وكالة الأنباء الإسلامية - حق
قدّر الله تعالى أن نلتقي بأحد اخواننا الأسرى في سجون العراق وهو أخ فاضل من طلبة العلم واهل الدعوة والجهاد، وقد أفرج عنه قبل أيام بعد دفع أهله لفديةٍ قدرها 30 الف دولار مقابل اطلاقه ، علماً انه مكث 6 اعوامٍ في السجون بلا تهمة ولا محاكمة !!
فسألته أن يخبرني عما جرى له في ذلك السجن وعن مشاهداته التي غيّبها الإعلام، فوافق واسترسل وبكى ..وليته ماحكى ..
قال نصاً: اعتقلت أواخر عام 2006 بعد مداهمة قوةٍ مشتركة لقريتنا واعتقال اكثر رجالها، فمكثت في مركز للقوة المشتركة عدة ايام ثم نقلت الى بغداد وتحديداً الى سجن وزارة الداخلية السري او كما يسمى الطابق الأسود ، ومنذ اليوم الاول بدأت أتعرض للضرب بـ(الصوندات) والصعق وغيره.
كان معي سبعة معتقلين من اهل بغداد كلهم من الأعظمية وكانوا أجساداً بلا ارواح ، لا أكاد اراهم الا مستغيثين بربهم ينوحون من شدة ماواجهوا!!
حاولت مراراً تهدأتهم وتذكيرهم بالله وبما أعدّه للصابرين وكان يشتد بكائهم حينها ، ولسان احدهم يقول (إلا ان قالوا ربنا الله) ولم أكن أعلم أن التعذيب الذي كنت أتعرض له كان سياحة مقارنة مع واجهوه !! حتى جربت بنفسي ، فبعد شهرين من اعتقالي تم التحقيق معي لأول مرة ولم أكن وحدي، فقد جاءوا بأسرى من عدة سجون ليحققوا معهم ، قال المحقق لي : شلون ألقي القبض عليك ؟ قلت :مداهمة لقوة امريكية عراقية واخذوني من بيتي.
فقال :لا هذا غير صحيح !! انت تم اعتقالك اثناء هجومكم على رتل !! فتعجبت منه وظننته يحاول نرفزتي، قلت له اسألوا الاميركان قال : الامريكان لم يعتقلوك اللي اعتقلك هم لواء الذئب العراقي والآن أعطني أسماء كل اللي كانوا معاك في مجموعتك ، فأنكرت كل شي لكن بلا فائدة.
التعذيب في "جهنم"!
أمر الحرس بضربي حتى اعترف ، نزلت لقاعة "جهنم" كما أسموها ، واجتمع علي خمسة علقوني على بنكة حديد معلقة بالسقف رأسي للأسفل …ونزعوا ملابسي، تعرضت للصعق بالعصي الكهربائية والضرب بالصوندات ثم ربطوا (عضوي الذكري)بخيط بلاستك كي لا اتمكن من التبول واستمروا بحرقي بأعقاب سجائرهم.
بقيت على حالي يومين كاملين ، ثم أُعدت للتحقيق ، قال المحقق : اعرف انك تعبان ما تقدر تتكلم لكن وقّع على هذي الورقة عشان ترتاح ..ووقعت وقعت فقط لأتمكن من التبول ..وكنت أظن أن الأمر سينتهي عند هذا الحد ، بعد ايام نقلت الى سجن "شرف" السري والذي كانت الدقيقة فيه بسنة عندي!!
وتعرضت فيه للتعذيب المستمر حالي حال الآلاف الذي كانوا فيه ..لكن في يوم تم استدعائي ومجموعه لا اعرفها من الاخوة للتحقيق ولأول مرة ... رأينا قاضي موجود في التحقيق ولا اعلم إن كان قاضي فعلاً فمكانه ليس هنا ، قالوا لنا: لدينا معلومات تثبت انكم متورطين في اغتيال قاضي عراقي، واقسم بالله أنني لم اكن اعرف ولا احد من الاخوة اللي كانوا معي !! فكيف نشترك في قتل قاضي ؟! فأنكرنا بشدة ، لكن تفاجئنا بدخول(مخبر سري) مغطّى الوجه يؤكد أننا نحن من قتلنا القاضي ..فصدمنا كلنا ودخلنا في حالة هستيرية لشدة ما شعرنا من الظلم ..انزلونا للتعذيب كالعادة !!
وبعد العودة للعنبر والذي كان فيه اكثر من 200 شخص مع انه لا يتسع لخمسين ، جاء الي شاب في العشرينات يُقبل يدي ورأسي ويطلب أن اسامحه !! وعندما هدّأت من روعه وأعطيته الامان الذي طلبه قال بأنه هو من دخل عليهم في التحقيق بشخصية المخبر السري وانهم اجبروه وهددوه بإغتصاب زوجته!.
اغتصبوا امه وزوجته وزوجة أخيه وأخيه!
أمضيت في "شرف" عامين لا يعلم بحالنا الا الله فقد كنّا أمواتاً على شكل أحياء ..منسيين لايعلم اهلنا شيئاً عنا ،كانت فتنة عظيمة .. وفي عام 2009 عادوا للتحقيق معنا في قضايا جرت بعد اعتقالنا !! قالوا سجلوا اعترافاتكم كي ننقلكم لمحاكمات رسمية فرفضنا رفضاً قاطعاً.
في شهر 7 من ذات العام حصل ما كنت اخشاه وأتخوفه ، استدعيت للتحقيق وعند دخولي غرفة التحقيق صعقت لما رأيت أمي وزوجتي وزوجة اخي واخي، وقد كانوا مكبلين للخلف عيونهم مغطاة وأثار التعذيب ظاهرة عليهم وكانوا بلا ملابس تقريباً ..فجن جنوني وبدأت اصرخ بلا وعي وكنا وحدنا فقط.
لم يقوى احد منهم على الكلام والله كم تمنيت الموت حينها على أن اراهم بتلك الحال..بعد مدة دخل الضابط فقال : جبنا اهلك علمود يتطمنون عليك وانت اذا تريد تريحهم لازم تعترف باللي سويته ..فقلت اكتب الاعتراف وأنا أوقع ماتريد ..فكتب وقال انظر للورقة واقرأها كي تعرف تهمتك.
فوقعت بلا شعور فكان همي ان يخرج اهلي ..ثم قال المحقق ابق مع اهلك شوي عشان راح يرجعون لبيتهم ..فجلست معهم لا اعرف غير البكاء لغة لي.
يالله…لم يسلم من الاغتصاب والحرق احد !! امي، زوجتي، زوجة اخي، حتى اخي ..كان دقائق لا توصف ..قالت امي : ابني والله فرحتي بحياتك هونت علي.
عدت للعنبر وكنت قد فُتنت فعلاً في ديني ..لولا تذكير اخ لي من البلد الحرام وغيره من الاسرى اسأل الله ان يُفرج عنهم، بعد اشهر نقلت لتكريت، وليتكم تعرفون العذاب الذي يُلاقيه الاسرئ على يد (المنتسبين للسنّة) عبيد المالكي وعبيد البعث قبله ..هناك تمنيت العودة لسجن شرف !!
"السنة" في جيش المالكي أشد قذارة من الشيعة!
فقد تم اغتصابي وكل من رُحّل معي اكثر من مرة ..هناك لاحاجة لمحقق ولا شي…التعذيب عندهم فقط لقضاء اوقات فراغهم…كل يوم يُجربون تعذيبا علينا، أذكر أن احد الضباط كان (متدين) كما يزعم يقول انتم لستم مسلمين، انتم ضالين، تكفيريين ، شوّهتم سمعة الدين بتصرفاتكم تظنون انكم اهل حق، وضرب مثلا بالسعودية وحبسها للعلماء فقال تظنون أننا ظلمناكم ؟ هذي السعودية لانها عرفت الحق ضربتكم بيد من حديد وسجنت كل شيوخكم التكفيريين، والله انكم انتم الكفار ..وامريكا وجنودها بالعراق كان ضرورة لزوال كافر وانتم خالفتم الشرع بخروجكم عليها لان الضرورات تبيح المحظورات!!
ثم عادوا للتعذيب..في منتصف العام الحالي نُقلت لبغداد لسجن الرصافة لاول مرة وعيّن اهلي لي محاميا وتوصل المحامي الى حل مع احد القضاة، ويقتضي الحل أن ادفع رشوة للقاضي مقابل ان يطلق سراحي وهذا ماحصل ..فلله الحمد من قبل ومن بعد واسأل الله أن يُفرج عن اخواني واخواتي ..
أما مشاهداتي .فلم يلفت نظري الا الصمود الغير عادي لشباب لم يتجاوزوا العشرين من اعمارهم يموت احدهم تحت التعذيب ولا ينطق الا بما يرضي الله، وايضاً دُهشت للعدد الكبير (جداً)الذي رأيته لاخواننا الاسرى من جزيرة العرب فقد كان "شرف" يغص بهم واغلبهم اعتقلوا عند الحدود السورية.
انتهى كلام اخونا الأسير عند هذا الحد ..اسأل الله أن يأجره على صبره وأن يُفرج عن اخوانه .