بقلم عزيز الخزرجي
بدأت ألأمارات العربية بعد دولة قطر بحملة صحفية على السعودية من أجل محاولة إعادة و لو جزء صغير من حقل "شيبة" ألنفطي الهائل ألمخزون!ألمضمون ألذي ورد أدناه على لسان الكاتب الأماراتي ألدكتور سالم حميد صحيح و مؤثق و معروف و لا جديد تحت الشمس, إلا أنّ اللغة تُنبئ بإنهيار مجلس ألتعاون الخليجي بأسرع ممّا هو متوقع.
إعتبر الكاتب الإماراتي، د. سالم حميد الفكر السعودي الوهابي من أقبح و أنكر الأفكار على وجه الأرض!
و أضاف؛ أنّ الدين الإسلامي بريء من هذا الدين السعودي المستحدث المسمى بالوهابي، و منذ العام 1803 و نحن في دولة الإمارات نعاني من الإمكانيات السعودية الهائلة في تصدير أفكارها الشاذة، و لا أودّ هنا أن أطرح بدايات النفوذ الفكري السعودي في دولة الإمارات منذ بداية القرن التاسع عشر، لأن هذا الحديث مطولاً جداً، كما أنه معروف لدى الجميع أن السعودية تحتل ما يقارب 4 آلاف كيلو متر مربع من أراضي الإمارات، أي نحو مساحة إمارة دبي (دبي مساحتها 3885 كيلو متر مربع)، وتسرق يومياً نحو أو أكثر من 650 ألف برميل من النفط من أراضينا المحتلة.
سأتناول ما حدث ما بعد العام 1978 عندما دخلت القوات السوفياتية كابول لدعم الانقلاب الشيوعي ضد الفصائل الإسلامية المعروفين بـ "المجاهدون الأفغان، و تحت الضغط الأمريكي للدول
العربية و على رأسهم السعودية، تمّ السماح للشباب العربي و أولهم السعوديين، بالسفر للاشتراك في الحرب ضد السوفييت، و شخصياً طرحتُ سؤالاً على الرئيس الأفغاني الأسبق برهان الدين رباني عن مدى حاجة أفغانستان الفعلية لمن يُسمون بالأفغان العرب، و ذلك في مؤتمر صحافي عندما زار دولة الإمارات عام 2003، فقال: [كنا نفضل الحصول على قيمة تذكرة السفر التي أتى بها المقاتل العربي بدلاً من حضوره الشخصي!].
و أضاف ربّاني: [نحن لم نكن نعاني على الاطلاق من أي نقص عددي أو بشري من المقاتلين الأفغانيين، كان ينقصنا الدعم المادي و الأسلحة].
قامت السعودية في ما بعد و بطريقة رسميّة العمل على تشجيع الشباب ألسعودي و الخليجي بما يسمى بـ "الجهاد"، و قامت بإصدار الفتاوى بالكيلو و ربما بالأطنان بضرورة محاربة الكفار السوفييت، أي أن السعودية لم تكن سوى دمية تحركها الولايات المتحدة كيفما تشاء، و كانت الحكومة السعودية تحرص على تجييش المشاعر الدينية عبر مختلف الوسائل الإعلامية و إصدار المنشورات و التسجيلات الدينية، فكانت السعودية في حالة تعبئة دينية قصوى غسلت خلالها عقول الشباب والأطفال، ثم انجرّت الحكومات الخليجية بكل أسف خلف السعودية و فتحت أبوابها
هي الأخرى لمن يرغب من شبابها في الذهاب إلى أفغانستان، الأمر الذي لم يكن مستحسناً لدى الأفغان أنفسهم بل أنهم كانوا يتساؤلون و يسألون المجاهدين العرب: "إن كانت لديكم رغبة في الجهاد فلماذا لا تذهبون لتحرير فلسطين بدلاً من السفر آلاف الكيلومترات لتحرير بلاد لا ترتبطون بها سوى التشابه في الدين؟!"، لكن للأسف الشباب العربي كان مغسول العقل و انخدع بالتجييش الديني الذي طبقته السعودية بطريقة في غاية الذكاء بناء على أوامر من أسيادها في الولايات المتحدة، حتى بلغ عدد المتطوعين العرب أو من يسمون بالمجاهدين العرب أكثر من 40 ألف متطوع عربي في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، و كانوا يشكلون عبئاً و ليس عوناً على حركة المقاومة الأفغانية.
لم تكن تدرك السعودية أن من يريد أن يلعب بالنار عليه أن يعرف جيداً كيف يتعامل مع النار و إلا سوف تحرقه! و هذا ما حصل، فقائد "الحمقى العرب" – عفوا "المجاهدين العرب" - ذلك النعاق الأجرب عبدالله عزام يكن العداء الدفين لجميع الدول العربية، و وضع خطة خبيثة بعيدة المدى، تقوم على اعادة إرسال نصف من يسمون بالمجاهدين إلى بلدانهم الأصلية لرفع راية الجهاد ضد
شعوبهم و حكوماتهم الكافرة، و هذا ما حصل، فبعد خروج القوات السوفياتية من أفغانستان اندلعت الحرب الأفغانية الأهلية و عاد أغلبية الأفغان العرب إلى بلدانهم لبث سمومهم و الجهاد ضد أهلهم و ناسهم، حينها أدركت السعودية مدى الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه و تسبّبت في صناعة فئة ضالة من البشر، همّها الأول و الأخير إشاعة الفوضى و القتل والتخريب و الذبح باسم الدين! لقد إتّخذت السعودية من الدين وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية لكن تلك الخطة الأمريكية لم تكن مدروسة بالشكل الجيد، و الأفغان العرب الذين عادوا لم يكونوا سوى مصيبة حلّت على جميع الدول العربية بسبب السعودية.
في العام 1990 تسبب صدام حسين في تخريب و تدمير أقدم حضارة على وجه الأرض وهي العراق باحتلاله دولة الكويت، فكان الاحتلال العراقي و ما تبعه من قدوم لجحافل و قطعان و حيوانات القوات الأمريكية و أخرى إلى السعودية بمثابة الفرصة العظيمة لأسامة بن لادن الذي سرعان ما شكلّ تنظيماً سرياً لمحاربة القوات الأجنبية الكافرة في السعودية، ثم طُرِدَ و عاش في السودان ثم طُرِدَ مرة أخرى ليعود إلى أفغانستان و ينفذ ارهابياته من جهة، و من جهة أخرى يعاني العرب و المسلمين حتى اليوم من سوء المعاملة و التحقير في البلدان بسبب اسامة بن لادن.
بعد حرب الخليج 1991 و المصيبة الكبيرة التي تسبب بها في المنطقة صدام حسين، خرجت علينا السعودية بمرحلة جديدة عُرفت بـ "الصحوة الدينية 1991 – 2001" انفقت خلالها السعودية نحو 16 مليار دولار لترويج الفكر الديني المتشدد و النعاق الوهابي، أي أن السعودية لم تتعلم من الدرس الأفغاني و تبعياته و أصرت على الاستمرار في بث سمومها الغريبة التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي لا من قريب و لا من بعيد، حتى حلّت مصيبة "غزوة نيويورك" عام 2001، و شخصياً لا اعتقد أن السعودية ستتعلم من الدرس مرة أخرى و ستستمر في الترويج للأفكار المتشددة داخلياً و خارجياً كما قال تعالى: "الله يستهزئ بهم و يمدهم في طغيانهم يعمهون".
يُعرف التيار الديني المتشدد في عصر الصحوة بـ "السرورية"، و لا أعرف بصراحة إن كان هذا له علاقة بالسرور! إنما هو البؤس و الشقاء بمعنى أصح!
بل انه نجح و بفعالية كبرى و تغلغل في نفوس و قلوب الأطفال و الشباب و النساء، و نحن في دولة الإمارات لم نعرف اللباس السعودي القبيح المدعو بالنقاب إلا في عصر الصحوة السعودي!
فالتغلغل في وجدان المجتمع السعودي تبعه تغلغل آخر أشد و أقوى على بقية الدول الخليجية و من بعدها العربية، و هذا بسبب مليارات الدولارات التي كانت تضخها السعودية من أجل ترويج المفاهيم و الخزعبلات المتشددة عبر الخطب الدينية و النشرات الدينية المتشددة و الأشرطة الدينية السمعية و البصرية و المجلات و الإذاعات، هذا بخلاف القنوات التلفزيونية المشبوهة و المستمرة في النمو في ظل الدعم السعودي السخي و على رأسهم قناة المجد الأصولية، فلولا الدولار السعودي ما كان سيحل علينا هذا التخلف القبيح باسم الدين؟! بالطبع لا.
و كي لا نظلم النظام السعودي فقد كان هناك أيضاً دعماً مادياً سخياً من قبل كبار رجال الأعمال السعوديين للتيار الديني المتشدد، لكن يعيب الحكومة السعودية مباركتها الدعم المادي السخي الذي تحصل عليه الجهات الدينية من اليمين و الشمال لدعم مسيرة التخلف.
لقد قام هذا التيار المتشدد باستحداث بدائل لأغلب احتياجات الناس، لدرجة حتى أفراح الزفاف استحدثوا لها أناشيد خاصة تُعرف بأناشيد الأفراح، و بات الناس يراجعون الدين من الناحية الشرعيةلمزاولة أبسط أمور حياتهم اليومية و المعيشية، مع ترويج الكره و عدم التسامح مع الديانات الأخرى أو حتى المذاهب الدينية الإسلامية الأخرى كالمتصوفة و الشيعة، و أصبح المجتمع السعودي غارق في الأصولية، و بدأ في تصدير الأصولية إلى المجتمعات الخليجية الأخرى، و طالت لحى الرجال و قصرت كناديرهم حتى الركب و اتّشحت النساء بالسواد الأعظم من قمة الرأس إلى اخمص القدم، لدرجة يصعب التفريق ما بينهن و بين أكياس الزبالة السوداء! و تم تحريم أبسط الأمور الترفيهية، فالغناء حرام و الموسيقى حرام و المسرح و السينما و الثقافة حرام و الفن حرام و الأدب حرام و الشعر حرام و الكتاب الغير ديني حرام و نغمات الهاتف النقال حرام و السياقة حرام على المرأة و كذا الانترنت حرام على المرأة من دون محرم و المصافحة حرام و التصفير حرام و التصفيق حرام و القهوة حرام لأنها لم تكن معروفة في صدر الإسلام! و كل ما هو فرائحي أو ترفيهي حرام في حرام (حرّم الله عيشتكم يا عيال).