25 فبراير 2015

السيسي وليبيا: أسطورة البطل والوحش!

بقلم : أحمد بن راشد بن سعيّد 
طائرات مصرية تقصف «أهدافاً» في مدينة درنة الليبية يتحصن فيها «إرهابيو» داعش. عنوان يتصدر صحيفة أو قناة إخبارية. قد تجد عنواناً مختلفاً للحدث نفسه: «طائرات السيسي تعتدي على مدينة درنة الليبية فتقتل عدداً من الأطفال». هذا هو ما يُعرف في التناول الإخباري بالتأطير (framing)، وهو عملية بلاغية يستطيع من خلالها المحرر أن يولّد روايات مختلفة عن حدث واحد، اعتماداً على «الرؤية الكونية» التي ينظر منها إلى الحدث. اللغة منظمة إرهابية كما يقول محررا كتاب «اللغة الرديف»، جون كولنز وروس غلوفر، والسياسة، في جوهرها، لعبة كلمات، والحملات العسكرية تبررها الدعاية قبل خوضها من خلال شيطنة العدو ونزع الأنسنة عنه، ثم تدافع عن «أخلاقيتها» و «نجاعتها» أثناء خوضها عبر مزاعم النيل من العدو وإضعاف قدراته، فضلاً عن مزاعم أخرى كتجنيب المدنيين آلة القتل أو «تخفيضها إلى أدنى حد ممكن»، وبعد أن تضع الحرب أوزارها تستمر الدعاية مرددة أن الحملة حققت أهدافها بأقل قدر من الخسائر.
الدعاية تجعل الأطفال الذين قتلتهم طائرات الجيش المصري في درنة مجرد «أهداف»، وهو التعبير الشائع الذي ساقته منظمات إخبارية كبيرة كوكالة الأنباء الفرنسية والأسيوشيتد برس ورويترز. مصطلح»أهداف» (targets)، وشريكه «مواقع» (positions) ينزع الإنسانية عن الضحية، ويحولها إلى حجر شطرنج بعيداً عن مشاهد الدم والأشلاء. إنه بديل سهل ومريح ينأى به القادة العسكريون عن العنف المحض، أو يحاولون من خلاله صرف الأبصار عنه. هؤلاء القادة يشاهدون ساحة المعركة عن بعد، ويحلو لهم أن يسمّوها: «مسرح عمليات»، ولذا ليس بمستغرب أن يجنحوا إلى التجريد (abstraction) في خطاب الحرب لاسيما إذا كان القصف الجوي هو وسيلة الهجوم. مصطلح «الأهداف» يساعد كلاً من المتحدث والجمهور على رؤية الحرب بصورة تجريدية تختزل الإنسان في مواقع جغرافية أو مجرد أرقام.
تخفي كلمة «أهداف» وراءها تفاصيل مروّعة لا يُراد لها أن تظهر. ويجري عادة التفريق بين «الأهداف» العسكرية و «الأهداف» المدنية، ما يوفر الغطاء لجرائم واسعة النطاق ضد عسكريين وكأن دماءهم حلال، وكأنهم ليسوا بشراً. ثم إن القول بأن تدمير «الأهداف» العسكرية لا يؤذي المدنيين ليس سوى أسطورة، إذ يلقى، في كثير من الأحيان، غير مقاتلين حتفهم في حالات قصف مقاتلين. وحتى «الأهداف» المدنية قد تصبح بفعل الدعاية «عسكرية» ومن ثم «أهدافاً مشروعة» (legitimate targets). في الحروب الأميركية والصهيونية، تصبح المستشفيات والمدارس والمساجد ومحطات التلفزيون والماء والكهرباء، كلها أو بعضها، «أهدافاً»، والحجج مألوفة: استخدام العدو لها، أو التترس فيها، أو الاستعانة بها، أو إطلاق النار منها، ولا يعدم المعتدي ذريعة لضرب تلك «الأهداف» لاسيما أن سياق ما يُسمى»العمليات» العسكرية يستهجن الاستقصاء، ويخوّن المساءلة، ويضغط بقوة في اتجاه الصمت بحجة «الأمن القومي»، و «دعم أولادنا في الجبهة»، وبهذا، تتوارى كل الشكوك والاعتراضات حتى تضع الحرب أوزارها؛ حينئذ فقط يمكن فتح «تحقيق» أو «مجلس استماع» قد يلقي اللوم على مسؤول هنا أو هناك، الأمر الذي يوحي بديموقراطية المحارب، ويساعد على «لملمة» أخطائه-وهو أسلوب دعائي يُعرف بـ «السيطرة على الضرر» (damage control).
يشير فيلِب نيسر، أحد المشاركين في كتاب «اللغة الرديف» (Collateral Language) إلى أن « الأهداف» العسكرية في الحروب قد تكون جسوراً، أو خطوط غاز، أو محطات معالجة ماء، وغيرها مما يعتمد عليه المدنيون في ضروراتهم الحياتية، مضيفاً أن الولايات المتحدة دمّرت في حرب الخليج عام 1990 الكثير من البنية التحتية العراقية «بطرائق أسهمت في الدفع بآلاف المدنيين إلى الفقر واليأس والمرض والموت». ويلفت نيسر الانتباه إلى أن قتل المدنيين «يصبح أكثر يسراً من خلال التحدث عن الحاجة إلى تفادي قتلهم»، إذ يؤكد القاصفون مراراً حرصهم على أرواح المدنيين، ما يجعل استمرار المعركة أكثر قبولاً، وإذا قاموا بقتل مدنيين، سارعوا إلى وصف ذلك بأنه «خطأ» واضعين القتل في خانة «الاستثناء»، وهو ما يوحي للرأي العام أنهم لا يتعمدون قصف المدنيين فحسب، بل إنهم أيضاً «متفوقون أخلاقياً» على العدو.
تعمل التجريدات على إخفاء الحقائق وتهميش قضايا «الحياة» و «الموت». بعد عدوان طائرات مصرية على ليبيا، لم تكتف بعض الوسائط السائدة بالتبرير، بل رقصت ابتهاجاً. جريدة «الشرق الأوسط» اختارت كعادتها تأطيراً منبتّ الصلة بالمهنية: «مصر توجه ضربة القصاص، وتبدأ حرباً مفتوحة على الإرهاب خارج حدودها. سلاح الجو ينفذ عمليات مركزة ضد معاقل داعش في ليبيا». عنوان مفخخ لو اقتربت منه لتطايرت الشظايا: ضربة، قصاص، حرب على الإرهاب، عمليات، داعش، معاقل (قريبة من «أهداف» و «مواقع»). موقع العربية نت نشر ما يلي: «الجيش المصري يقصف مواقع داعش في ليبيا. 8 غارات استهدفت مراكز تدريب ومخازن أسلحة وذخائر تابعة للتنظيم الإرهابي». طبعاً، لا مجال هنا للحديث عن قيم الأخبار كالتوازن والصدقية والدقة والنأي عن «التلوين». موقع الجزيرة نت اختار تأطيراً مختلفاً: «عشرات القتلى والجرحى بغارات مصرية على درنة الليبية»؛ مصحوباً بصورة أطفال لقوا حتفهم بسبب العدوان، وهو ما تجاهلته وسائط سائدة ومعلّقون ومغردون، بل وياللهول، أنكروا حدوثه متهمين قناة الجزيرة وناشطين ليبيين بتلفيقه.
التناول الإخباري لقصف ليبيا يتجاهل السياق الذي حدث فيه القصف وكان من أبرز دوافعه، وهو سلسلة التسريبات الفضائحية التي كشفت جشع الطغمة العسكرية في مصر، واحتقارها دول الخليج وشعوبه. التناول أيضاً يشير إلى تبسيط أسطوري فج: ثنائية الخير والشر. السيسي بطل في حرب مقدسة، وداعش المتوحش الذي يجز رقاب المسيحيين يمثّل معسكر الشر. لا مفر إذن من الحرب؛ لا مفر من الدم، لا حل سوى القتل، والمزيد من القتل. لا حديث عن أفق سياسي، ولا عن مطالبة بتسليم الجناة، ولا ضغوط دبلوماسية، ولا لجوء إلى تحكيم عربي. أعلن الحرب أيها البطل، أعلن الحرب على..........املأ الفراغ بما تشاء، فلن نسألك على ما قلت برهانا، كلما قتلت أكثر، ارتفع رصيدك أكثر، يا رسول العناية الإلهية، قاتل من أجل سلام العرب والعالم، «أعد بناء الدولة الليبية»، كما زعق عبد الحليم قنديل في قناة سكاي نيوز عربية. في غضون ذلك، تهيج الورقيات والفضائيات المهيمنة، وتجلجل أبواق «البطل»: اضرب، اضرب، وتصبح الدعوات إلى «عقلنة» الخطابات والاستجابات ضرباً من «الإرهاب» نفسه.
*العرب القطرية

