29 يناير 2015

نوارة نجم: مرسى يحاكم لتعامله مع المقاومة الإسلامية.. والسيسى يكافأ لتعامله مع أكبر منظمة صهيونية

تكتب نوارة نجم المعارضه السياسيه والداعمة لنظام الانقلاب فى مصر عن مقابلة السيسى لرئيس أكبر المنظمات اليهودية فى العالم معبرة عن أسفها لدعمه وموضحة لماذا نحاسب مرسى الذى تعامل مع حماس وهى من المقاومة الإسلامية وإتهمناه بالخيانه إذا فما هو الوضع مع السيسى .
وكان نص المقال كالأتى:.
انه في يوم الأحد 11 يناير سنة 2015، قام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية حاليا، ووزير الدفاع السابق، ورئيس المخابرات الحربية الأسبق، باستقبال رونالد لاودر، رئيس المؤتمر اليهودي، في مقر رئاسة الجمهورية المصرية، وأظن إنها المرة الأولى التي يدنس فيها هذا الشخص مقر الرئاسة المصرية. وقال لاودر إنه على زعماء العالم أن يحذوا حذو السيسي في مكافحة الإرهاب، و"أشار (لاودر) إلى متابعتهم (المؤتمر اليهودي) باهتمام للخطوات الجادة التي يتخذها السيسى على المستويين الداخلي والدولي، مشيداً في هذا الصدد بما تضمنه خطابه الأخير من أفكار تحض على التسامح وقبول الآخر، فضلاً عن محاربة الأفكار المتطرفة، وهو الأمر الذي تأكدت أهميته في ضوء الأحداث الإرهابية التي وقعت في باريس خلال الأيام الماضية.” (بوابة الأهرام – 11/1/2015).
بينما "أكد السيسي على أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب واستئصال جذوره، مضيفاً أن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون شاملة، بحيث لا تقتصر على الجانب العسكري والأمني فحسب، ولكن تمتد لتشمل الأبعاد التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، وكذا الأبعاد الثقافية بما تتضمنه من تصويبٍ للخطاب الديني والارتقاء بجودة التعليم ونشرٍ لثقافة التسامح والتعايش السلمي.”
وطالب السيسي ألا تقوم إسرائيل بأية تصعيدات ضد الفلسطينيين "لاسيما في ظل التطورات الراهنة في أعقاب قبول عضوية فلسطين بالمحكمة الجنائية الدولية.” 
ما هو المؤتمر اليهودي، ومن هو رونالد لاودر؟
المؤتمر اليهودي هو أكبر منظمة صهيونية في العالم، تأسست عام 1936، سبق تأسيس المؤتمر، إرهاصات لمنظمات عدة، استقرت في النهاية على الشكل الحالي للمؤتمر اليهودي. هدف تأسيس المؤتمر اليهودي ليكون "الذراع الدبلوماسي" للصهيونية. وتقع الأفرع الرئيسية للمؤسسة المذكورة في ثلاث مناطق: 1- نيويورك، الولايات المتحدة. 2- باريس، فرنسا. 3- القدس، إسرائيل.
من أهم أهداف المؤسسة: دعم حق اليهود في تأسيس وطن قومي لهم على أرض فلسطين. 2- مكافحة معاداة السامية وإنكار الهولوكوست في العالم. 3- دعم الديمقراطية في كل دول العالم (!!!!). ما فهمتش الحقيقة هم مالهم ومال الديمقراطية في كل دول العالم؟
للمؤسسة تاريخ طويل في دعم الصهيونية، عاصرت المؤسسة مجزرة الهولوكوست وأرخت لها، كانت المؤسسة هي المتحدث الدبلوماسي في العالم أجمع لتأسيس إسرائيل على أرض فلسطين. منذ تأسيس إسرائيل وحتى هذه اللحظة، لم يتوان المؤتمر اليهودي عن دعم الموقف الإسرائيلي في السلم والحرب عالميا، وكان له دور كبير في عرض وجهة النظر الإسرائيلية على العالم وفي المحافل الدولية أثناء اقتراف إسرائيل لمجازرها المتعددة والمتفرقة، وكان للمؤتمر اليهودي دورا رئيسا في إيقاف أي محاولة لإدانة إسرائيل دوليا، ليس فقط بعرض وجهة النظر، ولكن عن طريق تهديدات اقتصادية، وتقديم التبرعات. المؤتمر اليهودي يمتلك رأس مال لا يعد ولا يحصى، خاصة مع اتصالاته الوثيقة بالصندوق اليهودي Jewish fund.
من هو رونالد لاودر. يا سلاااااااااااااااام، ده راجل مناضل اسم الله عليه.
رونالد لاودر واحد من أكبر رجال الأعمال اليهود في العالم، وفقا لفوربز، فإن ثروته تبلغ 3.8 مليار دولار! راجل كسيب يعني. ينتمي إلى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية، وثيق الصلة بحزب الليكود، وله صداقة شخصية بنتانياهو. عين كسفير للولايات المتحدة في النمسا عام 1986، ترشح لعمودية نيويورك عام 1989، لكنه خسر. في عام 1998، كان مندوب الولايات المتحدة في المفاوضات مع سوريا.
للمذكور نشاطات اقتصادية متعددة لخدمة إسرائيل، فهو مؤسس جمعية لاودر الخيرية، التي تهدف بالأساس إلى تكريس كل مجهوداتها الخيرية لخدمة الصهيونية. اسمه دائما يرد كمتبرع أول في المؤسسات الآتية: مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية، الصندوق القومي اليهودي، لجنة التوزيع المشتركة اليهودية الأمريكية، رابطة مكافحة تشويه السمعة اليهودية، صندوق أبراهام... وغيرها من المنظمات الصهيونية.
لكن الرجل لم يقف "كفاحه" من أجل القضية الصهيونية عند المجهودات السياسية والاقتصادية، بل إنه رجل صاحب قلم، وقد ناضل بقلمه في كافة الصحف الأمريكية والأوروبية، وقد ترجمت مقالاته الثمينة إلى عدة لغات، وكان الرجل لا يفوت فرصة ليدعم موقف إسرائيل، ويتهم كل من ينتقد مجازر الصهاينة بحق الفلسطينيين بمعاداة السامية، بما في ذلك من تهديدات مبطنة بالملاحقة القضائية، وهو ضيف مستدام في القناة العاشرة الإسرائيلية... الظاهر خبير استراتيجي روخر. (غير المصريين لن يفهموا يعني إيه روخر... روخر تعني حرفيا: هو الآخر).
إياك اسمع نطع يسألني: هذه منظمات يهودية، هو كل يهودي صهيوني؟ كلف نفسك واقرأ عن نشاط هذه المنظمات قبل أن تتفلسف، كل هذه المنظمات مسخرة لخدمة إسرائيل وفقط.
طبعا مع استعراض هذا التاريخ لرئيس المؤتمر اليهودي، وللمؤتمر اليهودي ذاته، فإنك لا تملك إلا أن تدمع عيناك أمام هذا الكفاح والإصرار، ولكل مجتهد نصيب يا ولاد.
همممممممم... بقى هالله هالله ع الجد والجد هالله هالله عليه، كل ما فات من قرف نتجرعه في حياتنا كوم، وأن يصل الأمر إلى التحالف مع الصهاينة هكذا في وضح النهار كوم آخر. ولا أسمع أحد المبررين، الذين أصبحوا يبعثون على التقزز والاشمئزاز ليقول بإن السيسى عليه أن يقابل الجميع لإن هذه مساع دبلوماسية لدعم القضية الفلسطينية، هذا محض هراء.
أولا: السيسى ليس منوطا به أن يتصل بأي شكل من الأشكال بمؤسسات مدنية، ناهيك عن كونها مؤسسات صهيونية، ده أنتوا فضحتوا كام واحد عشان راحوا السفارة الأمريكاني أو تقابلوا مع بعض أعضاء فريدم هاوس، وكنت أنا ضد هذه التصرفات.
ثانيا: السيسى عليه أن يسعى مساعيه الدبلوماسية مع أقرانه من رؤساء العالم، وإن كان ولابد من التنسيق مع منظمة صهيونية – وإن كنت لا أرى أي اضطرار لهذا – فعليه أن يرسل مبعوثين، أو مفاوضين، لا أن يقابل رئيس المنظمة بنفسه، لا وإيه؟ وبيكلموه عن مكافحة الإرهاب! على أساس إن إسرائيل دي حساس الجيل؟
ثالثا: السيسى لم يقابل هذا الهذا ليخدم القضية الفلسطينية، ولا يبدو عليه ذلك، بدليل إن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قالت إن الولايات المتحدة الأمريكية أعطت مصر الأباتشي لإن مصر انصاعت إلى الخطة الأمريكية، وهذا هو نص ما قالته يوم الخميس ٣٠ أكتوبر ٢٠١٤:
" أود أن أقول بالتأكيد أننا نعتقد أن مصر لها الحق في اتخاذ خطوات للحفاظ على أمنهم. ونحن نفهم التهديد الذي يواجهونه من سيناء. ولهذا السبب قدمنا لهم مروحيات الأباتشي، ونحــن نواصــل أيضا تشجيعهم على الأخــذ بعيـــن الاعتبار أولئك الذين سيتم تهجيرهم داخليا بسبب هذا، لكنهم يعملون من خلال "الخطـــة" ونحن نواصل دعم جهودهم الرامية إلى اتخاذ خطوات آ..آ من أجل آ..آ الدفاع عن حدودهم."
ورداً علي سؤال لصحفي أمريكي: "مفوضـة حقــوق الإنسـان بالأمم المتحدة صرحت تصريحاً قويا جدا بأن مصر تنتهك أو تتجاهل حقوق سكان المناطق المعنية، هل تتفقون معها؟" أجابت: 
"أحد الأسباب التي تجعلنا نواصل التكـرار علنا وسراً كذلك هو أننا نعتقد أن تأثير ذلك على المشردين داخليا سيكون - هو عامل مهم. لكننا نعتقد أيضا أنها ينبغي أن يستطيعوا اتخاذ قرارات بشأن أمنهم".
من الواضح أن السيدة بخصوص حقوق الإنسان لم تعط عقادا نافعا.
رابعا: لي سؤال محرج بالفعل لا أعرف إجابته: هل قام أي رئيس عربي آخر بمقابلة هذا الهذا في إطار إنه رئيس المؤتمر اليهودي، بخلاف مقابلته للرئيس الأسد أثناء مفاوضاته بشأن حصار سوريا؟
أنا حقا أريد أن أعلم ما هو الاضطرار الشنيع الذي يجبر السيسي أن يقابل شخصية كهذه، تمثل منظمة كهذه في الوقت الذي يحاكم فيها مواطنين بتهمة التخابر مع حماس لإنهم يمتلكون هاتف الثريا؟
وهل من يبررون للسيسي المقابلة، كانوا سيسوقون نفس التبريرات لمرسي؟ الحقيقة إنني لم أكن أصمت لمرسي على مقابلة كهذه، تماما كما إنني لا أصمت للسيسي على تصرفه.
هو أنتوا مش كنتوا قلتوا لنا إن الأخوان دول خونة وجواسيس وعملاء لأمريكا؟ وإن أمريكا بتدعمهم؟ وإن السيسي وقف ضد أمريكا؟ وإن السيسي ده راجل وطني زي عبد الناصر الله يرحمه؟ وإن العالم كله واقف ضده وبيقول عليه انقلاب عشان هو أحبط خطتهم؟ وأنا صدقتكوا على فكرة، ورحمة أبويا وربنا اللي أغلى من أبويا صدقتكوا، وأخدتكوا الجلالة وقلتوا إن ثورة 25 يناير مؤامرة أمريكية؟؟ والحمد لله 30 يونيو صححتها، وأنقذت مصر من المؤامرة الإمبريالية الفظيعة؟ كان زمان البلد ضايعة دلوقت... 
وإن كان رئيس المؤتمر اليهودي رونالد لاودر حلو، ولا بأس من جلوسه مع السيسى، فلماذا تكون حماس والأخوان وحشين؟ نحن حين نسب الأخوان نقول عليهم: صهاينة الإسلام . وهم يزعلوا ويقولوا: احنا صهاينة؟ يا انقلابيين .. واحنا نقولهم: أيوه زيكوا زي الصهاينة .. وننيمهم متنكدين. نحن حين نهاجم حماس نقول: إن حماس شقت الصف الفلسطيني لصالح إسرائيل، وحولت قضية تحرير فلسطين إلى قضية فك الحصار على غزة، وكل ذلك يخدم الصهيونية! صح؟ فإييييه؟ فنروح احنا نقابل الصهاينة وش، وكمان إيه؟ بيشكروا فيه.. ده بيشكروا في الرئيس بتاعنا!!!!!!!!!!!! بل إن رئيس المؤتمر اليهودي يطالب زعماء العالم... العالم وليس العرب، بإن يحذوا حذوه، يعني لاودر معجب بالسيسي أكتر من أوباما مثلا، ويطالب أوباما أن يحذو حذوه!
آه... بس النوشتاء هم اللي عملا، والتعامل مع حماس تخابر.
عموما.. الحمد لله إن الأخوان مشيوا برضه.. كان زمان في أزمة أنابيب، وكان زمان لسه النور بيقطع، وكان زمان وزيرة القوى العاملة بتقول مافيش شغل، وكان زمان كل حاجة غليت، وكان زمان ناس كتير محبوسة ظلم، وكان زمان ناس كتير اتقتلت، وكان زمان مرسي قابل رئيس المؤتمر اليهودي، وكان زمان رئيس المؤتمر اليهودي مبسوط منه، وكان زمان مرسي عمل منطقة عازلة في رفح عشان ياخد الأباتشي من أمريكا، والأهم من هذا كله: كان زمان مافيش استقرار زي الاستقرار الفظيع اللي احنا عايشينه.... يااااااه، الحمد لله إن المؤامرة تم إحباطها..

