تنتظر دولة الإمارات العربية حدثاً مهماً يوم الحادي عشر من نوفمبر المقبل، وهو الافتتاح الرسمي لمتحف "اللوفر أبوظبي" بجزيرة السعديات هناك، كامتداد لمتحف "اللوفر باريس"، بالتعاون مع الحكومة الفرنسية بموجب عقد اتفاق، المفاجأة هي أن هذا المتحف يضم العديد من الآثار الفرعونية المصرية، كما ظهر من الصور التي التقطت خلال زيارة تفقدية للمتحف قام بها الأحد الماضي، كل من الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات على قدر كبير من الأهمية، متى خرجت هذه القطع الأثرية من مصر، ومن بينها توابيت كاملة كبيرة الحجم، ومن هو صاحب القرار في هذا الشأن، وإذا كان مصدرها ليس مصر مباشرةً، بمعنى أنها جاءت من لوفر باريس، فهل وافق الجانب المصري على ذلك؟.
أذكر قبل نحو ٩ سنوات، وتحديداً في عام ٢٠٠٨، قاد الدكتور زاهي حواس، أمين عام المجلس الأعلى للآثار حينذاك، حملة واسعة استهدفت وقف مشروع متحف أبوظبي، بعد ورود معلومات أنه سوف يعرض آثاراً مصرية قائلاً: إن المصالح مع بلدان العالم المختلفة لا تبرر نهب الآثار المصرية وتحويلها إلى بضاعة تباع وتشترى في مشروعات متحفية تقام في دول أخرى، مثلما يحدث الآن بين باريس وأبوظبي، مشيراً إلى أن المجلس لن يتعامل مع الإمارات في هذا الصدد إلا في حدود ضيقة، لأن الكُرة في الملعب الفرنسي، وإنه سوف يرسل خطابا إلى الحكومة الفرنسية، لمنع سفر اثارنا المصرية الموجودة بملكية متحف اللوفر إلى الإمارات، خوفاً عليها من التعرض للتلف وأضرار النقل.
الأكثر أهمية، أنه أشار إلى "اجتماع عقده مع أعضاء اللجنة المشكلة خصيصا من أجل استرجاع الآثار المصرية التي بحوزة متحف اللوفر في باريس، وقال: تم إعداد ملف يتضمن كل الأوراق القانونية والأثرية التي تفند بالوقائع والتوقيتات مراحل خروج اللوحات الفرعونية التي ينوي متحف اللوفر عرضها في أبو ظبي"، وهو الإجراء الذي لم تتضح توابعه، ذلك أنه لم تتواتر أي أنباء بشأنه فيما بعد، ومن المعلوم أن متحف "اللوفر" في العاصمة الفرنسية باريس، يضم خمسة آلاف قطعة أثرية مصرية، بخلاف مائة ألف قطعة أخرى بالمخازن، سُرقت جميعها أثناء الحملات الصليبية، وبصفة خاصة حملة نابليون على مصر.
المهم أن حملة زاهي حواس وتصريحاته أثارت حينذاك، غضب الجانب الإماراتي الذي نفى بشدة، وقال رئيس هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث: ليس هناك بالمتحف قسم خاص بالآثار الفرعونية في الوقت الحالي (لاحظ في الوقت الحالي)، مشيراً إلى أن هناك سوء فهم لطبيعة المشروع أدى إلى خلق انطباع لدى بعض الأوساط الثقافية والأثرية بأن المتحف سيقوم بعرض آثار فرعونية، وهو أمر خاطئ من الأساس، ذلك أن تصريحات حواس في ذلك التوقيت أثارت قلق الجانبين الفرنسي والإماراتي على السواء، وخاصة أن عقد اتفاق إنشاء المتحف الموقع بين كل من أبوظبي وباريس ينص على أنه يضم آثاراً فنية من أنحاء العالم.
عقب جولة بن راشد وبن زايد في المتحف، ذكرت الأنباء الرسمية الإماراتية، إنهما اطلعا على عدد من الأعمال الفنية التي وضعت في الآونة الأخيرة في المتحف، (لاحظ وضعت في الآونة الأخيرة)، منها مجموعة جنائزية للملكة دوات حتحور حنوت تاوي، وأحد التماثيل القديمة "لأبو الهول" الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد، وغيرها من التماثيل والأعمال الفنية، بما يؤكد أن المعلومات المصرية حينذاك كانت دقيقة، بينما كان النفي الإماراتي للاستهلاك فقط، وذكرت الأنباء أيضاً، أن المتحف سيعرض ٣٠٠ عمل فني مُعار من ١٣ مؤسسة ثقافية فرنسية وأخرى عالمية، تحت سقف ٢٣ قاعة عرض دائمة.
المعلومات تشير أيضاً إلى أن المتحف المشار إليه تتجاوز تكلفة إنشاءه ١٠٠ مليون يورو، بينما تصل قيمة الإتفاقية بين كل من الإمارات وفرنسا، والتي تم توقيعها عام ٢٠٠٧ مبلغ ١،٣ مليار دولار، وستكون جارية لمدة ثلاثين عاماً، وقد منعت الاتفاقية أيضاً استخدام اسم اللوفر في تحقيق مشاريع مماثلة في عدد من الدول هي ، مصر، والسعودية، والكويت، وعمان، والبحرين، وقطر، والأردن، وسوريا، ولبنان، وإيران، والعراق.
على أي حال، الدكتور زاهي حواس على قيد الحياة، وتوجد في مصر الآن وزارة خاصة بالآثار كان يجب عليها أن تتبنى هذه القضية، في الوقت نفسه فقد أصبح الرئيس عبدالفتاح السيسي (في الآونة الأخيرة)، تحديداً منذ شهر يونيو الماضي، رئيساً لمجلس أمناء المتحف المصري الكبير، وهو ما يجعلنا أمام قضية بالغة الأهمية والدلالة في الوقت نفسه، نضعها بكامل تفاصيلها أمام السيد المستشار نبيل صادق النائب العام، أملاً في إطلاع الرأي العام على تفاصيلها من ناحية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو الجهة التي قامت بالتصرف من ناحية أخرى، سواء كانت مصرية أو فرنسية، أو هما معاً.