04 يونيو 2014
واشنطن بوست: الجيش أكبر تهديد لحكم السيسي
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية:" إن أهم تهديد لحكم عبد الفتاح السيسي العسكري هو الجيش نفسه".
وأشارت إلى أن هناك نوعين من الحقائق الأساسية ،لفهم المعضلة التي يمثلها الجيش، أولهما :أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر الآن على نحو فعال يختلف كثيرًا عن مجلس قيادة الثورة الذي تولى السلطة في مصر عام 1952، وثانيهما: أن أحد دروس السلطوية هو وجود نوعين من المخاطر للحكم العسكري لفترة طويلة، أحدهما: حدوث انشقاقات في صفوف الضباط، والآخر: صعود جنرال على الآخرين.
وأوضحت الصحيفة أن "الضباط الأحرار" كانوا أقلية صغيرة من العقداء، وكان مجلس قيادة الثورة عبارة عن مجموعة من الضباط ذات الرتب المتنوعة، يجمعهم في المقام الأول الكراهية السياسية المشتركة للنظام القديم، وبعض الولاء الشخصي لجمال عبد الناصر، وعلى النقيض من ذلك يتكون "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" من أعلى التسلسل الهرمي لضباط الجيش، وأن وحدة الجيش - وليس أي رؤية أيديولوجية أو طموحات شخصية - هو الملتزم أكثر بالحماية.
وأضافت أن دراسة الأنظمة الاستبدادية لعقود من الزمان تبين أن الديكتاتوريات العسكرية تنتهي عندما تنشأ الانشقاقات بين صفوف الضباط "المتشددين" و"المعتدلين"، بما يقهر الترتيب الهرمي لضباط الجيش، هذه الاختلافات تنشأ من النزاعات حول العودة إلى الحكم المدني والعجز أو الفساد داخل الجيش نفسه، كما تنتهي الديكتاتوريات العسكرية عندما يحول أحد الضباط الديكتاتورية العسكرية إلى الحكم الشخصي.
وذكرت الصحيفة أن القوات المسلحة المصرية خاضت ثلاثة صراعات مريرة مع رؤساء مصر، وفي كل مرة تعرضت فيها المؤسسة العسكرية إلى خسائر سياسية كبيرة، حيث عانت البلاد في حالتين من هذه الحالات من هزيمة عسكرية ساحقة، عندما أسفر الصراع السياسي خلال الستينيات بين الرئيس جمال عبد الناصر ووزير دفاعه المشير عبد الحكيم عامر عن كارثة عسكرية في تاريخ مصر باحتلال شبه جزيرة سيناء بأكملها.
وتابعت أنه بتولي الرئيس الأسبق حسني مبارك رئاسة البلاد، عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، كان يعتقد على نطاق واسع أن وزير دفاعه عبد الحليم أبو غزالة هو منافسه المحتمل على السلطة، حيث تمتع أبو غزالة بتأييد واسع بين القوات المسلحة، ونظر إليه كثير من الناس ،باعتباره صاحب كاريزما وشخصية قادرة يمكن أن يحل محل مبارك، ولكن عزل مبارك أبو غزالة، وتوفي في ظروف غامضة نسبيا.
وأردفت الصحيفة أن التاريخ المصري المعاصر أثبت أن القوات المسلحة لديها خوف من استبدال الحكام المستبدين بحكام ديمقراطيين، ولذلك أعطى دستور 2014 المجلس العسكري الحق في اختيار وزير الدفاع للفترتين الرئاسيتين القادمتين – ثماني سنوات- ولابد من اختياره من بين صفوف الجيش.
ورأت أن هذه المواد وضعت في الدستور ليس لحماية الجيش من الرئيس المنتخب، ولكن من ظهور شخصية قوية ذات كاريزما داخل الجيش نفسه، حيث أصبحت هذه المواد ذات أهمية ملحة بالنسبة للجيش بعد أن بات واضحًا –وقتها- أن الرئيس القادم لن يأتي بالمسار الديمقراطي ويحتمل أن يبقى فترة طويلة بالسلطة.
ولفتت إلى أن القانون رقم 18 لعام 2014 الذي أصدره الرئيس المؤقت (الطرطور) عدلي منصور بشأن وزير الدفاع يعزز هذه الافتراضية، حيث ينص على أن وزير الدفاع يجب أن يكون خدم خمس سنوات على الأقل كـ "لواء"، وبالتالي لا يسمح لأصحاب الرتب الأقل بتقلد المنصب.
واختتمت الصحيفة قائلة :"إن السيسي لن يكون قادرًا على تحرير نفسه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو من زملائه الجنرالات، إنهم لم يشاركوا في حملته الانتخابية، ولا يحبونه، بل إنهم يتطلعون لانتخابات أخرى بعد أربع سنوات يتم فيها ترشيح مرشح عسكري أكثر قبولا – إذا لزم الأمر – ،لمنافسة السيسي.
محمد رفعت الدومي يكتب : جهادُ الأصابع الوسطي !
ليلة شديدة الصيف ، كما يليق ببدايات منتصف العام ، و سماء " القاهرة " خاوية من الغيوم ، مع ذلك ، كأنَّ الرماد يسكن السماء أكثر مما ينبغي !
و هناك ، في قلب " القاهرة " الكسيرة القلب ، آخر المرتزقة في " مصر " يدنسون تلك البقعة النقية ، كعتبة العيد النقية ، أقصد " ميدان التحرير " الذي خسر أرواحهم فوقه و فوق حوافه أنقي شبابها ، و تركوا هناك دمائهم تواصل العواء في محاولة " يناير " الشهيرة لاكتشاف وطن لائق بإنسانية الإنسان !
ولئك المزدحمون بالبياض ، كأنَّ لصدي أرواحهم هناك ، في هذه الليلة شديدة الغربان ، و شديدة القبح ، ضجيج المطالبين بالثأر يبتلع الضجيج الردئ لطبول المحتفلين بهزيمة ساحقة استحالت بعدالة القوة ، لا قوة العدالة ، نصراً ليس له مثيل في العالم العريض ، مع عدم التحفظ الصِحِّيِّ حتي !
متتالية " عبد العاطي " مرة أخري ، و مثلما اعتقدوا أن العالم سوف يمتص ، دون نقد ، كذبة اكتشاف علاج للإيدز و فيروس " سي " و تحويل المرضين معاً ، و هذا قمة الإعجاز العلمي ، إلي أصابع " كفتة " يتغذي عليها المريض ، كأني بهم يعتقدون الآن أن العالم ، من القطب إلي القطب ، لا يحدق النظر فيما يفعلون ساخراً ، إنَّ للغباء أخلاقاً !
كيف يفكرون ؟
هل يعتقدون أن العالم غبيٌّ و كريه كالدولة القمعية التي يريدون استعادتها ؟
أو يعتقدون أن نار الثورة قد انطفأت ؟
ألا ينبه في عقولهم أي نظرية ، عزوف المصريين الجماعي عن النزول من بيوتهم يوم فيلم " المقاولات " ، هزيل الإخراج ، ذاك الذي جرت أحداثه أيام " 25 " مايو و " 26 " مايو و اليوم المتمم للفضيحة لهم ، و غرة الخلاص للمصريين في الوقت نفسه ؟
مع الأخذ في الاعتبار فشل الجهود المكثفة ، إلي درجة الاحتشاد التام و اللزوجة المقززة ، لإعلام " مبارك " الصفيق ، و فشل جهود ذلك البدوي السمين " حسين الجسمي " ، ذلك الذي لم يذهب و لو لمرة واحدة في عمره ، ليدلي بصوته في أي انتخابات ، و " يكتب بكرة بشروطه " ، و قضي ما قضي من عمره تحت ظلال دولة العشيرة و البعد الواحد ، مع ذلك ، استعانوا به ، ليضلل المصريين ، وهم الأحفادُ لأسلاف كانوا أول كيان اجتماعي موثق في تاريخ الإنسانية ، عن العثور علي ظلالهم الحقيقية !
مرة أخري ، اشتعلت النار في مصر ، و مرة أخري ، صفع الضد دولة " مبارك " من كل جانب و احتل المقدمة ، لكن الصفعة هذه المرة بالذات تفوق كل صفعة سابقة ، حدث هذا ، فيما يمكن أن نقتفي أثر الإسلاميين و مصطلحاتهم البالية و نسميها ، " غزوة اللجان الفارغة " !
أو نقتفي أثر الحشاشين و نسميه ، " جهاد الأصابع الوسطي " !
لقد أشار المصريون جماعة في وجوه المزيفين بأصابعهم الوسطي ، و من البيوت ، و كما أن الثورة فعل ، هي امتناع عن الفعل أحياناً ، هذه هي كل الحقيقة ، و لا يجب أن نقيم وزناً لما نجم عن الحدث الذي كأنه ( انتخابات ) من نتائج ، فذاكرة استفتاءات " مبارك " لدي المصريين ، لحسن الحظ ، لم تنطفئ بعد !
و هكذا تهتدي الثورة من جديد إلي عناصرها الحية ، عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية !
فليس الأمر كما يعتقدون ، أو يتمنون ، علي وجه الدقة ، فإنَّ سياقاً تعارف عليه المصريون بعد خسائر طويلة و تجارب دامية كثيرة لا يمكن الخروج عليه إلي هامش الماضي بمثل هذه السهولة ، و عليه ، فعلي كل الأوغاد ، من الآن ، أن يكونوا غرف انتظار لنهاية بائسة ، و أكيدة !
و في ليلة مثل هذه الليلة ، قال " السيسي " أنه رأي في منامه الرئيس" السادات " يزف إليه البشري بأنه سوف يصبح رئيساً للجمهورية ، و أنا ، بصفة شخصية ، أشك في صحة هذا الكلام ، فالرجل ، منذ نما الضوء في اسمه ، ما جربنا عليه إلا الكذب ، علي أية حال ، بدلاً من خسارة وقته و جهده في بناء قاعدة شعبية يضع عليها قامته و يحقق حلمه ، اختار " السيسي " أساليب طائر " الوقواق " ، ذلك الطائر الذي يلقي ببيضه عن عمد في أعشاش الطيور الأخري ليحضنوه له ، و بذلك ، يحفظ بقاء نوعه دون جهد منه ، و كان " د.مرسي " ، للأسف ، " أحمق من الحُباري " ، و هذا مثل عربي قديم ، وصفوه بالحماقة لأنه يحضن عن طيب خاطر بيض الطيور الأخري ظناً منه أنه بيضه هو ، و حين جاءت مواسم فقس البيض الذي يدين بالولاء ، و ما زال لـ " مبارك " ، كان " د. مرسي " أول الضحايا !
