26 يناير 2020

خمسة مقالات قديمة تكشف أن ثورة يناير خطط لها العسكر


هذه خمسة مقالات تتبع المدون سيد أمين خلالها توضيح فكرته التي يؤكد فيها أن ثورة يناير قامت بتخطيط من قبل المخابرات الامريكية بالتنسيق مع جهات في المخابرات الحربية ، وانها جاءت نتيجة صراع قوي وخفي داخل منظومة النظام نفسه استخدم فيها العديد من الاعلاميين والكتاب والنشطاء وانه بتدخل القوى الثورية الحقيقية الفاعلة مع تلك الثورة تحولت من حراك كان يراد به عزل مبارك وتولية عسكري  أخر بديلا له الى ثورة حقيقية فتدخلت قوى الثورة المضادة لوأدها بحراك مصطنع كما حدث في 30 يونيو 2013

02 يناير 2012

سيد أمين يكتب: فلول الثورة


أتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة حالة صاخبة من التخوين لنشطاء حقوق الإنسان ممن كان لهم دور كبير فى تفجير ثورة يناير المجيدة.
وأعتقد أن سيلا من المستندات وإغراقًا فى المعلومات والتفاصيل ستخرُّ علينا من كل حدب وصوب فى وسائل الإعلام المحسوبة على النظام الحاكم، وذلك بهدف تكوين قناعة لدى رجل الشارع البسيط بأن هؤلاء النشطاء الذين يصدعون الرءوس بالحريات هم خونة يعملون لصالح قوى ودول معادية لمصر.
وفى الحقيقة كنت أتوقع حدوث تلك الهجمة ضد الثوار والنشطاء منذ عدة أشهر مضت، وكنت أتلمس بدايات تلك الحملة فى وسائل الإعلام آنذاك وإن كانت قد بدأت على حياء بغية التمهيد لهذا الانقلاب علي الثورة وتهيئة الأذهان له عبر تشكيل قناعة بأن من يطالبون باستكمال الثورة هم يهدفون فى الأساس إلى إسقاط مصر.
وإذا كان المنطق يؤكد أن الحاكم العميل ألصقت به العمالة من خلال ممارساته الموالية للخارج واختياراته المطابقة لإرادة الأعداء ، وأن جميع رجاله هم على شاكلته فانه أمر لا شك فيه لأن رجال مبارك لاسيما فى مؤسسات الدولة الحيوية والمفصلية يسيرون على نفس منواله وإلا فما كان ليختارهم ليكونوا مسانديه طيلة ردح كبير من الزمن.
إن فهما على هذا النحو لما يحدث الآن فى مصر سيجعلنا نقلب الطاولة ونقول إن من يخون الوطن هم من خانوه على مدى سنوات طوال عجاف حكموا فيها البلاد ولا يزالون يحكمونها وليس النشطاء الذين كان لهم دور كبير فى تفجير الثورة والقضاء على رأس دولة الظلم.
وتعالوا نفهم سويا ماذا يحدث فى مصر أو عالمنا العربى – لأن الخطة كبيرة لا تفصل مصر وعالمها العربى - عبر ما أشرت اليه فى عدة مقالات سابقة حملت عناوين "ربيع الشرق الاوسط الكبير " و" فزاعات الثورة .. والدعم الرباني" و"ومبارك يؤيد مبارك ولا عزاء للثورة"و "مخطط تخريب الثورة وتسفيه الثوار" و"انها هى .. نظم بوش المارقة".
لقد خططت الولايات المتحدة الامريكية لإحداث تغييرات جوهرية فى نظم بعض الدول العربية فى خطة أسمتها " خطة الترميم والهدم" وهى خطة تقوم على ترميم النظم الرئاسية الموالية لها بهدف الحيلولة دون سقوطها كما فى مصر وتونس وذلك من خلال اطلاق ثورة شعبية تتم السيطرة عليها سياسيا ، وهدم النظم المعادية لها بهدف انشاء نظام جديد يدين لها بالولاء كما فى ليبيا وسوريا والسودان والعراق والجزائر واليمن عبر تصنيع ثورة بأيادٍ خارجية سرعان ما تأخذ زخما شعبيا جراء القمع المفرط لها من قبل السلطات.
وتتضمن الخطة فيما تتضمن أن تتولى حركة"الإخوان المسلمون" الحكومات فى كل الدول العربية فيما تنفرد أمريكا وحلفاؤها بالسيطرة على الجيوش العربية والمحافل القضائية على غرار ما تفعله فى تركيا على أن تقوم الاخيرة بتوجيه الحكومات "الاخوانية" والسيطرة عليها من الشطط والمروق واى محاولة للتحرر.
وقد يكون الهدف الابعد بالنسبة لامريكا وصمتها ازاء قيادة "الاخوان" للحكومات العربية أن تستخدمهم – دون قصد منهم – فى اثارة حالة من ململة شعبية لدى جميع الاقليات الدينية والعرقية فى العالم العربي مما ينتج عنه تكريس لحالات انفصالية تتزعمها القوى الغربية وتدعمها عسكريا لاحقا فضلا عن اعطاء صورة عالمية بأن تجربة الديمقراطية فى العالم العربي لم تجلب سوي المتطرفين، الامر الذى يبرر لها – اى لامريكا - مساندتها للنظم الديكتاتورية طيلة العقود الماضية.
وقد يكون هذا الرضا هو محاولة لتشكيل درع اسلامية سنية موازية للتغلغل الايرانى فى المنطقة العربية حال انتهاء لعبة تبادل المصالح بين واشنطن وطهران.
هذا هو المشهد العربى ، ولكن المشهد فى مصر اكثر دهاء ويأتى عن طريق سحب البساط تدريجيا من تحت اقدام الثورة والثوار، ومن ثم اعادة انتاج النظام الذى لم يسقط بعد ، فلقد خططت القوى الغربية بالتعاون مع بقايا نظامه الحاكمة فى مصر الان – بحسب اعتقادي - لانقاذ نفوذها المقبل على الانهيار فى حال سقوط مفاجئ وغير محسوب لنظام مبارك مما يعرضها لفقدان حليف استراتيجي فضلا عن خلق نظام قد يناصبها العداء او يقاسمها المصالح ويخالفها فى التوجهات على غرار ما حدث فى الثورة الايرانية ، لذلك عملت على هدمه واعادة بنائه قناعة بمبدأ بيدى لا بيد عمرو.
وكانت تتضمن الخطة ترك العنان لحدوث ثورة شعبية محدودة مستغلة حالة السخط الشعبى على مبارك وتغييره بعمر سليمان الا أن حالة الغضب الشعبى كانت اكبر من المتوقع فاسقطت سليمان ومن بعده احمد شفيق ولم يتسن اخمادها الا باحتيال المجلس العسكرى عليها ، حيث راح يهادنها ويدعى حمايته لها ، رغم انه يضمر لها العداء ويسعى لتفتيت القوى التى شاركت فيها ، تارة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية ، وتارة بالدستور نفسه ، وتارة بالاحزاب ومحاولة ابراز نقاط الاختلاف بينها ، أو بالتخوين وطوابير الجواسيس "المفبركين" ، ومحاولات الاستقطاب ، والعصا والجزرة ، والتلميع والتجهيل ، والاغراق فى التفاصيل والوقائع ، والانفلات الامنى ، والترويع الاقتصادى …الخ.
وانا اتصور ان من خطط لما يحدث فى مصر ، يمتلك حسا دراميا عاليا ، وفعل كما يفعل المؤلف السينمائى البارع الذى راح يربط المشاهد المتنافرة ، ويوجد علاقة بين هذا المشهد الذى ظهر فى اول العرض وذاك الذى يأتى فى منتصفه أو آخره.
ورصد المخططون – ربما قبل اندلاع الثورة – عبر مراكز الاستطلاعات العملاقة التى تنفق فيها ملايين الدولارات القوي الثورية التى سترفض خطة خنق الثورة وستصر على استكمالها ، فراحوا يجهزون لها "عدة" التخوين لفض الناس عنها ، وتم تفصيل التهم وحياكة المستندات لهذا وذاك كلا فيما يناسبه ، فالسلفى يصلح ان يكون عميلا للسعودية والاخوانى يصلح أن يكون عميلا لقطر وتركيا ، والليبرالى عميلا لأمريكا واسرائيل واليساري مناهضا للدين الاسلامى ويتحرك بحقد طبقى ورعونة ، ثم تلوح بتلك الاتهامات فى وجه كل من يرفض النكوص عن الثورة ، فضلا عن الدس ببعض عملائها بينهم وتلميعهم اعلاميا ثم تقوم بكشفهم فى لحظة ما وهو ما يسمى اعلاميا بتكنيك "القطيع" ، وكذلك الزج ببعض عناصرها لتضييع الوقت كما فعل المحامى الذى قام برفع دعوي رد قاضى محاكمة مبارك والذى رفضت دعواه بعد تداول دام اربعة اشهر لسبب بسيط يحمل قدرا من المؤامرة ان هذا المحامى مشطوب من عضوية نقابة المحامين، كل هذا وقد يفاجأ الجميع فى نهاية العرض ان حاميها حراميها.
وتعالوا نتأمل خبرا نشرته الاهرام فى 23 يناير 2011 وقبيل اشتعال الثورة بيومين مفاده ان عمال قرية البضائع بمطار القاهرة فوجئوا اثناء تحميلهم لطرد مكون من 39 صندوقا بسقوط احدها وتدفقت منه سبائك الذهب ، هنا هرولت قيادات الشرطة وقاموا بحصر محتويات الصندوق واعادتها لمكانها فى طريقه الى السعودية ولم يذكر الخبر من صاحب هذا الطرد .. وتأكد بعد ذلك انه يخص مبارك.
والمتأمل لاسلوب الشرطة فى فض التظاهرات فى الفترة ما بين 25 يناير حتى تنحى مبارك سيلاحظ فيها امرين اثنين ، ان الشرطة قامت بتقطيع الشوارع وحاصرت المتظاهرين من كافة الجهات ولم تترك منفذا ليعودوا منه وهو الامر الذى يعد من ابجديات فض التظاهرات ، بل انها اطلقت الغازات بغزارة غير معهودة وكأنها تحث الناس للخروج من منازلهم للمشاركة فى الثورة.
ولو اضفنا الى ما سبق البطء الشديد فى محاكمة قادة وزارة الداخلية المتهمين بقتل الثوار ، وما تردد عن قيام جهات رسمية بالدولة بمساومة اهالى الضحايا لقبول الدية مقابل التصالح ، يؤكد أن من أمر الضباط بالقتل هو الان يحميهم.
حتى معاملة "العسكر" الرقيقة لمبارك والتقاء قيادات الدولة به فى مشفاه - منتجعه – هو دليل امريكى قاطع بانها لا تفرط فى رجالها ، والمقصود بالقطع ليس مبارك فحسب بل الرئيس القادم.
...........................................
19 أبريل 2014

سيد أمين يكتب: مبارك الفلتر



حينما كان الاعلام يقول عن مبارك انه صمام أمان لمصر فهو لم يكن مخطئا.. فمبارك كان بالفعل صمام أمان .. يقوم بمهام فلاتر الكاوتشوك العازلة للصوت والاهتزازات.
دور مبارك كان يقوم علي فلترة الضربات او الاوامر التى يتخذها مجلس العسكر والمخابرات وهم الحكام الفعليون لمصر منذ عصر صلاح نصر وربما منذ استقلال مصر - وهو الاستقلال المشكوك فيه وسنخصه بمقال أخر مستقبلا باذن الله - واعادة انتاجها وكأنها قرارات صادرة منه مع شئ من التنقيح والتحسين.
ولو اعتمدنا نظرية "الفلتر" فبذلك يمكننا ان نقول ان وظيفة مبارك المحورية الوحيدة طوال الثلاثين عاما الماضية .. هى فلترة قرارات المخابرات والمجلس العسكري ..وان مبارك لم يحكم بل كان فقط يفلتر القرارات ويتلقي الهجمات والطعنات والاعتراضات الشعبية عليها.
ولما اراد مبارك ربما بمشورة من"جمال وسوزان" الانتقال من اداء دور الفلتر الى ممارسة الحكم بالفعل من خلال ترشيح جمال مبارك واعتمادا على سرطانية انتشار الحزب الوطنى وفولاذية جهاز أمن الدولة .. دبرت المخابرات ثورة يناير عليه مع توفير قدر من الاحترام له كـ"فلتر" خدمهم طوال 30 عاما.
مشكلتنا الان ..اننا نواجه حكام مصر الفعليين دون وجود هذا الفلتر ..الامر الذى يشعرنا بحجم الضجيج البالغ والاهتزاز المفزع..والاندهاش المتزايد في حين ان من هم في السلطة الآن لا يشعرون بقدر ارتباكنا.. وربما سبب ذلك انه لم يتغير بالنسبة لهم اى شئ كونهم حكام فعليين "منبع اصدار" ولكن نحن من نشعر بهذا التغير لاننا "مصب تلقي".
وقد يقول البعض ان ثورة يناير لم تكن ابدا من تدبير العسكر والمخابرات .. اذن فدعونى اسرد لكم رؤيتى وهى رؤية قد لا يدلل عليها بالاشياء المادية ولكن يدلل عليها منطقيا.. وهي ان جهاز المخابرات قد يكون خطط لثورة يناير قبل حدوثها بفترة ظويلة فراح يصنع اذرعه الاعلامية التى تمكنه من استخدامها حين البدء في الاجهاز على مبارك الذى كان يتحصن بالحزب الوطنى وجهاز امن الدولة الموالى له والذى تغول فصار مهددا رئيسيا للعديد من قيادات المخابرات والمجلس العسكري ويملك اوراق ادانة عليهم وهو ما قد يكون دفع المخابرات بعد ذلك لاقتحام مقر أمن الدولة الرئيسي والاستيلاء على تلك الاوراق وحرقه بعد ذلك.
وفيما يبدو ان جهاز المخابرات استمال معظم مساعدى وزير الداخلية حبيب العادلى فيما بقي هذا الرجل هو الشخص الوحيد المخلص لمبارك .. وندلل على ذلك ان مساعدى العادلى جميعهم بل وجميع الضباط والامناء الذين تلقوا اوامر اطلاق الرصاص على المتظاهرين من تلك القيادات قد حكم لهم بالبراءة بل وتقاضوا مكافآت ورواتب بعد خروجهم عدا العادلى الذى يتم تغليظ العقوبات عليه.
ويلفت النظر ايضا ان الشرطة هى من كانت تقوم بمحاصرة الميادين من جميع الجهات بل واطلاق قنابل الغاز على الشرفات وذلك بهدف تحفيز الناس القابعين فيها على الانخراط فى المظاهرات.. ومن المعروف ان من ابجديات استراتيجية فض التظاهرات هى ان تهاجم المتظاهرين من جانب واحد او جانبين بغية دفعهم فى اتجاه مسار الهروب الأمن وهو ما لم يحدث وبقي الهجوم من كل الجهات.
ولما خفتت حدة التظاهرات بعد الخطاب العاطفي لمبارك .. استشعرت المخابرات الخطر وراحت تسلط على المتظاهرين الخيل والبغال في مشهد ارادته ان يكون دعائيا بما يكسبهم تعاطفا..وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل وراحت الجماهير تجلف الى الميدان انذاك .. وفي هذه النقطة نقول ان العسكر لو ارادوا فض التظاهرات لفعلوا ولاستخدموا نفس الوسائل التى استخدموها في فض رابعة والنهضة ولكن نظرا لانهم هم دعاة تلك التظاهرات ولغرض في قلوبهم لم يسلكوا هذا المسلك.
ومن الدلائل على ان المخابرات هى من فجرت الثورة ان عددا من الاعلاميين الذين فتحت لهم المنابر الاعلامية وتم تصديرهم بوصفهم ابطال مناوئين لمبارك .. لم يتم ايذائهم في عصر مبارك مطلقا ..بل صاروا نجوما ولما قاضاهم مبارك صدرت احكام بتبرئتهم .. وما ان حدثت الثورة حتى انحازوا بعد ذلك الى حكم السيسي وكل من هم معه.. رغم ان هؤلاء جميعا من المفروض انهم من رجال مبارك واعداء لهؤلاء الاعلاميين الثوار. 
ومن اللوافت ايضا .. ان عددا كبيرا من مقدمى البرامج في الفضائيات المصرية راحوا يغيرون مواقفهم فجأة اثناء احداث ثورة يناير وينحازون للثورة ..بل ويضخمون من خطايا مبارك وامن الدولة في مشهد تحريضى كان الرجل يستحقه ولكن جاء من اناس مشكوك في نيتهم .. وهو الامر الذى لا يمكن ان يحدث دون وجود ضوء من جهة سيادية يثق فيها هؤلاء الاعلاميين ولا يهمهم من تكون بقدر ما يهمهم ان يكونوا "مسندوين" .
وكلنا يتذكر المشهد الذى قام فيه احد الفنانين بمهاجمة اثنين من مقدمى البرامج اللذين كانا يتبعان ولائيا جهاز امن الدولة على الهواء مباشرة .. واعتزلا العمل الاعلامى لفترة حتى عاد احدهما ولكن لم يسمح للاعلامية الثانية بالعودة للعمل الا مؤخرا وذلك لانها كانت وثيقة الصلة بمبارك.. هذا المشهد كان تجسيدا واضحا للصراع بين اعلاميي امن الدولة واحد نجوم المخابرات الذى يفتخر بأنه كان ابرز دعاة 30 يونيو التى صنعتها المخابرات ايضا.
ودعونى ابوح لكم بسرين اولهما اننى قبيل ثورة يناير كنت اعرف عميد شرطة في احدى نقاط شرطة "الاتصالات" القريبة من مسكنى وكنت اقوم بتدريب ابنه في الموقع الذى كنت اديره الامر الذى انشأ بينى وبين هذا الرجل صداقة ما , وكان يدور بيننا حديث مطول حول مبارك .. فوجدت الشرطى اكثر كراهية منى لمبارك .. وكان كثيرا ما يطمئننى بأن الشعب سيثور قريبا علي مبارك .. وكنت أأخذ الامر بدون اكتراث ولكن لم تمر عدة اشهر حتى حدثت الثورة وتذكرت كلمات هذا الرجل الذى يعمل بشرطة "الاتصالات"ومعلوم بالقطع نوعية من يعملون بهذه الشرطة.
السر الثانى في الجزء المعلوم منه ان الموقع الرسمى لجريدة الاهرام نشر خبرا في يوم 24 يناير 2011 وقبيل الثورة بيوم واحد يفيد ان سلطات مطار القاهرة ضبطت قرابة 39 صندوقا من الذهب اثناء تهريبها الى دولة الامارات..وجاء في الخبر انه اثناء قيام العمال بنقل 39 صندوقا الى طائرة متجهة الى الامارات ..سقط احدهم وسقطت منه سبائك الذهب ..هنا جاءت قيادات أمنية كبري وقامت باحصاء السبائك التى سقطتها ومقارنتها بكشوف عن تفيد رقمها المسلسل وتم بعد ذلك السماح للشحنة بالنقل الى الامارات ..والاهم ان الصحيفة اكدت ان مرسل تلك الشحنة "مسئول كبير جدا في البلاد" في اشارة واضحة جدا الى مبارك. 
وفي يوم 25 يناير كنا نقف في تظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين ففوجئ الجميع بمشاركة احد الكتاب المعروفين بقربهم من جهاز أمن الدولة ومبارك وكذلك جهاز المخابرات والعسكر والذى كان قبلة لكل الذين تم تصديرهم بوصفهم ثوار كى يتوسط لهم عند مبارك للصفح عنهم..كان الرجل مرتبكا وغير مستوعبا للحدث وسألنى عن وجهة نظرى فيما يحدث فقلت له ان ثورة ضد مبارك تحدث.
هنا الرجل فهم ان هناك ثمة صراع بين الحهازين الامنيين في الدولة لكنه بقي مختفيا لفترة طويلة حتى مالت كفة الحسم لصالح المخابرات فذهب الى ميدان التحرير مع رهط من الهتيفة الذين كان يقوم بتأجيرهم في معاركه الانتخابية بالبرلمان .. وتحول الى ثائر!!
هذه بعض الاسباب من اسباب اخري كثيرة تجعلنا نؤكد ان ثورة يناير كانت صنيعة المخابرات ولكنها حادت عن هواهم في مرحلة ما .. وانقلاب 30 يونيو كان تصحيحا لهذا المسار من وجهة نظر العسكر.
..........................................................

14 يونيو 2014


سيد أمين يكتب:عن حقيقة صراع العالم والجنرال


كثيرا ما ثارت في ذهني تساؤلات حول ماهية الرد الفعل الأمريكي حيال ما إذا قام الفريق أول آنذاك عبد الفتاح السيسي برفض الطلب الامريكى له بالانقلاب على أول رئيس اسلامى منتخب ديمقراطيا في مصر؟ وهل كان توقف الأسطول السادس الامريكى أمام شواطئ الإسكندرية أثناء وبعد بيان الانقلاب في 3 يوليو 2013 هو من أجل مؤازرة الانقلاب وقادته أم من أجل مؤازرة الإخوان المسلمين كما تدعى دوائر إعلامية عرفت بقربها من أمريكا ومن قادة الانقلاب؟ وهل نحن كدول عربية فعلا دول نالت استقلالها فى منتصف القرن الفائت؟. 
ودعونا نقول انه في علم السياسة , تكون العبرة دائما بالنتائج وليست بالإجراءات, والنتائج تقول أن الانقلاب يمضي في صنع شرعية تحكم بقوة الرصاصة والإعلام العسكري الموجه وفي المقابل هناك أيضا شرعية ديمقراطية لا تحكم ولا زالت بعد مرور قرابة العام صامدة ويافعة استطاعت استلاب استمراريتها اعتمادا على حالة سخط شعبي حقيقي قد لا تمثل المظاهرات سوى 10% منه ولا يظهر إلا إذا وجد مناخا أمنا - تفتقده مصر الآن - يتيح لكل المعارضين الإعلان عن أنفسهم فكانت الانتخابات الرئاسية تربة خصبة له ليظهر من خلالها , فقاطعها معبرا عن رفضه لها رغم حملات الترويع بالغرامات المالية للمقاطعين , فوصلت أعداد المقاطعين لنحو 90% ممن لهم حق التصويت.
ولعل ما سبق يؤكد أن البوارج الأمريكية التى وقفت على سواحل الإسكندرية إنما جاءت لمؤازرة قادة الانقلاب وليس العكس خاصة أن الإدارة الأمريكية تعلم أن الغالبية الساحقة من المصريين ضد الانقلاب أو أنهم صوتوا في السابق بنسبة تزيد عن 52% لمحمد مرسي وأنهم شغلوا قرابة 75 % من البرلمان , كما أن هذه البوارج لم تقدم اى شئ لمنع الانقلاب ان كان هذا مقصدها, حتى أن الإدارة راحت توقف المساعدات العسكرية لمصر وقدرها مليار و300 مليون دولار بينما قدمت قرابة 20 مليار دولار من خلال حلفائها فى الخليج , وهم الذين ما كانوا ليجرئوا على تقديم هذا الدعم إلا بأمر امريكى مباشر.
فضلا عن أن التبعية المصرية لأمريكا لا تمثلها المساعدات فقط فهي لا تمثل إلا النزر اليسير للغاية , لأن معالم تلك التبعية وصلت ربما إلى قواعد عسكرية أمريكية في مصر , وهو ما أكده الدكتور على الدين هلال وزير الشباب في عهد مبارك الذي قال في مؤتمر لمركز أعداد القادة بحلوان عام 2009 انه يوجد في مصر ثلاثة قواعد أمريكية إحداها قرب القاهرة ونشرت جريدة الوفد آنذاك تلك التصريحات في صفحتها الأولى بينما قامت صحيفة الكرامة التي تتبع حزب الكرامة برئاسة حمدين صباحي آنذاك بالاستفاضة في الموضوع وأكدت وجود 11 قاعدة في مصر وراحت ترسم عبر ثلاثة أعداد متتالية خرائط تفصيلية لهم.. والمسئولية هنا على القائل.
كما أن المركز الطبي العالمي الذي كان يتشفي فيه مبارك في طريق الإسماعيلية بنته القوات الأمريكية لنقل جرحاها إليه أثناء غزوها للعراق عام 2003 وحينما تسنى لها احتلاله تنازلت عنه لمصر.
وكلنا نتذكر أيضا إن "وثائق ويكيليكس" كشفت أن هناك آلاف العراقيين ساقتهم القوات الأمريكية إلى "قواعدها" في مصر واليونان وألمانيا لنزع معلومات واعترافات منهم عن المقاومة العراقية , وراحت تظاهرات الاحتجاج تجوب ألمانيا واليونان بل وأمريكا نفسها ولكن لا حس ولا خبر في مصر.
وإزاء ذلك صار واضحا أن رفض الانقلاب كان يعنى هجمة أمريكية لانجاز الأمر وتحقيقه بيد الغرب نفسه , وان البوارج الأمريكية كانت مجرد نقاط إغاثة في حال حدوث تطورات عسكرية أو شعبية غير مرغوبة أمريكيا.
والواقع أن المعركة التي يشنها "الجنرال" وأنصاره ضد "العالم" وأنصاره , هي معركة غير متكافئة القوة , وغير شريفة , وغير مقدسة , فالفكر لا يمكن أن تمحوه الدبابة أو تقصفه الطائرة , حتى وان قتلت كل من يعتنقونه , وذلك لأن الفكر هو نتاج عصف الأدمغة , كما انه فى أي زمان أو مكان حررت فيه الأدمغة ستصل حتما إلى خلق أفكار جديدة ومن بينها هذا الفكر , فالفكر موجود ما وجدت في الأدمغة عقول , وما قصف فكرة قط حتى عادت أقوى مما كانت. 
ولعل السادات حينما قال أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا كان يقصد أن يقول أن بلادنا ليست مستقلة كما نتوقع , وأننا لا زلنا بلادا مستعمرة انتقلت من طور الاستعمار العسكري المباشر الى الاستعمار غير المباشر.
والاستعمار غير المباشر هنا ليس محصورا في التحكمات الاقتصادية الغربية فحسب بل يتعداها لمستويات اخطر بكثير , فالاستعمار هذه المرة نَصَّب بعضا منا يحكموننا لصالحه نيابة عنه.
ولما تنازلت بريطانيا عن مستعمراتها القديمة لأمريكا عام 1951 ارتأت الأخيرة أن نظام الاستعمار العسكري القديم لم يعد مناسبا لروح العصر فضلا عن أنه باهظ التكلفة المادية والأخلاقية فراحت تتبنى هذا النوع من الاستعمار الحديث فيما يعرف بـ"النفعية والواقعية السياسية" بحسب مؤسسه "نيقولا ميكافيللي".
وكان مكيافيللي قد سرد لأميره ثلاثة وسائل لغزو إحدى الإمارات المجاورة , وسرد مع كل وسيلة عيوبها.
نصحه بتجريد قوة كبري لغزو تلك الإمارة , لكنه حذره من حدوث انقلاب عليه فى الداخل فيكون قد كسب أرضا جديدة وخسر أرضه القديمة.
وعرض عليه أن يجرد حملة كبري بقيادة قائد الجيش ليغزو تلك البلاد , لكنه حذره من ان ينشق هذا القائد فيكون قد انفق أمواله وجيشه على جيش العدو الجديد.
وفي ثالثة الاقتراحات ,عرض عليه إن يذهب بجزء من قواته ليغزو تلك الإمارة فيستذل أكارمها وأغلبيتها, ويدلل حقراءها وأقليتها وينصَّب منهم حاكما على البلاد بعد أن يجهز لهم حامية عسكرية تتبعه للتدخل وقت الحاجة , وقال له أن هؤلاء الأقليات سيناصبون شعبهم العداء , وسيقمعونه بأبشع ما يمكن أن تقمعهم أنت به , وسينهبون ثرواته ويعطونها لك تقربا إليك لأنهم سيحتاجونك دوما لقمع شعبهم, فضلا عن أنهم لو انتكسوا بفعل ثورة عارمة فلن يطالك من الانتكاسة شئ ويتحمل هؤلاء الخسارة كلها.
هذا هو الشكل الذى يستعمر الغرب به عالمنا العربي , فالإسلاميون لا يحكمون وإذا وصلوا للسلطة سيحدث ضدهم انقلاب وينكل بهم كما حدث في مصر والجزائر.
والقوميون لن يحكموا وإذا حكموا سيقتلون وينتكسون كما حدث مع عبد الناصر وصدام والقذافي , والأغلبية ممنوعة من الحكم في بلادنا على عكس نواميس الحياة.

..........................................................
09 أبريل 2017

سيد أمين يكتب: هل كانت ثورة يناير صراع أجنحة حكم؟


نشر في هافنجتون بوست عربي
أمضى مبارك ثلاثين عاماً حاكماً على مصر، مع أنه في رأيي -وقد يعترض عليه الكثيرون- لم يحكم يوماً واحداً إلا فيما "سفه" من الأمور، أما ما عدا ذلك فقد استخدم كناطق رسمي لحكم المجلس العسكري، ليتلو قرارات قد يكون حرمَ حتى من مناقشتها، وإبداء رأيه فيها.
في هذا الوضع ترعرع جمال مبارك الذي قرر أن ينتفض انتفاضاً ناعماً، ثأراً لكرامة والده الذي رآه يستخدم كخيال "مآتة"، أو "فلتر" يخفف وقع "الأوامر" العسكرية على مسامع الناس الموهومة بالدولة المدنية وأدواتها المزعومة من برلمان وقضاء وأحزاب ومعارضة ونخب ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات دينية، ليس ذلك فحسب، بل ويتلقى منهم الانتقادات بل والطعنات الناقمة.
فراحَ جمال في غفلة من رقابة الرقيب العسكري، أو بترقب صامت منه على ما يبدو، يستحوذ على أجهزة لتدين له بالولاء، وكان بالطبع من أهمها "جهاز أمن الدولة"، ولما كان هذا الجهاز الأمني يفتقر إلى الدعم الشعبي الذي يستمد منه قوته في حال صدام الأجهزة، تم ضبط "الحزب الوطني"؛ ليكون على مقاس الرئيس وابنه وزوجته التي دخلت هي الأخرى في معركة الاستحواذ، وكان له ما لهم من أصدقاء وعليه ما عليهم من أعداء.
واستكمالاً للبناء الذي يترسخ بخطى ثابتة، تم تفصيل الأذرع الإعلامية والاقتصادية والشعبية والنخبوية والدينية، مروراً بتعديلات 2005 الدستورية الخاصة بالمادة 76 وتطويعها لتنص على أن اختيار الرئيس يمر عبر البرلمان الذي هو بالقطع تحت رحمة الحزب "التفصيل" الذي يسيطر عليه مبارك الابن.
واستمرت الترتيبات حتى اكتمل البناء ولم يتبقَّ سوى الانقلاب على حالة الانقلاب، وإعطاء الرئيس لأول مرة حقه في أن يحكم بما يتفق ورؤيته للحكم، لا أن يكون "ببغاء" يردد ما يطلب منه، ثم بعد نجاح الأمر يرث الابن الوليمة كاملة بلا شريك.
وحاول هذا الطرف التواصل مع المجتمع وإرسال رسائل ضمنية تشرح رؤيته لما يجري في الحكم، وذلك عبر أعمال فنية منها "طباخ الرئيس" ومسرحية "الزعيم".
الجانب الآخر
وإذا كان الطرف السابق هو الطرف المتغير الذي يمكن الإشارة إليه بالمجموعة "ب"، فإن الطرف "أ" الثابت الممتد هو بلا شك قوى العسكر والمخابرات التي ظلت تراقب الموقف عن كثب، وتعتمد هي الأخرى سياسة الخداع والتخبئة وتعد العدة للانقلاب على الخصم الذي أتت به ونصبته رئيساً للبلاد فلما اشتد عوده تمرد عليها، مستغلة في ذلك حالة الحنق الشعبي عليه من جانب، وعدم معرفة الشعب بتفاصيل انقسام السلطة "العسكرية" إلى ضدين متصارعين من جانب آخر.
ولأن حرية الإعلام هي مطلب عالمي، فقد استغلته المجموعة "أ" كحصان طروادة لإنجاز الأمر، فيما كان من الطبيعي أن تنخدع المجموعة "ب" بمطالب الانفتاح تلك، واعتبروا أنها أيضا ممكن أن تخّدم على خطتهم، وتضيف احتراماً إليهم، خاصة أن منعها سيساعد بلا شك الأعداء في مآربهم، ويرفع سقف الغضب الداخلي والخارجي في عصر السماوات المفتوحة.
فجندت المجموعة "أ" نخبتها الخاصة بها في مواجهة النخب القديمة من الإعلاميين والصحفيين وبعض الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها، وأسست لهم المنابر الإعلامية، وقدمتهم كـ"قوى وطنية" من أجل المساعدة في تغذية حالة السخط الشعبي المتزايدة ودعم رفع سقف الحريات إلى أقصى مستوى له.
كما أسست الحركات السياسية التي شجعت جرأتها وتراجع نظام المجموعة "ب" غير المسبوق أمامها أطيافاً كبيرة من الناس للانضمام إليها، رغم أنهم لا ينتمون لهذا أو ذاك ولا يعرفون بحقيقة معسكرهم.
فلاقت هذه "التشكيلة" التفافاً شعبياً منقطع النظير بوصفهم "رجال خلاص وتضحية وطنية".
وبين هذا وذاك، تركت بعض الشخصيات للقيام بدور الوساطة في أي تسويات "حربية" بين الفريقين، ومن أبرز تلك الشخصيات صحفي عرف بلهجته الصعيدية.
وكما فعل الطرف الأول فعل هذا الطرف أيضاً، فأنتج أعمالاً فنية تدعم وجهة نظره، ومنها أفلام "هي فوضى" و"واحد من الناس" وغيرها.
الانفجار العظيم
