بقلم د . رفعت سيد أحمد
رغم خلافنا المشهود مع الإخوان فى قضايا مصر ما بعد الثورة ، وعلاقاتها العربية ومشاكلها الداخلية ، إلا أننا لا ينبغى أبداً أن نتجاوز فى (الخلاف السياسى) ، إلى مناطق (الكفر السياسى) بالآخر ، مهما اختلفنا معه ؛ وهى مناطق تنكر ماضيه المشرف ، وتخرجه من الصف الوطنى ، وأحسب أن الإخوان ، كانوا ، وأرجو أن يظلوا بإذن الله ، من أهم فصائل العمل الوطنى المصرى ، وربما كان هذا هو سبب قسوتنا وقسوة محبيهم عليهم عندما يخطئون اليوم ، وهم فى السلطة ، والتى هى فتنة لهم ، بقدر ما هى مكسب ، ومنحة من الله بعد طول صبر ومعاناة ؛ إن ما أزعجنى خلال الأيام الماضية ، ودفعنى إلى تمثل قوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا * اعدلوا هو أقرب للتقوى) ، هو قيام البعض بكيل اتهامات غير سياسية ، وغير نظيفة ، وغير أخلاقية ، لجماعة الإخوان ، منها أن من خصائص الإخوان التاريخية أنهم (يعتدون جنسياً على الأطفال !!) ؛ هل هذه أخلاق أو مهنية؟ أو أدب يستحق صاحبه منا أن نقف إلى جواره لنتهم الإخوان لمجرد أننا نختلف مع بعض مواقفهم السياسية اليوم ؟! هل يجوز كيل اتهامات لهم ليس فحسب باطلة ، بل وأيضاً مسفة وتسىء لصاحبها ، حتى ولو كان هو (قائد شرطة دبى) ؟! ؛ إن الخلاف مع الإخوان ينبغى له أن يظل خلافاً فى الإطار السياسى ، وأى تعد له يعد عدواناً لا يليق ولا ينبغى له أن يوجد ، وهو عدوان ، يطلب من كل كاتب حر أن ينصف الإخوان فوراً برفضه، والاعتذار عنه ، خاصة وهم فى مجمله أهل علم وتقوى وصلاح ومواقف محترمة ضد الفساد والاستبداد طيلة العهود الماضية .
* إن خلافنا السياسى مع الإخوان اليوم ، لا ينبغى له أن يصل إلى حد الاتهام فى (العرض) أو (الشرف) الشخصى أو الوطنى ، خاصة وأنهم من أوائل من دافعوا عن الوطن ، ودفعوا تضحيات جسام - وأنا أول من يعلم بحكم تخصصى الأكاديمى ورسالتى الماجستير والدكتوراه فضلاً عن 25 مؤلفاً سياسياً عن التيارات الإسلامية وبحكم التواصل الوطنى والسياسى مع الإخوان طيلة الـ 20 عاماً الماضية - .
إننا إذ نسجل اليوم خلافنا مع الإخوان فى قضية كتابة الدستور ، وأهمية أن يكتب بالتوافق ، وليس بأغلبية أعضاء مجلس الشعب والشورى الإخوانى والسلفى ، أو خلافنا معهم على استقبال المسئولين الأمريكيين (وآخرهم الصهيونى جون ماكين) فى مقر حزبهم السياسى أو مكتب الإرشاد ، أو خلافنا السياسى معهم على تأييدهم المفرط (غير المفهوم) لثورات حلف الناتو فى ليبيا وسوريا ، وصمتهم على ثورتى اليمن والبحرين ، أو خلافنا معهم على ما سربه البعض عن اتفاقات أو صفقات مع الأمريكان للمشاركة الرئيسية فى بناء شرق أوسط أمريكى بقشرة إخوانية – سلفية وبدعم قطرى سعودى ، يُبقى كامب ديفيد والعلاقات المُذلة مع واشنطن كما هى ، أو خلافنا معهم على أن الاقتراض من البنك والصندوق الدوليين هو إعادة إنتاج لنظام حسنى مبارك ولكن بلحية ، نقول أن خلافنا هذا معهم هو خلاف فى السياسة ، وهو خلاف مشروع بل هو واجب وطنى ، تفرضه تربيتنا ومبادئنا التى ناضلنا من أجلها وكان الإخوان فى طليعتنا جميعاً حين كان النضال واجباً ، طيلة الـ 30 عاماً الماضية ، ولكنه خلاف له ضوابط وأخلاق لابد وأن تحترم وألا نتعداها ، خلاف يقدر للإخوان ماضيهم المشرف وينصحهم أن يترفقوا بأنفسهم فى حاضرهم القلق ، وفى الفتنة الكبرى التى يمرون بها وتمر بها مصر ، فتنة (التمكين) و(السلطة) ؛ نقولها لهم بكل احترام وتقدير لجهادهم ، بعيداً عن الإسفاف ، والاتهامات الظالمة التى تُنزل بالحوار ، منزلة ، لا تليق ؛ لا بالإخوان ولا بمعارضيهم ، وفى المقابل على الإخوان أن يتقبلوا النصح والنقد بصدر رحب وألا يضيقونا به وأن يعدلوا من مواقفهم بناء عليه إذا كان صواباً ، فهذا أفيد لهم وللوطن من العناد فيما هو حق ؛ خلاصة القول ، إن الإخوان فصيل وطنى ، لا يملك أحد إخراجه من الجماعة الوطنية المصرية الواسعة ، فتاريخه وتضحياته ، وعطائه خير شاهد على ذلك ، فقط له علينا حق وواجب النقد بشرط واحد فقط أن يكون راقياً ، ومحترماً .