نزعم أن هذا الخيار لإيقاف الجريمة الإثيوبية ضد مصر ، والمتمثلة فى بناء سد النهضة ، لم يتطرق إليه أحد من الخبراء أو الساسة ، أو تعاملوا معه بخفة لا تليق بخيار ، نحسبه هو السبيل الصحيح الممكن الآن للضغط على أثيوبيا لإيقاف بناء هذا السد الذى سيحول مصر إلى مقبرة للعطس والفقر الزراعى ، إنه سبيل الضغط على رأس الأفعى وليس ذيلها أما رأس الأفعى فى هذه الجريمة ، فهى باختصار وبشكل مباشر ؛ إسرائيل ، والولايات المتحدة ، فهما اللتان تقفان بقوة خلف مشروع السد ، وما بعض الدول الخليجية ممن يقدم الأموال لمشاريع الزراعة وبناء السدود فى أثيوبيا سوى منفذين ، للمطالب (أو بدقة أكثر للأوامر الأمريكية/الإسرائيلية) لتكبيل مصر ووأد ثورتها وتحويلها إلى متسول دولى ، من البنك والصندوق الدوليين ومن بعض مشيخيات الخليج التى توجد بها حوالى 13 قاعدة عسكرية أمريكية بدون فتوى للجهاد أو للتحريم أو للثورة كما فعل بهمة لا يحسدون عليها بشأن الصراع مع سوريا !! .
* إذا عرفنا (رأس الأفعى) فى أزمة مصر المائية مع أثيوبيا ، فإن ثمة طريقتين للتعامل معها ، الطريقة الأولى :والتى يقترحها بعض المنسحقين والمطبعين من ساسة وجنرالات سابقين ، وهى أن نمد إسرائيل بمياه النيل مقابل أن تأمر (هى وواشنطن) أثيوبيا وأوغندا بإيقاف عملية بناء السدود (4 سدود) فوراً ، وهى طريقة ثبت فشلها لأنها تؤسس لحقوق للكيان الصهيونى فى مياه مصرية يأخذها بالمجان وبدون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ، وستتحول تلك (المياه) لاحقاً إلى أداة للضغط السياسى والاقتصادى وربما للحرب العسكرية المباشرة ، وستطيل من أمد الاحتلال الصهيونى غير الشرعى لفلسطين مما يؤدى لضياعها بالكامل ؛ ومعها سيضيع حقنا فى مياه النيل ، وستصبح مصر بين فكى كماشة : حلفاء إسرائيل من الأفارقة (بعض حكام أثيوبيا وأوغندا) وإسرائيل فى شرقها بكل أطماعها فى سيناء واختراقاتها لتنظيمات العنف الدينى المنتشرة اليوم (هناك 12 تنظيم سلفى وهابى –قاعدى) !! .
* إذن لم يتبق غير الطريقة الثانية : وهى الضغط السياسى والمقاوم على إسرائيل ، رأس الأفعى فى الأزمة المائية الراهنة ؛ وذلك من خلال دعم حقيقى وفورى للمقاومة وللشعب الفلسطينى ومساعدته فى انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال ، وعدم التضييق عليه وتشويه جهاده بمسألة الأنفاق ، أو إلقاء التهم جزافاً على حركات مقاومته المجاهدة؛ ويكون سبيل الضغط أيضاً من خلال طرح معاهدة السلام (المسماة شعبياً بمعاهدة كامب ديفيد) للاستفتاء الشعبى لإلغاءها أو على الأقل إلغاء بنودها الظالمة التى تنقص من السيادة المصرية على سيناء.
* إن هذه الطريقة للضغط على إسرائيل عبر تفعيل عمليات المقاومة المشروعة ضدها فى جنوب فلسطين ، وعدم القيام بدور " السمسار " بينها وبين إسرائيل كما كان أيام حسنى مبارك والدعم الحقيقى ، حتى بالسلاح ، للمجاهدين الفلسطينيين ، والاتجاه الجاد والمشروع لإلغاء كامب ديفيد التى تكبلنا أمنياً وتنموياً (إذ أننا فى نظام ثورة تغيرت فيه - أو هكذا ينبغى - كل المعاهدات السابقة) ، هذا السبيل هو وحده القادر على الإيقاف الفورى لهذا السد / الجريمة ، أما الوسائل الأخرى والتى كثر الحديث عنها فى الإعلام والمؤتمرات الجوفاء للساسة ، وما سمى (بالأسلحة الناعمة) والأسلحة الخشنة ، فكلها وسائل مساعدة ، تتعامل للأسف مع (ذيل الأزمة) لا مع (رأسها) ،صحيح أن مصر الرسمية والشعبية كانت غائبة خلال الأربعين عاماً الماضية عن أفريقيا ، فى الوقت الذى كانتمصر – عبد الناصر حاضرة وبقوة من خلال الدعم الحقيقى لثورات أفريقيا ، التى كان أغلب قادتها يعيشون فى حى الزمالك بالقاهرة ؛ وصحيح أن مصر تمتلك (الأزهر) و(الكنيسة) ورجال الأعمال الوطنيين ، وتملك جهاز المخابرات العامة ، والجيش الوطنى ، والإعلام الفاعل ، لكنها – مع كامل الاحترام لها ورغم أنها وسائل مهمة فى
أزمة المياه الراهنة ، لكنها تتعامل مع أثيوبيا فقط ، ولا تتعامل مع من يقف خلف سلوكها السياسى / الاقتصادى المعادى هذا ، إن من يقف خلفها هو الذى يستحق أن نوجه إليه كل هذه الوسائل الناعمة ، خاصة وأن الموساد الإسرائيلى موجود فى أثيوبيا منذ 1995 كما ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية قبل أيام وتواجده جاء من خلال إقامة مصنع لصنع الوجبة العسكرية الإسرائيلية المشهورة (هلوف) وأن هذا المصنع كان يديره ضابط الموساد الإسرائيلى (شلومو شنارتس) وكان بمثابة غرفة عمليات للموساد فى أثيوبيا وهذا الوجود الإسرائيلى المخابراتى – كما ذكر العديد من الخبراء الصهاينة – هو الذى يقف بقوة خلف بناء سد النهضة ، والذى من بين من تشرف عليه (شركتان إيطالية وإسرائيلية) وأن الأخيرة هى التى ستوزع الكهرباء الناتجة عنه .
* وإذا علمنا أن مخطط إسرائيل فى التعاون أو الهيمنة المائية على أثيوبيا تتمثل فى الاستراتيجية التالية فعلينا إذن أن نعرف العدو الحقيقى فى الأزمة ، والاستراتيجية كما قدمتها دراسة مهمة نشرتها صحيفة الأسبوع فى عددها
17/6/2013 كالتالى :1 – بناء مشروعات شركة " تاحل " الإسرائيلية ويبلغ عددها (20) مشروعاً داخل أثيوبيا مستغلة مياه النيل وسدالنهضة .
2 – مشروعات إسرائيلية فى أثيوبيا ، حصلت إسرائيل بمقتضاها على قروض من البنك الدولى ، وبمساعدة أمريكية عددها (6) مشروعات .
3 – مشروعات إسرائيلية إنشائية تتعلق بمياه النيل فى منطقة " الأوجادين " على حدود الصومال وعددها (4)مشروعات .
4 – مشروعات إسرائيلية تتعلق بمسح مجرى نهر النيل ، والمنطقة المحيطة به وتتضمن (28 مشروعاً) .5 – إقامة أكثر من (43) مشروعاً على النيل الأزرق .
6 – إقامة (3) مشروعات لتنمية الأراضى الواقعة على الحدود السودانية – الإثيوبية لزيادة الرقعة الزراعية فى أثيوبيا.
7 – مشروعات إسرائيلية لرى (450) ألف هكتار (الهكتار = 10.000 (عشرة آلاف متر أو 2.38 فدان) منالأراضى الزراعية الأثيوبية وتبلغ (5) مشروعات .
8 – مشروعات إسرائيلية لتوليد (40) مليار كيلو وات من الكهرباء تبلغ (4) مشروعات .
9 – عدد (18) مشروعاً لتخزين حوالى (82) مليار متر مكعب من المياه .
10 – عدد (7) مشروعات لرى حوالى 90 ألف هكتار فى حوض النيل الأزرق .
11 – مشروعات لرى (28.500) ألف هكتار فى منطقة حوض نهر " البارو " .
12 – عدد (22) مشروعاً عل نهر " السوباط " .
* هذه هى (رأس الأفعى) وتلك مخططاتها ، فهل ننتظر أكثر من هذا حتى يكتمل مخطط العطش وتدمير مصرزراعياً ؟ ألا يستحق هذا المخطط الإسرائيلى توجيه بوصلة إعلان (الجهاد) فى الاتجاه الصحيح بدلاً من ذلكالاتجاه الخاطئ المتجه ناحية سوريا ، والذى لن يفيد سوى إسرائيل ومن يقف خلفها ؟! أسئلة لا تحتاج إلى إجابة .
E – mail : yafafr @ hotmail . com