بقلم:رحاب أسعد بيوض التميمي
الاستفزاز المتلاحق من الصحيفة الفرنسية،وقبلها الصُحف الدنمركية،وبعدها الصحف الألمانية والبلجيكية وغيرهما من الصحف الغربية بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم قديم جديد.
لأن هزائمنا المتلاحقة من سياسة الغرب تجاه قضايانا بدئاً بالتأمر على دولة الخلافة العثمانية ﻹقامة كيان اليهود في فلسطين مروراً بتواطؤ من يتحكمون في رقابنا جعلت منا مكان للسخرية بكل ما نؤمن به ...
فالنظرة الغريبة للمسلمين أنهم أسياد،ونحن عبيد،لأن الحكام لا يُخفون ولائهم لأولئك الأسياد،إقراراً ودعماً منقطع النظيرعلى مختلف الأصعدة والاتجاهات،وانتصارا لهم في كل المواقف على حساب شعوبهم .
كنا من قبل ذلك نعيش فترة التأمر الخفي،المتغطي بالتقية والحذر من الحكام تجاه الشعوب،والذي جعل فئة كبيرة من الناس لا تؤمن بفكرة المؤامرة وترفضها تحليلاً على اعتبار أن المؤامرة شماعة يُعلق عليها الفاشلون هزائمهم وفشلهم...
أو ﻷن المؤامرة غير واضحة الأركان،لجهلهم ببداية ولادتها،وعدم متابعتهم بتفاصيل نموها وتكاثرها .
أو لأن الناس اعتادت أن يكون النقاش مناكفة،وجدلاً مسارعة من جميع الأطراف ﻹظهار أنها اﻷكثر فهماً وأن لها رأياً مختلفاً,والطرف الأكثر جهلاً وأكثر أنانية في هذا الموضوع هو الطرف الذي أعتاد الوقوف مع القوي أياً كان،حتى ولو كان القوي يتآمر على عقيدته ومقدساته,فهو لا يؤمن إلا بلغة القوة.
الآن الأمور أصبحت أكثر وضوحاً ولا تخفى إلا على الرويبضه أو المغفلين،وذلك مع تراكم النتائج المدمرة التي خلفها وجود الكيان اليهودي على الشعوب المحيطة به في مصر والعراق وسوريا ولبنان،وعلى كامل الدول العربية والإسلامية.
نتائج سلبية وحصد للأرواح واستنزاف للموارد البشرية،والاقتصادية وفساد متعدد الأشكال على مختلف الأصعدة هنا وهناك يفوق التصور والحسبان,بمعنى أننا نعيش فترة جني الشعوب اﻹسلامية نتائج شؤم وجود كيان اليهود في المنطقة وشؤم انتشار وتعدد أوليائها،بالإضافة إلا أن وسائل الإعلام والإنترنت برغم سلبياتها إلا أنها ساهمت في كشف وفضح كثير من الحقائق التي كانت خفية على كثير من الناس.
تجاوزنا حالياً مرحلة التأمر الخفي بأركانه وأشخاصه،والتقية،والمدارة إلى مرحلة المجاهرة بالولاء لكيان اليهود،وعدم إخفاء التأمر على الشعوب،وعلى معتقداتها،وعلى مكتسباتها،وكل ذلك بدعوى أن كيان اليهود أمر واقع يستحيل تغييره في مدرسة المتواطئين،وأن الانخراط في المجتمع الدولي أمر واقع لا مفر منه.
ولضمان بقاء استمرار وجود كيان اليهود كان لا بُد من الانقلاب على من يُعاديها حتى لو كان كتاباً مقدساً.
هذه الدعوة التي تم الترويج لها وفرضها على الناس،كان من خلال غسل أدمغة المسلمين بالانقلاب على الفكر الجهادي الذي يقف عائقاً أمام استمرار الملعون كيان اليهود وبقائه،بتصوير هذا الفكر وكأنه فكر إجرامي يرفض التعايش مع الغير،ويُروج للذبح والقتل،لذلك يجب إخفائه والاستدلال بآيات وأحاديث العفو والتسامح،والتحايل على معاني هذه اﻷيات والأحاديث وخلط المعاني ليلبسوا على الناس أمورهم حتى يتم قبول الواقع المذل،المهين،ﻷن هذا الفكر هو من صميم عقيدة المسلمين المتأصل في الكتاب والسنة،وهذا ما كان .
ورغم استغلال الحكام لعلماء السلاطين منذ قيام كيان اليهود لكي يُروجوا للفكر الهادم المضاد،من خلال فتوى عدم جواز الخروج عن الحاكم مهما تواطأ وظلم،وحتى ولو والى اليهود والنصارى،ﻷن درء المفاسد أولى من جلب المصالح كما يدعي أولئك الأفاكون،ورغم الاستعانة بدُعاة على أبواب جهنم لتمرير الانحطاط والدنية في الدين والدنيا ومن شابههم من دعاة العقل الذين لا يعقلون...
لم يكتف أولئك بهؤلاء الدعاة وتلك الدعوات،خاصة بعد ظهور الدولة الإسلامية في العراق والشام،بل عمل الشيطان على أزههم أزاً من أجل إعلان الانقلاب العلني على الدين،بدعوى أنه بفكره الجهادي يعادي البشرية,ألا لعنة الله على الظالمين
((ليقوم السي سي علانية بتبني تلك الدعوة التي تحمل رأي الحكام مجتمعين،ويُعلنها بوقاحة وتبجح وهي أنه لا بد من ثورة دينية تصحيحية تجاه ما يعتبره المسلمين من المقدس في دينهم بمعنى آخر لابد من الثورة ضد الثوابت في الكتاب والسنة,والتي تدعوا إلى مقاضاته ومقاضاة الحكام أجمعيين على ما فعلوه بحق اﻹسلام والمسلمين)).