28 يناير 2015

محمد رفعت الدومى يكتب: "إيج نوبل" لـ "عبد العاطي".. أو.. استثمار العار!

المصريون شعب (ألَّلاوي)، يستسلم عند أول شعور بالخيبة، لذلك، ليس غريبًا أن يمر مرور الكرام، أو (مرور فيصل)، اختراع “عبد العاطي” غير الموجود أصلًا إلا في هواجسه وهواجس الذين غرروا به دون استثمار هذا العار الذي لطخ سمعة “مصر” في وحل الكوكب! 
وإذا جاز لنا أن نتخيل “مصر” في صورة المرأة التي كانت أيام “د.مرسي” تلطم علي كل وسائل التواصل: 
– انتوا مش ولادي، حرام عليكم اللي بتعملوه فـ أمكم! 
وهي نفس المرأة التي استعادت الآن شبابها الافتراضي وتسكنُ الحسابات المزيفة التي تديرها اللجان الإلكترونية للمخابرات وأمن الدولة ترتدي العَلَم المصري سعيدة، و”هتبقى أد الدنيا”! 
أقول: 
إذا جاز لنا أن نتخيل “مصر” في صورة تلك المرأة، يجب أن نصدق أن “مراية الحب عميا”، بدقة أكثر، “مراية الحب، تحت تهديد السلاح، عميا”! 
كما يجب أن نكون واثقين من أن هذه المرأة لو قبض عليها في بيت دعارة، وخرجت تستر عريَها بملاءة تحت عيون الحشود لما بلغ عارها هذا الحد الذي وصلته بفضل فضيحة (جهاز الكفتة)! 
مع ذلك، ليس معقولًا أن نسخر من “عبد العاطي” إلى الأبد، فالرجل حاول، ويكفيه عار المحاولة، كما أنه بشر يخطئ ويصيب، بدقة أكثر، هو مصري يخطئ ويدافع عن خطئه حتى النهاية! 
لابد أن نتجاهل انتحار باحث ياباني قبل شهور لأنه وعد فقط، الأمر لم يتجاوز الوعد؛ باكتشاف علاج من الخلايا الجذعية، ولم يستطع أن يفي بوعده، فهؤلاء كائنات غريبة الأطوار، بعيدون كل البعد عن (ربُّونا)، كما أنهم لا يقدرون قيمة “التلامة” في الوقت المناسب مثلنا! 
لابد، أيضًا، أن نعمل على إجهاض المؤامرة الكونية التي تسعى لإسقاط (الوطن)، وأن نتوقف عن الحديث الممل عن الشهداء، فمن يدري، أليس من الوارد أن يكونوا قد تبرعوا بدمائهم من أجل “السيسي”؟ 
والآن، نحن قادرون على استثمار فضيحة “الكفتة” وتحويلها إلى جائزة “نوبل” مصرية أخرى هي أقرب مسافة إلى “عبد العاطي” من أي إنسان آخر، إنها “إيج نوبل” طبعًا! 
في العام “1991” استحدثت المجلة الأمريكية الساخرة “حوليات البحوث غير المحتملة”، جائزة “إيج نوبل”، (Ig Nobel Prize)، بالتعاون مع جامعة “هارفارد”، وهي تمنح لعشرة موضوعات في العديد من المجالات الكلاسيكية لـ “نوبل” الأصلية بغرض الترويج للبحث العلمي كفكرة، مهما بدا موضوع البحث تافهًا ومخجلًا، بل تفاهة موضوع البحث وغرابته شرط للحصول عليها، ذلك أن التسمية ولدت بالتلاعب بالألفاظ من المفردة، ignoble””، وتعني بالإنجليزية: مُخْجِلا! 
لا أعتقد أن ثمة بحثًا تافهًا أكثر ومخجلًا أكثر من تحويل الإيدز إلى (كفتة)! 
ولا أعتقد أن نظرةً للموضوع برمته في ضوء نظرية المؤامرة يمكن أن تدفع أحدًا إلى اتِّهام “الإخوان المسلمين” بالضلوع فيها، فإن خيالهم، والله، لو تجاوز السقف الذي نعرفه عن الإصلاحيين عامة بآلاف الأميال لما استطاعوا إبداع مثل هذه الفضيحة! 
“نوبل” ترفيهية، يبدو هذا واضحًا من مراسم توزيعها في احتفال هزلي يزخر بالكثير من النكات، ويظهر خلاله الفائز بالجائزة محاطًا بأشخاص في زي “أرنوب” أو “بطوط”، أو “نمنم”، كما تظهر الآنسة “سويتي بو” عندما يفرط الفائز بالجائزة في خطابه، لتصرخ: 
– أرجوك كفى، هذا ممل! 
وينتهي الاحتفال كل عام بعبارة واحدة: 
– سواءً لم تفز بجائزة هذا العام، وخصوصًا إذا فزت، حظًا سعيدًا العام المقبل! 
ليس من الصعب إذًا أن يحصل عضو في لجنة فض منازعاتٍ أصلحَ بين زوجين على جائزة نوبل للسلام، مثلًا. فما بالنا بـ “عبد العاطي” الذي تسلق بالكلام المجاني قمة الإعجاز العلمي! 
من الواضح أن الجائزة مضمونة، بل، بقراءة سريعة في بعض الأبحاث الفائزة ندرك على الفور أنها استحدثت قبل “24” عامًا وادخرت ليحصل عليها الشريف “عبد العاطي”! 
أحد الأبحاث مثلا كان يدرس “قدرة البشر على إثارة طيور النعام جنسيا”! 
والعام الماضي، كانت أكثر الأبحاث إثارة للجدل، بحث عن “مخاطر التعثر في قشر الموز”، وآخر عن “استخدام شرائح لحم الخنزير في إيقاف نزيف الأنف”، وثالث عن “قدرة البشر المتنكرين في زي دب قطبي على إخافة حيوان الرنة”، ورابع عن “كيفية استخدام فضلات الأطفال الرضع في إنتاج (سجق مخمر)”! 
ما أشبه هذا البحث المقزز بهراء “عبد العاطي”! 
ومنذ أعوام مضت، فاز أحد الأبحاث بالجائزة لأن صاحبه أثبت، شفهيًا، أن فرقعة الأصابع لمدة “20” عامًا لا تسبب خشونة المفاصل! 
لذلك، ليس مطلوبًا من “عبد العاطي” سوى أن يحلف، وهو، بلا شك، أحد المسارعين إلى اختلاق الأكاذيب، ككذبة عرض الـ “2” مليار دولار مقابل التنازل عن اختراعه، وأزعم، لو أن شخصًا (كرمش) له مبلغ “300” جنيه ليس من الصعب أن يغادر الصفقة وهو يحمل صكًا بعبودية من شاء من أولاده! 
ذهبت الجائزة أيضًا إلى باحثين عن “كيفية دعم الاقتصاد بإيرادات من الدعارة والاتّجار في المخدرات والتهريب وغيرها من الجرائم”! 
شغل عصابات يعني! 
وبصرف النظر عن كل شيء، فإن “عبد العاطي” يستحق الجائزة، ليس فقط لأنه أكد دون قصد أن “النظرية العبعاطية” هي أسلوب العسكرالمزمن في إدارة “مصر”، بل لأنه، بالإضافة إلى هذا، وفي وثبة ذهنية أشبه بوثبات المتصوفة المجانين، تخيل، احتمالية أن يكون للفيروسات أيضًا، تمامًا كالحيوانات، “بيت لوح” و”عفش” و”مخاصي”! 
لكن، يجب أن يشعر العقلاء بالعار عند استعادة الفضيحة، لقد مارس “عبد العاطي” على الجميع نظرية الصدمة الهزلية، لذلك، لم ينتبهوا إلى أن كل فيروسات “الإيدز” التي تمرح في أجساد المصابين بالمرض في “مصر” لا تزن أكثر من “تُمن كفتة”! 
في النهاية، تخيل “عبد العاطي” وهو يزين المراسم في زي بائع عرقسوس، أو كبابجي، أو طائر “أبو منجل”، ممسكًا بسيجارته “البلمونت”، أعتقد أن هذا الحدث سوف يرمم في عيون الآخر تلك الصورة الذهنية القبيحة لوطننا السمين!

