07 فبراير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: الدفاع عن الوطن حق من حقوق الانسان



   Seif_eldawla@hotmail.com

هناك من يتهم الديمقراطية والحريات بأنها تهدم الدول وتهدد أمنها القومى، فهل اطلاق حرية الشعوب فى الدفاع عن اوطانها تهدد أمن هذه الأوطان أم تحميها؟

وفى بلد مثل مصر على سبيل المثال، فان من حقوق كل مواطن وواجباته ان يعمل ويناضل من أجل تحريرها وكل المنطقة من التبعية والهيمنة والنفوذ الامريكى، ومن القيود المفروضة عليها فى اتفاقيات كامب ديفيد، ومن تراجع دورها وتحول (اسرائيل) الى قوة اقليمية عظمى تعربد فى المنطقة كما تشاء، ومن سيطرة نادى باريس ومؤسسات الاقراض الدولى على اقتصادها الوطنى وتدميره والعصف بصناعتها وعملتها الوطنية، ومن استئثار رؤوس الاموال الاجنبية ووكلائها المصريين بموارد وثروات البلاد، ومن تهديدات سد النهضة واستخفاف الجانب الاثيويى بمكانة مصر وقوتها وغيره الكثير...

فهل الحركة والنضال والمطالبة والضغط من أجل كل هذه الأهداف الوطنية يهدد أمن مصر أم يحميها؟

·ليس الدفاع عن الوطن واجبا فحسب بل هو قبل ذلك وبعده حق اصيل من حقوق كل مواطن.

·وهو ايضا دفاعا شرعيا عن النفس، فلا حياة أو نجاة لأى انسان بدون أن يكون له وطن.

·وهو حق يمارسه الانسان منذ أن خلقه الله على الارض وقبل ان تنشأ الاوطان والامم.

·بل ان الفضل في نشأة كل الامم والقوميات والدول التي نراها اليوم واختصاص الشعوب بأراضيها التى تعيش عليها دونا عن باقى شعوب العالم، يعود الى كفاح ونضال وتضحيات اجيال متعاقبة من البشر دفاعا عن هذه الارض فى مواجهة اعدائها والمتربصين بها والطامعين فى الاستيلاء عليها والاستيطان فيها.

·وكان ذلك قبل ان تعرف البشرية اى دساتير او قوانين او نصوص صريحة تنص على ان الدفاع عن الوطن واجب مقدس.

· والدفاع عن الوطن هو حق مشترك بين كل مواطنيه، لا فرق فى ذلك بين حاكم ومحكوم او غنى وفقير او رجل وامرأة او مسلم ومسيحي او مدني وعسكري او قومي واشتراكي وإسلامي وليبرالي.

· وتتعدد السبل والوسائل والادوات لممارسة هذا الحق، ففى عصور الاحتلال والحروب تشترك الجيوش مع الشعوب فى حمل السلاح لتحرير الاوطان والدفاع عنها كما هو الحال فى فلسطين ولبنان وفى كل حروب التحرير الشعبية.

· وفى غير اوقات الاحتلال فان للمواطنين مئات الادوات والقنوات الدستورية والسياسية والشعبية للدفاع عن اوطانهم من خلال الأنشطة والنضالات الفكرية والاعلامية والسياسية والحزبية والنقابية ومن خلال البرلمانات ونشر الوعي وتنظيم الناس وتأسيس جماعات الضغط واللجان الشعبية ومنظمات المجتمع المدنى ومن خلال المعارضة والوقفات والاضرابات والتظاهرات والاعتصامات واي شكل من أشكال الفاعليات لتحقيق الهدف الوطنى المنشود.

· وفى كثير من الأحيان تكون معارضة انظمة الحكم التابعة او الفاسدة والمفقرة والفاشلة ضرورة للدفاع عن الوطن وسلامته وعافيته ومناعته فى مواجهة ما يحاك له من الخارج.

· ولذلك فان نزاهة الانتخابات وتداول السلطة وتشكيل برلمانات حقيقية تراقب السلطة التنفيذية وتعارضها عند اللزوم ووجود احزاب معارضة قوية واحزاب مستقلة ومجتمع مدنى قوى هى من ضرورات حماية الامن القومى.

· كما فى بلادنا النامية، التى تكون الدولة ومؤسسات الحكم فيها شديدة الضعف فى القدرة على مواجهة وتحدى الدول الكبرى، فان الشعوب تكون هى خط الدفاع الحقيقى وحائط الصد الاخير عن الاوطان فى مواجهة هذا الاختلال الهائل فى موازين القوى.

· وهذا ما فعله الشعب المصرى فى عديد من الملاحم والمعارك الوطنية فى العقود القريبة الماضية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: معركة بورسعيد 1956 والسويس 1973 ومظاهرات الطلبة 1968-1973 وانتفاضة يناير 1977 ومعركة النيل فى خطر فى السبعينات والدفاع عن هوية مصر العربية بعد كامب ديفيد ومواجهة التطبيع ومعركة استقلال القضاء واللجان الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية والحملة الدولية ضد الاحتلال الامريكى للعراق والاسرائيلى لفلسطين 2003-2008 ورفض تصدير الغاز لاسرائيل ومقاومة الخصخصة وتصفية القطاع العام، ومناهضة التمديد والتوريث 2005-2011 وثورة يناير واغلاق السفارة الاسرائيلية 2011 وغيرها.

· كلها وغيرها الكثير هى نماذج وأمثلة قليلة من معارك وطنية كثيرة وجليلة خاضها الشعب المصرى ممثلا فى قواه السياسية والشعبية المستقلة عن السلطة بل والمعارضة لها.

· الا أن الحكام والانظمة في بلادنا العربية تخشى الشعوب وتحرص على تقييد حركتها وفاعلياتها حتى لو كانت فى سبيل الدفاع عن الاوطان.

·  وحينها يكون الاستبداد وليس الحرية هو الذى يهدم الدول ويهدد أمنها القومى.

*****

القاهرة فى 7 فبراير 2023

مقالات مماثلة:

حب فلسطين حق من حقوق الانسان

03 فبراير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: السودان في الوثائق الصهيونية

Seif_eldawla@hotmail.com

أهدى الوثيقة التالية للشعب السودانى وقواه الوطنية والثورية الذين أدانوا اجتماع عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى السودانى مع وزير خارجية (اسرائيل)، واعلنوا رفضهم القاطع للتطبيع مع (اسرائيل).

***

فى شهر سبتمبر من عام 2008 القى "آفى ديختر" وزير الامن الداخلى الصهيونى الأسبق، محاضرة فى معهد ابحاث الامن القومى الاسرائيلى، عن الاستراتيجية الاسرائيلية فى المنطقة، تناول فيها سبعة ساحات هى فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وايران و مصر والسودان. نشرتها الصحف العبرية.

وفى الجزء الخاص بالسودان، كانت اهم المحاور كما يلى:

·       ان اضعاف الدول العربية الرئيسية بشكل عام، واستنزاف طاقاتها وقدرتها هو واجب وضرورة من اجل تعظيم قوة اسرائيل واعلاء منعتها فى مواجهة الاعداء، وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة اخرى

·       والسودان بموارده ومساحته الشاسعة، كان من الممكن ان يصبح دولة اقليمية قوية منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودية.

·       كما انه يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، وهو ما تجسد بعد حرب 1967 عندما تحول الى قواعد تدريب وايواء لسلاح الجو المصرى وللقوات الليبية، كما انه ارسل قوات مساندة لمصر فى حرب الاستنزاف عام 1968.

·       وعليه فانه لا يجب ان يسمح لهذا البلد ان يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى.

·       ولابد من العمل على اضعافه وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة.

·       فسودان ضعيف ومجزأ وهش افضل من سودان قوى وموحد وفاعل.

·       وهو ما يمثل من المنظور الاستراتيجى ضرورة من ضرورات الامن القومى الاسرائيلى.

·       ولقد تبنى كل الزعماء الصهاينة من بن جوريون وليفى اشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين وشامير وشارون واولمرت خطا استراتيجيا واحدا فى التعامل مع السودان هو: العمل على تفجير ازمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب ثم دارفور.

·       وانه حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل لتكرار ما فعلته اسرائيل فى جنوب السودان.

