29 يناير 2023

سيد أمين يكتب: حينما يعادي المتطرفون أردوغان والإسلام

 لعل الأمر مدعاة إلى التأمل فعلا، فكلما زاد حقد متطرف غربي أو شرقي على الإسلام، سبّ رموز الدين الإسلامي ومقدساته وهاجم تركيا وأردوغان، وكلما أراد الغربي أن يعبر عن قوة الحضارة الغربية في مقابل الحضارة الإسلامية هاجم الإسلام ورموزه ثم الدولة العثمانية والدولة التركية وأردوغان.

هناك حالة ربط دائم بين تركيا والاسلام في العقلية الغربية، وهناك إجماع غير محسوس في العقل الباطن الغربي على أن أردوغان هو من يمثل العالم الإسلامي رغم أنه لا يحكم إلا دولة واحدة فقط من نحو 56 دولة مسلمة في هذا العالم، ولا تمتاز هذه الدولة بينهم مثلا بأنها الأكثر سكانًا، ولا أنها تستحوذ على مقدسات الإسلام، ولا حتى أنها تتكلم بلغة القرآن، بل إنها من دونهم جميعا لها دستور يقول إنها دولة علمانية.

وقد وصل الأمر إلى أنه في عام 2018 أغلقت النمسا سبعة مساجد وطردت عشرات الأئمة عقب عرض قدم في إحدى دور هذه المساجد ارتدى فيه الأطفال ملابس جنود الدولة العثمانية.

كما أن الإرهابي الذي أطلق النار ببندقيته الرشاشة فقتل أكثر من 50 مصليًا في مجزرتين بمسجدين في نيوزيلندا عام 2019 كتب رسائل على الأسلحة تحمل تواريخ تشير إلى أن المذبحة تأتي ردًّا على انتصارات الدولة العثمانية والسلجوقية على الحملات الصليبية.

وفي إطار الحرب المتصاعدة بين تركيا وفرنسا لجأ الرئيس الفرنسي إلى تشجيع إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، باعتبارها حرية تعبير وهي الرسوم التي احتجت عليها أنقرة ضمن عدد كبير من دول العالم الإسلامي عقب نشرها في السويد والدنمارك، وهنا رد عليه أردوغان بدعوة الشعب التركي إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، قائلا إن ماكرون بحاجة إلى الرعاية العقلية.

الإساءة سياسية


كثير من المؤشرات تشير إلى أن الواقعة التي جرت في السويد الأسبوع الماضي هي في الأصل سياسية، وأن سلطات السويد أرادت الرد على الوقوف التركي دون انضمامها إلى الحلف الأطلسي بالموافقة على تظاهرة لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا حركة إرهابية فيها إساءة لصورة أردوغان، وبقيام المتطرف الدنماركي بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في ستوكهولم.

وأكدت هذه الرؤية ما جاء في نص طلب التظاهرة، فبحسب تصريحات المتحدث باسم شرطة ستكهولهم فإن مواطنا دنماركيا سويديا يمينيا متطرفا قدم طلبا لتنظيم تظاهرة أمام السفارة التركية، كتب فيه تنظيم “مظاهرة ضد الإسلام في السويد عبر حرق القرآن ومظاهرة ضد رجب أردوغان الذي يضع عقبات أمام حرية التعبير في السويد”.

لعل تلك الواقعة باختيار وقوعها أمام سفارة تركيا تعزز من صحة الرؤية الخاصة بأنهم يهاجمون الإسلام من أجل الإساءة إلى تركيا وقيادتها، وهي الرؤية التي عارضها مراقبون منهم الإعلامي المصري عمرو أديب فحاولوا التقليل من شأن الواقعة والإساءة إلى أردوغان، وتناسوا أن ذلك يرفع من مكانته ولا يحط منها.

وربما أدركت القيادة التركية الأمر، فراحت تصعد من لهجتها اتجاه الواقعة بإلغاء زيارات كانت مقررة لوزير الدفاع ورئيس البرلمان السويديين لأنقرة، بل قامت تركيا بتكليف محامين سويديين بمقاضاة مرتكب الواقعة.

المعارك الداخلية

العجيب أن معارك أردوغان مع المعارضة التركية في الداخل يدور كثير منها أيضا حول الإسلام، وموقف الدولة منه ومن مظاهره، وخاصة مسألة منع أو إتاحة ارتداء الحجاب التي يشتعل الآن أوارها بسبب اتجاه حزب العدالة والتنمية لتحصين حرية ارتدائه في البلاد دستوريًّا قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو/ أيار القادم.

وقد أكدت استطلاعات الرأي التي أجرتها عدة جهات استقصاء مستقلة بعضها علماني التوجه، أن ما بين 55% و70% من الأتراك يفضلون التدين وعودة المظاهر الإسلامية إلى تركيا.

لذلك تقوم الأحزاب المعارضة ولا سيما حزب الشعب الجمهوري بمحاولة الظهور بمظهر من يكنون للإسلام التقدير في دعاياتهم الانتخابية، رغم التاريخ الممتد لهذا الحزب في العداء للمظاهر الإسلامية، مما يدل على أنهم أدركوا أن المصدر الرئيسي لشعبية أردوغان وحزبه هو الدفاع عن تلك المظاهر.

ولقد وصل التماهي إلى درجة قول كمال كليشدار أوغلو زعيم هذا الحزب العلماني إن “الأذان بالعربية هو قيمة عالمية لديننا الإسلامي، أينما رُفع الأذان في العالم فهو يعبر عن نداء الإسلام”.

وذلك للتخفيف من وطأة تصريح أطلقه نائبه يلماز أوزتورك الذي دعا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 إلى إعادة الأذان باللغة التركية، كما كان يفرضه هذا الحزب قسرًا على الدولة التركية في عقود مضت، ودفع رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس رأسه ثمنًا لإعادته باللغة العربية.

كل الدلائل تشير إلى أن أعداء أردوغان في الخارج والداخل نصبوه حاميًا للإسلام، سواء كان الأمر حقيقيًّا أم لا.

اقرأ المقال على موقع الجزيرة مباشر

https://ajm.me/0cmxe9?fbclid=IwAR0yMSyw9o7Vpdb-o4tmksyWiR3Du9ypFvbxLWCzdIxNg9tCfp07yAfW4RY


https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/1/26/%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D9%88%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86


28 يناير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: لماذا يكره الحكام العرب "حركات المقاومة"؟

مجزرة جنين التي راح ضحيتها 11 شهيدا فلسطينيا

Seif_eldawla@hotmail.com

انضمت كل من مصر والأردن والامارات والبحرين الى قائمة الدول التى أدانت العملية البطولية بالقدس المحتلة، ردا على قيام الاحتلال بقتل وتصفية تسعة فلسطينيين اثناء اجتياح قواته لمحافظة جنين. فلماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة وعملياتها؟

***

·لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف خوفهم وأكاذيبهم بأنه لا قبل لنا باسرائيل، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الممكن الوحيد.

· كما أن المقاومة تكشف الوجه الارهابى العنصرى البربرى للكيان الصهيونى، الذى سالمته الانظمة العربية وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.

· لأن المقاومة تهدد عروشهم، فأهم مصدر لشرعياتهم التى منحها لهم "المجتمع الدولى الأمريكى"، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها، مما يجعل أمنهم وامنها فى كفة واحدة فى اطار ترتيبات الأمن الاقليمى التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها، والتى تتناقض على طول الخط مع اعتبارات الامن القومى العربى.

·كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض النظام العربى الرسمى على قواعد الاستسلام والخضوع للأقوى و"الاعتدال والواقعية"، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف والطفولة والبعد عن الواقعية والانتحار وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.

·بالإضافة الى انهم لا يجرؤون على مخالفة "السادة" الأمريكان الذين يصنفون حركات المقاومة كمنظمات ارهابية.

·كما أنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية فى بلادنا، والوكيل لا يخرج عن تعليمات موكله.

·والتفاف الجماهير العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.

· والمقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد بعد أن حاولوا تصفيتها عدة مرات بعد حرب 1973.

·  كما انها تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التى تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى منذ 1974، لتبرير انسحابها من مواجهة العدو الصهيونى، كما انها السلطة التى ترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الاوروبى ومجتمعهم الدولى. 

· ولأن الأنظمة وحكامها باعت فلسطين منذ زمن بعيد، ولم يعد يعيق اتمام الصفقة وتسويتها، الا المقاومة وصمودها.

· ولأن المقاومة ترفض الاعتراف (باسرائيل) التى اعترفوا بها جميعا سرا أو علانية.

·ولأن اعترافهم الباطل بها وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.

·  لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم.

·ولأنهم ينسقون مع (اسرائيل) ليلا نهارا من اجل تحقيق الامن العربى الاسرائيلى "المشترك" فى مواجهة المقاومة "الارهابية".

· كما أن المقاومة ترفض نزع سلاحها، بينما رضخوا هم لشروط (اسرائيل) بنزع اسلحتهم مقابل انسحابها من الاراضى التى احتلتها فى بلادهم.

· فهى تتحدى كل معاهداتهم ومبادراتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.

· ولأنها توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.

·لأنها تفسد وتعوق مشروعات التطبيع الاقتصادى والسياسى مع (اسرائيل) القائمة على قدم وساق.

·لأنها تنشط حركات المقاطعة للبضائع الامريكية والأوروبية التى تهدد مصالحهم الاقتصادية.

·لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).


· وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين جبروتهم ووحشيتهم فى مواجهة شعوبهم.

· لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.

· كما تكشف زيف الشعارات الوطنية والأمن القومى التى يطنطنون بها ليلا نهارا لخداع شعوبهم وتضليلها، للتغطية على استبدادهم وفسادهم وتواطؤهم.

· لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة بالمليارات، لا يستخدمونها، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.

· لأنها تفضح انخراطهم تحت القيادة الامريكية فيما سمى بحرب "تحرير" الكويت وفى غزو أفغانستان والعراق وغيرها، وصمتهم تجاه فلسطين.

·لأن خوفهم وصمتهم أو تواطؤهم على الاعتداءات الصهيونية المتكررة، يكشف ويسقط اساطيرهم عن النصر على (اسرائيل)، بعد أن استسلموا لها عقائديا واستراتيجيا فى الكواليس والغرف المغلقة منذ زمن بعيد.

·لأنهم اختاروا نهج الاحتلال والتبعية والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟

· لأنهم لا يزالوا يعيشون بعقدة 1967.

· لأن للمقاومة والصمود والبطولة سحر وتأثير خاص، يخشون من انتقال عدواها الى شعوبهم.

· لأن نموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.

·لأنها تكشف زيف ادعائاتهم اليومية بوجود مؤامرات عالمية على دولهم، بينما هم يلتزمون الصمت تجاه المؤامرة الكبرى على بلاد العرب المتمثلة فى الكيان الصهيونى.

· لأن المستسلم يكره التحدى والصمود والإقدام، والخائف يكره العزة والشجاعة.

· وقبل ذلك وبعده، لأن الكيانات/الدول العربية التى أنشأها الاستعمار لحماية تقسيم وتجزئة الأمة العربية التى تمت بعد الحرب العالمية الأولى، لا تقاتل أبدا الا دفاعا عن اراضيها وداخل حدودها، ولا شأن لها باحتلال او تهديد أى أقطار عربية أخرى، حتى لو قصفتها (اسرائيل) بقنبلة نووية.

*****

القاهرة فى 28 يناير 2023

21 يناير 2023

الوطنية من حب الوطن إلى تقديس الفرد.. عبد الناصر نموذجا

 

بقلم سيد أمين

لست أدري ما الذي يبرر تلك الموجة السياسية العارمة السائدة في وطننا العربي في تقديس الشخص لا الوطن، والبحث عن الانتصار للولاء بدلا من الانتصار للحقيقة، والاعتناء بالإجراءات والصورة وليس بالجوهر والنتيجة، مع أن حكمة الزمان تقول إن العِبرة بالنهاية.

ورغم النهايات الواضحة وضوح الشمس، فإن البعض يصر على المراوغة والخداع، والاستمرار في تقديس “تابوهات” أضرت أكثر مما أفادت، وقد يكون هؤلاء النسّاك في محرابها هم أنفسهم من متضرريها، لكنهم فقط لا يحسبون الأمور بمنطق العقل والحقيقة، ولكن بمنطق “المكابرة”، والإصرار على الانتصار للولاءات الزائفة، وكأننا في مباراة شطرنج، وليست أمورا تحدد مصائر أوطان وأرواح بشر.

مشهد واحد

خذ لقطة من هذه في مصر، فمثلا، ليس سرّا أن اتفاقية “السلام” مع إسرائيل وشروطها المجحفة المعلنة -وغير المعلنة التي باتت معروفة للجميع- طوّقت مصر بشدة لعقود، وحرمتها تماما من تنمية سيناء والاستفادة القصوى والمثلى من مواردها.

وليس سرّا أيضا أن مصر أُجبرت على توقيع تلك الاتفاقية لأنه لم يكن باليد حيلة لاسترداد أراضيها، كما سوّق الإعلام المصري لفترة من الزمن.

مع أن ذلك أعدم مصر وحوّل مسارها السياسي من قيادة تيار الممانعة العربية إلى قيادة تيار التطبيع، وكانت نتيجة ذلك إهدار ثروات البلد في الرشاوى والفساد الذي صاحب عملية “الانفتاح الاقتصادي” التي كانت في الواقع تنفيذا لأمر بيع القطاع العام، وحرمان الجيش المصري من أهم روافد تمويله ليتم تعويضه بالمعونة الأمريكية.

وقبل ذلك، خاضت مصر حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي استُشهد فيها آلاف الجنود وثكلت بسببها آلاف الأمهات، وأُنهك فيها الاقتصاد المصري بشدة.


وإذا كان الحال كذلك في الانتصار، فما بالك بنكسة يونيو/حزيران 1967 التي هي في الواقعة هزيمة نكراء لم تحدث في تاريخ حروب العالم، حيث أبيد عشرات الآلاف من الجنود المصريين دون حتى أن يتمكنوا من إطلاق الرصاص في الهواء، ولأن تفاصيل ما جرى كثيرة وجميعنا يعرفها فلا داعي لتكرارها، ولكن يكفي أن نقول إنه لولاها ما حدث ما بعدها، وما وقعنا في فخاخ اسرائيل الآن.

فضلا عن أننا في غنى عن الحديث عن تأثيرها السياسي والاقتصادي والنفسي على الوطن وشبابه، وتأثيرها العسكري الذي انعكس بصورة كارثية على ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء، والذي لا يزال سمه ساريا إلى اليوم.

فإذا كانت كل هذه المصائب هي مجرد آثار معلنة لهزيمة عسكرية واحدة حدثت منذ أكثر من نصف قرن، من هزائمه المتعددة في اليمن والكونغو و1956 وغيرها، أليس من الطبيعي أن نعتبر أن جمال عبد الناصر الذي يناسب هذا الشهر ذكرى ميلاده “أبو الهزائم”، بدلا من تقديسه واعتباره النموذج الكامل للوطنية دون دليل واحد؟

ظاهرة صوتية

ولا أرى بطولة إطلاقا في أن يخطب الرجل بأنه سيلقي إسرائيل ومن يقف وراءها في البحر، فهذا قد يكون مشهدا تمثيليا لا يتناسب مع المواقف الجادة، ولكن البطولة أن تفعل ذلك حقا بها، وتحرر الأراضي المحتلة لا أن تضاعفها للقادمين بعدك.

ولعله ليس من الصدفة أبدا أن كل معركة تخوضها تخسرها خسارة فادحة، دون مسوغات موضوعية لذلك، لا سيما أن إسرائيل آنذاك لم تكن إلا في حجم محافظة مصرية دون امتلاكها سلاحا استراتيجيا كما هو الآن، وكان حجم التعاضد العربي والإسلامي والعالمي جبارا، لدرجة أنه بإمكانه مع قليل من الجهد العسكري لدول المواجهة خنق إسرائيل وتحرير فلسطين كاملة في أيام معدودات، لكن الإرادة في ما يبدو كانت مخصصة فقط للقطة.

هذا نموذج لإخفاق واحد من إخفاقات قائد قدسوه لدرجة أن أحدهم وصفه بأنه “آخر الأنبياء”، ولا يزال آخرون يمارسون تلك النسك رغم الانكشاف الكامل للمشهد، وما زالت أنقاض الدمار تملأ المكان.

حب من طرف واحد

ولطالما تساءلت عن السبب الذي يدفع قامات كبيرة إلى السقوط في هذا الفخ المهين، لكني سرعان ما أتدارك أن كبرها هذا ربما جاء فقط بسبب تسليط الإعلام الأضواء عليها.

وفي حالة هؤلاء المتيمين القدامى والمحدثين، نكتشف أنهم يعيشون حبا من طرف واحد، يهرول خلاله المحبون خلف المحبوب ويتفنون في استخراج المآثر له، في حين أن المحبوب لا يبالي، وربما كان يسخر في قرارة نفسه بسفه المحبين وضيق أفقهم.

فما المتعة التي يجدونها في ممارسة هذا النشاط المريب الذي دفعت شعوبنا وبلادنا بسببه ثمنا باهظا، فقرا وظلما واستبدادا وتخلفا، ونزف فيه شبابها الدماء على عتبات اللا شيء، حتى أنهم لم يفعلوا كما فعل أصحاب الجاهلية الأولى الذين لم يتشبثوا بأوثانهم التي عبدوها أبا عن جد، حينما أتتهم دعوة الخلاص؟

قد أكون مخطئا في كل تقديري، ولكن فليأتني أحدهم بما يقنعني عسى أن أعود من الناسكين!!

اقرأ المقال هنا على الجزيرة مباشر

https://2-m7483.azureedge.net/opinions/2023/1/18/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%AF?fbclid=IwAR2nevkQWyKlU5Mswnb8PBiVvf6zqM0LfBTK4PBpWiPrVURChDkgFKeh_kw


أقرأ ايضا

ثورة يوليو الامريكية

التحرر من أوهام ثورة يوليو

ثورة يوليو..ألم ينكشف أمرها بعد؟




10 يناير 2023

محمد سيف الدولة يكتب: قروض فديون فاحتلال

الخديوي سعيد

Seif_eldawla@hotmail.com

وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى، بلغت ديون مصر الخارجية 155.7 مليار دولار فى نهاية 2022، (وتعدت الـ 170 مليار $ فى تقديرات أخرى). والديون الداخلية 4.7 تريليون جنيه فى يونيو 2020، وذلك وسط أزمة اقتصادية حادة ومزمنة وقرض جديد من صندوق النقد مشروطا بتعليمات جديدة شديدة القسوة، أدت الى تخفيض هائل فى قيمة الجنيه وزيادة كبيرة فى التضخم وفى الاسعار، مع تصريحات وأحاديث وتكهنات عن اتجاه الدولة لبيع بعض اصولها للسداد لمحاولة النجاة.

***

تخبرنا كتب التاريخ* انه بعد قيام قوات التحالف الاوروبى تحت قيادة بريطانيا بالعدوان على جيوش محمد على وهزيمتها واكراهه على توقيع معاهدة (كامب ديفيد الأولى) المشهورة باسم معاهدة لندن 1840 والتى نصت على انسحاب الجيوش المصرية من الشام والجزيرة العربية وغيرها ما عدا مصر والسودان، وتخفيض الجيش المصرى الى 18 ألف جندي فقط ..

نقول بعد ذلك، بدأت فورا قصة الاستعباد المالي لمصر التى انتهت باحتلالها عام 1882، ذلك الاحتلال الذي استمر 74 عاما، وفيما يلى ملخص الحكاية التى يجب ان نتعظ منها ونحفظها عن ظهر قلب:

· فى 1838 وقعت تركيا مع انجلترا معاهدة تجارية تعطى امتيازات كبرى للانجليز، وفى 1842 تم تطبيق هذه المعاهدة على مصر وبموجبها حرمت صناعتنا الوطنية من الحماية الجمركية وكان هذا هو المسمار الاول فى نعش الاستقلال الوطنى.

· وفى 1851 اعطى عباس باشا للانجليز امتياز مد السكك الحديد فى مصر.

·وفى 30 نوفمبر 1854 أعطى سعيد للفرنسيين امتياز شق قناة السويس.

·ثم قام سعيد بعقد اول قرض اجنبى تجاوز 6 ملايين جنيه استرلينى حين اصدر سندات على الخزينة بيعت فى البورصات الاوروبية لانه لم يكن من حق مصر فى ذلك الوقت حق عقد قروض خارجية دون موافقة الباب العالى.

المهندس محمد سيف الدولة

·وفى عام 1864 اقترض اسماعيل من مصرف "فروهلنغ وغوشن" مبلغا مقداره 5.7 مليون جنيه استرلينى، الا انه لم يدخل الخزينة المصرية فى الواقع سوى 4.86 مليون جنيه فقط.

· وفى 1865 عقد اسماعيل قرضاً خاصاً مع البنك الانكلوـ مصرى، واستلم نقداً 2.75 مليون جنيه استرلينى من اصل 3.38 مليون جنيه قيمة القرض الاسمية.

·وفى 1866 عقد اسماعيل مع مصرف فروهلنغ وغوشن قرضاً لمد سكك حديدية بضمان السكك الحديدية المصرية. ولم تستلم الخزينة المصرية الا 2.64 مليون جنيه استرلينى من المبلغ الاسمى للقرض وقدره ثلاثة ملايين جنيه.

·وفى 1867 عقد قرضاً " شخصياً " مع البنك الامبراطورى العثمانى ( الانكلوـ فرنسى ) ، واستلم منه 1.7 مليون فقط من اصل 2.08 مليون وهو المبلغ الإسمى للقرض .

·وفى 1868 عقد قرضاً مع رجل الاعمال الدولى "اوبنهايم" بمقدار 11.89 مليون ولم تستلم مصر منه سوى 7.195 مليون جنيه.

·فى 1870 عقد قرضاً جديداً شخصياً مع صاحبى البنوك بيشفسهايم وغولدشمدت بمبلغ 7.143 مليون، استلم منه 5 ملايين جنيه فقط .

·واخيراً، وقع اسماعيل فى 11يونيو 1873 اتفاقية مع اوبنهايم لمنحه قرضاً لتسديد اقساط الدين الجارى. وبلغت كمية هذا القرض الهائل 32 مليون جنيه لم تستلم منه مصر نقداً إلا 20 مليون جنيه بينما الزمت بدفع 3.5 مليون جنيه سنوياً الى اوبنهايم على شكل فوائد.

***

·وبذلك تمكنت البنوك الانكليزية خلال 11 عاماُ من ربط مصر بدين تبلغ قيمته 68 مليون جنيه استرلينى، دفع منه نقداً فى الحقيقة 46 مليون جنيه فقط واغتصب ما يزيد عن 20 مليون جنيه كفرق تسعير ونفقات عمولة.

·كما بلغت سندات الدين الجارى لهذه السنوات 26 مليون جنيه، دفعت عليها مصر فائضاً سنويا قدره 15% وحتى 25%.

·وهكذا بلغت قيمة دين مصر الخارجي الإجمالي قبيل عام 1876 اربعة وتسعون مليون جنيه إسترليني.

· هذا بالإضافة الى أن مصر قد انفقت فعليا على مد السكك الحديدية 75 مليون فرنك بينما دفعت الى المقاولين الاجانب 325 مليون فرنك. كما دفعت الخزينة المصرية ما يربو على 2.5 مليون جنية إسترليني لشركة البناء الاوربية لغرض تشييد ميناء الاسكندرية بينما كلفته الفعلية 1.5 مليون جنيه فقط.

***

اى انه فى النهاية قد نشأ فى ذمة مصر للبنوك الاوروبية دين مقداره حوالى 100 مليون جنيه! تراكم فى اقل من ربع قرن من عام 1854 حتى 1876، وتبدد كالتالي:

·دفعت الحكومة المصرية 16 مليون جنيه على تشييد قناة السويس.

·تسرب الى جيوب اصحاب البنوك كـفرق تسعيرة (سعر الصرف) ونفقات عمولة وغيرها 22 مليون استرلينى لم تستلمها مصر ولكنها اضيفت الى دينها.

·دفعت مصر حتى عام 1876 ما يربو عن 50 مليون استرلينى كفوائد على القروض الاصلية وسندات الدين.

·لم ينفق فى الحقيقة سوى مبلغ يتراوح بين 5: 6 ملايين استرلينى على تشييد منشآت تعود بالفائدة على مصر.

·وهكذا نشأ القسم الأكبر من دين الدولة المصرية نتيجة المكائد الاجرامية التى دبرتها المصارف الانجليزية والفرنسية، ولم يستلم الشعب المصرى فى الواقع شيئاً من ذلك الدين الذى أثقل كاهله والذى أرغم على تسديده فيما بعد بثلاثة اضعاف قيمته الأصلية.

·ناهيك عن القروض الداخلية كالمقابلة والروزنامة فى عامى 1871و1874

·ولقد ساعدت عوامل اخرى على تفاقم هذا الاوضاع ومن ذلك انه:

·فى عام 1863 قرر إسماعيل تحريم العمل الاجبارى فى حفر قناة السويس، فثار خلاف حاد مع ديلسبس ، فقام الخديوي، وياللعجب ، بتفويض نابليون فى هذا الخلاف وكانت النتيجة هى الحكم على مصر بغرامة ، تبعها لجوءها إلى مزيد من الاقتراض  لسداد الغرامة

·وكانت تركيا فى 1873 قد وافقت، تحت الضغط الاوروبى، على اعطاء مصر حق الاقتراض المستقل، وهو ما تم توظيفه اسوأ توظيف.

***

وكانت النتائج الوخيمة على الوجه التالى:

·فى 25 نوفمبر 1875 تم بيع اسهم مصر فى قناة السويس لبريطانيا لسداد الديون، وكانوا 176 الف سهم، وبيعت بـ 4 ملايين جنيه استرلينى اقترضهم رئيس وزراء بريطانيا دزرائيلى من صديقه روتشيلد.

·4 ملايين فقط! رغم انه كلف مصر 16 مليون جنيه وأغرقها بديون بلغت 100 مليون جنيه وفوائد 300 مليون جنيه، وقد بلغت قيمة الأسهم المبيعة فى عام 1910 مبلغ قدره 35 مليون .

·وفى 1875 تم إعلان إفلاس تركيا، وهو ما انعكس على مصر فورا، ففرضت بريطانيا عليها لجنة لفحص شئونها المالية

· وفى 8/4/1876 توقف إسماعيل عن دفع سنداته المالية وأعلنت مصر إفلاسها.

·وفى 2/5/1876 تشكلت لجنة لمراقبة دين الخديوي من فرنسا والنمسا وايطاليا، وقررت توحيد الدين المصري

· وفى 1876 تشكلت لجنة ثنائية انجليزية فرنسية لمراقبة مصر ماليا.

·وفى 1878 تشكلت اول وزارة اوروبية فى تاريخنا برئاسة نوبار باشا الارمنى الاصل وثيق الصلة ببنوك لندن وباريس وكان وزير المالية فيها انجليزى ووزير الاشغال العامة فرنسى.

·ففرضت زيادة فى الضرائب على المواطنين، وامتنعت عن دفع اجور الضباط المصريين، ثم قامت بتسريح 2500 ضابط وتخفيض الرواتب الى النصف.

·ووضعت خطة مالية لادارة مصر عرفت باسم "خطة ويلسون" نزعت من الخديوى اى صلاحيات مالية وتم منح الوزيرين الانجليزى "ولسن" والفرنسى "دى بلينيير" حق الفيتو ضد اى مشروع حكومى وكان اهم ما تضمنته الخطة هو رفع ضرائب الارض الخراجية والعشرية والغاء القروض الداخلية من اجل القروض الخارجية.

·فغضب اسماعيل وقام فى 7/4/1879 بحل الوزارة الاوروبية وتأليف وزارة وطنية برئاسة شريف باشا التى قام بعزل عدد من الموظفين الاوروبيين وزيادة عدد الجيش الى 60 الف ووضع اول دستور لمصر.

·وفى17مايو 1879 عرض مشروع اللائحة الاساسية وقانون الانتخاب على مجلس النواب، وفى 8 يونيو 1879 وافق المجلس ووضع خطة مالية وطنية، فاعترضت بريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا على الخطة المالية.

·وقامت انجلترا وفرنسا فى 19يونيو 1879بتوجيه انذار انجليزى فرنسى لاسماعيل بالتنازل عن العرش دعمته المانيا والنمسا وروسيا وايطاليا وضغطت على السلطان عبد الحميد الذى اقال اسماعيل فى 25 يونيو ليغادر الى ايطاليا ويعين الخديوى توفيق بدلا منه.

·وفى 4/9/1879 تم اعادة الرقابة المالية الثنائية واقالة الوزارة الوطنية، وكلف رياض باشا بالوزارة الجديدة الذى امر بتخفيض الجيش الى 18 الف فقط، كما تم الغاء فرمان 1873 فحرمت مصر مجددا من حق عقد قروض خارجية، وفى يناير 1880 طبقت خطة ولسن المالية التى حددت الدين المصرى بـ 98 مليون وزادت الضرائب على الفلاحين، وامتنعت عن دفع مرتبات الضباط بالاضافة الى ترقية الضباط الشراكسة دون المصريين.

·فثار الجيش وتمت إقالة رياض وتكليف شريف باشا بالوزارة الجديدة.

·وفى 9/9/1881 قامت الثورة العرابية.

·وفى 26/12/1881 أصر مجلس النواب المصرى على حقه فى التصويت على الميزانية المصرية.

·  فقامت انجلترا وفرنسا بتوجيه انذار الى مصر فى 26/12/1881 تعلنا فيه رفضهما لاى صلاحيات مصرية تخص الميزانية، وقبل شريف باشا الانذار وغضب المجلس فاستقالت الوزارة، وتم تعيين وزارة وطنية جديدة بقيادة البارودى وكلف عرابى بالحربية فى 5 فبراير 1882

·وفى 5 فبراير تم نشر اللائحة الاساسية وابطال المراقبة الثنائية وإعداد قانون انتخابات جديد فثار الفلاحون ضد ملاك الاراضى وخاف الاقطاعيين من الحركة الجارية وتصاعدت الثورة، فبعثت انجلترا وفرنسا بأساطيلها الى الاسكندرية فى 20 مايو وطلبت من الخديوى ابعاد عرابى وعلى فهمى وعبد العال واقالة وزارة البارودى فقبل الخديوى الذى هرب الى الاسكندرية فى 13 يونيو

· وانعقد فى 23 يونيو مؤتمر للدائنين ضد مصر فى القسطنطينية من كل من فرنسا وانجلترا وروسيا والنمسا والمانيا (مؤتمر النزاهة).

·  وفى 6 يوليو وجه الأميرال سيمور انذار اول الى رئيس حامية الإسكندرية بتوقيف أعمال التحصينات، ثم انذار ثانى فى 10 يوليو، وبدأ قصف الاسكندرية فى 11 يوليو الذى انتهى بوقوع مصر تحت الاحتلال البريطانى لمدة 76 سنة.

· وقام الانجليز فورا بعد استسلام عرابى بنزع سلاح الجيش المصرى وتسريحه وارغام مصر على دفع 9 مليون جنيه استرلينى تعويضا للانجليز، وتم الغاء الرقابة الثنائية، وتحويل مصر الى مزرعة قطن لبريطانيا.

·وفى 1885 وقعت اتفاقية دولية لديون مصر، وفى 1888 وقعت اتفاقية القسطنطينية بشان قناة السويس من كل من فرنسا وروسيا والمانيا والنمسا والمجر وايطاليا واسبانيا وهولندا وتركيا.

***

وناضلت أجيال كثيرة من الشعب المصرى الى ان نجحت فى تحرير مصر 1954/1956، ولكن بعد ان كان الاستغلال الاستعماري الطويل قد أنهك مصر وتسبب فى تأخرها وتخلفها عن نظرائها، وهو التخلف الذى لا تزال آثاره ممتدة حتى اليوم.

 ومنذ ذلك الحين، استقر فى الضمير الوطنى المصرى ان الاقتراض هو أقصر الطرق الى التبعية.

فهل تتكرر المأساة؟

*****

القاهرة فى 10 يناير 2023

* تاريخ الاقطار العربية الحديث ـ لوتكسى

01 يناير 2023

مقالات عام 2022

سيد أمين يكتب: "الاستبداد الديمقراطي" عند عصمت سيف الدولة

في كتابه القيّم (الاستبداد الديمقراطي)، قسّم المفكر القومي الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة ظاهرة الاستبداد إلى ثلاثة أقسام متباينة “استبداد متخلف واستبداد متحضر واستبداد ديمقراطي”، تتفق جميعا في النتيجة، في حين تختلف في الأشكال والأساليب والوسائل والمبررات.

ويستعرض في قسم الاستبداد المتخلف عددا من نظريات الديمقراطية، خاصة

30 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: ليت اسرائيل تعي الدرس

لو كنت مكان قادة اسرائيل لاستخلصت العبر الكافية من مواقف الجماهير العربية تجاههم وتجاه إعلامييهم في مونديال قطر، ولشرعت على الفور بالهرولة -بأقصى سرعة- نحو حل سياسي سلمي يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على أراضيه المحتلة عام 1967، والتوقف عن ممارسات استعداء الشعب العربي التي تجريها عبر صناعة ودعم ديكتاتورياته، وزرع الفتن والمؤامرات بينه.

فبحسابات المكاسب الآنية ستكون اسرائيل بذلك قد سكبت الماء على النار المتقدة في صدور مئات الملايين العرب وملياري مسلم تجاهها، بدلا من السكب المستمر للبنزين عليها الذي عملت عليه منذ نشأة كيانها عبر الاغتيالات، والهجمات الجوية الوحشية على بيوت الآمنين في المدن والقرى الفلسطينية المحتلة، مخلفة قوافل شهداء تعج بهم مدن غزة والضفة الغربية يوميا، وبيوت مهدمة، وأمهات ثكالى، وحصار خانق..

فضلا عن أنها بالحسابات بعيدة المدى ستكون قد استطاعت الهرب بمسروقاتها الأصلية من الأراضي الفلسطينية المسماة “اسرائيل” وطوت قسما كبيرا من سجل النزاع القائم على الفعل ورد الفعل، ووقتها يمكن للجميع الحديث عن القواسم المشتركة بين العرب والعبرانيين، والمسلمين واليهود في التاريخ، بلا خجل ولا تخوين.

خاصة أن اليهود لم يكونوا هم الأعداء الأصليين للمسلمين في أي حقبة من حقب التاريخ سوى بعد إنشاء هذا الكيان، بل إنهم حينما تعرضوا للمظلومية في الأندلس وحتى في روسيا القيصرية وأوربا والعديد من بقاع العالم مثلهم مثل المسلمين، كان العالم الاسلامي هو الملاذ الآمن لهم، وكان المسلمون هم المدافعون عنهم.

ناهيك عن أننا حينئذ سيحلو لنا الكلام عن التشابه الكبير في الحدود والفقه بين اليهودية والإسلام، وعن الانتماء لسيدنا إبراهيم الأب لإسماعيل وإسحاق.

قصر نظر

لكن إسرائيل كما عودتنا دائما، لا تعير بالا لا بالحسابات الآنية ولا البعيدة سوى بما تملكه من وسائل الرعب، والمثل يقول “الطمع قلّ مما جمع”، فالسياسة الاسرائيلية الدائمة قائمة على نهب ما يمكن نهبه، وقتل ما يمكن قتله، وتخريب ما يمكن تخريبه، وهو الأمر الذي حتما ستدفع ثمنه مهما طال الزمن.

ولم تدرك بعد أنه قد تهاوت -مع تطور وسائل الإعلام الحر- ادعاءات المظلومية التي تقوتت عليها طيلة تاريخها، وظهر للرفيق والغريب نهم قادتها للدم.

ولم يأت في حسبانها أن المقاومة الفلسطينية تكسب مزيدا من التعاطف الشعبي العالمي كل يوم، وتتضخم رقعة الالتفاف حولها في الداخل بوصفها طوق النجاة الذي يحمي ما تبقى من مقدرات الشعب الفلسطيني.

ولعله من العقل أن تدرك أن تجاربها السابقة طيلة 74 عاما من القمع والوحشية لم تستطع خلالها ردع المقاومة الفلسطينية، ولا حتى إخافتها، لا بالطائرات، ولا بالمسيرات، ولا بالمفخخات، ولا بكل مقومات القوة الإسرائيلية بما فيها الأسلحة النووية.

وعليها أن تصدق أن من لم يخشاها ذات يوم حينما كان شبه أعزل يملك أسلحة بدائية وعزيمة لا تلين، يمكن أن يتم ردعه وهزيمته وقد امتلك هو الآخر وسائل الردع الكافية، وصار يملك أيضا الصواريخ والمسيرات؟ وصار يؤلم الغاصبين ويرد لهم الصاع بالصاع؟

إذن عليها أن تبقى على يقين أن الوضع القائم قد يكون نافعا في حقبة معينة من التاريخ، كالتي نعيشها نحن العرب الآن، حيث نظم رسمية تعيش هوانا غير مسبوق، ويتم التحكم بها كعرائس الماريونيت من قبل أمريكا والقوى الغربية وأحيانا من تل أبيب نفسها، وحيث تتلقى إسرائيل دعما غربيا غير محدود.

لكن لو قرأوا التاريخ جيدا لاكتشفوا أن التغيير قد يأتي فجأة، وأن موازين القوى قد تتغير أيضا فجأة، وبالتالي ستنهار كل العوامل التي تسببت في بقاء إسرائيل طيلة العقود الماضية، وسيعرفون وقتها أنها كانت مجرد غفوة بمقاييس التاريخ، وأن هذا الواقع المرير آخذ في الإدبار.

الفخ الإسرائيلي

هناك نفر من اليهود يعارضون قيام دولة إسرائيل، ويرون أن تعاليم موسى عليه السلام تنهى عن وجود كيان خاص لهم، وأن إنشاء هذه الدولة أضر بسمعة اليهودية كدين، ومن أبرز هؤلاء الناس منتسبو حركة ناتوري كارتا الذين يزيد عددهم عن 20 ألف شخص، وبالمناسبة هذا عدد له حسابه بالنسبة للعدد الإجمالي لليهود في العالم.

لكن البعض يزيد عليهم القول إن من ساهموا في إنشاء دولة إسرائيل، لم ينشئوها إلا تخلصا من أذى اليهود في أوربا، ومن أجل إبقائها شوكة في خاصرة المسلمين والعرب.

وأضيف إلى ذلك أن هناك من يقول إنهم أنشئوها لتوفير الأجواء اللازمة لتحقق نبوءات دينية خاصة بهم، تعنى بتجميع الأعداء جميعا “اليهود والمسلمين” في هذه المنطقة المقدسة حتى يتسنى للمخلص الخلاص منهم جميعا، وبدء الألفية السعيدة.

والملاحظ أنه في كل التفسيرات حتى الكهنوتية منها كان إنشاء هذه الدولة خلاصا من اليهود وليس دعما لهم، وبالتالي فإذا غيّر الداعم الغربي خطته في أي لحظة، أو حتى اختلت موازين القوى لديه، فلن يكون الأمر خيرا أبدا لهذا الكيان.

كل ذلك يجب أن يحفز اسرائيل على الاحتماء بالسلام الحقيقي، وليس ذلك السلام القائم على لي الذراع والإجبار على الابتسام المصطنع، والتطبيع غير الطبيعي، والضغط على الحكومات وشرائها.

السلام القائم على احترام حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته دون أي قيود، وعلى تخليها عن سياسة نفث سمومها في البلدان العربية، حتى لا تكون عاقبة ذلك تكرار ما حدث بعد فشل غزوة الخندق.

مع ملاحظة أنه لا الفلسطينيين ولا العرب سيفنون، وأنهم فقط ينحنون للريح ولا يسقطون.

اقرأ المقال هنا على موقع قناة الجزيرة مباشر  

أو هنــــــــاللمزيد| https://ajm.me/a4ykwe

20 ديسمبر 2022

محمد سيف الدولة يكتب: فلسطين بين حب الشعوب وغدر القصور



((ان اسرائيل عاجزة عن التعامل مع الشعوب العربية التى تكرهها وتعاديها، فلقد اعتادت منذ عقود طويلة على التعامل مع القصور العربية)) تصريح شهير لأحد قادة الصهاينة بعد ثورة يناير 2011 وقيام شباب الثورة بحصار السفارة الاسرائيلية وتسلق العمارة القائمة بها، لنزع العلم الاسرائيلى مما ادى لاغلاقها لاول مرة منذ 1979، قبل ان يتم اعادة فتحها مرة اخرى فى 2015.

***
· لم يكشف مونديال قطر جديدا حين اظهر عمق مشاعر الحب العربية تجاه فلسطين ومدى الكراهية والعداء التى تكنها الشعوب لإسرائيل، فهى حقيقة ساطعة وثابتة ومتأصلة ومعروفة للجميع منذ عشرات السنين.
· وساحات النضال العربى شاهدة على آلاف الانشطة والفاعليات السياسية والشعبية على امتداد عشرات السنوات لدعم فلسطين وقضيتها من احزاب وتنظيمات ولجان ومؤتمرات وتظاهرات وبيانات وتبرعات وقوافل اغاثة وكتب وكتابات وموسوعات ومقالات وتغريدات وتدوينات وكاريكاتيرات واغانى وقصائد واشعار .. الخ، ناهيك عن محاولات الشباب العربى للالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية فى ميادين القتال منذ 1948 حتى يومنا هذا.
· ففلسطين هى ايقونة القرن فى معارك الكرامة والاستقلال والتحرر الوطنى والعربى بلا منازع.
***
· ولكن الحقيقة الفعلية التى كشفتها كاميرات المونديال هى مشهد الشعوب العربية حين تكون على حريتها وسجيتها بعيدا عن استبداد انظمة الحكم العربية وقبضتها الباطشة.
· وربما يكون السؤال البديهى الأول الذى قد يتبادر الى ذهن اى متابع هو: لماذا لا نرى مثل هذه المشاهد فى عديد من الدول العربية؟
· وقد يقوم البعض بعقد مقارنة بينها وبين المشهد الشهير بتوقيف شاب مصرى حين قام برفع رفعه علم فلسطين فى احدى المباريات.
· ولكن السؤال القديم والأكثر عمقا وايلاما هو لماذا لا تزال فلسطين محتلة، رغم كل هذا الزخم الشعبى العربى من المحيط الى الخليج؟ ولماذا عجزنا على امتداد عقود طويلة عن ترجمته وتحويله الى حركات ومؤسسات شعبية تشارك فى معارك التحرير من خارج فلسطين؟
· فالحقيقة ان الحاضر الغائب فى مشهد الاحتفاء الشعبى العربى بفلسطين، وفى المشهد العربى بشكل عام، هو ذلك السجن الكبير الذي نصبته عدد من انظمة الحكم العربية لكبح جماح شعوبها ومنعها من تقديم اى دعم للشعب الفلسطيني ولحركات المقاومة، بدءا بحصارها وتقييد حركتها، ووصولا الى وأدها التام للحريات مع حظر وتجريم أى نشاط سياسى يخص فلسطين او اى قضية اخرى.
· وأتصور أن هذا الدور تحديدا هو أحد الوظائف الاساسية التى تستمد غالبية الانظمة العربية منها شرعية بقائها ووجودها من الخارج الامريكى والدولى.
· والتى يتم تحديد قيمة ووزن ومكانة اى حاكم عربى ودرجة الدعم الدولى التى يستحقها نظامه، بمدى قدرته على السيطرة والكبح واجهاض واسكات اى عداء لاسرائيل او للولايات المتحدة ولمشروعهما الاستعمارى فى المنطقة.
***
· ان هناك مأثورة عربية شهيرة وقديمة عن ((اسرائيل ومن يقف وراء اسرائيل)) فى تعبير عن الوعى بحقيقة الدور الامريكى والغربى فى تأسيس المشروع الصهيونى ومواصلة تسليحه ودعمه للحفاظ على وجوده ولتمكينه من الانتصار على العرب مجتمعين والاستيلاء على اوطانهم او كسر ارادتهم واخضاعهم والحاقهم بحظيرة التبعية لامريكا والغرب.
· ولكن هناك مأثورة اخرى أكثر خطورة ودلالة وان كانت اقل شهرة وهى ((اسرائيل ومن يقف امام اسرائيل))؛ والمقصود بها تلك الدول والحدود العربية التى تقف حاجزا صلبا ورادعا عنيفا أمام التحام واشتباك الملايين من الشباب من كل الأقطار العربية فى معارك المقاومة والتحرير فى فلسطين.
· لقد تأسست دولة الاحتلال وترعرعت فى حماية هذه الدول العربية التى كانت ولا تزال لها الفضل الاول فى حماية وجود (اسرائيل) وامنها.
· وهذا واحد من أهم الأسباب التى تفسر لنا لماذا تقف امة عريقة من 450 مليون عربى متراجعة ومهزومة وضعيفة وخائفة امام كيان وافد وغريب ومصطنع لا يتعدى سبعة ملايين وافد محتل.
· وأى مشروع مستقبلى جاد يستهدف تحقيق حلم التحرير الذى فشلت فيه اربعة اجيال عربية متعاقبة، عليه ان يقدم حلا ومخرجا تاريخيا من معضلة الدولة العربية الوظيفية الحاجزة الكابحة لجماح شعوبها الحامية لاسرائيل.
*****
القاهرة فى 20 ديسمبر 2022

سيد أمين يكتب: انتخابات قيس سعيّد.. تتحدث عنه

 

رفع الشعب التونسي صوته عاليا، وقال كلمته في مسار 25 يوليو الذي سلكه الرئيس التونسي قيس سعيّد دون وجود أي حاجة إليه، فقاطع الانتخابات التشريعية التي قاطعتها معه أيضا غالبية الأحزاب التونسية، حتى تلك التي كانت تدعم المسار السياسي الإقصائي للرئيس.

وجاءت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كاشفة لكونها لا تزيد على 8.8% بواقع 803 آلاف شخص، وفقا لما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي نسبة المشاركة الأدنى على الاطلاق بعد ثورة الياسمين، وربما في كل الانتخابات في تاريخ هذا البلد بعد الاستقلال.

والمقارنة الفاضحة في هذه النسبة أنها جاءت بعد الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019 والتي كانت نسبة المشاركة فيها 41.3%، ومع ذلك اتهمتها المعارضة آنذاك -التي تحالفت بعد ذلك مع قيس سعيّد- بأن البرلمان الناجم عنها لا يعبّر عن الشعب، وذلك في إطار المكايدة لكتلة الأغلبية التي تتزعمها حركة النهضة.

ولعل هذه النتيجة هي في حد ذاتها تحمل استفتاء على شعبية قيس سعيّد وعلى مساراته التي سلكها منذ أن جاء إلى الحكم، وبالقطع سيكون لها تأثيرات داخلية وخارجية كبيرة مستقبلا عليه وعلى حكومته، لعل أقربها تصعيب موافقة صندوق النقد الدولي على طلبه قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار.

خلط للأوراق

وعلى الفور بعد اعلان هذه النسبة، خرجت الأحزاب والأبواق المدافعة عن مسار قيس سعيّد الإقصائي، وتلك التي كانت تسايره لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك بسبب التخبط الشديد الذي يعتري مساره، لتمارس عملية تشويش وخلط للأوراق في محاولة بائسة للدفاع عنه ورفع الحرج البالغ الذي أصابه وأصاب أنصاره.

منها قولها إن الشعب لم يقاطع الانتخابات، ولم يستجب لدعوة المعارضة بمقاطعتها، ولكنه فقط “عزف” عنها بعد الفشل الذي لحق بالبلاد طيلة العشرية الماضية، التي أفسحت المجال لمشاركة حركة النهضة في الحكم.

ثم قامت تلك الأبواق بتوجيه الإهانة إلى الشعب التونسي بأكمله، بقولها إن ضعف المشاركة يعود إلى غياب المال السياسي والرشى التي كان يوزعها بعض السياسيين على الشعب لحثهم على المشاركة، وهو الاتهام الذي يعني أن غالبية من صوتوا في كل العمليات الانتخابية السابقة -وهم يمثلون نصف الشعب التونسي- كانوا مجرد مأجورين.

ولك مثلا أن تتخيل أننا لو صدّقنا بحسن نية أو حتى بسذاجة هذا الزعم، فهل يجعلنا ذلك نقول بأن 90% ممن شاركوا في انتخابات 2014 البرلمانية “التي كانت 69%” كانوا من المأجورين.

كما راحت بعض الأصوات تردد أن حماسة الناس للعمل السياسي قلت تدريجيا عما كان عليه الأمر بعد الثورة، مع أن الواقع العملي يكذّب ذلك الادعاء أيضا، فقد كانت نسبة المشاركة في الانتخابات الخاصة بالجمعية التأسيسية في ظل المناخ الثوري عام 2011 نحو 54%، وبعد ذلك بثلاث سنوات عام 2014 قفزت إلى 69%، وحتى إن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جاءت بقايد السبسي المحسوب على نظام بن علي تجاوزت 64%.

والواقع أن التونسيين لم يعرفوا نسبة المشاركة الضئيلة إلا في تلك الانتخابات التي يدعو إليها قيس سعيّد، سواء البرلمانية محل الحديث، أو في استفتائه الدستوري الذي لم يشارك فيه إلا 27% من الناخبين، مما يعني أنه دستور لا يمثل كل الشعب، وهو ما تقوله المعارضة.

تبادل الأدوار

الغريب في أمر المشهد التونسي أن مفهوم المعارضة يشوبه الكثير من الالتباس، فالمعارضة التونسية الآن هي في الواقع القوى الشعبية المنتخبة التي تم إقصاؤها من البرلمان ومن الحكومة بقرارات غير دستورية للرئيس قيس سعيّد، ليحل محلها قوى أخرى غير منتخبة شعبيا، وتصير الممثلة للحكومة وللدولة، وهو الوضع الذي تتوافر فيه كل صفات الانقلاب.

وبدلا من أن ينصاع الرئيس للدستور الذي وقف حائلا دون تنفيذه مساره “غير المفهوم” و”غير المهم”، راح الرجل يغيّر الدستور بما يوافق هواه، فقاطعه الشعب وصوّت عليه ربع من يحق لهم التصويت فقط.

وبدلا من أن يهتم بتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد كما وعد، وصلت الأحوال في عهده إلى حالة مزرية، ووجدناه يتفرغ بشكل شبه كامل لإدارة المعارك مع الجميع.

فتارة يخوض معركة من أجل رغبته في تنصيب هشام المشيشي المحسوب على نظام بن على رئيسا للوزراء، ولما استقر له الأمر ونجح في تعيينه وجدناه يعود ليخوض معركة أخرى من أجل إقالته بالمخالفة للدستور.

وتارة أخرى يهاجم الاستعمار الفرنسي لبلاده، ولما استقر له الأمر وجدناه يشيد به ويعتبره تحالفا بين بلاده وفرنسا.

بخلاف معاركه الأساسية مع حركة النهضة والبرلمان والقضاء واتحاد الشغل والحركات الثورية ومع الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي وغيرهم.

وجدناه في كل شيء يفعل الشيء ونقيضه، ولو تحقق له ما يريده اليوم لربما وجدناه غدا يخوض معركة من أجل الخلاص منه.

لا أحد يعرف ماذا يريد قيس سعيّد، ولو كان قيس سعيّد نفسه!

لتخطي الحجب | https://ajm.me/0ifzbm
لقراءة المقال كاملا ◀️ | https://ajm.me/33ta5i

زهير كمال يكتب: الحرب في أوكرانيا .... دروس وعبر

تاريخياً، وإلى حد ما، تشبه العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، العلاقة بين العراق وسوريا، فالعراقيون والسوريون شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة، كذلك الروس والأوكرانيون، هما شعبان ذوا لهجتين مختلفتين ينتميان إلى أمة واحدة.

ومثلما كانت دمشق عاصمة للدولة الإسلامية، كانت كييف عاصمة للدولة الروسية، بعدها أصبحت بغداد هي العاصمة، كذلك أصبحت موسكو.

الخارطة المرفقة تبين توسيع مساحة أوكرانيا عبر العصور، ولعل أهم توسيع كان بعد انتصار الثورة البلشفية ولغايات تنظيم الإتحاد السوفييتي الجديد، وكما نلاحظ أن بعض المناطق المضافة مثل لوغانسك ودونيتسك يقطنها مواطنون روس ( تم ضمها مؤخراً لروسيا أو من وجهة النظر الروسية إرجاعها الى أرض الوطن)، تم توسيع أوكرانيا ثانية، في اتجاه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، هذا التوسع تم على حساب أراضي بولندا. وفي عام 1954  ضمت شبه جزيرة القرم إليها. (استعادتها روسيا قبل 8 سنوات).

في مقاييس الثوار البلاشفة ضم مناطق تعتبر صغيرة إلى أوكرانيا يعتبر أمراً طبيعياً فمساحة أراضي الاتحاد السوفييتي البالغة 8.65 مليون ميل مربع هو رقم ضخم فعلاً. بطبيعة الحال لم يفكر هؤلاء القادة عندما نظموا دولتهم أنه من الممكن انهيارها بعد 73 عاماً.

لاستكمال هذه المقدمة الضرورية ولفهم طبيعة الصراع الحالي، لابد من الإشارة الى القادة الذين تولوا زمام الأمور في الاتحاد السوفييتي السابق، فبعد لينين مباشرة تولى السلطة مواطن من جمهورية جورجيا هو جوزيف ستالين ثم تبعه مواطن أوكراني هو نيكيتا خروتشوف الذي تولى السلطة عام 1953 وحتى عام 1964.

كانت حصة أوكرانيا وما حولها في قيادة الاتحاد السوفييتي هي حصة الأسد، وبعد خروتشوف تولى مواطن أوكراني السلطة هو ليونيد بريجينيف وكان آخر من تولى السلطة ميخائيل جورباتشوف ويمكن اعتباره مواطن أوكراني كذلك، فقد ولد في إحدى القرى القريبة منها. وإذا علمنا أن مجمل هذه القيادات هو ثمانية زعماء منذ لينين وحتى الانهيار، ربما تبين لماذا يشعر الكثير من الروس بخيبة الأمل والإحباط من أشقائهم الأوكران.

ما سبق نبذة قصيرة توضح بعض حقائق التاريخ والجغرافيا في العلاقة بين الشعبين.

عام 1962 كان العالم على مشارف حرب نووية، فقد اكتشف الأمريكان أن الاتحاد السوفييتي بقيادة خروتشوف الأوكراني وضع صواريخ نووية في كوبا التي تبعد 90 ميلاً عن شواطئ الولايات المتحدة، فكان موقف الرئيس الأمريكي جون كنيدي حازماً في رفض هذا الوضع المخل بتوازن الردع بين القوتين العظميين. توازن الردع يعني أن يكون لدى أي طرف الوقت الكافي للرد النووي في حال تفكير الطرف المقابل إطلاق صواريخه لتدميره .

تم سحب الصواريخ السوفياتية، وفي نفس الوقت لم تتدخل الولايات المتحدة في كوبا منذ ستين عاماً.

كان رفض أوكرانيا بقيادة فولودومير زيلنسكي الطلب الروسي بإبقاء أوكرانيا على الحياد وعدم التفكير بالانضمام الى الناتو، وما يتبع ذلك الانضمام من إمكانية نشر صواريخ نووية أمريكية في أراضيها، هو السبب الأساسي المباشر في الحرب الحالية.

وزيلنسكي هو أحد رجلين، إما أنه جاهل على درجة كبيرة من الغباء لا يعرف حقائق التاريخ والجغرافية وأهمها أن أوكرانيا جار محاذ لدولة نووية كبيرة وعليه أن يأخذ في اعتباره مصالحها، ويشبه ذلك وضع المكسيك أو كندا تجاه الولايات المتحدة، وإما أن ولاءه المزدوج أعماه ومنعه من اتخاذ قرار لصالح وطنه الأم، فجنسيته الإسرائيلية هو وعدد من كبار المسؤولين الأوكران تجعل ولاءهم الخالص لوطنهم محل تساؤل ومشكوك فيه، وهذا ما تظهره الأحداث، فأوكرانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي تسمح قوانينه بمثل هذه الازدواجية على قمة هرم السلطة.

وسيذكر التاريخ أن زيلنسكي ورفاقه كانوا السبب المباشر في تدمير بلدهم وتشريد سكانه، وربما سيكون السبب أيضاً في اندلاع الحرب العالمية الثالثة.

بدأت الحرب في 24 فبراير 2022 بوصول الجيش الروسي الى مشارف كييف والجنوب الأوكراني في  جمهوريتي لوغانسك ودونييتسك، وفجأة تم سحب القوات من جبهة كييف وتم التركيز على الجنوب، وكانت هذه غلطة العمر بالنسبة لفلاديمير بوتين والقيادة الروسية.

ويخطر على البال سؤال استراتيجي عما يريده بوتين من هذه الحرب، وعندما أقول بوتين وذلك لأن القيادة الروسية مركزية الى حد كبير، فمعظم القيادات السياسية والعسكرية ما زالت في مراكزها منذ فترة طويلة، على سبيل المثال، وزير الدفاع سيرجي شويجو، عينه بوتين في هذا المنصب عام 2012، ولا يزال يشغل هذا المنصب، فما الذي يفعله مهندس معماري في وقت الحرب؟ في الأزمات الكبرى لا يصلح وجود رجال من نوع yes man  في المراكز العليا للدولة. لكن السؤال الأساسي : ماذا يريد صاحب القرار في روسيا من هذه الحرب؟ هل يريد تحييد أوكرانيا وإبعاد شبح التهديد النووي عن بلاده؟ أم استرجاع مناطق الجنوب في حوض الدونباس؟  لان هذا ما حدث فعلاً.

في الخيار الأول: كان المفترض احتلال كييف والقبض على القيادات السياسية والعسكرية الأوكرانية، وفائدة هذا الخيار لو كان حدث أنه سيقصر مدة هذه الحرب المستمرة حتى الآن بدون حسم.

ضرب بوتين بعرض الحائط بأهم قانون وضعه سون تزو في كتابه الشهير فن الحرب:

(ليكن الهم الأول في الحرب هو تحقيق النصر، لا إطالة أمد الحملات العسكرية، إذ لا توجد سابقة تاريخية تذكر أن بلداً ما قد استفاد من دخوله حروباً طويلة).

كانت تصريحات بوتين متناقضة، فهو يلوم قادة الاتحاد السوفييتي على تسليم المناطق الجنوبية إلى أوكرانيا وفي نفس الوقت كان يعتبر الشعب الأوكراني شعباً شقيقاً لا يرغب في تعريضه للمعاناة.

لو تم احتلال كييف في بداية الحرب، لانتهت الحرب بسرعة، فغالبية الشعب الأوكراني ستعتبر أن هذه حرب بين القيادات لا تعنيهم في شيء .

ولكن ما حدث أن تغيير اتجاه سير المعارك عمل على تدمير العلاقة الحميمة المتناهية في القدم بين الشعبين، وقد لاحظنا أن القوى الغربية عملت على تسريع هذا العمل بعد أن فتحت حدود دول الناتو التي تقع غرب أوكرانيا.

وفي العادة، يصل كره أي حكومة الى حد مقاومة لجوء مواطنين من دول أخرى إلى درجة استعمال العنف، ونحن نرى ذلك كل يوم على مستوى العالم، بين المكسيك والولايات المتحدة، وفي قوارب اللجوء إلى أوروبا عبر البحر وغير ذلك.

ولكننا لاحظنا ترحيباً غير مسبوق باللاجئين الأوكران من قبل دول الناتو إليها، وإذا كان للفنادق تصنيف حسب فخامتها، فان هذا اللجوء يعتبر خمسة نجوم، من الترحيب على الحدود الى مجانية المواصلات الى تأمين سكن وغير ذلك مما لانعرفه. استثنت هذه المعاملة المقيمين الأجانب في أوكرانيا ، كأن الحرب تفرق بين المواطن والمقيم.

والتفسير المعقول لما حدث أن الأوامر صدرت لهذه الدول بتشجيع الأوكران على مغادرة بلادهم وذلك بغرض فصم العلاقة بين الشعبين الشقيقين، فكانت النتيجة لجوء 10 الى 12 مليون أوكراني الى الدول المجاورة، واللجوء مهما كان ميسراً ، إلا أنه يترك مرارة وأسى لا ينسى في نفس اللاجئ.

وقد أثبت تغيّر اتجاه المعارك أن بوتين لا يتمتع بوضوح الرؤيا، فقد كان عليه قبول حقائق العصر واعتبار أوكرانيا مثل كازاخستان، ففيها يعيش 30% من الروس ولكن لا يخطر على باله ضم المناطق التي يعيش فيها الروس الى الاتحاد الروسي. وسيذكر التاريخ أن بوتين هو الذي دق إسفيناً في العلاقة بين شعبين شقيقين وأنهى العلاقة الحميمة بينهما ووضع أسس استقلال أوكرانيا النهائي، ربما ستكون أوكرانيا بحدود مختلفة، لكن ما جرى هو عكس اتجاه المستقبل.

الرابح والخاسر في الحرب الحالية:

كانت الضحية الكبرى في الحرب هي الشعب الأوكراني الذي تجري المعارك على أراضيه، يلي ذلك الشعب الروسي الذي تستنزف موارده بشكل يومي، ثم باقي شعوب العالم في ارتفاع أسعار المواد الأولية وارتفاع نسبة التضخم بشكل حاد في كثير من الدول، ثم دافع الضرائب الأمريكي الذي يموّل حرباً فرضتها الدولة العميقة في الولايات المتحدة الممثلة في الشركات الرأسمالية الكبرى وخاصة في صناعة الأسلحة التي هي الرابح الوحيد من هذه الحرب.

آفاق الحرب ومآلاتها: خطورة هذه الحرب هي إمكانية تحولها إلى حرب نووية، والخوف من وقوع حرب كهذه عام 1962 منع الزعامات العاقلة في أمريكا والاتحاد السوفييتي من التصعيد فقاموا بعمل تنازلات تعتبر مؤلمة في ذلك الوقت. ولكن هذه المرة لا يبدو أن الطرفين مستعدان لعمل تسوية مناسبة لوقف التصعيد، صحيح أن كل طرف يعرف الحدود التي يتوقف عندها مثل تصريح بوتين بأن لا يكون البادئ باستعمال الأسلحة النووية، والتزام بايدن بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية، ولكن ماذا لو طورت القيادة الأوكرانية الصواريخ الموجودة لديها وهاجمت موسكو وسانت بطرسبيرج؟ وماذا لو هاجمت الصواريخ الروسية وقتلت طواقم الباتريوت الأمريكية المزمع انشاؤها؟

سياسة القيادة الأمريكية منذ بدء الحرب هو مثل السير على حافة الهاوية بغرض استنزاف روسيا، ولا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك. وربما كانت تصريحات الثعلب العجوز هنري كيسنجر في بدايات الحرب عن التنازل لروسيا عن أراضي الدونباس هي الحل الوحيد الذي ينهي الحرب، فالروس لن يقبلوا بأقل من ذلك مهما طالت الحرب.

18 ديسمبر 2022

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: الفائزون الأربعة في مونديال قطر 2022


انتهى المونديال وأسدل الستار على مبارياته، وأغلقت ملاعب قطر الكبرى أبوابها وأطفأت أنوارها، وخسرت فرنسا كأسها وتسلمته الأرجنتين وفريقها، ورحل المشجعون وغادر الرياضيون بغير الوجه الذي دخلوا فيه، فبعضهم غادرها سعيداً مبتهجاً وقد فاز فريقه، وبعضهم تركها حزيناً مبتئساً وقد خاب فريقه، لكنهم جميعاً غادروها وهم يشعرون بالنشوة والفرح والبهجة والسعادة، وقد خلفوا وراءهم في دوحة قطر قصصاً وحكاياتٍ، واحتفظوا برواياتٍ وذكرياتٍ، وسجلت عيونهم وعدسات هواتفهم مشاهد لن ينسوها، وصوراً لم يعهدوها، فقد هالتهم قطر ودوحتها، وفاجأتهم دولتها وحكومتها، ولفت أنظارهم ترتيبها وتنظيمها، ونظافة شوارعها وتنسيق مبانيها، ودماثة خلق أهلها وبشاشة وجه سكانها، وسرهم رحابة صدرهم والابتسامة على وجوههم، واستجلب استحسانهم جودهم وسخاؤهم، وكريم استقبالهم وحسن وفادتهم.

إلا أن الحديث عن مونديال قطر لن يتوقف بانتهاء المونديال، ولن تنتهي فصوله بخلو شوارعها من المشجعين وإغلاق ملاعبها أمام الرياضيين، بل سيبقى مونديال قطر 2022 الذي ملأ الدنيا صخباً وضجيجاً، وأشغل العالم متابعةً واهتماماً، علامةً فارقةً في تاريخ كرة القدم ومسيرة كأس العالم، وحديث العامة والخاصة، ومحل إعجاب المنظمين وإشادة المراقبين، وسيفرض نفسه على مدى العقود القادمة والدورات التالية، مثالاً يحتذى ونموذجاً للمقارنة، وسيتعب من بعدهم، وسيرهق من سيحاول أن يقلدهم أو أن ينظم مثلهم.

فقد أثبتت قطر أنها على قدر التحدي وأنها تستحق الاستضافة بجدارةٍ، وأن دوحتها الأصيلة لا تقل قدرةً وكفاءةً عن العواصم الكبرى التي سبق لها استضافة المونديال، بل بزتها وتجاوزتها، وتفوقت عليها وسبقتها، وتركت بصماتها المميزة وعلاماتها الفارقة، التي يصعب على الزمان مهما طال أن يشطبها أو يبهتها.

تلك كانت قطر، أول الفائزين الأربعة وأكثرهم سعادةً بالفوز وابتهاجاً بالنجاح، فقد تحدت العالم كله، ووقفت في وجه المتشككين، وأثبتت أنها تستطيع أن تقوم بأكثر مما قام به السابقون، وفضلاً عن النجاح الباهر الذي شهد به المحبون والشانئون، والمؤيدون والمنافسون، فقد نجحت في فرض الهوية العربية والثقافة الإسلامية على مونديالها، وأظهرت وجه العرب الأصيل وحضارة الإسلام العظيم، وسلطت الضوء على العادات العربية المميزة والمفاهيم الإسلامية المتنورة.
رفع العرب رؤوسهم عاليةً بقطر العروبة، واختال المسلمون فرحاً بالحضارة الإسلامية، وازدانوا أمام الضيوف والوافدين بدينهم وثقافتهم، وبلغتهم وهويتهم، واستعرضوا أمامهم أزياءهم وطعامهم، واختالوا بنظافتهم وباهوا بتنظيمهم، حتى غدا فوز قطر فوزاً عربياً إسلامياً نفخر به ونعتز.
أما الفيفا فقد كانت الفائز الثاني في مونديال قطر 2022، ولها ينسب الفضل في جوانب كثيرة تميز فيها المونديال وأبدع، فقد نجحت بالتعاون مع القطريين في تنظيم أول مونديالٍ في المنطقة العربية، وأثبتت أنها كانت على حق عندما صادقت على عقد المونديال في قطر، رغم حملات التشكيك والاتهامات التي تعرض لها مسؤولوها، إلا أن النتائج المبهرة التي رأوها، والتنظيم المهول الذي شهدوه، أثلج صدورهم وأسعدهم، وعوضهم عن مراحل القلق وشبهات الانحياز والاتهام.
أما الأرجنتين التي استعادت كأس العالم بعد ست وثلاثين سنة من آخر فوزٍ حققته عام 1986، فقد كانت ثالثة الفائزين وأول الكاسبين، وأكثر الفرق الرياضية فرحاً باستعادة اللقب وتحقيق النصر الذي عملوا كثيراً على تحقيقه، وتدربوا طويلاً على استحقاقه، وحق لهم أن يفوزوا ويفرحوا، وأن يحتفلوا ويخرجوا، فقد لعبوا بجدارةٍ، وقدموا صوراً في المباراة رائعة، وانتزعوا نصراً سريعاً وأظهروا تفوقاً لافتاً، وسجلوا في شباك الخصم أهدافاً مبكرة، وعندما هاجمهم الفريق الفرنسي وعدل النتيجة معهم، صمد اللاعبون الأرجنتينيون وقاوموا، وأصروا على الفوز ولو في الأشواط الإضافية أو الضربات الترجيحية، فتحقق لهم ما أرادوا، فاستحقوا الفوز والفرح والكأس.
أما الفائز الرابع الأكبر والمنتصر الأول فقد كانت فلسطين وقضيتها، وشعبها وأهلها، والمؤمنون بها والمؤيدون لها، والموالون لها والعاملون معها، فقد تميزت فلسطين في المونديال وسطعت في سماء الدنيا شمسها، وسما في ليالي الدوحة نجمها، ورفرف علمها، وانتشرت في شوارع الدوحة صور أبطالها ورموز مقاومتها، وعجز المناؤون لها والمعادون لشعبها في إسكات الصوت العربي الهادر، والتضامن الإسلامي الصادق، والتأييد الدولي اللافت.
ولعل ما حققته القضية الفلسطينية في ميادين الدوحة وملاعب المونديال يرقى إلى مصاف المقاومة ومدارج النضال، وهو ما أغاض العدو وأحزن حلفاءه، إذ ساءهم ما شاهدوا، وأغضبهم ما رأوا في شوارع الدوحة وملاعبها، والأعلام التي رفعت والكلمات التي صدحت، والمواقف التي عبر عنها اللاعبون والمشجعون، والمنظمون والمستضيفون.
ربما الفائزون في مونديال قطر 2022 أكثر مما ذكرت، وأشمل بكثيرٍ مما استعرضت، لكن الأربعة الذين سبقوا كانوا هم المتربعين على كأس العالم، وكانت القضية الفلسطينية شريك الفائزين والقاسم المشترك في يوميات المونديال، فهي الفائز الأول الذي صبغ المونديال بهويتها، وفرض مظلوميتها، ورفع مقام المؤمنين بها، وأخزى وجوه المعادين لها والظالمين لأهلها.
بيروت في 19/12/2022