بالصور ..اقتحام منزل احمد موسي واختطاف ابن شقيقه والاستيلاء علي بندقيتين أليتين غير مرخصتين

ابن شقيق احمد موسي

نشرت صفحة "الجبهه الشعبية مسار" علي موقع الفيسبوك تقريرا يفيد اقتحام منزل عائلة المذيع باحدى الفضائيات الموالية لاجهزة الامن احمد موسي بقرية شطورة التابعة لمركز طهطا محافظة سوهاج والاستيلاء علي بندقيتين اليتين بدون ترخيص.
ياتى ذلك بعدما نشبت مشاجرة بين اولاد موسي وبين احد العائلات بقرية العتامنة المجاورة بسبب مرور طفلان صغيران من قرية العتامنة المجاورة من امام منزل اولاد موسي يمتطيان ظهر حمار كتبا عليه اسم (( c.c)) وهتفا "يسقط يسقط حكم العسكر" فقام احد شباب عائلة موسى ويدعي خالد علي موسي وهو ابن شقيق احمد موسي باختطاف الطفلين وتقييدهما واحتجازهما لمدة تزيد على السبع ساعات وتعدى عليهم بالضرب
تدخل بعض العقلاء من البلدين واطلقا سراح الطفلين 
وعلي اثرها واثناء انقطاع التيار الكهربائى تم اختطاف الشاب خالد على موسى حينما تربص به اهالى الطفلين وقاموا باقتحام منزل عائلة اولاد موسى والاستيلاء علي بندقيتين اليتين بدون ترخيص.
تم ابلاغ الشرطه واستمر البحث عن الشاب المخطوف 




فيديو .. معتقلا الذكري الرابعة للثورة: تم تعذيبنا ليوم كامل .. والمعتقلات وحدت بين كل التيارات والاعمار



    خرج فجر اليوم 24 معتقل فى احداث ذكرى 25 يناير من معسكر السلام بالعاشر من رمضان تعمدا من الداخلية دون اجراء اى تحقيقات لهم.
    قال (محمد محمود، واحمد البربرى) احدا المعتقلين انهم قبض عليهم من امام نقابة الصحفيين وتحولوا على قسم الازبكية ثم على معسكر السلام فى حين ذهب المحامين الى المعسكر وقيل لهم انه لا يوجد معتقلين بالمعسكر.
    اضافوا المعتقلين انه تم ضربهم يوم كامل وكان معهم فى غرفتهم 70 معتقل لكنه لم يخرج منهم الا 24 فقط لم يتحقق معهم اثناء الخروج ولكنهم لا يعرفوا ما سبب خروجهم حتى الان.
    اشاروا انه يوجد بالمعسكر رجل ييلغ من العمر 65 عام وطفل يبلغ 12 عام ويوجد ايضا النشطاء السياسيين (محمد دومة ،وجميلة) حيث اصاب محمد دومة بنزيف فى عينه الشمال وهو ضرير لا يرى.
    وذكروا انه يتم تعذيب باقى المعتقلين بطريقة غير ادمية وانه تم تهريبهم من قبل الداخليه اثناء الليل مطلوب منهم عدم النظر الى الوراء والرقد جريا بعيد عن المعسكر تحت تهديد السلاح .

