* 68.6 مليار جنيه قيمة استحواذ لافارج الفرنسية على أوراسكوم
* الشركة تلاعبت فى البورصة لإثبات أن قيمتها 22.8 مليار فقط
* عائلة ساويرس تهربوا من سداد 14.4 مليار جنيه لخزينة الدولة
* دفعوا 3 مليارات جنيه أتعابا لأحد البنوك لإتمام الصفقة
* صفقة بيع أوراسكوم تمت قبل قيد أسهم الشركة بالبورصة
* إعلام ساويرس يصور المسألة على أنها تصفية حسابات سياسية
منقول
كشفت الأوراق والمستندات الرسمية للإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبى حجم الجريمة التى ارتكبتها شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة فى حق الشعب المصرى والاقتصاد الوطنى، وذلك بعدما أثبتت الإدارة التابعة لمصلحة الضرائب تهرب الشركة المملوكة لآل ساويرس بالتهرب من دفع 14.4 مليار جنيه ضرائب مستحقة لخزينة الدولة التى تدفع منها مرتبات الموظفين وتقدم بها الخدمات الصحية والاجتماعية وتنفذ من خلالها مشروعات البنية التحتية التى تفيد المواطن البسيط.
وأكدت المستندات أن صفقة بيع إحدى الشركات القابضة الفرعية التابعة لشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة للضريبة هى عملية استحواذ بقيمة 68.6 مليار جنيه فى حين تصر أوراسكوم على أنها مجرد عملية بيع لأسهم مقيدة بالبورصة المصرية بين شركة أوراسكوم وشركة لافارج الفرنسية بقيمة 22 مليارا و800 مليون جنيه، ومن ثم فإن الشركة مطالبة بسداد ضرائب دخل تقدر بقيمة 14.4 مليار جنيه لخزينة الدولة بدلا من القيمة التى سددتها وقدرها 4,8 مليارات جنيه فقط.
وأوضحت الأوراق أن آل ساويرس الذين يحاولون التهرب والتنصل من دفع حق الدولة فى صفقة استحواذ شركة لافارج الفرنسية على إحدى شركات أوراسكوم قد دفعوا 3 مليارات جنيه كاملة أتعاب للبنك الذى قام بعملية إعادة تقييم أصول وخصوم هذه الشركات، بالإضافة إلى أتعاب المستشارين القانونيين وتكلفة الإجراءات الأخرى المتعلقة بالصفقة التى تم التلاعب فيها بالبورصة لتصويرها على أنها عملية بيع أسهم وليس استحواذا.
المثير فى الأمر أن آل ساويرس الذين يمتلكون العديد من وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية حاولوا تصوير الأمر على أنه تصفية حسابات سياسية رغم أن ما يحاولون التهرب منه، هو حق الدولة وحق الشعب والمواطنين البسطاء الذين يعيشون على فُتات العيش، ويطالبون الدولة بالمطالب الأساسية للحياة، فى وقت يمر فيه الاقتصاد بأزمات وعثرات كبيرة جدا، ورغم ذلك يصر آل ساويرس على التهرب من الحقوق.
تلاعب فى البورصة
من جانبه، أكد ممدوح عمر -رئيس مصلحة الضرائب"- أن الإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبى التابعة لمصلحة الضرائب كشفت عن حقيقة صفقة استحواذ شركة لافارج الفرنسية على إحدى شركات أوراسكوم للإنشاء والصناعة، التى كانت فى ظاهرها عبارة عن بيع أسهم مقيدة فى سوق الأوراق المالية بقيمة 22.8 مليار جنيه، ومن ثم تستفيد من الإعفاء الممنوح للأسهم المقيدة بالبورصة طبقا للبند (8) من المادة (50) من قانون الضرائب على الدخل رقم (91) لسنة 2005.
وأضاف عمر أنه اتضح من خلال فحص المستندات والأدلة والأوراق المتعلقة بعملية البيع، سواء المقدمة لإدارة البورصة أو من الأوراق التى قدمتها أوراسكوم عن الصفقة لمصلحة الضرائب بأن مجموعة لافارج قامت بالاستحواذ على الشركة القابضة بالكامل بقيمة 68.6 مليار جنيه، ومن ثم فهى مطالبة بدفع 14.4 مليار جنيه ضرائب دخل.
وأوضح أن قبول مأمورية الضرائب للمستندات التى قدمتها أوراسكوم عام 2007 حول الصفقة وأنها بقيمة 22 مليارا و800 مليون جنيه، وإرسال نموذج 19 الخاص بالربط الضريبى فى ذلك الوقت دون المطالبة بالقيمة الحقيقية للضرائب المستحقة، هو خطأ وقع فيه مركز كبار الممولين، ولكن تم تداركه خلال فحص وتدقيق الملفات الضريبية بإقرار معدل من الممول أو تصحيح المصلحة بموجب إخطار جديد.
وأشار عمر إلى أن الأوراق والمستندات لدى مصلحة الضرائب أكدت أن خضوع قيمة الصفقة للضريبة كان بوصفها تمثل قيمة بيع للشركة القابضة الفرعية والشركات التابعة لها، وأن ذلك كان واضحا من المستندات المتعلقة بإعادة التقييم لقيمة أصول وخصوم الشركات المستحوذ عليها، التى تبين منها أن شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة وافقت بقرار الجمعية العامة غير العادية على استحواذ شركة لافارج الفرنسية على شركة أوراسكوم بيلدنج ماتريلز هولدنج، من خلال نقل ملكية شركة أوراسكوم بيلدنج ماتريالز هولندج من شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة إلى شركة لافارج الفرنسية.
وأضاف أن واقع هذه الصفقة يتضمن نقل ملكية الشركة وليس مجرد بيع أسهم، بالإضافة إلى أن التكاليف المتعلقة بالصفقة تدل على ذلك، حيث بلغت قيمة التكاليف المتعلقة بهذه الصفقة ما يقترب من 3 مليارات جنيه تشمل أتعاب البنك الذى قام بعملية إعادة تقييم أصول وخصوم هذه الشركات، بالإضافة إلى أتعاب المستشارين القانونيين وتكلفة الإجراءات الأخرى المتعلقة بالصفقة، التى يتضح من حجم تكاليفها أنها لا تقتصر على عملية نقل ملكية أسهم فقط بين شركة وأخرى، بل هى عملية بيع حقيقى للشركة القابضة الفرعية والشركات التابعة لها، لافتا إلى أنه لو كان الأمر يتعلق ببيع الأسهم ما كان ذلك يتطلب أكثر من تكاليف قيد هذه الأسهم بالبورصة المصرية لصالح شركة لافارج، بجانب عمولات شركات السمسرة التى نفذت العملية.
وتابع رئيس مصلحة الضرائب: كما أن المستندات تؤكد أن الإجراءات المتعلقة بإتمام الصفقة بكامل عناصرها تمت قبل قيد الأسهم بالبورصة، وإن ما ذهبت إليه المصلحة يتفق مع ما ذهبت إليه أحكام القضاء من أن العبرة فى شئون الضرائب بواقع الأمر وليس ما يخلعه الأفراد على عقودهم من تسمية أو تكييف، وهذا ما أظهرته العقود والأوراق المتعلقة بالصفقة سواء منها ما تعلق بالبورصة أم غير ذلك.
وشدد عمر على أن النزاع مع أوراسكوم لا يتعلق بشخص أو فرد أو شركة، وإنما هو قضية مبدأ وتنفيذ قانون وحق مجتمع فى موارد عامة، مشيرا إلى أن وزارة المالية حريصة على حماية حقوق الخزانة العامة للدولة وعدم التهاون أو التفريط فيها دون تعسف أو تعنت مع أحد، كما أن مصلحة الضرائب حريصة على حماية حقوق المستثمرين والعاملين بالقطاع الخاص لكونه قاطرة التنمية، مؤكدا أن المصلحة تعامل جميع أفراد المجتمع الضريبى بصورة عادلة بغض النظر عن حجم ما يسددونه من ضرائب؛ فالكل لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات نفسها.
وأكد رئيس مصلحة الضرائب أنه فى إطار هذه السياسة الثابتة لوزارة المالية، فقد تم تناول الملف بصورة ودية وإجراء مناقشات مع مسئولى أوراسكوم حول قيمة الضرائب المستحقة على الصفقة بعد أن تولت إدارة مكافحة التهرب الضريبى دراسة أوراق الملف، وقد بدأت المصلحة التفاوض مع الشركة منذ شهر سبتمبر 2012، وهذا يؤكد حرص مصلحة الضرائب وعدم تعنتها أو تعسفها فى تطبيق القانون.
وأضاف أن المفاوضات تتواصل بين مصلحة الضرائب والممثل القانونى لشركة أوراسكوم- لافارج من أجل التوصل إلى اتفاق تصالح، حيث سيتم عقد جولة جديدة من المفاوضات بين الطرفين اليوم، الأربعاء، سيتم خلالها تسلم البيانات الإضافية المطلوبة من الشركة بشأن واقعة البيع؛ نظرا لدورها المهم فى الكشف عن أن ما قامت به الشركة من إجراءات وسداد للضرائب المستحقة على نشاطها يمثل واقعة تهرب ضريبى وفق الإجراءات التى اتخذتها إدارة مكافحة التهرب بمصلحة الضرائب، والتى تطالب الشركة بسداد نحو 14,6 مليار جنيه بدلا مما سددته الشركة فعليا، الذى يبلغ نحو 4.8 مليارات جنيه فقط.
تغيير اسم الشركة
أما د. مصطفى عبد القادر -رئيس قطاع المناطق الضريبية- فقال: إن ما يؤكد صحة إجراءات مصلحة الضرائب، أنه فى حال نقل ملكية الأسهم من شخص لآخر فإن ذلك لا يؤثر على اسم أو نشاط الشركة؛ لأنه لا يحق للمشترى تغيير اسم الشركة، وهذا يختلف عما جاء بالأوراق والأدلة لدى مصلحة الضرائب التى أثبتت قيام لافارج الفرنسية -بعد الاستحواذ- بتغيير اسم شركة أوراسكوم للإنشاء إلى شركة لافارج، وذلك بموجب عقد الاتفاق الموقع بين الطرفين.
وأضاف أنه من الواضح من بنود العقد أن هذه الصفقة ما هى إلا بيع أصول وخصوم شركة أوراسكوم بيلدنج ماتريلز هولدنج وعدد (41) شركة تابعة وشقيقة، كما تبين من استعراض عقود الصفقة أن الشركة البائعة تضمن للشركة المشترية أن كل أصول الشركة المبيعة وشركاتها التابعة والبالغ عددها (41) شركة تابعة وشقيقة خالية من الرهون والالتزامات ولم يسبق بيعها من قبل.
أشار "عبد القادر" إلى أن بنود الصفقة تتضمن تبادلا للأسهم، حيث إن الشركة المشترية اشترطت على البائع الاكتتاب فى أسهمها فى بورصة باريس فى فرنسا لعدد 22,500,000 سهم من الأسهم التى ستقوم شركة لافارج الفرنسية بالاكتتاب بإجمالى قيمة الاكتتاب وقدرها 2,812,500,000 يورو بشروط الاكتتاب الواردة بالعقد، أى أن هناك تبادلا للأسهم وليس ناتج تعامل، وأن هذا التبادل يتم من خلال ناصف ساويرس، وأن الشركة تضمن ذلك فى حال عدم الوفاء بالالتزام، بما فى ذلك ضمانات البائع للمشترى تسليمه المجموعة الدفترية للشركات التابعة وللشركة نفسها.
وأوضح أنه ورد بالعقد أيضا تسلم الموافقة أو التنازل بخصوص الالتزامات المعلقة قبل تسلم الموافقة لغرض الاستحواذ على المجموعة من جانب المشترى، وذلك من قبل السلطة الحكومية المعنية وبموجب قوانين الرقابة على اندماج الشركات فى كل من إسبانيا وتركيا، أو انتهاء جميع فترات الانتظار بموجب هذه القوانين.
ولفت رئيس قطاع المناطق الضريبية إلى أنه من الواضح من المستندات أن شراء هذه الأسهم لم يكن بغرض البيع، ومن ثم لا يعد ناتجا للتعامل وفقا لمعايير المحاسبة المصرية، ومن ثم لا ينطبق عليها إعفاء ناتج التعامل من الضريبة، وهو ما يتضح جليا من القوائم المالية للشركة باعتبار أن الأوراق المالية بغرض المتاجرة يتم تقييمها سنويا على أساس القيمة العادلة فى تاريخ إعداد الميزانية، بينما هذه الأسهم تم قيد قيمتها فى بند الاستثمارات بالقوائم المالية التى يتم تقييمها على أساس التكلفة، وهذا ما يؤكد أن هذه الأسهم لم تكن محلا للتداول فى البورصة.
وقال عبد القادر: إن المشرع قرر معاملة ضريبية خاصة للتعامل فى بورصة الأوراق المالية بأن يعفى ناتج هذا التعامل الذى يحصل عليه شخص اعتبارى مقيم عن استثماراته فى الأوراق المالية المقيدة فى البورصة.
وأضاف أنه إذا قام الشخص الاعتبارى بشراء أو الاستحواذ على 50% أو أكثر من الأسهم أو حقوق التصويت أو أصول والتزامات شركة مقيمة مقابل أسهم فى الشركة المشترية أو المستحوذة؛ فإن ذلك يُعد تغييرا فى الشكل القانونى يستلزم معاملة ضريبية خاصة، حيث يترتب على هذا الاستحواذ تأجيل الالتزام الضريبى بالخضوع للضريبة إلى ما بعد التصرف فى هذه الأصول أو خلال فترة الاستهلاك وفقا للآلية المتبعة فى هذه المادة إذا ما تحققت الشروط التى نصت عليها المادة "53" من القانون، وفى حالة عدم تحقق هذه الشروط يتعين خضوع هذه الأرباح للضريبة عند تحقق الاستحواذ، وهذا ما يتوفر فى حق الشركة.
وتابع أن المشرع لم يشأ أن يربط بين عملية الاستحواذ والتعامل فى البورصة، بل عد كلا منهما حدثا ضريبيا يستلزم معاملة خاصة، وهو ما يفيد بأن الإعفاء يتقرر على ناتج التعامل المعتاد الذى تجريه الشركة على الاستثمار فى الأوراق المقيدة بالبورصة، أما الاستحواذ أو الشراء الذى يؤدى إلى سيطرة الشركة المستحوذة على 50% أو أكثر من أسهم الشركة المستحوذ عليها؛ فإنه لا يتمتع بالإعفاء، وإنما يترتب عليه فقط تأجيل الالتزام الضريبى إذا توفرت شروطه للضريبة، ولو شاء المشرع أن يربط بين الواقعتين لنص فى المادة "53" على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 50/8 المشار إليها"، وهو ما لم يتقرر فى حالة أوراسكوم.
وأكد أن قيام المصلحة بإخطار الشركة بنموذج 19 عن جزء من الأرباح على سبيل الخطأ لا يمنع المصلحة -وفقا للقانون- من تدارك هذا الخطأ وإعادة تصحيحه طالما لم تمر المدة اللازمة لتقادم الضريبة؛ حيث إن سنة الفحص كانت عام 2007 فيكون لمصلحة الضرائب إمكانية تصحيح هذا الخطأ قبل 30 إبريل من عام 2013.
وأضاف أن مصلحة الضرائب أبدت استعدادها للتفاوض مع شركة أوراسكوم فى إطار القانون لدفع مستحقات الدولة، وغلق هذا الملف؛ وذلك لأن دورها الأصيل هو الحفاظ على حقوق الدولة، دون تعنت أو تعسف مع الممولين، لافتا إلى أنه وفق الإجراءات التى نظمها القانون فإنه فى حالة اكتشاف وقوع خطأ فى المعاملة الضريبية؛ فإن مصلحة الضرائب تسارع بالإفصاح عن هذا الخطأ، والعمل على تصحيحه طالما أن تدارك الخطأ ما زال ممكنا من الناحية القانونية، وفى قضية لافارج فإن القانون يخول لمصلحة الضرائب التصالح بعد الحصول على حق الدولة، طالما أن القضية لم تحل حتى الآن للقضاء ولم يصدر فيها حكم قضائى بات.