مع (اسرائيل) ما فرضته عليهم من شروط بنزع وتقييد القوات والاسلحة فى المناطق التى انسحبت منها.
·ولأنهم اختاروا جميعا نهج الاحتلال والتبعية والتطبيع والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟
·فحركات المقاومة تتحداهم وتتحدى كل معاهداتهم وتحالفاتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.
·كما أن المقاومة تكشف الوجه الارهابى العنصرى البربرى للكيان الصهيونى، الذى سالمته هذه الانظمة وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.
·ولأن مقاومة الاحتلال تهدد عروشهم، من حيث أن أهم مصدر لشرعياتهم لدى الامريكان ومجتمعهم الدولى، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها.
·كما تهدد امنهم ايضا الذى اصبح منذ عقود طويلة فى كفة واحدة مع امن (اسرائيل) وفقا لترتيبات الأمن الاقليمى التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها.
·كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض واخضاع النظام العربى الرسمى على قاعدة الاستسلام للأقوى المعروفة باسم "الاعتدال والواقعية"، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف وعدم الواقعية وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.
·ولأنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية، الذين يرفضون الاعتراف بالمقاومة، ويصنفونها كحركات ارهابية، والوكيل لا يخرج أبدا عن تعليمات موكله.
·ولأن التفاف الشعوب العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.
·كما ان المقاومة تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التى تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الاوروبى وما يسمى بالمجتمع الدولى.
·لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم. فاعترافهم الباطل باسرائيل وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.
·ولأن المقاومة هى الوحيدة التى توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى/العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.
·ولأن المقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد، بعد أن حاولوا تهميشها وتصفيتها بكل السبل فى العقود الماضية، وآخرها ما يسمى بصفقة القرن واتفاقات "ابراهام".
·وهو ما يفسد ويعيق مشروعات التطبيع الاقتصادى والسياسى مع (اسرائيل) القائمة على قدم وساق.
·لأنها تنشط وتحيى حركات المقاطعة للبضائع الامريكية والأوروبية التى تهدد مصالحهم الاقتصادية، وتتحدى الاوامر والتعليمات الامريكية.
·لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).
·وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين استقوائهم على شعوبهم.
·لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.
·كما تكشف زيف الشعارات الوطنية التى يطنطنون بها ليل نهار لخداع شعوبهم وتضليلها.
·لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة لا يستخدمونها بالمليارات، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.
·كما تفضح مشاركتهم فى حروب الامريكان وأحلافهم، وصمتهم تجاه فلسطين.
·لأن للمقاومة والصمود والبطولة سحر وتأثير خاص، يخشون من انتقال عدواها الى شعوبهم.
·فنموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.
·لأنها تكشف زيف ادعائاتهم اليومية بوجود مؤامرات عالمية على دولهم، بينما هم يلتزمون الصمت تجاه المؤامرة الحقيقية على بلاد العرب المتمثلة فى الكيان الصهيونى.

***
وبطبيعة الحال فان السبب الأصلي، قبل ذلك وبعده، لكراهية الغالبية العظمى من الحكام العرب لفلسطين وللمقاومة، هو انهم يقبعون على رأس تلك الكيانات المسماة بالدول العربية التي أنشأها الاستعمار لحماية ترتيبات سايكس/بيكو وتجزئة الأمة العربية التي تمت بعد الحرب العالمية الأولى، والتى لا تقاتل أبدا الا دفاعا عن اراضيها وداخل حدودها، فلا شأن لها باحتلال او تهديد أى أقطار عربية أخرى، ولو تم قصفها بالسلاح النووي.
*****
القاهرة فى 7 اغسطس 2022

05 أغسطس 2022

سيد أمين يكتب: بذريعة الاقتباس والتمصير.. شاعت السرقات الفنية في مصر

 

جددت فضيحة اتهام الفنان التشكيلي الروسي جورجي كوراسوف المصممة المصرية غادة والي بـ”سرقة” أربع لوحات من أعماله، واستخدامها في جداريات محطة مترو “كلية البنات” بشرق القاهرة، الحديث عن ظاهرة السرقات الفنية والفكرية وتفشيها في مصر.

خاصة حينما تكون تلك السرقات الفنية مقرونة بوقائع فساد واستنزاف لأموال الدولة، وهو ما توافر أيضا في تلك الواقعة التي تردد أن “ستوديو والي” -وهي الوكالة التي تديرها المصممة المصرية- تقاضى عشرات الملايين من الجنيهات مقابل تزيين المحطة بتلك الجداريات، بينما لم تتغرم الوكالة في تنفيذها أكثر من أربعة آلاف جنيه في أعلى تقدير، وهي ثمن طباعة “الاستيكرات” الخاصة بتلك الرسوم والعمالة والمواد اللازمة لتركيبها في المحطة.

وبعد قليل من تلك الفضيحة، نشر مراقبون عاملون في المجال ذاته على صفحاتهم في فيسبوك ما قالوا إنها وقائع سرقات أخرى قامت بها غادة والي لأعمال فنية تخص تصميمات دعاية سياحية لمدينة الأقصر نفذتها سبع فتيات، وهو الاتهام الذي لم يتسنّ بعد تأكيده.

وبعيدا عما يتواتر في تفاصيل واقعة محطة المترو من اعتذارات الهيئة القومية للأنفاق والشركة الفرنسية المسؤولة عن تشغيل الخط الأخضر الثالث، للفنان التشكيلي الروسي وللجمهور عن الواقعة، إلا أن الحقيقة تقول إننا في مصر نتعايش منذ عقود مع كثير من الأعمال المسروقة، ولكن رافق اللصوص شيء من التوفيق فمرت المسروقات بسلام.

فما كاد المجتمع المصري يفيق من تداعيات تلك الفضيحة حتى وجدنا فنانة روسية أخرى تدعى فيرا زولوتاريفا، تتهم مصممي أزياء مسلسل “أحلام سعيدة” بسرقة تصميماتها لترتديها الممثلة يسرا، بينما ردت ياسمين القاضي -مصممة أزياء يسرا- بأنها قامت بشراء تلك التصميمات من أحد المحال ولا شأن لها بالواقعة.