·       وان النشاط الصهيونى فى دارفور لم يعد قاصرا على الجانب الرسمى، بل يسانده فى ذلك، كل المجتمع الاسرائيلى بمنظماته وقواه وحركاته وامتدادته فى الخارج.

·       وان الدور الامريكى فى دارفور يسهم بشكل فعال فى تفعيل الدور الاسرائيلى.

·       وامريكا مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح انفصال الجنوب وانفصال دارفور على غرار ما حدث فى كوسوفو.

·       وان اسرائيل نجحت بالفعل فى تغيير مجرى الاوضاع فى السودان، فى اتجاه التأزم والتدهور والانقسام، وهو ما سينتهي عاجلا ام آجلا الى تقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا.

·       وبذلك لم يعد السودان دولة اقليمية كبرى قادرة على دعم الدول العربية المواجهة لاسرائيل

***

وقبل ان نعرض نص المحاضرة، نراجع معا ما جاء فى وثيقة صهيونية اخرى حول نفس الموضوع، نشرتها مجلة كيفونيم لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية عام  1982تحت عنوان "استراتيجية اسرائيل فى الثمانينات"، ونشرناها نحن بعنوان:"الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة العربية"، حيث جاء فيها ما يلى: 

·       ان مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة، على عكس ماهى عليه الآن، سوف لاتشكل أى تهديد لاسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة، وهذا الامر هو اليوم فى متناول ايدينا.

·       ان دول مثل ليبيا والسودان والدول الابعد منها سوف لن يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التى ستتعرض لها مصر. فاذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الاخرى.

·       والسودان أكثر دول العالم العربى الاسلامى تفككا فانها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية افريقية الى وثنيين الى مسيحيين.

***

نص المحاضرة

يتساءل البعض فى اسرائيل: لماذا نهتم بالسودان ونعطيه هذا القدر من الأهمية؟ ولماذا التدخل فى شئونه الداخلية فى الجنوب سابقا وفى الغرب دارفور حاليا طالما أن السودان لا يجاورنا جغرافيا، وطالما أن مشاركته فى إسرائيل معدومة أو هامشية وارتباطه بقضية فلسطين حتى نهاية الثمانينات ارتباطا واهيا وهشا؟  

   وحتى لا نطيل فى الإجابة يتعين أن نسجل هنا عدة نقاط محورية تكفى لتقديم إجابات على هذه التساؤلات التى تطرح من قبل ساسة وإعلاميين سواء فى وسائل الإعلام وأحيانا فى الكنيست:

1)    إسرائيل حين بلورت محددات سياستها واستراتيجيتها حيال العالم العربى انطلقت من عملية استجلاء واستشراف للمستقبل وأبعاده وتقييمات تتجاوز المدى الحالى أو المنظور

2)   السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية. لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية بنيويه، صراعات وحروب أهلية فى الجنوب استغرقت ثلاثة عقود ثم الصراع الحالى فى دارفور ناهيك عن الصراعات حتى داخل المركز الخرطوم تحولت الى أزمات مزمنة. هذه الأزمات فوتت الفرصة على تحوله الى قوة إقليمية مؤثرة تؤثر فى البنية الأفريقية والعربية. 

كانت هناك تقديرات إسرائيلية حتى مع بداية استقلال السودان فى منتصف عقد الخمسينات أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عنا أن يصبح قوة مضافة الى قوة العالم العربى لأن موارده إن استمرت فى ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب. وفى ضوء هذه التقديرات كان على إسرائيل أو الجهات ذات العلاقة أو الاختصاص أن تتجه الى هذه الساحة وتعمل على مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جديدة حتى يكون حاصل هذه الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بع

3)   كون السودان يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، هذا المعطى تجسد بعد حرب الأيام الستة 1967 عندما تحول السودان الى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصرى وللقوات البرية هو وليبيا. ويتعين أيضا أن نذكر بأن السودان أرسل قوات الى منطقة القناة أثناء حرب الإستنزاف التى شنتها مصر منذ عام 1968 ـ 1970.

كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعد بالتعددية الأثتية والطائفية ـ لان هذا من المنظور الاستراتيجى الإسرائيلى ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومى الإسرائيلى.

   وقد عبرت عن هذا المنظور رئيسة الوزراء الراحلة (جولدا مائير) عندما كانت تتولى وزارة الخارجية وكذلك ملف إفريقيا فى عام 1967 عندما قالت: " إن إضعاف الدول العربية الرئيسية واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب وضرورة من أجل تعظيم قوتنا وإعلاء عناصر المنعة لدينا فى إطار المواجهة مع أعداءنا. وهذا يحتم علينا استخدام الحديد والنار تارة والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى ".

   وكشفت عن أن إسرائيل وعلى خلفية بعدها الجغرافى عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض أوضاعهما من الداخل لوجود الفجوات والتغيرات فى البنية الاجتماعية والسكانيه   فيهما.

***

(وراح ديختر يورد المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلى فى إشعال الصراع فى جنوب السودان انطلاقا من مرتكزات قد أقيمت فى أثيوبيا وفى أوغندا وكينيا والزائير سابقا الكونغو الديموقراطية حاليا

وقال ان جميع رؤساء الحكومات فى إسرائيل من بن جوريون وليفى أشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحم بيجين ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الاستراتيجى فى التعاطى مع السودان الذي يرتكز (على تفجير بؤرة وأزمات مزمنة ومستعصية فى الجنوب وفى أعقاب ذلك فى دارفور).

   هذا الخط الاستراتيجى كانت له نتائج ولاتزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة دولة سودانية متجانسة قوية عسكريا واقتصاديا قادرة على تبوأ موقع صدارة فى البيئتين العربية والأفريقية.

فى البؤرة الجديدة فى دارفور تداخلنا فى إنتاجها وتصعيدها، كان ذلك حتميا وضروريا حتى لا يجد السودان المناخ والوقت لتركز جهودها باتجاه تعظيم قدراته. ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود يجب ألا يتوقف لأن تلك الجهود هى بمثابة مداخلات ومقدمات التى أرست منطلقاتنا. الاستراتيجية التى تضع نصب اعينها أن سودان ضعيف ومجزأ وهش أفضل من سودان قوى وموحد وفاعل.

   نحن بالإضافة الى ذلك نضع فى إعتبارنا وفى صميم اهتمامنا حق سكان الجنوب فى السودان فى تقرير المصير والإنعتاق من السيطرة. من واجبنا الأدبى والأخلاقى أن ندعم تطلعات وطموحات سكان الجنوب ودارفور. حركتنا فى دارفور لم تعد قاصرة على الجانب الرسمى وعلى نشاط أجهزة معينة. المجتمع الإسرائيلى بمنظماته المدنية وقواه وحركاته وامتداداتها فى الخارج تقوم بواجبها لصالح سكان دارفور.

   الموقف الذي أعبر عنه بصفتى وزيرا إزاء ما يدور فى دارفور من فظائع وعمليات إبادة ومذابح جماعية هو موقف شخصى وشعبى ورسمى.

   من هنا نحن متواجدين فى دارفور لوقف الفظائع وفى ذات الوقت لتأكيد خطنا الإستراتيجى من أن دارفور كجنوب السودان من حقه أن يتمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه ووضع حد لنظام السيطرة المفروض عنوة من قبل حكومة الخرطوم.  

  لحسن الطالع أن العالم يتفق معنا من أنه لابد من التدخل فى دارفور سياسيا واجتماعيا وعسكريا. الدور الأمريكى فى دارفور دور مؤثر وفعال ومن الطبيعى أن يسهم أيضا فى تفعيل الدور الإسرائيلى ويسانده كنا سنواجه مصاعب فى الوصول الى دارفور لنمارس دورنا المتعدد الأوجه بمفردنا وبمنأى عن الدعم الأمريكى والأوروبى.

صانعوا القرار فى البلاد كانوا من أوائل المبادرين الى وضع خطة للتدخل الإسرائيلى فى دارفور 2003 والفضل يعود الى رئيسالوزراء السابق إرييل شارون. أثبتت النظرة الثاقبة لشارون والمستمدة من فهمه لمعطيات الوضع السودانى خصوصا والوضع فى غرب أفريقيا صوابيتها. هذه النظرة وجدت تعبيرا لها فى كلمة قاطعة ألقاها رئيس الوزراء السابق خلال اجتماع الحكومة فى عام 2003 (حان الوقت للتدخل فى غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا فى جنوب السودان).