هذا القزم حينما تبنى التصريح المُعلن عن حقده على اﻹسلام،كان بمثابة الناطق الرسمي باسمه،وباسم كل الحكام العرب،لكنه أراد بهذا المنصب أن يُبرهن لهم أنه يستطيع أن يغلبهم بفُجره،وينطق بما يخشون التحدث به علناً دون تورية،ليكون المتحدث الرسمي اﻷول باسم فجرهم أجمعيين.
الشاهد أن حقدهم على الإسلام ومحاربتهم له نتيجة حقد شخصي لأن اﻹسلام يهاجم فجرهم وارتدادهم عن الدين ,وﻷنهم يعلمون تماماً أن اﻹسلام لا يرضى عنهم،ولا يقبل بتواطئهم ولا يرضى أن يكون المسلمين أعزة على المسلمين أذلة على الكافرين.
وﻷنهم يعلمون أن اﻹسلام لو انتصر وتمكن المسلمون منهم،فلن ينجو أحداً منهم ,ﻷن ضياع الأمة وحالها البائس الذي وصلت إليه لم يكن لولا تخاذلهم وتواطئهم،فهم يعلمون أنهم سيدفعون الثمن على التسبب بالخراب العميق في البنيان,يعني معركتهم مع اﻹسلام معركة وجود.
لقد تعرى هؤلاء الحكام وظهرت كل سوءاتهم،حتى أصبحوا لا يحسبون أي حساب ﻷي موقف يتخذونه أمام شعوبهم،ولا ﻷي كلمة يُرددونها،وأصبحوا لا يتورعون من خلال مفرداتهم إظهار حقدهم على دين رب العالمين
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت)رواه البخاري .
لقد أعلن الحكام أنهم في خانة واحدة مع أعداء الدين من اليهود والنصارى،وكل الكفار مجتمعين في خلال هذا التجمع الحاشد في فرنسا حينما سارعوا إلى تقديم الاعتذار لمن أساؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مبالين بمشاعر المسلمين في سابقة لم تكن معهودة من قبل ليجتمعوا في مسيرة في البلد التي أجرم صحفيوها بحق النبي صلى الله عليه وسلم ليعلنوا تبرئهم وعدم رضاهم لما حصل للأفاكين في الجريدة الفرنسية سيئة الاسم والصيت فيصدق فيهم قوله تعالى
((فترى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ))]المائدة:52 [
وكأنك ترى من خلال تلك المسيرة قادة اليهود،وقادة قريش الذين انقلبوا على رسول الله عليه الصلاة والسلام وأعلنوا عدائهم له في بداية دعوته،جاؤوا مجتمعين ليُجددوا ذلك العداء،ويُعلنوا رفضهم لدعوته لأن دعوته تعادي وجود كيان اليهود في فلسطين.
ولأن دعوته تعادي الحكام العرب الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.
ولأن دعوته تدعو إلى مُجاهدة الكفار والمنافقين والغلظة عليهم،وتدعو إلى عدم موالاة اليهود والنصارى.
ولأن دعوته تعادي كل مسيرة حياتهم من الألف إلى الياء،تماماً كرفض قريش لدعوته عليه الصلاة والسلام لأنها تهدد كيانهم وزعاماتهم.
لقد كان منظر المسيرة وكأنك تنظر إلى قادة قريش،لقد تذكرت فيهم الآية الكريمة التي تبين أن الناس يُحشرون في جهنم أفواجاً وجماعات يترأسهم زعيمهم في الشر والفساد يمشي أمامهم إلى جهنم كما قال تعالى
((يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً*وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))] الإسراء:71-72 [
وماذا كان رد هذه المجلة الصليبية اليهودية الحاقدة على الاسلام ونبيه واتباعه على هذه المسيرة التي كان شعارها الإساء الى نبي المسلمين هو حرية تعبير وكل من يعترض على ذلك فهو ارهابي وضد الحرية لقد كان ردها هو قيامها بإستفزاز اشد وطأة وهو طباعة ثلاثة ملايين نسخة مليئة بالرسومات المسيئة لرسولنا وحبيبنا وخاتم الانبياء المبعوث رحمة للعالمين
(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)] البقرة:120 [
وأقول اخيراً لدُعاة التسامح الذين يُبررون للحكام كل ما يفعلون بدعوى أن اﻹسلام دين التسامح واللين،والعفو،وانه لم يكن ليجب الرد على هذه اﻹساءة بهذا العنف لو أن ما تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم ...تعرض له أحد من الحكام بالسخرية واﻹستهزاء بالرسم والتصوير من قبل أحد الصحف المشهورة
هل يتسامح معه ذلك الرئيس ويعتبرها حرية رأي،ويترك ذلك الشخص دون ملاحقة،أم أن عقوبة التطاول على ذوات الحكام ستلحقه وتغيبه في السجون هذا أن تُرك دون إعدام؟؟
ما لكم كيف تحكمون؟؟
ثم هل الدمار،والقتل،والتشريد،الذي تسبب به بقاء بشار في السلطة،واستخدام كل أنواع اﻷسلحة المحرمة،وغير المحرمة دولياً،وتقطيع أوصال الأطفال بالسكاكين،واستمرار استخدام البراميل المتفجرة،والكيماوي الذي تشن أمريكا الحروب لمنعه في الدول المحيطة بكيان اليهود ليل نهار،كل هذا اﻹجرام لا يقاس بإجرام من قتل في الصحيفة الملعونة؟؟؟
قبح الله وجوه الكفار والمنافقين ما أفجرهم إذا كان كل ذلك لا يستحق الاستنكار....
وقتل بضع مفترين من قبل من باعوا أرواحهم لله يستحق كل هذه الفزعة....
اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس .