12 أغسطس 2014

المستشار عماد أبوهاشم يكتب : عبد العزيز آل يهود...الطريقُ إلى " أورشليم " يبدأُ مِنَ الحِجَازِ

اعتادتْ العربُ جاهليةً وإسلامًا الإفراطَ فى ذكرِ آبائِهم وأجدادِهم تباهيًا وتفاخرًا بالأنسابِ بينهم ، ولم يُنكر الإسلامُ هذا عليهم بل دعاهم إلى ذِكر الله كذكرِهِم آباءَهم أو أشدَّ ذِكرًا ، وقد وردت تلك الدعوةُ فى قولِه تعالى فى الآية المائتينِ مِنْ سورةِ البقرةِ " فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ...." .
ويُؤثَرُ عن العربِ أنَّ كلَّ قبيلةٍ يحفظُ أهلُها عن ظهرِ قلبٍ بُطونَها وفَصَائِلَها وفى أىِّ أرضٍ حلُّوا وإلى أىِّ أرضٍ ظَعَنُوا ، ولا يُعرَفُ عنهم اختلاجُ الأنسابِ وشيوعُها والإختلافُ فى إسنادِها ؛ لما جُبِلُوا عليه من فَراسَةٍ مكَّنتهم من الإلمامِ بتلابيبِ علمٍ يُسمَّى بالقِيافة ، يستطيع العربىُّ بواسطتِه أن يَعرِفَ بنى جلدِتِه من خلال تّفرُّسِه ملامحِ الوجهِ والجسدِ مُتَقَصَّيًا ما يُميِّزُ القبيلةَ عن غيرِها من الصِّفاتِ التى تنفرِدُ بِها وحدَها ، وهذا العلمُ مُعتَبَرٌ شرعًا فى إثباتِ النسبِ ومعمولٌ بهِ فى الكثيرِ من القوانينِ الوضعيةِ كقانونِ الأحوال الشخصيَّةِ المصرىِّ , كما أنَّ العربىَّ يُحصى أجدادَه إلى الجدِّ الأربعين كلٌّ بما اشتُهر بهِ من المكارمِ والفضائلِ بين العربِ ، ويُحصِى - أيضًا – أبناءَ عمُومَتِهِ وأبناءَ خُؤولتِه ، مما يجعلُ اللَّعبَ فى الأنسابِ وتزويرَها أمرًا مُستحيلًا ؛ لأنَّ مَنْ يدَّعى كاذِبًا نَسَبَه إلى بطنٍ من بُطونِ العربِ يلفِظهُ مَنْ يَنْسِبُ نفسهُ إليهِم كما يلفظُ الناسَ الكلابَ الضالةَ ، فلا يجرؤُ أحدٌ على التطفُّلِ بادعاءِ نسبٍ كاذبٍ مخافةَ مغبَّةِ انكشافِ كذبِه وافتضاحِ أمرِه ، فيطالبُه الناسُ بإثباتِ نسبهِ وهويَّتِه وإلا احتُقرَ وأهين .
إن إحجامَ آلِ سعودٍ وآلِ الشيخِ أى الشيخ محمد بنِ عبد الوهاب عن الإفصاحِ رسميًّا عن حقيقةِ نَسَبِ كلٍّ منهما ، وسكوتَهما - على غير المألوفِ فى بلادِ العربِ - عن تبيانِ إلى أىِّ قبيلةٍ أو بطنٍ مِنْ بطُون العربِ ينتسبون ، تاركينَ النَّسَّابِينَ المأجورينَ أوالمُتَطَوِّعِينَ الطامعينَ يتكهَّنونَ بحقيقةِ نَسَبِهما ، أوقعَ الخلافَ بينَ المأجورينَ والمُتَطّوِّعَينَ فمنهم مَنْ ينسبُ آل سعودٍ إلى عدنانَ ومنهم من ينسبُهم إلى قحطانَ ، الأكثر من ذلك أننا نجدُ من ينسبُهم إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، ونسبَهم البعضُ إلى ربيعةَ وقيبلةِ عنزةَ وعشيرةِ المساليخِ ، ومنهم من جمع آلَ سعودٍ وآلَ الشيخِ فى نسبٍ واحدٍ ، ولعلَّهما علمَا مغبةَ حملِ نسبيهما على مُعيَّنٍ - قطعًا للخلافِ ودرءًا للشبهةِ وحسمًا لما تفرقَ القومُ قى شأنهِ - مِنْ إنكارِ مَنْ يَحملونَ نسبَيهما عليهم وافتضاحِ كذبَيْهما ومُطالبةِ العربِ لهما بتحديد حقيقةِ هويَّاتِهما ، فضلًا عن أنَّ ما يقولُه النسابُونَ لايُحمَل إليهما تبعتُه ، ولا تَعبَأُ العربُ به ؛ لصدوره عن فضولىٍّ غيرِ أصيلٍ ، فيكونُ سكوتُهما فى ذلك الصددِ أولى منَ الحديثِ .
ويذكرُ الأستاذُ ناصر السعيد فى كتابِهِ " تاريخُ آل سعودٍ " الذى دفعَ حياتَه ثمنًا له أن آلَ سعودٍ ينحدرونَ من رجلٍ من يهودِ بنى قَينُقاعٍ يُسمَّى موردخاى إبراهيم ابن موشى جاء مِنَ العراقِ عام 851 هجريَا صُخبَةَ بعضِ تجارِ عشيرةِ المَسَاليخِ من قبيلةِ عنزةَ بعد أن أوهمَهم أنه ابن عمِّهم وأنه فرَّ مع والده لخلافٍ نشبَ بينَه وبين أبناءِ قبيلتِه قبيلةِ عنزةَ بسببِ قتلهِ أحد أبنائِها ، وأنه اضطُر لتغيير اسمهِ على ذلك النحوِ خوفًا من تتبعِ ذوى القتيلِ بالثأرِ منهما ، واصطحبَ ذلك اليهودىُّ ابنه " ماك رن " الذى أصبح فيما بعدُ على لسانِ العربِ " مُقرن " ، ومقرِن هذا هو جدُّ سعودٍ الذى يُنسَبُ إليه آلُ سعود .
كما يُذكَرُ أنَّ آل الشيخِ ينحدرونَ أيضًا مَنْ أسرةٍ يهوديَّةٍ من اليهودِ الدونمةِ فى مدينةِ بورصة بتركيا اندست فى الإسلامِ بقصدِ الإساءةِ إليه وهربًا من ملاحقةِ بعض سلاطينِ البلاطِ العثمانىِّ ، كان جدُّهم الأكبرُ تاجرَ بطيخٍ يسمى شولمان قرقوزى ، وكلمة قرقوزى بالتركية تعنى بطِّيخًا ، استقرَّ بهِ المُقامُ فى منطقةٍ تُسَمَّى العينيةَ بنجدٍ حيث عُرِفَ باسم سليمان ، وادعى هناك أنه من ربيعةَ وأن والده سافر به صغيرًا إلى المغربِ العربىِّ ، وانجب فى العينيةِ ولدًا أسماه عبدَ الوهابِ هو والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذى يُنسَبُ إليه آلُ الشيخِ .
بدأت الكارثةُ بالحِلفِ الذى أبرمَه محمد بن عبد الوهاب بن شولمان قرقوزى مع محمد بن سعود ابن محمد بن مقرن موردخاى إبراهيم موشى على أنْ يقتسِما السُّلطةَ فى جزيرةِ العربِ فيكونُ للأولِ ولذرِّيَّتِه من بعدِه السلطةُ الدينيةُ فيها ويكون للأخيرِ السلطةُ الزمنيةُ ، وبدأ الحليفانِ سلسلةً مَنَ الأعمالِ الوحشيةِ التى لا تقلُّ فظاعةً عما ارتكبَه أبناءُ عمومتِهما مِنَ الصهاينةِ فى صبرا وشاتيلا للسيطرةِ على مقاليدِ الحكمِ في أرضِ العربِ ، وقد أسفرَ ذلك الحلفُ الدموىُّ عن قيامِ الدولةِ السغوديَّةِ الأولى( 1157 ـ 1233هـ / 1744 ـ 1818م ) والتى استمرت حتى دخلَ الجيشُ المصرىُّ بقيادةِ إبراهيم باشا نجلِ محمد على والى مصرَ الدرعيةَ عاصمةَ السعوديينَ بأمرٍ من السلطانِ العثمانىِّ خليفةِ المسلمينَ - آنذاك - ودكَّها دكًّا ، وسيقَ عبد الله بن سعود الذى تقلَّدَ الحكمَ بعد وفاةِ والدِه سعودٍ الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود على أثرِ الإسهالِ و حُمَّى الخوفِ التى انتابته مِنَ الجيشِ المصرىِّ قبلَ وصولِه الدرعيةَ وهى ذاتُ الأعراضِ التى ماتَ بها جدُّه محمد بن سعود حينما حاصرَه أهالي نجرانَ في الدرعيةِ عام ( 1178 هـ 1765 م ) ، يبدوا أن ذلك المرضَ وراثيٌّ فى تلك العائلةِ - سيقَ آخرُ حكامِ الدولةِ السعوديَّةِ الأولى إلى القاهرةِ مُكبَّلًا حيثُ حُملَ إلى اسطنبول وذُبِحَ هناكَ وقُطِعتْ رأسُه ووُضِعَتْ فى مِدفعٍ جزاءَ ما اقترفَ فى حقِّ الإسلامِ والمسلمينَ .
وفى عامِ ( 1252هـ/ 1836م ) وجه محمد على حملةً جديدةً للقضاءِ على فلولِ ألِ سعودٍ الذين عادوا لتأسيسِ الدولةِ السُّعوديَّةِ الثانيةِ ( 1240 ـ 1309هـ / 1824 ـ 1891م ) بقيادةِ إسماعيل بك انتهت بهزيمةِ السعوديينَ ودخولِ عاصمتِهم الحديدةِ الرياض وأسرِ أميرِهم فيصل بن تركى الذى فرَّ هاربًا إلى الجنوبِ بعد ملاحقتهِ وهزيمتِه على أيدى الجيشِ المصرىِّ هناك ، و فى عام ( 1259هـ / 1843م ) تمكن فيصلُ مِن الهربِ من سجونِ مصرَ عائدًا ليحكم من جديدٍ ، واستمرت الدولةُ السعوديَّةُ الثانيةُ مترنِّحةً حتى اكتمل سقوطُها في صفر عام ( 1309هـ / سبتمبر عام 1891م ) على يد محمد العبد الله الرشيد حاكمِ حائل - آنذاك - بعد هزيمةِ عبدُ الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الرحمن بن محمد بن سعود فى موقعتى المليداء وحريملاء ، ففرَّ عبدُ الرحمن إلى قطر ثم استأذنَ السلطانَ العثمانىَّ فى الإقامةِ بالكويت فأذنَ له ، وفى شهرِ شوال عام 1319هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902م حتى عاد نجله عبد العزيز من المنفى فى شهر شوال عام 1319هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902م ليؤسسَ الدولةَ السعوديَّةَ الثالثةَ بمعاونةٍ وتخطيطٍ من التاج البريطانى شريطةَ ألا يُبرِمَ أمرًا دونَ الرجوعِ للحكومةِ البريطانيةِ ، وهو ما أظهرته الوثائقُ البريطانيةُ - فيما بعد - وقد استمرَّ أبناءُ عبد العزيز آل سعود أو إن شئتَ قُلْ آل يهود على نهج أبيهِم إلى يومِنا هذا ، وسوف أتناولُ ما وردَ إجمالًا بذلك المقالِ بشيئٍ مِنَ التفصيلِ فى مفالاتٍ أخرى تتحدثُ عن الصهاينةِ العرب .
لقد كتبَ شاعرٌ عربىٌ مَحلىٌّ يُسمَّى حميدان الشويعر أن آلَ سعودٍ وآلَ الشيخِ ينتسبانِ إلى اليهودِ - كما أسلفنا - فى قصيدةٍ قُتلَ بسببِها ، تناقلتها العربُ فى بوادِيها ، واعترفَ الملكُ فيصل بن عبدِ العزيز بيهوديةِ أصلِه لصحيفة واشنطن بوست في (17) سبتمبر (1969 م) حينما قال : " إنَّ قرابةَ آلِ سعودٍ لليهودِ هي قرابةٌ ساميةٌ !.. "
بَقِىَ أنْ أقولَ لكم إن أرضَ العربِ بما فيها مَنْ مُقدَّساتٍ وبِمَنْ فيها من مسلِمينَ قد أصبحت أرضًا يهوديَّةً أو سعوديَّةً ، فَمَنْ سُعودُ هذا الذى أصبح بيتُ الله الحرام قبلةُ المسلمين وقبرُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم يُنسَبَانِ إليهِ ؟ الحجازُ ليس سُعوديًّا بل إسلاميًّا ، لايُنسَبُ لأحدٍ ، بل يَنْتَسِبُ الناسُ وتَنتَسِبُ الأماكنُ إليه ، وكما ذكرَ ناصر السعيد فى كتابِه " تاريخُ آلِ سعودٍ " عن سببِ تسميةِ أوَّلِ عاصمةٍ للسعوديينَ بالدِّرْعِيَةِ - أنَّ جدَّهم الأكبر موردخاى بن إبراهيم موشى أطلقَهُ نِسْبَةً إلى دِرعٍ بِيعَ ليهودِ قينقاع ادعى بائُعُه كَذبًا أنه درعُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم فى غزوةِ أُحدٍ التى ظاهروا فيها عليه وانهزمَ المسلمونَ بعد تخلِّى الرماةُ عن مواقعِهم طلبًا للغنائمِ ، فإنه لا شكَّ أنَّ اختيارَهم اسمَ سعودٍ قُصدَ فى ذاتِه لقُربِ لفظِه من لفظِ يهود .
إنَّ حماقةَ آلِ سعودٍ وتجرأَهم على الشأنِ الداخلى فى مصر بمُظاهرَتِهم العسكر فى انقلابِهم ضدَّ الشرعيةِ ومُساعدتِهم على قتلِ الأبرياءِ فى مصرَ وفى غزةَ سيكون ثمنُه عرشَ آلِ سعودٍ ، إنَّ الماردَ الغاضبَ الذى سيخرجُ من بلادِ المسلِمينَ لن يقفَ قى وجهِه حلفاؤُهم فى إسرائيلَ والغرب ، الغاضبُ - هذه المرة - ليس المسلمينَ فحسب ، إنهُ الإسلامُ ، إنَّ التاريخَ سيُكرِّرُ نفسَهُ ، وإنْ شاءَ الله سيُسُاق مَنْ يبقَى على قيدِ الحياةِ مِنْ أبناءِ سعودٍ وعلى رأسِهم عبدُ الله إلى القاهرةِ فى القيودِ مُكبَّلين ، كما جئنا بأجدادِهم سنأتى بِهم ليُحَاسَبُوا بشرعِ اللهِ ، كما أذلّهمُ المصريونَ بقوةِ الحقِّ مرّتينِ ستكونُ الثالثةُ والأخيرةُ قريبةً بإذت الله ، وإنِّى والله لأعلمُ مِنَ اللهِ ما لا يعلمون ، فيا أيها المُسلمونَ الطريقُ إلى القدسِ يبدأُ مِنْ مَكةَ والحِجاز ، حرروا مكةَ والمدينةَ من اليهودِ أولَا ، هزيمةُ إسرائيلَ لن تأتىَ إلا بعدَ هزيمةِ الصهاينةِ العربْ 
* رئيسُ محكمةِ المنصورةِ الإبتدائيةِ عضوُ المكتبِ التنفيذىِّ لحركةِ قضاة من أجلِ مصرَ

"صدق" تدعو للمشاركة في الموجة الثورية لذكرى مذبحة رابعة

 

 بيان حركة "صحفيون ضد الانقلاب": مجزرة رابعة.. عام على قتل الصحفيين وحجب الحقيقة

تمر مصر هذه الأيام بذكري واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها مصر، والبشرية، في تاريخها الحديث، بحسب وصف منظمات دولية أبرزها منظمتا: العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وهى المجزرة التي عرفت إعلاميا باسم "فض اعتصامي رابعة والنهضة" حيث أمر عبد الفتاح السيسي قوات الشرطة والجيش، ذلك الجيش المخول له حماية شعب مصر من أى عدوان خارجي, باقتحام ميادين الاعتصام السلمية, وقتل وحرق من فيها, فداهمت القوات المعتصمين السلميين من جميع الجهات , وأطلقت عليهم وابلا من الرصاص الحي, وراحت الطائرات تلقي عليهم القنابل الحارقة, فاحترق المعتصمون في الخيام, ولما فر من فر, تقدمت القوات البرية راجلة، وراحت تجهزعلى المصابين السلميين، وتحرق مسجد رابعة العدوية، ومستشفاه، بمن فيهما، والخيام بمن فيها من مصابين، ومصاحف، ومواطنين عُزل.
وكانت حصيلة مجزرتي 14 أغسطس 2013 في رابعة والنهضة دون ما سبقهما وما تلاهما من مجازر في رمسيس الأولى والثانية والمنصورة والإكندرية والمنصة والحرس الجمهوري يتراوح ما بين أربعة آلاف شهيد -بحسب موقع "ويكى ثورة"- إلى سبعة آلاف شهيد -بحسب إحصاءات جهات محايدة أخرى، وهى أرقام تربو عن كل من قتلته الجيوش العربية قاطبة من العدو الصهيوني طوال مدة الصراع معه، وحتى الآن.
وستظل ذكري تلك المجازر تسبح في سماء العدالة باحثة عن قصاص مفقود, وعدالة مذبوحة وشرعية محبوسة، ومنطق مقتول, وإعلام تم تأجيره للشيطان.
وفقد الوسط الصحفي عددا من الصحفيين عبر تلك المجازر، ممن كانوا يسعون لنقل الحقيقة إلى العالم، وفضح زيف الأباطيل التي روجتها آلة إعلامية فقدت كل معايير الشرف والإنسانية والمهنية، بداية من أحمد عاصم، وأحمد عبد الجواد، وغيرهم من شهداء الحقيقة, إذ ارتقى قرابة عشرة صحفيين شهداء منذ هذه المجزرة حتى الآن بينما سُجن قرابة 40 صحفيا تم تلفيق تهم جنائية لهم , وأغلقت كل الصحف والمواقع المعارضة، وفُصل عدد كبير من الصحفيين من أعمالهم جراء اعتراضهم على تزوير الحقيقة، وهى الأرقام التي لم يسبق لمهنة الصحافة أن عاصرتها حتى في الحروب مع العدو الصهيونى.
والأمر هكذا، تدعو حركة "صدق" جموع الشرفاء من الصحفيين خاصة، وعموم الشعب المصري عامة، إلى الانخراط في الموجة الثورية الحاشدة في الذكرى السنوية الأولى للمذبحة، ودعم المطالب المشروعة بتقديم المسئولين عنها، وعن ارتكاب الانقلاب الدموي، محاكمة عادة؛ إحقاقا للحق، وتأييدا للعدالة التى إن فُقدت بين محاكم البشر بالتزييف والتزوير, فلن تغفلها عدالة السماء، ولا وعد ملك الملوك بإقامتها في الدنيا والآخرة.
حركة "صحفيون ضد الانقلاب" (صدق)
القاهرة - الأربعاء 13 أغسطس 2014

مؤخرة ميريام فارس .. مقدمة ابن خلدون بقلم :محمد رفعت الدومي

بقلم :محمد رفعت الدومي 
في البدء كانت الكلمة، شرف الإنسان هو الكلمة .. 
هكذا قال أحد المتحذلقين، أظنه " عبد الرحمن الشرقاوي "، و هو مزاح ثقيل، و كلام سخيف و فاشل و يجري في يقين الخطأ، و الصحيح أنه في البدء كان الانفجار العظيم لا الكلمة !
وفي البدء ..
يجب أن أعترف بأن عنوان هذا المقال مسروقٌ من كهف ما من كهوف الذاكرة بتصرف، كأني ادخرته هناك

هيومن رايتس ووتش: مجازر رابعة والنهضة جرائم ضد الإنسانية ..والسيسي وابراهيم يتحملان المسئولية


في تقريرها حول أحداث مجزرتي فض اعتصامي رابعة العدوية، وميدان النهضة، أشارت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، إلى أسماء عدد من قادة الانقلاب التي قالت إنهم متورطون بشكلٍ مباشرٍ في أحداث المجزرتين التي راح ضحيتهما ما يفوق 1000 شهيد. 
ولفتت المنظمة إلى ضرورة تقديم المذكور أسماءهم إلى المحاكمة الدولية بتهم ارتكاب جرائم إبادة إنسانية، مؤكدةً على أنّ جريمتهم ليست ضمن جرائم الحرب، لأنه وبحسب تحقيقاتها، تعتبر مجزرتي الفض معركة من جهةٍ واحدة. 
وننشر لكم أسماء قيادات الانقلاب التي أشارت إليهم "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها، وبنص ما علقت ووصفتهم:
- وزير الداخلية "محمد إبراھيم"، الذي صاغ خطة الفض وأشرف على تنفيذھا وأقر بأنه "أمر القوات الخاصة بالتقدم وتطھير" مبان محورية في قلب منطقة رابعة.
- وزير الدفاع آنذاك "عبد الفتاح السيسي" الذي اضطلع بدور قائد للقوات المسلحة التي فتحت النار على متظاھرين في 5 و 8 يوليو، وأشرف على الأمن في البلاد بصفته نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، وأقر بقضاء "أيام طويلة للتناقش في كافة تفاصيل" فض رابعة.
- رئيس وقائد القوات الخاصة في عملية رابعة "مدحت المنشاوي"، الذي تباھى بإبلاغ الوزير "إبراھيم" من منطقة رابعة في صباح ١٤ أغسطس، بقوله: "سنھجم مھما كلفنا الأمر".
- مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي "أشرف عبد الله"، ومساعد وزير الداخلية لخدمات الأمن العام "أحمد حلمي"، ومساعد وزير الداخلية لأمن الدولة "خالد ثروت"، ومدير أمن القاھرة "أسامة الصغير"، ومدير أمن الجيزة "حسين القاضي"، ومدير الأمن المركزي بالجيزة "مصطفى رجائي"، ومساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن في ذلك الحين.
- اللواء "محمد فريد التھامي"، مدير المخابرات المصرية العامة.
- مدير الحرس الجمھوري اللواء "محمد زكي" 
- وزير الدفاع الحالي "صدقي صبحي" 
- رئيس الأركان الحالي "محمود حجازي". 
- رئيس الوزراء أثناء فض اعتصام رابعه العدوية "حازم الببلاوي".
- الرئيس المؤقت خلال فترة فض اعتصام رابعه العدوية "عدلي منصور".

*******************************

المنظمة الدولية: من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في يوم واحد بالتاريخ الحديث
التقرير حمل السيسي ومحمد إبراهيم المسؤولية عن التخطيط وتنفيذ عمليات القتل المنهجية للمعتصمين

لا عدالة بعد مرور عام في سلسلة من الاعتداءات الجماعية المميتة على المتظاهرين


قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في تقرير يستند إلى تحقيق استمر عاماً كاملاً إن وقائع القتل الممنهج وواسع النطاق لما لا يقل عن 1150 متظاهراً بأيدي قوات الأمن المصرية في يوليو/تموز وأغسطس/آب من عام 2013 ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. في فض اعتصام رابعة العدوية وحده في 14 أغسطس/آب، قامت قوات الأمن، باتباع خطة تتحسب لعدة آلاف من الوفيات، بقتل 817 شخصاً على الأقل، وأكثر من ألف على الأرجح.
ويعمل التقرير المكون من 188 صفحة، تحت عنوان ” حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر“، على توثيق كيفية قيام الشرطة والجيش المصريين على نحو ممنهج بإطلاق الذخيرة الحية على حشود من المتظاهرين المعارضين لخلع الجيش في 3 يوليو/تموز لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في مصر، في ست مظاهرات بين 5 يوليو/تموز و17 أغسطس/آب 2013. ورغم وجود أدلة على استخدام بعض المتظاهرين لأسلحة نارية في العديد من تلك المظاهرات إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من تأكيد استخدامها إلا في حالات قليلة، الأمر الذي لا يبرر الاعتداءات المميتة بنية مبيتة وفي انعدام تام للتناسب على متظاهرين سلميين في جملتهم.
قال كينيث روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش: “في ميدان رابعة قامت قوات الأمن المصرية بتنفيذ واحدة من أكبر وقائع قتل المتظاهرين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث. لم تكن تلك مجرد حالة من حالات القوة المفرطة أو ضعف التدريب، بل كانت حملة قمعية عنيفة مدبرة من جانب أعلى مستويات الحكومة المصرية. وما زال العديد من المسؤولين أنفسهم يشغلون مناصبهم في مصر، وهناك الكثير مما يتعين مساءلتهم عليه“.
نشرت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو يوضح الأحداث أثناء تلاحقها بميدان رابعة يوم 14 أغسطس/آب، بما فيه شهادات حية من الشهود والضحايا.
    
 
وقد أخفقت السلطات في محاسبة ولو فرد واحد من أفراد الشرطة أو الجيش ذوي الرتب المنخفضة على أي من وقائع القتل، ناهيك عن أي مسؤول من الذين أمروا بها، كما تواصل قمع المعارضة بوحشية. وفي ضوء استمرار الإفلات من العقاب تنشأ حاجة إلى التحقيق والملاحقة الدوليين للمتورطين، بحسب هيومن رايتس ووتش. كما يتعين على الدول أيضاً تعليق مساعداتها العسكرية والمتعلقة بإنفاذ القانون المخصصة لمصر حتى تتبنى إجراءات لإنهاء انتهاكاتها الجسيمة للحقوق.
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع أكثر من 200 شاهد، وبينهم متظاهرون وأطباء وسكان من مناطق الأحداث وصحفيون مستقلون، وزارت كل موقع من مواقع التظاهر أثناء الاعتداءات أو مباشرة في أعقاب بدئها، وراجعت أدلة مادية وساعات من مقاطع الفيديو وكذلك تصريحات مسؤولين حكوميين. كما كاتبت هيومن رايتس ووتش الوزارات المصرية المعنية لالتماس وجهة نظر الحكومة في تلك الأحداث، إلا أنها لم تتلق أية ردود.
وكانت هيومن رايتس ووتش تعتزم إصدار التقرير في القاهرة، لكن السلطات عرقلت ترتيباتها بهذا الشأن عندما رفضت السماح لوفد هيومن رايتس ووتش بدخول مصر في 10 أغسطس/آب.
ويشتمل التقرير على فحص تفصيلي لتخطيط وتنفيذ عملية فض اعتصام رابعة العدوية، حيث كان عشرات الآلاف من مؤيدي مرسي السلميين في غالبيتهم، وبينهم سيدات وأطفال، قد نظموا اعتصاما مفتوحاً من 3 يوليو/تموز وحتى 14 أغسطس/آب للمطالبة بإعادة مرسي. واستخدمت هيومن رايتس ووتش صوراً فوتوغرافية ملتقطة بالأقمار الصناعية لإحدى ليالي الاعتصام، ليلة 2 أغسطس/آب، فقدرت أن ما يقرب من 85 ألف متظاهر كانوا بالميدان في تلك الليلة.
في 14 أغسطس/آب هاجمت قوات الأمن مخيم اعتصام رابعة من كل مدخل من مداخله الرئيسية، باستخدام ناقلات الأفراد المدرعة (المدرعات) والجرافات والقوات البرية والقناصة. كما لم تقدم قوات الأمن تحذيراً فعالاً يذكر وفتحت النار على حشود كبيرة، ولم تترك مخارجاً آمنة لمدة تقترب من 12 ساعة. وأطلقت قوات الأمن النار على المرافق الطبية الميدانية، كما وضعت القناصة في مواقع تتيح لهم استهداف أي شخص يسعى لدخول مستشفى رابعة أو الخروج منه. وقرب نهاية اليوم تم إشعال النيران في المنصة المركزية والمستشفى الميداني والطابق الأول من مستشفى رابعة، بأيدي قوات الأمن في الأغلب.

قام أحد المتظاهرين، وهو رجل أعمال، بوصف المشهد:

أطلقوا الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على الفور. كانت من القوة بحيث لا يمكنني وصفها. لم تكن مثل المرات السابقة، رصاصة أو اثنتين في المرة. كان الرصاص ينهمر كالمطر. شممت رائحة الغاز ورأيت أشخاصاً يصابون على الفور ويسقطون حولي. لا أعرف عدد المصابين. لم نسمع أي تحذير. لا شيء. كانت جهنم.


وثقت هيومن رايتس ووتش مقتل 817 شخصاً في فض رابعة وحده، وبالنظر إلى الأدلة القوية المتاحة على وجود وفيات إضافية والتي جمعها الناجون من رابعة والنشطاء، والجثث الإضافية التي أخذت مباشرة إلى مستشفيات ومشارح دون تسجيل دقيق أو هوية معروفة، والأفراد الذين ما يزالون في عداد المفقودين، فمن الأرجح أن ما يزيد على ألف شخص قد قتلوا في رابعة. احتجزت الشرطة أكثر من 800 متظاهر من الاعتصام، واعتدت على بعضهم بالضرب والتعذيب، بل الإعدام الميداني في بعض الحالات كما قال ستة شهود لـ هيومن رايتس ووتش.
ادعى مسؤولون حكوميون أن استخدام القوة كان في معرض الرد على العنف من جانب المتظاهرين، بما فيه الطلقات النارية. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أنه بخلاف مئات المتظاهرين الذين كانوا يلقون بالحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة فور بدء الهجوم، فقد قام متظاهرون بإطلاق النار على الشرطة في بضع حالات على الأقل. وبحسب مصلحة الطب الشرعي الرسمية، لقي 8 من رجال الشرطة حتفهم في فض رابعة. وبعد الفض التام للاعتصام في 14 أغسطس/آب، أعلن وزير الداخلية محمد إبراهيم عثور قواته على 15 بندقية في الميدان، وهو الرقم الذي يشير بفرض صحته إلى أن قلة من المتظاهرين كانوا مسلحين، ويوفر تأييداً إضافياً للأدلة الوفيرة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش على قيام الشرطة بحصد المئات من المتظاهرين العزل.
حاول المسؤولون المصريون تبرير فضهم لاعتصام رابعة بادعاء أنه كان يعطل حياة سكان المنطقة، ويوفر ساحة للتحريض والإرهاب، وموقعاً لقيام المتظاهرين باحتجاز معارضين والإساءة إليهم. ومع ذلك فمن الواضح أن قتل 817 متظاهراً لا يتناسب مع أي تهديد كان يقع على السكان المحليين أو على أفراد الأمن أو غيرهم. وبقدر ما تتوافر للحكومة مصلحة أمنية مشروعة في تأمين موقع الاعتصام، إلا أنها أخفقت في تنفيذ الفض على نحو مصمم بحيث يقلل المخاطر الواقعة على الأرواح. لا يجوز استخدام القوة المميتة إلا حيثما لا يكون هناك مناص من استخدامها للوقاية من خطر محدق بالأرواح ـ وهو المعيار الذي بعدت هذه الحالة كل البعد عن استيفائه.
قال كينيث روث: “إن الأدلة التي تبين قيام قوات الأمن بفتح النار على حشود من المتظاهرين من الدقائق الأولى لعملية الفض تكذب أية مزاعم بسعي الحكومة لتقليل الخسائر. وقد أدت الطريقة الوحشية التي اتبعتها قوات الأمن في فض هذه المظاهرة إلى حصيلة وفيات صادمة كان يمكن لأي شخص التنبؤ بها، بل إن الحكومة توقعتها”.
في اجتماع مع منظمات حقوقية محلية بتاريخ 5 أغسطس/آب، قال أحد مسؤولي وزارة الداخلية إن الوزارة تتوقع حصيلة وفيات تصل إلى 3500 شخص. وفي مقابلة متلفزة بتاريخ 31 أغسطس/آب 2013، قال وزير الداخلية محمد إبراهيم إن الوزارة توقعت خسائر تبلغ “10 بالمئة من الأشخاص” في رابعة، معترفاً بوجود “أكثر من 20 ألف شخص” في الاعتصام. في سبتمبر/أيلول، قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي لصحيفة “المصري اليوم” المصرية إن عدد المتظاهرين المقتولين في رابعة وفي الاعتصام الأصغر حجماً بميدان النهضة بالجيزة يوم 14 أغسطس/آب “يقترب من الألف”. وأضاف أن “المتوقع كان أكثر بكثير مما حدث. والنتيجة النهائية كانت أقل من توقعاتنا”. في اليوم التالي للفض قال إبراهيم لـ”المصري اليوم” إن “خطة الفض نجحت بنسبة مئة بالمئة”.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً خمس وقائع أخرى للقتل غير المشروع في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013:
-في 5 يوليو/تموز قام جنود بإطلاق النيران المميتة على 5 متظاهرين أمام مقر الحرس الجمهوري بشرق القاهرة، وبينهم واحد كان يحاول وضع ملصق لمرسي على سور أمام المقر. تم تصوير واقعة القتل بالفيديو.
- في 8 يوليو/تموز فتحت قوات الشرطة والجيش النار على حشود من مؤيدي مرسي في اعتصام سلمي أمام مقر الحرس الجمهوري فقتلت ما لا يقل عن 61 منهم. وقتل اثنان من رجال الشرطة.
- في 27 يوليو/تموز فتحت الشرطة النار على مسيرة لمؤيدي مرسي قرب النصب التذكاري في شرق القاهرة، فقتلت ما لا يقل عن 95 متظاهراً. وقتل رجل شرطة واحد في الاشتباكات.
-في 14 أغسطس/آب قامت قوات الأمن بفض الاعتصام بميدان النهضة، فقتلت ما لا يقل عن 87 متظاهراً وأدت الاشتباكات إلى حالتي وفاة بصفوف الشرطة.
-في 16 أغسطس/آب فتحت الشرطة النار على مئات المتظاهرين في منطقة ميدان رمسيس بوسط القاهرة فقتلت ما لا يقل عن 120 متظاهراً. وقتل اثنان من رجال الشرطة.
قال كينيث روث: “إنه لأمر مروع ومحطم للقلوب أن تخبو آمال الكثير من المصريين في أعقاب انتفاضات 2011، وسط الدماء المراقة في عمليات القتل الجماعي في العام الماضي”.
وتتمثل الجرائم ضد الإنسانية في أفعال إجرامية ترتكب على نطاق واسع أو على أساس ممنهج كجزء من “هجوم موجه ضد سكان مدنيين”، بمعنى وجود درجة من درجات التخطيط أو السياسة القاضية بارتكاب الجريمة. وتشمل تلك الأفعال القتل والاضطهاد لأسباب سياسية، و”الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية”. وبالنظر إلى الطبيعة الممنهجة واسعة النطاق لوقائع القتل هذه، والأدلة التي توحي بأنها شكلت جزءاً من سياسة تقضي باستخدام القوة المميتة ضد متظاهرين عزل في معظمهم لأسباب سياسية، فإن أعمال القتل هذه ترقى على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. والحظر المفروض على الجرائم ضد الإنسانية من المبادئ الأكثر أساسية في القانون الدولي، ويمكن أن يمثل أساساً للمسؤولية الجنائية الفردية في المحاكم الدولية، وكذلك في المحاكم الوطنية لبلدان عديدة بموجب مبدأ الاختصاص الشامل.


منذ أحداث يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013، وبالإضافة إلى مواصلة فتح النار على المتظاهرين، انخرطت السلطات المصرية في حملة قمعية على نطاق لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض قيود مشددة على حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، فقامت بتنفيذ حملات جماعية للاعتقال التعسفي والتعذيب، وحرمان المحتجزين وبينهم ما لا يقل عن 22 ألفاً من مؤيدي الإخوان المسلمين من الحقوق الأساسية في سلامة الإجراءات، وإصدار أحكام جماعية بالسجن لفترات طويلة والإعدام على المعارضين.
أنشأت الحكومة لجنة رسمية لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان منذ 30 يونيو/حزيران 2013، كما قام المجلس القومي لحقوق الإنسان، ذي الصفة شبه الرسمية، بإصدار تقرير منفصل في مارس/آذار 2014 يرد فيه أن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة في رابعة. ومع ذلك فلم تكن هناك محاسبة رسمية على ما حدث، ولا أية تحقيقات أو ملاحقات قضائية ذات مصداقية. وقد رفضت الحكومة الإقرار بأي خطأ من جانب قوات الأمن. وبدلاً من هذا أعادت رصف الشوارع وبناء المباني المتضررة، ووزعت المكافآت على أفراد القوات المشاركة في عمليات الفض، وأقامت نصباً تذكارياً لتكريم الشرطة والجيش في قلب ميدان رابعة.
قال كينيث روث: “إن جهود الحكومة المستمرة لسحق المعارضة، وكنس انتهاكاتها تحت البساط، وإعادة كتابة التاريخ، لا يمكنها أن تمحو ما حدث في رابعة في العام الماضي. وبالنظر إلى إخفاق مصر المدوي في التحقيق في تلك الجرائم فقد آن للمجتمع الدولي أن يتدخل”.
لقد حددت هيومن رايتس ووتش أكثر من عشرة من كبار القادة ضمن تسلسل القيادة الذين ينبغي التحقيق معهم لدورهم في أعمال القتل تلك، وبينهم وزير الداخلية إبراهيم، ووزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ومدحت المنشاوي قائد القوات الخاصة وقائد عملية رابعة. وحيثما توافرت أدلة على المسؤولية، تنبغي محاسبة هؤلاء الأشخاص فردياً على التخطيط والتنفيذ أو الإخفاق في منع القتل الممنهج وواسع النطاق المتوقع للمتظاهرين.
وعلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنشاء لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في وقائع القتل الجماعي للمتظاهرين منذ 30 يونيو/حزيران 2013. كما ينبغي توجيه التهم الجنائية إلى المتورطين في تلك الأفعال، بما في ذلك أمام محاكم تطبق مبدأ الاختصاص الشامل. وعلى الدول أيضاً تعليق مساعداتها العسكرية والمتعلقة بإنفاذ القانون المخصصة لمصر حتى تتبنى إجراءات لإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
قال كينيث روث: “يواصل ميراث مذبحة رابعة إلقاء ظلاله القاتمة على مصر، التي لن تمضي للأمام حتى تتوصل إلى تفاهم مع هذه البقعة الدموية التي تلطخ تاريخها”.

أدلة من أقوال الشهود

“وقف أحمد، وتجاوز البوابة [التي كنا قد أقمناها] ورفع ذراعيه قائلاً: “نحن سلميون، لا يوجد شيء هنا”. وعندها قام ضابط من وزارة الداخلية ـ كان يلبس زياً أسود، زي القوات الخاصة، ويحمل بندقية ـ بتذخير سلاحه استعداداً للإطلاق. فوقفت في محاولة لإبعاد أحمد عن طريقه. وكنت على بعد خطوة واحدة، لكنني عجزت عن التحرك. لم أستطع سوى مناداته باسمه. أصابه الضابط في صدره بأربعة طلقات، فسقط” ـ متظاهر عمره 17 عاماً يصف وفاة أحمد عمار، الذي كان بمثابة الأب له.
“ثم رأيت رجلاً يقف بجوار النافورة في منتصف طريق النصر عند تقاطع يوسف عباس. كان المشهد صعباً. لقد تلقى رصاصة في كتفه وسقط. وحاول النهوض فتلقى رصاصة في ساقه. وبدأ يزحف، وتتسرب منه الدماء. كان الوحيد في المواجهة، وظل يتلقى الرصاص في ذراعيه وصدره. لقد تلقى ما لا يقل عن 8 رصاصات. كانت الرصاصة تأتي فيرتعد ثم لا يتحرك… حاولنا جره إلى حيث السلامة، لكننا عجزنا [لبعض الوقت] بسبب النيران” ـ متظاهر، طالب بجامعة الأزهر.
“رأيت 3 مدرعات أمام المستشفى، كانت الشرطة تطلق منها النيران. كنت هناك تماماً خلف [مكتب] الاستقبال ورأيتهم يضربون بقوة. اختبأت خلف المكتب للاحتماء. واستمرت النيران لمدة 15 دقيقة. أصيب أولئك الذين عجزوا عن الاختباء وهم وقوف. مرت الرصاصات بجانبي وكسرت الزجاج. كانت لحظة من الفزع. ظننت أن أجلي قد حان. شحنت هاتفي وخطر لي، والرصاص يتطاير من حولي، أن الأمر انتهى وسوف ألقى حتفي. ثم أخرجت هاتفي واتصلت بأمي” ـ أسماء الخطيب، صحفية مصرية.
“وسمعت شرطياً يصيح: ’أسرعوا، امضوا من هنا إلى هناك‘، وكان بوسعك سماع صوته يرتعد. كان هناك طابور من [نحو ستة من] الرجال، وكانوا يسيرون بأيديهم فوق رؤوسهم. وفجأة أطلق الشرطي النار، ثم رأيت رجلاً على الأرض. لقد قتل ذلك الرجل بدون أي سبب” ـ إحدى السكان المحليين التي تطل شقتها على شارع جانبي متفرع من ميدان رابعة.
“دخلوا المبنى وقتلوا خمسة حولي… لم أكن واثقاً مما يجب أن أفعل. لم يكن أمامي مكان أذهب إليه. كان دوري قد حان، وحان أجلي. دخلوا الغرفة وقالوا إننا سنموت. نادوني وقالوا لي أن أغادر المبنى. ودخل ضابط قائلاً: “لا تقلق!” فأنزلت يديّ وعندها ضربني. وصفونا بالكلاب وبشتائم أخرى. وكان كل منهم يضربنا بطريقة مختلفة. كنت بالطابق الأول ولا أدري ماذا أفعل. قال الضابط إننا إذا لم نهرب فسوف يقتلوننا، لكن أحدنا هرب ووجدته ميتاً على الأرض. بصق الضابط على رجل الشرطة الذي أطلق النار قائلاً: ’لماذا لم تطلق النار على عينه؟‘” ـ طالب يدرس علوم الحاسب الآلي، واصفاً المشهد فيما كانت قوات الأمن تدخل المبنى الذي احتمى به مع متظاهرين آخرين.
لتحميل التقرير

Download the full report in Arabic (PDF, ‏2.26 م.بايت)




















11 أغسطس 2014

الأمم المتحدة تعيّن لجنة تحقيق دولية في جرائم الحرب في غزة


عينت الأمم المتحدة اليوم الاثنين ثلاثة خبراء في لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات محتملة لحقوق الانسان وجرائم حرب ارتكبها الطرفان اثناء الهجوم العسكري لاسرائيل على قطاع غزة.
وسيرأس وليام شاباس وهو بروفيسور كندي للقانون الدولي اللجنة التي ستضم ايضا دودو دين وهو خبير سنغالي مخضرم بالامم المتحدة في مجال حقوق الانسان وأمل علم الدين وهي محامية بريطانية لبنانية.
وقال بيان للأمم المتحدة كما نشرت "رويترز" إن الفريق المستقل سيحقق في "كل الانتهاكات للقانون الانساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان... في اطار العمليات العسكرية التي جرت منذ 13 يونيو 2013 ."
ومن المقرر أن تقدم اللجنة تحقيقا بحلول آذار 2015 لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة. وتتهم اسرائيل المجلس المؤلف من 47 دولة منذ وقت طويل بالتحيز ضدها.
وقالت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان بالأمم المتحدة يوم 31 يوليو تموز انها تعتقد أن اسرائيل تتحدى عمدا القانون الدولي في هجومها العسكري في غزة وأن القوى العالمية يجب ان تحاسبها عن جرائم حرب محتملة.
وقالت بيلاي وهي قاضية سابقة بالأمم المتحدة في مجال جرائم الحرب إن اسرائيل هاجمت منازل ومدارس ومستشفيات ومحطة الكهرباء الوحيدة في غزة ومنشآت للأمم المتحدة في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: ثلاثون ملمحا لهزيمة إسرائيل

1) نجحت صواريخ المقاومة في إخلاء المستوطنات الإسرائيلية، وعلى الأخص القائمة في محيط ما يسمى بغلاف غزة، والتي عجزت مفاوضات 20 عاما عن إخلائها، وستظل الحياة فيها من الآن فصاعدا خطرة وغير آمنة.
2) كما نجحت في نقل وتوسيع المعركة لتشمل كل ارض فلسطين من النهر إلى البحر.
3) كسر هيبة جيش الدفاع الصهيوني الذي لا يقهر.
4) قتل وإصابة اعداد غير تقليدية من جنوده لا تتناسب مع الفرق الهائل في ميزان القوة العسكري.
5) فرض حصار جوى جبري على العدو، أدى إلى مقاطعة جوية عالمية لمطاره الرئيسي، عجزت لجان المقاطعة العربية على امتداد 60 عاما من تحقيقها.
6) كسر وإضعاف جدوى وفاعلية السلاح الرئيسي للعدو في مواجهة الصواريخ المسمى "بالقبة الفولاذية" والتي أثبتت بلاهتها أمام أنفاق المقاومة.
7) تمرد أعداد من الجنود الصهاينة على تنفيذ الأوامر العسكرية، خشية القتل أو الوقوع في الأسر.
8) تأكيد العجز والخوف والعزوف الصهيونى عن الاقتحام البرى والمواجهة وجه لوجه، وهو ما يمكن أن يسفر عن تغيرات استراتيجية كبرى فيما لو تم استيعابه وتوظيفه في الفكر العسكري العربي المقاوم والمقاتل.
9) اختراق الأنفاق للعمق الإسرائيلي، والتسلل خلف صفوف العدو، غَيَّرَ تماما من قواعد الحرب، ووسع دائرة المخاطر والأهداف والحسابات والفواتير الاسرائيلية لأى اعتداءات مستقبلية. 
10) زرع الخوف وضرب الاستقرار والأمن في صفوف جموع (الإسرائيليين) وخلق حالة استنزاف عسكري واقتصادي، لا يتحمل الكيان الصهيوني استمرارها أو التعايش معها طويلا.
11) تعويق أي هجرات يهودية جديدة إلى الكيان الصهيوني، مع زيادة الهجرات المعاكسة إلى خارج إسرائيل.
12) زرع الثقة في مصداقية بيانات المقاومة عن المكاسب والخسائر في عملياتها العسكرية، مع سقوط مصداقية (إسرائيل) في المقابل، بعد أن أخفت وحجبت وتلاعبت في أرقام القتلى والمصابين بين صفوفها. 
13) إيصال صرخة الشعب المحاصر إلى كل بقاع الأرض، وتصعيد جريمة الحصار إلى أعلى سلم الأولويات الإقليمية والدولية، وتزايد المطالبات الشعبية والرسمية العالمية بضرورة فكه.
14) إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد، وإسقاط نظرية ليبرمان بأنها لا تتعدى 10 % من مشاكل المنطقة، والانتصار للرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية.
15) فضح الإرهاب الصهيوني عالميا، واتخاذ عدد من ردود الفعل العالمية غير المسبوقة، مثل إعلان إسرائيل دولة إرهابية، أو قطع العلاقات، أو سحب السفراء، أو إسقاط الجنسية عن مزدوجي الجنسية المشاركين في العمليات العسكرية الإسرائيلية.
16) ارتفاع الأصوات الأوروبية الداعية إلى التوقف عن تسليح إسرائيل.
17) فشل إسرائيل خلال 5 سنوات في تحقيق أهداف حملاتها العدوانية، المتمثلة في كسر أو إخضاع الإرادة الوطنية الفلسطينية وإكراهها على الاعتراف بإسرائيل ونزع السلاح الفلسطيني. وذلك رغم قيامها بثلاثة اعتداءات وحشية: الرصاص المصبوب 2009 وعامود السحاب 2012 والجرف الصامد 2014، قتلت خلالها ما يقرب من 4000 فلسطيني وعشرات الآلاف من المصابين ودمرت البنى التحتية وآلاف المنازل والمساجد والمدارس والمستشفيات.
18) تحول سلاح المقاومة الفلسطينية، إلى أحد مسلمات الأمر الواقع، رغم كل المطالبات الأمريكية الإسرائيلية الأوروبية العربية (الرسمية) بنزعه.
19) عودة اللحمة بين الشعب الفلسطيني في كل مكان سواء في الداخل أو في الضفة وغزة أو في المنفى.
20) انطلاق بشائر انتفاضة فلسطينية ثالثة، طال انتظارها، في الضفة الغربية، ومشاركة عرب 1948 في مناهضة العدوان ودعم المقاومة، رغم ظروف القهر والحصار.
21) الانتصار لخيار المقاومة والكفاح المسلح، الذي تم تشويهه كثيرا، واتهامه باللاجدوى، ووصمه بالإرهاب.
22) إسقاط خيارات الخوف والانبطاح أمام إسرائيل التي روجت لها الانظمة العربية على امتداد عقود طويلة، تحت شعار ((لا قِبَّلَ لنا بإسرائيل)).
23) سقوط مزيد من اوراق التوت عن اتفاقيات وتفاهمات وتنسيقات أوسلو، وأخواتها من كامب ديفيد ووادي عربة.
24) إحياء الدعم الشعبي العربي والعالمي لفلسطين، وخروج مئات الآلاف في عشرات المدن على مستوى العالم، للتظاهر ضد العدوان ومحاصرة سفارات إسرائيل. 
25) كشف الانظمة العربية وتواطؤها وادعاءاتها الوطنية المزيفة. 
26) اسقاط الحملات الاعلامية المشبوهة لشيطنة الفلسطينيين والمقاومة. 
27) إعادة الروح الوطنية إلى الجماهير العربية. 
28) تصحيح نهج الثورات العربية، التي كانت قد رفعت شعار "لا وقت لفلسطين الآن".
29) تصحيح بوصلة النضال والسلاح العربي، بالتأكيد على أن مواجهة العدو هى المعركة العربية الوحيدة الشريفة بالمقارنة مع معارك الاقتتال العربي/العربي التي ضربت الأمة. 
30) الانتصار لمبدأ (فلندعم المقاومة أيا كانت مرجعيتها الأيديولوجية، وأيا كانت مرجعيتنا نحن أيضا)، وإعادة الفرز الصحيح للقوى والتيارات السياسية العربية، على قاعدة العداء لإسرائيل والدعم لفلسطين.

سيناريو بيع قناة السويس بمعرفة السيسي .. بقلم المهندس نائل الشافعي

أعلن رئيس الإنقلابيين المدعو السيسي في 6 أغسطس عن مشروع إنشاء ما أسماه “قناة السويس الجديدة”. وهو بداية صغيرة جيدة، نرجو أن يكون باكورة لمشاريع عدة لتحريك عجلة الاقتصاد المصري بعد طول ركود. ولكن هناك قضايا وتساؤلات خطيرة.

◄ المشروع:

تفريعة شرقية لازدواج قناة السويس بين البلاح (الكيلو 60 [من بورسعيد]) والمدخل الشمالي لبحيرة تمساح (الكيلو 90)، أي بطول 30 كيلومتر. كما يضم المشروع تكريك (تعميق) أماكن لركن سفن قافلة الشمال عرضياً في بحيرة تمساح حتى تمر سفن قافلة الجنوب. وتقدّر هيئة قناة السويس إجمالي أطوال مواضع الركن العرض للسفن بنحو 42 كيلومتر.

◄ هذا هو الممكن والمتاح

وهو الأمر الممكن مالياً فتكلفة حفر 30 كيلومتر في الرمل ليست بالأمر المعضل للدولة (وأن كنا سنناقش تمويل المشروع لاحقاً). كما وأنه بعد طول ثرثرة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين عن تنمية محور قناة السويس، فإن ازدواج كل أو جزء من المجري الملاحي للقناة هو المتاح تعاقدياً، فالمدخل الشمالي قد تم تأجيره في 2009 لمدة 49 سنة لشركة ميرسك الدنماركية (بسمسرة قطرية). والمدخل الجنوبي تم تأجيره في 2009 لمدة 49 سنة لشركة بي آند أو البريطانية (التي أصبحت دبي العالمية للموانئ). فلم يبقى سوى المجري الملاحي للقناة.
استهل السيسي سرده لقصة المشروع بأنه طلب من البنك الدولي ترشيح شركة لتقييم العروض الهندسية المقدمة لمشروع تطوير قناة السويس. ولما كانت الحلول السياسية وليست الهندسية هي تخصص البنك الدولي، ولتطرق الرئيس في نفس الفقرة من خطابه لأهمية إنجاز شبكة الطرق الجديدة (الخاصة بالتقسيم الجديد للمحافظات) في خلال عام، ثم تطرقه في نفس الفقرة لأهمية ترشيد استهلاك مياه الري. ثم ختم تلك الفقرة بوجوب استعداد المصريين لتحمل ثلاث سنوات من شح المياه أثناء مل خزان سد النهضة – وذلك يعني أننا رضخنا لمطالب إثيوبيا بالكامل دون أي تفاوض معها. كل ذلك معاً يدفعنا للتخمين أن المشاريع الثلاث هي جزء من حزمة مشاريع وسياسات مقترحة من البنك الدولي مع خفض الدعم. ولا عيب في أن يكون مشروع أو أكثر هو من اقتراح البنك الدولي، طالما يُطرح على العلن المشروع المقترح بالكامل بما فيه الدوافع له، وسبل تمويله. فيجب أن يكون التعامل مع البنك الدولي في العلن، ووضع مقترحات البنك الدولي في نقاش وطني يمحص كل منها بما فيه لخير البلاد. ويمنح ذلك الحوار الوطني قوة تفاوضية للدولة في تعاملها مع البنك الدولي.

◄الهندسة

المشروع، على جودته، إلا أنه صغير نسبياً ولا يتطلب تعديل في البنية التحتية حول القناة، من نفق وجسرين وسحارة وطرق. لذلك فمن الغريب أن يُسند المشروع لجهة خارج هيئة قناة السويس نفسها. فالمشروع بالكامل يقع في نطاق إمكاناتها وسابق خبراتها. كما أن إدخال مقاول لحساب الدولة يثير تعقيدات وشبهات لا حد لها في كيفية السداد.
وهناك مبالغة شديدة في حجم المشروع وتكلفته وحجم العمالة المطلوبة فيه. فتكلفة شق قناة طولها 30 كيلومتر يجب ألا يتعدى 100-150 مليون دولار، أي أقل من واحد مليار جنيه. ويجب أن تطرح كراسة مواصفات من هيئة قناة السويس بذلك. ودخل القناة الحالي كفيل بتمويل مثل هذا المشروع الصغير، والذي يُفترض أن يسترد. وإن كانت الدولة في شك من التكلفة التي ذكرتها، فما عليها إلا دعوة شركات مقاولات صينية وكورية جنوبية مع وضع شرط أن يكون العمال مصريين.
من سيراجع تكلفة المشروع؟ من سيكون مالك المشروع؟ ومن سيكون مهندس المالك؟ وما سلطات مهندس المالك على المقاولين؟
وقد أوردت أحد الصحف البند التالي من العقد، ولا نعرف مصداقيته:
◄◄ تضمن بند تسوية النزاعات بين الشركة الاستشارية وقناة السويس فى تنفيذ المشروع مجموعة من الخطوات تبدأ بالتسوية الودية على أن يجتهد الطرفان قدر استطاعتهما فى تسوية ودية للنزاعات التى تنشأ أو تكون ذات صلة بهذا العقد أو تفسيره. ثم الطريقة الثانية باللجوء للتحكيم طبقا للبند الثاني لتسوية المنازعات الذي ينص علي ان أى نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بالأمور التى تنشأ بمقتضى هذا العقد، والتى يتعذر تسويتها ودياً خلال «30» ثلاثين يوماً بعد تلقى أحد الطرفين طلباً من الطرف الثانى بالتسوية الودية، يمكن لأى من الطرفين طرح هذا النزاع إلى التحكيم.
ينص عقد الاستشاري (دار الهندسة العالمية بلندن) أنه في حال وقوع خلاف بينه وبين المالك (هيئة قناة السويس؟ أم الدولة؟ أم الهيئة الهندسية للجيش؟) فسيذهبا للتحكيم. التحكيم في لندن أم في القاهرة؟ وحسب القانون الإنجليزي أم القانون المصري؟ فالدولة المصرية لها تاريخ غابر في خسارة تقريبا كل قضايا التحكيم الدولي التي دخلت فيها منذ 1860 وحتى اليوم، وعددها أكثر من مئة قضية. (وهذه مشكلة اخرى: فشل التعليم القانوني في مصر في مجالي القانون الدولي والتحكيم الدولي، أبعد من مجرد تسمية شعبة بكلية الحقوق: حقوق إنجليش)
التعميق لعله كان أولى من التوسيع. الأمر يحتاج أن تسعى هيئة قناة السويس لزيادة أبعاد السفن التي يمكنها المرور في القناة، وهو ما يسمى سويس‌ماكس Suezmax
كما أن قرارات تطوير المجرى الملاحي لقناة السويس يجب أن تعتمد على خريطة مرورية لحجم مرور السفن بين موانئ العالم الرئيسية لتقدير مدى مرونة الطلب على التوسعات المختلفة في قناة السويس. كما يجب أن يكون لدى هيئة قناة السويس جدولين لتعداد السفن في العالم مقسماً مرة حسب الغاطس، ومرة حسب العارضة

◄ التمويل

أعلن قائد الإنقلاب السيسي أن تمويل المشروع سيكون عن طريق طرح أسهم وسندات للمشروع. وهنا تبرز تساؤلات: * سؤال: ما هو العائد/الدخل الذي سيسدد هذه الأسهم والسندات؟ الإجابة: حيث أن التفريعة المقترحة ليست مشروعاً قائماً بذاته، فالسفن المارة به لا يمكن أن تدفع رسم اضافي منفصل. لذلك فعائد الأسهم وسداد قيمة السندات سيكون من الدخل المعتاد لمرور السفن بقناة السويس.
إذاً فالأسهم ستكون في شركة قناة السويس نفسها، والتي ظلت منذ تأميمها وحتى اليوم ملك الدولة المصرية، بالرغم من إعلان عبد الناصر في 1956 أنها شركة مساهمة مصرية. ولكن ظلت الدولة مالكة جميع الأسهم.
أي أن المهم في هذا المشروع الصغير، بالمقارنة بتوسعات السادات للقناة في السبعينات، هو خصخصة قناة السويس، وهو الهدف الذي نادى به البنك الدولي منذ السبعينات وناضل من أجله جمال مبارك ورجاله منذ مطلع التسعينات.
قرار بيع او خصخصة أغلى ما تملكه مصر، وهو قناة السويس، يجب ألا يترك ليفهم عرضا في سياق اعلان عن مشروع ضئيل، بالمقارنة بقيمة القناة نفسها. بل يجب طرح هذا الأمر للنقاش العام وعرضه في استفتاء شعبي. فالقناة التي حفرت بأرواح المصريين وروتها دماؤهم لتبقى ملكا للشعب، لا يمكن التفريط فيها بسهولة.
وكم ستكون النسبة من دخل قناة السويس المخصصة للأسهم؟ أو بالأصح بكم سيتم تقييم القيمة السوقية لقناة السويس اليوم لكي يتم حساب نسبة الأسهم المطروحة للمشروع؟
وأنظر بكثير من الحذر والخوف لرقمي 8 مليار دولار و 80 مليار دولار اللذين ذكرهما السيد الرئيس السيسي في خطاب اعلان المشروع. وأرجو ألا تكون تلك الأرقام سيستخدمها البعض لتعظيم نسبة ما سيتم بيعه/مصادرته من قناة السويس لصالح مقاولي هذا المشروع الصغير.
تجنب الخلط بين التكاليف المحدودة للتفريعة وبين مشروع التنمية المبهم.
من سيحدد قيمة الأصل، قناة السويس، وقيمة الاضافة؟ وهيكل الملكية المساهمة الجديدة للقناة؟ وعدد الأسهم المطروحة للبيع/الخصخصة؟

◄ السندات:

السندات تكون بضمان أصل ثابت، الذي هو في هذه الحالة “قناة السويس” نفسها. يعني طرح السندات هو رهن لقناة السويس. فما هو المبلغ الذي ستصدر به السندات؟ وما الجهة المصدرة للسندات؟ وما الغرض من هذا المبلغ؟ وكيف ترى الدولة سداد هذا المبلغ؟ أين ستُطرح السندات الدولارية؟ في بورصة نيويورك أم بورصة لندن؟ وكلتا البورصتين تفرضان على الهيئة المصدرة للسندات أن تلتزم بالقانون المحلي لتلك البورصة، في حال نشوب خلاف بين مشتري للسند ومصدِر السند. ولعل في أزمة الأرجنتين الحالية أكبر عظة لتجنب ذلك.
طالع: “شراء سندات الأرجنتين، ثم ابتزازها”https://www.facebook.com/Dr.Nayel.Shafei/posts/720331921366831
فقد أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكماً بالغ الأهمية، يقول: لقد تنازلت الأرجنتين عن حقوقها وحصانتها السيادية كدولة حين وقـّعت على أوراق طرح سندات. وأصبح التعامل معها يشبه التعامل مع أي شركة تبعا لقانون بلد البورصة.
طالع: “أوجه الشبه بين أزمة الإفلاس الظالم المفروض على الأرجنتين ووضع مصر”https://www.facebook.com/Dr.Nayel.Shafei/posts/721256584607698

◄ حصر التداول على المصريين

من الصعب تطبيقه، والأصعب الدفاع عن هذا الشرط في المحاكم.

◄ الأنفاق:

الحديث عن حفر ست أنفاق تحت قناة السويس هو من قبيل النوايا الحسنة، ولا أظنه سيتحقق على الاطلاق. فلدينا نفق أحمد حمدي المعطوب من قبل افتتاحه في 1983، وحتى اليوم لا يرضى أحد بإصلاحه. لا أظن أن أياً من منتجي آلات حفر الأنفاق سيرضى ببيع آلة لمصر قادرة على حفر أنفاق تحت قناة السويس. فهذه القدرة حتما سيقال أنها تخل بتوازن القوى في سيناء، لأنها تتيح لمصر نقل أعداد كبيرة من المدرعات إلى سيناء في وقت قصير.

◄ شركة التقييم الفرنسية

ذكر المدعو السيسي أن البنك الدولي رشح له شركة فرنسية لتقييم العروض المقدمة لتطوير محور قناة السويس، وأنه قد رحب بها لأنه لم تكن بين المتقدمين أي شركات فرنسية. ولكن يجدر ذكر أنه في شهر يوليو 2014 صدر أمر تكليف لترسية مشروع امتداد مترو الأنفاق بالقاهرة على شركة فرنسية بدون عطاءات أو منافسة. يبدو أن أمر التكليف كان مرتبط بشكل ما بتقييم عروض محور قناة السويس.

◄ دار الهندسة

دار الهندسة أسسها كمال الشاعر، المهندس الفلسطيني، وكانت مع CCC ذراعي تمويل غير رسمي لمنظمة التحرير في الستينات والسبعينات. ومع تقدم الزمن ابتعد كمال الشاعر وشركته عن المنظمة وأقترب من الممالك العربية. وفي الثمانينات كان الفرع السعودي لدار الهندسة مرتبطاً بالشيخ كمال أدهم، مؤسس الاستخبارات السعودية وشقيق الملكة عفت قرينة الملك فيصل وصاحب مجموعة شركات “المباني”. إلا أن الكفيل/الشريك السعودي تغير منذ التسعينات، إذ يرى مهندسو التصميم الهندسي أن دار الهندسة السعودية حالياً هي شراكة بين كمال الشاعر والملك عبد الله بن عبد العزيز نفسه، أو من خلال أحد أبنائه. ولعل إلقاء نظرة على قائمة جزئية لأهم مشاريع دار الهندسة (في الرابط التالي) تساعد على ادراك الدعم السياسي الهائل المطلوب لفوز الشركة بالكثير من المشاريع السيادية الكبرى في دول عربية وأفريقية، مثل المطار الرئيسي في كل من جدة، اليمن، كردستان العراق، دبي، أبو ظبي، الكويت، إثيوبيا، نيجيريا.

صحفية اسرائيلية : اردوغان يجهز اسطولا بحريا لفك الحصار عن غزة


سفينة مافي مرمرة تغادر شواطئ حيفا عام 2010 (Flash90)

هل الأسطول القادم في طريقه إلى غزة؟

المصدر -
بقلم : هداس هروش
البارحةَ فقط انتُخب أردوغان لرئاسة تركيا، ويبدو أنه يحضّر لاتخاذ الخطوة القادمة ضدّ إسرائيل: أسطول إضافي لـ IHH ‎‏ الذي أطلق سابقًا أسطول مرمرة المشهور
أربع سنوات ما بعد أسطول غزة والسيطرة على مرمرة، ويومًا واحدًا فقط بعد انتخاب رجب طيب أردوغان للرئاسة، أعلنت المنظمة التركية IHH ‎‏ أنها تعتزم مجددًا إطلاق أسطول من أجل "كسر الحصار حول القطاع" من غير الإعلان عن موعد الانطلاق المرتقب.
في رسالة عبر الإيميل لأعضاء المنظمة، التي أرسِلت اليوم (الإثنين)، قال رجال الـ IHH‎‏ إن "ائتلافًا" لناشطين مؤيدين لفلسطين من 12 دولة اجتمع في إسطنبول آخر الأسبوع وقرر إرسال أسطول إلى غزة، "على خلفية الهجوم الإسرائيلي الأخير على القطاع".
أكّد ائتلاف "أسطول الحرية": " بما أن أغلب الحكومات في الحقيقة متواطئة على هذه الجريمة، على سكان العالم ملقاة مسؤوليةُ إعلان التحدي على حصار غزة". لم تفصّل المتحدثة باسم IHH كثيرًا، لكنها قالت إن المنظمة ستعقد مؤتمرًا صحفيًّا غدًا. منذ ثلاثة أسابيع أبلغ بولنت يلداريم، رئيس منظمة IHH التي نظمت أسطول مرمرة في 2010، أن المنظمة بدأت بالتحضير لـ "أسطول الحرية 2". حسبما يقول، قدّمت المنظمة لحكومة تركيا طلبًا للمساعدة والمرافقة بسبب كونهم مواطنين أتراك بحاجة للحماية.
كما يذكَر، أرسلت منظمة IHH قبل أربع سنوات سفينة "مافي مرمرة" في أسطول لنفس الغاية، لكن الجيش الإسرائيلي منع وصولها إلى شواطئ غزة، وفي الاشتباك الذي دار على متنها، قُتل بعض الناشطين، وأصيب عدد من مقاتلي الجيش الإسرائيلي. أدّت الواقعة إلى أضرار كبيرة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا، التي لم تلتئم كما يجب حتى اليوم.
في الأشهر الأخيرة،قبل بدء عملية "الجرف الصامد" بثت وسائل الإعلام الأجنبية تقاريرَ عن تقارب العلاقات بين الدولتين، لكن إسرائيل أنكرت ذلك. مع ذلك، مع بدء المعركة الأخيرة في غزة، اتهمت تركيا إسرائيل بتهم كثيرة. في بداية الشهر اتهم أردوغان إسرائيل بقتل متعمّد للأمهات الفلسطينيات. لقد حذر إسرائيل أنها "ستغرق في الدم الذي تسفكه". قال أردوغان في عدة مناسبات خلال الشهر الأخير إن يدي إسرائيل والدول الصامتة على "العدوان الإسرائيلي" ملطخة بالدماء.
الآن، بعد انتخابه لمنصب رئيس تركيا، يبدو أن أردوغان سيختار استغلال الفرصة لاستئناف تهجمه على إسرائيل وترسيخ مركزه لدى الفصائل الإسلامية في تركيا.

صحف اسرائيلية: السيسي في السعودية وشبكة الانترنت تصاب بالجنون تهكما


السيسي في السعودية: والشبكة تصاب بالجنون

عشرات الصور والنكات تجري في الشبكة حول زيارة الرئيس المصري المغطاة إعلاميًّا للسعودية قبيل العمرة


هل أهدى الملك السعودي حقًا جهاز بلاي ستيشن للسيسي؟
يتم الآن الحديث في كل مكان ممكن عن سفر الرئيس المصري، عبد الفتّاح السيسي، إلى السعودية والقيام بمناسك العمرة ولقائه بالملك، وخاصة، بشكل غير رسمي في الشبكات الاجتماعية. الفيس بوك، تويتر والإنستجرام مليئة بصور السيسي من الزيارة، وقت الصلاة، داخل الكعبة أو وقت زيارة الملك.
ولكن في الحقيقة ما يثير أكثر تحديدًا هو رؤية النكات التي نشأت حول تلك الزيارة، مثل هذه الصورة، التي انتشرت اليوم في تويتر، والتي يظهر فيها السيسي وهو يغسل رجلي الملك في طائرته الشخصية:
(مصدر الصورة: تويتر)
أو هذه الصورة، والتي يظهر فيها الملك في الأصل وهو يهدي السيسي شهادة تكريم بعد أن أهدى له قلادة الملك عبد العزيز تكريمًا له وللشعب المصري، ولكن في هذه الصورة، على سبيل النكتة، يهديه جهاز سوني بلاي ستيشن.
وهناك انتقاد لم يُدّخر للرئيس المصري في هذه الزيارة: أعجب أحد المتصفّحين من الكمية الكبيرة للحراس الذين رافقوا السيسي في زيارته للحرم، وشكّلوا سلسلة بشرية ضخمة حوله، وكتب ما يلي: "كل هؤلاء مسخرين لحراسة السيسي في الحرم! فمن يحرسه ويحرسهم عند الوقوف بين يدي الجبار للحساب ومن يدفع عنه قتله للآلاف".
ويمكننا أن نعثر على الانتقاد الأكثر شدّة في هذه الصورة، تحت عبارة "الذي حرق مسجد رابعة قبل عام‎ .. ‎يدنس الكعبة المشرفة اليوم".
https://twitter.com/alshamsi789/status/498762619415953409/photo/1

د. خليل قطاطو يكتب : مصر السيسي تخنق غزة

اسرائيل أغلقت جزئيا المعابر التي تربطها بقطاع غزة مع أنها كدولة احتلال مجبرة قانونا على توفير الماء والدواء والغذاء والطاقة لمن يرزحون تحت نير احتلالها، حسب معاهدات جنيف. المعروف ان اسرائيل تضرب دائما عرض الحائط كل المعاهدات والمواثيق الدولية، من دون ان يحاسبها أحد. اسرائيل تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن عن طريق امريكا، التي استعملته لصالح اسرائيل عشرات المرات، وامريكا تمنع المجلس حتى من اصدار بيان إدانة او توبيخ لاسرائيل، لذا فهي تصول وتجول وتعيث فسادا في الارض من دون رادع ، ترتكب ما تشاء من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والقتل يمنة ويسرة بدم بارد مطمئنة انها فوق القانون. كل هذا رغم الوحشية والعنجهية يمكن فهمه، وليس قبوله، لأنه يصدر من اسرائيل. لكن الذي لا يمكن فهمه أو قبوله بأي منطق أو حجة، هو أن تغلق مصر معبر رفح لتضيق الخناق على أهل غزةالمحاصرين برا وبحرا وجوا من عدوهم. ان كان الاغلاق في وقت السلم يعتبر عملا غير اخلاقي، فإن الاغلاق وقت الحرب، حيث ازدياد المعاناة، يصل الى مرتبة الجريمة المكتملة الاركان مع سبق الاصرار والترصد، بل يتعداه فعلا الى اعتباره جريمة ضد الانسانية. مصر تمنع دخول الدواء والمعدات الطبية، وتمنع خروج الجرحى للعلاج عندها او حتى المرور منها الى دول اخرى ترغب في معالجتهم. ببساطة هذا يعني ان مصر السيسي تدع الجرحى للموت. مصر تقول انها ليست طرفا في اتفاقية المعابر، كدولة مجاورة لـ(غزة) وقت الحرب فإن مصر ملزمة اخلاقيا، وقبلها قانونيا بفتح المعبر لتخفيف المعاناة عن المتضررين بسبب الحرب. أين الضمير؟ أين المروءة والشهامة؟ أين الاخوّة في العروبة والاسلام أو حتى حق الجيرة؟
مصر السيسي ليتها حتى كانت على الحياد في هذه الحرب، ولكنها شريك في الجريمة. ليس هذا كلام انشاء منمق، ابدا، لقد قالها نتنياهو صراحة، ان هذه الحرب بيّنت تنسيقا عالي المستوى مع دول اقليمية، وكاد يقول مصر، ماذا يعني هذا؟ يعني ان مصر الان ليست متواطئة مع اسرائيل في حربها على غزة، بل هي حليف وشريك، يا للعار، أهذه هي مصر «أم الدنيا»، او «قد الدنيا» كما يصفها الانقلابيون، لقد نزلوا بمصر الى قاع الدنيا، وهنا نحن لا نتكلم عن معظم الشعب المصري العريق، بل عن الحفنة المارقة التي انقلبت على الشرعية، ووجدت من يناصرها من الاعلاميين والفنانين والقضاة ورجال الدين، الذين اعادوا لنا من التاريخ السحيق علماء السلاطين، فاذا كان التاريخ قد اخبرنا ان الفتاوى فصّلت لهولاكو، فلماذا تستكثرونها الان على الانقلابيين؟ التسمية الجديدة لهؤلاء الآن هي الصهاينة العرب، فعلا صهاينة ولكنهم ليسوا عربا. انهم ينافحون عن اسرائيل بكل ما اوتوا من قوة وبيان، ويحضّون على قتل اهل غزة، ليسوا عربا بالتأكيد، وليسوا آدميين. جلّهم في مصر، ولكن الكثيرين من أمثالهم موجودون في دول عربية اخرى معروفة، لا يجاهرون بالباطل كما فعل السيسي وحاشيته.
السلطة الفلسطينية، وحكومة الوفاق، وحماس والجهاد وباقي الفصائل المقاتلة لا تنتقد مصر صراحة، لأنهم لا يريدون فتح جبهة اخرى هم في غنى عنها الان، ولكن الشعب الفلسطيني يدرك حجم خيبة الامل من مصر السيسي، التي اصطفت مع معسكر اسرائيل ضدهم . حتى مصر مبارك لم تجرؤ على المجاهرة بمواقف مثل هذه. استبشرنا خيرا بالربيع المصري وثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني اكثر من أي ربيع آخر في اي دول عربية أخرى لعلمنا بأهمية مصر. ما لبثت الثورة ان سرقت بأيد مصرية، ولكن بلا شك، بمؤامرة خارجية كانت وراءها امريكا، رغم تمثيل دور مغاير في البداية، واسرائيل والدليل هذا التحالف الجديد بينهما الذي لا تخطأه العين، وتعثرت الثورات في الدول الاخرى فظنت اسرائيل ان الفرصة مواتية للانقضاض على غزة. المفاجأة ان اسرائيل وجدت مقاومة جاهزة للنزال، على اعلى درجات الاستعداد، فلم ينفعها التحالف المصري اللهم الا في زيادة معاناة اهل غزة، ولكنهم ادهشوا العالم كله بصبرهم وثباتهم الذي يشبه المعجزات.
فلتتحالف اسرائيل مع مصر السيسي ومع آخرين في المنطقة، ولكن ستبقى غزة عصية على الانكسار، وستقف شامخة في وجوههم جميعا. المعاناة لا شك كبيرة جدا، وغزة مثخنة بالجراح، والحصار الاسرائيلي المصري يضــيق الخناق على غزة، ولكن غـــزة مع كل هذا لا تلين ولا تنكسر. 
الحرية ثمنها غال جدا، والفلسطينيــــون لا يطيقـــون حياة الذل والمهانة، ولذا فهم مســتعدون للمزيد من التضحيات، والحرية والتحرير والنصر ينتظرهم ويسعون له وســينالونه ولو بعد حين.
٭ كاتب فلسطيني