30 أكتوبر 2024

وجه آخر لإرهاب الرجل الأنيق - سيد أمين

 

لم يعد هناك حاجة للاسترسال في سرد تفاصيل كثيرة عن النفاق الغربي الرسمي الذي يمثل الإرهاب في صورته الأكثر تدميرا وتخريبا، والذي كانت خطورته حتى وقت قريب تكمن في تخفيه وامتطائه جواد الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم أن إنسانه ليس أبدا كإنساننا، وحقوقه عندهم ليست كحقوقه عندنا.

ولقد كان لتأييد الغرب المطلق الرسمي والمستتر للإبادة في غزة الفضل في نزع ورقة التوت المهترئة التي كان يتعلل بها المتعللون، فظهر جليا أنه بدعمهم السياسي تتعطل إدانة إسرائيل دوليا ولذلك استمرت في غيها، وبأسلحتهم واستخباراتهم أبادت الأبرياء، وبأموالهم استأجرت المرتزقة وبنت المستعمرات، وظهرت الخلاصة في أنها ما هي إلا مجرد منفذ لسياستهم الإرهابية القذرة، قذارة تلك التي نفذوها من قبل في الحقبة الاستعمارية وفي الحربين العالميتين الكبيرتين.

لكن مع ذلك فهذا ليس وجه الإرهاب الوحيد للغرب، فهناك حقائق كثيرة أخرى مختلفة تجب الإشارة إليها حول التوحش الغربي عامة والأمريكي والإسرائيلي خاصة، منها أن من أحرق اليهود هم الغرب ومع ذلك أجبروا العرب على دفع الفاتورة، وأن الغرب وليس الشرق هو من غزا ونهب ثروات شعوب العالم حتى إنه حول البشر فيه إلى بضاعة تباع وتشترى، وهو من خاض الحروب الأكثر بشاعة في التاريخ بعد هجمات المغول والصليبيين، ويكفي القول إنه قتل في الحربين العالميتين الأولى والثانية وحدهما قرابة 5% من عدد سكان العالم جلهم من شعوب ليست أصلا طرفا في هذه الحرب، ولكن وضعها المتعاركون عنوة في أتون الحرب ليجنبوها شعوبهم.

أما أمريكا فضحاياها عادة ما يكونون بالملايين، بدءا من ضحايا قنابلها الذرية في اليابان، إلى مليون ونصف مليون قتيل في فيتنام، ومليوني شهيد في العراق حسب إحصائيات منظمات حقوقية فرنسية، ومليون و700 ألف حسب “هيئة إحصاء القتلى العراقيين”، التي دونت فقط من وصلت جثثهم إلى المشارح المعتمدة، وقرابة 176 ألف شخص في أفغانستان بحسب دراسة أجرتها جامعة براون الألمانية،و هذه مجرد عينة صغيرة لأربعة نماذج فقط من سجل متخم لضحايا كثر لانتهاك أمريكا لحقوق الإنسان.

إرهاب غير مباشر

ما سبق كان مجرد وجه للإرهاب المباشر، وبقي الحديث عن الإرهاب غير المباشر الذي يتلخص في أن الولايات المتحدة الأمريكية اتبعت في علاقاتها مع دول العالم العربي سياسات انتهازية، استطاعت من خلالها تحقيق النجاح الكافي لجعلها صاحب القرار الأهم في هذا الركن من العالم طوال العقود التسعة الماضية، ضاربة بإرادة شعوبه عرض الحائط، وذلك باعتراف قادة عرب بارزين منهم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات الذي لم يخجل من أن يعلن صراحة أن 99% من أوراق اللعبة في المنطقة العربية بيد أمريكا.

وتتلخص تلك السياسات في تمكنها عبر وسائل عدة معلنة وغير معلنة من التغلغل عميقا في شؤون الدول الداخلية، وإيصال أنصارها فيها إلى أعلى السلطة، مع تدفق دعمها لهم بكافة الطرق العينية والسياسية واللوجستية.

ومع ذلك فإن باب دعمها ذلك ليس مفتوحا على مصراعيه كما هو الحال مع “إسرائيل”، ولكنه يكفي في حده الأدنى منع هذه النظم من السقوط من جانب، ومنعها من أن تتشبع لدرجة تمكنها من الاستغناء عن هذا الدعم مستقبلا من جانب آخر.

