نقلا عن جمعية العمل الوطنى الديمقراطى
كلما اشتدت الأزمة السياسية في البحرين، اتضحت مواقف الأطراف الفاعلة والمؤثرة فيها وبدت على حقيقتها رغم أصباغ الماكياج التي تبدو عليها. وفي الأيام الأخيرة وبعد صدور الأحكام على مجموعة ال21 وبينهم الأمين العام لجمعية وعد الأخ إبراهيم شريف السيد، تضاعف عمل البلدوزر الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي وذاك الذي يعمل بالوكالة، في محاولة للي عنق الحقيقة والادعاء أن القضاء الذي انتقده تقرير لجنة تقصي الحقائق وطالب بتدريب عناصره، لم تصله دعوات المعتقلين بخضوعهم للتعذيب الجسدي والنفسي، الذي يفترض من أي قاض جنائي وقف الدعوة الأصل والتحقيق في دعاوى التعذيب التي أنكرتها الوزيرة سميرة رجب رغم أنها قرأت إفادات المعتقلين في الصحافة المحلية على الأقل.
نتفهم موقف وزيرة الدولة لشئون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة البحرينية سميرة رجب عندما تدافع عن الموقف الرسمي وتصور الوضع أن ليس هناك أفضل منه، وذلك باعتبارها من كبار موظفي الحكومة وتتلقى راتبها وامتيازاتها منها، وعليه فليس من الحكمة بمكان مطالبتها بقول ما يخالف الرأي الرسمي الذي هو نقيض لوجهة نظر المعارضة السياسية الشعبية بكافة مكوناتها. فهي لاتتورع عن تجسيد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة حتى وان أمعنت في القفز على الحقيقة محاولة إقناع المستمع والمشاهد دون جدوى، حيث الوقائع على الأرض سرعان ما تكشف الحقيقة كاملة بلا رتوش ولا كريمات أساس.
لكن اللافت تطابق ما ينشره عن البحرين الكاتب الصحافي جهاد الخازن في صحيفة الحياة مع ما ترنو له وزيرة الدولة لشئون الإعلام والإعلام الرسمي وشبه الرسمي في البحرين، في تناغم يشبه تناغم الثنائي الذي يرفع احدهما الكرة ويقوم الآخر بكبسها على منطقة الخصم في لعبة كرة الطائرة.
لم يتوقف الخازن، ومنذ تفجر الغضب الشعبي البحريني في 14 فبراير2011، عن تخوين وتسفيه وتخطئة واستغباء المعارضة السياسية من خلال عموده اليومي في صحيفة مهجر يفترض أنها صدرت هناك هروبا من مقص الرقيب المحلي لتحلق في فضاء الحرية والمهنية، تتعلم من صحف بريطانيا وأمريكا وغيرها من الصحف التي يحلو للكاتب الخازن أن يتحفنا بأقوالها بين فترة وأخرى كدليل على متابعته اللصيقة لها.
آخر تقليعات الخازن ما نشره يوم أمس الأول (الخميس) في زاوية "عيون وآذان"، على الصفحة الأخيرة بالحياة اللندنية. فقد أتحفنا الخازن بمقال عن البحرين مارس فيه سب المعارضة ووصف مجموعة ال21 ب"قادة المعارضة الإيرانية"، وهي نفس التوصيفة التي يستخدمها الإعلام الرسمي لتسقيط وتخوين المعارضة السياسية في البحرين، وهو ما عجزت عن إثباته اللجنة الملكية البحرينية لتقصي الحقائق التي شكلها عاهل البلاد ومولتها البحرين وترأسها البروفسور محمود شريف بسيوني وضمت في عضويتها قضاة وخبراء دوليين مشهود لهم على المستوى العالمي. فقد جاء على لسان السيد بسيوني في حفل تسليم التقرير في الثالث والعشرين من نوفمبر 2011، أن اللجنة لم تتوصل إلى حقائق تفيد بتدخل أو انتماء المعارضة لإيران. ورغم إن السيد الخازن يمارس النسخ، فيأتي في سياق مفهوم "رفع الكرة وكبسها" على ذكر انه لايدافع عن "الإعلام الرسمي البحريني أو الحكومة (..) وان في البحرين معارضين وطنيين وان للمعارضة مطالب محقة"، لكنه يعاجل هذا الموقف بضربة ساحقة بإعادة تكرار ما كتبه في الأشهر الماضية من اتهامات وتخوين للقيادات الدينية والسياسية دون أن يرف له جفن ودون أن يراعي أن ما يكتبه يشكل اهانة لفئات واسعة من المجتمع البحريني، فضلا عن المعارضة السياسية التي ينتمي إليها غالبية هذا الشعب بمكوناته المختلفة.
وكما يفعل الإعلام الرسمي البحريني ووزيرته الجديدة، يذهب السيد جهاد الخازن بنفس التحليل الرسمي إلى نفس النتائج الرسمية بمفردات بعضها مختلف عن المفردات الرسمية واغلبها مطابق لنفس الخطاب الذي يحض على الكراهية والحقد وإثارة النعرات الطائفية بطرق غرائزية بدائية يعرفها الخازن لكنه يمارس الغرق فيها بإرادته وبقراره المسبق. وقد سبق وان أرسلت له قبل عدة أشهر تعقيبا على بعض مقالاته التي ينتقص ويخون فيها المعارضة السياسية، مدعما بالأدلة والوثائق، إلا انه امتنع عن نشر التعقيب وأمعن في التناغم مع الإعلام الرسمي الذي دعاه تقرير لجنة تقصي الحقائق بالتوقف عن ممارسة الحض على الحقد والكراهية.
السيد الخازن وتناغما مع الحملة الإعلامية الرسمية أدان منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش"، ولن يتردد في إدانة أي جهة أو منظمة تدعو إلى التوقف عن ممارسة القمع ضد مواطنيها أو تدعوها إلى وقف الفساد المالي الذي يسترزق منه الكثيرون بما فيهم كتاب صحافيين يحجون بين الفترة والأخرى لاستلام "الشرهة" من هذه الحكومة أو تلك، أو ليقضوا حاجة في نفسهم من اجلهم أو من اجل احد أفراد عائلاتهم.
نذكر السيد الخازن وغيره بأن مطالب شعب البحرين في الحرية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية الديمقراطية التي تلتزم بحقوق الإنسان والمواطنة الدستورية وتطبق القانون على الجميع دون استثناء...هذه المطالب لم تكن وليدة ثورة إيران ولا غيرها. إن تهمة العمالة للخارج ليست جديدة ولم تتوقف منذ عقود، فقد كان الرعيل الأول من المناضلين البحرينيين أمثال عبدالوهاب الزياني وبن لاحج في العقد الثاني من القرن الماضي، وقادة هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينات أمثال عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان وعبدعلي العليوات وإبراهيم الموسى وإبراهيم فخرو وغيرهم..قد اتهموا بالعمالة إلى عبدالناصر، كما اتهمت القوى اليسارية والتقدمية بالعمالة إلى اليمن الجنوبي والاتحاد السوفيتي..كل هذه الحركات كانت تحمل نفس الأهداف المتمثلة في إشراك المواطن في صياغة القرار الاقتصادي والسياسي وبناء حاضر ومستقبل بلاده دون إقصاء لأي فئة كانت، فمطالب الشعب البحريني نابعة من حاجته الملحة للديمقراطية الغائبة.
ما يقوم به جهاد الخازن من تزوير ولي لعنق الحقيقة لايختلف عما يقوم به الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، وكلاهما يسهمان في تأييد استمرار الاحتقان السياسي والأمني والطائفي في البحرين ويبرران سفك دماء الأبرياء..فلماذا يهرب الخازن من الحقائق التي يعرفها جيدا وقد وصلته بالصوت والصورة الموثقة؟!!