    صور ومشاهدات قدمها الطبيب غيلبرت عن فظائع إسرائيل في غزة «تبكي» آلاف الأردنيين

    طارق الفايد
    عمان – «القدس العربي» من : استطاع الطبيب النرويجي والناشط من أجل فلسطين الدكتور مادس غيلبرت أن يرقرق دموع أكثر من ثلاثة آلاف شخص حضروا محاضرة نظمت له في العاصمة الأردنية عمان عرض خلالها بعض الصور القاسية التي التقطها شخصيا أثناء مشاركته في علاج المصابين من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في الصيف الماضي.
    وعرض على الحضور في أحد الفنادق الواقع المؤلم في قطاع غزة جراء الاعتداء الاسرائيلي الذي دام 51 يوما.
    وتحدث غيلبرت عن تجاربه الشخصية في عمليات إنقاذ الأرواح الفلسطينية منذ عام 1981، التي وصف فيها المعاناة الحقيقية لأهالي قطاع غزة وحال المستشفيات التي تحولت لمسالخ بشرية عندما كانت تقصف من الجو والبحر والبر وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها، في حين كان العالم بأسره يقف مكتوف الأيدي متفرجا على ما يحدث.
    وأكد غيلبرت الذي تطوع للعمل في غزة خلال الهجمات الأربع الماضية، أن مجموعة صغيرة من المواطنين يمكنهم تغيير العالم، مبينا ان غزة تعلم الحياة، وذلك قبل أن يعرض المشاهد المؤثرة للشهداء والمصابين من الأطفال والنساء، التي جعلت أكثر من ثلاثة آلاف شخص في القاعة المعدة أصلا لاستيعاب 1200 شخص فقط، يتأثرون بشكل كبير وتفيض دموعهم حزنا وألما.
    وتساءل الطبيب النرويجي المؤيد للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي، هل خرج القادة العرب في مسيرات منددين بالارهاب الاسرائيلي البشع، مثل التي خرجت في باريس مؤخراً ردا على الاعتداء على صحيفة «تشارلي إيبدو» التي أساءت في رسوم كاريكاتورية للنبي محمد ؟ هل تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وندد ببشاعة الجريمة مثلما تدخل في الأزمة العراقية والسورية وغيرها من أزمات العالم؟.. هل خرج الاتحاد الأوروبي مهددا مثلما حدث عند بداية الأزمة الأوكرانية؟.
    واعتبر أن هذا كله نفاق وازدواجية في المعايير وأخلاقيات سيئة تؤكد نظرية «إذا كانت بيدك القوة افعل ما تريد»، مبينا أن الجميع في العالم كان يعرف ما يحدث في قطاع غزة من ظلم أوباما وطغيان (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو وعدم مبالاة القادة العرب.
    وأوضح الطبيب الانسان أن نجاح غزة في العدوان الاسرائيلي جاء نتيجة شبكتها الاجتماعية الصلبة التي تظهر قوة الأسرة وتمسكها بكرامتها كما تتمسك بالحياة.
    وهنا سرد بالصور قصة تمسك طفلة غزاوية بالحياة رغم أنها شهدت أربع حروب متتالية منذ نعومة أظفارها فقدت خلالها العديد من أفراد أسرتها. وكان يتابع حالتها شخصيا في كل مرة تصاب فيها، ولكنها ما زالت على قيد الحياة.
    وتحدث عن قصص أبطالها مسعفون وأطباء في مستشفى الشفاء بعلاجهم آلاف المصابين والجرحى رغم ضعف إمكانيات المستشفى وعدم صرف الرواتب لعدة أشهر ورغم الحصار، فلا يوجد شيء، لا كهرباء ولا ماء ولا مستلزمات طبية ولا علاجات، لا أسرة في غرف العمليات ولا معدات ولا أجهزة مراقبة للمرضى، فالأجهزة كلها مهترئة. ورغم ذلك كله لا يشتكون لإنهم أبطال، يقومون بعملهم دون تردد، إنهم كالمقاتلين في الحرب يواجهون أي تحد بثبات غير متصور.
    وقال غيلبرت إن الاجتياح البري لغزة والقصف الجوي والبحري نتج عنه «أفواج وقوافل من الإصابات ممزقين ينزفون يرتعشون يموتون، كل أشكال الجرحى من الفلسطينيين من مختلف الأعمار كلهم مدنيون كلهم بريئون».
    الشجعان من طواقم سيارات الإسعاف ومن كوادر مستشفيات غزة كلها، كلهم يعملون على مدار الساعة، وردياتهم تطول من 12 وحتى 24 ساعة، ألوانهم شاحبة من التعب ومما يشاهدونه من مناظر لا إنسانية، هم يقدمون الرعاية ويحاولون ترتيب الأولى بين الحالات التي تتوافد عليهم وبشكل عشوائي، اعداد من الجثث ومن الأطراف المبتورة مقسمة إلى قطع بأحجام مختلفة. وجرحى بعضهم يتحرك، وآخرون لا يستطيعون التحرك، بعضهم يتنفس، بعضهم لا يتنفس، بعضهم ينزف، وبعضهم لا ينزف». واضاف «أحترم هؤلاء الجرحى إحتراما بلا حدود، فلديهم القدرة على تمالك أنفسهم رغم الآلام رغم الأوجاع ورغم هول الصدمة».
    وأضاف غيلبرت «شهادتي على صمود الفلسطينيين تمنحني القوة، ولكن احيناً أشعر بأنني أريد أن أصرخ، أن أحضن أحد بشدة وأبكي، عندما أشم رائحة الجلد والشعر المحروق على جثة الطفل الدافئة المغطاة بالدماء.. أريد أن ألقي نفسي بأحضان قوافل الشهداء منهم لأحمي نفسي، ولكن لا وقت لدي لأقوم بذلك وكذلك هم لا وقت لديهم».
    وشبه غرف العمليات في المستشفى بالمسالخ التي تملئها الأشلاء والجثث والدماء، ومستنقعات من الدماء في قسم الطوارئ، والكثير من الشاش المغطى بالدماء. وقال «وفوق كل هذا نسمع آلة الحرب الإسرائيلية لتعزف سمفونيتها المرعبة مرة أخرى، زحف المدفعية على الشاطئ القريب، وزئير طائرات ف 16، زنين الطائرات بلا طيار تحوم حولك وتسمع مراوح الأباتشي المحيطة والطائرات الطنانة». وتأسف غيلبرت على عرض الصور المؤلمة للشهداء والمصابين ولكنه قال: «عليكم أن تعرفوا أن هذا ما أحمله في عيوني أينما ذهبت».
    وأشار إلى أن إسرائيل اتبعت في عدوانها على قطاع غزة «مبدأ الضاحية» (الضاحية الجنوبية من بيروت) وهو مبدأ مخالف للأعراف والقوانين الدولية وتنص على تدمير أحياء سكنية برمتها وتهديمها والقضاء على البنية التحتية وقتل أكبر عدد ممكن من البشر كعقوبة جماعية في حال صدرت من تلك المنظقة أعمال مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.
    وهنا قص الطبيب النرويجي على الحضور تجربته مع عدد من «لجنة التضامن النرويجية» خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتحدث عن تعرفه على الطفل خليل الشجاع- كما أراد أن يسميه- وهو طفل فلسطيني لاجئ كان يعيش مع والدته في مخيم صبرا، حيث اصيب الطفل وهو في يد أمه بقنبلة سقطت بالقرب منهما تسببت باستشهاد الأم وبتر اليد اليسرى للطفل.
    وبعد اسبوع من الحادث المؤلم أصر خليل على تضميد يده بنفسه قائلا للطبيب المعالج «أرجوك لا تخدرني كي لا أفقد وعي وعلمني كيف أقوم بتضميد جراحي». اصبح وقتها هذا الطفل مصدر الهامي وإلهام المستشفى بأكمله، فقد كان ينظف سريره بنفسه ويرتب الشراشف ويغني للمقاومة.
    وقال غيلبرت وهو يعرض الصور الخاصة للطفل الجريح «علمني هذا الطفل أنه خلال عملي لا أبحث عن أماكن الضعف لدى المصابين والجرحى، بل عن أماكن القوة وأساعدهم عن البحث عن قدراتهم».
    وختم الناشط النرويجي محاضرته التي تواصلت لأكثر من ساعتين بقوله: إن أي أمة محتلة في العالم تتمتع بحق الدفاع عن أرضها بأي أسلحة تراها مناسبة… الصمود، الكرامة، النجاة، غزة تعلمك الحياة يا سيدي».
    وبعد ذلك تهافت الجماهير على الطبيب والناشط النرويجي لتوقيع كتابه «عيون في غزة».

    منير شفيق يكتب: في ذكرى ثورتَيْ تونس ومصر

    في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات انتصرت الثورتان التونسية والمصرية بالإطاحة بكلٍ من زين العابدين بن علي وحسني مبارك على التتالي. وبدا كما لو أن موجاً ثورياً شعبياً راح يتململ من المحيط إلى الخليج وكان الشعار الذي ساد وشاع هو شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".
    لا شك في أن مجريات الأحداث في كل من تونس ومصر، كما السرعة التي حُسِمَ فيها الصراع بتحقيق مطلب إسقاط النظام، جاءت مفاجئة للجميع، وأولهم الشباب الذين بدأوا التظاهر إذ لم يتوقعوا أن تتحوّل تظاهراتهم التي لا تتعدّى المئات أو آلاف في أكثر التقديرات تفاؤلاً، إلى أنهار من مئات الآلاف والملايين.. ثم تتحوّل إلى ثورة بعد أن فشلت الأجهزة الأمنية في كلا البلدين في قمعها. فأوكل أمر تفريق الحشودات إلى الجيش.
    وبعيداً عن تفاصيل الحالتين التونسية والمصرية تدّخل الجيش بعد أن أصبح من غير الممكن أن ينجح حيث فشلت الأجهزة الأمنية التي كانت تفوقه عديداً وخبرة، فاتجهت قيادتاه إلى طلب التنحي من الرئيس وبهذا حُسِمَ الصراع في مصلحة الشارع من ناحية إسقاط رأس النظام، وأُعلِنَ عن انتصار الثورتين ودخول كل من مصر وتونس مرحلة انتقالية لإحلال نظام جديد مكان النظام الذي سقط.
    في تفسير الانتصار السريع للثورتين التونسية والمصرية لا بدّ من أن يُلاحظ عاملان أو ظرفان سمحا باندلاع الثورتين وانتصارهما.
    الأول: حدوث اختلال كبير في ميزان القوى العالمي والإقليمي مع نهاية العام 2010 تمثل في تراجع كبير للسيطرة الأمريكية نتيجة فشل إدارة جورج دبليو بوش في مشروع بناء شرق أوسط كبير للسيطرة الأمريكية نتيجة فشل الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق بفضل ما واجهه من مقاومة وممانعة داخلية، وفشل حربَيْ العدوان الصهيوني –الأمريكي على كلٍ من لبنان تموز/يوليو 2006 وقطاع غزة 2008/2009، وقد تَوّج ذلك باندلاع الأزمة المالية العالمية 2008. وقد صاحَبَ ذلك بروز قوى دولية وإقليمية منافسة: روسيا والصين والهند والبرازيل وتركيا وإيران وجنوبي أفريقيا.
    هذا الاختلال في ميزان القوى العالمي الذي تمثل من خلال التراجع الكبير للسيطرة الأمريكية عالمياً وإقليمياً أدّى إلى اختلال هام في قوّة محور الاعتدال العربي وهيبته. وقد كان راهنَ خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين على نجاح المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد كما على نجاح حربَيْ العدوان الصهيوني على كلٍ من لبنان وقطاع غزة. الأمر الذي زعزع أنظمة المحور المذكور ولا سيما مصر حسني مبارك وتونس زين العابدين بن علي.
    هذا العامل أو الظرف العالمي – الإقليمي – العربي أوجَدَ المناخ المناسب لاندلاع ثورات. لأنه أدّى إلى زعزعة النظام العربي الذي تأسّس منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وتكرّس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكاد أن يتكرّس أكثر لو نجح مشروع إقامة نظام عالمي جديد أحاديّ القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي 1991 (وقد فشل فشلاً ذريعاً خلال عهدَيْ جورج دبليو بوش).
    أما العامل الثاني، أو الظرف المناسب لنجاح الثورتين التونسية والمصرية، فقد تمثل في شيخوخة النظامين وفقدانهما تلك القوّة التي تمتعا بها طوال الثلاثة عقود تقريباً. إن شيخوخة النظام، واضطراب القدرة على الحكم يشكل شرطاً أساسياً لاندلاع الثورة وانتصارها. فالكل يذكر أن نظامَيْ حسني مبارك (على الخصوص) وزين العابدين بن علي كانا يبحثان عن التوريث. أي كان النظامان يستعدان لتسليم قيادة البلاد لرئيسين جديدين.
    إن التقاء الاختلال في ميزان القوى العالمي والإقليمي- العربي وشيخوخة كل من النظامين يسمحان بتفسير اندلاع الثورتين وانتصارهما. ويسمحان بتفسير الدور الذي لعبه الجيشان المصري والتونسي ولا سيما الجيش المصري الذي لم يكن راضياً عن مشروع حسني مبارك لتوريث جمال مبارك.
    وكذلك يسمحان بتفسير عجز أمريكا عن التدخل لإنقاذ أهم حليفين لها ويسمحان بتفسير الارتباك العام الذي أصابَ دولاً كثيرة، كبرى وإقليمية وعربية، في التعاطي مع الثورتين المصرية والتونسية وقراءة أبعادهما وتداعياتهما.
    يكفي أن نقارن كيف كانت أمريكا تتصرف عندما ما كانت صاعدة وفي عنفوان هيمنتها. وهنا يحضر على سبيل المثال ما حدث في إيران في أوائل الخمسينيات حين أطاحت بمصدّق. ولم تسمح بزعزعة نظام الشاه أو سقوطه.
    ولعل ملاحظة أهمية حدوث اختلال في ميزان القوى العالمي والإقليمي على حدوث ثورة ونجاحها، هو ما حدث عندما هُزِمت أمريكا في فييتنام 1976 وأخذت بالتراجع أمام مدّ سوفياتي وصل إلى قلب الأوضاع في أفغانستان وامتدّ إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا والبلاد العربية. ففي هذه اللحظة من اختلال في ميزان القوى العالمي والإقليمي تشكل ظرف مناسب لنجاح الثورة الإسلامية في إيران، حيث أيضاً توافقَ هذا الاختلال مع شيخوخة نظام الشاه. وهو ما يُفسّر عجز أمريكا عن التدخل لإنقاذ الشاه. مما دفع البعض إلى التجني على الثورة الإسلامية باتهامها أن أمريكا كانت راضية عنها كما حدث في اتهام الثورتين المصرية والتونسية حيث فُسِّر العجز وعدم القدرة على التدخل في ظرف محدّد، بأنه تشجيع للثورة.
    لهذا يمكن تفسير اندلاع عدد من الثورات الكبرى المعاصرة ونجاحها بملاحظة الاختلال في موازين القوى العالمية والإقليمية ودخول النظام المعني بمرحلة الشيخوخة. وهذا طبعاً لا يُقلل من أهمية الدور الذاتي للثورات وقياداتها في تأمين النجاح والانتصار. ولكن هذا العامل له حديث آخر وفقاً لكل حالة من حالات الثورة.
    عندما تندلع تظاهرات شعبية وتتحوّل إلى مئات الألوف أو الملايين وتُطيح برأس النظام وتدخل مرحلة انتقالية من أجل تحقيق أهداف الثورة، يصح أن تُسمّى ثورة لأنها تكون قد أسقطت النظام السابق الراسخ ووضعت البلاد على أعتاب مرحلة انتقالية، أو أعتاب تغيير، لتأسيس نظام حكم جديد. فهي تحمل لقب ثورة عن جدارة، بغض النظر عما سيتلو من تطوّرات. فالثورة تُحدَّد بما أنجزته ولا تُحدَّد بما سيحدُث لاحقاً. والذي سيحمل بدوره الوصف الذي يليق به أكان ثورة جديدة، أم كان حرباً أهلية وفوضى، أم كان ثورة مضادة، أم كان حالة مركبة بين هذا وذاك.
    هنالك من يُعطي تعريفاً للثورة لا ينطبق إلاّ على ثورة معينة تحمل سمات محدّدة، وهو بهذا يُخرِجُ عشرات الثورات من تعريفه، بما في ذلك الثورات التي تفشل. فما يجمع تعريف الثورة إنما هو تعريف عام وفضفاض يشمل حتى الثورة التي تفشل، مثلاً ثورة الكومونة في باريس 1870 أو ثورة 1905 في روسيا أو ثورة خرداد 1963 في إيران، ومن ثم ما من شعب إلاّ وله ثورات ناجحة وأخرى فاشلة ولكنه أصرّ على تمجيدها واعتبارها ثورة كذلك.
    إعطاء تعريف للثورة بأنها انتصرت، كحالة الثورتين المصرية والتونسية، لا يرتبط بالمآلات اللاحقة، ففي الواقع هنالك ثورات آلت بعد انتصارها إلى فوضى ومقاصل ثم إلى إمبراطورية كما حدث مع الثورة الفرنسية الكبرى بعد 1789 أو كما حدث مع ثورة كرومويل في إنكلترا 1864، أو إلى حرب أهلية لمدى سبع سنوات كما حدث مع الثورة البلشفية في روسيا 1917، أو تحوُّل قيادتها من لينين إلى ستالين 1924.
    ولهذا فإن الذين يهزأون من ثورَتَيْ مصر وتونس بسبب ما عرفناه من تطورات أو بسبب ما آلت إليه الأوضاع العربية في أكثر من بلد عربي، وبروز ظواهر سلبية أو دموية أو تكفيرية، أو ما يمكن أن يحدث من تفتت وحروب أهلية، فهؤلاء يحكمون على الثورة بمآلات معينة، فيهزأون منها أو يُشككون بها ويُسقِطونَ عنها صفة الثورة. وهم بهذا على خطأ. لأن المعيار الذي استندوا إليه يُسقِط سمة الثورة عن أغلب ثورات العالم. فكم من ثورة سقطت في الفوضى والحروب الأهلية، ولم تتبع مباشرة بالنتائج المرجوة.
    من هنا يجب أن تبقى ذكرى ثورَتَيْ مصر وتونس، وما يدخل في سياقهما من ثورات شعبية سلمية، حيّةً تستحق كل تمجيد وإكبار لما أنجزته، ولما فتحته من آفاق عراض بعضها أُغلِق، وبعضها أُبعد، وبعضها ما زال مفتوحاً على المستقبل. فما أنجزته ثورتا مصر وتونس كان عظيماً، إذ طُويَ عهدان حملا إلى جانب الاستبداد والفساد تبعية للخارج، وتواطؤاً على المقاومة مع الكيان الصهيوني في حربَيْ 2006 في لبنان و2008/2009 في قطاع غزة. وهو ما يجعل طيّ صفحتيهما إنجازاً ثورياً كبيراً، فمرحى وتحية لهما من ثورتين كُبْرَيَيْن، وانحناءة إكبار لشهدائهما وجرحاهما وللأسر المكلومة ولكل من بذل دماً وجهداً في انتصارهما.