ولعل السبب في الضجة الكبيرة التي أثيرت حول مثل هذه الوقائع، وهي في الواقع تستحقها، هو ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وإفلات تلك الوسائل من الرقابة الحكومية ولو جزئيا، وتقريبها بين أقطار العالم، مما جعل أخبار تلك السرقات سريعة الوضوح والشيوع والفضح، ولا يمكن أبدا تخبئتها بغربال.

طرب مسروق

ولو تتبعنا أمر السرقات الفنية في مصر لوجدنا أن هناك عشرات الأعمال الفنية إما مسروقة كليا أو جزئيا أو تم اقتباس الفكرة، والغريب أن المؤلفين كانوا لا يرون في ذلك حرجا حال تم اكتشاف تلك السرقات، فيعللون ذلك بأنهم قاموا بتمصير الأفكار.

ومن نماذج السرقات أو الاقتباسات أو الممصّرات -سمّها كما شئت- لحن أغنية “معانا ريال” لأنور وجدي وفيروز عام 1950 المسروق من لحن أوكراني، وألحان أغنيات “تملّي معاك” لعمرو دياب، و”طمّني عليك” لمحمد فؤاد، و”جتلك” لمصطفى قمر، و”كل الأوقات” لسميرة سعيد، وغيرها، وأحيانا تترافق سرقة اللحن مع سرقة التوزيع الموسيقي أيضا.

لكن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب امتلك الجرأة ليعترف في حوار صحفي بأنه كان يمارس هذا النوع من الممارسات في بداية مشواره الفني، واقتبس لحن “يا ورد مين يشتريك” من بيتهوفن، و “أحب عيشة الحرية” من فلكلور روسي، وقال “كان لا بد أن أقول ممن اقتبستهم، وهذه كانت حركة بايخة مني”.

وتشيع في شارع الفن والغناء في مصر قيام غواة شهرة زائفة، وأحيانا شعراء وأدباء ومطربون، بشراء الأشعار وكلمات الأغاني بقليل من الجنيهات من الشعراء والمؤلفين المبتدئين ونسبتها إلى أنفسهم.

صُنع في مصر

ولا تخلو الدراما الرمضانية كل عام من حدث الاتهامات المتبادلة بالسرقة، سواء للحن أو أغنية أو تصميم وأحيانا للقصة كلها، كما حدث عام 2019 من قيام روائية سعودية تدعى نور عبد المجيد برفع قضية تتهم فيها المؤلف محمد عبد المعطي باقتباس أحداث روايتها “باسكالا” في مسلسل “حكايتي”، وما حدث أيضا مع مسلسل “الهيبةـ الحصاد” الذي يثير البعض اتهامات بأنه مقتبس من مسلسل أمريكي يدعى “الأقنعة الهزيلة”.

ومن أمثلة الأعمال التي أثيرت حولها اتهامات بكونها مسروقة أو مقتبسة كليا من أعمال أجنبية، أفلام قام ببطولتها الفنان عادل إمام، مثل (واحدة بواحدة) المأخوذ من فيلم “lover come back” الأمريكي، و(حنفي الأبهة) من فيلم “hours 48″، و(خمسة باب) من فيلم “Irma le douce”، و(شمس الزناتي) وأعمال أخرى له.

وهناك أيضا أفلام (حلاوة روح) (أمير الظلام) (بطل من ورق) (التوربيني) (الإمبراطور) (الحرب العالمية الثالثة) (عريس من جهة أمنية) (الحاسة السابعة) (طير إنت) (جوازة ميري) (الفيل الأزرق) (جيم أوفر)، وغيرها.

ومن المثير للسخرية أن من بين تلك الأعمال فيلمًا يحمل اسم (صُنع في مصر) رغم أنه مسروق من الفيلم الأمريكي “Ted”.

السرقات الشعرية

السرقات الفنية لم تترك الشعر ينجو لحال سبيله، فالسرقات كما طالت شعراء محدثين طالت في الأكثر شعراء قدامى جدا، مثل الشاعر الكبير ابن عروس، الذي ولِد في القرن السابع عشر في قوص بمحافظة قنا، ويعد كثير من المراقبين قصائده بأنها كانت من أكثر الأعمال التي جرى السطو عليها أو محاكاتها من كبار الشعراء وصغارهم.

ولعل السبب في ذلك يعود إلى ما تتمتع به مربعاته الشعرية من موسيقى رنانة وحكمة بليغة مختصرة، والأهم من هذا وذاك أن مخطوطاته الشعرية لم تكن متاحة للعامة ولم تحظ بكثير من الشهرة، مما جعلها مطمعا لكل سارق أو مقتبس.

ولو بحث أحدنا قليلا على شبكة الانترنت لوجد قصصا كثيرة عن وقائع لسرقات تشمل كتبا وأبحاثا ورسائل ماجستير ودكتوراه، بل ومقالات رأي.

……

السرقات الفنية والأدبية في مصر شائعة، ولا يتكشف منها إلا النزر، إذ يراهن السارق على ضعف الذاكرة، ويأمن تماما العقاب.

لتخطي الحجب | https://ajm.me/ugew5p
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/cc8avc

27 يوليو 2022

محمد سيف الدولة يكتب: ماذا تدبر (اسرائيل) لمصر؟(تقرير موثق)

Seif_eldawla@hotmail.com

فى الاسابيع القليلة الماضية قام عدد من الكتاب الاسرائيليين والامريكيين بكتابة ونشر عدد من المقالات والدراسات التى تحرض ضد مصر، وبالتحديد ضد انشطتها العسكرية فى سيناء، وتدعو الى ضرورة انذار الادارة المصرية بضرورة التوقف عما تقوم به من زيادة وجودها العسكرى فى سيناء، والى التراجع عما قامت به حتى الآن بالمخالفة للترتيبات والقيود الامنية المفروضة على مصر فى اتفاقيات كامب ديفيد، وان يتم إبلاغها بان وضع القوات المصرية وانتشارها وتحصيناتها وتسليحها القائم الآن بموافقة (اسرائيل) أو بدونها، يجب أن يعود الى ما كان عليه بعد القضاء على الارهاب.

وسأعرض فيما يلى ما ورد فى اربعة من المصادر الامريكية والاسرائيلية، أخطرها هو المصدر الوارد تحت البند رابعا، والذى يتضمن فيديو اسرائيلى تحليلى يكشف الرؤية والادعاءات الاسرائيلية "الوقحة" بتنامى الوجود العسكرى المصرى فى ارض سيناء "المصرية"!

***

أولا ـ مقال "ديفيد شينكر" (1) المنشور فى موقع معهد دراسات الشرق الأدنى بتاريخ 3 يونيو 2022، بعنوان "إعادة عسكرة سيناء في مصر قد تُفجّر الوضع في المستقبل" (2) وكان مما ورد فيه ما يلى:

· من الضروري أن تسمع القاهرة من إسرائيل والولايات المتحدة و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين" أن انتهاكاتها الأمنية تقوّض السلام بين مصر وإسرائيل.

·فعلى مدى 45 عاماً تقريباً، أدت القيود التي فرضتها المعاهدة على الوجود العسكري المصرى في سيناء(3) إلى تعزيز السلام. وإذا لم يتم التراجع عن الانتهاكات المصرية فقد تهدد الأحكام الأساسية في الاتفاقية وتعرّض سلامة المعاهدة للخطر مع مرور الوقت.

·  لقد حققت البنود الأمنية هدفها المحدد وهو: إبقاء جيشَيْ الطرفين بعيدَين عن بعضهما البعض، وتوفير إسرائيل بالعمق الاستراتيجي والإنذار المبكر.

· وعلى الرغم من أن العسكرة الحالية لسيناء تأتي في وقتٍ تسود فيه علاقات ممتازة بين مصر وإسرائيل، إلّا أن التاريخ يشير إلى أن ذلك قد يتغير بسرعة.

·  لقد كان الغرض من الملحق الأمني في معاهدة السلام هو توفير جدار حماية ضد أي تحوّل سلبي غير متوقع مثلما حدث في الثورة المصرية المعادية لإسرائيل.

· تنشر مصر اليوم في سيناء وبموافقة اسرائيل، ضعف عدد القوات المسموح به في معاهدة السلام على الأقل، ويعمل نصف هؤلاء في مناطق محظورة. وهؤلاء الجنود مجهزون بالمدفعية والمركبات التي لا تسمح بها المعاهدة.

·ومع ذلك، هناك سبب وجيه يدفع إلى الحيلولة دون تحوّل التعاون القائم اليوم إلى أمرٍ سيتسبب غداً بالمشاكل. فكلما طالت مدة بقاء القوات المصرية الإضافية في سيناء، ستزداد صعوبة العودة إلى القيود التي فرضتها المعاهدة.

·أن هناك تطورات أخرى مثيرة للقلق وأبرزها هو ما فعلته مصر من دون موافقة إسرائيل، بما في ذلك بناء قواعد ومطارات عسكرية.

· ان مصر تفرض على الأرض في سيناء حقائق سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إبطالها.

· من الضروري أن تسمع مصر من إسرائيل والولايات المتحدة و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين" أن انتهاكاتها الأمنية تقوّض اتفاقية السلام، وانه يتوجب عليها الكف عن بناء قواعد إضافية تنتهك المعاهدة.

· كما ان على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تحثّا مصر على تقليص وجود قواتها في سيناء لتبلغ المستويات التي تتماشى مع المعاهدة. 

***

ثانيا ـ ولقد عاد ذات الكاتب لتكرار تحريضه فى مقال آخر بتاريخ 7 يوليو 2022 فى موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، بعنوان "التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية بشأن تيران وصنافير"(4) كان مما ورد فيه ما يلى:

·على الإدارة الأمريكية أن تحرص على ضمان محافظة أي اتفاق مع الرياض على الترتيبات الأمنية البالغة الأهمية في المنطقة المنصوص عليها في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

· ويناقش المسؤولون في مصر وإسرائيل وواشنطن و"القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" والرياض أفضل السبل لنقل الجزيرتين إلى عهدة السعودية دون المساس بالضمانات الأمنية لإسرائيل المنصوص عليها في اتفاقيات كامب ديفيد.

· على واشنطن أن تطلب من مصر تزويد "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون" بالتصاريح وأشكال الدعم اللوجستي الضرورية لإقامة نقطة مراقبة في جنوب سيناء تطل عبر المضيق باتجاه السعودية.

·  ان المجتمع الدولي لا يزال يشعر بأنه ملزم بمراقبة نزع السلاح في سيناء وحرية الملاحة عبر المضيق. ووفقاً لذلك، تمركزت عناصر عسكرية ومدنية من 12 دولة في كل من شبه الجزيرة وتيران تحت رعاية "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"

· ويمثل الوضع الراهن المتغير فرصة أيضاً لتجديد التزام الولايات المتحدة بـ "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون"، التي عززت الثقة في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لأكثر من أربعة عقود.

·لم تكن العلاقات بين القاهرة والقدس أفضل من أي وقت مضى، لكن بإمكان تقويض البنود الأمنية للمعاهدة في المستقبل بسبب تزايد عسكرة مصر لسيناء، من بينها تواجد قوات ومعدات وأنشطة البناء العسكرية التي تنتهك الملحق الأمني لـ "اتفاقيات كامب ديفيد".

·وتهدف هذه الجهود إلى محاربة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" لكن مع زيادة فعالية مصر في احتواء تهديد الإرهاب في سيناء، على واشنطن أن تحث القاهرة على إعادة نشر القوات والمعدات الزائدة غرب قناة السويس

فمنذ ما لا يزيد عن عقد من الزمن، تعرضت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل للاختبار عندما أدى "الربيع العربي" إلى انقسامات دبلوماسية خطيرة بين البلدين.

***

ثالثا ـ وفى ذات الاتجاه كتب "اسحاق ليفانون" السفير الإسرائيلى الأسبق في القاهرة من نوفمبر 2009 حتى ديسمبر 2011، مقالا بجريدة معاريف الاسرائيلية بتاريخ 18 يونيو 2022 بعنوان "سيناء أولًا: هكذا تقضم مصر اتفاق السلام مع إسرائيل" (5)، كان مما ورد فيه ما يلى:

· على الرغم من التعاون الممتاز بين إسرائيل ومصر، فإن الواقع العسكري الذي نشأ اليوم في شبه جزيرة سيناء بهدف مكافحة الإرهاب هناك، يتعارض مع تفاصيل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين.

· العلاقات الجيدة جدًا القائمة اليوم بين إسرائيل ومصر تُّغيب عن أعين الجمهور الانشطة العسكرية التي تقوم بها القاهرة في شبه جزيرة سيناء. يتم تنفيذ هذه الانشطة بموافقة إسرائيل وأيضًا بدون موافقتها. حقائق جديدة خلقت على الأرض، ويعتقد الكثيرين أنه لا يمكن العودة عنها.

·في اتفاق السلام بين البلدين، وضع الملحق العسكري للاتفاق قيودا على حجم القوات على الحدود بالقرب من إسرائيل واقتصر الانتشار على وجود قوة شرطية محدودة التسليح. بعد الثورة المصرية عام 2011 وانتشار تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، طلبت مصر تعزيز القوات العسكرية لمحاربة الإرهاب. واسرائيل وافقت.

· بحسب رئيس الأركان المصري (6)، فإن قرابة 24 ألف جندي يحاربون الإرهاب في شمال شرق سيناء. ولكن هناك 20 ألف آخرين منتشرين في جميع أنحاء شبه الجزيرة. منذ أن طلبت مصر الحصول على موافقة إسرائيل على إرسال قوات إلى سيناء لمحاربة الإرهاب، قبل أكثر من عقد من الزمان، بدأت الطلبات تتضاعف. وافقت اسرائيل على جميع هذه الطلبات لأنها تريد الهدوء على حدودها الجنوبية وعلى حدود غزة.

·لقد تم انتهاك الملحق العسكري لاتفاقية السلام لعام 1978 فعليا بموافقة اسرائيلية ولكن من دون فتحه واعادة التفاوض حوله.

·وينبع عدم رغبة إسرائيل في فتح الملحق، من موقف واضح بأنه لا يزال قائما وملزما وساري المفعول.

· عندما يسمح واقع الحرب على الإرهاب الإسلامي، سنعود إلى تطبيق الملحق.

· إن مصر تعزز من قواتها. والسؤال هو ما إذا كان هذا الوضع الذي نشأ على الأرض قابل للعودة عنه؟

·  صحيح أن مصر حرصت على الحصول على موافقة إسرائيل على هذه الإجراءات، لكن هناك اجراءات لم تطلب الإذن الإسرائيلي من أجلها.

·  وبحسب الملحق، يُسمح لمصر ببناء مطارات مدنية، لكن مصر قامت ببناء ثلاثة مطارات عسكرية تخدم سلاحها الجوي في سيناء بالإضافة إلى قواعد عسكرية. إذا أضفنا إلى هذا حجم القوات الذي أشار إليه رئيس الأركان المصري، الدبابات والطائرات المقاتلة، نحصل على صورة بعيدة كل البعد عن مضمون وروح الملحق العسكري.

· كما ذكرنا، فإن العلاقات بين البلدين هي في أفضل حالاتها على الإطلاق، والتقارب الاستراتيجي بينهما يمكن رؤيته بسهولة، لكن ذلك غير مضمون للابد.

·عندما طلبت مصر إرسال قوات لمحاربة الإرهاب، ووافقت إسرائيل، كان من الواضح للجانبين أننا في نهاية المهمة سنعود إلى الوضع الذي كان قائما من قبل. والآن بعد أن نجحت مصر جزئياً في استئصال الإرهاب، عليها أن تفكر في تقليص قواتها من اجل الحفاظ على الملحق العسكري. وينطبق نفس الحكم ينطبق على أنواع الأسلحة والمطارات والقواعد العسكرية.

· إذا تطلب الامر مرة اخرى اعادة تعزيز القوات المصرية في سيناء بسبب الإرهاب، فستستطيع القاهرة دائمًا اللجوء إلى إسرائيل، وفي ظل العلاقات المفتوحة والعميقة بينهما، فإن إسرائيل ستوافق على طلب مصر كما هو الحال حاليا. لذلك من المهم التوضيح أن العمليات العسكرية المصرية في سيناء مسالة قابلة للعودة عنها دائمًا، بطبيعة الحال.

·على الرغم من التعاون الممتاز بين البلدين، الا انه يقوض فعليا اتفاق السلام شيئا فشيئا والذي له قيمة مهمة للغاية في حد ذاته.