أعدت العدة، وتخندق الفريقان، ولم يبقَ إلا إشعال فتيل الثورة الشعبية، وأخذ كل فريق يقدم دروعه البشرية، فريق يبدو للناس كما لو كان قد حكم ثلاثين عاماً، فلم يحصد فيهم إلا الفشل، وبالتالي انفضاض كثير من الناس من حوله مع أول شعاع للحقيقة، لدرجة أن صار الدفاع عنه مسبباً للخزي والعار، في مواجهة فريق آخر يبدو للرائي أيضاً بأن -جميع أفراده وليس بعضهم- ثوريين عفويين حركتهم غيرتهم الوطنية ووعيهم السياسي الجامع وليس الفئوي فانضم إليهم جل الشعب الساخط.
وبدأ الحراك في الأرض في اليوم المحدد سلفاً، استطاعت المجموعة "ب" أن تجهضه، هنا شعر أفراد المجموعة "أ" بالخطر فأعدوا العدة في اليومين التاليين لحراك أكبر تساندهم فيه ذمم اشتروها لقيادات الصف الثاني من وزارة الداخلية، وعدوا بالحماية، وفعلاً حصلوا على البراءة بعد ذلك.
حاصرت تلك القيادات الميادين والشوارع من الجوانب الأربعة، وراحوا يطلقون النار وقنابل الغاز على جميع المواطنين وفي كل الاتجاهات، حتى الأدوار العليا من العمارات بغية استنفار غضب سكانها وضمهم للحراك الغاضب على الأرض، وكانوا يقصدون بذلك تكثيف الرفض الشعبي ثم التجهيز لمشهد "اختفاء الشرطة" أو انكسار الذراع العسكرية للمجموعة "ب" وترك المسرح بالكامل للمجموعة "أ" والحراك الشعبي الساخط، ما نجم عنه تهاوي كل متاريس المجموعة "ب" الإعلامية والاجتماعية والدينية بسرعة كبيرة.
ويبدو أن وزير الداخلية حبيب العادلي واللواء عمر سليمان وزير المخابرات والفريق أحمد شفيق هم من المسؤولين القلائل الذين رفضوا الاستسلام للخطة، فتم التنكيل بالأول وقتل الثاني "ويقال إنه تم اختطافه"، في حين لم يمس الثالث أذى لوجود أنصار كثر له داخل المجموعة "أ"؛ لذا قرروا أن يتم التخلص منه عبر شيطنته إعلامياً.
وفي محاولة بائسة راح مبارك يستعطف الناس بالخطاب المشهور فخفتت حدة الاحتجاج، هنا، عاجلت المجموعة "أ" المتظاهرين بموقعة "الجمل" فرفعت من موجة الحنق والاحتجاج مجدداً؛ بل وتوسعت أكثر فأكثر، وكان يجري توجيهها لاتخاذ طابع عنيف، ما وضع مبارك في حالة مذرية، خاصة أن معظم أدوات سلطة كانت تعمل ضده، ثم انتهى الأمر بعدها بإجباره على التنحي.
ولا ننسَ هنا أن نزول الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي للميادين أسهمَ في السقوط السريع لمبارك ومجموعته، وأفشلوا الخطة التي أريد لها توقيف الثورة عند حد إسقاط مبارك وتعيين جنرال بديل له فقط، وحولوها إلى ثورة شعبية حقيقية تعادي كلتا الكتلتين المتصارعتين.
ورغم أن نزولهم بدا كما لو كان مساندة للمجموعة "أ" فإن تلك المجموعة اعتبرتهم الأعداء الجدد لها، خاصة حينما عرفت قدرتهم على الحشد الشعبي، حيث فتح السقوط السريع لمبارك ومجموعته شهيتها في إتمام التخلص من كل المنافسين المحتملين الجدد، وعلى رأسهم بالطبع حركات الإسلام السياسي، ولكن بطريقة تحولهم إلى أعداء لجميع قوى الأقليات في البلاد، وذلك عن طريق شيطنتهم عبر الإعلام ثم الانقضاض عليهم من كل حدب.
مؤشرات الصراع
مؤشرات الصراع الخفي بين جهازَي الأمن في مصر كانت واضحة، لعل أوضحها الاحتكاكات التي حدثت في عدة محافل بين رجال الجيش والداخلية، كما حدث في قسم شرطة مايو/أيار 2010، ثم الرد عليها باقتحام مقار مباحث أمن الدولة بعد الثورة.
والظهور المفاجئ للحركات السياسية الجريئة و"المسنودة" الداعمة لأي من الكتلتين المتصارعتين، والتحول السريع لإعلاميين رسميين عرفوا بولاءاتهم الأمنية الراسخة، لا سيما لو قورن موقفهم آنذاك بما جرى بعد الانقلاب العسكري وتوحدهم جميعاً خلفه رغم ما جرى بسببه من مذابح كانت أدعى لصحوة ضمير كتلك التي تصنَّعوها في 2011.
الغريب أنهم كما دافعوا باستماتة عن فتح سقف الحريات لأقصاه حتى إسقاط مبارك ومجموعته، وعن تحوله إلى حالة فوضى حتى إسقاط التيار الإسلامي، راحوا يدافعون باستماتة مشابهة، ولكن على إغلاق سقف الحريات تماماً، وذلك حينما نفذت المجموعة "أ" كامل خطتها ولم يتبقَّ إلا اليسير.
عموما.. ثورة يناير/كانون الثاني، سواء أكانت ثورة حاول الجيش إجهاضها، أو صراع أجنحة حكم تحول إلى ثورة، فهى حقيقة ثابتة تربعت في قلوب المصريين، وحتماً ستنتصر.
....................................................................
02 مارس 2016