و الآن ..
لا شك أن " مصر " أصبحت ، انطلاقاً من صفر هذه الليلة ، في دائرة الأحمر ، و سوف يعصف المستقبل بالماضي في نهاية المطاف بالتأكيد الزائد عن الحد ..
فليس معقولاً أو مقبولاً في زمن تضاءل فيه الإنسان ، باعتباره جزءاً من الكون ، بشكل لم يسبق له مثيل ، و في كل أصقاع الأرض ، حتي أن السيد " أوباما " ، رئيس الدولة التي توصلت إلي وسيلة لتحطيم كوكب الأرض أربع مرات بضغطة زر ، مع ذلك ، لا يتمتع رئيسها هناك بالهيبة التي كان يتمتع بمثلها " عمدة " قرية من قري " مصر " في ستينيات القرن الماضي ، ثم يأتي أحد الحالمين لإيقاظ مفهوم " الزعيم الملهم الخالد " ، و تصفق الجماهير ، ذلك المفهوم الذي أصبح طللاً ، أهملت الإنسانية حتي زيارته للعظة ، و أصبح فقط مكاناً لقضاء حاجة الكلاب الضالة ، ما عدا " كوريا الشمالية " ، تلك الدولة البائسة التي تعيش في عزلة القرون الوسطي ، و لعل الفارق الرحب بينها و بين " الجنوبية " التي انخرطت في الكون ينبه حتي الذين لا يعقلون إلي بشاعة هذا المفهوم الردئ !
لقد تطور الصراع ، و تطورت الشخصيات الرئيسية في أطرافه ، و تطور ، كذلك ، الإحساس المُلِحُّ في أعماق كل المصريين ، ما عدا المرتزقة طبعاً ، بأن الحرية ، لا الطعام ، ولا حتي الاستقرار ، فالاستقرار ليس قيمة لذاته ، هي القيمة العليا التي يفتقدونها !
لقد انهار في طريقنا الكثير من الجسور ، و ضاعت كل خطوط العودة ، و عاد الماضي يختبر قامته التي كنا نظنها قد انهارت ، لكن ، لحسن الحظ ، المستقبل أيضاً في الجوار ، يُجهز ملامح وجهه القادم ..
و الآن ..
قبل أن أتوقف ها هنا ، أترككم قليلاً ، لتتردد في عقولكم أصداء الطبول الزائفة لمرتزقة التحرير التي تشبه الأصداء السامة لنعيق الغربان ، يدقونها دون ان يدركوا أبداً أنها سوف تتوقف قريباً عن إطرابهم ، و سوف تنحسر تماماً ، لتتقدم ، و تحتجز كل هواء " مصر " ، أصداء طبول المحتفلين بالمرور منتصبين تحت أقواس الحرية ، و إلا ، فمع الشهداء ، و قديسي الحرية ، ذلك أفضل جداً ..
مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ: السيسي هو الرئيس الأنسب والجذّاب والمطلوب لاسرائيل
مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ: السيسي هو الرئيس الأنسب والجذّاب والمطلوب لاسرائيل ويعتبر السلام معها ذُخرًا إستراتيجيًّا وسيُحارب الإرهاب في سيناء بالتنسيق مع تل أبيب
قالت دراسة إسرائيليّة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، قالت إنّ انتخاب السيسي رئيسًا لمصر هو الإمكانيّة الأنسب والأحسن للدولة العبريّة، لافتةً إلى أنّه من المؤكّد أنّ حكمه أحسن بكثير من حكم الإخوان المُسلمين، الذي يُعادون إسرائيل بشكل مبدئيّ، وأيضًا، زادت الدراسة، أنّ انتخاب السيسي أحسم من حمدين صباحي، ذلك لأنّ الأخير عبّر عن عدم رضاه من إسرائيل وأعلن تأييده لحركة حماس، في ما يرى السيسي بحركة حماس منظمة إرهابيّة. وفي المقابل، فإنّ السيسي يرى في السلام مع إسرائيل ذخرًا إستراتيجيًّا، ولا يُشكّك للحظة واحدة في أهميته، كما أنّه أعلن على الملأ بأنّه سيُحافظ على اتفاق (كامب ديفيد).
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ السيسي، بسبب خلفيته العسكريّة، يعرف جيدًا إيجابيات التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل، موضحًا أنّه سيُطالب بتعديل المُلحق العسكريّ للاتفاق، بالتنسيق مع إسرائيل، وذلك لكي تتمكّن مصر بقيادته من بسط سيطرتها الأمنيّة على سيناء ومكافحة الإرهاب هناك ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزّة، على حدّ قول الدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أنّ عزل الرئيس السابق، محمد مرسي، من قبل السيسي رفعت من شعبيته في الشارع المصريّ، ولم تترك مجالاً لصباحي في أنْ يُنافسه، موضحةً أنّه بعد سنة من حكم الإخوان، توصل الشعب المصريّ إلى نتيجة بأنّ بلاد النيل تحتاج إلى زعيم قويّ يُعيد النمو ويُقوّي الاقتصاد، ويُكافح الإرهاب الداخليّ، وأنْ يعمل على إعادة دور مصر الرياديّ في الشرق الأوسط.