***

رابعا ـ وأخطر ما قمت بالاطلاع عليه فى ذات الاتجاه من المصادر الصهيونية، كان الفيديو التحليلى الذى اعده المقدم الاسرائيلى المتقاعد "ايلى ديكل" تحت عنوان "هل تهدد مصر اسرائيل؟ لماذا يتكثف الجيش المصرى؟" والذى يناقش فيه ما اذا كان الحشد العسكرى المصرى يشكل تهديدا لاسرائيل. ورابط الفيديو منشور فى هوامش المقال (7)، وانصح كل المعنيين والمهتمين بمشاهدته. وفى الوصف المرفق بالفيديو جاء ما يلى:

((خدم ديكل في فرع المخابرات في الجيش الإسرائيلي لمدة 20 عامًا، وتخصص في الاستخبارات الجغرافية، التي تبحث في أنظمة البنية التحتية العسكرية والمدنية وتحلل أهمية تطوير البنية التحتية المتزامنة من حيث حالة الأمة. في المناقشة التالية، يرسم "ديكل" صورة عامة للجيش المصري، مستعرضًا التعزيزات العسكرية وتطوير البنية التحتية منذ عام 2007، مع التركيز بشكل خاص على صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2013. يحلل "ديكل" من بين أمور أخرى، أنظمة البنية التحتية التالية: تسريع تطوير الجسور والأنفاق في منطقة قناة السويس. إنشاء شبكة طرق سريعة في سيناء. توسع كبير في الإطار اللوجستي في سيناء؛ إنشاء احتياطيات وقود للطوارئ، ولا سيما في منطقة قناة السويس؛ توسيع المطارات والموانئ العسكرية والأنفاق المحفورة لتخزين أنظمة الأسلحة الاستراتيجية على طول قناة السويس.

يقود تحليل الحشود العسكرية وتطوير أنظمة البنية التحتية في سيناء وجبهة القناة "ديكل" إلى استنتاج مفاده أن تركيز الجيش المصري ينصب على إعداد مسرح حرب ضد إسرائيل في سيناء. على النقيض من ذلك، فإن الجيش المصري بالكاد منخرط في الاستعداد لتهديدات محتملة من جهات فاعلة مثل ليبيا وإثيوبيا، تركيا وإيران.

يشرح "ديكل" في ندوته الأسباب الكامنة وراء استعدادات مصر للصراع العسكري مع إسرائيل، ويناقش القدرات التي طورتها في أعقاب موجة شراء العتاد العسكري وتطوير أنظمة البنية التحتية العسكرية.))

***

تساؤلات وملاحظات:

· انهم جميعا يعزفون ذات اللحن، ويقرأون من ذات الكتاب، ويكررون ذات الحجج ويستخدمون ذات المفردات!

· فماذا تدبر (اسرائيل) لمصر، والى ماذا تمهد؟ ولماذا الآن؟

·خاصة ان العلاقات بين القاهرة وتل ابيب فى أفضل حالاتها منذ توقيع المعاهدة (8) باجماع كافة القيادات والمحليين الاسرائيليين.

· هل لذلك علاقة بالمشروع الامريكى لتأسيس ناتو عربى اسرائيلى ومحاولة الضغط على الدولة المصرية واجبارها على التجاوب معه والانخراط فيه، مقابل التساهل الاسرائيلى مع ما يجرى فى سيناء؟

· وهل التسريب "المقصود" لخبر المحرقة الصهيونية التى تمت للجنود المصريين عام 1967، جاء بهدف ممارسة الضغط على الادارة المصرية واحراجها امام الراى العام المصرى، كنوع من انواع التلويح والتمهيد للضغط فى هذا الاتجاه، من خلال التهديد بامكانية نشر مزيد من الاسرار المماثلة المحجوبة من الصندوق الاسود للعلاقات المصرية الاسرائيلية؟

· أم ماذا؟

·لا نعلم على وجه اليقين، فكلها تكهنات وافتراضات لا امكانية لتأكيدها أو نفيها.

· خاصة وأن ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية وكواليسه محجوب تماما عن الرأى العام المصرى منذ توقيع الاتفاقيات 1978ـ 1979.

· على العكس تماما من الاوضاع داخل دولة الاحتلال، حيث يتم اطلاع الراى العام (الاسرائيلى) بكل المستجدات أولا بأول.

·والتى غالبا يكون ما يتسرب منها الينا هو مصدرنا الوحيد للمعلومات.

***

·   على العموم وأيا كانت الخلفيات والنوايا والمخططات الاسرائيلية التى لا تتوقف فان سيناء كامب ديفيد ستظل هى نقطة الضعف الرئيسية فى الأمن القومى المصرى، والأداة الأقوى فى محاولات كسر واخضاع الارادة المصرية على امتداد الـ 45 عاما الماضية.

·  وهى ليست أداة ضغط (اسرائيلية) فحسب، بل هى بالاساس أداة ضغط أمريكية.

· وهناك عشرات وربما مئات الاثباتات والوقائع والتصريحات عن حقيقة وتاريخ استخدام وتوظيف أمريكا و(اسرائيل) لـ "ورقة سيناء" فى الضغط على الدولة المصرية، والتى وصفها "آفى ديختر" وزير الامن الداخلى الاسرائيلى الاسبق عام 2008 بقوله ((لقد انسحبنا من سيناء بضمانات أمريكية للعودة اليها مرة أخرى اذا تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل، وان هذه الضمانات هى نزع سلاح ثلثى سيناء بالاضافة الى تولى الولايات المتحدة بنفسها مهمة مراقبة القوات المصرية فى سيناء)).

· وقبل ذلك كانت مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلية الموقعة فى 25 مارس 1979 والتى تضمنت تهديدا امريكيا صريحا بالتدخل العسكرى الامريكى ضد مصر ان هى قامت بأى انتهاك للاتفاقية.

·ومنها ايضا التهديدات الامريكية الدائمة على امتداد اربعة عقود بقطع المعونة الامريكية، اذا لم تقم مصر بدورها فى تأمين الحدود مع (اسرائيل)، وردم الانفاق، وضبط المعابر ومنع تهريب السلاح للفلسطينيين.

· حتى انه قد قيل فى ربيع عام 2012 أن السبب الذى دفع المجلس العسكرى للافراج عن المتهمين الامريكان فى قضية المعهد الجمهورى والتمويل الاجنبى لجمعيات اهلية مصرية، كان هو التهديد الأمريكى بعمليات عسكرية اسرائيلية فى سيناء! (الى هذه الدرجة والى هذا المستوى المتدنى من المشاكل والاحداث، يتم توظيف جروح سيناء وقيودها فى الضغط على الارادة المصرية الرسمية)

· والامثلة كثيرة.

***

· فى ختام هذا السطور تجدر الاشارة انه اذا صح ما تناولته هذه المصادر الاسرائيلية من جهود ومحاولات مصرية حثيثة على تحسين شروط كامب ديفيد وتدعيم اوضاعنا العسكرية فى سيناء، فانها تستحق كل التثمين والتقدير، وتضفى بعض الطمأنينة على قلوبنا، التى أُرهقت كثيرا وطويلا من هذا الاختلال العسكرى الهائل والظالم الذى فرضته علينا اتفاقيات كامب ديفيد.

· ولكننا نعيد التأكيد والتذكير بأن المبدأ او الثابت او الهدف الوطنى والأمنى الرئيسى كان هو على الدوام تامين مصر من التهديدات الاسرائيلية المحتملة والكامنة ومن الاطماع الاستيطانية العدوانية التى هى صفة لصيقة بهذا الكيان المسمى باسرائيل القابع على حدودنا الشرقية.

·  وهو ما لا يمكن ان يتحقق بدون استرداد السيادة الكاملة وحق الانتشار والتسليح الكامل الحر للقوات المسلحة المصرية فى سيناء والتحرر التام من اى شروط او قيود او موافقات اسرائيلية فرضتها علينا المعاهدة.

·   وهى معركة طويلة ومصيرية، تحتاج لتضافر كل الجهود وتوظيف كل الامكانيات وكشف كل الحقائق للرأى العام المصرى من أجل اشراكه فى هذه المعركة، لأنه السلاح الأمضى والأكثر تأثيرا وفاعلية فى مواجهة أى ضغوط خارجية مهما بلعت شدتها.

*****

القاهرة فى 27 يوليو 2022


الهوامش:

(1)"ديفيد شينكر" هو زميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومساعد سابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى خلال إدارة ترامب.

(2) رابط مقال إعادة عسكرة سيناء في مصر قد تُفجّر الوضع في المستقبل

(3)السيادة المجروحة فى سيناء ـ ارقام وحقائق

(4) رابط مقال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية بشأن "تيران وصنافير"

(5)  رابط مقال "سيناء أولًا: هكذا تقضم مصر اتفاق السلام مع إسرائيل"

(6) التصريح المنسوب لرئيس الاركان المصرى عام 2018

(7)رابط فيديو  "ايلى ديكل".

(8) العلاقات المصرية الاسرائيلية 2021

24 يوليو 2022

محمد سيف الدولة يكتب: تأبين شهداء المحرقة الصهيونية فى 1967

Seif_eldawla@hotmail.com

هذه دعوة الى اقامة تأبين شعبى ورسمى واسع لجنودنا المصريين البواسل الذين اعلنت وسائل اعلام (اسرائيلية) عن تعرضهم لمحرقة على ايدى قوات الاحتلال عام ١٩٦٧ ودفنهم فى مقبرة جماعية غرب مدينة القدس اصبحت اليوم موقفا للسيارات.

هو تأبين ورسالة للعدو ووقفة مع النفس ومع العالم، ولكن قبل ذلك وبعده هو مراجعة وكشف حساب لمسيرة السلام المصرى الرسمى مع (اسرائيل) على امتداد الـ 45 عاما الماضية.

كما أنه اقل واجب وأضعف الايمان لتكريم هؤلاء الشهداء وكل الشهداء المصريين والفلسطينيين والعرب الذى ارتقوا فى معارك المقاومة والدفاع عن الارض وتحريرها.

***

مصر لا يجب أن تُهان:

لقد كان من اهم أسس وقواعد الصراع التى أدركها واتفق عليها كل الفرقاء بعد حرب 1973، الاشرار منهم قبل الاخيار، ان مصر لا يجب ان تهان بأى حال من الأحوال، حيث ثبت بالتجارب العملية والتاريخية والعسكرية ان اى اهانة لها لن تمر مرور الكرام ولو بعد حين.

وانا هنا لا أضع مصر، لا سمح الله، فى مرتبة أعلى من باقى الدول العربية الشقيقة، ولكن أشير الى الحقيقية التاريخية والديموغرافية والجيوسياسية التى أدركها العالم الغربى وأدركتها الأمة العربية منذ الحروب الصليبية، وهى مكانة مصر ومركزيتها وقوتها كعاصمة الامة وقلبها وموطن ما يزيد عن ربع سكانها.

وهو ما تأكد للجميع مجددا بعد العدوان الصهيونى عام 1967، فبعد أن قام العدو بتدمير قدرات الجيش المصرى فى ستة أيام، وتصور الجميع ان مصر لن تقوم لها قائمة فى المدى القريب، فاذا بهم يفاجأون ويصدمون من ردة فعل الشعب المصرى الذى رفض الهزيمة والاستسلام وانكفأ للاعداد لمعركة التحرير على امتداد ست سنوات كاملة، استطاع بعدها ان يحقق انجازا عسكريا غير مسبوق كان من الممكن ان يغير مصير (اسرائيل) للابد لولا تدخل الامريكان وانكسار ارادة القيادة السياسية.

***

واليوم تشعر مصر كلها باهانة كبرى:

ليس فقط بسبب المحرقة الاجرامية لجنودنا التى سربت القيادات (الاسرائيلية) انباءها الى الاعلام العبرى لاسباب لم تظهر للعيان بعد، ولكن أيضا:

·بسبب ما وراءها من تجرؤ وتبجح (اسرائيلى) بالاعلان والتفاخر بهذه المحرقة بما فيه من استخفاف وقح بمشاعر المصريين،

·ومن احراج غادر للسلطات المصرية التى لا تألو جهدا لتوثيق وتعميق العلاقات مع الدولة العبرية،

·ومن استقواء واستعلاء مهين يقوم على تصور (اسرائيلي) مستقر منذ كامب ديفيد، بعجز الدولة المصرية المكبلة بقيود المعاهدة وبالهيمنة الامريكية وبمليارات الديون وبالمشاكل الاقتصادية المزمنة، عن اتخاذ اى موقف أو رد فعل يضر باسرائيل وامنها ومصالحها.

***

ولذلك علي مصر ان تبلغهم رسالة واضحة بانها قادرة على الرد، والرد بقسوة اذا لزم الأمر.

والف باء فى اى ردود مصرية، هو ان يعلن المصريون فى صوت واحد ان كل شئ يمكن ان يتغير فى لحظة واحدة وان مصر يمكن ان تعود للانخراط بقوة مرة اخرى فى مواجهة ومناهضة المشروع الصهيونى فى المنطقة.

والخطوات الأولية لاعلان مثل هذا الغضب لا يجب ان يقتصر على المباحثات والردود الرسمية بين السفراء والمسئولين، وانما على السلطات المصرية ان تقوم فورا باطلاق سراح المارد الغاضب المكبوت فى نفوس كل المصريين تجاه عدوهم الوجودى والتاريخى والعدوانى المسمى باسرائيل.

***

وعلى القوى الوطنية ومن بوابة تأبين شهداء هذه المحرقة، ان تنظم وتطلق حملة شعبية وسياسية واسعة:

· لفتح ملف العلاقات المصرية الاسرائيلية 1977-2022 لتقييمها وعمل كشف حساب لها.

·مع التركيز على ما طرأ عليها من تطورات فى السنوات الاخيرة.

· جنبا الى جنب مع ملف التطبيع العربى الاسرائيلى الجارى على قدم وساق.

·وما طرأ من ردة وتراجع كبيرين للقضية الفلسطينية على اجندات كل الدول والقوى الفاعلة دوليا واقليميا.

·مع استعراض الاوراق التى تملكها مصر اليوم للضغط على (اسرائيل) رغم ظروفها الخاصة وعلى رأسها قيود كامب ديفيد والضغوط والشروط الامريكية.

·ومن ضمنها بند التعويضات عن الاضرار المدمرة والكارثية التى لحقت بمصر نتيجة سنوات الاحتلال 1967-1981،

·وكذلك التعويضات عن الأضرار التى لا تقل جسامة جراء القيود الامنية المفروضة عليها فى سيناء 1981-2022 بموجب المادة الرابعة من المعاهدة وملحقها الامنى، وما أدت اليه من تفشى الفوضى والاختراق والتجسس والارهاب والاعتداء على جنودنا وارتقاء مئات الشهداء، بالاضافة الى جرائم التهريب والاتجار فى البشر والمخدرات وغيره الكثير.

على ان تنطلق كل هذه الملفات والمحاور فى اتجاه وسياق بناء وبلورة استراتيجية وخريطة طريق واضحة لاسترداد مصر لموقعها المركزى فى مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى، وفى مواجهة النفوذ الاقليمى المتزايد والمتنامي لاسرائيل فى المنطقة.

***

وعلى نقابات مصر وجامعاتها وكل مؤسساتها؛ ان تفتح ابوابها لاستقبال واستضافة هذه الفاعلية الوطنية الجامعة.

ولتتوجه كل الصحف ووسائل الاعلام لعرض القضية والعودة لاستضافة كل مناهضى (اسرائيل) وداعمى فلسطين المحظورين من الادلاء بآرائهم فى السنوات الأخيرة.

***

الاحتذاء بالعدو:

ولننظر الى طبيعة وتاريخ وسياسات هذا العدو الظالم فى مطاردة كل اعدائه وتصفيتهم والثأر منهم على امتداد هذا القرن، من اول منظمات جاوتنسكى ومناحم بيجين الارهابية قبل 1948، مرورا بملاحقة الضباط النازيين واختطافهم ومحاكمتهم وادانتهم على ما يسمى بالهولوكوست، الى آخر المئات من عمليات التصفية والاغتيال للعلماء المصريين والعرب ولقادة المقاومة العربية والفلسطينية.

حتى رفات جنودها فان دولة الاحتلال لا تفرط فيها أبدا، وتصر على استلامها فى صفقات للتبادل بعشرات الاسرى الفلسطينيين واللبنانيين.

وهو ما حدث مع مصر ايضا عام 1980، حين لبت السلطات المصرية الطلب الاسرائيلى فى استرداد رفات 36 جندى (اسرائيلى) مدفونين فى سيناء.

***

اننا لا ندعوكم الى ما طاقة لكم به، وانما ندعوكم فقط "فى هذه المرحلة" لفتح اوسع نافذة ممكنة لترى منها (اسرائيل) والمجتمع الدولى وكل العالم الغضب الشعبى والكراهية المصرية لهذا الكيان المجرم الذي يعتدى علينا ويحتل اراضينا ويقتل شعوبنا ويحرق جنودنا البواسل.

***

ماذا كسبنا؟

ثم ما هى الفوائد والمكاسب التى عادت على السلطات المصرية من اسكات اى صوت معارض لاسرائيل فى السنوات الماضية؟

لا شئ على الاطلاق، سوى مزيد من التجبر والاستقواء والعربدة والضغوط الاسرائيلية التى وصلت مؤخرا الى القيام بتحريض الولايات المتحدة الامريكية للضغط على مصر ودول عربية اخرى للانخراط فى حلف عسكرى مع (اسرائيل) وتحت قيادتها.

***

لقد كان السادات ومبارك من اشد الملتزمين بالمعاهدة مع (اسرائيل) الى الدرجة التى أطلقوا فيها على مبارك وصف "الكنز الاستراتيجى لاسرائيل".

ولكن فى سنوات حكمهما كانت الابواب مفتوحة على مصراعيها للفاعليات الشعبية الداعمة لفلسطين والمناهضة لاسرائيل؛ من تظاهرات ووقفات ومؤتمرات وقوافل اغاثة ولجان لدعم الانتفاضة وغيرها الكثير.

فالدول الحكيمة لا تتخلى ابدا عن دور المعارضة والراى العام الشعبى لمواجهة اى ضغوط دولية، وما اكثرها، التى تمس مصالحها العليا وامنها القومى وكرامتها الوطنية.

***

على الدولة المصرية ان تبلغ (اسرائيل) ان للصبر حدود.

أما الشعب المصرى فعليه ان يعلن ما قد لا تجرؤ السلطة المكبلة باتفاقيات كامب ديفيد على اعلانه، من انه لن يسامح ولن يصالح ولن يسالم وان جرائم الاحتلال السابقة واللاحقة لم تمر ولو بعد حين.

*****

القاهرة فى 24 يوليو 2022

20 يوليو 2022

سيد امين يكتب: العدالة الغربية كما نتوقعها.. شيرين أبو عاقلة نموذجا

ليس من المستغرب أبدا أن ينتهي فريق التحقيق الأمريكي إلى النتائج التي توصل إليها في واقعة اغتيال الجيش الإسرائيلي لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في شهر مايو/ أيار الماضي، وإعلانه عن وجود أضرار بالغة في المقذوف الناري الذي اغتيلت به الصحفية البارزة حالت دون التوصل إلى نتيجة واضحة بشأنه، وهو الإعلان الذي يعني ما يشبه قيد الجريمة ضد مجهول.
حاول المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس شراء الخواطر العربية بالإشارة إلى احتمال تورط الجيش الإسرائيلي في الجريمة، لكن دون أن يدينه حينما قال إن “المنسق الأمني لم يجد أي سبب للاعتقاد بأن هذا كان مقصودًا، بل نتيجة ظروف مأساوية خلال عملية عسكرية بقيادة جيش الدفاع الإسرائيلي ضد فصائل الجهاد الإسلامي الفلسطينية في 11 مايو/ أيار 2022 في جنين، أعقبت سلسلة من العمليات الإرهابية في إسرائيل”.
ولم يقل برايس ما هو السبب وراء قيام الفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وهو أنهم يطالبون بجلائها عما تبقى من أراضيهم التي تحتلها منذ 1967، مع فك الحصار الخانق المفروض عليهم برا وجوا وبحرا.
طرف في الجريمة
عموما عدم الاندهاش من تلك النتائج يعود في الأساس إلى عدم حياد من أوكل إليه التحقيق، حيث وجدنا أن من يرعى القاتل هو نفسه من يقوم بدور القاضي، فضلا عن أن كل تاريخ هذا القاضي معنا وفي كل الوقائع الأخرى المماثلة كان دائما انحيازا فاضحا للآخر.
وقد جاءت الطامة حينما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف أنه تم إخضاع الرصاصة لاختبار باليستي في مختبر الطب الشرعي الإسرائيلي من قبل هيئات مهنية إسرائيلية حضرها ممثلون محترفون من USSC، من أجل تحديد السلاح الذي أطلقت منه.
وبثير هذا التصريح الكثير من السخرية؛ فرغم أن إسرائيل هي المتهمة الوحيدة في الجريمة فإن اللجنة الأمريكية سلمتها الرصاصة التي اغتيلت بها شيرين أبو عاقلة لتجري تحقيقات حولها.
ولأنهم أعطوا القط مفتاح الكرار، خرج المتحدث ليقول إنه في ضوء حالة الرصاصة ونوعية العلامات الموجودة عليها فقد تبين أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانت قد أطلقت من السلاح الذي تم اختباره أم لا!!
ويبقى السؤال الأخطر وهو أنه طالما أن المقذوف وقع تحت يد جيش إسرائيل فما المانع من تبديله أو تزييفه أو الإمعان في طمس معالمه، تحرّزًا من وصوله إلى جهات تحقيق دولية؟ ولماذا كانت أمريكا تضغط على السلطة لتسلّمه منها؟ ولماذا استجابت السلطة؟ وهل هناك شيء تحت الطاولة؟
جهات مختصة
وهناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن هناك جهة اختصاص تمتلك الشرعية الكاملة لإجراء التحقيقات في مثل هذه القضايا وهي النيابة العامة التابعة للسلطة الفلسطينية التي وقعت الجريمة في الأراضي الخاضعة لها، وبما أن حكومات العالم بما فيه أمريكا تعتد نتائج التحقيقات النيابية في أي بلد في العالم، فإنه ينبغي لها أيضا الاعتداد بنتائج التحقيقات التي تقرها النيابة الفلسطينية.
وها هي النيابة العامة الفلسطينية ترد على التقرير الأمريكي بقولها إن “أحد عناصر القوات الإسرائيلية أطلق عيارا ناريا أصاب شيرين، بشكل مباشر في الرأس، أثناء محاولتها الهرب، مما أدى إلى تهتك الدماغ، والتقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم”.
وجاء في تقريرها الفني أن الطلقة من عيار 5.56 ملم، وله علامة وخصائص تطابق سلاح قنص نصف ناري يستخدمه الجيش الإسرائيلي من ماركة “مني فورتي روجر”، وأنها تحتوي على “جزء حديدي خارق للدروع”، وقد اخترقت ذراع خوذة القتيلة، واصطدمت بالجمجمة، وأن إطلاق النار جاء من نقطة ثابتة بشكل مباشر من الناحية الجنوبية، حيث تمركزت القوات الإسرائيلية، ولم تكن هناك أي مواجهات مسلحة في مكان الحدث.
وأضافت أنها هي السلطة المختصة بإجراء التحقيق، وأن أي تحقيقات تجريها أي جهات أخرى ليست ملزمة لها قانونًا، وستلجأ للجنائية الدولية.
هذه هي نتائج التحقيقات الفلسطينية، ويجب على الجهات الأمريكية والغربية التعامل معها بالجدية الواجبة، حتى لا ترسب العدالة الغربية مجددا في الامتحانات الفلسطينية المتكررة، وتهدر قيمها الديمقراطية التي تتباهى بها على حسابات السياسة الدولية والمصالح الخاصة.
...
على العموم فالنتيجة التي قررت أمريكا أن تنهي بها المشهد كانت متوقعة منذ البداية، وكل فلسطيني يعلم تماما أن حق أي شهيد فلسطيني لن تعيده محاكم دولية.
تابع المقال كاملا هنا