    زهير كمال يكتب: دور الفرد في التاريخ

    هل من المهم مثلاً أن نعرف اسم رئيس الجمهورية الذي حكم بعد جيمي كارتر في الولايات المتحدة أو رئيس الوزراء الهندي الذي جاء بعد راجيف غاندي أو رئيس الوزراء الذي تلا مارغريت تاتشر في بريطانيا.
    في دول المؤسسات الديمقراطية التي تتداول فيها السلطة سلمياً يتناوب الأفراد على تولي المنصب الأول وقد يكون بعضهم أفضل من غيره في خدمة شعبه فيذكرونه بالخير وقد يترك أثراً ما فيذكره التاريخ، وقد يكون أسوأ، مثل جورج بوش الابن الذي ورط الولايات المتحدة في حربين ووضع الاقتصاد الأمريكي على حافة الإفلاس ، ولا نستطيع القول سوى أن خلفه اوباما قد قام بواجبه كفرد في مؤسسة وأي رئيس آخر من الممكن أن يقوم بعمله، فالنظام يقوم بإصلاح نفسه وتعديل مساره.
    وبعد عشرين أو ثلاثين عاماً لن يتذكر أحد ما قام به اوباما لإصلاح اقتصاد بلاده.
    مثل آخر ، وضع الناس أيديهم على قلوبهم عندما استلم حزب جاناتا، اليميني المتطرف، السلطة بدلاً عن حزب المؤتمر، الذي حكم البلاد لمدة طويلة بعد أن قادها نحو الاستقلال، وخافوا على الديمقراطية الهندية أن تنتكس، ولكن ثبت بالتجربة أنها أقوى من الأفراد والأحزاب.
    ولا يتذكر أحد الآن حزب جاناتا أو اسم رئيسه في تلك الفترة فقد كانت لحظة عابرة في تاريخ الهند.
    يمكن أن نستخلص أنه في دول المؤسسات التي أصبح لها مسار ديمقراطي ثابت لا وجود لفرد يمكن أن نطلق عليه اسم المخلّص أو المنقذ أو الزعيم الملهم الذي لا يشق له غبار.
    عندما تتناول أوضاع الشعوب الأخرى التي تريد الوصول الى هذه الحالة المستقرة أو عند النضال للخلاص من استعمار دولة أخرى فهذا يعني حالة الثورة.
    هنا يختلف الحال.
    أحد تعريفات الثورة أنها حالة وعي ونهوض لكامل قوى الشعب الحية لتغيير واقعها الفاسد بعد أن وصل الوضع الى درجة لا يستطيع شخص بمفرده أو مجموعة صغيرة تغييرها.
    أحد تعريفات الثورة أيضا، أنها الفوضى الشاملة حيث تفلت الضوابط وتنتهي المعايير القديمة المنظمة للمجتمع والتي تناسب الحاكم، أو المستعمر ، فالشرطة والجيش يصبحان هدفاً مشروعاً للقوى الثورية.
    ويعتمد نجاح الثورة في تحقيق أهدافها على تحويل الفوضى الشاملة الى حركة منظمة يقودها حزب يرأسه قائد من أهم صفاته أنه يستلهم تطلعات شعبه، ويستطيع من خلال إدارة ذكية تحويل الزخم الجماهيري الى قوة يحسب حسابها تستطيع التغلب والانتصار على النظام القديم. 
    ضمن مهامه أيضاً أنه يعمل على تقوية واستمرار الزخم بفعل شخصيته القوية وبوصول أفكاره المعبرة عن أهداف الشعب الى كافة الثوار بحيث تدفعهم الى القيام بواجباتهم بشجاعة تصل الى حد التضحية بأنفسهم من أجل المصلحة العامة . 
    واذا لم يتوافر هذا الشرط ، وجود قائد وحزب، تفشل الثورة وتصبح تراثاً جميلاً وذكريات كفاح وتضحية .
    في الثورة الفرنسية لم يكن هذا الشرط موجوداً ولم تستطع كل الشخصيات الثورية المشهورة أمثال دانتون وروبسبير وغيرهم تقمص شخصية الشعب وتكوين حزب ينظم الفوضى المنتشرة. وهكذا استطاع شخص أناني وطموح الوصول الى السلطة ، لم يكتف بلقب ملك وإنما أصبح الأمبراطور نابليون، ولم يبق من الثورة إلا شعاراتها البراقة : حرية، إخاء ومساواة .
    والى حد ما سارت ثورة 25 يناير 2011 المصرية على نفس الطريق فلم يستطع شباب الثورة تكوين حزب في الوقت المناسب ولم تبرز أية قيادة تستلهم وتتقمص شخصية الشعب الثائر.
    وفي زمن قياسي استلم فرعون آخر السلطة وتحولت شعارات الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية الى ذكريات جميلة.
    ولكن الى أجل قصير، فنحن نعيش عصر الشعوب وما زالت الأسباب المؤدية للثورة موجودة. وبينما استطاع نابليون إشغال الشعب الفرنسي بالحروب في اوروبا وخارجها،
    لا يستطيع فرعون مصر السير على خطاه وحربه على الإرهاب إنما هي مزحة كبيرة لا يستطيع خداع شعبه بها.
    أما في حالة وجود قائد أو زعيم ثوري فإن لينين، ماو تسي تونج، هوشي منه، كاسترو، غاندي ومانديلا أمثلة على أفراد دخلوا التاريخ من أوسع ابوابه.
    في الحديث عن لينين مثلاً تفسر الماركسية دور الفرد في التاريخ ووجود زعيم فرد أنه لو لم يوجد لينين لأوجده الشعب الروسي.
    وأن الزعيم يؤثر في الجماهير ويتأثر بها.
    ولكن في تلك الفترة التاريخية الهامة في حياة الشعب الروسي وثورته من كان يستطيع قيادة الثورة بالطريقة التي سارت بها رغم وجود عدد كبير من الأسماء اللامعة.
    وعندما ننظر من بعيد الى مجرى حياة هذه الشخصيات الهامة ومصيرها نجد أن الوحيد الذي كان مؤهلاً لقيادة الثورة هو لينين فقط. ولعل الموقف من صلح بريست ليتوفسك والتنازل عن أراض روسية للألمان خير دليل على بعد أفق الزعيم وقدرته على تحليل الموقف وجرأته في اتخاذ القرارات المؤلمة التي لا يستطيع سواه اتخاذها.
    في الحديث عن غاندي مثلاً كان الوحيد من بين رفاقه الذي تمسك بسياسة اللاعنف حتى النهاية وبينما كان رفاقه يتألمون ويريدون الإنتقام من المذابح التي تقوم بها بريطانيا ضد الشعب الهندي الأعزل، ظل مصمماً على رؤياه واستطاع انتزاع استقلال الهند.
    في الحديث عن ماو تسي تونغ ، من كان يستطيع أن يؤجل الهدف الذي قامت من أجله الثورة وهي القضاء على تشان كاي تشك وحزبه الكومنتانج بل وصل الأمر الى التحالف معه من أجل دحر الغزو الياباني، ثم من كان يستطيع إقناع وفرض الزحف الطويل على الثوار.
    بل ان ماو وبعد أن اصبح حاكماً للصين أدرك بحدسه الثوري أنه للتخلص من الإرث الطويل في التفكير التقليدي لعامة الشعب الصيني والماضي المكبل لنهضة الصين وتقدمها قام بإطلاق الثورة الثقافية وهي أساس نهضة الصين اليوم.
    أمثلة ثلاثة عن أفراد تميزوا والحديث يطول عن أمثالهم ولكن تجمع كل هؤلاء المتميزين صفات مشتركة منها قوة الشخصية والإرادة والثبات على تحقيق الهدف بالإضافة الى رهافة المشاعر والأحاسيس ، فمنهم المنظرون ومنهم الشعراء ومنهم الكتاب.
    وعندما نقيس على عالمنا العربي نجد أن الشعوب العربية لم يتوافر فيها أفراد بمثل هذه الصفات المميزة حتى هذه اللحظة في التاريخ المعاصر .
    إذا أخذنا مثلاً شعب فلسطين كمثل على الشعوب العربية، كان طرح الدولة الفلسطينية العلمانية حيث يعيش فيها العرب واليهود جنباً الى جنب طرحاً خلاقاً في بدايات الثورة عام 1965 ، ولكن قيادات الثورة الفاعلة لم تكن تؤمن بهذا الطرح التقدمي ولم تكن تتمتع ببعد الأفق والنفس الطويل فوجدناها تعقد الصفقات من خلف ظهر الشعب الفلسطيني بحجة الواقعية والتعقل و(رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه). والنتيجة طريق مسدود ومزيد من الضياع ومزيد من الضحايا.
    حتى في انتفاضات جزئية فيما يعرف بالضفة الغربية من فلسطين فقد تآمروا عليها مرتين وأجهضوا الثورة الشعبية التي وصلت في الانتفاضة الثانية الى تحقيق خسائر في صفوف العدو مماثلة لخسائر الشعب الفلسطيني.
    كانت كل انتفاضة قادرة على انتزاع الاستقلال لشعب الضفة الغربية. ولكن القيادة كانت أوقعت نفسها في الفخ بسبب ضحالة التفكير وسوء التحليل وكانت كمن يضع رأسه في فم الأسد ثم يطلب منه أن يفكر بروية وهدوء وهذا أمر غير واقعي.
    أوضاع العالم العربي اليوم غير مستقرة فهناك حروب أهلية في عدد منها وفي الباقي جمر تحت الرماد تكفي رياح خفيفة لإزالته واشتعال النار من جديد، ومشاكل كل قطر هي نفسها في الأقطار الأخرى، فالفقر والتخلف والمرض يزداد ويحاول الأعداء إشعال الفوارق العرقية والدينية والمذهبية لإغراق المنطقة في مستنقع أوحال لا تستطيع الفكاك منه.
    ويكمن الحل الصحيح في نشوء أحزاب وظهور أفراد تؤمن بالوحدة العربية وبحكم ديمقراطي شفاف. وهذا أمر لن يكون بعيداً فقد ظهر غاريبالدي فوحد إيطاليا وظهر بسمارك فوحد الأمة الألمانية وقد حان الوقت لأن يهتدي المثقفون العرب لإبراز هذه الفكرة والدعوة لها مما يمهد لظهور أحزاب وقيادات قادرة على شق الطريق نحو المستقبل.
    الفجر دائماً قادم.