بالصور مرور 1325 عام علي تعامل الإنجليز بدينار من ذهب يشهد بنبوة محمد


هذا العام يصادف مرور ” 1325″ سنة على سك أول دينار باللغة العربية، وهو المعروف بـ”دينار 77 ” الذي أصدره الخليفة الأموي الخامس “عبدالملك بن مروان” عام 77 للهجرة، أي 690 ميلادية، وللمناسبة نتذكر ملكًا في إنجلترا القديمة، قد يكون مهمًا التعرف إليه، لأن بعضهم يعتقد أنه “اعتنق الإسلام”، بسبب سكه لدينار نقش فيه قبل 1241 سنة عبارات غريبة عليه
وعلى رعاياه معًا، وكانت عربية وإسلامية الطراز بامتياز، وفوق ذلك أرّخه بعام هجري أيضًا.
كان من ذهب، صغيرًا وخفيفًا بوزن 4 غرامات، لكنه أثار جدلًا كبيرًا، ولا يزال، ولولا العثور في 1841 على قطعة من الدينار المحفور اسم ” Offa Rex ” عليه، وعرضها في المتحف البريطاني ليراها الراغبون، لما صدق أحد بأن “أوفا” حفر عليه “لا إله إلا الله وحده لا شريك له” مع معظم الآية 33 من سورة “التوبة” بالقرآن، والتي تقول “أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله” إضافة لشهادة “محمد رسول الله” المكررة على الوجهين.

وسط “لا إله إلا الله وحده لا شريك له” التي جاءت في 3 أسطر، حفر الملك اسمه ” ” Offa بين السطر الأول “لا إله” والثاني “إلا الله وحده” وبينه وبين الثالث “لا شريك له” حفر كلمة ” Rex ” ومعناها ملك بلاتينية ذلك الزمان.
لكن الناقش ارتكب خطأ دل بأنه، لا هو ولا الملك، كانا يعرفان معنى العبارات، لذلك يذكر المتحف البريطاني في موقعه الذي تجولت فيه “العربية.نت” أن الغرض من سك ذلك الدينار “غير أكيد” في رد منه غير مباشر على المعتقدين بأن سبب سكه قد يكون اعتناق “أوفا” للدين الحنيف.

– الاسم ينقلب “احترامًا” لشهادة التوحيد


ونرى الخطأ الذي ارتكبه الناقش من نظرة على الدينار، حيث نجد الكلمات العربية مقلوبة رأسًا على عقب حين قراءة اسم الملك واضحًا بالحرف اللاتيني، أو ينقلب اسمه إذا ما أردنا للكلمات العربية أن تكون واضحة للقراءة، وهذه حجة تمسك بها المؤكدون بأن “أوفا” لم يصدر ديناره لأنه اعتنق الإسلام، وإلا لنقش الكلمات العربية وتحتها اسمه اللاتيني بطريقة تتم قراءتهما معا بوضوح، بل لسبب آخر.

 إلى اليمن، دينار “أبو جعفر المنصور” من 4 غرامات ذهب، ثم تفاصيل دينار أوفا، وهو بالوزن نفسه

ويرد المعارضون بأنه تعمّد قلب اسمه “احترامًا للآية القرآنية وللشهادة بنبوة محمد” حين تبدوان واضحتين للقراءة، فقلبه كي لا يختلط اسمه بهما، مع أنه باللاتينية وليس بالعربية، وهو ما نراه في الصورة التي تنشرها “العربية.نت”، حيث يظهر ” Offa ” مقلوبًا على الدينار المؤرخ بعبارة: “بسم الله ضرب هذا الدينار سبع وخمسين ومائة” وهو عام 774 ميلادية.
في ذلك العام كان “أوفا” بأوجّ حكمه الذي طال 39 سنة، انتهت بوفاته في 796 وتوريث ابنه الذكر الوحيد “ايكغفيرث” مكانه، لكن الابن لم يعش بعد توليه العرش سوى141 يومًا، وبموته انتهت السلالة “الأوفية” وطوى الزمن التداول بذلك الدينار، إلا أن السؤال المحير بشأنه استمر: ما الذي دفع ملك في بلاد غارقة بالمسيحية ذلك الوقت إلى إصدار نقد يبشر بالإسلام؟

– الرأي والرأي الآخر

المعروف عن “أوفا” أنه كان أقوى ملوك إنجلترا في عهدها “الأنغلوسكسوني” المبكر، وبدأ ملكه أولًا على Mercia ” ” التي كانت واحدة من 7 ملكيات، بحسب ما جمعت “العربية.نت” ما تيسر عنه من معلومات، ومعظمها يشير إلى أنه وسّع حكمه بفتح ملكيات أصغر، وقام بتزويج ابنتيه إلى حاكمي “وسيكس” و”ساكسون” فشمل نفوذه معظم إنجلترا، وعقد معاهدتين: مع ملك فرنسا شارلمان، والبابا أندريان الأول.
كل ما بقي من أوفا هو آثار سوره القديم في انجلترا، وقطعة من ديناره في المتحف