   لابد من التفكير مرة أخرى بأن قدر هام وكبير من أهدافنا فى السودان قد تحقق على الأقل فى الجنوب وهذه الأهداف تكتسب الآن فرص التحقيق فى غرب السودان فى دارفور.

***

   وعندما سئل ديختر ما هى نظرته الى مستقبل السودان على خلفية أزماته المستعصية فى الجنوب وفى الغرب والإضطراب السياسى وعدم الاستقرار فى الشمال وفى مركز القرار الخرطوم؟  هذا السؤال طرحه نائب وزير الدفاع السابق جنرال الإحتياط "إفرايم سنيه".

   رد ديختر على هذا السؤال: ان هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرة على التدخل المكثف فى السودان لصالح خيارات تتعلق بضرورة أن يستقل جنوب السودان وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال إقليم كوسوفو. لا يختلف الوضع فى جنوب السودان وفى دارفور عن وضع كوسوفو. سكان هذين الإقليمين يريدون الإستقلال وحق تقرير المصير قاتلوا الحكومة المركزية من أجل ذلك.

    وأريد أن أنهى تناولى للمحور السودانى فى هذه المحاضرة تأكيد أن استراتيجيتنا التى ترجمت على الأرض فى جنوب السودان سابقا وفى غربه حاليا استطاعت أن تغير مجرى الأوضاع فى السودان نحو التأزم والتدهور والإنقسام. أصبح يتعذر الآن الحديث عن تحول السودان الى دولة إقليمية كبرى وقوة داعمة للدول العربية التى نطلق عليها دول المواجهة مع اسرائيل. السودان فى ظل أوضاعه المتردية والصراعات المحتدمة فى جنوبه وغربه وحتى فى شرقه غير قادر على التأثير بعمق فى بيئته العربية والأفريقية لأنه متورط ومشتبك فى صراعات ستنتهى إن عاجلا أو آجلا بتقسيمه الى عدة كيانات ودول مثل يوغوسلافيا التى انقسمت الى عدة دول البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا وصربيا ويبقى السؤال عالقا متى؟

 بالنسبة لجنوب السودان الدلائل كلها تؤكد أن جنوب السودان فى طريقه الى الإنفصال لأن هذا هو خياره الوحيد. هو بحاجة الى كسب  الوقت لإقامة مرتكزات دولة الجنوب. وقد يتحقق ذلك قبل موعد إجراء الاستفتاء عام 2011 إلا إذا طرأت تغيرات داخلية واقليمية إما أن تسهم فى تسريع تحقق هذا الخيار أو فى تأخيره. 

*****

القاهرة فى 3 فبراير 2023

30 يناير 2023

سيد أمين يكتب: وجهة نظر أخرى عن الربيع العربي

مضت أكثر من عشر سنوات على تفجر موجة الربيع العربي، فبات أمره الآن أكثر وضوحا لمن التبس عليه الأمر، وازدادت القناعات بأن الثورات لا تستدعى، وكرة النار حينما تتدحرج لا بد لها أن تطال الجميع، لكن حينما تحرق أحدا وتكون بردا وسلاما على آخر، فالأمر يحمل الكثير من التساؤلات، لا سيما أن الظروف القُطرية متشابهة لحد التوحد، فالفساد واحد، والاستبداد واحد، والتبعية أيضا موجودة، وإن كانت تختلف فداحتها من قُطر لآخر.

أنا واحد من الناس الذين أمنوا منذ البداية بأن ربيعنا العربي "مصنوع"، وأنه من إخراج أجهزة أمنية في كل قُطر عربي، في إطار الصراعات السياسية الداخلية بينها على السلطة، وأن الهدف من تلك الثورات لم يكن أبدا الانتصار للديمقراطية، ولكن استخدام الشعوب لتغليب طرف في السلطة على طرف آخر.

ثم تدخل الراعي الأمريكي والغربي -ولعله هو المخطط الرئيسي- ليعممها على عدد من الدول العربية، من أجل تنفيذ ما يمكن تسميته بخطة "الترميم" الخاصة بترميم بعض نظم الموالاة من أجل تشديد قبضته على مفاتيح الحكم فيها، بعدما اهترأت قليلا جراء ظروف متنوعة، فيصعّد الأطراف الأكثر ولاء وفعالية لخدمة خططه المستقبلية وأهمها ما يعرف بـ"الشرق الأوسط الكبير".

وكان الأهم من ذلك تفعيل خطة "الهدم"، وهي التي يُستغل فيها ما ترسخ في الأذهان عن تداعي ثورات الربيع العربي ضد النظم المستبدة في الأقطار العربية، وبالتالي يستطيع (الراعي) توجيه كرة النار مستغلا حالة السخط الشعبي ضد الاستبداد في بعض من تلك النظم، خاصة تجاه تلك التي صنفها من قبل بـ"المارقة".

ولقد نجحت الخطة بشقيها؛ "الترميم" والهدم" بشكل منقطع النظير، بينما خاب أمل الشعوب العربية التي صارت تفضل ولو وقتيا استمرار الاستبداد والتبعية عن تجرع ويلات فشل الثورة مجددا.

تجربة سابقة

كانت هناك في منتصف القرن الماضي تجربة مثيرة كشفت الكثير مما يليها، فمع تنامي نفوذ الاتحاد السوفييتي والصين وحصولهما على الأسلحة النووية، سعتا لنقل التجربة لدول العالم الثالث التي كانت خاضعة في مجملها للاستعمار الغربي. هنا وجدت النظم الإمبريالية الغربية التقليدية كبريطانيا وفرنسا نفسهما بحاجة إلى التخلص من مستعمراتها؛ خشية الثورة المرتقبة بطريقة تمكنها من إدارتها من بعد، وتحول دون الانضمام للحلف الاشتراكي.

وجدت هذه الطريقة في واحدة من الأساليب التي نصح بها نيكولا ميكافيللي أميره للسيطرة على الدول والإمارات الأخرى، وهي أن يغزو الإمارة ويهين أغلبيتها ويعين من أقليتها حكاما عليها، وينسحب، فيصبح هذا الحاكم هو سوطه وهو مصدر حمايته الوحيد.

هكذا نقلت الدول الاستعمارية السلطة إلى قوى عسكرية مختارة في كل دولة عبر انقلابات عسكرية يمكن تسميتها ثورات، ومن خلال التحكم في تلك النخب العسكرية يمكن التحكم في الدولة كلها، وبذلك تداعت الانقلابات العسكرية في جميع الأقطار المحتلة، ونالت عقبها هذه الدول استقلالها المشكوك فيه.

وقتها لم يكن أحد يعلم حقيقة الأمر، لكن مع مرور الزمن وانكشاف النتائج وما قابل تلك الانقلابات من تزامن وتداعي، ظهرت الأسباب الحقيقية وكشفت عن المهندس الخفي.

وتتناثر هنا وهناك أحاديث عن اتفاق وقع عام 1951 بين بريطانيا وأمريكا؛ تتنازل فيه الأولى عن مستعمراتها للثانية.

أدوات الفشل

عملت الثورات المضادة -والتي هي في رأيي المدبر الرئيس للثورات العربية- على تسفيه الثورة الحقيقية وتخوينها، وتحميلها كل نقيصة -مع أنها لم تحكم مطلقا- وإقصاء القيادات النابهة المؤمنة بها، واستبداله بعناصرها المندسة، أو بسفهاء القوم.

كما عملت على خلط الأوراق، وتفجير الألغام في طريق الإصلاح، فضلا عن الخداع الإعلامي المستمر والمتدفق، وعمليات التطهير السياسي الكاذب، فيما سعت إلى إعطاء الشعوب درسا قاسيا وبليغا بخطورة السعي إلى التغيير، والمخايرة بينه وبين الفوضى والخراب، بل وحينما اكتمل نجاح مهمة الثورة المضادة تم تحميل الثورة كل الجرائم التي ارتكبتها الثورة المضادة، وكل الفساد الذي أغرقت فيه البلاد.

