أنا غني! كان هذا جواب محمد بن سلمان عندما سأله أحد الصحفيين عن سبب شرائه قصر لويس الرابع عشر في باريس.
في تحليل هذا الجواب الفظ نجد أن الرجل لا يقيم وزناً لمشاعر الناس العاديين ولا يبالي بوجودهم أصلاً ويعتقد أن في استطاعته أن يبدد كما يشاء الثروة التي يعتقد أنه يملكها ، وإذا امتلك القوة فإنه يستطيع أن يمحو شعوباً وأفراداً يعتقد أنهم يعادونه
، وهذا ما حدث ويحدث فعلاً بعدما أعطاه والده السلطة المطلقة.
، وهذا ما حدث ويحدث فعلاً بعدما أعطاه والده السلطة المطلقة.
الثروة التي يمتلكها هي ملك شعب الجزيرة العربية المغيّب الذين لا يعرف إلا القليل منهم أن هذه ثروتهم يبذّرها صغار العقول، حكامهم، الذين يطبل لهم الإعلان المدفوع في التلفزيونات والجرائد وغيرها من وسائل الإعلام المرئي والمسموع وينادى كل منهم بـ ( يا طويل العمر).
لا يعرف شعب الجزيرة إلا القليل منهم أن من حقه اختيار حكامه وأن إطلاق تسمية ( ولي الأمر) على الحاكم إنما هي تسمية كريهة جاءت من غياهب الماضي البعيد، فالسلطة يمنحها الشعب لموظف يتقاضى راتباً محدداً ولفترة محددة ليخدمه ويساعد في تقدم مسيرته.
في قرارة نفس محمد بن سلمان أن 100 في المائة من الأوراق في هذا العالم هي بيد أمريكا وإن إقامة أوثق علاقة مع رئيسها وصناع القرار فيها يطلق يده ليعبث كما يحلو له.
( كان السادات أكثر حذراً فقد قال إن 99 في المائة من الأوراق بيد أمريكا فقط).
ماذا تريد أمريكا؟
تريد مال النفط ! أعطهم ما يريدون إذا كان يضمن الحماية والبقاء في السلطة، إذا طالب ترامب بالمزيد وبفظاظة منقطعة النظير، يتلعثم ابن سلمان ولا يعرف كيف يقابل ما يعتبره مزاحاً ثقيلاً بين أصدقاء.
تريد أمريكا حماية اسرائيل والمحافظة على بقائها في المنطقة واستمرار سيطرتها عليها! ما المانع؟ الفلسطينيون شعب ممل وعليهم أن يقبلوا بما يملى عليهم فأرض فلسطين ملك الشعب الإسرائيلي.
حتى أكثر الناس تطرفاً في أمريكا واسرائيل لم يقولوا كلاماً مثل هذا.
الفلسطينيون ما زالوا يمتلكون وثائق الملكية وجاءت عن طريق الحق والإسرائيليون يعرفون أن ملكيتهم المؤقتة جاءت عن طريق القوة.
أما حزب الله فهو حزب إرهابي ينبغي محوه من الوجود!
تريد أمريكا السيطرة على المنطقة وتغيير النظام الايراني!
شيء جيد ومناسب له وتتلاقى مصالحه الفردية مع المصلحة الأمريكية ولا يجد المسكين سوى ألعاب الفيديو ليعلن انتصاره عليها انتصاراً مطلقاً غير مشكوك فيه.
ومن داخل بيت الطاعة الأمريكي ، بدا الرجل يثبت سيطرته على مقاليد الحكم في الجزيرة العربية، فهو وزير للدفاع وقائد لكل مؤسسة أمنية ورئيس لكل مفاصل السلطة فيها.
بعد أن خوت جيوبه من المال بفعل كرمه الحاتمي مع السيد الأمريكي لا بد من التفكير في طريقة لتحصيل المال وبصفته رئيساً لمكافحة الفساد جمع كل الأمراء المنافسين له على السلطة إضافة الى ملوك الإعلام في المنطقة وبعض الأغنياء في سجن الريتز كارلتون ذي السبعة نجوم، والهدف تحصيل بعض المال منهم ، قال لمستشاره المؤتمن سعود القحطاني: إضرب واحداً منهم سيخاف الجميع ويدفعون.
ناله الثناء على قدراته الفذة فقد ضرب عدة عصافير بحجر واحد ، جمع المال ، أرعب منافسيه، سيطر على وسائل الإعلام ( الإعلان ، لا فرق) في المنطقة، أعطى الصورة أنه من أجل مكافحة الفساد لا فرق عنده بين أمير وصغير. أما وسائل الإعلان فقد شبهته بعمر بن الخطاب الجديد.
صرح مبتسماً فيما بعد أنه استطاع جمع 100 مليار دولار للخزينة العامة.
فرك ترامب يديه ولمعت عيناه في البيت الابيض.
ماذا تريد أمريكا ؟
تقليم أظافر ايران ! فليكن، شن حرباً في جنوب الجزيرة على اليمن السعيد فأحاله لأول مرة في التاريخ الى يمن حزين مقهور لا يستطيع لملمة جراحه وكلما فعل فتح جرح من جديد في منطقة أخرى.
أما شمال الجزيرة فهناك سعد الحريري الذي يحمل الجنسية المزدوجة السعودية اللبنانية.
ما المانع في إحداث هزة في لبنان، موطن حزب الله، وإحالته الى فوضى عارمة ؟
تمت دعوة الحريري الى الرياض ، طلب من مستشاره المخلص أن يكتب استقالة مسببة للرجل، فإيران تسيطر على لبنان وهو لا يستطيع كرئيس للوزراء قبول ذلك.
أبلغ المستشار بن سلمان رفض الحريري لذلك ، طلب منه ضربه حتى يقبل، حدث هذا واستقال.
كانت هذه أول استقالة في التاريخ لرئيس وزراء من خارج بلاده.
من ينظر الى المسكين في مقابلته التلفزيونية مع الصحفية يعقوبيان يرى مدى الرعب الذي يمسك بالرجل، يتلفت يميناً ويساراً خوفاً من انقضاض أحد رجال الشرطة فهو يعرف أن بإمكانهم لو أخطأ وخرج عن الخط المرسوم له أن ينقضوا عليه ويقوموا بإلغاء المقابلة.
ليكن واضحاً ولابد من التأكيد هنا أن أمر الضرب في الحالتين ( الأمراء والحريري) لا يمكن أن يأتي من مستشار، لن يجرؤ الرجل على أمير أو رئيس وزراء.
هنا لا بد من توجيه النقد الى ميشيل عون رئيس جمهورية لبنان على تكليف الحريري لمنصب رئاسة الوزراء، فقد تم اختبار الرجل وفشل، كان عليه الطلب من السنة اختيار رجل آخر.
ألم يحن الوقت للتغلب على هذه التقسيمة الطائفية المقيتة؟
كيف ينظر محمد بن سلمان الى جمال الخاشقجي؟
صحفي مشاغب مؤيد لخصمه اللدود الوليد بن طلال وقد استطاع بفضل صلات الأخير المميزة في أمريكا والغرب ان يفتح له الطريق للكتابة في الصحف الغربية وخاصة في الواشنطن بوست.
يقوم الخاشقجي يومياً بتأليب الرأي العام الأمريكي ضده ، يقوم بذلك بهدوء وبتؤدة وقد يؤدي ذلك على المدى الطويل الى الإضرار بسمعته وبالصورة التي يحاول رسمها في الغرب بأنه رجل الإصلاح والتحديث في المملكة.
إذاً لا بد من إسكات الرجل. هل يمكن تصفيته بدون مشاكل؟ نعم فالرجل من أصول إيرانية وليس هناك من قبيلة تطالب بدمه.
حانت الفرصة عندما اراد الخاشقجي خدمة من القنصلية شهادة عزوبية. يريد الزواج ؟ من تكن الخطيبة ؟ من تركيا؟ تستطيع الحصول على هذه الشهادة من القنصلية في استانبول، لكونها تركية.
استانبول هي المدينة الضخمة التي يمكن فيها تصفية الرجل بدون عواقب .
جمال خاشقجي لا يعتبر نفسه معارضاً حتى يفكر بعواقب مسألة بسيطة مثل دخول قنصلية بلاده.
اذا حدث كل ما كان مخططاً له واختفى الرجل بدون أثر ، فهناك عدد لا بأس به من المنظمات الإرهابية الي ستعلن عن مسؤوليتها عن أختطافه وقد تطالب بفدية له وربما ستعلن عن تصفية عدو الإسلام والعروبة لاحقاً .
صدر أمر بن سلمان بإرسال فريق التصفية ، وحرص الفريق أن يحضر كافة المعدات اللازمة للعملية، المفترض أن لا يشتروا شيئاً من أسواق استانبول فقد تتبع مخابرات الدول هذا الخيط وهم جهاز ذكي يحسب حساب كل صغيرة وكبيرة.
أصبح مصير محمد بن سلمان محسوماً ، انها مسألة وقت فقط حتى يتم العثور على رجل مناسب يقبل بما قبل به خاصة العلاقة الحميمية مع إسرائيل والطاعة العمياء.
فمن يقبل بهذه الشروط سنجده في كرسي ولاية العهد في هذا النظام الشمولي.
لم يقرأ المسكين التاريخ فأمريكا ليس لديها أصدقاء دائمون بل مصالح دائمة، لم يقرأ عن شاه إيران وماركوس ونورييغا والسادات، وقريباً سينضم الى هذه القائمة.
zuhair1001@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق