وهى خطوة هامة و ضرورة وطنية لحماية الجبهة الداخلية من كافة انواع العبث و الاختراق والتجسس والتخريب و والافساد التى تقوم بها اجهزة الاستخبارات الاجنبية تحت ستار تمويل منظمات المجتمع المدنى
***
ولا نزال نتذكر فضيحة تهريب المتهمين الامريكان فى قضية المعهد الجمهورى الامريكى وشركاه ، التى انكسرت فيها ارادة المجلس العسكرى امام الضغوط الامريكية فضغط على عناصر من السلطة القضائية للسماح بسفر المتهمين رغم خضوعهم للمحاكمة ، وهو ما سبب جرحا بالغا للكرامة الوطنية .
وهى الازمة التى بدأت اول فصولها حين صرحت بكل صفاقة واستعلاء ، السفيرة الأمريكية آن باترسون أمام مجلس الشيوخ الامريكى فى جلسة 21 يونيو 2011 من أنه تم انفاق 40 مليون دولار لدعم الديمقراطية فى مصر منذ ثورة 25 يناير ، وأن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أمريكية لدعم المجتمع المدني . وان ذلك يأتى فى إطار حفاظ الولايات المتحدة على مصالحها فى المنطقة التى تأتى على رأسها استمرار معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل .
وما ترتب على هذه التصريحات من غضب الراى العام المصرى وضغطه على الحكومة المصرية للتحقيق فى المسألة مما أدى فى النهاية الى ملاحقة المنظمات الاجنبية العاملة بدون ترخيص ، والتى انتهت نهاية مفجعة على الوجه الذى ذكرناه .
ولا نزال نتذكر حملة الضغوط الهائلة التى مورست على مصر بعد القبض على المتهمين ، بدءا بالرئيس الامريكى الذى ربط بين الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى وبين السماح للمنظمات المذكورة بالعودة الى النشاط فى مصر .
وما ذكرته فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية حينها صراحة من ان الادارة الامريكية تضغط على مصر بكل الاساليب والوسائل بما في ذلك طريقة "العصا والجزرة "
ومرورا بتهديدات الكونجرس بقطع المساعدات ، ثم سيل الوفود الامريكية من وزير الدفاع الامريكى ، ورئيس اركانه ، ثم جون ماكين الذى صرح بانه ذاهب الى مصر لابلاغ الادارة المصرية "بالعواقب الوخيمة" التى ستترتب على استمرار منع سفر مواطنيه
ولم ننسى بعد ، التصريحات الوقحة لمجلس العلاقات الخارجية الامريكى بالكونجرس بعد انتهاء الازمة من أن (( المسئولين المصريين أدركوا أن التعقل هو الجزء الأفضل فى الشجاعة)) و ما قاله جيمس ليندسى نائب رئيس المجلس من (( أن الأمريكيين لم يعودوا إلى بلادهم نتيجة للأعمال العادية للنظام القانوني المصري، بل لأن إدارة باراك أوباما مارست ضغوطا "مبررة" على القاهرة مع تهديد ضمنى بمنع مساعدات صندوق النقد الدولي عن مصر))
وما قالته نولاند بعد الازمة كجائزة حسن سير وسلوك من "انهم قد اوصوا صندوق النقد الدولى بتخليص اجراءات قرض الـ 3.2 مليار دولار المتعثر "، وان أمريكا ستظل هى " الضامن الاولى لاستقرار مصر المالى " ((لم يتفضلوا علينا بالقرض حتى يومنا هذا !!))
ولا أظن ان احد يمكن ان ينسى ما قاله اللواء علاء عز الدين مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا فى مداخلة تليفونية لبرنامج أهل البلد بقناة مصر 25 حين قال (( أن التهديدات الأمريكية لمصر بعد القبض على المتهمين الأمريكيين تعدت التهديد بقطع المعونة ووصلت إلى حد التهديد بعمل عسكري ضد مصر ليس عن طريق أمريكا ولكن عن طريق إسرائيل))
وكلنا لا يزال يتذكر الموقف السلبي الذى اتخذته غالبية القوى الوطنية المصرية بإسلاميها وليبراليها من هذه الأزمة حيث وقف الجميع على الحياد بل انحاز البعض منهم إلى موقف الإدارة الأمريكية محتميا به .
حتى مجلس الشعب ، التزم الصمت ، وامتنع عن إصدار اى بيان يدين التدخل والضغوط الأمريكية فى الشأن المصري ولم يصدر اى تصريحات الا بعد سفر المتهمين .
***
والان تتعرض مصر الى ضغوط مماثلة ، ولكن هذه المرة لاصدار قانون للجمعيات على هوى الامريكان والاوروبيين .
فلقد صرحت السفيرة الامريكية آن باترسون فى كلمة لها امام عدد من رجال الاعمال المصريين بان السماح بالتمويل الاجنبى للمجتمع المدنى هو احد "الشروط الاربعة" التى يتوجب على مصر قبوله لتتلقى قرض الصندوق ، اما باقى الشروط فهى قبول شروط الصندوق /ورفع الدعم /والتصالح مع رجال اعمال مبارك
اما فيكتوريا نولاند فلقد صرحت منذ بضعة ايام بأنه "من الواضح جدًا أننا نؤيد تجديد المحادثات بين مصر وصندوق النقد الدولي، لأننا نعتقد أن هناك حاجة ماسة إلى دعم الصندوق، ولكن من الواضح أنه يتعين على مصر اتخاذ بعض الخطوات، هذا إضافة إلى قلقنا بشأن العدالة والقيود الجديدة على منظمات المجتمع المدنى والمظاهرات.. "
وبالطبع لم تسلم المسألة من ضغوط مماثلة من الاتحاد الاوروبى و المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة...
وهى الضغوط التى اوضحت ، جريدة الواشنطن بوست ، اسبابها الحقيقية بلا مواربة حين ذكرت منذ بضعة ايام فى سياق هجومها على القانون من انه ((سيحد من تأثير القوى الغربية على مصر)) !
وكنت قد سألت عدد من الاصدقاء الذين اثق فى وطنيتهم من اعضاء مجلس الشورى ، فاكدوا لى حقيقة الضغوط الامريكية والاوروبية القائمة وأعربوا عن استياءهم و قلقهم منها .
***
ولذا اخشى ما اخشاه ان تنكسر الارادة المصرية الرسمية مرة اخرى كما حدث من قبل ، فتخضع السلطة التنفيذية والتشريعية لهذه الضغوط ، ويقومون باصدار القانون الذى تريده الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى ، ويستمر فتح الابواب على مصراعيها لعبث اجهزة الاستخبارات الاجنبية على اختلاف هوياتها
ولذا اتصور اننا امام معركة وطنية من الطراز الاول ، تستوجب بناء حائط صد شعبى قوى ضد تمرير القانون الامريكى ، خاصة وان الدولة بصراعاتها الداخلية و مناعتها الضعيفة الحالية قد لا تستطيع أو لا ترغب فى ان تقول " لا " للامريكان !!!
وأخيرا فاننى ادعو الى وقفة وطنية صلبة يقودها الشرفاء من الشخصيات والاحزاب والقوى الوطنية الحقيقية يتمسكون فيها برفضهم لأى تمويل الاجنبى للعمل الاهلى او السياسى ، اىً كانت مصادره أو جنسيته ، مع التأكيد فى ذات الوقت على حتمية تحرير العمل الاهلى الوطنى المصرى الخالص من اى قيود أخرى قد تعيق نشاطه ونضاله ، ما عدا حظر التمويل الاجنبى .