    المفكر القومى محمد سيف الدولة: لماذا قتلتنى؟

    لم افعل شيئا سوى اننى اشتريت بوكيه ورد وذهبت لأضعه على قبر الثائر المجهول فى ميدان التحرير، قبر مينا والجندى والشيخ عفت وجيكا و ابو ضيف وشيماء وآلاف غيرهم.
    أردت أن أطمئن بأن الثورة لم تمت، وأن دماء الشهداء لم تذهب هدرا. أردت أن أسترد بعض الأمل الذى ضاع. أردت أن أعيش ولو للحظة واحدة أجواء أيام الثورة، وأن أبحث عن نسمة باقية من رائحة الميدان الحقيقية، وأن استدعى روح البراءة والتضحية والوحدة والصمود والانتصار، فآخر مرة ذقت فيها طعم النصر كانت فى 11 فبراير 2011.
    وحين حذرتنى أمى من الذهاب خشية من ان يصيبنى اى ضرر، وقالت لى هل رأيت ما حدث لسندس بالأمس، البنت كان عمرها 17 سنة، يعنى طفلة، لم تخرج من البيضة بعد، ومع ذلك قتلوها. ارجوك يا حبيبتى، لا تذهبى، حرام عليك أمك، سأموت من القلق حتى تعودى، ارحمينى وارحمى قلبى.
    فضحكت من قلقها، وأخذتها فى حضنى، وقلت لها يا أمى لا تخشى شيئا و لا تخافى علىّ، فهم لا يقتلون سوى الإرهابيين، ونحن السلمية تشع من شكلنا.
    او يضربون الاخوان، ونحن اشتراكيون.
    أو يضربون من يرفض 30 يونيو، ونحن جزء منها ونؤيدها.
    و نحن حزب شرعى، تدعوه الرئاسة فى كل اجتماعاتها مع الأحزاب. بل أن رئيس حزبنا الاستاذ عبد الغفار شكر، اختارته الدولة وعينته فى منصب نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان التابع للحكومة.
    أو هم يضربون المظاهرات الكبيرة، ونحن لا تتعدى اعدادنا بضعة أفراد قليلة.
    وهم يقلقون من المندسين، وانا كما ترين لا يمكن ان اكون مندسة او خلية نائمة، فأنا كما ترين بنوتة صغيرة غير محجبة، شكلى لا يمكن أن يقلق أو يخيف أحدا. 
    كما انهم يعلمون كل شئ قبل ان يحدث، فإجتماعاتنا ومكالمتنا وترتيباتنا كلها معلومة ومرصودة، وملفاتنا كلها عندهم، عارفين كل تفصيلة عنا، ويعلمون جيدا اننا لا نهدد أحدا ولا يمكن أن نمثل خطرا عليهم. ولو كانوا يريدون منعنا، كانوا سيبلغون الاستاذ عبد الغفار. الا ان كانوا يبيتون لنا سوءا، ولكننى أظنهم أذكى من ذلك، فلا تخافى، خير ان شاء الله.
    خذى بالك أنت فقط من ابنى، وأعدك انى سأعود فورا، مسافة السكة، على رأى السيسى (ههه). سأجرى لأقابل الجماعة لنضع الورد، وارجع لك فورا، كلها نصف ساعة ليس أكثر.
    هذا ما قلته لأمى وهذه حكايتى، فكيف تقتلنى، وتوجع قلب أمى وأهلى وزوجى وتيتم ابنى؟
    تعدمنى بدون تحقيق ولا محاكمة، وتعدم روح عائلة بأكملها وتقلب حياتها رأسا على عقب، وتزرع داخلها كل هذا الحزن والقهر الذى لن يغادرها ابدا. فهم لن يشعروا أو يروا السعادة والراحة مرة أخرى فى حياتهم.
    تقتلنا يا رجل؟ طيب كنت تضربنا، تقبض علينا، تحبسنا سنة أو ثلاث، لكن قتل يا ظالم يا مفترى، روح منك لله. 
    وان كنت تفعل كل هذا معنا ونحن اعضاء فى حزب قام بدعمك و تفويضك، فماذا ستفعل مع باقى المتظاهرين غدا فى ذكرى الثورة؟ يا خوفى عليكم يا شباب، يا خوفى عليك يا مصر.
    آه لو كنت علمت بحقيقتك منذ البداية، كانت أشياء كثيرة قد تغيرت فى أفكارى و مواقفى.
    وأنت يا أمى، سامحينى، ولا تغضبى منى، لم يخطر على بالى أبدا أن هذا يمكن أن يحدث. ربنا يصبرك، والبركة فيك. ووصيتى لك بلال ابنى و أسامة زوجى وحبيبى. وأخبريه اننى أحبه وفخورة به وممتنة له. ولن أنسى أبدا حمله لى ومحاولته انقاذى، ولن أنسى حجم الحزن والأسى والقهر والشعور بالعجز الذى رأيته فى عينيه وأنا أموت بين يديه. 
    *****

    المفكر القومى محمد سيف الدولة: المسكوت عنه فى مملكة آل سعود

    الأضواء المسلطة اليوم على السعودية بسبب رحيل الملك عبد الله، قد تمثل فرصة نادرة للتذكير بالمعلوم المسكوت عنه فى المملكة قبل ان تخبو الأضواء أو تنتقل الى قضايا وملفات اخرى فى الواقع العربى والاقليمى الممتد والمعقد.
    ***
    لا يقتصر دور الملوك فى السعودية على خدمة الحرمين الشريفين، بل أن من أهم أدوارهم قبل ذلك وبعده، هو إبقاء الحكم داخل آل سعود، وحماية مكانة و ثروات العائلة من طمع العوام من الشعب السعودى، ومن حسد وحقد الشعوب العربية الفقيرة.
    وهم يعيشون فى هذا الترف البالغ وسط عالم عربى يموج بالفقر الذى سببته عقود طويلة من الاستعمار ونهب الثروات والتقسيم والتجزئة. وهم ينأون بأنفسهم عن مشاكله واحتياجاته وقضاياه وصراعاته الرئيسية، الا فى حدود حفظ ماء الوجه.
    بل انهم يقيمون جدارا عازلا حديديا حول بلادهم، فى مواجهة المواطنين العرب الحالمين بعقد عمل هناك قد يحقق لهم طفرة مالية وإجتماعية. فان منحوهم تأشيرات للعمل، فإنهم يفعلونها وكأنها يمنحونهم صكوكا لدخول الجنة. ويعكس نظام الكفيل المطبق فى السعودية والخليج حجم الخوف والعنصرية والاستعباد التى تسيطر عليهم تجاه باقى الشعوب العربية.
    انهم من ألد أعداء كل أشكال ومشروعات التضامن أو الوحدة العربية، لأنهم يخشون مشاركة ثرواتهم مع باقى الشعوب العربية الفقيرة الجائعة بدعوى العروبة أو الاسلام .
    ان الذين يؤمنون بوحدة الامة العربية وبوحدة الشعب والأرض والإمكانيات، ينظرون الى استئثار العائلات المالكة الحاكمة فى السعودية والخليج دونا عن باقى الشعوب العربية، على انها أخطر وأعمق ظاهرة استغلال وصراع طبقى فى المجتمع العربى.
    ***
    وبسبب خوفهم الشديد على الحكم والعرش و الثروة، وخوفهم من الجيران والطامعين وخوفهم من كل ما هو جديد او ثورى او حتى اصلاحى، عملت العائلة على مر العقود على تفريغ موسم الحج من أهم وظائفه؛ فالحج الذى كان يمكن أن يكون بمثابة مؤتمرات سنوية للمسلمين من كافة شعوب الارض يتداولون خلالها فى شئون حياتهم وبلادهم وقضاياهم، ويمثلون اكبر جماعة ضغط فى العالم...الخ، قاموا بتفريغه من اى مضمون وحدوى او تضامنى او تفاعلى.
    وفى ذات المقام، ورغم ان الجزيرة العربية هى مهبط الرسالة، وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاملة راية الاسلام الى كل شعوب الأرض منذ 14 قرن، الا انه لا يوجد دور يذكر للمملكة منذ تأسيسها فى مجال الاجتهاد والإنتاج والابداع الفكرى الاسلامى، بل انها تحتضن نخبة من اكثر المشايخ محافظة وأكثر الأفكار رجعية، مع خالص تقديرنا واحترامنا لعديد من العلماء والمفكرين هناك.
    ***
    والنظام العائلى الملكى الحاكم فى السعودية يعادى حتى النخاع كل ما يتعلق بالحرية والديمقراطية والعمل السياسى وتداول السلطة والمؤسسات والانتخابات والمشاركة الشعبية فى الحكم وابسط حقوق الانسان، من حيث هى بدع ضارة! وهل يوجد بلد آخر فى العالم تمنع المرأة من قيادة السيارات ؟
    وبخلاف باقى المجتمعات الطبيعية، لا تنشأ الصراعات داخل العائلة، على اساس أيديولوجى أو سياسى مثل الاصلاح والجذرية، أو اليمين واليسار، او الاسلامى والعلمانى أو العسكرى و المدنى...الخ، بل ان الصراعات الرئيسية هناك، وفقا لبعض المراقبين، تدور بين الأبناء الأشقاء لأحد زوجات الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، فى مواجهة أبناء "ضرتها"، مثل جناح أبناء "حصة السديرى" والدة الملك الجديد سلمان والملك فهد والأمير تركي الثاني والأمير نايف. أو جناح أبناء "فهدة آل رشيد" والدة الملك الراحل عبد الله. أو جناح أبناء "الجوهرة بنت الأمير مساعد آل سعود" والدة الملك خالد. أو أبناء "ضحى بنت محمد الحسين العريعر" والدة الملك سعود و الأمير تركي الأول وهكذا.
    ***
    والعائلة المالكة هى ايضا خادمة أمينة للمصالح الغربية منذ زمن بعيد، منذ بدايات الحرب العالمية الاولى تحت رعاية بريطانيا العظمى، ثم الولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب العالمية الثانية. ويذهب بعض المؤرخين ان الامير عبد العزيز آل سعود، كان يتقاضى راتبا شهريا من بريطانيا ابان الحرب العالمية الاولى وما بعدها، مقابل دعمه لها فى الحرب وتفويضه للإمبراطورية فى كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية للجزيرة العربية وفقا للمنصوص عليه صراحة فى معاهدة "دارين" الموقعة بينهما فى 26 دبيسمبر 1915 .
    والمملكة مثلها كل امارات الخليج تتمتع منذ ذلك الحين بالحماية والدعم والرعاية الامريكية والغربية الكاملة للعرش ولحكم العائلة ولأمنها وامتيازاتها ونظامها.
    وتحتكر شركات النفط الامريكية بترول السعودية على امتداد ثلاثة أرباع قرن. كما تقوم المملكة بدور رجل امريكا الاول داخل منظمة أوبك، فتمكنها من التحكم فى السوق العالمى، لبسط نفوذها على الحلفاء أو فرض حصارها على الأعداء والمنافسين.
    وربما كان الاستثناء الوحيد، هو توظيف النفط كسلاح عربى فى حرب 1973. والذى لم يدم لأكثر من اسابيع قليلة، وهى الخطوة التى علق عليها احد المسئولين الامريكان بما معناه انه "ليس من الحكمة ان تتباهى الحملان بحلاوة لحمها امام الذئاب"!
    وهو ما كان تاريخا فاصلا بين عصر الصراع العربى الصهيونى وبين عصر السلام مع اسرائيل. أو بين يسمى عصر الثورة العربية وبين عصر الثروة العربية والبترودولار. وانتقال قيادة الوطن العربى من مصر الى السعودية والخليج.
    بالإضافة الى ذلك يأتى تعمير المصارف والبنوك الغربية بالثروات الطائلة للعائلة المالكة النابعة من عوائد النفط. والتى تقدر بأكثر من تريليون دولار. وهو ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.
    ويتصف الاقتصاد السعودى خاصة والخليجى عامة بكونه اقتصاد ريعى غير منتج. بالإضافة الى ما يشاع عن قطاع كبير من مواطنيهم من كرههم للعمل والإنتاج كقيمة انسانية فطرية. مما جعل بعض الخبراء يتنبأون بمستقبل شديد البؤس لهذه المجتمعات بعد نفاذ ثروتها النفطية.
    كما تقدم المملكة دعما اضافية للاقتصاد الغربى من حيث انها واحدة من اكبر الاسواق الاستهلاكية للسلع الغربية بالغة الترف والرفاهية مثل الطائرات الخاصة واليخوت والسيارات الفارهة. وهو ما ينطبق ايضا على صفقات السلاح بالمليارات التى تكهن بالمخازن ولا تستخدمها المملكة، فهى تترك مهمة حماية امنها القومى للولايات المتحدة الامريكية.
    وما يرتبط بذلك من حجبها لكل هذه الامكانيات المالية والمادية الهائلة عن القيام باى دور حقيقى فى دعم قضايا العرب القومية والتحررية فى مواجهة الانحياز والدعم الغربى الكامل لاسرائيل.
    ***
    وتساهم السعودية مع دول الخليج فى دعم الوجود الامريكى فى المنطقة بفتحها أراضيها للقواعد الامريكية. وقدمت خدمات ومساعدات لا حصر لها لتسهيل مهمة قواتها فى احتلال الخليج 1991 وغزو العراق 2003 وما بينهما وما بعدهما وحتى الآن.
    والسعودية هى صاحبة مبادرة السلام التى اعتمدتها جامعة الدول العربية فى 2002 فى بيروت، والتى تضمنت لأول مرة التزاما عربيا بالاعتراف باسرائيل ان هى انسحبت الى حدود 1967.
    ولقد كان للملكة بالمشاركة مع القادة الدوليين والإقليميين دورا كبيرا فى تغيير بوصلة الصراع فى المنطقة من صراع عربى صهيونى الى صراع سنى شيعى. كما أنها من أهم الرعاة الرسميين والأساسيين لكل صراع طائفى فى المنطقة، فى لبنان او العراق او سوريا.
    ولقد قامت السعودية أيضا بحكم المصالح والتداخلات، بدور كبير فى تعويق وإفشال الجهود العربية الشعبية والرسمية لمقاطعة البضائع الامريكية والأوروبية فى اطار دعم فلسطين.
    بل ظهر مؤخرا قيامها بنسج علاقات خاصة ومستترة مع اسرائيل فى مواجهة عدوهما المشترك المتمثل فى التطرف والإرهاب و المقاومة، كما شهد بذلك رئيس الوزراء الاسرائيلى ووزير الخارجية الامريكى.
    ***
    كما كانت المملكة رأس حربة اقليمي ضد الربيع العربى. وقامت بدور مركزى فى اسقاط او احتواء أو افساد غالبية الثورات العربية.
    ونجحت بإصرار وعناد لا يلين فى انقاذ الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك من ايدى الثورة المصرية. وفى انتزاع البراءة له هو وعائلته ورجاله من كل التهم الموجهة اليهم، ووضعت ذلك على رأس شروطها لدعم نظام السيسى.
    ***
    وللمملكة مساحات كبيرة من السيطرة والنفوذ فى السياسات الداخلية والخارجية لعديد من الاقطار العربية الفقيرة، باستخدام المنح والمعونات والقروض فى تناغم وتنسيق تام مع مؤسسات الاقراض الدولى تحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية.
    ولقد استطاع أثرياؤها ان يخترقوا عديد من الاسواق العربية، والحصول مع نظرائهم من دول الخليج على امتيازات اقتصادية خاصة شاركت مع رؤوس الاموال الغربية فى ضرب الاقتصاديات الوطنية للشعوب العربية.
    ***
    ورغم الموقف المعادى للمملكة من الفكر والثقافة والابداع والتقدم، الا ان أمراءها وأغنياءها استطاعوا رغم ذلك من فرض الاستحواز على الحصة الرئيسية فى الاعلام العربى الفضائى و الورقى، وتصدير رسائل اعلامية تابعة ومهادنة ومضللة ومتدنية. واستقطاب الآلاف من النخبة الاعلامية العربية. ورسم الخطوط الحمراء والخضراء لما يقال وما يحظر. وإبراز او حجب ما يريدوه من الشخصيات والقوى ومن الملفات والقضايا ومن الأفكار والرؤى والمواقف.
    *****

    وائل قنديل يكتب: المثقف القاتل في الدولة الفاشية


    العربي الجديد
    مرة أخرى، العجوز الليبرالي بوجه دراكيولا شاكيّاً من أن كمية العنف والقتل التي تستخدمها الدولة القمعية ضد معارضيها لا تكفي لكي تروي ظمأه للدماء.
    يقول طارق حجي، الليبرالي المزيف والذي لا يخفي ولاءه لواشنطن وتل أبيب، تعليقاً على مقتل شيماء الصباغ على يد الشرطة، إنها أخطأت، ومن ثم تستحق ما جرى لها، ثم يضيف في حوار تلفزيوني "أعيب على الشرطة عدم استخدام القوة بالقدر الكافي".
    لم يجب الذي يطلقون عليه "المفكر السياسي" عن السؤال: كم يكفيه من قوة القتل والبطش لكي يرضى عن أداء الشرطة؟
    وبالطبع، لن يجيب، كما أنه لم يجب عن سؤال مطروح عليه منذ سنوات بعيدة: إذا كانت تمارس الوصاية والمفهومية على الأداء البوليسي إلى هذا الحد، فلماذا لم تكمل دراستك في كلية الشرطة في ستينيات القرن الماضي، عندما كان شعراوي جمعة وزيراً لداخلية جمال عبد الناصر؟
    السؤال طرحه عديدون، أبرزهم رجل عبد الناصر وسكرتيره الشخصي لشؤون المعلومات، سامي شرف، في عام 2009، بالصياغة التالية: أرجو أن يعلن أي مسؤول رسمي لماذا فصل هذا الطارق حجي من كلية الشرطة، وكان مازال طالباً فيها؟ 
    وللعلم، الشركة التي كان يعمل فيها هي شركة شل البريطانية، وكانت موضع شك دائم من أجهزة الأمن المصرية بعد الثورة، حيث كانت هي المصدر لكثير من العملاء، سواء لبريطانيا أو للغرب أو للعدو الصهيوني. إنها مجرد تساؤلات بريئة، أتمنى أن نجد الإجابة عنها، ولا نتهم أحداً بذاته .. وشكراً". 
    سؤال سامي مشرف، المنشور على منتدى الفكر القومي منذ ست سنوات، لم يجد إجابة حتى الآن، غير أن "حجي الاستراتيجي" لا يزال يواصل صولاته وجولاته في التحريض على القتل لمن يختلف معهم، من غزة إلى القاهرة، فالرجل كاره لكل أنواع المقاومات بالسليقة، سواء مقاومة الاحتلال "الصهيوني"، أو مناهضة الانقلاب "العسكري"، كل ذلك وهو يرتدي زيّاً ليبراليّاً فاقعاً، يشبه مؤديّاً عديم الموهبة في سيرك كبير.
    لقد انتعشت فاشية طارق حجي، معلنة عن حضورها الطاغي مع مقتلة فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر، كما تألقت أكثر مع العدوان الصهيوني البربري على الشعب الفلسطيني في غزة، إذ، في الحالتين، كان يطلب مزيداً من القتل والوحشية، ففي رابعة، شن هجوماً على ما اعتبره تراخيّاً من الأمن المصري في التعامل مع المعتصمين، وتكرر الأمر في العدوان على غزة، حين لم يتورع، هو وآخرون، عن تحريض النظام المصري على مساندة العدوان الإسرائيلي.
    ويبدو الأمر مثيراً للانتباه، حين تجد أن غالبية أعضاء معسكر التطبيع مع إسرائيل، من نوعية طارق حجي، محرضون، في كل مناسبة، على قتل مناهضي التطبيع، وجمهور الثورات العربية أيضاً. أليس علي سالم جنرال التطبيع، هو الذي طالب بمساعدة الشرطة على قتل معارضي الانقلاب، مقترحاً أن تكون أقصى عقوبة للضابط الذي يقتل معارضاً أن يحرم من عطلة نهاية الأسبوع فقط؟
    غير أن هؤلاء من رموز الليبرالية المتوحشة لا يحيون إلا في بيئة سلطوية، تعتمد القتل والإبادة وسيلة وحيدة للحوار مع معارضيها، ولعلك تذكر أنه، قبيل فض اعتصام رابعة العدوية، بأيام، أذاع التلفزيون الرسمي المصري أن جماعة "القناع الأسود" أمهلت قوات الأمن المصرية، حتى عيد الأضحى، لفض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة، وبعدها ستتولى هي عملية القضاء على الاعتصام والمعتصمين، ولم ينطق أحد من مثقفي ومفكري الانقلاب الفاشيين بكلمة واحدة ضد هذا الجنون، ولم يقل أحد أن في ذلك تعديّاً على دور الدولة، دولة 30 يونيو/حزيران الرومانية العتيدة!