الربيع الحتمي

هل الربيع العربي مات؟ الربيع العربي لم يمت إطلاقا، فهو قادم لا محالة، وما هي إلا مسألة وقت، من الممكن طبعا أن يتم إفشاله عبر قيام الداعمين الدوليين للثورة المضادة بالتضحية ببعض عناصرها في الداخل، وتحسين الظروف السياسية والاقتصادية العامة التي تحول دون الانفجار المفاجئ للأوضاع، وسيكون ذلك الإجراء مجرد مسكن مرهون استمرار مفعوله بثبات الوضع الدولي الحالي، وبالطبع كل الإرهاصات تقول إن هذا الوضع هو الآخر ذاهب إلى التغيير.

وإما أن يستمر الوضع لفترة من الزمن تتعفن فيه تجربة الثورة المضادة بشكل لا يمكن علاجه، فتصل حالة التذمر لحد لا يمكن السيطرة عليه داخليا أو خارجيا، هنا الانفجار حتما سيطيح بالجميع، وسيحطم كل حلفاء الثورة المضادة.

تتزايد كل يوم احتمالات تفجر الربيع العربي الحقيقي، خاصة حينما صارت فاتورة الثورة أقل كلفة بكثير من فاتورة الاستكانة.

لقراءة المقال كاملا طالع عربي 21
https://arabi21.com/story/1490746/%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%B1-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A

أو
https://arabi21.com/story/1490746/%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%B1-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A

    29 يناير 2023

    سيد أمين يكتب: حينما يعادي المتطرفون أردوغان والإسلام

     لعل الأمر مدعاة إلى التأمل فعلا، فكلما زاد حقد متطرف غربي أو شرقي على الإسلام، سبّ رموز الدين الإسلامي ومقدساته وهاجم تركيا وأردوغان، وكلما أراد الغربي أن يعبر عن قوة الحضارة الغربية في مقابل الحضارة الإسلامية هاجم الإسلام ورموزه ثم الدولة العثمانية والدولة التركية وأردوغان.

    هناك حالة ربط دائم بين تركيا والاسلام في العقلية الغربية، وهناك إجماع غير محسوس في العقل الباطن الغربي على أن أردوغان هو من يمثل العالم الإسلامي رغم أنه لا يحكم إلا دولة واحدة فقط من نحو 56 دولة مسلمة في هذا العالم، ولا تمتاز هذه الدولة بينهم مثلا بأنها الأكثر سكانًا، ولا أنها تستحوذ على مقدسات الإسلام، ولا حتى أنها تتكلم بلغة القرآن، بل إنها من دونهم جميعا لها دستور يقول إنها دولة علمانية.

    وقد وصل الأمر إلى أنه في عام 2018 أغلقت النمسا سبعة مساجد وطردت عشرات الأئمة عقب عرض قدم في إحدى دور هذه المساجد ارتدى فيه الأطفال ملابس جنود الدولة العثمانية.

    كما أن الإرهابي الذي أطلق النار ببندقيته الرشاشة فقتل أكثر من 50 مصليًا في مجزرتين بمسجدين في نيوزيلندا عام 2019 كتب رسائل على الأسلحة تحمل تواريخ تشير إلى أن المذبحة تأتي ردًّا على انتصارات الدولة العثمانية والسلجوقية على الحملات الصليبية.

    وفي إطار الحرب المتصاعدة بين تركيا وفرنسا لجأ الرئيس الفرنسي إلى تشجيع إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، باعتبارها حرية تعبير وهي الرسوم التي احتجت عليها أنقرة ضمن عدد كبير من دول العالم الإسلامي عقب نشرها في السويد والدنمارك، وهنا رد عليه أردوغان بدعوة الشعب التركي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، قائلا إن ماكرون بحاجة إلى الرعاية العقلية.

    الإساءة سياسية


    كثير من المؤشرات تشير إلى أن الواقعة التي جرت في السويد الأسبوع الماضي هي في الأصل سياسية، وأن سلطات السويد أرادت الرد على الوقوف التركي دون انضمامها إلى الحلف الأطلسي بالموافقة على تظاهرة لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا حركة إرهابية فيها إساءة لصورة أردوغان، وبقيام المتطرف الدنماركي بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في ستوكهولم.

    وأكدت هذه الرؤية ما جاء في نص طلب التظاهرة، فبحسب تصريحات المتحدث باسم شرطة ستكهولهم فإن مواطنا دنماركيا سويديا يمينيا متطرفا قدم طلبا لتنظيم تظاهرة أمام السفارة التركية، كتب فيه تنظيم “مظاهرة ضد الإسلام في السويد عبر حرق القرآن ومظاهرة ضد رجب أردوغان الذي يضع عقبات أمام حرية التعبير في السويد”.

    لعل تلك الواقعة باختيار وقوعها أمام سفارة تركيا تعزز من صحة الرؤية الخاصة بأنهم يهاجمون الإسلام من أجل الإساءة إلى تركيا وقيادتها، وهي الرؤية التي عارضها مراقبون منهم الإعلامي المصري عمرو أديب فحاولوا التقليل من شأن الواقعة والإساءة إلى أردوغان، وتناسوا أن ذلك يرفع من مكانته ولا يحط منها.

    وربما أدركت القيادة التركية الأمر، فراحت تصعد من لهجتها اتجاه الواقعة بإلغاء زيارات كانت مقررة لوزير الدفاع ورئيس البرلمان السويديين لأنقرة، بل قامت تركيا بتكليف محامين سويديين بمقاضاة مرتكب الواقعة.

    المعارك الداخلية

    العجيب أن معارك أردوغان مع المعارضة التركية في الداخل يدور كثير منها أيضا حول الإسلام، وموقف الدولة منه ومن مظاهره، وخاصة مسألة منع أو إتاحة ارتداء الحجاب التي يشتعل الآن أوارها بسبب اتجاه حزب العدالة والتنمية لتحصين حرية ارتدائه في البلاد دستوريًّا قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو/ أيار القادم.

    وقد أكدت استطلاعات الرأي التي أجرتها عدة جهات استقصاء مستقلة بعضها علماني التوجه، أن ما بين 55% و70% من الأتراك يفضلون التدين وعودة المظاهر الإسلامية إلى تركيا.

    لذلك تقوم الأحزاب المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري بمحاولة الظهور بمظهر من يكنون للإسلام التقدير في دعاياتهم الانتخابية، رغم التاريخ الممتد لهذا الحزب في العداء للمظاهر الإسلامية، مما يدل على أنهم أدركوا أن المصدر الرئيسي لشعبية أردوغان وحزبه هو الدفاع عن تلك المظاهر.

    ولقد وصل التماهي إلى درجة قول كمال كليشدار أوغلو زعيم هذا الحزب العلماني إن “الأذان بالعربية هو قيمة عالمية لديننا الإسلامي، أينما رُفع الأذان في العالم فهو يعبر عن نداء الإسلام”.

    وذلك للتخفيف من وطأة تصريح أطلقه نائبه يلماز أوزتورك الذي دعا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 إلى إعادة الأذان باللغة التركية، كما كان يفرضه هذا الحزب قسرًا على الدولة التركية في عقود مضت، ودفع رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس رأسه ثمنًا لإعادته باللغة العربية.

    كل الدلائل تشير إلى أن أعداء أردوغان في الخارج والداخل نصبوه حاميًا للإسلام، سواء كان الأمر حقيقيًّا أم لا.

    اقرأ المقال على موقع الجزيرة مباشر

    https://ajm.me/0cmxe9?fbclid=IwAR0yMSyw9o7Vpdb-o4tmksyWiR3Du9ypFvbxLWCzdIxNg9tCfp07yAfW4RY


    https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/1/26/%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86


    28 يناير 2023

    محمد سيف الدولة يكتب: لماذا يكره الحكام العرب "حركات المقاومة"؟

    مجزرة جنين التي راح ضحيتها 11 شهيدا فلسطينيا

    Seif_eldawla@hotmail.com

    انضمت كل من مصر والأردن والامارات والبحرين الى قائمة الدول التى أدانت العملية البطولية بالقدس المحتلة، ردا على قيام الاحتلال بقتل وتصفية تسعة فلسطينيين اثناء اجتياح قواته لمحافظة جنين. فلماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة وعملياتها؟

    ***

    ·لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف خوفهم وأكاذيبهم بأنه لا قبل لنا باسرائيل، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الممكن الوحيد.

    · كما أن المقاومة تكشف الوجه الارهابى العنصرى البربرى للكيان الصهيونى، الذى سالمته الانظمة العربية وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.