ولم يبق مما ترك “أوفا” إلا أثر لسور معروف باسمه الآن، إضافة للدينار الذي خرجوا في شأنه بأهم 4 تفسيرات: أن يكون اعتنق الإسلام، أو استعمل الكلمات العربية والآيات للزخرفة، من دون أن يفهم معناها، أو لأن المعاهدة التي عقدها مع البابا عام 787 تضمنت مادة يدفع بموجبها فدية سنوية معلومة إليه، فراح يسددها بدينار ذهبي، أو ربما لأنه كان عاجزا عن سك النقود فاستعان بخبراء الدولة العباسية ذلك الوقت.
ويقول معتقدون باعتناقه للإسلام، ومنهم “ابن الكلبي” الذي اشتهر زمن “أوفا” كمؤرخ وعالم بالأنساب، إن الفرضية الثانية لا تتفق مع المنطق، فمن المستحيل أن ينقش عبارات لا يعرف معناها، ولو سأل وعرف لرفضها لأنها شهادة إيمان بدين آخر، أي ليست للزخرفة كيفما كان.
ويرد المعترضون أن ديناره نسخة تقريبًا عن دينار الخليفة العباسي “أبو جعفر المنصور”، لكن المنقوش عليه ليس كل المحفور على الدينار العباسي، وهذا يؤكد أنه لم يكن مهتما بنوعية العبارات، لذلك فما حفره على ديناره كان زخرفة وديكورًا.
– مسلم من دون أن يدري بإيمانه أحد؟
أضاف آخرون أن بعض ملوك أوروبا “ممن بهرتهم الحضارة الإسلامية” كتبوا أسماءهم بالعربية على نقود كثيرة سكوها، ومنهم “ألفونسو الثامن” وبعض أمراء النورمان، حتى إن امبراطور الدولة الرومانية المقدسة، هنري الرابع “سك نقدًا معدنيًا ممهورًا باسم الخليفة العباسي “المقتدر بالله”، فقط لمجرد إعجابه به”، وفق تعبيرهم.
ويرد المعتقدون باعتناقه للإسلام بأنه لا يوجد ملك أوروبي حفر مثله شهادة التوحيد الإسلامية على أي نقد أصدره، وبأنه من غير المعقول نقشه لشهادة تعترف بنبوة الرسول على نقد ليدفع به جزية للبابا، لأن الحبر الفاتيكاني لن يقبل بالتعامل مع نقد يتضمن عبارات تروّج لدين آخر، كما هناك الأهم، وهو أن تاريخ سك الدينار سابق لعقده الاتفاق مع البابا بحوالي 13 سنة.
أما اعتماده على خبراء بالسك من بلد إسلامي ذلك الوقت، فاعتبروه أضعف الحجج، لأن “أوفا” كان هاويًا لسك النقود على أنواعها، ففي أرشيفات راجعت “العربية.نت” بعضها وموجودة “أون لاين” نجده سك نقودا معدنية كثيرة ونقش عليها اسمه وصورته، كما وصورة زوجته الملكة سينيثريث أيضا، لذلك فالجدل مستمر ومعه السؤال المحيّر: هل كان “أوفا” مسلمًا يخفي إيمانه، ومات ولم يدر بإسلامه أحد

24 فبراير 2015

بلال فضل : الطغاة هم اكثر الناس حديثا عن الوطنية وصناعة الاخطار الوهمية

في مقال تحت عنوان "الملجأ الأخير للأوغاد" نشرته العربي الجديد تحدث الكاتب والسيناريست بلال فضل عن صناعة الديكتاتور وادعياء الوطنية وقدرتهم على الحشد في معارك وهمية ومصطنعة واخبار مضللة وابطال وهميين .. مسقطا كلامه على النظام الحالى الحاكم في مصر.. وجاء في المقال: 
كان يُفترض بالتجارب المريرة التي اكتوينا بنارها، عبر عقود من ممارسة "الوطنية الكذابة"، أن تعلمنا أن أكثر من يتبارون في إعلان حب الوطن هم المستبدون والضلاليّة وهلّيبة المال العام، لأنهم لن يجدوا وطناً أفضل منه، يتقبل حكمهم الفاشل بهذه السهولة. ولذلك، كان علينا تذكير أنفسنا بأن إنقاذ الوطن المنكوب بأفعال هؤلاء لن يكون بالتهليل والزعيق و"الخيلة الكدابة"، والتغني بالشعارات الرنانة التي "جابتنا ورا"، ولا تزال. 
"اللي يعيش يا ما يشوف"، وقد عشنا وشفنا كثيراً من قبل، كيف تنجح الدعاية الكذابة في حشد المواطن البسيط نحو معارك مصنوعة، تشعره بانتصارات كاذبة، تخرجه من بؤس واقعه، وتجدد بداخله الأمل أنه يعيش في دولة لها رأس من رجلين، حتى لو ألهاه الصخب المفبرك عن إدراك أنه لا نفع من رأس دولته وأرجلها الراكلة وأذرعها الباطشة، إن لم يكن لديها عقل. لكن الجديد الذي عشنا وشفناه، في هذه الأيام المريرة، هو أن يتورط في ممارسة "الوطنية الكذابة" مثقفون كنا نراهم يعربون، دائماً، عن احترامهم وتقديرهم شخصيات مثل مايكل مور وناعوم تشومسكي وهوارد زن وجور فيدال وشين بين ومحمد علي كلاي، وعشرات غيرهم من المثقفين والفنانين، حين يتخذون مواقف جريئة ضد الحروب التي تخوضها الإدارة الأميركية، بدعوى الحرب على الإرهاب، أو الدفاع عن الأمن القومي واستعادة الهيبة الأميركية، معتبرين أن تلك المواقف المستقلة قمة الوطنية الحقيقية التي لا تربط مصالح الوطن بقرارات هوجاء، يصدرها الجنرالات، ليدفع أثمانها الباهظة الجنود والمدنيون، معتبرين أن هوجة الاتهامات التي تطال أولئك المثقفين، بسبب موقفهم، ينطبق عليها ما قاله صمويل جونسون في عبارته الشهيرة عن خطورة الوطنية حين تصبح "الملجأ الأخير للأوغاد". 
ثم فجأة، وفي أعقاب طلعة جويةٍ، لا يعرف أحد لها "ساساً من راس"، وجدنا كثيرين من هؤلاء يتحولون إلى فروع متحركة للشؤون المعنوية، تردد كلاماً ظاهره الوطنية، وباطنه من خلفه الفاشية، يصادرون به على كل من يخاف على مصر من الدخول في مستنقع خارجي، للهروب من تبعات المستنقع الداخلي الذي قادها إليه نظام السيسي، ويفترضون أنك حين تنتقد جر الوطن إلى حرب غير محسوبة، وتتساءل عن جاهزية وكفاءة من يقود الحرب على داعش، أو حتى نزاهته، وأهليته المعنوية، لخوض الحرب، فأنت بالضرورة تؤيد داعش، وتقف معها، وهو ما يعيدنا ثانية إلى عقلية جورج بوش الصغير التي رفعت في أعقاب "11 سبتمبر" شعار "من ليس معنا فهو ضدنا"، وهي نفس عقلية خصمه أسامة بن لادن التي تحدثت عن انقسام العالم إلى فسطاطين، وهي ذاتها عقلية كل القادة المستبدين الذين أدخلوا بلادهم في مغامرات عسكرية، للتغطية على فشلهم وتخبطهم. 
ليس من حق أحد، أياً كان موقفه، أن يلقي على الناس محاضرات في الوصفة المثالية لحب الوطن، فمن حقك أن تحب مصر كيفما شئت، وأن تتهم من شئت بعدم حبها، إذا كان ذلك يريحك، لكن ذلك لن ينفي حب مصر عمن يرفض أن يسلم المصريون عقولهم لأحد ثبت فشله وتخبطه، لأن حالة الحشد للحرب، في ظل الشعارات الوطنية الزاعقة، ونظريات المؤامرة، وروح الغضب الجماعي، ارتبطت بكوارث لا حصر لها عبر التاريخ. ومع أن الشعوب لا تستغني، أبداً، من أجل تحقيق التقدم، عن إذكاء الهِمَم وتحفيز الطاقات، لكن ذلك لن يكون إلا بترشيد الوطنية وعقلنتها، وليس بإشاعة مناخ الفاشية والتخلي عن حرية التعبير والديمقراطية وحق النقد، بزعم توحيد الصفوف، لأن وحدة الصف تصبح عيباً قاتلاً، حين يكون القائد متخبط القرار، أو منعدم الكفاءة، فينتهي بالصف الواحد إلى قرار الهاوية. 
كان ينبغي لسكة "عندما نكون في حالة حرب لا تحدثني عن الحرية"، والتي "اتهرست في كذا شعب عربي وهرست كذا دولة"، ألا تنطلي من جديد على الذين رأوا كيف تم إدارة أكبر حملات نهب منظمة، بدعوى أن "مصر مستهدفة". لكن، إذا كان لتلك السكة المهروسة أن تؤتي أكُلها مع المواطن البسيط الذي وقع أسيراً لمناخ الهستيريا الإعلامية، المدارة بالأمر المباشر، فمن العار أن يتبناها كثير من المثقفين الذين يفترض أن يكونوا قد تعلموا من الواقع المرير الدامي، وإذا لم يستطع هؤلاء أن يدفعوا ثمن الوقوف ضد التيار، كما فعل المثقفون والفنانون الغربيون الذين كانوا يحترمونهم، فأقل واجب عليهم أن لا يتورطوا في التهليل لحروب غامضة النوايا، غير محسوبة الإجراءات، خصوصا إذا كان يقودها من لم يتورعوا عن قتل أبناء الوطن في شوارع الوطن.

د خليل العنانى يكتب: هل بدأ "خريف" الثورات المضادة؟


لكل ثورة خريف، بما فيها الثورات المضادة. وقد حملت الأسابيع الماضية مؤشرات ودلالات تشي بأن الثورات المضادة تعيش، اليوم، مأزقاً حقيقياً، وربما تكون قد دخلت في مرحلة "الخريف". وما عاشته المنطقة العربية، في العامين الأخيرين، يكشف أن معركة التغيير لا تزال طويلة، على الرغم من محاولات التعطيل والإجهاض المتواصلة، وأن الحسم لا يبدو ماثلاً في الأمد المنظور. 
فمن جهة أولى، لا تصب التحولات الإقليمية المتسارعة في صالح القوى التي سعت، ولا تزال، إلى وقف "الربيع العربي" وإجهاضه. وقد أشرنا إلى بعض هذه التحولات في مقال سابق، والتي ربما قد تؤدي إلى إعادة تشكيل المواقف والتحالفات التكتيكية في المنطقة. ومن جهة ثانية، لم تحقق الثورة الإقليمية المضادة أياً من أهدافها حتى الآن. وللتذكير، تمثلت هذه الأهداف في وقف دعوات التغيير في المنطقة، وإقصاء قوى الإسلام السياسي وتحقيق الاستقرار من خلال الإقصاء والقمع. فعلى الرغم من تراجع الأصوات المطالبة بالتغيير في المنطقة، بسبب القمع أو الإحباط وخيبة الأمل، إلا أن ثمة شعوراً عاماً بأنه لا مناص من التغييرواستكمال ما بدأ قبل أربع سنوات، وأن الثمن الذي دُفع لا يجب أن يضيع هدراً. في حين صمد الإسلاميون، على الرغم من محاولات القمع والاستئصال التي يتعرضون لها، ولا يزالون رقماً صعباً في المعادلات المحلية والإقليمية. في الوقت الذي تعم فيه المنطقة فوضي عارمة، ولا يوجد أي استقرار حقيقي في البلدان التي أصابها "الربيع العربي"، ولن يكون هناك سبيل لوقفها، في ظل استمرار الخيار الأمني. ومن جهة ثالثة، يبدو أن الغرب أصبح على قناعة بأن الأنظمة السلطوية العربية المناهضة للتغيير باتت عبئاً عليه، وأن من الخطأ الانصياع لها، أو مجاراتها في مغامراتها الداخلية والإقليمية. وهو ما بدا بوضوح في الحالة المصرية التي رفض فيها المجتمع الدولي الانصياع للنظام المصري وداعميه، فيما يخص الوضع في ليبيا. 
ما حدث في الأسابيع الماضية، أعاد خلط الأوراق في المنطقة، ودفع بأطراف الثورة المضادة إلى إعادة تقييم مواقفها وعلاقاتها ببعضها. فعلى سبيل المثال، يبدو أن العلاقات بين النظام المصري الحالي وبعض داعميه في الخليج لم تعد كما كانت عليه قبل شهور، خصوصاً بعد فضيحة التسريبات الأخيرة التي كشفت حجم ازدراء الجنرال عبدالفتاح السيسي واحتقاره 
حلفاءه، وهو ما حاول استدراكه في خطابه قبل يومين، عندما تحدث بلغة اعتذارية كاشفة. صحيح أن ثمة مصالح مشتركة لا تزال تربط الطرفين، إلا أن ثمة تململاً واضحاً من طريقة إدارة السيسي الأوضاع الداخلية، والتي قد تمهد إلى انفجار كبير في مصر. وقد سمعنا، لأول مرة منذ انقلاب يوليو 2013، أصواتاً خليجية، تنتقد بشدة طريقة التعاطي مع السيسي، وتطالب بضرورة وقف دعمه، أو تأييده. بل ثمة مطالب وتحذيرات صريحة وواضحة من مثقفين وكتاب خليجيين، بعضهم قريب من دوائر صنع القرار، تنادي بضرورة إعادة النظر في العلاقة مع نظام الجنرال السيسي وعدم الانسياق وراء مغامراته الداخلية والخارجية. 
يبدو الصراع بين الثورة والثورة المضادة أكثر وضوحاً في الحالة اليمنية. فبعد شهور من التحالف بين جماعة الحوثيين وبقايا نظام الرئيس اليمني السابق، على عبدالله صالح، والذي سعى إلى إجهاض الثورة اليمنية والاستيلاء على السلطة، انقلبت الأوضاع بعد خروج الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عدن، وإعلانه رفضه الانقلاب الحوثي. ويبدو أن ثمة تقارباً بين السعودية والأطراف المناهضة للحوثيين داخل اليمن، وفي مقدمتهم تكتل اللقاء المشترك، وفي القلب منها "التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، والذي زار وفد منها المملكة قبل أيام. 
ولعل ما يزيد الأمر تعقيداً تداخل المحلي مع الإقليمي. فالأوضاع في مصر واليمن وسورية وليبيا لم تعد محصورة داخل هذه البلدان، وإنما متداخلة مع بعضها، ما يتطلب قدراً عالياً من الحكمة والذكاء في بناء التحالفات وتحديد المواقف. فقد تخيل الجنرال السيسي أن في مقدوره استنساخ النموذج المصري في ليبيا، وهو ما رفضته، ليس فقط الدول الكبرى، وإنما أيضا دول إقليمية أخرى مهمة، كتونس والجزائر. كما أن عدم قدرة دول التحالف على حسم الصراع مع تنظيم الدولة "داعش"، يكشف، من جهة، مدى محدودية الخيار العسكري، أو الأمني، في التعاطي مع مثل هذه التنظيمات المتوحشة، ويؤكد، من جهة أخرى، الحاجة إلى قوى معتدلة، يمكنها تحقيق قدر من التوازن الاجتماعي والفكري مع هذه التنظيمات. 
بكلمات أخرى، يخطئ من يظن أن المعركة أو الصراع بين ثورات الحرية والثورات المضادة قد حُسم، أو انتهى، لصالح هذه الأخيرة. بل على العكس، دخل الصراع مرحلة جديدة من خلط الأوراق والحسابات. وهي معركة لن ينتصر فيها إلا من ينحاز لطموحات الناس وآمالهم ورغبتهم في العيش بمجتمعات تقوم على الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية.
عمل كبير باحثين في معهد الشرق الأوسط، وباحثاً في جامعة دورهام البريطانية، وباحثاً زائراً في معهد بروكينجز.
من كتبه "الإخوان المسلمون في مصر ..شيخوخة تصارع الزمن".

روث: عبد الفتاح نسي أن السيسي يسمح فقط بمظاهرات التملق

قال كينيث روث مدير منظمة هيومن رايتس وواتش إن المدون المصري علاء عبد الفتاح صدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات لنسيانه أن الرئيس لا يسمح إلا بالمظاهرات "المتملقة" على حد قوله.
وكتب المسؤول الحقوقي عبر حسابه على تويتر اليوم الإثنين قائلا: ” المدون المصري البارز علاء حُكم عليه بالسجن 5 سنوات لنسيان أن السيسي يسمح فقط بمظاهرات التملق".
وفي ذات السياق، اعتبرت وكالة أنباء أسوشيتد برس إصدار محكمة الجنايات الإثنين قرار محكمة الجنايات ضد عبد الفتاح، أحد رموز ثورة 2011، بأنه يمثل إصرارا من القضاء على خنق المعارضة رغم وعود السيسي بالإفراج عن "شباب أبرياء".
جاء ذلك في إطار إعادة محاكمة المدون المصري، الذي صدر عليه في وقت سابق حكم بالحبس 15 عاما لتنظيمه احتجاجا دون ترخيص، والادعاء باعتدائه على شرطي.
ولفتت إلى أن قاعة المحكمة انفجرت بالضجيج في أعقاب الحكم، حيث صرخ البعض "يسقط القمع"، كما انهار أحد أقارب عبد الفتاح، وانهمر أفراد عائلته وأصدقائه بالبكاء هاتفين "يسقط حكم العسكر".
ونقلت الوكالة الأمريكية عن محمد عبد العزيز محامي المتهم وصفه للحكم بـ" القاسي والظالم"، ومضى يقول: ” المحكمة لم تأخذ في الاعتبار أيا من الأدلة التي تظهر البراءة".
من جانبه، قال المحامي الحقوقي طاهر أبو نصر: ”لقد كان الحكم متوقعا، لم نعد نتوقع البراءة".
الاتهامات ضد عبد الفتاح تنبع بشكل مباشرة من قانون حظر التظاهر دون موافقة حكومية، وهو الإجراء، والكلام للوكالة، الذي أعقب الإطاحة بمرسي، والذي أثار انتقادات عديدة، بدعوى أنه وسيلة لخنق كافة أشكال المعارضة.

بلال فضل يكتب: الفيلم النووي

".. هل يمكن يا ناس ياهوه لإنسان عاقل، يحب بلده، ويخلو من الطحالب والضديات والسواد، ألا يكون مبتهجاً بما أعلنه الرئيس، قبل أيام، عن إنشاء محطة للطاقة النووية للاستخدامات السلمية؟". كان بودي أن أجيبكم بلا طبعاً. لكن، للأسف، اتضح بالدليل القاطع أنه نعم، يمكن ألا يبتهج الإنسان العاقل الطيب ابن الأصول، بقرار تاريخي مثل هذا، إذا قمت بتعريضه لما تعرضنا له من إشعاعات وإظلامات النفاق الذرّي غير المُخصّب التي انهمرت علينا من كافة وسائل الإعلام الرسمية، المقروءة والمسموعة والمرئية والمشمومة، فعكننت فرحة المصريين بقرار طال انتظاره، وتأخر إصداره.
لو دخل علينا أجنبي، ونحن غارقون إلى الأذقان، في هذه الزفة البلدي المبتذلة، لما صدق أن كل ما نحن هائصون من أجله هو أننا سنستخدم الطاقة النووية، في بناء محطات كهربائية سلمية، يعني كبيرها أن تساعد على كفاءة تشغيل الغسالات ومواتير المياه، لتخفيف الضغط على المواسير يوم الجمعة، وهي مهام نبيلة، لا يمكن للكاتب الحُر أن يقلل من شأنها أبداً، لكنكم لو ترجمتم لهذا الأجنبي مقالات الصحف القومية، الهائصة بما حدث، لتخيل أننا انتهينا للتو من صنع أول قنبلة ذرية، تساعدنا على فرض توازن الرعب المطلوب على المنطقة، أو توصلنا إلى استخدام جديد، وغير مسبوق للماء الثقيل في مساعدتنا على الخروج، من خيبتنا الثقيلة.
... الناس لا تأكل من الأونطة، إن كنتم لا تعلمون، وإن أخذت لقمتين أونطة، تأخذها بمزاجها اتقاءً للعين الحمراء وبحكم العشرة الطويلة مع الأونطة، الناس لن تخيل عليهم محاولة غسيل تاريخ الحزب الوطني، المبقع ببقع لم تزلها مادة اللايبيز، ولن تزيلها الطاقة النووية السلمية وعهد الله، واعتبروا بما حدث، في العام الماضي، عندما لم يخل الفيلم النووي على سائر النُظّارة، تذكرون، طبعاً، عندما امتطى يومها السيد جمال مبارك، خصّب الله خطاه، صهوة مؤتمر الحزب الوطني، وامتشق الميكروفون، ليلقي خطبة عصماء، أعلن فيها أن مصر ستدخل عصر الطاقة النووية، وأن الحزب الوطني يرفض مشروع الشرق الأوسط الكبير، حتى ظننا أنه يلقي خطابه من الضاحية الجنوبية لبيروت، لا من مدينة نصر. حكيت لكم، يومها، أن صديقاً لي ظن أنه يشاهد خطاباً لأحمدي نجاد، خاصة أن المخرج الذي "نقل الماتش" قطع، أكثر من مرة، على صور لصفوت الشريف، يستمع إلى الخطاب باهتمام، جعل صديقنا يظن أنه يشاهد مولانا آية الله صفوت لاريجاني. وعندما استمع صديقي، بعدها مباشرة، إلى كلمة السلمية، تتكرر في خطاب جمال مبارك بشكل مبالغ فيه، تأكد أنه أكيد في مصر، وما لخبط صديقي، ولخبطنا جميعا للحظات، إلا ما أعلنه جمال مبارك، في خطابه، عن رفض حزبه القاطع مشروع الشرق الأوسط الكبير، فتساءلنا، يومها، هل يعلن السيد جمال رفضه له في قاعة المؤتمرات فقط، أم أنه يرفضه، أيضاً، في قاعات البيت الأبيض المغلقة التي زارها خلسة، كما يزور العاشق الولهان مضارب من يهوى. يومها، توقعت ساخراً أن يقوم الحزب الوطني بطباعة تصريحات وأحاديث وخطب السيد جمال مبارك النارية في كتابٍ، يطلق عليه "الأربعون خطاباً النووية للمجاهد جمال مبارك"، لعل الشعب المصري يقتنع بأن الحزب الوطني المبارك "نووي" على شيء غير التوريث.
كل هذه الشكوك صارت في ذمة التاريخ الذي هو ذات نفسه في ذمة الله، فقد أعلن رئيسنا المبارك دخولنا عصر الطاقة النووية السلمية وعهد الله، وصار واجباً أن نلتف كلنا حول هذا المشروع العظيم بجدية. ستسألني: وهنجيب الجدية منين، أقول لك: لا يا معلم، في هذا الموضوع بالذات تلزمنا الجدية، فالمحطة النووية ليست كوبري، لا بد أن ننجزه "في السريع البُنّي" لكي "يفتتحه الريس بالكتير" على شهر أكتوبر، "في اللي يخص النووي" يلزمنا أن ننسى ما تعودنا عليه من شغل "المهيصة والألابندة والموالد والزفّات وقرّب ياجدع وسّع للنووي يا باشا خُشّ يا ريس على النووي وخد صورة مع المفاعل يا جمال بيه"، وإلا فسينتهي بنا الأمر لا قدر الله وقد ارتكبنا أخطاء فادحة من عينة أخطاء السكة الحديد تُحيل الحلم النووي إلى "كابوس مفوزع"، يعاني منه العالم أجمع، فينسب لنا، حينها، أننا كما كنا أول نور في الدنيا شق ظلام الليل، كنا، بفضل الطلسقة النووية، آخر نور في الدنيا أعاد ترميم ما سبق أن شقه من ظلام الليل.
(مقتطفات سمحت بها المساحة من مقال بعنوان (إنها سلمية) نشرته في نوفمبر 2007 في عمودي اليومي (اصطباحة) بجريدة الدستور، وأظنك تدرك، مع الأسف، أننا لا زلنا في الفيلم نفسه).

سيد أمين يكتب: انهم يريدونه ربيعا عبثيا

المتتبع للمشهد العبثي الذي آل إليه الربيع العربي , سيلاحظ بوضوح أجواء التشفي بل والسخرية الغربية من هذا الربيع المزعوم, والذي على أرجح الظن انه حيك بليل من قبل النظم الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا , بالتنسيق مع أجهزة استخبارات دول الموالاة ذاتها التي تفجرت فيها تلك الثورات كمصر وتونس واليمن , ليس بغية هدم النظم القائمة , ولكن بغية ترميمها وإعادة تماسكها بعدما أصابها الترهل والعطب وأوشكت على الانهيار الذاتي جراء تضارب مصالح شبكات الفساد وتضخمها.
وتجري عملية الترميم تلك من خلال عمليات تبديل واسعة في الوجوه , مع إعادة إنتاج الأحزاب الكرتونية القديمة بمسميات ووجوه جديدة من رعيل الصف الثاني والثالث, بما يبدو معه المشهد وكأن ثورة حدثت, وارادة الشعب حكمت, وذلك دون تغيير يذكر في الفكر, في محاولة خداعية تأخذ بصمة شعبية , تقول أن الشعب وصل إلى ذروة التغيير الذي يريده ورسم طريقه بنفسه , غير الوجوه المتحجرة القديمة بأخرى شابة.
وحتى هذا التغيير الشكلي الأجوف المتمثل في انتقال السلطة من الرعيل الأول للحزب الحاكم , تحت أى مسمى , من العواجيز الى الشباب تم النكوص عنه في مشاهد كثيرة في الربيع العربي المغدور , بينما  فكر النظام القديم الذى عادة يتمترس حول إضفاء التقديس على الحاكم والإسراف في "غيبيات الأمن القومى" عاد مع نفس النظام ولكن أكثر تزمتا وعنفا وإجراما وقيدا للحريات وإهدارا لحقوق الإنسان بما يحمل بصورة واضحة سخرية من شعوبنا وشماتة في ربيعنا !.
ويتجسد هذا التشفي وتلك السخرية من خلال استعراض هذه المشاهد الكاشفة , فثورة الشباب في تونس والتي كانت باكورة ثمار هذا الربيع تمخضت عن رجل تسعيني قضى من العمر أرذله, والمصريون الذين خرجوا ضد حكم العسكر في يناير , راحوا ينصبون "رئيس المخابرات العسكرية" وهو المنصب الذي يجسد عمود خيمة  العسكر في أى بلد في العالم , رئيسا للجمهورية وقائدا ملهما للقوى المدنية "!!" , واليمنيون الذى خرجوا غضبا من الفساد والتمييز بين الشمال والجنوب , راح الحوثيون يسيطرون على المشهد برمته شمالا وجنوبا , كما أن ثمار انتخابات الرئاسة في الجارة الجزائر توضح المعنى وتقويه كما يقول علماء البلاغة.
ولكن , ما علاقة الغرب بما يحدث في بلدان ربيعنا؟ ومن أين جاء هذا الاتهام؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يتم  طرحه وأن أجيب عليه.
فالغرب راح يهلل لانتكاسات الربيع العربي عامة والمصري خاصة , حيث أضفي شرعية على الانقلاب العسكري في مصر , حينما سمح لقائد الانقلاب بالتجول بين مدنه , وتمثيل مصر في الأمم المتحدة , وحينما زمجر اوباما ثأرا لناشط  يقول انه مسه ضر في عهد مرسي بينما صمت صمت القبور عن قتل الآلاف وحرقهم والتمثيل بجثثهم , وعن اختطاف الديمقراطية ونحرها أمام العيان. 
حينما قال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا لم يقلها من باب "طق الحنك" ولكنه كان على الأرجح يقصد أن يقول أن بلادنا ليست مستقلة كما تتوقعون, وأننا لا زلنا بلدا مستعمرا انتقل من طور الاستعمار العسكري المباشر إلى الاستعمار غير المباشر, عبر مؤسسات أمنية وعسكرية وإعلامية وحقوقية , بل ونخبوية , ينتمى نافذون فيها للخارج , ثم استغل هذا الطرح الذى لم يقرأه كثيرون لوقعه الصادم على المتلقي الذى تربي على زخم طويل من مهرجانات الاستقلال ثم مهرجانات الصمود ثم مهرجانات النصر , إلى طرح أخر استطاع الجميع قراءته وهو تعبيد الطريق لاتفاقية "كامب ديفيد" والتي تعنى بشكل يسهل اكتشافه الإذعان لمطالب إسرائيل وجعل سيناء رهينة لها تحكمها "عمليا" بينما تحكمها مصر "نظريا", بل ان هذا الجانب "النظرى" متى شاءت إسرائيل أن تسترده أيضا فلن يكلفها الأمر إلا عشية وضحاها.
والحقيقة أن الاستعمار غير المباشر هنا ليس محصورا في التحكمات الاقتصادية الغربية فحسب بل يتعداها لمستويات اخطر بكثير , فالاستعمار هذه المرة نَصَّب بعضا منا يحكموننا لصالحه نيابة عنه , ذلك مرورا بأسلحة نستوردها منه يستطيع هو أن يعطبها في مخازنها , متى كان استخدامها ليس على هواه , وذلك من خلال التحكم بشفرات تتصل بها أقماره الصناعية التي تملأ الكون ,  وهو ما يقال انه حدث في المشهد العراقي ومن بعده الليبي , ما يجعل عملية التسلح في بلداننا عامة هي بمثابة "انتصار للبائع " وليس للمشترى, فهو يبيعها ويحدد معها ضحاياها!!
ويقال ان بريطانيا تخلت عن مستعمراتها القديمة لأمريكا عام 1951 فارتأت الأخيرة أن نظام الاستعمار العسكري القديم لم يعد مناسبا لروح العصر فضلا عن أنه باهظ التكلفة المادية والأخلاقية فراحت تتبنى هذا النوع من الاستعمار الحديث فيما يعرف بـ"النفعية والواقعية السياسية" بحسب مؤسسه "نيقولا مكيافيللي". 
وكان مكيافيللي قد سرد لأميره ثلاثة وسائل لغزو إحدى الإمارات المجاورة , وسرد مع كل وسيلة عيوبها. 
فنصحه بتجريد قوة كبري لغزو تلك الإمارة , لكنه حذره من حدوث انقلاب عليه فى الداخل فيكون قد كسب أرضا جديدة وخسر أرضه القديمة. 
وعرض عليه أن يجرد حملة كبري بقيادة قائد الجيش ليغزو تلك البلاد , لكنه حذره من ان ينشق هذا القائد فيكون قد انفق أمواله وجيشه على جيش العدو الجديد. 
وفي ثالثة الاقتراحات ,عرض عليه إن يذهب بجزء من قواته ليغزو تلك الإمارة فيستذل أكارمها وأغلبيتها, ويدلل حقراءها وأقليتها وينصَّب منهم حاكما على البلاد بعد أن يجهز لهم حامية عسكرية تتبعه للتدخل وقت الحاجة , وقال له أن هؤلاء الأقليات سيناصبون شعبهم العداء , وسيقمعونه بأبشع ما يمكن أن تقمعهم أنت به , وسينهبون ثرواته ويعطونها لك تقربا إليك لأنهم سيحتاجونك دوما لقمع شعبهم, فضلا عن أنهم لو انتكسوا بفعل ثورة عارمة فلن يطلك من الانتكاسة شئ ويتحمل هؤلاء الخسارة كلها.
وأخيرا .. ورغم كل مشاهد التراجع التى يعيشها الربيع العربي , إلا اننى على يقين بأن الثورة ستنتصر نصرا مؤزرا في نهاية المطاف , لأن روح الشباب ومثابرته ابقي من البارودة والزنزانة وأكثر حيلة وحسما منها , كما ان حيل الثورة المضادة القمعية لا تناسب روح العصر.
Albaas10@gmail.com

خبراء دوليون: التسريبات صحيحة وارسلت نسخ منها تثبت صحتها للامم المتحدة والجنائية الأفريقية

نقلت جريدة ذي إندبندنت البريطانية وموقع "ميدل إيست آي" عن معامل متخصصة في التسجيلات الصوتية، صحة التسريبات التي بثتها قناة "مكملين" حول طلب قادة عسكريين تغيير مكان احتجاز مرسي. 
وأكدت شركة "جي.بي فرنش أسوشيتس" المتخصصة في الصوتيات، أن الصوت في هذه التسريبات هو للواء ممدوح شاهين المستشار القانوني لوزير الدفاع حينها السيسي، وذلك بعد مقارنة صوته في التسريب مع حوارات وتصريحات سابقة له.
وقالت الشركة إنها أرسلت نسخا من التسجيل بعد توثيق صحته لكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والشرطة البريطانية.
وكانت قناة "مكملين" قد بثت تسريبا بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي تضمن محادثات هاتفية بين اللواء شاهين وعدة قيادات عسكرية وقضائية ووزير الداخلية محمد إبراهيم بهدف التلاعب في إجراءات ومكان احتجاز مرسي حتى لا يستغل الدفاع هذه الثغرات لإفساد القضية.
ويظهر التسجيل تعاون القادة العسكريين لإيجاد مخرج قانوني حول مكان احتجاز مرسي، خوفا من طعن محاميه على عدم قانونية احتجازه في الفترة التي سبقت إيداعه في سجن طرة.
وبحسب المتحاورين في التسجيل فإن الموقف القانوني لقضية التخابر المتهم فيها مرسي كان مهددا بالبطلان ما لم يتم إيهام النيابة بأن مكان احتجاز مرسي تابع لوزارة الداخلية وليس ضمن قاعدة عسكرية.
ووفق التسجيل يقول أحد القياديين "أنا ممكن أقوم بحاجة كده يعملها عساكر الأمن المركزي على باب الوحدة خاصة بالداخلية، تحوطا لحدوث معاينة أو أسوأ احتمالات في القضية".
ويحذر من أنه في حال عدم القيام بهذه الإجراءات فإن قضية التخابر وقضية الاتحادية ستفشل، مقرا بأن حبس الرئيس المعزول من يوم 3 يوليو/تموز 2013 إلى أن تم نقله إلى سجن طرة "غير قانوني".

روبرت فيسك : التسريبات في مصر صحيحة ومنظومة العدالة المصرية "لا تسير وفق القانون الدولي"

يقول الصحافي البريطاني روبرت فيسك في مقال له في صحيفة "إندبندنت" إنه تم التأكد من صحة ما جاء في المحادثات التي جرت قبل عامين، وإنها تقدم دليلا على أن الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين مرسي، قد تمت الإطاحة به بطريقة غير دستورية عام 2011، وهي حقيقة يحاول الحكام الجدد إنكارها.
ويضيف الكاتب أن الأشرطة تقدم قراءة واضحة، حيث ناقش الجنرالات والمسؤولين الكبار في الحكومة، العاملين تحت إمرة المارشال عبد الفتاح السيسي، الحاجة لبناء جناح كامل إلى جانب السجن العسكري، الذي يحتجز فيه مرسي، تحرسه شرطة مدنية، ووضع علامات على الباب والواجهة تؤكد أنه سجن مدني؛ لخداع القضاة والمحامين.
ويتابع فيسك: "لقد تم احتجاز مرسي بعد الإطاحة به بطريقة غير قانونية في قاعدة أبو قير البحرية، ولعدة شهور، بحسب ما يقوله محامو الرئيس السابق، وذلك قبل نقله إلى سجن مدني. وفي جزء من الشريط (المسرب) طلب رجل تم التعرف عليه، وهو الجنرال ممدوح شاهين، مساعد السيسي للشؤون القانونية والدستورية، من مسؤول تغيير تاريخ سجن مرسي وتبكيره عن الوقت الحقيقي، مضيفا (أحتاج لذكر البناية، ولكن لن نذكر أنها داخل وحدة عسكرية)".
ويفيد الكاتب بأن المسؤولين "ناقشوا طويلا الحاجة لبناء سجن مزيف إلى جانب القاعدة العسكرية، ولوضع عناصر شرطة بدلا من الجنود أمامه؛ من أجل إعطاء انطباع أن مرسي محتجز بطريقة قانونية".
ويعلق فيسك على الطريقة التي "شجب فيها الخليفة الرئاسي لمرسي -السيسي نفسه- واعتبرها مزيفة. ولكن المحامين، الذي يرافعون نيابة عن حزب الرئيس مرسى (المحظور الآن) حزب الحرية والعدالة، وبعض المصريين في المنفى من المتعاطفين مع الإخوان المسلمين، قاموا بإرسال نسخ من التسريبات إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، التي وقعت مصر على ميثاقها، بعد أن قام باحثون علميون بفحصها وأكدوا صحتها".
وقام مخبر علمي فرنسي بتحليل الكلام والصوتيات "جي بي أسوسييتس"، الذي حصلت "إندبندنت" على نسخة منه، وجاء فيه: "من وجهة نظرنا فالدليل يقدم دعما قويا بأن المتحدث المعني هو ممدوح شاهين". وقال الباحثون العلميون في الشركة إنهم قاموا بمقارنة صوت الرجل المعني في الشريط، وهو شاهين، بكلامه وخطابه العامة ومؤتمراته الصحافية.
ويبين التقرير أن المحامي رودني ديكسون، الذي يرافع عن أفراد في حزب مرسي، الذين فروا إلى لندن وأوروبا بعد الانقلاب، يقول إنه تم إرسال أشرطة للشرطة البريطانية؛ لأن الضباط المصريين الذين يسافرون إلى بريطانيا قد يواجهون إمكانية الاعتقال لتورطهم في التعذيب ومعاملة السجناء بطريقة سيئة.
وتنقل الصحيفة عن ديكسون قوله: "تظهر الأشرطة أن النظام القضائي (في مصر) لا يعمل بناء على أسس جيدة من العدالة والقانون الدولي". وأضاف أن "الأشخاص المتحدثين في الأشرطة يحاولون بناء حالة لا يمكن فحصها أمام المحكمة، فقد تم التلاعب بالعملية من أجل أغراض سياسية".
ويرى فيسك أن محللي الأشرطة الفرنسيين كانوا حكماء عندما لم يقدموا رأيا في مطالب رجال السيسي، التي تعبر عن الذعر والفرح في الوقت نفسه، من أجل إخفاء مكان سجن مرسي. ويسمع أحد المسؤولين وهو يقترح إقامة بناء يشبه المكان الذي يعتقل فيه الرئيس مرسي، وفي جزء من النقاش، تقترح أصوات أن " نبني سورا يفصل بين السجن والوحدة العسكرية علشان لو حد جه يصور، ونفصل الباب ونكتب عليه (وزارة الداخلية) أو شيء مثل هذا". ويسمع صوت آخر يقول: " يا رجال، يجب أن نبني البناية".
ويمضي فيسك قائلا: "المشكلة التي ظهرت هي مطالبة محامي مرسي رؤية سجنه، ويقول أحدهم (يريدون تفتيشه)، وحدث نقاش حول ما إذا كان يجب أن يكون لزنزانته مدخلان؛ واحد للشرطة وآخر للجيش. ويرد صوت (نعم أستطيع عمل هذا مثل أن يكون هناك باب لقوات الأمن المركزي، وآخر للوحدة العسكرية). ويقول صوت آخر: (أنا أفترض أسوأ السيناريوهات وهو حدوث تفتيش) أي من قبل المحامين".
ويجد الكاتب أنه لو كشف أمر كهذا فستنهار الحالة "القانونية" التي يحاول الانقلابيون بناءها. ويقول أحد المتحدثين في الشريط إن سجن مرسي منذ الانقلاب في يوليو سيكون غير قانوني لو كشف عن الأمر. وتم إرساله في مرحلة لاحقة، أي مرسي، إلى سجن طرة، حيث يواجه اتهامات بالتحريض على قتل المتظاهرين وإهانة القضاء والتجسس.
ويرى فيسك أن ما يقدمه الشريط خطير؛ لأنه يكشف عن محاولات مسؤولي الحكومة التلاعب بالنظام القضائي "لأنه لو ثبت أن احتجاز مرسي كان غير قانوني، فإنه يمكن إثبات أنه كان سجين الجيش لا النيابة المصرية العامة. وعندها لن يستطيع السيسي وزملاؤه الإنكار أمام الرؤساء الأجانب والدبلوماسيين أنهم لم يقوموا بانقلاب عسكري".

العفو الدولية: غارات السيسي على درنة جريمة حرب .. والخارجية ترد: الغرب ينفذ غارات .. اشمعنى احنا

قالت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان في تصريح أصدرته الإثنين إن القوات المسلحة المصرية لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين أثناء الغارات الجوية التي شنتها على ليبيا الأسبوع الماضي واستهدفت فيها ما قالت إنها أهداف لـ(داعش).
وقالت منظمة العفو الدولية في تصريحها إنه فيما تتصاعد الفوضى في ليبيا، يواصل المدنيون دفع ثمن أعمال العنف. وألمحت المنظمة إلى احتمال وقوع جرائم حرب وسط الهجمات الإنتقامية التي تنفذها الأطراف كافة.
وقالت حسيبة حاج صحراوي، مسؤولة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة "إن المدنيين في ليبيا معرضون لخطر حقيقي فيما تتصاعد الهجمات الانتقامية وتخرج عن نطاق السيطرة على خلفية جريمة القتل المروعة التي طالت الأقباط المصريين الـ 21." ونبهت إلى أن الهجمات التي لا تميز بين مدني ومقاتل تعتبر جرائم حرب."
وقالت المنظمة إن التحقيقات التي أجرتها في الغارات المصرية التي وقعت في السادس عشر من الشهر الحالي على أهداف في بلدة درنة الليبية توصلت إلى أن صاروخين على الأقل سقطا في منطقة سكنية مكتظة بالسكان مما أسفر عن مقتل 7 مدنيين، أم وأطفالها الثلاثة وثلاثة أشخاص آخرين.
وقالت المنظمة إن الأم وابناءها قتلوا جراء سقوط ركام عليهم، فيما قتل الآخرون جراء شظايا المتفجرات.
ونقلت المنظمة عن شهود قولهم إن اهدافا عسكرية استهدفت كذلك، بما فيها مواقع تابعة لميليشيات مسلحة. وكان احد المواقع التي استهدفت يقع بالقرب من منطقة سكنية.
وقالت صحراوي إن على السلطات المصرية نشر معلومات مفصلة عن الغارات.
وقالت "لقد انضمت مصر إلى قائمة الأطراف التي تخاطر بحياة المدنيين في ليبيا. إن قتل 7 مدنيين، 6 منهم في دورهم، يجب أن يخضع للتحقيق لأنه يبدو بأن الرد المصري كان غير متناسب."
وكان عبدالفتاح السيسي قد قال في كلمة ألقاها الأحد إن الأهداف التي ضربها الطيران المصري "كانت منتقاة بعناية وبموجب معلومات استخبارية دقيقة، لأجل ألا يعتقد أحد بأننا نقوم بأعمال عدائية ضد مدنيين."
ومن جانبها انتقدت وزارة النظام المصري، التقريروأعرب السفير بدر عبد العاطي، المتحدث باسم الخارجية، عن بالغ الدهشة والاستياء مما تضمنه التقرير من معلومات مغلوطة وغير صحيحة بشأن الضربة الجوية ضد أهداف تابعة لتنظيم "داعش الإرهابى" للقصاص من الإرهابيين بعد المجزرة الإرهابية البشعة التى راح ضحيها ٢١ من شهداء الإرهاب المصريين الأسبوع الماضى على يد التنظيم الإرهابى.
وأكد "عبد العاطي"، أن "مصر تراعى وتلتزم تماما بالمواثيق والمعايير الدولية وأنه تم اختيار أهداف هذا التنظيم الإرهابي بعناية ودقة متناهية حيث ركزت الضربة الجوية على مراكز التدريب وتخزين الأسلحة والذخيرة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي"، مضيفا أن "مصر استخدمت حقها الشرعي الأصيل في الدفاع عن النفس طبقا لميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن التنسيق الكامل مع الحكومة الليبية الشرعية التى طلبت دعم مصر في مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية ومن بينها تنظيم داعش الإرهابى". 
وأشار المتحدث إلى الحرص المصرى الكامل على الحفاظ على أرواح المدنيين حيث تمت الضربة بعد دراسة متأنية واستطلاع دقيق لتجنب سقوط أي ضحايا من المدنيين.
وتساءل المتحدث باسم الخارجية: "أين كانت هذه المنظمات حينما تم تنفيذ آلاف الضربات الجوية من جانب دول كبرى أسفرت عن سقوط مئات، بل الآلاف من المدنيين فى دول عربية وإسلامية مختلفة؟!".
وأضاف عبد العاطي: "المستغرب أن هذه المنظمات -ومن بينها منظمة العفو الدولية - حرصت على تجاهل تلك الحقائق ولم تتطرق اليها من قريب أو بعيد بدعوى أنها تمت بشكل غير مقصود، الأمر الذى يثير علامات استفهام حول مدى جدية وحقيقة نوايا هذه المنظمات ودأبها على انتهاج سياسة الكيل بمكيالين والانتقائية حينما يتعلق الأمر بممارسات دول كبرى".
كما انتقد المتحدث تعليقات بعض الدول والمنظمات الدولية على أحكام القضاء المصرى وإغفال حقيقة وجود إجراءات للتقاضي وحق الطعن على الاحكام، مشددا على أن المبدأ الأساسي فى الديمقراطيات يقوم على الفصل بين السلطات وعدم التدخل فى شئون القضاء أو التعقيب على أحكامه.