13 فبراير 2011

حتي نقتص لدماء الشهداء

سيد أمين
لا يجب ان تسمحوا للطاغية بانسحاب آمن من السلطة بعدما تخضبت يداه بدماء مئات الشهداء الذين اقتطفهم من جناين مصر في ثورتها المجيدة من اجل التحرر من الاستبداد والفساد والجهل ومن اجل الاف الشهداء الذين سقطوا في زنازينه وسجونه طيلة ثلاثين عاما من التخلف والاستبداد.ما شهدته وتشهده بلادنا هذه الايام مروع في جانب منه ورائع في جانب اخر فقد سقط الشهداء ولكن انكسر حاجز الخوف والسياج الامني الذي طوقه الطاغية حول رقابنا منذ ثلاثين عاما.
سقط الشهداء ولكن توحد الوطن شيبه وشبابه حول هدف واحد "ارحل يا مبارك" , هم شهداء في عمر الزهور ابوا الا يفارقوا ميدان الشهداء "التحرير سابقا"الا وقد وجهوا رسالة للطاغية الثمانيني وهي ان دمائهم تهون في سبيل تحرير الوطن وان مصر الولادة دائما انجبت وستنجب ابطالا مهما اراد الطاغية مبارك تخنيثهم وتدجينهم.
سقط شهداء منهم من سجل في دفاتر المستشفيات ومنهم من دفنوا في مقابر جماعية بصحراء السادس من اكتوبر دون قيد او تسجيل بحسب ما روي شهود عيان موثوقين.
سقط شهداء ولكنهم سجلوا كمتوفين طبيعيين جراء اصابتهم بامراض او ازمات قلبية كما روي اطباء بمستشفتي الدمرداش والهلال للمتظاهرين من ان السلطات الامنية امرتهم بذلك.
سقط شهداء جراء التعذيب بعدما اختطفتهم الشرطة من شوارع مصر في جمعة الغضب وقاموا بتعذيبهم بشكل مفرط ادي للوفاة كما حدث مع حالتين في بولاق الدكرور.
سقط شهداء قتلوا بدم بارد علي يد البلطجية وبمساعدة ضباط الشرطة ولدينا معلومات بالاسماء عن قيام نائب للوطني بتاجير اربعة من المسجلين خطر لقتل المتظاهرين بحدائق القبة.
الكثيرون من الجرحي سقطوا بعد ذلك شهداء دون ان يعرف احد الامر الذي يرجح ان يكون الضحايا بالألاف.
ان ما حدث بحق جريمة ضد الانسانية تستوجب العقاب الشديد لكل رموز الدولة التي ارتضت ان تروع نحو 85 مليونا من البشر من اجل اجهاض الثورة وتخويف الناس رغم ان الرسول الكريم يقول من روع مؤمنا فأنا خصيمه يوم الدين.
ليس من العدل ان نستكين و نفضل الاستقرار علي القصاص لدماء الشهداء الذين ضحوا من اجل مصر والذين تحسر ذويهم لفراقهم , يجب عقاب القتلة ومن قبل ذلك الانتصار للثورة والا فكلنا مستهدفون بالقتل والاقصاء والاخصاء والتجويع.
لا يجب ان تتوقف الثورة حتي تحقيق كل اهدافها علي ان يتم بعد ذلك الغاء الدستور الحالي وحل جميع المجالس النيابية والاحزاب التي تأكد الجميع ان معظمها كان يدور في فلك الحزب الحاكم ويعبر عنه.
ان معلومات عن امتلاك الرئيس واسرته نحو 70 مليار دولار اثار فزع المصريين الذين اجروا عملية حسابية بسيطة فضربوا هذا الرقم في 6 وهو سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار ثم طرحوه علي عدد سكان مصر فااكتشفوا ان نصيب كل مواطن مصري يتجاوز الستة الاف جنيه وهو ما يمكن ان يمثل حلا اقتصاديا ممكنا لازمة العديد من الاسر المصرية.
البعض يعيب علي الصعيد بأنه لم يشارك في الثورة واؤكد ان هذا الاتهام باطل فالمظاهرات تكاد تكون شبه يومية في كل من اسيوط وسوهاج والاقصر وقنا ونجع حمادي الا انها لم تحظ بتغطية اعلامية كما هو في شمال البلاد.
فضلا عن ان الصعيد قد ضحي بالاف الشهداء والاف المعتقلين الذين لا زالوا رهن غياهب السجون منذ عقود وذلك اثناء مقاومتهم لـ"حملة الصعيد" التي شنها النظام في تسعينيات القرن الماضي وحق قري بكامل "شيبها وشبابها ونسائها واطفالها" والحكايات لا تنقطع في صعيد مصر لمن يريد تقصي الحقائق
لقد كان ضابط الشرطة الذي تلطخت يداه بدماء الشهداء في صعيد مصر يعود للقاهرة فيقيم له النظام الاحتفالات ويطوقه باكاليل الغار رغم ان يده لا زالت تقطر دما وجورا.
كل ذلك لا يجب ان يرحل مبارك دون ان يدفع الفاتورة والشعب حتما سيسقطه.
Albaas10@gmail.com

17 يناير 2011

حتى لا تلد الثورة التونسية فأرا ؟

سيد أمين

فى يوليو الماضى " كتبت مقالا بعنوان "صور المساخر فى بلاد المفاخر" تناولت فيه صور المظالم التى ظل يرزح تحت نيرها الشعب التونسى فى ظل حكم طاغيته ’ وتطرقت فى حديثى إلى التواطؤ العام من قبل الإعلام العربى الرسمى والحزبى والخاص تجاه هذا القهر وقلت أن ذلك يرجع لكون طاغية تونس اعتبرها شركة وراحت النقود التونسية تذهب إلى الصحف والصحفيين فى العالم العربى طولا وعرضا فى صورة إعلانات أو إعانات أو حتى رحلات وهدايا الأمر الذى جعل قطاعا منهم يهلل لكل ما يفعله "بن على" حتى لو كان افتتاح محلا للطرشى!.