ورغم نجاعة تلك السياسة فإنها تقوم بعمل جنوني آخر متمثل في صناعة أو دعم بدائل لهؤلاء الحلفاء وتقديمهم كمعارضة ديمقراطية لهم، قاصدة استيفاء الديكور الخاص بوجود معارضة لكل نظام كما هو الحال في كل النظم التي تدعي الديمقراطية، وكذلك ترويع الحلفاء بقوة ضغط إضافية سعيا وراء مكاسب أكبر، ولتقول إن يدها في البلاد ذات حول وطول، وفي أحيان أخرى تتصرف كذلك فقط لخدمة الحلفاء الأصليين وإظهارهم أمام شعوبهم كحكومات مستقلة تتعرض لمؤامرات خارجية من قبل معارضة غير وطنية.

ولعل الاستعمال الأهم من ذلك كله الاستعاضة بهم عن المعارضة الحقيقية “غير المرغوب فيها” التي سيتم إقصاؤها باتهامات فضفاضة كالإرهاب والتطرف والعمالة للخارج، وكذلك استخدامهم للحيلولة دون وصول مثل هؤلاء المغضوب عليهم لأي سبب غير متوقع كثورة شعبية أو انقلاب عسكري.

تدمير نموذجي

تلك السياسات هي درجة من درجات الإرهاب بما تتضمنه من تخريب الحياة السياسية للأمم، وهو تخريب يتقدمه ويعقبه تخريب أوسع نطاقا للحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وحتى الروحية، وذلك لأنه ببساطة إذا فسد الراعي ووصل السلطة بالاحتيال والدعم الخارجي فسدت معه الرعية وتحولت علاقاتها البينية إلى غابة.

وفيما يبدو أن ما فعله النفوذ الأمريكي والغربي في البناء السياسي للدول العربية، قلدته النظم ذاتها في معارضتها، فأقصت الإسلامي المتمسك بأيديولوجيته ودعمت أحزابا إسلامية هلامية بلا فكر ولا شعبية، وأقصت القومي الذي يرى أن العروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة، ودعمت أحزابا قومية برنامجها قائم فقط على عداء التيار الإسلامي، وفعلت ذلك مع الاشتراكي المدافع عن حق الفقير والمناضل لتغول الرأسمالية، ودعمت ذلك الذي برنامجه قائم على سحق التيار الإسلامي والقومي.

والأخطر أنها سحقت واقعيا جميع أنواع المعارضة بكل أطيافها، فصارت جميعها مصنعة في معامل السلطة وأجهزتها الأمنية، ويدار هذا وذاك من السفارات الغربية.

هذا وجه آخر أكثر خطورة للإرهاب، لأنه يدمر ولاء ونماء الأمم برمتها، ويقلب حالها فيجعل من شعوبها الأعداء ومن أعدائها الأصدقاء.

هذا هو إرهاب الرجل الأنيق.

المصدر : الجزبرة مباشر

https://bit.ly/3YKkjVN

24 أكتوبر 2024

ملامح الورطة التاريخية الجديدة لليهود - سيد أمين

قد تتضمن سياسات الأرض المحروقة والإبادة الجماعية والاغتيالات التي ينفذها الكيان الصهيوني في غزة ولبنان انتصارا مرحليا يغذي شبق الدم المريض به، ولكنها أيضا حملت في طياتها خطرا استراتيجيا غير مسبوق على كل يهود العالم الذين ظلوا لقرون طويلة يعيشون تحت حماية العالم الاسلامي ورعايته، ثم ورطت الصهيونية اليهود عامة في مقابلة هذا الاحسان بالبربرية.

ومع هدوء رحى الحرب تبدأ الانتكاسة الحقيقية، في الوقت الذي يظن فيه الصهاينة تمكنهم من تحقيق النصر المطلق، ستمثل هذه الإبادة المعين الذي لا ينضب لقرون قادمة لإثارة كل حنق ضد اليهود “عامة”، سواء من قبل المسلمين أو من غيرهم، ويدفع له اليهود المعتدلين مع الصهاينة المجرمين أثمانا فادحة في أوقات السلم، أكثر مما دفعوه في أوقات الحرب، قد تفضي إلى زوال دولتهم بوصفها موطن الداء.

وكما يتذكر اليهود في العالم الانتكاسات الكبرى التي تعرضوا لها على يد نبوخذ نصر والسبي البابلي، والخروج من مصر على علي يد فرعونها، والهولوكوست النازي، واستدروا عطف العالم بها لسنوات، ستتذكر الأجيال القادمة من المسلمين -وهم ليسوا بحاجة لحماية أو دعم من غيرهم- ما فعله الصهاينة بأهل غزة ولبنان، تماما كتذكرهم مذابح الحروب الصليبية والمغولية والحملات الاستعمارية الغربية، والتي جميعها مع ضخامة قوتها ووحشيتها قضت واندثرت في حين بقي في الأرض أصحابها الحقيقيون.

ولعل جوهر الهزيمة الاستراتيجية المستقبلية التي ورطت الصهيونية اليهود فيها يأتي بأن الضحايا وأحفادهم قد لا يفرقون بين اليهودية والصهيونية، لا سيما أن الدولة التي ارتكبت تلك الفظائع هي ذاتها من أعلنت نفسها رسميا بوصفها دولة لليهود في العالم، وبالتالي فإن هذه الفظائع ستؤول مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية إليهم حتى لو كان كثير منهم يدينونها ويرفضونها.

فضلا عن أن هذه الفظائع قدمت برهانا عمليا موثقا للعالم على أنها تمثل نتاجا حضاريا لـ “الثقافة” المتوحشة التي يؤمنون بها والتي طبقوها وقدموها للعالم وتراثه الحضاري متى امتلكوا أدوات القوة والتمكين، وبالتالي فلا معنى للتشدق بالمظلومية مجددا، ولا أن اسرائيل واحة الديمقراطية في خضم من الديكتاتوريات العفنة.

بل أن الورطة تجاوزت الكيان نفسه ولحقت بكل داعميها أمريكا وبريطانيا وألمانيا الذين اضطروا للسقوط معها في ذات المستنقع ظنا منهم أنهم يمكنهم انتشالها.

العود الأبدي

ومن الوهم أن يعتقد الصهاينة أنهم سيظلون هكذا على الدوام في حالة تفوق عسكري، وأنهم يمثلون محور الكون والابن المدلل لقطبه الأوحد، فالإرهاصات التي تلوح في الأفق تؤكد أن العالم يقترب من تغييرات عميقة، تغير أقطابه، فيتغير معه الأبناء المدللون.

وهناك نظريات تنظر لحتمية ودورية التغيير سواء في مجال الجغرافيا السياسية أو تطور المجتمعات أو في حركة التاريخ مثل نظرية “العود الأبدي”، وهي النظريات القائلة بأن الدول مثلها مثل أي كائن حي تقوى وتضعف، وتشب وتشيب، وأنها تولد وتموت.

وكما تمر الدول بدورات متعاقبة من القوة والضعف، وتغير المسميات والحكومات، تبقى الشعوب التي نبتت من جوف الأرض ثابتة بجذورها العميقة، ولا ينطبق الأمر أبدا على شعب إسرائيل لكونه نبتا استثنائيا حملته السفن والطائرات من أصقاع الأرض، فتمدد سريعا فوق أرض لا جذور له فيها، وبالتالي لن يقدر على مقاومة الرياح حتى العابر منها دون دعم خارجي مجهد ومكلف ومستمر، ولسنا بحاجة للتأكيد بأن دوام الحال من المحال.

وبالتالي فإن بقاء هذا الكيان مرتبط أساسا بعبء ثقيل عليه وعلى منشئيه، يتمثل في وجوب العمل ليل نهار، سرا وجهرا من أجل إخماد صحوة ملياري مسلم يشكلون ربع سكان هذا العالم.

والمنطق يقول إنهم قد ينجحون في خداع العالم بعض الوقت، لكن من المحال نجاحهم في ذلك كل الوقت.

الزوال الحتمي

قد تنجح إسرائيل وجماعات الضغط المرتبطة بها وداعموها الغربيون في تأخير نهضة العالم الإسلامي والعربي لفترات من الزمان، ولهم في ذلك أساليب كثيرة، ولكن طبقا لنظريات “العود الأبدي” لابد أن يكرر التاريخ نفسه، وقتها ستتبدل المواقع بين السجين والسجان،  والقوي والضعيف، وحينها سيكون قد تحرر المسلمون والعرب من قيود الهيمنة  الغربية التي ستكون قد انكسرت لأسباب قد لا تتعلق بهم وحدهم- وذلك لأن المسلمين ليسوا وحدهم من يعيشون في هذا الكوكب- ولكن تتعلق بظهور قوى عالمية جديدة قد يكون المسلمون من ضمنها، بالتالي تصبح إسرائيل حينئذ عارية تماما من كافة أدوات الحماية، ما يسمح للضحية أن ينتقم من الجلاد.

مسألة زوال دولة إسرائيل هي مسألة محسومة عقديا، ليس لدى المسلمين وحدهم بل حتى لدى اليهود أنفسهم، وهو ما جعل حركات دينية يهودية أهمها حركة “الناطوري كارتا” تعتبر ظهورها علامة شؤم على اليهود في العالم وخطر وجودي يتهددهم.

المصدر : الجزبرة مباشر

https://bit.ly/4dXJJob


08 أكتوبر 2024

تحذير لأنصار الله من ضربة نووية صهيونية - بقلم زهير كمال

صاحب الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى حدثان في غاية الأهمية، أولهما اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والحدث الثاني هو طلب بوتين من الروس المقيمين في إسرائيل المغادرة والعودة الى روسيا.

الحدث الأول كان بمثابة صدمة عميقة لكل الأحرار في العالم، ولكن استشهاده لن يمر مرور الكرام على هؤلاء الناس الذين هتفوا بأعلى أصواتهم وبكل جوارحهم: لبيك يا نصر الله، هؤلاء الناس تجدهم في كافة ربوع الوطن العربي وفي ايران، وتجدهم في الطائفة الشيعية الكريمة التي لن تسمح باستشهاد حسين آخر في هذا العصر بدون الانتقام والثأر من قتلته.   طبعت مقولة الحسين (هيهات منا الذلة) في ذهن ووجدان كل الشرفاء في هذا العالم ولطالما رددوها مع حسن نصرالله .

سيتحول شعار (ما تركناك يا حسين) الى (لن نتركك يا نصر الله)، فالحسين استشهد منذ زمن بعيد ولا يستطيع أحد الانتقام من قتلته، ولكن استشهاد حسن نصر الله قريب، وعدم تركه يمكن تنفيذه واقعاً والانتقام له باعتباره حفيد الحسين.

الحدث الثاني يظهر استشراف الرئيس بوتين للمستقبل: أنه لا مستقبل للكيان الصهيوني في المنطقة وأن واجبه يستدعي الطلب من الروس البالغ عددهم مليون ونصف المليون العودة الى البلاد، بخاصة أن تأثيرهم في السياسة الإسرائيلية أصبح صفراً بعد أن اصطف اليمين الحاكم مع الولايات المتحدة ودعم حربها في أوكرانيا بشكل تام، إضافة لذلك فصمود محور المقاومة لمدة عام كامل في أطول حروب الكيان يظهر الى أين تسير الأمور. وهناك إحصاءات تقول إن أكثر من مليون مستوطن غادروا إسرائيل خلال عام الطوفان، هم بالطبع الأذكياء الذين أدركوا مبكراً أن الطريق مسدود أمام الوجود الإسرائيلي في منطقتنا.        

في إحدى آخر روايات الكاتب المبدع آرثر سي كلارك ذكر أن فلسطين لم تعد قابلة للعيش بفعل تفجير قنابل ذرية على أرضها.

حتى كتابة هذا المقال لا يملك القنابل الذرية في كل المنطقة سوى دولة واحدة هي إسرائيل، ولو تحقق ما كتبه كلارك فذلك يعني أن الكيان الصهيوني سيطبق ما قاله شمشون (علي وعلى أعدائي يا رب).

لم نصل بعد الى هذه المرحلة في الصراع. ولكن هناك جذور تاريخية في العقلية الإسرائيلية، في مرحلة وضع (على حافة الهاوية)، نجدها في أسطورة قلعة مسادا (مسعدة)، حيث تقول الأسطورة إن المحاربين اليهود في القلعة، وكان عددهم 960 فرداً، بعد أن فقدوا مقومات الدفاع عن النفس قاموا بالانتحار الجماعي، رغم أن هذه الأسطورة لم تثبت صحتها ولكن تم استغلالها من قبل مؤسسي الكيان حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بحلف اليمين السنوي في الموقع مؤكداً أن المسادا لن تسقط أبداً مرة أخرى، ولا يخفى علينا أن الجيش في إسرائيل هو الشعب نفسه ، أي أن العقيدة متجذرة في الوعي العام للكيان ككل. 

مع أنه لا يمكن توقع ما يفكر به وإلى أي حد يمكن أن يقوم به اليمين المتطرف الذي يحكم إسرائيل، إلا أننا لن نصل إلى هذا الحد في التفكير في ردود أفعالهم في هذه اللحظة، حيث لا يشعرون بعد بالخطر، وبأن الصراع وجودي كما يردد قادتهم الآن.

لكن حتى يسلّم أهل المنطقة بسيادة إسرائيل ويشعرون بقوتها وسطوتها، فإن تفكير اليمين المتطرف باستعمال قنبلة ذرية في مكان لا يطالهم تأثيرها، تعتبر منطقية في مرحلة ما، للأسباب التالية:

1. أن البشر المحيطين بهم مجرد حيوانات لا تستحق العيش، وفي أحسن الأحوال برابرة متوحشون كما وصفنا العلماني المتحضر بنيامين نتنياهو.

2. أنهم لا يبالون بالمنظمات العالمية سواء كانت الأمم المتحدة او محكمة العدل أو الجنايات الدوليتين، أو الرأي العام العالمي، طالما بقي دعم الولايات المتحدة وتأييدها المطلق لهم.

قد يبدو كاتب المقال مثل ناعق بوم أو نذير شؤم، ولكن أخذ الاحتياط هو مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الكثيرين، فكلما استمرت المواجهة مع العدو وتحقيق المقاومة انتصارات صغيرة متتالية، تقرب ساعة الصفر لأخذ قرار خطير كهذا بخاصة وأن قيادات العدو تصرح بأنه لا يزال الكثير من المفاجآت في جعبتها، وكلما كان موقف الأنظمة العربية هو مساعدة إسرائيل ضد رغبة شعوبها، حيث تشكّل شقاً أفقياً بين المقاومة وهذه الأنظمة، الأمر الذي يشجع العدو على ارتكاب حماقة خطيرة، حماقة لا وجود فيها لخطوط حمر، والمعروف في علم النفس أن الذي يهدد بفعل شيءلا يقوم به في العادة، مثل تهديد قادة روسيا باستعمال الأسلحة النووية، بينما نجد أنهم في إسرائيل يكتمون حتى امتلاكها، رغم أن أحد وزرائهم هدد باستعمال قنبلة ذرية ضد غزة، وتم تعتيم الأمر بعد ذلك.

مكان الضربة:

أعتقد أن المكان الوحيد الذي يعتقد فيه حكام إسرائيل أنه يحقق أهدافهم هو مدينة صعدة، مقر عبدالملك الحوثي.

للأسباب التالية:

1. سهولة الوصول إليها، فقد سبق أن وصلت طائراتهم ف35 عدة مرات دون أي اعتراض، إضافة للوجود البحري الأمريكي البريطاني الذي يقدم الدعم اللوجستي والاستخباراتي.

2. محاولة فك الحصار الخانق الذي يفرضه أنصار الله بإغلاق باب المندب وشل الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كامل. وللتذكير فقط فقد قامت حرب 1967 بسبب إغلاق عبد الناصر خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية. ولولا التعويض الذي يقوم به بعض العرب عبر الخط البري الإمارات - السعودية - الأردن والخط البحري بورسعيد - أشدود، لوجدنا نتائج مختلفة .

3. أي منطقة أخرى في المنطقة يكتنفها مخاطر الفشل، فالإيرانيون منتبهون ويمتلكون الوسائل لكشف وإسقاط أية طائرة إسرائيلية قبل الوصول الى الأرض الإيرانية، اذا سقطت في أرض قبل إيران، فان الأمريكان والأجانب الموجودين قد يتضررون بسبب ذلك، طبعاً هم لا يحسبون أي حساب للعرب الذين يمكن أن يتضرروا، مطبعين أو غير مطبعين ، هم بالنسبة لليمين الحاكم سواء.

4. القضاء على عبدالملك الحوثي يعتبر ضرورة إستراتيجية فهو الخلف المنطقي لحسن نصر الله في قيادة محور المقاومة العربي.

على من تقع المسؤولية في حالة وقوع ضربة حمقاء مثل هذه:

1. الولايات المتحدة الأمريكية: لم نر إدارة أمريكية تبرر أفعال حكام إسرائيل مثلما تفعل هذه الإدارة التي يقول رئيسها بايدن إنه صهيوني، والحقيقة أنه صهيوني متطرف، ففي مجزرة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها 500 مدني معظمهم من الأطفال والنساء، كانوا يحتمون بالمستشفى، ألقى باللوم على فصائل المقاومة وهو يعرف أنهم لا يمتلكون مثل هذه الأسلحة الفتاكة. وهو لم يعترف أبداً بخطأه عندما ظهرت الحقائق. وليس بعيداً أنه سيبرر لحكام إسرائيل فعلتهم هذه.

الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية المباشرة عن جرائم إسرائيل كلها، حتى هذه الجريمة البشعة بحق الإنسانية، فالمفترض أن تقوم بتجريد إسرائيل من أسلحتها النووية ونقلها الى مكان آمن داخل أمريكا، وقد يقول قائل إن إسرائيل دولة ديمقراطية مستقلة، ولكن أثبتت أحداث العام الماضي أنها ليست كذلك.

2. الضباط والجنود العرب في جيوش الأردن ومصر والسعودية.

قد يسأل سائل ولماذا لا نحمل المسؤولية لزعماء هذه الدول؟ ولكن لا فائدة ترجى من ذلك، فطريقة إعدادهم لهذه المناصب تجعلهم في الصف المعادي لشعوبهم وتطلعاتها.

إنما يجب أن نلوم هؤلاء الضباط الذين سيسمحون بمرور الطائرات الإسرائيلية إلى هدفها قاطعة مسافة 2000 كيلومتر.

ربما ينبغي التذكير بواقعتين من تاريخ الجيوش العربية لتوضيح الفكرة:

الواقعة الاولى: انسحاب الجيش العراقي من المناطق التي كان يسيطر عليها في فلسطين عام 1948 ، كانت الحجة ( ماكو أوامر)، ورغم البطولات الفردية للجنود الصغار في الجيش والشاهد عليها مقابرهم في جنين، إلا أنه لم تصدر أوامر للجيش بالتصدي للعصابات الصهيونية المسلحة فانسحبوا تاركين الفلسطينيين تحت رحمة هذه العصابات، والنتيجة معروفة.

الواقعة الثانية: معركة الكرامة 1968 ، شاهد الضابط المسؤول عن المدفعية المتمركزة في جبال السلط الدبابات الإسرائيلية تجتاز نهر الأردن فأمر جنوده بقصفها، فحدثت مجزرة للدبابات وكان هذا أول أنتصار ساحق بعد هزيمة 1967. الضابط مشهور حديثة لم يتلق أية أوامر من قادته وتصرف بشكل فردي وربما تصرف عكس الأوامر بعدم التدخل.

ولكن كما يقال الانتصار له الف أب! (من الجدير بالذكر قيام حفيد مشهور حديثة بالعملية المشهورة على الحدود الأردنية الإسرائلية مؤخراً).  

ولهذا فإن على ضباط الجيوش العربية الانتباه والتصرف بما يمليه ضميرهم في منع وقوع مجزرة كبرى.

كنت دائماً أختم مقالاتي عن فلسطين بعبارة:

النصر دائماً للشعوب والفجر قادم.

ولكن أقول اليوم بمناسبة مرور عام على طوفان الاقصى:

النصر دائماً للشعوب والفجر اقترب.

01 أكتوبر 2024

حسن نصرالله الفقير الثائر - زهير كمال

لم أكن أتوقع أن أكتب عن الشهيد حسن نصرالله بعد وفاته ، كنت مطمئناً أنه سيقودنا الى النصر الحتمي على هذه الغدة السرطانية التي تنهش الجسم العربي وتعيث فيه قتلاً وتدميراً.

في أحد مقالاتي القديمة في عام 2014، كان عنوان المقال: مع نصرالله ظالماً أو مظلوماً، بينت فيه حجم التدهور في العالم العربي وخرجت الى نتيجة أنه لو تولى حسن نصر الله السلطة لتغير وجه المنطقة.

في مقال قديم ايضاً، وتحديداً في عام 2017، كتبت مقالاً بعنوان

19 سبتمبر 2024

معركة البيجر.. منظومة حزب الله في وضع الانكشاف! -سيد أمين

فوجئ اللبنانيون بالجريمة النكراء التي حدثت بانفجارات في الآلاف من أجهزة الاستدعاء اللاسلكية الشهيرة بـ”البيجر” بشكل متزامن في وجه مستخدميها مما تسبب في استشهاد عدد من الأشخاص وإصابة الآلاف حالة بعضهم خطرة، وإثر ذلك توجهت الأنظار في لبنان وخارجها نحو بيت الدسائس والمؤامرات “تل أبيب” بالضلوع في الجريمة.

والحقيقة أن لإسرائيل تاريخًا طويلًا في تنفيذ الاغتيالات

هل تنزلق المواجهة بين حزب الله وكيان الابادة الى حرب شاملة؟ - رشيد شاهين

من الواضح ان كيان الابادة ذهب بعيدا في غِيه فيما يتعلق بالجبهة الشمالية و العدوان على لبنان عندما ارتكب جريمته الدنيئة فيما بات يعرف بعملية اجهزة النداء "البيجرات" وما تلاها من تفجير اجهزة اللاسلكي والتي ادت الى جرح واستشهاد ما يزيد على الثلاثة الاف مواطن لبناني.
عملية تفخيخ اجهزة البيجر واللاسلكي اعادت الى الواجهة السؤال المتجدد، هل ستنفجر الاوضاع وتنزلق الى انفجار حرب شاملة مفتوحة بين الكيان اللقيط وحزب الله؟.
بعيدا عن كل التحليلات والفرضيات والنظريات التي

01 سبتمبر 2024

الرب وحده يستطيع إزاحتي من الحكم - زهير كمال

 في المناظرة اليتيمة التي جرت بين بايدن وترامب بتاريخ 28 يونيو 2024 ،  ظهر الوهن والعجز على بايدن الذي يبلغ من العمر 82 عاما، تململ الكثير من زعماء الحزب الديمقراطي ومن بينهم اوباما وبيلوسي ونبهوا رئيس الدولة إلى بلوغه عمراً ليس باستطاعته تحمل مسؤوليات الدولة لمدة أربع سنوات قادمة ، أدرك بعد هذا التنبيه أن عليه التنازل لمصلحة الوطن والحزب، وعبّر عن ذلك في خطابه أمام مؤتمر الحزب الذي عقد في شيكاغو قائلاً: عندما بدأت

31 أغسطس 2024

حروب الذباب الإلكتروني ضد جبهة الإسناد - سيد أمين

 مع كل ارتفاع في إخفاق أو نجاح أو نبرة تحدٍّ يبديها ما يعرف بدول الممانعة ضد الصلف الصهيوني، يتزايد بشكل تلقائي حضور الحسابات المنتقدة والمهاجمة لهذه الدول على مواقع التواصل، يهاجمون نجاحها إذا نجحت ويحملونها المسؤولية عن كل إخفاق، حدث ذلك في الرد الإيراني في مايو/أيار الماضي، وفي اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أراضيها، وحتى في عملية الأربعين التي أطلقها حزب الله مؤخرا ردا على

27 أغسطس 2024

ثغرة “كورسك”.. احتمالات النجاح والفشل في الحرب الروسية الأوكرانية! - سيد أمين

 

أرسى علم الواقعية السياسية التي أسس لها “ميكافيلي” في كتابه الأشهر “الأمير” قاعدة عسكرية هامة مفادها أن الكسب السريع لكثير من الأرض في الحروب يعني أيضا الفقد السريع لهذه الأرض بذات السرعة، وذلك لأن المقاتلين هنا لا يتشبثون بالأرض، بل يسيطرون عليها فقط.

ومن خلال تطبيق هذه القاعدة الخالدة التي ثبت صحتها في معظم حروب العالم، نستطيع أن نتوقع أن ما حدث في الأيام القلية الماضية من الاجتياح الأوكراني السريع بعمق 22 ميلًا في مقاطعة كورسك الروسية في السادس من أغسطس/آب الجاري والاستيلاء على نحو ألف كيلومتر مربع موزعة على عشرات القرى الصغيرة، ما هو إلا مجرد زوبعة في فنجان.

وتوافرت أسباب الردع طبقا للنظرية الميكافيلية حيث إن الجيش الأوكراني هرول في مناطق متفرقة في المقاطعة وتمدد فيها بشكل هشّ، من دون القدرة على تأمين مناطق وجوده، فضلا عن عجزه عن تأمين موطئ قدم خطوته القادمة أو السابقة، وفقدانه أيضا القدرة على الثبات تحت وقع الضربات الجوية الروسية.

كما تتزايد التكهنات بقيام الروس بإعداد خطة سريعة لردم تلك الثغرة التي تشبه إلى حدّ بعيد “ثغرة الدفرسوار” في حرب 1973 المصرية، تقضي بتطويق القوات المهاجمة من الخلف ومحاصرتها وقطع طرق الإمداد عنها، تمهيدا لتوجيه ضربات موجعة لها والقضاء عليها.

وجاء قرار الروس بإجلاء مئات الآلاف من سكان تلك المقاطعة ليؤكد سعيهم لصدّ الاختراق الأوكراني، والتضحية بامتيازات يمكن استغلالها مثل أن سكان هذه المقاطعة هم في غالبيتهم المطلقة من العرقيات الروسية السائدة الذين يكنون خصومة تاريخية للأوكران، ولا يتوانون عن مشاركة جيش بلادهم معركته، فضلا عن أن الأرض عادة تحارب مع أصحابها.

هذا إضافة إلى إعلان معهد دراسات الحرب الأمريكي قيام الجيش الروسي بحفر خنادق في منطقة “لوغوف” غرب “كورسك”؛ مما يعني استعداده لعملية حصار طويلة.

وكانت هناك مؤشرات تؤكد توقع روسيا تصعيدا عسكريا غربيا وشيكا ضدها قبل هذا الاجتياح، فعملت على تدريب قواتها البحرية على ضرب أهداف في عمق أوروبا باستخدام صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك ردًّا على حزم المساعدات الغربية التي قدمت إلى أوكرانيا وتشمل طائرات أف 16، ومركبات قتال أميركية من طراز سترايكر، وأخرى ألمانية من طراز موردر.

لماذا كورسك؟

والهدف الأول من عملية اجتياح كورسك هو تشتيت الجهد العسكري الروسي وإجباره على سحب وحداته المدربة من قواته العاملة في الأقاليم التي استولى عليها في أوكرانيا؛ مما يسهل على الجيش الأوكراني استردادها، أو إجراء عملية مقايضة أرض بأرض.

ويعود اختيار الأوكران وحلفاؤهم الغربيون هذه المقاطعة لتنفيذ هذا الاختراق لكونها محورا رئيسيا لخطوط النقل البرية سواء داخل روسيا أو مع أوكرانيا نفسها، ولذلك عجلوا بقصف العديد من الجسور الحيوية فيها على نهر سيم في محاولة لعزلها، ولتحجيم أهميتها الاستراتيجية لروسيا في حال الجلاء عنها لأي سبب كان.

ومن الأسباب أيضا كونها من أكبر معاقل قلاع الصناعة الروسية وتوجد فيها محطات رئيسية لتصدير الغاز إلى أوروبا ولو كانت متوقفة حاليا، وبالتالي فإن السيطرة عليها ستضرب الاقتصاد الروسي المنهك ضربة قوية.

هذا فضلًا عن رمزيتها الكبيرة للروس باعتبار أنها شهدت أكبر معركة دبابات في التاريخ الحديث سنة 1943، حينما انتصر الروس فيها على الجيش النازي، وبالتالي فإن الاستيلاء عليها بما لها من رمزية يعد إهانة بالغة للروس.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ بل عمد الأوكرانيون إلى إرسال رسائل من شأنها إشعار الروس بالإهانة، منها قيامهم بتصوير عدد من الأسرى الروس لديهم وهم في أوضاع بائسة يرتدي بعضهم أطواق المراحيض، كما نشر لواء عسكري مقطعا مصورا لجنوده في مكتب مجموعة الطاقة الحكومية الروسية غازبروم، وهو فيديو أراد أن يقول من خلاله إننا نحتل أراضيكم ونستولي على منشأتكم الحيوية كما فعلتم أنتم في أوكرانيا.

وقد ساعد في هذا الاجتياح السريع كون معظم قوات الجيش الروسية العاملة في هذا الإقليم غير مدربة بشكل جيد لأنها من أفواج الاحتياط، ترافقها أقليات من كتائب الحدود ووحدات الحرس الجمهوري، وفوج واحد من قوات أحمد الشيشانية التي طلب بوتين منها الدعم الأشهر الماضية.

هل ستنجح الثغرة؟

من الصعب أن تنجح الثغرة في أداء وظيفتها التي أُنشئت من أجلها لأسباب عدة، أهمها أن هذه القوات لن تستطيع الصمود طويلا داخل الأراضي الروسية من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن الروس بدوا مترددين في سحب أي وحدات لهم من أوكرانيا حسبما كان يأمل الأوكرانيون، ويخططون للاستعانة بقوات مدربة من دول حليفة مثل الجارة بيلاروسيا والشيشان للمساعدة على صد هذا الهجوم ودحره.

وبالفعل قامت بيلاروسيا بحشد قواتها على الحدود الروسية في انتظار أوامر بالتدخل، وسط تكهنات بإرسال كوريا الشمالية دعما عسكريا لروسيا خاصة بعد تصريحات زعيمها التي أدانت الثغرة ووصفتها بأنها عمل إرهابي لا يغتفر، والتي تضمنت عبارات مثل قوله “سنقف دائمًا جنبًا إلى جنب” مع روسيا و”ندعم بقوة الحرب المقدسة التي يخوضها الجيش والشعب الروسي”، ولا شك أن القوات الشيشانية ووحدات فاغنر لن تقف مكتوفة الأيدي.

وقد أدرك قائد أوكراني الفخ الذي أوقعوا أنفسهم فيه فقال لمجلة الإيكونوميست، إن هذا الهجوم كان “مقامرة، فقد أرسلنا وحداتنا الأكثر جاهزية للقتال إلى أضعف نقطة على حدودهم”. وأضاف أن “هذه المقامرة لم تؤت ثمارها بالسرعة التي كانت تأملها كييف”.

والأهم أن روسيا بوصفها دولة نووية لن تقبل بأي حال إخضاعها للتفاوض مع كييف تحت وطأة هذا الضغط حتى لو تفجرت حرب مع حلف شمال الأطلسي حسب تلميحات رئيس الوزراء الروسي الأسبق سيرجي ستيباشين.

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر

https://bit.ly/4cCVT5b

05 أغسطس 2024

سياسة الاغتيالات - زهير كمال

في دراسة الشخصية العربية وحركة المجتمعات يظهر الحاسوب أنه عند اغتيال الشخصيات المؤثرة يمكن للقوى الغربية تغيير اتجاه الدول لتصب في مصلحتها، طبقت هذه الدراسات عملياً باغتيال جمال عبد الناصر وهواري بومدين والقذافي ، وجدنا بعدها تغييراً لمسار مصر وليبيا وفي مرحلة ما في الجزائر(مرحلة عبدالعزيز بوتفليقة).

تقوم إسرائيل بتطبيق هذه الدراسات على نطاق واسع في تصديها