    · لأن المقاومة تهدد عروشهم، فأهم مصدر لشرعياتهم التى منحها لهم "المجتمع الدولى الأمريكى"، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها، مما يجعل أمنهم وامنها فى كفة واحدة فى اطار ترتيبات الأمن الاقليمى التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها، والتى تتناقض على طول الخط مع اعتبارات الامن القومى العربى.

    ·كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض النظام العربى الرسمى على قواعد الاستسلام والخضوع للأقوى و"الاعتدال والواقعية"، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف والطفولة والبعد عن الواقعية والانتحار وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.

    ·بالإضافة الى انهم لا يجرؤون على مخالفة "السادة" الأمريكان الذين يصنفون حركات المقاومة كمنظمات ارهابية.

    ·كما أنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية فى بلادنا، والوكيل لا يخرج عن تعليمات موكله.

    ·والتفاف الجماهير العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.

    · والمقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد بعد أن حاولوا تصفيتها عدة مرات بعد حرب 1973.

    ·  كما انها تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التى تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى منذ 1974، لتبرير انسحابها من مواجهة العدو الصهيونى، كما انها السلطة التى ترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الاوروبى ومجتمعهم الدولى. 

    · ولأن الأنظمة وحكامها باعت فلسطين منذ زمن بعيد، ولم يعد يعيق اتمام الصفقة وتسويتها، الا المقاومة وصمودها.

    · ولأن المقاومة ترفض الاعتراف (باسرائيل) التى اعترفوا بها جميعا سرا أو علانية.

    ·ولأن اعترافهم الباطل بها وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.

    ·  لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم.

    ·ولأنهم ينسقون مع (اسرائيل) ليلا نهارا من اجل تحقيق الامن العربى الاسرائيلى "المشترك" فى مواجهة المقاومة "الارهابية".

    · كما أن المقاومة ترفض نزع سلاحها، بينما رضخوا هم لشروط (اسرائيل) بنزع اسلحتهم مقابل انسحابها من الاراضى التى احتلتها فى بلادهم.

    · فهى تتحدى كل معاهداتهم ومبادراتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.

    · ولأنها توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.

    ·لأنها تفسد وتعوق مشروعات التطبيع الاقتصادى والسياسى مع (اسرائيل) القائمة على قدم وساق.

    ·لأنها تنشط حركات المقاطعة للبضائع الامريكية والأوروبية التى تهدد مصالحهم الاقتصادية.

    ·لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).


    · وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين جبروتهم ووحشيتهم فى مواجهة شعوبهم.

    · لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.

    · كما تكشف زيف الشعارات الوطنية والأمن القومى التى يطنطنون بها ليلا نهارا لخداع شعوبهم وتضليلها، للتغطية على استبدادهم وفسادهم وتواطؤهم.

    · لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة بالمليارات، لا يستخدمونها، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.

    · لأنها تفضح انخراطهم تحت القيادة الامريكية فيما سمى بحرب "تحرير" الكويت وفى غزو أفغانستان والعراق وغيرها، وصمتهم تجاه فلسطين.

    ·لأن خوفهم وصمتهم أو تواطؤهم على الاعتداءات الصهيونية المتكررة، يكشف ويسقط اساطيرهم عن النصر على (اسرائيل)، بعد أن استسلموا لها عقائديا واستراتيجيا فى الكواليس والغرف المغلقة منذ زمن بعيد.

    ·لأنهم اختاروا نهج الاحتلال والتبعية والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟

    · لأنهم لا يزالوا يعيشون بعقدة 1967.

    · لأن للمقاومة والصمود والبطولة سحر وتأثير خاص، يخشون من انتقال عدواها الى شعوبهم.

    · لأن نموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.

    ·لأنها تكشف زيف ادعائاتهم اليومية بوجود مؤامرات عالمية على دولهم، بينما هم يلتزمون الصمت تجاه المؤامرة الكبرى على بلاد العرب المتمثلة فى الكيان الصهيونى.

    · لأن المستسلم يكره التحدى والصمود والإقدام، والخائف يكره العزة والشجاعة.

    · وقبل ذلك وبعده، لأن الكيانات/الدول العربية التى أنشأها الاستعمار لحماية تقسيم وتجزئة الأمة العربية التى تمت بعد الحرب العالمية الأولى، لا تقاتل أبدا الا دفاعا عن اراضيها وداخل حدودها، ولا شأن لها باحتلال او تهديد أى أقطار عربية أخرى، حتى لو قصفتها (اسرائيل) بقنبلة نووية.

    *****

    القاهرة فى 28 يناير 2023

    21 يناير 2023

    الوطنية من حب الوطن إلى تقديس الفرد.. عبد الناصر نموذجا

     

    بقلم سيد أمين

    لست أدري ما الذي يبرر تلك الموجة السياسية العارمة السائدة في وطننا العربي في تقديس الشخص لا الوطن، والبحث عن الانتصار للولاء بدلا من الانتصار للحقيقة، والاعتناء بالإجراءات والصورة وليس بالجوهر والنتيجة، مع أن حكمة الزمان تقول إن العِبرة بالنهاية.

    ورغم النهايات الواضحة وضوح الشمس، فإن البعض يصر على المراوغة والخداع، والاستمرار في تقديس “تابوهات” أضرت أكثر مما أفادت، وقد يكون هؤلاء النسّاك في محرابها هم أنفسهم من متضرريها، لكنهم فقط لا يحسبون الأمور بمنطق العقل والحقيقة، ولكن بمنطق “المكابرة”، والإصرار على الانتصار للولاءات الزائفة، وكأننا في مباراة شطرنج، وليست أمورا تحدد مصائر أوطان وأرواح بشر.

    مشهد واحد

    خذ لقطة من هذه في مصر، فمثلا، ليس سرّا أن اتفاقية “السلام” مع إسرائيل وشروطها المجحفة المعلنة -وغير المعلنة التي باتت معروفة للجميع- طوّقت مصر بشدة لعقود، وحرمتها تماما من تنمية سيناء والاستفادة القصوى والمثلى من مواردها.

    وليس سرّا أيضا أن مصر أُجبرت على توقيع تلك الاتفاقية لأنه لم يكن باليد حيلة لاسترداد أراضيها، كما سوّق الإعلام المصري لفترة من الزمن.

    مع أن ذلك أعدم مصر وحوّل مسارها السياسي من قيادة تيار الممانعة العربية إلى قيادة تيار التطبيع، وكانت نتيجة ذلك إهدار ثروات البلد في الرشاوى والفساد الذي صاحب عملية “الانفتاح الاقتصادي” التي كانت في الواقع تنفيذا لأمر بيع القطاع العام، وحرمان الجيش المصري من أهم روافد تمويله ليتم تعويضه بالمعونة الأمريكية.

    وقبل ذلك، خاضت مصر حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي استُشهد فيها آلاف الجنود وثكلت بسببها آلاف الأمهات، وأُنهك فيها الاقتصاد المصري بشدة.


    وإذا كان الحال كذلك في الانتصار، فما بالك بنكسة يونيو/حزيران 1967 التي هي في الواقعة هزيمة نكراء لم تحدث في تاريخ حروب العالم، حيث أبيد عشرات الآلاف من الجنود المصريين دون حتى أن يتمكنوا من إطلاق الرصاص في الهواء، ولأن تفاصيل ما جرى كثيرة وجميعنا يعرفها فلا داعي لتكرارها، ولكن يكفي أن نقول إنه لولاها ما حدث ما بعدها، وما وقعنا في فخاخ اسرائيل الآن.

    فضلا عن أننا في غنى عن الحديث عن تأثيرها السياسي والاقتصادي والنفسي على الوطن وشبابه، وتأثيرها العسكري الذي انعكس بصورة كارثية على ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، والذي لا يزال سمه ساريا إلى اليوم.

    فإذا كانت كل هذه المصائب هي مجرد آثار معلنة لهزيمة عسكرية واحدة حدثت منذ أكثر من نصف قرن، من هزائمه المتعددة في اليمن والكونغو و1956 وغيرها، أليس من الطبيعي أن نعتبر أن جمال عبد الناصر الذي يناسب هذا الشهر ذكرى ميلاده “أبو الهزائم”، بدلا من تقديسه واعتباره النموذج الكامل للوطنية دون دليل واحد؟

    ظاهرة صوتية

    ولا أرى بطولة إطلاقا في أن يخطب الرجل بأنه سيلقي إسرائيل ومن يقف وراءها في البحر، فهذا قد يكون مشهدا تمثيليا لا يتناسب مع المواقف الجادة، ولكن البطولة أن تفعل ذلك حقا بها، وتحرر الأراضي المحتلة لا أن تضاعفها للقادمين بعدك.

    ولعله ليس من الصدفة أبدا أن كل معركة تخوضها تخسرها خسارة فادحة، دون مسوغات موضوعية لذلك، لا سيما أن إسرائيل آنذاك لم تكن إلا في حجم محافظة مصرية دون امتلاكها سلاحا استراتيجيا كما هو الآن، وكان حجم التعاضد العربي والإسلامي والعالمي جبارا، لدرجة أنه بإمكانه مع قليل من الجهد العسكري لدول المواجهة خنق إسرائيل وتحرير فلسطين كاملة في أيام معدودات، لكن الإرادة في ما يبدو كانت مخصصة فقط للقطة.

    هذا نموذج لإخفاق واحد من إخفاقات قائد قدسوه لدرجة أن أحدهم وصفه بأنه “آخر الأنبياء”، ولا يزال آخرون يمارسون تلك النسك رغم الانكشاف الكامل للمشهد، وما زالت أنقاض الدمار تملأ المكان.

    حب من طرف واحد

    ولطالما تساءلت عن السبب الذي يدفع قامات كبيرة إلى السقوط في هذا الفخ المهين، لكني سرعان ما أتدارك أن كبرها هذا ربما جاء فقط بسبب تسليط الإعلام الأضواء عليها.

    وفي حالة هؤلاء المتيمين القدامى والمحدثين، نكتشف أنهم يعيشون حبا من طرف واحد، يهرول خلاله المحبون خلف المحبوب ويتفنون في استخراج المآثر له، في حين أن المحبوب لا يبالي، وربما كان يسخر في قرارة نفسه بسفه المحبين وضيق أفقهم.

    فما المتعة التي يجدونها في ممارسة هذا النشاط المريب الذي دفعت شعوبنا وبلادنا بسببه ثمنا باهظا، فقرا وظلما واستبدادا وتخلفا، ونزف فيه شبابها الدماء على عتبات اللا شيء، حتى أنهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب الجاهلية الأولى الذين لم يتشبثوا بأوثانهم التي عبدوها أبا عن جد، حينما أتتهم دعوة الخلاص؟

    قد أكون مخطئا في كل تقديري، ولكن فليأتني أحدهم بما يقنعني عسى أن أعود من الناسكين!!

    اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

    https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/1/18/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%AF?fbclid=IwAR2nevkQWyKlU5Mswnb8PBiVvf6zqM0LfBTK4PBpWiPrVURChDkgFKeh_kw


    أقرأ ايضا

    ثورة يوليو الامريكية

    التحرر من أوهام ثورة يوليو

    ثورة يوليو..ألم ينكشف أمرها بعد؟




    10 يناير 2023

    محمد سيف الدولة يكتب: قروض فديون فاحتلال

    الخديوي سعيد

    Seif_eldawla@hotmail.com

    وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى، بلغت ديون مصر الخارجية 155.7 مليار دولار فى نهاية 2022، (وتعدت الـ 170 مليار $ فى تقديرات أخرى). والديون الداخلية 4.7 تريليون جنيه فى يونيو 2020، وذلك وسط أزمة اقتصادية حادة ومزمنة وقرض جديد من صندوق النقد مشروطا بتعليمات جديدة شديدة القسوة، أدت الى تخفيض هائل فى قيمة الجنيه وزيادة كبيرة فى التضخم وفى الاسعار، مع تصريحات وأحاديث وتكهنات عن اتجاه الدولة لبيع بعض اصولها للسداد لمحاولة النجاة.

    ***

    تخبرنا كتب التاريخ* انه بعد قيام قوات التحالف الاوروبى تحت قيادة بريطانيا بالعدوان على جيوش محمد على وهزيمتها واكراهه على توقيع معاهدة (كامب ديفيد الأولى) المشهورة باسم معاهدة لندن 1840 والتى نصت على انسحاب الجيوش المصرية من الشام والجزيرة العربية وغيرها ما عدا مصر والسودان، وتخفيض الجيش المصرى الى 18 ألف جندي فقط ..

    نقول بعد ذلك، بدأت فورا قصة الاستعباد المالي لمصر التى انتهت باحتلالها عام 1882، ذلك الاحتلال الذي استمر 74 عاما، وفيما يلى ملخص الحكاية التى يجب ان نتعظ منها ونحفظها عن ظهر قلب:

    · فى 1838 وقعت تركيا مع انجلترا معاهدة تجارية تعطى امتيازات كبرى للانجليز، وفى 1842 تم تطبيق هذه المعاهدة على مصر وبموجبها حرمت صناعتنا الوطنية من الحماية الجمركية وكان هذا هو المسمار الاول فى نعش الاستقلال الوطنى.

    · وفى 1851 اعطى عباس باشا للانجليز امتياز مد السكك الحديد فى مصر.

    ·وفى 30 نوفمبر 1854 أعطى سعيد للفرنسيين امتياز شق قناة السويس.

    ·ثم قام سعيد بعقد اول قرض اجنبى تجاوز 6 ملايين جنيه استرلينى حين اصدر سندات على الخزينة بيعت فى البورصات الاوروبية لانه لم يكن من حق مصر فى ذلك الوقت حق عقد قروض خارجية دون موافقة الباب العالى.

    المهندس محمد سيف الدولة

    ·وفى عام 1864 اقترض اسماعيل من مصرف "فروهلنغ وغوشن" مبلغا مقداره 5.7 مليون جنيه استرلينى، الا انه لم يدخل الخزينة المصرية فى الواقع سوى 4.86 مليون جنيه فقط.

    · وفى 1865 عقد اسماعيل قرضاً خاصاً مع البنك الانكلوـ مصرى، واستلم نقداً 2.75 مليون جنيه استرلينى من اصل 3.38 مليون جنيه قيمة القرض الاسمية.

    ·وفى 1866 عقد اسماعيل مع مصرف فروهلنغ وغوشن قرضاً لمد سكك حديدية بضمان السكك الحديدية المصرية. ولم تستلم الخزينة المصرية الا 2.64 مليون جنيه استرلينى من المبلغ الاسمى للقرض وقدره ثلاثة ملايين جنيه.

    ·وفى 1867 عقد قرضاً " شخصياً " مع البنك الامبراطورى العثمانى ( الانكلوـ فرنسى ) ، واستلم منه 1.7 مليون فقط من اصل 2.08 مليون وهو المبلغ الإسمى للقرض .

    ·وفى 1868 عقد قرضاً مع رجل الاعمال الدولى "اوبنهايم" بمقدار 11.89 مليون ولم تستلم مصر منه سوى 7.195 مليون جنيه.

    ·فى 1870 عقد قرضاً جديداً شخصياً مع صاحبى البنوك بيشفسهايم وغولدشمدت بمبلغ 7.143 مليون، استلم منه 5 ملايين جنيه فقط .

    ·واخيراً، وقع اسماعيل فى 11يونيو 1873 اتفاقية مع اوبنهايم لمنحه قرضاً لتسديد اقساط الدين الجارى. وبلغت كمية هذا القرض الهائل 32 مليون جنيه لم تستلم منه مصر نقداً إلا 20 مليون جنيه بينما الزمت بدفع 3.5 مليون جنيه سنوياً الى اوبنهايم على شكل فوائد.

    ***

    ·وبذلك تمكنت البنوك الانكليزية خلال 11 عاماُ من ربط مصر بدين تبلغ قيمته 68 مليون جنيه استرلينى، دفع منه نقداً فى الحقيقة 46 مليون جنيه فقط واغتصب ما يزيد عن 20 مليون جنيه كفرق تسعير ونفقات عمولة.

    ·كما بلغت سندات الدين الجارى لهذه السنوات 26 مليون جنيه، دفعت عليها مصر فائضاً سنويا قدره 15% وحتى 25%.

    ·وهكذا بلغت قيمة دين مصر الخارجي الإجمالي قبيل عام 1876 اربعة وتسعون مليون جنيه إسترليني.

    · هذا بالإضافة الى أن مصر قد انفقت فعليا على مد السكك الحديدية 75 مليون فرنك بينما دفعت الى المقاولين الاجانب 325 مليون فرنك. كما دفعت الخزينة المصرية ما يربو على 2.5 مليون جنية إسترليني لشركة البناء الاوربية لغرض تشييد ميناء الاسكندرية بينما كلفته الفعلية 1.5 مليون جنيه فقط.

    ***

    اى انه فى النهاية قد نشأ فى ذمة مصر للبنوك الاوروبية دين مقداره حوالى 100 مليون جنيه! تراكم فى اقل من ربع قرن من عام 1854 حتى 1876، وتبدد كالتالي:

    ·دفعت الحكومة المصرية 16 مليون جنيه على تشييد قناة السويس.

    ·تسرب الى جيوب اصحاب البنوك كـفرق تسعيرة (سعر الصرف) ونفقات عمولة وغيرها 22 مليون استرلينى لم تستلمها مصر ولكنها اضيفت الى دينها.

    ·دفعت مصر حتى عام 1876 ما يربو عن 50 مليون استرلينى كفوائد على القروض الاصلية وسندات الدين.

    ·لم ينفق فى الحقيقة سوى مبلغ يتراوح بين 5: 6 ملايين استرلينى على تشييد منشآت تعود بالفائدة على مصر.

    ·وهكذا نشأ القسم الأكبر من دين الدولة المصرية نتيجة المكائد الاجرامية التى دبرتها المصارف الانجليزية والفرنسية، ولم يستلم الشعب المصرى فى الواقع شيئاً من ذلك الدين الذى أثقل كاهله والذى أرغم على تسديده فيما بعد بثلاثة اضعاف قيمته الأصلية.

    ·ناهيك عن القروض الداخلية كالمقابلة والروزنامة فى عامى 1871و1874

    ·ولقد ساعدت عوامل اخرى على تفاقم هذا الاوضاع ومن ذلك انه:

    ·فى عام 1863 قرر إسماعيل تحريم العمل الاجبارى فى حفر قناة السويس، فثار خلاف حاد مع ديلسبس ، فقام الخديوي، وياللعجب ، بتفويض نابليون فى هذا الخلاف وكانت النتيجة هى الحكم على مصر بغرامة ، تبعها لجوءها إلى مزيد من الاقتراض  لسداد الغرامة

    ·وكانت تركيا فى 1873 قد وافقت، تحت الضغط الاوروبى، على اعطاء مصر حق الاقتراض المستقل، وهو ما تم توظيفه اسوأ توظيف.

    ***

    وكانت النتائج الوخيمة على الوجه التالى:

    ·فى 25 نوفمبر 1875 تم بيع اسهم مصر فى قناة السويس لبريطانيا لسداد الديون، وكانوا 176 الف سهم، وبيعت بـ 4 ملايين جنيه استرلينى اقترضهم رئيس وزراء بريطانيا دزرائيلى من صديقه روتشيلد.

    ·4 ملايين فقط! رغم انه كلف مصر 16 مليون جنيه وأغرقها بديون بلغت 100 مليون جنيه وفوائد 300 مليون جنيه، وقد بلغت قيمة الأسهم المبيعة فى عام 1910 مبلغ قدره 35 مليون .

    ·وفى 1875 تم إعلان إفلاس تركيا، وهو ما انعكس على مصر فورا، ففرضت بريطانيا عليها لجنة لفحص شئونها المالية

    · وفى 8/4/1876 توقف إسماعيل عن دفع سنداته المالية وأعلنت مصر إفلاسها.

    ·وفى 2/5/1876 تشكلت لجنة لمراقبة دين الخديوي من فرنسا والنمسا وايطاليا، وقررت توحيد الدين المصري

    · وفى 1876 تشكلت لجنة ثنائية انجليزية فرنسية لمراقبة مصر ماليا.

    ·وفى 1878 تشكلت اول وزارة اوروبية فى تاريخنا برئاسة نوبار باشا الارمنى الاصل وثيق الصلة ببنوك لندن وباريس وكان وزير المالية فيها انجليزى ووزير الاشغال العامة فرنسى.

    ·ففرضت زيادة فى الضرائب على المواطنين، وامتنعت عن دفع اجور الضباط المصريين، ثم قامت بتسريح 2500 ضابط وتخفيض الرواتب الى النصف.

    ·ووضعت خطة مالية لادارة مصر عرفت باسم "خطة ويلسون" نزعت من الخديوى اى صلاحيات مالية وتم منح الوزيرين الانجليزى "ولسن" والفرنسى "دى بلينيير" حق الفيتو ضد اى مشروع حكومى وكان اهم ما تضمنته الخطة هو رفع ضرائب الارض الخراجية والعشرية والغاء القروض الداخلية من اجل القروض الخارجية.

    ·فغضب اسماعيل وقام فى 7/4/1879 بحل الوزارة الاوروبية وتأليف وزارة وطنية برئاسة شريف باشا التى قام بعزل عدد من الموظفين الاوروبيين وزيادة عدد الجيش الى 60 الف ووضع اول دستور لمصر.

    ·وفى17مايو 1879 عرض مشروع اللائحة الاساسية وقانون الانتخاب على مجلس النواب، وفى 8 يونيو 1879 وافق المجلس ووضع خطة مالية وطنية، فاعترضت بريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا على الخطة المالية.

    ·وقامت انجلترا وفرنسا فى 19يونيو 1879بتوجيه انذار انجليزى فرنسى لاسماعيل بالتنازل عن العرش دعمته المانيا والنمسا وروسيا وايطاليا وضغطت على السلطان عبد الحميد الذى اقال اسماعيل فى 25 يونيو ليغادر الى ايطاليا ويعين الخديوى توفيق بدلا منه.

    ·وفى 4/9/1879 تم اعادة الرقابة المالية الثنائية واقالة الوزارة الوطنية، وكلف رياض باشا بالوزارة الجديدة الذى امر بتخفيض الجيش الى 18 الف فقط، كما تم الغاء فرمان 1873 فحرمت مصر مجددا من حق عقد قروض خارجية، وفى يناير 1880 طبقت خطة ولسن المالية التى حددت الدين المصرى بـ 98 مليون وزادت الضرائب على الفلاحين، وامتنعت عن دفع مرتبات الضباط بالاضافة الى ترقية الضباط الشراكسة دون المصريين.

    ·فثار الجيش وتمت إقالة رياض وتكليف شريف باشا بالوزارة الجديدة.

    ·وفى 9/9/1881 قامت الثورة العرابية.

    ·وفى 26/12/1881 أصر مجلس النواب المصرى على حقه فى التصويت على الميزانية المصرية.

    ·  فقامت انجلترا وفرنسا بتوجيه انذار الى مصر فى 26/12/1881 تعلنا فيه رفضهما لاى صلاحيات مصرية تخص الميزانية، وقبل شريف باشا الانذار وغضب المجلس فاستقالت الوزارة، وتم تعيين وزارة وطنية جديدة بقيادة البارودى وكلف عرابى بالحربية فى 5 فبراير 1882

    ·وفى 5 فبراير تم نشر اللائحة الاساسية وابطال المراقبة الثنائية وإعداد قانون انتخابات جديد فثار الفلاحون ضد ملاك الاراضى وخاف الاقطاعيين من الحركة الجارية وتصاعدت الثورة، فبعثت انجلترا وفرنسا بأساطيلها الى الاسكندرية فى 20 مايو وطلبت من الخديوى ابعاد عرابى وعلى فهمى وعبد العال واقالة وزارة البارودى فقبل الخديوى الذى هرب الى الاسكندرية فى 13 يونيو

    · وانعقد فى 23 يونيو مؤتمر للدائنين ضد مصر فى القسطنطينية من كل من فرنسا وانجلترا وروسيا والنمسا والمانيا (مؤتمر النزاهة).

    ·  وفى 6 يوليو وجه الأميرال سيمور انذار اول الى رئيس حامية الإسكندرية بتوقيف أعمال التحصينات، ثم انذار ثانى فى 10 يوليو، وبدأ قصف الاسكندرية فى 11 يوليو الذى انتهى بوقوع مصر تحت الاحتلال البريطانى لمدة 76 سنة.

    · وقام الانجليز فورا بعد استسلام عرابى بنزع سلاح الجيش المصرى وتسريحه وارغام مصر على دفع 9 مليون جنيه استرلينى تعويضا للانجليز، وتم الغاء الرقابة الثنائية، وتحويل مصر الى مزرعة قطن لبريطانيا.

    ·وفى 1885 وقعت اتفاقية دولية لديون مصر، وفى 1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية بشان قناة السويس من كل من فرنسا وروسيا والمانيا والنمسا والمجر وايطاليا واسبانيا وهولندا وتركيا.

    ***

    وناضلت أجيال كثيرة من الشعب المصرى الى ان نجحت فى تحرير مصر 1954/1956، ولكن بعد ان كان الاستغلال الاستعماري الطويل قد أنهك مصر وتسبب فى تأخرها وتخلفها عن نظرائها، وهو التخلف الذى لا تزال آثاره ممتدة حتى اليوم.

     ومنذ ذلك الحين، استقر فى الضمير الوطنى المصرى ان الاقتراض هو أقصر الطرق الى التبعية.

    فهل تتكرر المأساة؟

    *****

    القاهرة فى 10 يناير 2023

    * تاريخ الاقطار العربية الحديث ـ لوتكسى

    01 يناير 2023

    مقالات عام 2022

    سيد أمين يكتب: "الاستبداد الديمقراطي" عند عصمت سيف الدولة

    في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.

    ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة

    30 ديسمبر 2022

    سيد أمين يكتب: ليت اسرائيل تعي الدرس

    لو كنت مكان قادة اسرائيل لاستخلصت العبر الكافية من مواقف الجماهير العربية تجاههم وتجاه إعلامييهم في مونديال قطر، ولشرعت على الفور بالهرولة -بأقصى سرعة- نحو حل سياسي سلمي يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة عام 1967، والتوقف عن ممارسات استعداء الشعب العربي التي تجريها عبر صناعة ودعم ديكتاتورياته، وزرع الفتن والمؤامرات بينه.

    فبحسابات المكاسب الآنية ستكون اسرائيل بذلك قد سكبت الماء على النار المتقدة في صدور مئات الملايين العرب وملياري مسلم تجاهها، بدلا من السكب المستمر للبنزين عليها الذي عملت عليه منذ نشأة كيانها عبر الاغتيالات، والهجمات الجوية الوحشية على بيوت الآمنين في المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، مخلفة قوافل شهداء تعج بهم مدن غزة والضفة الغربية يوميا، وبيوت مهدمة، وأمهات ثكالى، وحصار خانق..

    فضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها يمكن للجميع الحديث عن القواسم المشتركة بين العرب والعبرانيين، والمسلمين واليهود في التاريخ، بلا خجل ولا تخوين.

    خاصة أن اليهود لم يكونوا هم الأعداء الأصليين للمسلمين في أي حقبة من حقب التاريخ سوى بعد إنشاء هذا الكيان، بل إنهم حينما تعرضوا للمظلومية في الأندلس وحتى في روسيا القيصرية وأوربا والعديد من بقاع العالم مثلهم مثل المسلمين، كان العالم الاسلامي هو الملاذ الآمن لهم، وكان المسلمون هم المدافعون عنهم.

    ناهيك عن أننا حينئذ سيحلو لنا الكلام عن التشابه الكبير في الحدود والفقه بين اليهودية والإسلام، وعن الانتماء لسيدنا إبراهيم الأب لإسماعيل وإسحاق.

    قصر نظر

    لكن إسرائيل كما عودتنا دائما، لا تعير بالا لا بالحسابات الآنية ولا البعيدة سوى بما تملكه من وسائل الرعب، والمثل يقول “الطمع قلّ مما جمع”، فالسياسة الاسرائيلية الدائمة قائمة على نهب ما يمكن نهبه، وقتل ما يمكن قتله، وتخريب ما يمكن تخريبه، وهو الأمر الذي حتما ستدفع ثمنه مهما طال الزمن.

    ولم تدرك بعد أنه قد تهاوت -مع تطور وسائل الإعلام الحر- ادعاءات المظلومية التي تقوتت عليها طيلة تاريخها، وظهر للرفيق والغريب نهم قادتها للدم.

    ولم يأت في حسبانها أن المقاومة الفلسطينية تكسب مزيدا من التعاطف الشعبي العالمي كل يوم، وتتضخم رقعة الالتفاف حولها في الداخل بوصفها طوق النجاة الذي يحمي ما تبقى من مقدرات الشعب الفلسطيني.

    ولعله من العقل أن تدرك أن تجاربها السابقة طيلة 74 عاما من القمع والوحشية لم تستطع خلالها ردع المقاومة الفلسطينية، ولا حتى إخافتها، لا بالطائرات، ولا بالمسيرات، ولا بالمفخخات، ولا بكل مقومات القوة الإسرائيلية بما فيها الأسلحة النووية.

    وعليها أن تصدق أن من لم يخشاها ذات يوم حينما كان شبه أعزل يملك أسلحة بدائية وعزيمة لا تلين، يمكن أن يتم ردعه وهزيمته وقد امتلك هو الآخر وسائل الردع الكافية، وصار يملك أيضا الصواريخ والمسيرات؟ وصار يؤلم الغاصبين ويرد لهم الصاع بالصاع؟

    إذن عليها أن تبقى على يقين أن الوضع القائم قد يكون نافعا في حقبة معينة من التاريخ، كالتي نعيشها نحن العرب الآن، حيث نظم رسمية تعيش هوانا غير مسبوق، ويتم التحكم بها كعرائس الماريونيت من قبل أمريكا والقوى الغربية وأحيانا من تل أبيب نفسها، وحيث تتلقى إسرائيل دعما غربيا غير محدود.

    لكن لو قرأوا التاريخ جيدا لاكتشفوا أن التغيير قد يأتي فجأة، وأن موازين القوى قد تتغير أيضا فجأة، وبالتالي ستنهار كل العوامل التي تسببت في بقاء إسرائيل طيلة العقود الماضية، وسيعرفون وقتها أنها كانت مجرد غفوة بمقاييس التاريخ، وأن هذا الواقع المرير آخذ في الإدبار.

    الفخ الإسرائيلي

    هناك نفر من اليهود يعارضون قيام دولة إسرائيل، ويرون أن تعاليم موسى عليه السلام تنهى عن وجود كيان خاص لهم، وأن إنشاء هذه الدولة أضر بسمعة اليهودية كدين، ومن أبرز هؤلاء الناس منتسبو حركة ناتوري كارتا الذين يزيد عددهم عن 20 ألف شخص، وبالمناسبة هذا عدد له حسابه بالنسبة للعدد الإجمالي لليهود في العالم.

    لكن البعض يزيد عليهم القول إن من ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل، لم ينشئوها إلا تخلصا من أذى اليهود في أوربا، ومن أجل إبقائها شوكة في خاصرة المسلمين والعرب.

    وأضيف إلى ذلك أن هناك من يقول إنهم أنشئوها لتوفير الأجواء اللازمة لتحقق نبوءات دينية خاصة بهم، تعنى بتجميع الأعداء جميعا “اليهود والمسلمين” في هذه المنطقة المقدسة حتى يتسنى للمخلص الخلاص منهم جميعا، وبدء الألفية السعيدة.

    والملاحظ أنه في كل التفسيرات حتى الكهنوتية منها كان إنشاء هذه الدولة خلاصا من اليهود وليس دعما لهم، وبالتالي فإذا غيّر الداعم الغربي خطته في أي لحظة، أو حتى اختلت موازين القوى لديه، فلن يكون الأمر خيرا أبدا لهذا الكيان.

    كل ذلك يجب أن يحفز اسرائيل على الاحتماء بالسلام الحقيقي، وليس ذلك السلام القائم على لي الذراع والإجبار على الابتسام المصطنع، والتطبيع غير الطبيعي، والضغط على الحكومات وشرائها.

    السلام القائم على احترام حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته دون أي قيود، وعلى تخليها عن سياسة نفث سمومها في البلدان العربية، حتى لا تكون عاقبة ذلك تكرار ما حدث بعد فشل غزوة الخندق.

    مع ملاحظة أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيفنون، وأنهم فقط ينحنون للريح ولا يسقطون.

    اقرأ المقال هنا على موقع قناة الجزيرة مباشر  

    أو هنــــــــاللمزيد| https://ajm.me/a4ykwe