أنا فى الحقيقة خائف من تطويق واحتواء الثورة التونسية ’ بل أكاد أقرأ الصورة بكثير من الحذر وقليل من التفاؤل مما يقرأها الكثيرون ’ وأرى أن الثورة المضادة للثورة التونسية قد بدأت فى ذلك اليوم الذى أعلن فيه الوزير الأول محمد الغنوشى نفسه رئيسا للجمهورية رغم انه أحد أضلاع النظام البائد !.

ورغم عفوية الثورة التونسية المباركة وطاقتها الهادرة المستمدة من شعب تصور العالم أجمع أنه "مات" وشيع "بن على" جثته الى مثواها الأخير ’ إلا أنه فاجأ العالم بأنه ليس ما زال حيا فحسب ’ بل أنه قوى وقادر على دحر قاتليه وإصابة القتلة بالذهول وإيقاظ شعوب العالم العربى أجمع وتأكيد قدرتها على التغيير القسرى.

ولكن ما كان ينقص الثورة التونسية المباركة تلك القيادة الواعية التى تؤطر الأطر وتقيس الأفعال والأقوال أثناء قيادتها الجماهير الغفيرة إلى بر الأمان الذى تحقق فيه الثورة أهدافها كاملة ’ والتى لو تواجدت ما كانت لتسمح لأفراد من حزب "بن على" الحاكم الاستيلاء على الثورة ’ ليستمر ينهش أجساد التوانسة مجددا ويمتص دمهم ’ وبالتالي ستكون الثورة لم تفعل شىء سوى أنها غيرت ظلما بظلم وطغاة بطغاة.

إن نجاحا لأي ثورة يتطلب اشتمالها على عناصر مركبة تبدأ بثورة شعبية وتنتهي بتغيير شامل وهو ما لم يتحقق فى الثورة التونسية التى بدأت بشعبية ولكن لم تحقق التغيير الشامل ’ ومن تلك العناصر الواجب اشتمالها هى ثورة شعبية وقيادة واعية ونظرية فكرية إطارية ’ ورغم أن الثورة التونسية تهيأ لها أهم وأخطر تلك العناصر المتمثل فى الحشد الشعبي’ إلا أنها افتقدت للقيادة الواعية حتى ارتضت أن يقودها أشخاص ممن قامت الثورة ضدهم ’ كم افتقدت أيضا للأطر الفكرية الساعية الى تبنيها وتحقيقها الأمر الذي قد يجعل بعضا من المغرضين ركوب الثورة وتوجيها إلى أي وجهة يتوجهونها .

كان يجب على الثوار التونسيون أن يقوموا بعقد جمعية وطنية ممثلة من كافة الأطياف الفكرية الرئيسية كالقوميين والإسلاميين والاشتراكيين والليبراليين ’ ويراعى فى أعضاء هذه الجمعية أن يكون مشهود لهم بالنزاهة واحتراف "التفكير" لا "التجارة" بالأفكار وعدم التلوث بإغراءات النظام البائد ’ ويبقى عمر هذه الجمعية عامين يوضع فيهما دستورا جديدا وتلغى جميع الاحزاب والجمعيات والمؤسسات الوهمية التى كانت ترتدى رداء الديمقراطية .

ورغم ذلك فقد أعدت الثورة التونسية بحق واحدة من أهم الثورات فى العالم أجمع ’ وتكاد تعادل فى قيمتها الثورتين البلشفية فى روسيا وهى الثورة التى امتلكت كل مقومات الثورة ’ والثورة الفرنسية وهى التى بدأت كهبة شعبية ثم اكتمل لها ضلعا المثلث حينما وجدت الزعامات والمرجعيات الفكرية.

اما الفرق بين الثورة التونسية وثورة يوليو المصرية 1952 ان الأخيرة بدأت كانقلاب عسكرى ثم بعد ذلك حققت التغيير الشامل الذى تلاقى مع ارادة الجماهير وعبر عنها.

لقد وعدت الثورة التونسية الحالمين بالتغيير فى عالمنا العربى بإمكانية تحقيقه ’ لاسيما أن الجميع جرعوا من نفس الكأس وتهيأت عندهم نفس الأسباب والمفجرات.

وكشفت تلك الثورة عن الأهمية القصوى لمتغيرين تقنين لم تعهدهما أية ثورة سابقة وهما الانترنت والفضائيات ’ فلقد اخترق التوانسة حاجز الإغلاق والصمت المطبق الذى فرضه عليهم نظام الطاغية وراح الانترنت يصبح متنفسا لا يمكن السيطرة عليه فى نقل ما يحدث فى الداخل الى الخارج وتعريف العالم بوحشية وقمعية النظام التونسى البائد ’ وساهم مع قناة "الجزيرة" دون سواها بشكل فعال فى دعم الثوار وربط الشعور الوطنى التونسى المفتت ’ وإشعار كل تونسى بأنه ليس وحده يقف محتجا ولكن يقف معه كل أبناء شعبه فى كل المدن والمحافظات وتقف معه الشعوب العربية بكاملها من الخارج.

Albaas10@gmail.com

Albaas.maktoobblog.com