ورأت الدراسة أنّ المقارنة والمقاربة بينه وبين الزعيم الراحل، جمال عبد الناصر، ليس في مكانها، فهو ما زال بعيدًا جدًا عن الوصول إلى ما كان عليه عبد الناصر، ولكنّ حقيقة المقارنة، أوضحت الدراسة، تثبت أنّ الكثيرين في مصر يُعوّلون على السيسي كزعيم قويّ، الذي سيذهب بمصر في طريقٍ جديدةٍ. مع ذلك، قالت الدراسة إنّ ليس الجميع مرتاحون من انتخابه، وخصوصًا الإخوان، الذين يرون فيه عدوا لدودًا، الذي عزل مرسي وأعلن الحرب عليهم، ولكن أيضًا هناك فئات لبراليّة مصريّة تتخوّف من أنْ يبتعد السيسي عن مبادئ الثورة، ويُعيد مصر إلى عهد مبارك البائد، مستغلاً قوته العسكريّة.
وبحسب مُعّد الدراسة، الباحث أفرييم كام، فإنّ هناك مهمتين رئيسيتين يتحتّم على الرئيس الجديد معالجتهما: الأولى، تحسين الوضع الاقتصاديّ، ذلك أنّ مصر تُعاني من أزمة اقتصاديّة متفاقمة منذ العام 2011، كما أنّ مشكلة البطالة، خصوصًا لدى الجيل الشاب، تتفاقم من يوم إلى آخر وعليه حلّها، لافتةً إلى أنّ هذه المهمة صعبة للغاية وغير قابلة للتنفيذ في فترة قصيرة، وبالتالي، إذا لم ينجح خلال فترة زمنيّة في حلّ المشكلة الاقتصاديّة، فمن غير المستبعد خروج المصريين إلى الشوارع والمُطالبة بتنحيته.
أمّا المهمة الثانية، قالت الدراسة، فهي محاربة الإرهاب الداخليّ وإعادة الأمن والآمان للمصريين، خصوصًا وأنّ الإخوان في وضع صعب، الأمر الذي سيُتيح للسيسي مكافحة ظواهر التطرّف الإسلاميّ في الدولة، وليس فقط من طرف الإخوان، إنّما من طرف مجموعات سلفيّة متشدّدّة، ستُحاول تنفيذ أعمال إرهابيّة ضدّ النظام الجديد.
علاوة على ذلك، أوضحت الدراسة أنّ السيسي سيضطر إلى اتخاذ القرار في كيفية وآلية علاقاته مع الدولتين العظمتين: أمريكا وروسيا، لافتةً إلى أنّ القيادة المصرية لم تُخفِ امتعاضها من الإدارة الأمريكيّة، التي لم تؤيّد السيسي فورًا، الأمر الذي دفعه إلى التوجه نحو روسيا، ورجحّت الدراسة أنّ التوجّه نحو روسيا ما كان إلا مناورة، وأنّه في نهاية المطاف ستعود العلاقات بين القاهرة وواشنطن إلى سابق عهدها، على حدّ تعبير الباحث كام
نخب إسرائيلية: تنصيب السيسي والأسد لصالحنا
أجمع معلقون "إسرائيليون" على أن تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وتواصل بقاء بشار الأسد على كرسي الرئاسة في سوريا، يحسن البيئة الاستراتيجية لـ "إسرائيل" بشكل غير مسبوق.
وقال المعلق العسكري عمير رايبوبورت، "إن أهم ما يثير حماس محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب لتتويج السيسي رئيساً حقيقة أن هذا التطور سيضمن ليس فقط تواصل مظاهر الشراكة الإستراتيجية بين تل أبيب والقاهرة، التي تكرست بعد عزل الرئيس محمد مرسي، بل إنه سيؤدي إلى تعزيز هذه الشراكة وتطورها".
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية الثلاثاء، أشار رايبورت إلى أن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب، ترى أن العوائد الاستراتيجية التي ستجنيها "إسرائيل" من وجود السيسي في الحكم ستسمح لها بالتفرغ لمواجهة تحديات استراتيجية كثيرة.
ونقل رايبورت عن هذه المحافل قولها إن الحرب التي لا هوادة فيها التي يشنها السيسي على الجماعات الجهادية في سيناء وحرصه على "تقليم أظافر" حركة حماس يصب في صالح "إسرائيل".
وأعاد رايبوبورت للأذهان حقيقة أن "إسرائيل" خططت لاستثمار مليارات الدولارات في تعزيز الجبهة الجنوبية بعد ثورة 25 يناير وخلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، تحسباً لحدوث تدهور أمني خطير على الحدود.
وشدد رايبوبورت على أن أهم "عائد" استراتيجي تنتظره "إسرائيل" من حكم السيسي هو حقيقة تأكدها أنه لن يدفع نحو تطوير الجيش المصري، بحيث أن "إسرائيل" ستكون مطمئنة إلى ثبات ميزان القوى الاستراتيجي الكاسح لصالحها.
ويذكر أن وزير الخارجية "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان طالب بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي بتدشين ثلاث فرق عسكرية جديدة، والدفع بها إلى الحدود مع مصر، وإعادة بناء قيادة المنطقة الجديدة، علاوة على أنه طالب بتطبيق خطط تقشف اقتصادية لتمكين "تل أبيب" من تمويل متطلبات تعزيز القوة العسكرية.
وفي السياق ذاته، نوه رايبوبورت إلى أن نجاح بشار الأسد في البقاء بعد ثلاث سنوات من الثورة ضده يمثل "بشرى سارة" بالنسبة لـ"إسرائيل".
وأكد رايبوبورت أن التطورات التي شهدتها سوريا قد أخرجت الجيش السوري من دائرة التوازنات الاستراتيجية، لدرجة أن "إسرائيل" تتعامل مع الواقع في سوريا وكأنه ليس هناك جيش قائم في واقع الأمر.
من ناحيته، قال ألون بن دفيد، معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة "الإسرائيلية" العاشرة، إن الجيش المصري في عهد السيسي سيظل "جيش الأمس"، في إشارة إلى أن هذا الجيش لا يبذل جهدا يذكر في تطوير قدراته القتالية وتوظيف التقنيات المتقدمة في الجهد الحربي.
وفي تعليق على انتخاب السيسي، نقل بن دافيد الثلاثاء عن مصادر مسؤولة في الجيش "الإسرائيلي" قولها، إنه لم يحدث في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي" أن حرصت تل أبيب على تسليح جيش عربي كما حدث في عهد السيسي، مشيراً إلى الضغوط التي مارستها "إسرائيل" على الكونغرس الأمريكي لضمان تزويد الجيش المصري بمروحيات "الأباتشي".
ونوه دافيد إلى أن "إسرائيل" لم تكن تقدم على مثل هذه الخطوة إلا لعلمها أن هذه المروحيات ستوظف لصالحها، مشيراً إلى أن الهجمات التي تنفذها هذه المروحيات في سيناء تستهدف الحركات الجهادية التي يمثل ضربها مصلحة مؤكدة لـ"إسرائيل".
03 يونيو 2014
بيع قلب القاهرة للأجانب ونقل العاصمة السياسية والإدارية إلى العين السخنة
المشير السيسي ينفذ مشروع جمال مبارك:
بيع قلب القاهرة للأجانب ونقل العاصمة السياسية والإدارية إلى العين السخنة
بقلم: عامر عبد المنعم
من الكوارث التي جاءت في مشروع المشير عبد الفتاح السيسي المتعلق بالتقسيم الإداري الجديد للمحافظات المصرية، نقل العاصمة الإدارية والسياسية للدولة المصرية من القاهرة إلى صحراء العين السخنة، في توجه غير مدروس، ويتناقض مع أي تفكير استراتيجي.
أعلن المشير السيسي وهو يشرح خريطته للمستقبل نقل الوزارات والحكومة والسفارات من وسط القاهرة إلى منطقة العين السخنة بعد مد محافظة القاهرة شرقا حتى خليج السويس.
مشروع السيسي سيعيد تقسيم كامل المنطقة من حدود القاهرة الحالية إلى السخنة وتوزيعها على السفارات الأجنبية ووزارات الحكومة (بعد إعادة هيكلتها وتوزيعها على المحافظات) وفي ظل غياب رأس المال الوطني ستباع الأراضي للشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب أصحاب المصلحة في السيطرة على هذه المنطقة لوقف الزحف السكاني إليها من أجل إبقائها خاوية في انتظار الحلم الصهيوني الخاص بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
ينفذ مشروع السيسي التصور الجديد للقاهرة الذي ورد في مشروع جمال مبارك الذي أطلق عليه "القاهرة 2050" مع بعض التعديل، وهذا المشروع يهدف إلى وقف التمدد السكاني للقاهرة الكبرى شرقا، وإخلاء وسط القاهرة وتحويلها إلى متحف عالمي، وإزالة الأحياء الشعبية التي يطلقون عليها"العشوائية" ونقل الكثافة السكانية إلى غرب النيل ( بدأت بإنشاء مدينة 6 أكتوبر وستستكمل بمشروع ممر التنمية الذي يقف خلفه الدكتور فاروق الباز).
كان مشروع جمال مبارك يخطط لنقل الوزارات والسفارات إلى أطراف القاهرة مع وضع حزام أخضر وتخطيط هندسي لوقف تمدد السكان شرقا، ولكن يبدو أن الدوائر الصهيونية التي تهيمن على مصر الآن وجدت الفرصة سانحة لوضع اليد على كامل المنطقة الشرقية في ظل مشروع المشير السيسي.
فيما يبدو أن المشير السيسي يريد زيادة الحصيلة التي يستهدف جمعها، برفع قيمة الأراضي في المنطقة الشرقية بالإعلان عن هذه العاصمة الجديدة، ولكي يجد مبررا مقنعا يقدمه للمصريين لبيع ممتلكات الدولة من مباني وعقارات بالقاهرة الكبرى لبناء مقار الحكومة الجديدة، وهو ذات المبرر الذي ورد في تخطيط "القاهرة 2050" . وقد كلف لوبي جمال مبارك من قبل لجنة حكومية بها خبراء من الآثار والثقافة لحصر المباني والعقارات الأثرية بالقاهرة الكبرى، الخديوية والإسلامية والمسيحية، لتحديد المباني التي الأخرى التي سيتم بيعها، و لم تتضمن القوائم الأثرية ماسبيرو الذي سيتم بيعه ولكن التصميمات في المخطط أوضحت أنه سيباع بشرط أن يبقى على هيئته دون هدمه.
المشير السيسي وفقا لتصريحاته يريد الحصول على أكثر من تريليون جنيه لتنفيذ مشروعه لتنمية مصر حسب رؤيته، وقال أنه يريد مضاعفة الناتج القومي الإجمالي السنوي من 1.3 تريليون جنيه إلى 2.6 تريليون جنيه خلال عامين أو ثلاثة من خلال بيع الأراضي بالصحراء الشرقية والغربية والمناجم والمحاجر والجبال الغنية بالمعادن دفعة واحدة في أكبر عملية بيع للأراضي المصرية منذ أيام الفراعنة.
وهذا المبلغ الكبير قد لا يتحقق بالسرعة التي يريدها، لذا هو يعود إلى تنفيذ مشروع جمال مبارك الذي يطرح ممتلكات الدولة داخل القاهرة الكبرى للبيع لليهود والأجانب، حيث يتضمن مشروع جمال مبارك تصورا شاملا لقاهرة جديدة عام 2050 بلا حكومة وبلا أحياء شعبية، يملكها ويديرها رجال الأعمال.
يجب أن نعي أن الذي يخطط لنا دوائر متشابكة من قوى إقليمية وتمرر ما تريد من خلال الاختراقات الواسعة في الدوائر المحلية، فالذي أعد مشروع القاهرة 2050 وقدمه لجمال مبارك لتنفيذه خبراء يهود من خلال "برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" بمشاركة البنك الدولي وبعض المنظمات الدولية وطرحوه كمشروع حكومي من خلال وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
ومن العجيب أن الماكينة تعمل ولا تنتظر التنفيذ الرسمي للمشروع، فأثناء المناقشات حول المشروع منذ سنوات بدأ المستثمرون الأجانب وواجهاتهم ووكلاؤهم يشترون المباني القديمة بوسط القاهرة، بعضها من هيئات حكومية، وزحفوا على بعض الأحياء مثل بولاق أبو العلا.
ما أريد التأكيد عليه أن الدوائر التي وضعت مخطط مشروع جمال مبارك هي ذات الدوائر التي وضعت مشروع المشير السيسي، لكن يبدو أن هناك تغيير في ترتيب المراحل.
فمشروع جمال مبارك كان يخطط أولا لتسليم قلب القاهرة للمستعمرين القدامى من الأجانب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه أيام الاحتلال الانجليزي وتمكينهم من كورنيش النيل، ثم الشروع في بناء عاصمة جديدة غرب النيل بين المنيا وأسيوط والواحات فيما بعد، لكن يبدو أن مشروع السيسي يريد تنفيذ فكرة العاصمة أولا ولكن بتغيير مكانها إلى العين السخنة ثم تفكيك القاهرة وخلخلتها وبيع ما تم تحديده من قبل في مشروع جمال مبارك.
ولم يحدث تغير في باقي السيناريو وهو الاعتماد على مشروع فاروق الباز لنقل الكثافة السكانية إلى غرب النيل. وممر التنمية فكرة قد تبدو جيدة من حيث الشكل، لكن المكان المختار عليه عدة ملاحظات، أهمها أنه يمتص الكثافة السكانية ويركزها غرب النيل، ويساهم في الإبقاء على الصحراء الشرقية بدون سكان، وهذا مطلب إسرائيلي.
ويرتبط بموضوع الكثافة السكانية في مشروع السيسي فصل الواحات كامتداد لـ 6 أكتوبر وضمها إلى الجزء الشمالي من محافظة الوادي الجديد وإنشاء محافظة جديدة باسم الواحات، لوقف حركة الانتشار السكاني المتسارع في أكتوبر ومنعه من الامتداد إلى قلب الصحراء الغربية ( التدفق الحالي معناه وصول المد السكاني إلى قلب الوادي الجديد خلال 10 سنوات بشكل طبيعي) لتظل الصحراء خالية من السكان لتهيئتها لتكون امتدادا لدولة وادي النطرون الطائفية، وهذا ما تناولته بالتفصيل في مقالي السابق (تهيئة الصحراء الغربية لتكون امتدادا للدويلة المسيحية في وادي النطرون ).
مشروع المشير السيسي لبيع الأراضي وممتلكات الدولة يأتي كمرحلة متقدمة لتنفيذ مخطط وضعته دوائر صهيونية وصليبية دولية منذ عقود لتفكيك السلطة المركزية المصرية بتجريد الدولة المصرية من ممتلكاتها لشل قدرتها على قيادة التنمية وإدارة الاقتصاد، بنقل ممتلكات الحكومة إلى مجموعات من اللصوص المصريين والأجانب لتسليم البلاد للسيطرة الخارجية.
المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب : الكذب وحده يكفى
· إن كذب الأزواج ، تستحيل العِشْرَة
· وإن كذب الشريك ، تُفَض الشركة .
· وإن كذب المَدين ، يَحلُ الدين فورا .
· وإن كذب المتعاقد ، يُفسَخ العقد .
· وإن كذب الموظف ، يُحال الى الشئون القانونية .
· وإن كذب المسئول المالى ، يُحال الى النيابة العامة .
· وإن كذب أمين العهدة ، تُجرد عهدته ويُعزل .
· وإن كذب الإقرار الضريبي ، تُهدر الدفاتر .
· وإن كذب المسافر ، يُغَرَم جمركيا .
· وإن كذب الأجنبى ، يثير الريبة .
· وإن كذب الحارس ، يُفصَل .
· وإن كذب الخادم ، يُطرَد .
· وإن كذب السيد ، يُحتَقر .
· وإن كذب الحزبي ، يُشتبه فيه أمنيا .
· وإن كذب السياسى ، يفقد مصداقيته وجمهوره .
· وإن كذب الكاتب ، لا يُقرأ .
· وإن كذب الداعية ، ينفض الناس من حوله .
· وإن كذب المُعلم ، يَفسد الطلاب .
· و إن كذب القاضى ، تسود الفتنة .
· وإن كذب الشاهد ، يُجَرَم و يعاقب .
· وإن كذب المواطن فى محرر رسمى ، يُحبس .
* * *
فحياة أى أسرة أو مؤسسة أو جماعة أو مجتمع أو شعب أو أمة أو دولة تقوم وتنهض على عقد اجتماعي يمثل الصدق فيه العامود الفقري .
فان غاب ، تنهار الجماعة .
***
فإن كان النظام هو الذى يكذب ، فانه يفقد شرعيته .
والانتخابات الأخيرة ، كانت كذبة كبيرة .
الجميع يعلم ذلك :
المرشحون والناخبون والمثقفون والعامة والساسة والحكومة والمعارضة ورجال الأمن والقضاة ومنظمات حقوق الإنسان والأحزاب ومؤسسة الرئاسة والرئيس ومجلس الوزراء والوزراء ورؤساء التحرير والصحفيون والإعلاميون والمذيعون ومعدو البرامج والكتاب والفنانين والطلبة ..الخ ، حتى ربات البيوت .
كما يعلم الجميع أن النظام الحالى كله لا يعدو أن يكون بناءً كاملا من الأكاذيب فى الانتخابات و فى غيرها.
هذه هى خلاصة الحكاية بدون كلام كثير .
وحسبنا الله ونعم الوكيل .
***
القاهرة فى اول يونيو 2014
د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب : حفظ الود وصيانة العهد
إن من أكبر الخيانات وأعظمها فحشاً وأشدها قبحاً، وكلها فاحشةٌ وقبيحة، أن يخون الإنسان من ائتمنه، وأن يغدر بمن صدقه، وأن ينقلب على من قدمه، وأن يتآمر على من كان يوماً ولي نعمته، وصديق عمره، ورفيق دربه، وشريكه في الحياة، يتقاسم معه لقمة العيش، ويحرم نفسه وولده ليعطيه، ويدافع عنه ليحميه، ويقاتل من أجله لينجيه، يؤثره على نفسه، ويقدمه على أهل بيته، ويعطيه عن طيب خاطرٍ ورضا نفس.
وإن من أسوأها أن ينس الإنسان العشرة، وأن يتجاهل الفضل الذي كان، والعلاقة الطيبة التي عمرت سنين طويلة، فيتحالف على أخيه، ويتآمر عليه مع عدوه وخصمه، لينال منه، ويسيئ إليه، ويتجسس عليه، ويحصي عليه سكناته وحركاته، وهو الذي يعرفه ويفهمه، ويدرك أنه كان له يوماً نعم الأخ والصديق، وخير سندٍ وأفضل رفيق، ثم يأتيه من حيث لا يحتسب، وينال منه وهو الذي أمنه وصدقه، وأحسن إليه وقدمه، وأدخله بيته، وأطعمه من إدامه، وجلس معه على ذات المائدة، وشرب وإياه من نفس الإناء، لكنه خاصم وفجر، وخان وانقلب، وطمع وكذب.
نسي الخائن البواق، أن الزمن قادمٌ وأنه دوار، وأن الأيام دولٌ، وأنه كما تدين تدان، وأنه كما تكون لأبيك يكون ولدك لك، فإن كنت باراً به طيعاً له، برك ولدك وأطاعك، وإن كنت عاقاً له وسيئاً معه، أساء إليك ولدك في آخر أيامك، وبقية عمرك، فالإحسان كما الإساءة قرضٌ ودين، والإنسان يجني ما زرع، ويحصد ما بدر، وإن تأخر الزمن، وتبطأت الأيام، وظن أنه من العقاب قد فلت، ومن الجزاء قد نجا، وأنه قد سبق بما ارتكب، وفاز بما سرق ونهب، ونعم بما كسب وكذب.
نسي ناكر الجميل، المنقلب على الفضل والخير، أن الله موجودٌ، يسجل ويدون، ويراقب ويرى، وأنه جل شأنه يفرح للوفاء، ويبارك عمل المخلصين، وأنه يغضب من الخائنين ويلعنهم، وينتقم منهم، ويصيبهم في الصحة والمال والولد، ليقيم ميزان العدل، ويرفع لواء الحق، وينتقم للضعفاء المظلومين، والصادقين المخلصين، وإلا فإن البقاء سيكون للأقوى والأظلم، والعدل سيقيمه الهوى، ويرفع أسواره الطيش.
لعمري نحن في زمانِ غريبٍ عجيب، تبدلت أحواله، وتغيرت سننه وقوانينه، فما عدنا نعرف فيه قيم الوفاء والنبل والشهامة والصدق والحب والولاء، فقد غابت عنه معاني الرجولة، وقيم الإباء، ومفاهيم الأصالة والعراقة، التي كانت تميزنا، والتي كنا بها نفتخر ونعتز، وقد كنا بالوفاء أقوى، وبالصدق أنقى، وبالنبل أصفى، وبالشهامة أكثر احساساً بالأمن، وإدراكاً للطمأنينة وسلامة الطريق.
طوبى لمن كان وفياً لصديقه، صادقاً معه، مخلصاً له، مدافعاً عنه، أميناً معه، محباً له، في السر والعلن، وفي الحضور والغياب، وفي الحياة وبعد الموت، فإنه سيخلد ذكره ومن أحب، وسيحفظ اسمه ومن صادق، وسيكون للعالمين مثالاً يحتذى، وقدوةً يتأسى به الناس، وبه يهتدون، ولفعله يحمدون، ولعمله يذكرون.
والويل لمن خان العهد، وانقلب على الود، فكان في أصله سيئاً، وفي حقيقته خبيثاً، أو ضل وانحرف، وزاغ واختلف، واستجاب للوشاة، واتبع سبيل النمامين الكاذبين، فخسر نفسه قبل صديقه، وتخلى عن انسانيته قبل أن يفقد حبيبه، فأصبح الحيوان البهيم أفضل منه وأعقل، وأصدق منه وأخلص، وأنقى نفساً منه وأحفظ للعهد من مثله.
صبحى الحديدى يكتب عن : "امتهان ‘مصر البهية’
على شاكلة رئيسه المخلوع محمد مرسي، الذي أقسم له اليمين الدستورية والولاء الشخصي، أعلن المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي أنه سوف يتنحى دون إبطاء إذا اتضح أنّ هذه هي رغبة الشعب. وعود تُلقى جزافاً، أدراج الرياح، غنيّ عن القول؛ وإذا لم تصدق قبلئذ عند مرسي المدني، فــلا يعـــقل ـ إلا عند الـــسذّج وحدهم، والمتغافلين عن سابق قصد ـ أن تصدق عند جنرال عسكري، جاء إلى الترشيح من بوّابة انقلاب عسكري.
ولأنّ الإعلام المصري المعاصر، الرسمي منه والخاصّ، هو أحد أوضح مستويات ، والمؤشر الجلي على انحطاط الكثير من خطاباتها السياسية والثقافية، فضلاً عن تلك العلمية (كما تشهد عليها حكاية ‘صباع الكفتة’ الذي يعالج سلسلة أمراض مستعصية تحار في علاجها البشرية)؛ اختار السيسي 20 من رؤساء تحرير ومسؤولي وسائل الإعلام، وحاضر فيهم طيلة أربع ساعات ونيف، ليبلغهم جملة رسائل قاطعة: 1) لا تكثروا من الحديث عن حرية التعبير والحقوق العامة والإصلاحات الديمقراطية، لأنّ هذه المطالب تضرّ بالأمن القومي؛ و2) الديمقراطية هدف ‘مثالي’، ويحتاج إلى 25 سنة على الأقلّ؛ و3) على وسائل الإعلام التركيز على حشد الجمهور خلف الهدف الستراتيجي المتمثل في الحفاظ على الدولة المصرية؛ و4) لا يمكن للمصري أن يمارس الحرّيات العامة إلا إذا توازنت تلك الحرّيات مع الأمن القومي؛ و5) هذا الشعار، ‘لا صوت يعلو فوق حرية التعبير’، ما معناه أصلاً؟ و6) ألا تعلمون أنّ ملايين المصريين باتوا عاجزين عن ‘أكل عيشهم’ بسبب الاعتصامات والتظاهراتô
إزاء هذا المستوى من امتهان مصر، الارجح أنّ جمال حمدان (1928 ـ 1993)، المفكر المصري الكبير الراحل، يرتجف اليوم في قبره، إشفاقاً وغيظاً وحسرة، على مآلات بلده العظيم، وما ينحدر إليه بأيدي كثير من بنات مصروأبنائها أنفسهم. وما من باحث جيو ـ سياسي وجيو ـ استراتيجي نذر نفسه، مثل حمدان، لكشف الغطاء عن الوجه الآخر العبقري لهذا المكان؛ وعمله الفريد ‘شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان’ هو ببساطة 4000 صفحة من استقصاء علاقات الجغرافيا والتاريخ والانتخاب الطبيعي والجيو ـ سياسي، وثقل المحيط والموضع والموقع، وفلسفة المكان والكائن، في الزمان الفعلي الصلب والجارح والواضح.
لكنّ مصر، عزيزتنا و’محروسة’ حمدان، سوف تواصل الحياة كما فعلت أبد الدهر وتفعل اليوم أيضاً: على هواها الملحمي، رغم الضفادع والبعوض والجراد (وأنساق الأوبئة، كافة، كما تمناها ‘العهد القديم’ لهذا البلد العظيم)؛ وكذلك، وأوّلاً: رغم هذه المساخر التي تُسمّى حملات انتخابية!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)