سيد أمين يكتب: دفاتر يناير

نقلا عن عربي 21

من أخطر ما رسخت له الذكرى الخامسة للثورة المصرية عند المحتجين مع نزول الدبابات والمدرعات ومئات الآلاف من الجنود إلى الميادين، هو أن مشاهد التعامل الأمني المفرط ألجمت ألسنة كل من يتحدثون طويلا عن التغيير عبر المظاهرات السلمية.
ويعزز ذلك الخطر أن معظم هؤلاء المحتجين هم من أصحاب "الثارات" ممن فقدوا عائليهم وذويهم في المجازر الميدانية المتعددة المروعة التي ارتكبتها السلطة، والتي صارت الآن تطالهم حتى في بيوتهم وعلى أسرتهم بين أطفالهم، فضلا عن أولئك الذين اختطف زوار الفجر ذويهم، ولُفقت لهم التهم لتصدر ضدهم أحكام مشددة تصل إلى الإعدام، وكذلك آلاف المختفين قسريا والمشردين خارج الوطن وداخله وهم بالملايين، وأيضا المفصولون من أعمالهم وكلياتهم، والمصادرة أقواتهم، والمصابون، والمغتصبات، والمحبوسون داخل مصر بسبب أوامر منع من السفر.
كل هؤلاء لم يعودوا يطالبون فقط بالحريات والديمقراطية وتداول السلطة والرخاء وإنهاء الاستبداد والفساد والمحسوبية، وغيرها من مطالب يمكن أن يعتبرها بعض الناس مجرد كماليات يجوز الاستغناء عنها إن لزم الأمر، بل صارت مطالب ثورتهم هي الدفاع عن الحياة نفسها.
استجلاء الحقائق
وأعتقد أنه لا يمكن أن تنجح ثورة يناير نجاحا جديا، حتى إن سقط الانقلاب بفعل الثوار أو أسقط عمديا لفشله في أداء دوره الوظيفي، إلا إذا قمنا بتفكيك أسرارها وفهمنا تفاصيلها فهما مترابطا لا يحيل كل ما يخالف ما قيل في الرواية الرسمية إلى الصدفة.
ذلك الفهم سيجلي الفوارق المستترة بين العمل الثوري العفوي، والعمل الجهوي المدبر فيها، وسيتعمق فهمنا ذلك بوقوفنا على إجابات أسئلة حاولنا وحاول حسنو النوايا ألا يتوقفوا أمامها باندهاش وفضول، وغالبوا رغبتهم في ذلك حتى لا يستعجلوا الحزن في بيت الفرح، ورضوا أن يخادعوا أنفسهم عسى ألا يظهر لهم "العفريت" الذي يخشونه سريعا وأملوا ألا يظهر لهم أبدا، لكن للأسف "العفريت" لم يفارقهم لحظة واحدة من الأساس.
وبالطبع بات معلوما لدى أي مراقب نزيه أن ثورة مصر تعرضت لمؤامرات عدة، بدءا من أكذوبة الجيش الذي حماها، إلى "التخفي" في صورة "الطرف الثالث" لتشويهها، انتهاء بالإعلان صراحة عن نفسه قائدا للثورة المضادة التي راح يؤكد أنها هي الثورة التي جاء ليحميها.
وقائع مثيرة
وهناك واقعتان محددتان ألقتا ضوءا كثيفا على ما حدث قبيل الثورة، ففي يوم 24 كانون الثاني/ يناير 2011، نشر موقع الأهرام الرسمي في صفحة الحوادث ما مفاده أن عمال الشحن بميناء القاهرة الجو فوجئوا أثناء قيامهم بشحن 39 كرتونة تتبع أحد الركاب المصريين (لم تسمه) على متن الطائرة المتجهة إلى "دبي"؛ بسقوط إحدى تلك "الكراتين"، وتبعثرت منها سبائك ذهبية على الأرض، وهنا جاءت شخصيات أمنية رفيعة وقامت بحصر الكراتين جميعها ومحتوياتها وأعيد الأمر إلى نصابه. وتم التكتم على الخبر، ثم عرفنا بعد ذلك أنها أموال مبارك كان يحملها له "حسين سالم".
والمشهد الثاني خروج حملة يقودها أحد المنتسبين لحزب التجمع اليساري، لدعم جمال مبارك بمجابهة حركة كفاية التي خرجت خصيصا لتقول لمبارك "كفاية"، وما أن خرج مبارك من الحكم حتى ارتمت هذه الشخصية في حضن النظام العسكري الجديد.
أسئلة شائكة
وهناك أسئلة شائكة كثيرة تبحث عن إجابات، بعضها يتعلق بفترة ما قبل الثورة والبعض الآخر بعدها.
ويبقي مقتل اللواء عمر سليمان، وزير المخابرات العتيد طيلة عصر مبارك، واحدا من أهم الأسئلة التي إن وجدنا لها إجابة فهمنا من خلالها ما جرى في تلك الثورة، وخريطة الصراعات التي أفرزتها، خاصة أن الرجل عرف بولائه الشديد لمبارك، لدرجة أن مبارك اشترط أن يتولى هو مهمة منصب نائب الرئيس.
وهناك أيضا أسئلة من عينة: لماذا اقتحمت المخابرات مقار أمن الدولة عقب الثورة ثم راحت تتبرأ من ذلك رسميا؟ وما طبيعة الأوراق التي حصلت عليها منها؟ ولماذا تركت ما تركته ليتسرب للإعلام؟ وغيرها الكثير من الأسئلة الهائمة في دفتر أحداث الثورة.
وإجابات تلك الأسئلة جميعا تصب في قالب واحد، وهي صراعات مراكز القوى. فالمجلس العسكري والمخابرات الحربية من جهة، وجمال مبارك وجهاز أمن الدولة والحزب الوطني من جهة أخرى، اقتتلوا حول مبارك "الابن" الذي أراد أن يخلف والده في سدة الحكم.
وإن هذا الاقتتال أنتج ثورة يناير، بغية أن يتخلص العسكر من جمال مبارك سياسيا، خاصة بعدما نما نفوذه ورغبته في التخلص من دور "الفلتر" أو ناقل صوتهم إلى الشعب، وهو الدور الذي كان يقوم به والده على ما يبدو، ثم يقومون بتنصيب فرد منهم وقع عليه الاختيار مسبقا ليحل محل مبارك في أداء هذا الدور "الفلتر".
وإنهم في سبيل ذلك الخلاص، خلاصهم هم وليس خلاص الشعب، أسسوا عدة حركات بدت كما لو كانت ثورية، وراحوا يصطنعون النخب السياسية والإعلامية الموالية لهم ويمدونها بالزخم الإعلامي على غرار ما فعلوه تمهيدا للثلاثين من يوليو فيما بعد، وهي النخب والحركات التي حازت بحق على أفئدة الناس بسبب معارضتها الجريئة لحكم مبارك الطويل والذي لم يتعود المصريون أن يجدوا من يخرج ضده من قبل. ودلالة ذلك أن تلك النخب أو الحركات الوهمية صارت تؤيد نظام حكم عبد الفتاح السيسي بطبيعة الحال الآن، ما يكشف بجلاء أنهم كانوا مجرد أدوات لعبور المرحلة ليس أكثر.
وعلى ما يبدو فإن تفاعل الشعب مع تلك الثورة كان أكثر مما ينبغي، فلم يكتف برحيل مبارك بل راح يطالب بإسقاط "حكم العسكر"، وهو ما لم يكن في الحسبان. هنا كان من الضرورة القضاء على هذه الثورة الحقيقية بتقسيم الثوار وتخوينهم، وشيطنة فصيل منهم إعلاميا، ليتم القضاء على الثورة من خلال مكافحتهم.

ليست هناك تعليقات: