02 يوليو 2015

سيد أمين يكتب: حديث في الميتافيزيقا

آخر تحديث : السبت 27 يونيو 2015 10:42 مكة المكرمة
في بلد لا يعمل فيه بكفاءة سوى السجن والمقصلة, ويدخل غالبية شبابه صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بأسماء مستعارة, ويعتبر نصف شعبه النصف الآخر شعباً إرهابياً لمجرد أنه طالب بحقه في المشاركة في تقرير مصير بلادهم.
ويصبح سحب الجنسية والحرمان من الانتماء إلى البلاد التى تفاخر بالانتساب إليها الآباء والأجداد أسهل من نفاذ رصيد شحن الهاتف المحمول, ولا يٌسمح أن تعلو فيها سوى الأصوات النشاز.
في بلد فيها كل هذا -وهو قليل للغاية من كثير للغاية- يصبح حديث أى صاحب قلم بموضوعية في أى شأن لاسيما السياسة هو مهمة انتحارية في المقام الأول.
وللحقيقة أن أجواء كتلك تجعل الكثيرين يفكرون ألف مرة قبل أن يكتبوا, لأن الكاتب هنا ليس مجرد فرد فتعود مخاطر كتاباته على نفسه فقط بالضرر, ولكنه شأنه شأن كل المجتمع, هو كائن حى له أسرته الصغيرة المسئول عنها, وهم لهم متطلباتهم وأحلامهم وأمانيهم التى قد تكون ليست هي ذاتها اهتمامات الكاتب نفسه في الدفاع عن أسرته الكبيرة التى هى الوطن, وهم ليسوا على استعداد للمساهمة في دفع الفاتورة التى يستعد هو لدفعها والتى ستعود عليهم أيضا بالضرر, الأمر الذى يجعله يتعامل فقط في الجزء اليسير المسموح به من الحقيقة.

ليس كل ما يعرف يقال
ويبدو أن سقراط الحكيم حينما قال قديما انه "ليس كل ما يعرف يقال"، كان هو أيضا يعيش ذات الأجواء التى يعيشها كتاب الداخل من المصريين الآن بدليل أن الأمر انتهى بحبسه ثم إعدامه.
كما أنه في أوقات انطلاق جمرة اللهب في ذيل الثور الهائج, لا يكون أبدا من الحكمة الوقوف في وجهه , بل أن الحكمة تصبح في أن يتحدث الكاتب الذى لا حول له ولا قوة في أى شئ كان يؤجل الحديث فيه لاوقات الراحة والدعة.
ومن الأمور التى لطالما شدت انتباهى، وانتباه كل الناس في هذا العالم الذى نعيش فيه, وهى التى يبدو أن الحديث فيها هو الأنسب في مثل هذه المرحلة, تلك المتعلقة بـ"الميتافيزيقا" أو العلم الذى يتناول مواد "ما وراء الطبيعة", أو بالمعنى الأكثر شيوعا, السحر والفلك والطالع, وغيرها من أمور تتحدث في الغيبيات، ويثار حولها جدل كبير بين التشكيك والتأكيد.
فمن بين من يشككون دوما فيه, رجال الدين -أي دين- ورجال المنهج العلمي، وذلك بدوافع دينية أو منطقية بحتة, وهو تشكيك ينفي وجود هذا العلم أساسا ويلقي نتائجه دائما إلى حالة الصدفة والهرتلة وما إلى ذلك, إلا أن رجال الحكم في معظم دول العالم يحرمون هذا العلم –إن جازت التسمية- ليس لكونه هرتلة، وصدفة كسابقهم بل لأنهم يعتبرون تداوله بين العامة يقوض سلطتهم، ويفشى أسرار دولتهم وهو منع يؤكد وجود هذا العلم لا ينفيه.
ويقول متابعون إن الكثير من أجهزة الاستخبارات في العالم عامة, وفي عالمنا العربي خاصة, تعتمد بشكل جزئى او كلى في معلوماتها على استخدام الميتافيزيقا كأساس معرفي, بل يتردد أن تقرير الميتافيزيقا هو واحد من أهم التقارير التى تعرض كل صباح على الرئيس الامريكى ذاته.


رؤساء مصر والمنجمون
ويدلل مؤيدو وجود مثل هذا العلم عليه بأن التجريم وأحكام الإعدام التى كانت تصدرها كل نظم الحكم الغربية في القرون الوسطى على من يثبت استخدامه لـ"السحر الاسود" هو في حد ذاته اعتراف بتأثير هذا النهج على الأمن العام، أو بالأحري أمن النظام الحاكم, لدرجة جعلتهم لا يفصلون بين نتائج هذا النهج غير العلمى وبين نتائج العلم ذاته, فراحوا يحكمون على "جاليليو" مخترع التليسكوب بالسحر والهرطقة فأعدموه.
وبعد ثورة يناير الموءودة في مصر راح كتاب كثر منهم "بلال فضل" يكتب مقالا موثقا أثار صدمة آنذاك حول قيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك بالاستعانة بعدد من السحرة لدعم نظام حكمه, وأن سفره للسنغال خصيصاً للقاء عدد من السحرة "الجبارين" هناك.
فيما أشار آخرون إلى أن مثل هذا السلوك يتبعه كل حكام مصر منذ بدء الخليقة، وأن الرئيس المصري الوحيد الذى رفض الاستماع إلى صوت "السحرة" و"قارئى الطالع" هو الرئيس الإسلامى محمد مرسي بناء على خلفيته الدينية, ما تسبب في سقوطه سريعاً, وأنه لو استشار أياً من "المنجمين" لكانوا أكدوا له ان المكائد من كل أجهزة الدولة لم تتوقف ضده منذ أن أعلن اسمه كفائز في رئاسة الجمهورية لحظة واحدة.
سحقاً أجدني قد تحدثت في السياسة مجدداً.
لقراءة المقال على الجزيرة مباشر انقر هنا

أحمد جمال زيادة يكتب :المرمغة فى حُب السيسى


مصر العربية
أثناء تشييع جنازة النائب العام يضع بعض المواطنين الشرفاء ممن اعتدنا على رؤيتهم فى كل التظاهرات "المؤيدة للسيسى أو لمبارك أو لمرتضى منصور" صورة السيسى على الأرض.
يسجد أحدهم ويقبّل الصورة بحب شديد، ثم يتمسح بوجهه على صورة السيسى تبركًا بها، فيشعر أنه لم يعبر عن حبه بما فيه الكفاية فيقرر بكل شجاعة أن يرقد ويتمرمغ فى حب السيسى.
أثناء اندماجه فى المرمغة يصيح أحدهم "الله أكبر"، ثم يسجد ويقبل الصورة تضامنًا مع رفيقه الذى يتمرمغ، فيظهر أحد العقلاء منفعلًا بشدة ليسحب الشاب الذى يتمرمغ على صورة السيسى "عشان يتمرمغ بداله شوية".
انتشر هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى حتى وصل إلى السويد! سألتنى زميلة سويدية عن سبب كل هذا "البوس والمرمغة" لصورة السيسي مع أن مقتل شخصية عامة يجب أن يحاسب عليها الرئيس شخصيًا؟!
كيف أرد عليها بعدما كنت أردد لها دائمًا مقولة عبدالرحمن الكواكبى "المستبدون يتولاهم المستبد والأحرار يتولاهم الأحرار"؟!
حاولت أن أشرح الموقف ولكن "الموقف مبيشتغلش بعد الساعه 11 بالليل".. أجّلت حديثى معها للصباح كى أفكر فى أى وسيلة للدفاع عن هؤلاء المتمرغين فى حب السيسى رغم مقتل النائب العام حتى لا تفهم زميلتى السويدية الموقف بشكل صحيح!
ولكن فى الصباح انتشرت أخبار عن مقتل ثلاثة أشخاص فى تفجير بمدينة السادس من أكتوبر فأجلت الحديث معها للصباح "اللى بعده" حتى لا تسألنى عن كيفية التفجير ومن سيحاسب على إزهاق الأرواح؟!
لكن فى الصباح " اللى بعده" استيقظت مصر على استشهاد 17 جنديًا مصريًا فى الشيخ زويد، حسب رواية المتحدث العسكرى، و70 حسب رواية القناة الفرنسية، فقررت الانتظار قليلًا، ولكن بماذا يفيد الانتظار بعد تلك الكارثة الجديدة التى حدثت فى نفس اليوم.. "قوات الأمن تعلن تصفية 9 أشخاص فى شقة بالسادس من أكتوبر دون محاكمة!" فماذا أقول لزميلتى السويدية؟!.
فكرت فى وسيلة ماكرة أبرر بها هذه المرمغة، وبحثت عن إنجازات تستحق المرمغة والبوس الجماعى - "اللى حصل فى الجنازة" - فبحثت عن حرية الصحافة ولكنى وجدت أن حرية الصحافة قد حصلت على المركز الـ 159 من بين 180 دولة حسب تقرير "مراسلون بلا حدود".
بلاها صحافة. بحثت عن التعليم "ويا هناه ياهناه اللى يتعلم عندنا".. لكن التعليم المصرى قد حصل على المركز الأخير وفقًا للمنتدى الاقتصادى العالمى.
والصحة فى النازل، فقد حصلنا على المركز الأول فى الإصابة بفيرس سى والمركز الأول فى تلوث الهواء، والمركز الأول فى حوداث الطرق، وفقا لمنظمة الصحة العالمية! وأعتقد أن حصولنا على ثلاثة مراكز أولى شيئًا مشرفًا، ولكن زميلتى السويدية لن تقتنع.
أما الأسعار فقد ارتفعت حتى وصلت إلى السماء!
بحثت عن العدل فوجدت أن ضابط شرطة قد خُصم من راتبه شهرًا لأنه وضع عصا كهربائية فى مؤخرة أحد المساجين. وأن نفس الضابط قد خصم من راتبه شهرين قبل تلك الواقعة لتلفيقة قضية آداب لإحدى السيدات.
بحثت عن مطالب الثورة فوجدت أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح وأحمد ماهر وسناء سيف وآلاف الشباب والبنات فى السجون بينما نظام مبارك يتمتع بالحرية.
بحثت عن مصر فلم أجد سوى قتل وسفك دماء واعتفالات عشوائية وأحكام إعدام وإرهاب وتحرش.
فتحت بريدى الإليكترونى فوجدت رسالة من زميلتى السويدية محتواها:
"عزيزى: أحمد.. فى 2004 تقدم رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى "ميشال جوتوديا" باستقالته لاتهامه من المجتمع الدولي بعدم التصدي لأعمال العنف.
في 2010 أعلن رئيس الوزراء الياباني "يوكيو هاتوياما" استقالته من منصبه بعد 9 أشهر من الحكم لفشله في الوفاء ببعض التعهدات التى قطعها للناخبين خلال حملته الانتخابية.
فى 2014 قدم رئيس وزراء كوريا الجنوبية شونغ هونغ استقالته على خلفية غرق عبارة واعتذر لشعبه عن عدم استطاعته منع الحادثة.
في مايو 2015 فى الأردن الشقيقة لمصر أقال العاهل الأردنى وزير الداخلية "حسين المجالي" بسبب تقارير حقوقية عن انتهاكات حدثت في السجون.
فلماذا يا عزيزى لم نسمع عن إقالة أى مسؤل مصرى فى ظل تلك الكوارث؟! ولماذا كانوا يقبلون صورة السيسى فى جنازة النائب العام؟".. فقررت أعمل لها بلوك وأريح دماغى.

01 يوليو 2015

زهير كمال يكتب: نقد فلم محو ذاكرة 2013

محو ذاكرة فلم آخر عن غزو فضائي للأرض .
أتحفتنا هوليوود بأفلام كثيرة حول هذا الحدث الخيالي، ولكن يختلف الأمر مع هذا الفلم حيث كانت الحبكة السينمائية أقوى بكثير من أفلام كثيرة وأقرب الى المنطق الى حد ما .
مثلاً في فلم يوم الاستقلال Independence day عام 1996 من تمثيل ويل سميث ، بيل بولمان وجيف جولدبلوم، كان للغزاة سفينة فضائية عملاقة تتبعها عدة سفن بقطر 500 كيلومتر للسفينة الواحدة، والغزاة مخلوقات بشعة جداً ولكن لها عقل جماعي، أما في فلم محو ذاكرة فهي سفينة واحدة بنفس ضخامة السفينة الأم ولكنها هرمية مستدقة ولا وجود لأي مخلوق فضائي داخلها، ولكنها تتمتع بقوة تدميرية أكبر بكثير مقارنة مع الفلم السابق.
ولو افترضنا جدلاً وجود غزو للأرض في المستقبل فلن يكون إلا بالسيناريو الذي طرحه الفلم. أي سفينة عملاقة تنتقل في الكون بطرق غير تقليدية تمتلك طاقة تدميرية هائلة وتتمتع بتفوق تكنولوجي رفيع.
فيلم محو ذاكرة من الأفلام الصعبة التي تحتاج تركيزاً عالياً لفهمها ولا يستطيع المشاهد معرفة القصة الكاملة للفلم إلا في نهايته، فالقصة تروى بطريقتين وكثير من المشاهد فيها عودة الى الخلف flashback وأحيانا يسير الحدث الحالي وحدث الماضي جنباً الى جنب ويختلط الأمر على المشاهد بين الحدثين.
ولهذا لم يصادف الفلم النجاح المقصود رغم جمال القصة والمناظر الخلابة والتمثيل البارع لتوم كروز ومورجان فريمان وباقي الممثلين.
أتقنت هوليوود صناعة السينما وتوضع ميزانيات ضخمة لإنتاج أفلام كهذه ولهذا فالحديث عن الموسيقى التصويرية او إختيار المشاهد او الديكور إنما تكرار لزوم له. 
فيما يلي مختصر يوضح القصة ويضعها في سياق الأحداث الطبيعي:
في عام 2017 انطلقت مركبة الفضاء اوديسا وهي تقل سبعة رواد من جنسيات مختلفة ، أبرزهم الأمريكي جاك هاربر ( توم كروز) والبريطانية فكتوريا والروسية جوليا متوجهة من كوكب الأرض في رحلة استكشاف الى القمر تيتان، أحد أقمار زحل، الذي يبعد عن كوكبنا مسافة مليار ونصف المليار كيلومتر تقريباً.
يفترض الفلم أننا وصلنا الى تقنية ( التنويم الصناعي - وقف النمو) لقطع المسافات الفلكية فالسرعة المحدودة التي وصلنا اليها حتى هذا التاريخ، تعني أن زمن الرحلة يمتد الى عشرات السنين. 
بعد أن قطعت المركبة مسافة كبيرة في الفضاء باتجاه الهدف وكان جميع الرواد في مرحلة التنويم الصناعي، ظهر على شاشات وكالة ناسا جسم فضائي على شكل هرم.
أيقظت سالي مسؤولة الاتصال في وكالة ناسا القائد جاك هاربر ومسؤولة الاتصال في المركبة اوديسا البريطانية فكتوريا للتحقق من هذا الجسم الغريب. 
حوّل جاك مسار اوديسا نحو الجسم ، ولكن بعد فترة وجد نفسه لا يستطيع السيطرة والتحكم في مركبته التي أخذت تتسارع نحو الهرم، خاف جاك على حمولته البشرية المكونة من خمسة أفراد من بينهم زوجته جوليا، ففصل قسم المركبة المحتوي على الحمولة النائمة وكان هذا القسم مبرمجاً ليعود للأرض بدون تدخل بشري.
انقطع اتصال اوديسا مع ناسا وأجبرت على الدخول الى الهرم بحمولتها البشرية المكونة من جاك هاربر وفكتوريا فقط.
وصلت سفينة الغزو الهرم (تيت) الى مسافة كافية من قمر الأرض وقامت بتدميره الأمر الذي أثر على توازن الأرض فثارت البراكين والزلازل في أماكن عديدة من الكوكب وصاحب ذلك موجات تسونامي هائلة بلغ ارتفاعها مئات الأمتار طمرت كل الأرض المنخفضة وغيرت معالم الكوكب، وكمثل على ذلك فقد غمرت الرمال والأتربة معظم ناطحات سحاب نيويورك فأصبحت تحت سطح الأرض.
لم تكن الأرض مهيأة لكوارث طبيعية بهذا الحجم الهائل، وقد تركت لتفعل فعلها في الأرض لمدة سنتين، انتشرت المجاعات خلالها ومات العدد الأكبر من سكانها، بعدها أنزل الغزاة آلاف الطائرات بدون طيار (درونات) مع آلاف الرجال مستنسخين من جاك هاربر (كلون) يقودون طائرات فضائية صغيرة عملوا تقتيلاً في من تبقى من البشر. فقد كان الرجال المستنسخون مبرمجين على أن سكان الأرض الحقيقيين هم الغزاة الذين يجب القضاء عليهم.
ولم يشر الفلم الى مصير هؤلاء الرجال المستنسخين بعد انتهاء مهمتهم ومن المؤكد أنه تم التخلص منهم، فهناك مصنع في السفينة تيت لعمل الآلاف. 
بدأت المرحلة الثانية بعد خلو الأرض من سكانها تقريباً حيث تم بناء أجهزة عملاقة تقوم باستخلاص طاقة أندماجية من ماء الكوكب.
في هذه المرحلة كان هناك مستنسخ من جاك يعيش مع مستنسخ من فكتوريا في بيت حديث راق شاهق الارتفاع تكاد تظن أنه معلق في السماء، كانت المهمة إصلاح طائرات الدرون والأجهزة العملاقة التي تتعطل بفعل التخريب ممن تبقى من ( الغزاة ).
هكذا تمت البرمجة الثانية والتي تتضمن كذلك أن جاك وفيكا سيقضيان خمس سنوات في هذه المهمة وهي المدة اللازمة لتجميع الطاقة اللازمة من أجل حياتهم على القمر تيتان، وأن سكان الأرض قد انتقلوا الى داخل الهرم تيت وينتظرون انتهاء مهمة جاك وفيكا.
ضمن البرمجة أيضاً أنه لنجاح المهمة كان جاك وفيكا مجبرين على محو ذاكرتيهما حتى لا يستفيد (الغزاة) الذين يعيشون مختبئين تحت الأرض من المعلومات الموجودة لديهما فيما لو وقعا أسيرين في أيديهم.
وحتى تكتمل مشاهد البرمجة تشير الخرائط المقدمة لجاك وفيكا والتي يعملان بموجبها الى مناطق حمراء هي مناطق الإشعاعات النووية الخطرة والتي لا يستطيع جاك تخطيها فيموت.
وهذه البرمجة تعني أنهما يعيشان وحيدين على الأرض. أما الحقيقة فهي أن هناك عدة نسخ من جاك وفيكا وصلت في الفلم الى 52 ، وبهذا تمت تغطية الكرة الأرضية ، ولكل فريق منطقة يعمل بها ولا يستطيع تخطيها خوفاً من الإشعاعات النووية كما توضح خرائط كل فريق. ويعني هذا أن أجهزة الاتصالات التي يمتلكها كل فريق محدودة وتقتصر فقط على الاتصال مع الهرم. 
يبدأ الفلم في العام 2077 مع الفني جاك وفيكا رقم 49 قبل أسبوعين من انتهاء مهمتهما تمهيداً لانتقالهما الى الهرم. يبدوان كفريق كفؤ وسعيدين لقرب انتهاء مهمتهما.
تنتاب جاك بعض الأحلام أو الرؤى ولكنها لا تؤثر على مهمته، ويبدو أن جاك غير متحمس كثيراً للانتقال الى تيتان فهو يحب الأرض وقد وجد لنفسه منتجعاً صغيراً بين الجبال لا تصله فيه اتصالات فيكا وسالي من الهرم.
جمع جاك في منتجعه السري كتباً واسطوانات قديمة ويتسلى بلعبته الرياضية المفضلة ويغفو أحياناً بجانب البحيرة على صوت الموسيقى، وجاك نفسه لا يعرف لماذا تهفو نفسه الى القديم. كان المستنسخ جاك بدون أن يدري يصارع من أجل استرجاع ذاكرة ليست له ولكنها ركن أساس من أركان شخصيته. 
فيما بعد سنكتشف ان هناك خلل ( Flow ) في صناعة التقني رقم 49 ، فالإنسان لن يكون سلعة مصنعة مثل باقي السلع وسيظل مخ الإنسان هو ذلك المجهول الكبير الذي لا يمكن فك طلاسمه.
في هذا الوقت تصل الى الأرض جزء السفينة أوديسا الذي فصله جاك الأصلي قبل ستين عاماً. تقوم أجهزة الدرون بقتل طاقمها النائم ولكن جاك رقم 49 استطاع النجاح في إنقاذ جوليا التي يراها في أحلامه ثم تتكشف الحقيقة شيئاً فشيئاً عندما يكتشف أن الغزاة المختبئين تحت السطح ما هم إلا من تبقى من سكان الأرض الأصليين ويقودهم مالكولم بيتش الذي شهد الغزو من بدايته ويمثل دوره بكفاءة مورجان فريمان.
وفي نهاية الفلم ينجح جاك رقم 49 ومالكولم بيتش في تدمير الهرم تيت بنفس القنابل الاندماجية التي يجمعها الغزاة، ويقومان بتخليص كوكب الأرض منهم.
قصة الفلم مشوقة ولو تم إخراجها بطريقة بسيطة لنجح نجاحاً ساحقاً مثل الفلم الأول للمخرج جوزيف كوسنسكي (اسطورة ترون)، ولكن تعقيد الفلم جعله صعباً على الفهم ومن ثم على الاستمتاع.
فكل أفلام الخيال العلمي والتي تلقى رواجاً ضخماً عند محبي الأفلام السينمائية تبدأ من النقطة ألف وتنتهي بالنقطة ياء.
تكمن أهمية الفلم وتتمحور قصته حول معضلات مستقبلية سنشاهدها في المدى المنظور ، فالفلم يطرح موضوع الطائرات بدون طيار ويمكننا القول إنها كانت أحد أبطال الفلم غير البشر.
في أيامنا هذه نستطيع معرفة ما يفعله الجيل الأول منها والتي تدار من قواعد بعيدة عن مكان عملياتها آلاف الكيلومترات إذ تقوم باصطياد وقتل الأفراد غير المرغوب فيهم.
أما الأجيال التالية من هذه الطائرات فستكون روبوتات طائرة وقاتلة بدون توجيه تتوجه الى منطقة ما، تصدر لها الأوامر فتقوم بالقضاء على كل ما يتحرك فيها.
أما الموضوع الثاني فهو موضوع الاستنساخ والبرمجة.
رغم أن كثير من حكومات الأرض في وقتنا هذا قد وضعت قوانين ضد استنساخ البشر وذلك لاعتبارات دينية وأخلاقية إلا أن الاستنساخ قادم لا محالة ، ففي صراع الإنسان مع قدره النهائي وهو الموت يحاول بشتى السبل التحايل والخلاص من المصير المحتم، والاستنساخ هو إحدى هذه الوسائل، فقد يستطيع غني من الأغنياء البداية من جديد بجسم شاب خال من أمراض الشيخوخة أو الحصول على قطع غيار لأعضائه القديمة بأخرى جديدة، كما تم طرح الفكرة باقتدار شديد في فلم من أفلام هوليوود باسم (الجزيرة عام 2005) The Island ( إخراج ميشيل بيه وتمثيل ايوان مكريجور وسكارلت جوهانسن).
وهذا يقودنا الى موضوع البرمجة لهذه المستنسخات ، ففي فلم الجزيرة أبقوهم أطفالاً وأسماؤهم مجرد أرقام وسيذهبون الى جزيرة رائعة في حالة وقوع القرعة عليهم، أي عندما تتم الحاجة الى أعضائهم.
أما في الفلم الحالي فهم مقاتلون أكفاء لا قدرة لأحد على مواجهتهم. أو كما قال مالكولم بيتش (مورجان فريمان) قائد المقاومة، واجهونا بأحسن ما عندنا في إشارته الى عملية تصفية البشرية في المرحلة الأولى.
ومن يعلم ماذا يخطط عسكر العالم المتقدم لحروب المستقبل سواء مستنسخين على طراز جاك هاربر أو روبوتات آلية ذكية مبرمجة لخوض المعارك ولا يؤخذ اعتبار لخسائرها.
لا يخلو الفلم من بعض الأخطاء العلمية الهامة قد لا يعرفها المشاهد العادي.
من ذلك فالقمر تيتان وقد تم وصفه بالجنة الموعودة ، هو أبعد ما يكون عن ذلك، فدرجة الحرارة على سطح القمر هي 273 - مئوية ، أي درجة الصفر المطلق للكون ، كما أن القمر هو أكبر مخزن في المجموعة الشمسية للفحم والنفط. وهذا القمر لا يحتاج الى طاقة إضافية مستوردة من مكان آخر.
وكان عليهم إختيار كوكب مجهول الاسم لهذه الجنة الموعودة.
كذلك فإن تحديد التواريخ سواء انطلاق السفينة اوديسا عام 2017 وعودة طاقمها النائم عام 2077 هو اختيار غير موفق واستعمال التنويم الصناعي - وقف النمو للطاقم هو أمر لم يتحقق بعد وربما تحتاج البشرية خمسين عاماً لإتقان هذه التقنية الهامة لغزو الفضاء. وكان على المؤلف أن لا يتقيد بالتواريخ.
في نفس الوقت صادفت المؤلف مشكلة أخرى جعلته يحدد مواعيد قريبة من زمننا هذا، وهي عدم قدرة دول الأرض على التصدي للغزو. فقد توقف الهرم تيت على بعد 500000 كيلومتر من قمر الأرض وهي مسافة الأمان الكافية حتى لا يصاب بالشظايا المتطايرة من القمر عند تدميره. وهذه المسافة تعني بعد تيت عن الأرض مسافة 800000 كيلومتر وهي مسافة فلكية بالنسبة لدول الأرض التي لن تستطيع إيصال صواريخها وقنابلها النووية اليه وإن استطاعت فمن السهل التصدي لها وتدميرها قبل وصولها. ولهذا لم يتطرق الفلم لموضوع مواجهة الغزو، فما حدث أكبر من قدراتنا الحالية في الوقت الحاضر وفي المدى المنظور.
أما بالنسبة لاستغلال مياه الأرض لعمل قنابل اندماجية، فهذه أيضاً إحدى الهفوات التي تدل على عدم دقة البحث العلمي عند المؤلف، فمن المعروف أن الاندماج الحادث في جزيئات الماء ينتج عنه الماء الثقيل الذي يستعمل في القنابل الانشطارية. وقوانين الكيمياء لا تتغير.
وهذا يقود الى الهدف من الغزو، فليس هناك ما يستدل على استفادة الغازي من هذه الطاقة التي ينتجها، يقول بيتش لجاك إنهم يتنقلون في الفضاء يمتصون طاقة كل كوكب يمرون به.
ولكن من أين لبيتش أن يعرف هذا ، فهو لم يجر أي اتصال بين الغزاة وأهل الأرض، فالغازي لم يهتم ولا يعنيه ذلك ، ما حدث أن العقل الذكي الذي يقود الغزاة تقمص شخصية سالي مندوبة الاتصالات السابقة في ناسا وذلك بغرض التفاهم مع مستنسخي جاك وفيكا المبرمجين لخدمة أغراضه. هذا كل ما احتاجه لتنفيذ غزو ناجح.
إذاً فالهدف في هذا الفلم عبثي. فلم يكن تمهيداً لوصول سكان كوكب الغزاة للحياة على الأرض أو نقل ثروات الأرض الى كوكبهم.
وهذا يقودنا الى الثروة الوحيدة التي يتميز بها كوكبنا عن غيره. فلو وضعنا الأرض في مركز كرة ومددنا نصف قطرها عدة سنوات ضوئية أو مليارات الكيلومترات لما وجدنا كوكباً يحتوي على هذه الكمية الضخمة من المياه، قد نجد بعض أقمار المشتري وزحل أو نبتون تحتوي على الثلوج ولكن لا شيء يماثل كوكبنا، ولهذا نسميه الكوكب الأزرق ولا وجود لكواكب أخرى بهذا اللون المميز.
وكان يمكن لمؤلف قصة الفلم أن يجد طريقة تجعل هدف الغزاة سرقة مياه الأرض ونقلها الى كوكبهم ، وبهذا يصبح الغزو أكثر منطقية
من المؤسف حقاً أن لا يلقى فلم ( محو ذاكرة ) رغم عدم دقة البحث العلمي النجاح الذي يستحقه.

25 يونيو 2015

د. عبدالوهاب الأفندي يكتب: تهافت الإستئصاليين: إسقاط مصر نموذجا

وفر علينا الأحبة في مصر العزيزة أطناناً من الحبر عندما أثبتوا عبر «البيان بالعمل» صحة ما ذهبنا إليه في مقال الأسبوع الماضي بأن أهم سبب لفشل مشاريع استئصال الإسلاميين، خلافاً لاستحالة أي مشروع من هذا النوع من ناحية المبدأ، هو أن القائمين على هذه المشاريع هم أعداء أنفسهم. فما أن ينجح هؤلاء في تنحية الإسلاميين من الساحة السياسية ـ علماً بأن الإسلاميين ظلوا أصلاً أقلية معارضة في كل هذه الدول- حتى يتوغلوا في مجاهل الانحطاط السياسي والأخلاقي، ويبنوا نماذج سياسية-اقتصادية تصبح تجسيداً للفساد والظلم والفشل والهزائم. ولأن هؤلاء أصلاً قدموا أنفسهم على أنهم الترياق ضد الإسلاميين، فإنهم يتحولون بالضرورة إلى أفضل دعاية للإسلاميين.
وقد تصدق علينا قراقوش القضاء المصري بعد ساعات من نشر المقال بأنصع الحجج على صحة ما ورد فيه، ليس فقط حين أصدر أحكاماً جماعية بالإعدام على قادة البلاد المنتخبين ديمقراطياً، بل بما ساقه من حجج هي أقبح من الذنب لمثل هذه «الأحكام» المأساوية-الهزلية. فبحسب قاضي العدالة، فإن المعتقلين الإخوانيين لم يهربوا فقط من السجن، ولكنهم نجحوا، وهم داخل زنازينهم، في استنفار جيوش غازية من غزة المحتلة ولبنان النائية، احتلت مصر، وشردت جيشها، وهزمت شرطتها، واجتاحت سجونها وأسقطت نظامها. ولو صح هذا الاتهام، فإن الواجب هو دعوة هذا الثلاثي من حماس-الإخوان-حزب الله إلى حكم مصر. فإذا كانت حماس قادرة، وهي محاصرة في غزة، على هزيمة أكبر جيش عربي وإسقاط النظام في أكبر دولة عربية، فأي إنجازات يمكن أن تحققها لو تملكت موارد مصر وإمكاناتها التي يحتكرها الجيش المصري الذي هزمته حماس وأذلته، بعد أن أذلته وهزمته إسرائيل، وحولته إلى شركة حماية خاصة لحدودها تحت إمرة نتنياهو، وبأجر مدفوع من دول عربية؟
وحتى نوضح حجم هذه المعجزة التي اجترحها تحالف حماس-الإخوان، والعهدة على القضاء المصري الشامخ، لا بد أن نذكر بالحقائق المعروفة حول هذه القضية، بداية باعتقال أربعة وثلاثين من قيادات الإخوان عشية «جمعة الغضب» التي دعي لها في 28 كانون الثاني/يناير 2011. وبحسب روايات تواترت، فإن احتجاز قيادات الإخوان بغرض تعويق الاحتجاجات التي اعتقد النظام المصري أنها لن تنجح بدون مشاركة الإخوان تم في مركز اعتقال بمنطقة 6 أكتوبر في القاهرة ابتداءً من فجر الجمعة 28 يناير. وبعد اعتصام المعتقلين احتجاجاً على اعتقالهم بدون إجراءات قانونية، أبلغوا يوم السبت 29 يناير بأنهم سيعرضون على النائب العام. ولكنهم فوجئوا بأن السيارة أخذتهم إلى سجن وادي النطرون الصحراوي، حيث أودعوا إحدى زنازينه. وفي أثناء الليل سمعوا أصوات صدام وإطلاق نار في السجن، وفي الصباح علموا ممن بقي من المعتقلين أن قيادة السجن وجميع حراسه فروا.
بقي معتقلو الإخوان وحدهم في زنزانتهم، عاجزين عن فتح الباب من الداخل، حتى أعانهم مساجين محررين وبعض أهالي المنطقة الذين حضروا لمشاهدة الحادث بكسر الباب.
ولدى خروجهم، حصلوا على هاتف نقال استخدمه محمد مرسي للاتصال بقناة الجزيرة، وتأكيد أنهم لم يهربوا، ولكنهم لم يجدوا سلطة لا في السجن ولا في خارجه حتى يستفسروا منها عن «موقفهم»!
أذكر هنا ـ سامحني الله- أنني سخرت من مرسي في مقالة كتبت بعد أشهر من الحادث، ونشرت في مجلة أكاديمية بريطانية في مطلع 2012، قائلاً أن الرجل كان يشبه أصحاب الكهف، لأن اليومين اللذين قضاهما في المعتقل شهدا انهيار السلطة وتغيير المشهد، بينما ظل هو يتوهم أن النظام الباطش الذي خبره ما يزال موجوداً. وقلت أن عرضه تسليم نفسه لنظام أطاحت به الثورة فعلياً يعكس الرعب الذي بثته تلك الدولة في نفوس ضحاياها، حتى أن الرجل لم يصدق أنه حر، وظل يبحث عن من يسلم نفسه له!
وبحسب مدير سجن وادي النطرون فإن مرسي ورفاقه عندما سلموا للسجن لم يتم إيداعهم بأوراق رسمية. وبحسب شهادة أحد حراس السجن، فإن جهات مجهولة بدأت إطلاق النار على السجن، مما دفع حراسه وكل طاقمه للهرب بعد أن نفدت ذخيرتهم. 
وإذا جمعنا خلاصة هذه المعلومات والشهادات، نصل إلى النتائج الحالية.
إن مرسي وصحبه أودعوا سجن وادي النطرون مساء السبت 29 يناير، بدون أوراق رسمية، وأنهم لم يكونوا يعلمون وجهتهم مسبقاً. وهذا يعني أن أي جهة بخلاف الأجهزة الأمنية لم تكن تعلم عن مكان اعتقالهم، خاصة وأنه لم تكن لديهم أجهزة اتصال. ومع ذلك فإن حماس علمت بهذا السر، وقامت خلال سويعات من استنفار جيش عرمرم من المغاوير، واستنجدت بأنصارها من حزب الله الذين تمكنوا بنفس السرعة من استنفار جند سليمان، وعبور الأراضي والأجواء والبحار وإسرائيل المسكينة غافلة، واجتياح مصر واستباحة أراضيها وسجونها، قبل أن يرتد للأمن المصري طرفه. 
وإذا أضفنا إلى هذا شهادة حراس السجن، فإن قوات حماس الباسلة أرعبت الحراس بإطلاق طلقات قليلة، ففروا تاركين السجن ومن فيه. ولا يخبرنا الشهود كيف يكون الحل لسجن محصن يتعرض لهجوم من بالخروج لمواجهة المهاجمين في الخارج، بدلاً من التحصن داخل السجن (كما يفعل حراس سجن حلب المركزي المحاصرون منذ قرابة أربع سنوات) وطلب النجدة من جيش مصر الهمام؟ وكيف سمح لهم المهاجمون بالفرار؟ ولماذا نسي مغاوير حماس إطلاق سراح مرسي وصحبه، إذا كان هذا هو ما قطعوا كل هذه الفيافي لأجله في طرفة عين؟
ولعل اهم سؤال هو: لماذا تنسج المخابرات المصرية ودولتها (فمصر دولة مختطفة حالياً من قبل جهاز المخابرات) كل هذه الترهات للتغطية على انهيار وتداعي آلتها القمعية غداة ثورة الشعب الكاسحة؟ وأليس هذا دليلاً عن غباء مزدوج لهذه المخابرات المتهافتة، حيث أنه لو صحت رواياتها المضحكة فإنه حقاً عذر أقبح من الذنب، وإعلان فشل وعجز أفدح مما لو تقبلت الحقيقة، وهي أن مؤسسات القمع انهارت، لأنها حقاً أجبن من أن تواجه شعباً أراد الحياة؟ وفوق ذلك، فإن الانهيار تمثل كذلك في تصادم هذه المؤسسات المتباغضة المتنافسة، ومساهمة بعضها عمداً أو جهلاً في تسريع الانهيار عبر استراتيجيات إجرامية مثل فتح السجون ثم الادعاء بأن حماس هي التي فتحتها!!
مهما يكن، فإن هذه الادعاءات بأن الإخوان وأنصارهم من الخارج، يعلمون الغيب، ويتحركون بسرعة الضوء، ويجترحون المعجزات، ويهزمون أجناد مصر ويمرغون أنفهم في التراب، كل ذلك في الفترة بين صلاة العشاء ووقت السحر، هي دعاية مجانية للإخوان وقدراتهم. وقبل ذلك ذهب بن علي ومبارك والقذافي والأسد وعلي عبدالله صالح إلى مزابل الخزي وكلهم يصرخ: أكلوني الإخوان! فالإخوان هم من يحاصرون دمشق، ويزلزلون القاهرة، وينتقلون بين بنغازي وعدن بأسرع من هدهد سليمان.
وقد زاد أجناد مصر الذين انتقلوا من إمرة كتشنر إلى إمرة نتنياهو فأصبحوا يتهمون كل شريف ومناصر للحرية وداعية للحق بأنه إخواني. فأوباما إخواني لأنه لم يتحمس بما يكفي لتأييد الانقلاب، ورئيس البرلمان الألماني إخواني لأنه يتعفف من تلويث يديه بمصافحة قتلة المصريين، وأمنستي وهيومان رايتس ووتش إخوانيتان لأنهما تنكران تعذيب وقتل المصريين (وليس الهنود الحمر!). فكل غيور على كرامة شعب مصر ورافض لإذلاله وتحويل مصر إلى مزرعة يملكها الطاغية، هو «إخواني».
وبعد هذا يستغرب هؤلاء أن يسارع الشباب إلى الانضمام إلى كل منظمة يذمونها بسبب هذا الذم، وليس رغماً عنه؟ فكل مذمة من ناقص فاسد عاجز هي مدح بدون الحاجة إلى الاستشهاد بأبي الطيب. فحماس لم تهاجم أو تسقط مصر، ولكن من أسقط مصر معروف وماثل أمامنا.

21 يونيو 2015

محمد رفعت الدومي يكتب: إلا أن يكون معه نبيّ!

 
نجح "محمد بن عبد الله بن طاهر" في اصطياد هذه المقولة في لحظة مجردة فأرسلها مثلاً:
"ليس يفلح أحدٌ من العرب إلا أن يكون معه نبيٌّ ينصره الله به"! 
كانت هذه العبارة هي النغمة الأولي في هزيم الرعد الذي اندلع بعد قرون تحت اسم "الدولة العثمانية"، ذلك أنه قالها عندما بلغة انتصار الأتراك علي قائد عربي، ولا أتكلم عن أشخاص إنما المكان، "تركيا" لا العثمانيين فالغموض يحيط بأصولهم..
آنذاك، كان تنامي وطأة الأتراك يبدأ من جرّاء رؤية سياسية خاطئة استراتيجياً تبناها "المعتصم" وأخلص لها دائمًا دون أن يدور بباله أنه بذلك كان يزرع ألغامًا سوف تفجر الدولة العباسية من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر! 
لقد استبعد "المعتصم" العرب من إدارة الدولة واستعان بغير العرب، لكن، لدهائه وفروسيته ظل خطرهم نائمًا حتي رحل وورث " الواثق بالله" مقعده وأكبر أخطائه، فبدأ ترهلهم الذي اكتمل في خلافة "المتوكل" إلي حد تخلو معه سجلات تلك المرحلة من الأسماء العربية أو تكاد، إنما، "وصيف"، "بغا"، "باغر"، وغابة من الأسماء المستوردة!
لقد هيمنوا علي مفاصل الدولة وأعصابها حتي أصبح الخليفة مجرد لقب مطليٍّ بظلٍّ باهتٍ من اللاشئ، وحتي قتلوا "المتوكل" ووضعوا ابنه "المنتصر بالله" مكانه، حينئذٍ، وحتي سقوطها الصريح، صارت الدولة العباسية دولة فاشلة أو تكاد! 
ليس الأتراك وحدهم، الديلم أيضًا، والفرس، وصاحب المقولة "محمد بن عبد الله بن طاهر" ينحدر من عائلة فارسية لتحولاتها التي لا تصدق قصة تعكس جسامة ما يمكن أن يحدثه الصراع بين الأجنحة السياسية من انقلابات طبقية تصب دائمًا في صالح المفردات البشرية الأكثر انحطاطاً..
كان جده "زريق بن ماهان" من موالي "طلحة الطلحات"، الأمويُّ الهوي، وأجود أهل البصرة في زمانه، وابن "عبد الله بن خلف" كاتب "عمر بن الخطاب"، وأمير "سجستان" الذي قال الشاعر في رثائه:
رحم الله أعظُماً دفنوها / بسجسْتان طلحة الطلحات
عندما تغير قانون الحياة بتغير النظام الذي يحكم تمكن أبناء "زريق"، بمباركة العباسيين، من تأسيس الدولة الطاهرية في "خراسان"، أول شكل للحكم المستقل في الإسلام، أو هكذا أظن، وأصبحوا ملوكاً يفد إليهم العرب للتسول!
لا أعرف لماذا فرض الكلام عليَّ بدايته بهذا الشكل، لعله ذلك الالتحام الحميم الآن بين ما هو ديني وما هو سياسي، وبين الماضي والحاضر وما يغرِّد لي به البومُ عن بشاعة وجه القادم!
وكما أن نشأة الدولة العثمانية ملتبسة كذلك سقوطها، لقد كان سقوطها في عشرينيات القرن الماضي خبرًا لمبتدأ يعرف في أدبيات أوروبا بمعركة "ليبنتو" البحرية في القرن 16، عندما عقد العثمانيون العزم علي احتلال "قبرص" فكان هذا سبباً كافيًا لاندلاع مخاوف البابا "بيوس" الذي أرسل كتابًا إلي ملك "إسبانيا"، الكاثوليكيِّ الأكثر تزمتاً، قال فيه:
"لا توجد دولة في العالم المسيحي يمكنها أن تقف بمفردها في مواجهة الدولة العثمانية، فمن الواجب على كافة الدول المسيحية أن تتحد لكسر الغرور التركي"!
وكسروه! 
من الجدير بالذكر أن "سرڤانتس" مؤلف رواية "دون كيشوت" كان أحد الأسرى المسيحيين في "ليبنتو"!
لكن الأتراك رمَّموا جراحهم سريعًا، مع ذلك، كان الأوربيون قد كسروا حاجز الخوف ولمسوا عمق الدولة التي ليس من الصعب أن تهزم كما كانوا يعتقدون، كما ظل الائتلاف الذي شكَّله "بيوس" قائمًا حتي أجهزوا علي "رجل آسيا المريض"، وما زال قائمًا!
لقد انسحبت الدولة العثمانية إلي ركنها بعد أن نحتت في ذاكرة "أوروبا" أفكارًا سوداء، ولقد لعب العرب في سقوطها دورًا كبيرًا، وكل العائلات التي تحكم الآن الخليج ما هي إلا صديً لتلك المؤامرة، وما أشبه الليلة بالبارحة، ذلك أنهم، عندما استفحل أمر الرجل الذي أعطت إنجازاته "تركيا" وعدًا بدولةٍ محوريةٍ في العالم الكبير، يتآمرون الآن أيضًا للإجهاز علي هذا الوعد!
لا شك أن طعنة في الصميم وجهت إلي الظاهرة الأردوغانية في الانتخابات الأخيرة، لا شك أيضًا أن "أردوغان" ينحسر وتسيجه المتاعب التي سوف تتفاقم بمتوالية هندسية، النقطة الدالة في هذا الاتجاه هي شماتة دول لا تعرف الديمقراطية فيه لمجرد أنه فشل في إحراز أغلبية تمكنه من استئناف مشروعه وتصميم جسور "تركيا" الجديدة! 
إنها محنة الدهاء حين يضيع، فلا شك أن "أردوغان" كان يتعاطي مؤخرًا بخشونة أخرجته من السياسي إلي الديني في وقتٍ بلغ عنده حرج المشهد ذروته، مقارباته المتعلقة بسوريا تحديدًا، لا شك أيضًا أن لشيوخ الإمارات نبض في كل ما حدث وكل ما سوف يحدث! 
عندما تتأمل كيف يتصرف أولاد "زايد" سوف تتعب كثيرًا في التمييز بين البشر والشياطين، بل يصبح جوهر الإنسان نفسه محلاً للشك، تخيل، عائلة أفرادها لا يتجاوزون العشرات هم دائمًا كالأوتار المشدودة لتصميم الخطط التي يرسمونها لحماية عرشهم بدماء الملايين وحرياتهم وثرواتهم، وكلما ازدادت مشاعر الكراهية تجاههم من المحيط إلي الخليج سمكًا يزدادون تهورًا! 
فهل تمكن الغرور من زند "إسرائيل" الأكثر إخلاصًا وانصياعًا وغباءًا إلي هذا الحد؟
أياً كان عمق الكابوس، لقد انحسر "أردوغان" وهذا ليس كل شئ، فانحساره أول خطوة في الممر نحو عرقلة "تركيا" وانحسارها، كيف؟
الا أظن مسلمًا لم يسمع بـ "خيبر"، و لـ "تركيا" عند المسيحيين رمزية تتحد تمامًا بتلك الرمزية التي لـ "خيبر" عند اليهود، لكن الدول المعبأة بالحقد علي "تركيا" أكثر من غيرها، وتحرس أكثر من غيرها أوجاع الماضي هي دول البلقان، هذه الدول - بشكل أكثر عمقاً "صربيا" التي أضاءت للعالم بالمجازر التي ارتكبتها في حق مسلمي "البوسنة" ما يمكن أن تصنعه إسقاطات الماضي من الشر- هي العدو الذي تباشر "الإمارات" الآن برعاية إسرائيلية تربيته والعمل علي بدانته وادخاره لعرقلة "تركيا" عند الحاجة! 
وفي سياق متصل، "صربيا" هي الدولة التي منحت "محمد دحلان" وعائلته جنسيتها!
لماذا؟

17 يونيو 2015

فايز ابو شمالة يكتب: هل فشل حزب العدالة والتنمية؟


الحزب الذي حصل على نسبة 41% من أصوات الشعب التركي لم يفشل، بل فاز حزب العدالة والتنمية بثقة الشعب التركي الذي أدرك أن خياره الوحيد لمواصلة الازدهار والاستقرار هو تعزيز الثقة بحزب العدالة والتنمية، والشعب التركي ليس غيبيا، وليس غيبيا، وقد جرب عبر مساره الديمقراطي الأحزاب السياسية كلها، وجرب الحكومات الائتلافية على اختلافها، واستنتج أن خلاصه وتطوره كان قرين حزب العدالة والتنمية.
ومع ذلك، فلم يعط الشعب التركي حزب العدالة والتنمية أكثر من نسبة 41%، لم يعط الشعب التركي الحزب الذي يثق فيه النسبة التي تؤهله لتشكيل الحكومة وحيدًا، وفي الوقت نفسه لم ينكص الشعب التركي على عقبيه، إذ لم يعط ثقته لبقية الأحزاب التي توحدت ضد حزب العدالة والتنمية، ووظفت كل طاقتها لتشويه صورته، مستثمرة في ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها أكثر من قوة عالمية ضد الدولة والشعب التركي، لأنه يصر على استرجاع شخصيته الإسلامية، وبناء شخصيته الحضارية والإنسانية.
ومن الغبن أن نتجاهل تأثير الأحداث في البلاد العربية على موقف عموم الشعب التركي من الحزب الحاكم؛ حزب العدالة والتنمية، فما جرى في مصر قد أثر بشكل خطير على شعبية الحزب، وما يجري في ليبيا يجد ارتداده على حياة الناس في تركيا، ولاسيما أن حزب العدالة والتنمية لم يغب عن الساحة العربية، وظل موجودًا في قلب الحدث، مدركًا أن حدود تركيا السياسية لا ترسمها الجغرافيا، وإنما توثقها كتب التاريخ، لذلك، فإن ما يجري من أحداث عنيفة في كل من سوريا والعراق أثر بلا أدنى شكل على مزاج الشعب التركي، ولاسيما أن طول أمد الاقتتال الداخلي، قد أثر على اقتصاد تركيا بشكل مباشر، وأثر اجتماعيًّا وسياسيًّا على قسم كبير من الشعب التركي؛ الذي ينتظر نتائج الحرب الدائرة على حدوده التاريخية والجغرافية.
إضافة لما سبق، فقد تعرضت تركيا ممثلة بحكومة حزب العدالة والتنمية إلى حملة تشكيك خطيرة في السنوات الماضية، وتكفي الإشارة هنا إلى المؤامرة التي نسجت خيوطها من داخل أمريكا جماعة فتح الله كولن، حيث عمدوا إلى طعن تركيا من الداخل، ولا يمكن أن نغفل في هذا المقام دور أولئك العلمانيين المتضررين من نجاح التجربة الإسلامية، وهي تنهض مع تركيا على حساب أفكارهم، زد على ذلك ما للإعلام الصهيوني من تأثير سلبي على حياة الشعب التركي، وقد أفصحوا عن ذلك بلسان عبري، وأعربوا عن قلقهم الواسع من مستوى النجاح الباهر الذي حققه الحكم الإسلامي في تركيا، والذي اتسع مداه حتى وصل إلى حد الاشتباك اللفظي، حين اتهم اردوغان رئيسهم الإسرائيلي شمعون بيرس بالإرهاب أثناء انعقاد مؤتمر دافوس، وما تلى ذلك من محاولات شعبية تركية لفك الحصار عن غزة، وما نجم عنها من اشتباكات عنيفة، وارتقاء شهداء أتراك فوق ظهر سفينة مافي مرمرة.
كان تعليق اليهودي شمعون بيرس على نتائج الانتخابات التركية خير دليل على كراهية اليهود لحزب العدالة والتنمية، وبالتالي هو خير دليل على مدى عشق الشعب الفلسطيني للسياسة التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية إزاء قضايا الأمة العربية والإسلامية، لقد فرح شمعون بيرس لعدم حصول حزب العدالة والتنمية على النسبة المطلوبة لتشكيل الحكومة بشكل منفرد، وقال بمفهومه العنصري: كانت تركيا في طريقها لأن تصير إيران أخرى في المنطقة، وأن يكون لها زعيم روحي آخر مثل إيران، ولكن ذلك انتهى مع ظهور نتائج الانتخابات التركية.

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: العنصرية أعلى مراحل الاستبداد

((تعنى المواطنة ان يتساوى الجميع أمام القانون، لا فرق فى ذلك بين مسلم و مسيحى، أو غنى و فقير، أو رجل و امرأة، وكذلك لا فرق بين ليبرالى و اشتراكى وقومى و اسلامى))
***
تجاوز الاستبداد فى مصر، مرحلة العصف بالحياة و بالحقوق والحريات و بالعدالة، الى مرحلة التمييز العنصرى. فالنظام الحاكم يتبنى هو والقائمون عليه والمروجون له، خطابا وسياسة عنصرية اقصائية اجتثاثية تجاه كل الخصوم والمعارضين، لا فرق فى ذلك بين اسلامى وغير اسلامى.
من اول وصم الاسلاميين بانهم شعب آخر، مرورا بشيطنتهم محليا ودوليا بأنهم يهددون البشرية((خطاب السيسى عن تهديد 1.6 مليار مسلم لباقى البشرية))
والى آخر حظر كل المعارضين والخصوم السياسيين، وتجريدهم من وطنيتهم ومواطنتهم وحقوقهم وحرياتهم الدستورية والقانونية، واعتبارهم ارهابيون وجواسيس، أو خونة وعملاء، يتوجب قتلهم وسفك دمائهم وإعدامهم بالجملة أو سجنهم مدى الحياة فى محاكمات تفتقد أبسط الضمانات القانونية.
***
وهى حالة لم نرَها فى مصر من قبل، او فلنقل اننا لم نرَها بمثل هذه الدرجة من القسوة والتحريض؛
فلقد تعرض الشيوعيون والاخوان فى الخمسينات والستينات، والناصريون واليسار فى زمن السادات، والجماعات الاسلامية فى زمن مبارك، الى حملات تحريض وكراهية، ولكنها لم تبلغ أبدا هذه الدرجة من العنصرية والخطورة.
انها حالة شبيهة بعنصرية العدو الصهيونى تجاه الفلسطينيين، أو الاستعمار الاوروبى تجاه باقى شعوب العالم، والتى بلغت ذروتها فى الفاشية والنازية. أو سنوات الفصل العنصرى فى جنوب افريقيا، أو العنصرية البيضاء ضد الزنوج ومن قبلهم الهنود الحمر فى الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن الجديد اليوم، انها عنصرية تمارسها السلطة وجماعاتها، ضد مواطنين ينتمون الى ذات الشعب، مواطنين شركاء لنا فى الوطن والتاريخ والمستقبل والحضارة .
***
والأخطر ان جرثومتها، امتدت الى عدد من الشخصيات والمؤسسات المدنية والسياسية، التى لم تجد أى غضاضة فى الكيل بمكيالين فى الحقوق والحريات وتطبيق القانون؛ فشيماء لا تتساوى مع سندس. والحسينى أبو ضيف فوق باقى شهداء الاتحادية. وضحايا محمد محمود شهداء، بينما قتلى رابعة والنهضة والحرس الجمهورى و ترحيلات أبو زعبل، مجرمون. وماهر و دومة وعلاء عبد الفتاح لهم الاولوية عن آلاف المعتقلين الاسلاميين. وخميس و البقرى غير قيادات الاخوان. وشهدى عطيه و خالد سعيد أسمى من سيد بلال ومحامى قسم المطرية كريم حمدى. وعبد العظيم أبو العطا غير كمال السنانيرى و فريد اسماعيل ومحمد الفلاحجى، وهكذا.
وكذلك فى الحياة السياسية، وبعد ان اتفق الجميع على اقصاء الاسلاميين واجتثاثهم، أخذوا يشتبكون فيما بينهم على قانون هنا او قرار هناك يرون أن فيه مساسا بأحزابهم أو حقوقهم وحرياتهم. وفقا لقاعدة أن الاستبداد حلال على الاسلاميين، حرام بيننا.
ورغم أن الدستور والقوانين تنص على الحقوق والعدل والمساواة للجميع، حيث لا مجال للحديث عن الكراهية أو الخصومة او المصالحة العامة، او الإدانات والعقوبات جماعية، إلا أنهم أطلقوا حملات لا للمصالحة، على غرار شعارات مؤتمر الخرطوم فى 1967 لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف فى مواجهة اسرائيل. تلك اللاءات التى تخلى عنها النظام الحاكم منذ انور السادات حتى يومنا هذا. لقد صالحوا العدو الصهيونى، ويرفضون مصالحة المصريين بعضهم البعض.
اننا هنا لا نتحدث عن المواقف والمرجعيات والصراعات السياسية، بل نتكلم عن الحقوق والحريات والعدالة التى لا تفرق دستوريا وقانونيا بين المواطنين على اى أساس كائنا ما كان.
وبالطبع نستثنى من هذه الظاهرة العنصرية، كل الشخصيات والمجموعات الحقوقية التى لا تزال ترابط وتناضل من اجل حقوق الجميع بما فيهم المختلفين معهم.
***
ولا شك ان جرثومة التكفير الطائفى أو العنصرى، قائمة ايضا لدى عدد من الاسلاميين فى مصر،ولكنها لم تتحول بعد، الى ظاهرة عامة وطاغية ومكتسحة كما هى لدى السلطة وجماعاتها اليوم، ربما فيما عدا الجماعات الارهابية التى لا تزال حتى الآن تمثل ظاهرة محدودة ومحصورة، ندعو الله أن تظل كذلك.
وحتى لو افترضنا جدلا ان الاسلاميين كلهم طائفيون فلا يصح أبدا ان تكون السلطة الحاكمة وأجهزتها الأمنية والاعلامية والقضائية كذلك، لأن السبيل الوحيد لمواجهة الطائفية والتطرف هى بسيادة العدل وتطبيق القانون على الجميع بلا اى تربص أو انحياز أو تمييز.
ان المقتل فى هذه العنصرية السلطوية الموجهة، يتمثل فيما ستصنعه من ردود فعل مضادة شديدة الخطورة، فهى تخلق بيئة حاضنة ومفرخة للعنف والارهاب، مشابهة لتلك التى ضربت عديد من الاقطار العربية، وأسقطتها فى مستنقعات من حروب الكراهية الطائفية والعنصرية، التى تبيد وتبتلع كل ما أمامها لا فرق فى ذلك بين بشر وشجر وحجر.
***
قراءة فى المواثيق الدولية:
· لقد بحثت فى المواثيق الدولية عن توصيف لهذه الحالة المأساوية الغريبة عن مصر، فلم أجده فى المواثيق الكلاسيكية للحريات السياسية والمدنية، ولكنى وجدته، مع الأسف، فى المواثيق التى تحظر كل اشكال التمييز والعنصرية، ومنها الإعلان الصادر عن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، فى دورته العشرين، يوم 27 نوفمبر 1978 بشأن العنصر والتحيز العنصري، وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، الصادرة عن الأمم المتحدة فى ديسمبر 1965. ولنقرأ معا بعض ما ورد بها فيما يلى، لكى نرى كيف أن الحكاية قد تجاوزت الاستبداد الى عنصرية مقيتة:
· يولد البشر متساوين في الكرامة والحقوق ويشكلون جميعا جزءا لا يتجزأ من الإنسانية.
· يحق للبشر أن يتغايروا في أساليب العيش، وان يكون بينهم فروق مصدرها تنوع الثقافات والظروف البيئية والتاريخية، وان يحافظوا علي هويتهم الثقافية.
· كل نظرية تنطوي علي الزعم بأن هذه أو تلك من الجماعات .. هي بطبيعتها أرفع أو أدني شأنا من غيرها، موحية بأن ذلك يمنح جماعات معينة حق التسلط أو القضاء علي من تفترضهم أدني منزلة... هي نظرية لا أساس لها من العلم ومناقضة للمبادئ الأدبية والأخلاقية للإنسانية.
· تشمل العنصرية أية مذاهب عنصرية، وأية مواقف تحيزية، وأية أنماط من السلوك التمييزي ... تسفر عن تفاوت عنصري.
· كما تشمل الدعوى الزائفة بوجود مبررات أخلاقية وعلمية لقيام علاقات تمييزية بين الجماعات. وهي تنعكس في صورة أحكام تشريعية أو تنظيمية وممارسات تمييزية .. تشيع الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة...
· والتحيز العنصري يرتبط تاريخيا بعدم مساواة في السلطة، وتعززه فوارق اقتصادية واجتماعية بين الأفراد وبين الجماعات .
· يحظر كل قيد علي حرية البشر .. يناقض مبدأ المساواة في الكرامة والحقوق.
· يجب أن تحث وسائل الإعلام ... علي تعزيز التفاهم والتسامح والود فيما بين الأفراد والجماعات، وعلي الإسهام في استئصال العنصرية والتمييز والتحيز العنصريين وخصوصا بالامتناع عن تقديم صورة للأفراد أو لبعض الجماعات البشرية نمطية القالب أو مغرضة أو أحادية الجانب أو متحيزة.
· تتحمل الدولة المسؤولية الأولي عن كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية لجميع الأفراد وجميع الفئات، علي قدم المساواة التامة في الكرامة وفي الحقوق.
· يشكل التشريع .. واحدة من الوسائل الرئيسية لكفالة المساواة بين الأفراد في الكرامة والحقوق، ولكبح أية دعاية أو أية صيغة تنظيمية أو أية ممارسة .. تحاول تبرير أو تشجيع الكراهية والتمييز العنصريين علي أية صورة.
· أي شكل من أشكال التمييز العنصري الذي تمارسه دولة ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي يستتبع مسؤوليتها الدولية.
· يقصد بتعبير "التمييز العنصري" أي تمييز .. يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
· تتعهد الدول بضمان حق كل إنسان ... في معاملة علي قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات الأخرى التي تتولى إقامة العدل.
· والحق في الأمن علي شخصه وفي حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني، يصدر سواء عن موظفين رسميين أو عن أية جماعة أو مؤسسة،
· تكفل الدول الأطراف لكل إنسان داخل في ولايتها حق الرجوع إلي المحاكم الوطنية وغيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه علي نحو فعال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصري.
***
وفى النهاية أختم هذه السطور، بنداء الى كل مصرى عاقل و رشيد، أياً كانت مرجعيته او مواقفه أو انحيازاته الفكرية و السياسية: " انقذوا مصر من هذه الكراهية السوداء، فالعنصرية كالطائفية تهدم وتبيد الأمم والأنظمة والدول، لا تستثنى منهم أحدا."
****
موضوعات مرتبطة:

13 يونيو 2015

شركة تنظيم حفل افتتاح قناة السويس عملت في اسرائيل

 

في فضيحة جديد لنظام الانقلاب نشرت صحيفة "التحرير" الموالية للانقلاب صورة قالت انها تثبت قيام شركة WPP متعددة الجنسيات، والفائزة بتنظيم حفل افتتاح قناة السويس بوجود سابقة أعمال لها في إسرائيل.
وقالت مها البدينى الصحفية في هذه الصحيفة ان الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة تحدث عن قيام شركة جراي وهي احدى الشركات التابعة لــ wpp بعمل وحدة لتنظيم شبكات الإنترنت بشارع تيجال ألون بمدينة تل أبيب. 
وتُظهر الصور التي حصلت عليها "التحرير" موقع عمل الشركة في إسرائيل و خريطة الموقع.
يُذكر أن الشركة WPP متعددة الجنسيات والبريطانية الأصل، يدخل في شراكتها دول أسيوية وأوروبية متفرعة على مستوى العالم إذ تضم 75 شركة مختلفة ويصل عدد مكاتبها لــ3000 مكتب موزعون على 100 دولة حول العالم، ويصل عدد موظفيها إلى 43 ألف موظف وقد وصلت إيرادتها ومكاسبها إلى 3.5 مليار في عام 1999.
ياأتى ذلك رغم ادعاء الجهات الامنية المصرية بتفريغ المتابعات الأمنية والسيادية لكل الشركات المشكوك في أمرها وقامت بإزالتها واستبعادها من تنظيم حفل افتتاح قناة السويس.




11 يونيو 2015

الى ثوار مصر .. معلومات هامة حول ما حدث فى انقلاب الجزائر

كتب - ناشط جزائري
في حملة تضليلية غير مسبوقة قام هذا الحثالة المدعو محمد قايدي برتبة لواء -يعني كان مشارك في حرب الإبادة ضد الشعب الأعزل- بتقديم محاضرة بعنوان :"هكذا نشأ الإرهاب في الجزائر، و هكذا تم القضاء عليه" ....
أنا العبد الضعيف هنا أقدّم لكم بعض جوانب الخرطي التي ذكرها هذا "الجنرال" و مع التعليل كي لا تخرج علينا "شبّيحتهم" و "نبّيحتهم" و تتهمنا بالإفتراء ....
أوّلا: استخدم النظام المجرم الحقير و من خلفه الزواف كل أنواع الترهيب و المطاردة ضد كل شخص يُشتبه فقط في كونه إسلامي، و هذا سواء كان بمواضبته على المسجد أو بحسن خلقه...و هنا تمت عملية ترويع لفئة الشباب و الكهول في خانة واحدة و عدم ترك مجال لهم إلّا بالهروب للجبال. و من كان ينتظرهم هناك ؟ فمن جانب آخر كانت المخابرات قد استلمت قوائم المحاربين الجزائريين العائدين من أفغانستان، و تم التركيز على هذا بالضبط بعد مقتل "بويعلي" و كذلك ما وقع من أحداث 1988. فالإنتقام من الشعب باستخدام الإسلاميين لم يكن محض الصدفة، بل تم التسطير له مسبقا و بيد فرنسية فاعلة.
ثانيا: الفيس قد فاز بجدارة في الإنتخابات، و لكن هل تحقّق ذلك عن طريق الصدفة ؟ في الواقع شريحة من الجزائريين و لا نقول أغلبها، مالت و انتخبت الجبهة الإسلامية للإنقاذ. و كان كذلك انتقاما من الظلم و الحڤرة و اللاعدالة التي سادت الفترة بين 1962 و 1989... هذا الفوز المستحَق للفيس، استُخدِمَ في شحن المعنويات لدى الفئة المغفّلة من الإسلاميين لإظهار نوع من "محاولة السيطرة" و التمرّد على مايُسمّى بقوانين الجمهورية -جمهورية الموز-.
ثالثا: بعد توالي الفوز بعد الآخر لحزب الفيس، بدأت مرحلة العمل الجاد للزواف. فقد أصبح حضور المخابرات الفرنسية إلى وزارة الدفاع و القيام باجتماعات دورية أمرا متكرّرا و من دون علم الرئيس الشادلي بن جديد. خلال هذه الإجتماعات تم تدريس كل فنون حروب الإختراق و صناعة الجماعات الإسلامية المزيّفة، و فرنسا بالمناسبة سبّاقة لكل ذلك، فأيام الثورة تم صناعة ما يُسمّى بجماعة "كاف" و غيرها من الجماعات التي بقيت سِرّا و لم تصل مسامعنا. معناه بأن الترتيبات لحرب الإبادة تمّت بدعم فرنسي كامل و فوق التراب الوطني و في وزارة الدفاع التي ينتمي لها هذا الجنرال الصعلوك الكذّاب.
رابعا: بعد التحضير لحطب الحرب و نشر العملاء على مستوى حزب الفيس، كان النظام الزوافي المجرم يمتلك كل الأمور بيده، و لم يبقى إلا إشعال فتيل الظلم عن طريق وقف المسار الإنتخابي. و قد وقع ذلك فعلا و بدأت حملات الإعتقال و المطاردة لكوادر الفيس، ما عزّز نوع من الروح الإنتقامية لدى المتعاطفين معه -الفيس-. و لا نخفيكم بأنّ أوّل الملتحقين بالعمل المسلّح كانوا من المقاتلين العائدين من أفغانستان و معظمهم مُخترق و غارق حتى أذنيه. لحق هذا الحدث مجموعة وقائع مصطنعة لتهريب السلاح و قتل عناصر الأمن مثل عمليّة "ڤمار" بواد سوف و غيرها، مما كان يخلق الكثير من العظمة الزائفة لدى السُذّج من أبناء الشعب، و كان ذلك دافعا لإلتحاقهم بالجبال على أمل الدفاع و استرداد حقوق المظلومين.
خامسا: لا أخفيكم أن بناء رهان حرب على اختراق مجموعة من المقاتلين العائدين من أفغانستان أوشك على الفشل، للخبرة التي اكتسبوها من الحرب ضد الروس، و هذا ما دفع المخابرات الجزائرية للتحضير لمخطط احتياطي اعتمد بالأساس على اختراق الجُهّال من الشباب المندفع و الغير متعلّم، و من هنا نجحت تجربة "موح ليفي". و التي كانت تحوّلا رئيسيا في استراتيجية جديدة تقوم على فرض النظام باستخدام العنف المفرَط. و تم تغيير استراتيجية حرب الإختراق من الإعتماد على قدماء المحاربين، إلى الترويج لمجموعة من الحثالة الذين لاعلاقة لهم لا بالدين و لا بالأخلاق.
سادسا: إن من بين أسباب فشل المخابرات الزوافية في ترويض قدماء المحاربين، لا يرجع فقط لخبرتهم، بل أيضا لوجود العقلاء و الكوادر و من بينهم محمد السعيد و عبد الرزاق رجّام رحمهما الله. و الحقيقة أن اجتماع المبايعة للجماعة الإسلامية المسلحة كان اجتماعا مخابراتيا 100%، و لم يتم فيه إعلان للنوايا الخفيّة للجماعات المخابراتية، بل كان الهدف الأساسي منه هو الحصول على مبايعة محمد السعيد و عبد الرزاق رجّام أساسا. و بعدها سيصبح كل المقاتلين في الجبال تبعا للمخابرات بطريقة غير مباشرة... و بالتحديد أنه بعد الحصول على البيعة بوقت ليس بطويل تم اغتيال محمد السعيد و عبد الرزّاق رجام بأمر من الخنزير المخابراتي جمال زيتوني.
سابعا: المرحلة الجديدة للجماعات المسلّحة المخابراتية هي تصفية كل ماهو إسلامي وفق مخطط إحصائي من وزارة الداخلية مبني على ثقل الوعاء الإنتخابي الإسلامي. و هنا أقصد أن المجازر التي أصبحت "الجيا" المخابراتية ترتكبها لم تكن عشوائية، بل كانت تنتقم من القرى و المداشر التي انتخبت لصالح الجبهة الإسلامية للإنقاذ، و هل نطرح السؤال: "لو كان الإرهاب إسلاميا، هل يُعقَل أن تتجه الجيا لذبح من انتخبوا على مشروعها؟" أيّ إرهابٍ هذا ؟... نقطة أخرى، فالجماعة الإسلامية المسلحة شكّلت طوقا أمنيا حول العاصمة ليس لتهديد خنازير النظام، بل لحماية النظام من وصول الجماعات الغير مخترقة إليه -نفس دور داعش في سوريا- ، و كذلك لتهجير سكان سهل متيجة للسيطرة على أراضيه الشاسعة، و اذهبوا اليوم هناك و تفقّدوا سكّانه إن لم تجدوا معظمهم من خنازير النظام و الزواف على وجه الخصوص، و هذا بعد طرد سكانه الأصليين. كما لا نغفل أيضا الدور الذي لعبته فرقة الموت التي تأسست بين أسوار ثكنة بن عكنون و الذي أشرف عليها المجرم الخنزير كمال عبد الرحمن.
ثامنا: استطاع النظام المخابراتي الزوافي من إيصال صوته عن طريق صديقهم "برنار ليفي" الذي حضر بدعوة من الزواف لتقديم شهادة الزور للعالم. الإرهاب المخابراتي الزوافي ذبح في بن طلحة و الرمكة و الرايس... وووو.... بعدها تم تسويق رواية الإسلاميين هم من يذبحون و يقتلون في الجزائر - الإسلاميين أيضا ذبحوا و قتلوا، لكن ليس بمستوى الجيا التي مارست القتل الممنهج-... و عندما تأكّد النظام الزوافي من ترويض الشعب، بحثوا عن صعلوك ذو سوابق عمالة و خيانة، و أتوا لنا بالدجال بوتفليقة لفرض "المكالحة" الوطنية، و في المقابل الإحتفاظ بالجماعة المخابراتية المسلحة و مقايضة نشاطها بجلب "أفريكوم" مقابل السكوت عن حرب الزواف ضد الشعب الأعزل. و قد لبست الجماعة المخابراتية المسلحة أثوابا متعددة وفق إملاءات خارجية بالدرجة الأولى و داخلية للإبقاء على قدر معيّن من العنف لترهيب الشعب في حال ما فكّر في معارضة النظام الزوافي الإرهابي. فمن الجماعة الإسلامية المسلحة إلى الجماعة السلفية للدعوة و القتال، ثم إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، و اليوم تنتظر الشارة الخضراء لتحمل إسم "داعش"... و الغرض من ذلك بسيط... إن انتهى الإرهاب من الجزائر، سيسقط خنازير النظام الزوافي الإرهابي.
تاسعا: يتحدث هذا الجنرال الصعلوك عن مسيرة الإرهاب في الجزائر ، لكنه لم يشرح لنا لماذا الإرهاب في الجزائر فقط دون غيرها ؟ لماذا صرفت الجزائر 100 مليار دولار على السلاح و لا يزال الإرهاب يضرب هنا وهناك ؟ لماذا لم يتجرّأ هذا الإرهاب على ضرب أنابيب النفط الذي يمثّل شريان الإقتصاد لتركيع النظام ؟ لماذا استهدف الإرهاب أبناء الشعب الأعزل ولم يقتل ضابطا واحدا إلا أولئك الضباط الذين عارضوا ترويع الشعب ؟ لماذا ضرب الإرهاب في كل ربوع الوطن إلا في ولايتي بجاية وتيزي وزو ؟ لماذا ينتمي الجيل الجديد من الأثرياء إلى منطقة القبائل ؟ ونحن في 2015 و قد قلتم الإرهاب قد انتهى أو أنه يعيش الربع الأخير، فلماذا تظهر التهديدات و الأعمال الإرهابية كلّما رفع الشعب مطالبه ؟
كل هذه الأسئلة لم يتطرّق إليها لا هذا اللواء الصعلوك و لا الحضور من المغفّلين... في جملة أخيرة أقول "كلما ظننتم أنّ كذبكم بلغ عنان السماء، أمطرته حقائقنا لينهار على رؤوسكم

أيمن خالد يكتب : تنظيم الدولة: الفائز الأكبر في الانتخابات التركية

بلا منازع، فاز «تنظيم الدولة الاسلامية» في أعقاب انتهاء الانتخابات التركية، لأن نظرية هذا التنظيم أثبتت صحتها لاتباعه السابقين والجدد، الذين سيزحفون اليه من مختلف الاماكن بشكل أكبر خلال العامين المقبلين، مع احتمال تبدلات هائلة في الجغرافيا، وغرق المنطقة وسط هالة دموية مرعبة.
في التفاصيل، المعارضة التركية وإسرائيل ووسائل إعلام غربية عديدة هللت لتقدم المعارضة على حساب حزب العدالة، وهو تقدم له ما بعده، فبالنسبة لحزب العدالة والتنمية، خسر الأغلبية التي كانت ستتيح له نقل تركيا الى مصاف الدول الكبرى، وستفرض حينها رؤيتها السياسية التي تصل حد إنهاء النزاعات في المنطقة، ولأن هذا غير مطلوب فقد حشدت واشنطن وأوروبا كامل طاقاتها، وعمل الجميع معاً لمنع تحقيق المعجزة التركية، وهو باختصار الملف الأول الذي نتحدث عنه، فالمطلوب تراجع الاقتصاد والسياسة التركية، لصالح حروب تفتيت المنطقة، وهنا كان «تنظيم الدولة» يثبت لعناصره نظريته، أن الانتخابات غير مجدية، وأن الأقليات يجب ألا يكون لها أي صوت، لأنها في النهاية ستتعامل مع الخارج، وأن الحلول السياسية هي مضيعة للوقت، وأن خيارات المنطقة تعنى بتحقيق معادلة كل شيء بالقوة.
ساهم في صناعة هذه النظرية في تركيا من الناحية العملية، الاحزاب التي تكاتفت معاً لإسقاط حزب العدالة والتنمية، وعلى رأسها جماعة فتح الله قولن، وهي المجموعة الاسلامية الأكبر، التي تحالفت مع أعدائها الطبيعيين، وبررت لنفسها مواجهة حزب العدالة، مع أنها في الوقت نفسه كانت تقف في تحالف ضم كل الأعداء التاريخيين، مضافاً اليهم الاعداء من الناحية الاخلاقية، فقد كان في صف المعارضة ايضا من المثليين جنسياً والذين استفادوا من وقوف مجموعة فتح الله قولن ضد حزب العدالة، ثم يأتي حزب السعادة، الذي كان يعلم أنه لن يحصل على نسبة مفيدة له، لكنه فقط دخل الانتخابات بقصد تشتيت الاصوات ومنعها من الوصول لحزب العدالة، والذي بسببه فقد حزب العدالة ثلاثة بالمئة من الاصوات، ثم يأتي طرف ثالث وهو المجموعة السلفية، وهذه تضم نخبة واسعة من الشباب التركي، وهذه لا تؤمن بنظرية الانتخابات، وبالتالي هي وقفت على الحياد وبوقوفها على الحياد منعت نسبة كبيرة من الاصوات كانت تخدم حزب العدالة والتنمية.
المعادلة الثانية تكمن في المستقبل، فإذا أرادت المعارضة أن تستمر تركيا بالتقدم على المستوى الاقتصادي والسياسي، فعليها أن تتحالف بشكل جيد مع حزب العدالة، الذي بإمكانه المحافظة على المعجزة الاقتصادية، وفي حالة استمرار هذه الحالة، فلن تواجه تركيا مشاكل كبرى، وفي حالة النقيض من ذلك فسوف تتحول تركيا إلى قنبلة موقوتة، تضم عشرات الملايين من البشر، وهذه القنبلة الموقوتة سوف تؤثر على عموم المنطقة وكامل الجغرافيا المحيطة. أما في الحالة الراهنة، فالمنتصر لا يزال «تنظيم الدولة»، الذي يتمنى وصول تركيا الى حالة من الانقسام والضعف، عند ذلك سيكون تنظيم الدولة هذا المقيم في الصحراء، القوة الاقليمية، الكبرى هو الذي سيتحكم في المنطقة، وهو الذي سيديرها، وهو الذي سينشئ امبراطورية من لبنان حتى بغداد وحتى مكة.
الشبان الاتراك الذين قاتلوا في البوسنة وافغانستان والشيشان، أيام حكم العسكر، سيكونون أكبر رافد لتنظيم الدولة الاسلامية في حال تراجع دور الحكومة المركزية.
أخيراً اقول للإسلاميين في تركيا، بعد خيانتكم لمصالح أمتكم، استفيدوا من نصائح الامريكان، وكرروا تجربة حزب النور السلفي في مصر الذي ساهم في ذبح الثورة المصرية، وفي نهاية المطاف اصبح هذا الحزب تحت أقدام العسكر.
٭ كاتب فلسطيني