16 أبريل 2012
الثورة .. وأرض النفاق - بقلم سيد أمين
بقلم سيد أمين
هل قرأتم قصة " أرض النفاق" للرائع يوسف السباعى والتى تم انتاجها فيما بعد فى عمل درامى قد لا يرقى لدرجة ما تتضمنه تلك القصة من مدلولات عميقة من خلال الغوص فى النفس البشرية وما يعتمل داخل الادمغة والنفوس من صراعات بين الخير والشر وتقديم البعض مصلحتهم الشخصية على مصلحة المجتمع بل والاقدام على تحطيم المجتمع كله ان كان الامر سينتقص ولو جزءا يسيرا من طموحاتهم.
لا أدرى لماذا لا تبارح تلك القصة مخيلتى طوال الاشهر السابقة بل وتحديدا منذ قيام الثورة فقد تعري الجميع ولم تعد تنفعهم أدوات الخداع التى كانوا يتدثرون بها طوال سنوات طويلة مضت ونزعوا دونما دراية اقنعتهم وصار الجميع عراة دون خجل ولا حياء وكأن طول خداعهم لمن حولهم جعلهم هم انفسهم صدقوا ما يكذبون به علي الناس.
مع بداية الثورة ظهر جمال الجميل وقبح القبيح حينما تجرد البسطاء من ذواتهم وراحوا يفدون وطنهم بأرواحهم مظهرين جمالا كان مطمورا فى دواخلهم تحت وطأة الظلم والفقر والاستبداد وفى المقابل كشف من يسعى الاعلام تسويقهم كوجهاء عن نفاقهم وانتهازيتهم وخيانتهم للشعب وانحيازهم السافر لمصلحتهم الخاصة فأدرك الشعب ان هؤلاء "الوجهاء الأشرار" من قادة احزاب وهمية أو كرتونية واعلاميين فسدة وفنانين جهلة ساهموا فى الانحطاط بوعى الناس وتغييبهم وبرلمانيين وصلوا للكراسى بتزوير ارادة الشعب ما هم الا وجها اخرا من وجوه الاستبداد التى كان يحكمنا بها المستبد الاكبر الذى خلع غير مأسوف عليه.
ولما انتهت مرحلة خلع الطاغية وظن هؤلاء الوجهاء الاشرار ان ولى امرهم صار فى ذمة التاريخ راحوا يهرولون خلف الثورة بل صاروا اكثر ثورية منهم عل وعسى أن تستمر اقنعتهم فى اداء وظيفتها القديمة لخداع الناس لكن هيهات فاجمل واعظم ما احدثته الثورة انها أعطبت كل أدوات الخداع وصار الناس يميزون من أول وهلة وأول كلمة بين المخادع والصادق الاجير والوطنى الانتهازي والايثاري على النفس.
حبوب "الحقيقة" التى تجرعها الشعب بعد الثورة جعلتهم قادرون على كشف كل مراحل وأطراف ورجالات الخداع والانتهازية فادركوا بفطرتهم الذكية دور المجلس العسكرى فى قيادة الثورة المضادة وجهوده الحثيثة والمدروسة للعبث بكل مراحل التطور الديمقراطى وتشويه كل ما يمت للثورة من ثوار وافكار وتقسيمهم الى كتلتين كبيرتين عبر استفتاء دستورى " ثبت فيما بعد انه غير دستورى" ثم تقسيم المقسم الى عشرات الكيانات المجهرية أسماها أحزابا دس بينها رجالاته واستخدم البعض للهجوم على البعض أعقبها تصنيع ازمات طاحنة فى لقمة العيش والسولار والاسمدة وغيرها ثم تلاها تصنيع حالة انفلات امنى اراقت من دماء الشعب اكثر مما اريق فى احداث الثورة أو ربما فى عهد مبارك كله.
وكشفت تلك الحبوب عن انتهازية ابداها بعض اصحاب تيارات الاسلام السياسى حينما تركوا الثوار لمفرمة المجلس وتفرغوا هم لجنى المكاسب السياسية للثورة واستجابوا بشكل كبير لدعايات التخوين التى أطلقت تجاه الصادقين من أبناء الحركة الثورية ولكن لا يحيق المكر السئ الا بأهله حينما أدار المجلس العسكرى الذى يتحكم فى الجميع كعرائس الماريونت ظهر المجن لهم فراحوا يسعون للم الشمل مجددا واخذ بعضهم يتطهر من تلك الانتهازية وراح الاخرون يعذرون بجهلهم السياسى.
كشفت الاحداث ان حركات مثل "6 ابريل"و"كفاية" و" الوطنية للتغيير" و"الثوريون الاشتراكيون " كانوا ولا زالوا من اعظم الحركات الثورية فى تاريخ مصر وانهم الوحداء الذين تجاوزوا حدود المصلحة الشخصية الى مصلحة الوطن وان رؤى بعضهم - مع تحفظنا على بعض منها - كانت الاصوب والاصدق رغم ما تعرضوا له من حملات اعلامية تهدف لتخوينهم وتنفير الناس منهم , خاصة ان تلك الحركات لم تغير جلدها قط لا قبل الثورة ولا بعدها فصاروا بحق دليلا على كفاح الشعب المصري من اجل الخلاص من كل معوقات التحرر.
ادرك الناس انه لا يعنى ان يكون الدكتور محمد البرادعى ليبراليا انه عميلا لامريكا فهذا ظلم شديد للرجل الذى ظل يقاوم عملاء امريكا فى اوج قوتهم وفتح بانحيازه الى الشعب ثغرة كبيرة فى جدار الاستبداد الذى شيده وحصنة مبارك وزبانيته , وكذلك لا يعنى ان يكون المهندس الدكتور ممدوح حمزة الاستشارى العالمى منحازا لرؤية ناصرية راديكالية اشتراكية انه محرضا على بلاده فهذه وجهة نظر مقبولة ومعذورة لا سيما انها تأتى عقب استبداد نظام متعفن ومتجذر منذ عشرات السنين وكذلك لا يعنى ان يخلص الدكتور علاء الاسوانى او الدكتور عمار على حسن او الاعلامى القدير يسري فودة والدكتورعبد الحليم قنديل وامثالهم الكثيرون للثورة انهم عملاء فهم يقومون بدورهم الاجتماعى فى تنوير الناس وتحليل المشهد السياسى لهم وان كان ثمة عيب فهو ليس فيهم ولكن فى هذا المشهد السياسي , لقد كان لهؤلاء وتلكم الحركات الثورية الفضل الاول فى احداث تلك الثورة حينما ناضل جلهم - ليس كما فعل المتحولون- فى اعتى عصور مبارك اجراما وليس بعد زواله.
وكانت أكثر مشاهد الفترة الانتقالية او بالاحرى الانتقامية اثارة حينما زج المجلس العسكرى بالرجل الذى خدم مبارك 22 عاما كوزير للمخابرات اللواء عمر سليمان فى مشهد السباق للرئاسة , هنا بدأ الناس يربطون بين المشهد لا سيما تلك التى جائت مبتورة فى اول الفيلم مثل المادة 28 من الاعلان الدستورى التى تحصن لجنة الاشراف على انتخابات الرئاسة من الطعن على قراراتها وكذلك المواد التى تحصن القضاء وميزانية الجيش وتحد من سلطات البرلمان لتجعله مكلمة , وتفسر كذلك تلكؤه فى اصدار قانون "العزل السياسى " طوال الفترة الماضية من عمر الثورة وغيرها الكثير والكثير ليبدو للجميع ان المجلس العسكرى ادار المشاهد كمؤلف سينمائى بارع يتحكم فى الجميع كعرائس الماريونت ومن خرج عن طوعه منهم فهو قطعا خائن وجب تشويهه وتعريض حياته للخطر.. لقد قلت مرارا وتكرارا فى مقالات سابقة ان تلك الثورة تحولت الى ترميم لنظام مبارك وليس هدما له , بطلها المجلس العسكرى يعاونه فى ذلك بعضا من المعارضين المزيفين والنخبويين الشائهين الذين عرفهم الشعب ولفظهم بوصفهم رجالا لكل العصور.
albaas10@gmail.com
فلسطين ارض قبل التاريخ .... وجغرافيا قبل سايكس بسكو
قضية فلسطين-1
الدكتور ماهر الجعبري
يأتي هذا المقال (المطوّل) ضمن سلسلة من المقالات التأصيلية حول قضية فلسطين من أجل المساهمة في إعادة صياغتها في الوعي العام للأمة الإسلامية على أنها قضية عسكرية ذات أبعاد سياسية، وعلى أنها قضية أمة لا قضية شعب أو مجموعة من الفصائل التي تحركت في فضاء الأنظمة العربية، وفي ساحات العلاقات الدولية، فأدت إلى تشويه المفاهيم الأساسية لهذه القضية.
وضمن سياق التأصيل السياسي لقضية فلسطين، لا بد من لمحة تاريخية حول فلسطين وتعاقب الأمم والحكام عليها، لتوضيح علاقة فلسطين بما يحيط بها من جغرافيا وبلاد، وعلاقة التاريخ بدعاوى باطلة أو خاطئة في المحاججات السياسية الداخلية والخارجية، ومن ثم لتبيان سياق نشأة قضية فلسطين كحلقة في سلسلة متصلة من الحوادث والحروب، غائرة الجذور في التاريخ. وبالطبع ليس المقام مقام بحث تاريخي متخصص ومفصّل ومأصّل، وإنما هي "لمحة" تلقي بالضوء على أبعاد سياسية حاضرة.
يُرجع بعض المؤرخين وجود الإنسان على أرض فلسطين إلى مئات الألوف من السنين ضمن فترة العصر الحجري القديم، كما يدللون على ذلك من خلال بعض الشواهد "فقد اكتشفت بقايا هياكل في مغارة الزطية قرب قرية المجدل شمالي مدينة طبريا عام 1925، وقد عاش صاحبها قبل 200.000 سنة. كما اكتشفت بقايا هياكل في مواقع أخرى في كهوف الكرمل والناصرة تعود إلى قبل 100.000 سنة" (حسب جميل خرطبيل). بل يُنقل أنه "وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، في منطقة تل العبيدية وهي ترقى إلى ما بين 600 الف سنة مضت وحتى مليون ونصف سنة مضت" (تاريخ فلسطين).
ثم إن الكنعانيين عمّروا فلسطين بين 3000 إلى 2500 قبل الميلاد. وبينما رفض بعض كتّاب التاريخ المعاصرين إقرار أي وجود لليهود على أرض فلسطين كما فعل مثلا جميل خرطبيل حتى قال أن "المؤرخين العرب القدماء كالطبري وغيره، فقد ارتكبوا أخطاء كبيرة" لدى سردهم حوادث بني إسرائيل في فلسطين، ينقل مؤرخون أن بني إسرائيل، في نحو 1250 قبل الميلاد، استولوا على أجزاء من بلاد كنعان الداخلية. ومن المعلوم أنه وردت نصوص قرآنية ذات إيحاءات متصلة، أما نصوص التوراة، فإن موقف الإسلام منها يتمثل في رفض ما عارض القرآن، وقبول ما وافق، والصمت عمّا لم يوافق ولم يعارض.
وبالطبع، تشير قصص الأنبياء إلى قدوم نبي الله إبراهيم إلى فلسطين وكانت تسمّى أرض كنعان، ويقدّر بعض المؤرخين أن ذلك حصل في حدود 1900 قبل الميلاد (الجزيرة نت)، ومن المقطوع به أن إبراهيم عليه السلام لم يكن يهوديا، بل لم تكن الديانة اليهودية قد نزلت بعدْ، والنص القرآني القاطع المُفهم يُقرر: "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ". وقد نزل إبراهيم في الخليل وهي مأهولة معمورة حيث اشترى مغارة من أهلها ليدفن فيها كما تفيد بعض الروايات. ومن ثم تعاقب من بعده فيها إبنه إسحق، ومن ثم إبنه يعقوب، عليهما السلام، ومن ثم كانت قصة إبنه يوسف عليه السلام ونشأته وتمكّنه في مصر، ودعوته لأهله للعيش فيها، حيث ظلّ بنو إسرائيل في مصر حتى ولد موسى، عليه السلام، وكان فرعون يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم، إلا أن تم خروج بني إسرائيل من مصر.
ووردت قصة تِيْه بني إسرائيل في سيناء، وورد في القرآن خطاب موسى عليه السلام لبنى إسرائيل في قوله "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ"، وقد أورد الطبري في تفسيره أن أهل التأويل اختلفوا في الأرض التي عناها هنا، فقال بعضهم هي الطور وما حوله، وقيل هي أرض أريحا، وقيل هي "دمشق، وفلسطين، وبعض الأردن"، ويخلص الطبري إلى أنه ليس ثمة قطع بالمقصود من هذه الأرض، إلا أنها لا تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر، لإجماع جميع أهل التأويل والسير والعلماء بالأخبار على ذلك، أما معنى "التي كتب الله لكم" أي التي أثبت في اللوح المحفوظ أنها لكم مساكن ومنازل دون الجبابرة التي فيها. ومن ثم كانت فترة لأنبياء الله داود وسليمان وغيرهما، وفي هذا السياق يدّعي اليهود أحقيتهم التاريخية بفلسطين.
والعاقل المنصف يدرك أن يهود قد عادوا أنبياء الله، ومكروا لقتل المسيح عليه السلام، ولا يمكن أن يكونوا خلفا لسلف من الأنبياء الأطهار، بل إن بعض المؤرخين قد شكك حتى في وجود علاقة نسب (بيولوجي) بين يهود أوروبا (الذين احتلوا فلسطين) وبين بني إسرائيل الذين عاصروا الأنبياء، ولهذا تحرص بعض الأبحاث البيولوجية لدي اليهود على موضوع الجينات وترابطها وتسلسلها التاريخي.
ثم عبر مئات السنين التي تلت، تعاقب على الأرض الآشوريون والبابليون، وإسكندر الأكبر، ومن ثم تناوب عليها البطالسة المصريين والسلوقيون السوريين، والأنباط، وفي عام 63 قبل الميلاد تم ضمّ فلسطين إلى الإمبراطورية الرومانية، ثم كانت بعثة المسيح عليه السلام في فلسطين، وما حصل من تآمر اليهود عليه، وظلت فلسطين تحت الحكم الروماني حتى فتحها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 637 ميلادي الموافق 16 للهجرة. وبعد الفتح الإسلامي للقدس، سمح الخليفة عمر لليهود بزيارة القدس وممارسة شعائرهم الدينية فيها.
وقبل الفتح ارتبط الدين الخاتم ببيت المقدس حيث كان أول قبلة توجّه إليها المسلمون في الصلاة، وتمت رحلة الإسراء من مكة لبيت المقدس حسب النص القطعي الذي هو أقوى من كل روايات التاريخ، وسميت سورة من القرآن الكريم باسم تلك الرحلة، التي استهلت بقول الله تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ"، وهي آية تُقرّر أن فلسطين أرض مباركة، وهي بذلك جزء من عقيدة المسلمين. وظلّت فلسطين ضمن دولة الخلافة زمن الأمويين والعباسيين، وشيّد الخليفة الأموي الخامس عبد الملك، مسجد قبة الصخرة، ثم شيّد الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى، وذلك في القرن الهجري الأول.
وبعد منتصف القرن الثالث الهجري، طرأ على دولة الخلافة ضعف، استمر وتزايد في ظل نزاعات على السلطة والحكم، ولا شك أن تلك الظروف السياسية من التمزق، قد حركت أطماع الصليبيين، فأشعلت الحروب الصليبية، وتم احتلال فلسطين بعد تسيير عدة حملات عديدة للفرنجة، وتمت إقامة مملكة القدس اللاتينية في الفترة ما بين 1099 و 1187 للميلاد، بعد ارتكاب جرائم صليبية وحشية: من إحراق وذبح لآلاف من المسلمين العزّل من الرجال والنساء والاطفال.
ثم انبرى القائد عماد الدين زنكي بن أقسنقر لجهاد الصليبيين، واستمرت جهود زنكي في توحيد قوى المسلمين لمحاربة الصليبيين، ووّحد العديد من مدن الشام تحته، وحاول في سنة 534 هـجري الاستيلاء على دمشق مرتين دون جدوى، "فقد كانت دمشق المفتاح الحقيقي لاسترداد فلسطين من جهة الشام" (فلسطين في التاريخ الإسلامي). وقُتل -رحمه الله- غدراً بينما كان يحاصر قلعة "جعبر"، فتبعه في الجهاد ابنه نور الدين محمود، الذي تولى حلب وما يتبعها، وكان شخصية إسلامية فذة وورعة، وظل يستهدف تحرير فلسطين واسترداد بلاد المسلمين، وتوحيدها تحت راية الإسلام.
وتمكن نور الدين زنكي من إكمال مسيرة أبيه: ففتح دمشق عام 549 هجري (1154م)، ومن ثم ضم العديد من مدن وقلاع الشام وأخضعها لسلطانه، وأدرك أن تحرير فلسطين واقتلاع الاحتلال الصليبي يقتضي السيطرة على مصر وتوحيدها مع الشام من أجل وضع الصليبيين بين فكّي كمّاشة. وبالفعل تمت السيطرة لنور الدين على مصر بعد ثلاث حملات أرسلها لمصر من أجل ذلك الغرض، وفي العام 564 هجري (1169م) تولى صلاح الدين "الوزارة" في مصر
تحت الخلافة الفاطمية، ثم أسقط الخلافة الفاطمية ووحد مصر مع الشام في العام 567 هجري (1171م)، بأمر من نور الدين زنكي. وكانت إستراتيجية نور الدين زنكي تقوم على توحيد الشام ومصر مع الموصل واليمن وتشكيل جبهة إسلامية من العراق إلى الشام فمصر واليمن تمهيدا للتحرير الكامل لفلسطين. وفيما كان نور الدين يجهّز لتحرير بيت المقدس وفلسطين، وكان قد جهز منبرا جديدا للمسجد الأقصى، وبينما كان متوجها لمصر من أجل ترتيب أمورها والتحرك لفلسطين، توفّي رحمه الله عام 570 هجري (1174م).
ثم جاء من بعده صلاح الدين الذي جهّز جيشه للمعركة الفاصلة، واجتاز صلاح الدين نهر الأردن، وفي العام 583 هجري الموافق 1187 ميلادي انتصر جيش صلاح الدين في معركة حطين التي كانت إحدى المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي وتاريخ فلسطين، حيث فتحت الطريق أمام المسلمين لتحرير معظم أرجاء فلسطين، وتم خلال أيام قليلة تحرير العديد من مدن فلسطين، ومن ثم تتوج ذلك العام المبارك بالنصر وتحرير القدس في منتصف رجب، وعادت بيت المقدس لحكم الإسلام بعد 91 سنة هجرية (88سنة ميلادية) من الحكم الصليبي.
واستمر صلاح الدين في مسيرة تحرير كافة مدن الشام مثل اللاذقية والكرك ثم صفد. إلا أنّ الصليبيين الذين سقطت مدنهم وقلاعهم تجمعوا في صور وحشدوا مزيدا من القوى، ومن ثم هاجموا مدينة عكا عام 585 هجري الموافق 1189 ميلادي، وتحصنوا هنالك حتى جاءتهم إمدادات الحملة الصليبية الثالثة التي دعا إليها البابا أوربان الثاني، وقادها ثلاثة من ملوك أوروبا (ألمانيا وانكلترا وفرنسا)، وعاد الصليبيون ليكون لهم موطئ قدم جديد في فلسطين.
واستمر الصراع العسكري الدموي بين المسلمين والصليبيين، ورابط صلاح الدين حول عكا سبعة وثلاثين شهراً، حتى اضطر لعقد هدنة الرملة مع ريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا، عام 588 هجري الموافق 1192 ميلادي، وكانت محددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، رغم أنه كان مصّرا على مواصلة الجهاد ورفض الهدنة، إلا أن أمراءه ومستشاريه أصروا عليه من أجل قبول الهدنة، بحجة خراب البلاد، ومن أجل استراحة المحارب والتحضير للحرب، بعد إرهاق الجند والناس، وتحت ضغط قلة الموارد، وألحّوا عليه بالهدنه على اعتبار أن الفرنجة لا يوفون بعهودهم ولا يلبثون أن يتفرقوا. ومن المقرر في التاريخ أن تلك الهدنة لم تتضمن أي اعتراف للصليبيين بأيّ حق لهم على أرض فلسطين، واقتصرت على عدم القتال على ما انتزعوه من أرض فلسطين حتى تنتهي الهدنة. وتوفي صلاح الدين –رحمه الله- بعد ستة أشهر من توقيع تلك الهدنة.
وفيما عادت الصراعات على السلطة بين خَلَف صلاح الدين، وقَوِيت شوكة المملكة الصليبية في عكا، وأعادوا احتلال القدس عام 626 هجري الموافق عام 1229 ميلادي، ثم عام 638 هجري (1240م) ضمن حالة من النزاعات كانت فيها القدس ورقة مفاوضات وملفا ضمن صفقات التحالفات، حتى تم تحريرها نهائيا من الصليبين في العام 642 هجري (1244م)، وظلت كذلك حتى نهاية الدولة العثمانية.
وآل حكم مصر من بعد الأيّوبيين للمماليك عام 647 هجري (1250م)، وقد خاضوا معارك الجهاد ضد المغول والصليبيين، وتوّجوا ذلك بمعركة عين جالوت التي وقعت عام 658 هجري (1260م)، والتي تعد أخت حطين في طبيعتها الفاصلة في التاريخ الإسلامي، حيث انتصر فيها المسلمون انتصارا ساحقا على المغول، وأدت لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا، وقد وقعت في منطقة تسمى عين جالوت بين مدينة جنين والناصرة وبيسان، في شمال فلسطين. وكان المماليك هم من طهر فلسطين من آخر الصليبيين عام 1291 ميلادي في قيساريا وعكا.
وفيما كان اسم المنطقة "جند فلسطين"، فقد قُسّمت إلى ستة أقضية هي غزة وقاقون، والقدس، والخليل ونابلس، وكانت جميعها تابعة للشام. وكذلك الحال تحت الخلاقة العثمانية، قسمت فلسطين إلى خمسة مناطق سميت سناجق، وهي سنجق القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون، وكانت جميعها تابعة لولاية دمشق، وبالطبع لم تكن هنالك فواصل محددة ولا حدود ثابتة تعرّف فلسطين كمنطقة جغرافية قائمة بذاتها طيلة القرون السابقة ضمن مراحل الخلافة الإسلامية، وتشير بعض المراجع (فلسطين) إلى أن اسم فلسطين يمكن أن ينطبق على "المنطقة الممتدة من نهر الليطاني في لبنان شمالا إلى رأس خليج العقبة جنوبا، ومن البحر الأبيض المتوسط غربا إلى الضواحي الغربية للبادية السورية في الأردن شرقا. ويمكن أيضا اعتبار صحراء النقب جزءا طبيعيا من شبه جزيرة سيناء وعدم شموله بمنطقة فلسطين جغرافيا".
ومع تفاقم أزمات اليهود واضطهادهم في المجتمعات الأوروبية (وخصوصا الشرقية منها حيث سكن اليهود) خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر وما تلاها، تبلورت عند اليهود قضية إقامة دولة يهودية، وكان احتلال فلسطين هو الطريق لذلك مستندين إلى عقيدتهم.
وفيما بدأت مرحلة الاستعمار الأوروبي وتمزيق دولة الخلافة، كانت بريطانيا تُعد لاستغلال تحقيق حلم اليهود من أجل مصالحها الاستعمارية، وكانت الحكومات الأوروبية تشجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين للتخلص منهم. وفي ظل ضعف دولة الخلافة العثمانية تعاظمت تلك الهجرة على إثر دعوات من الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين، خاصة في منطقة السهل الساحلي، حول القدس وفي مرج بن عامر.
وحاول اليهود الاتصال بالسلطان عبد الحميد لإقناعه بتأسيس وطن قومي لليهود، واستغل زعيمهم هرتزل ضائقة الخلافة المالية فحاول إغراء السلطان عبد الحميد بالمال، وأجرى اتصالاته تلك برعاية من الدول الاستعمارية الأوربية عام 1901. ولكنّ ردّ السلطان عبد الحميد كان تاريخيا وبقي محفوظا ومحفورا في قلوب وعقول المسلمين (كما هو مسطر في رسالته الشهيرة لشيخه محمود أفندي أبي الشامات)، وشهد على ذلك الرد حكماء صهيون في بروتوكولاتهم، وهرتزل في مذكّراته، حيث ذكر هرتزل في سياق مقابلته للسلطان: "ونصحني السلطان عبد الحميد بأن لا أتخذَ أية خطوة أخرى في هذا السبيل، لأنَّه لا يستطيع أن يتخلى عن شبرٍ واحد من أرض فلسطين؛ إذ هي ليست ملكًا له، بل لأمته الإسلامية التي قاتلت من أجلها، وروت التربة بدماء أبنائها، كما نصحني بأن يحتفظ اليهود بملايينهم وقال: إذا تجزّأت إمبراطوريتي يومًا ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن، أمَّا وأنا حيٌّ فإنَّ عمل المِبْضَعِ في بدني لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين قد بترت من إمبراطوريتي، وهذا أمر لا يكون" (السلطان عبد الحميد الثاني في الميزان).
وأدرك اليهود في النهاية أن السلطان عبد الحميد يظلّ معرقلا لمشروعهم، وأنَّ حلمهم بإنشاء وطن قومي لهم لن يتحقق طالما ظل خلفية للمسلمين، لذلك شارك اليهود في التآمر لعزله ومن ثم للقضاء على دولة الخلافة، ودفعوا تلك الأموال التي رفضها –رحمه الله- للمتآمرين من أعضاء جمعية الاتحاد والترقي الذي كان معظمهم من الماسونيين، فخانوا الأمة ونفّذوا مؤامراة عزل السلطان والقضاء على الخلافة الإسلامية، التي ألغاها أتاتورك نهائيا عام 1924.
وشارك قادة ما سميّت "الثورة العربية الكبرى" بالمؤامرة ضد الخلافة، ومهّدوا لاحتلال فلسطين، وهو ما تأكد فيما تم كشفه في مراسلات الشريف حسين ونائب ملك بريطانيا مكماهون، حيث جاء في جواب مكماهون في 24 أكتوبر من العام 1915 حول طلب الشريف حسين تحديد الحدود ما يشير إلى نيّة بريطانيا المبيّتة في فلسطين، "إن ولايتيّ مرسين واسكندرونة وأجزاء من بلاد الشام الواقعة في الجهة الغربية لولايات دمشق الشام وحمص وحماة وحلب لا يمكن أن يقال أنها عربية محضة. وعليه يجب أن تستثنى من الحدود المطلوبة".
والتقت مصالح بريطانيا، مع حلم اليهود، ولذلك تبنّت بريطانيا مشروع إقامة دولة يهودية منذ مطلع القرن الماضي، إذ قدّم الوزير البريطاني اليهودي هربرت صاموئيل سنة 1908 مذكرة اقترح فيها تأسيس دولة يهودية في فلسطين تحت إشراف بريطانيا شارحا الفوائد الاستعمارية التي ستجنيها بريطانيا، ووافق العديد من سياسيي بريطانيا على تلك المذكرة (مشاريع سياسية أحدثت النكبة وأخرى كرّستها).
وكانت بريطانيا تخطط مع القوى الاستعمارية (فرنسا على وجه التحديد، وبإطلاع وموافقة روسيا) على تدويل فلسطين، كما تم في المعاهدة السرية لاقتسام تركة الخلافة العثمانية فيما بين بريطانيا وفرنسا، المعروفة بمعاهدة "سايكس بيكو" والموقعة عام 1916 (معاهدة سايكس بيكو)، حيث نصّت المادة الثالثة منها على ما يلي: "تنشأ إدارة دولية في المنطقة السمراء (فلسطين) يعين شكلها بعد استشارة روسيا بالاتفاق مع بقية الحلفاء وممثلي شريف مكة"، وكانت الغاية الاستعمارية من تأسيس منطقة دولية في فلسطين تكوين قاعدة للدول الغربية الكافرة، وجسر للاستعمار في أهم بقاع الارض استراتيجية من أجل تمزيق دولة الخلافة، وكي يضمنوا عدم عودتها مرة ثانية.
ولما أفشت روسيا سر تلك المعاهدة (بعد الثورة الشيوعية سنة 1917)، احتج زعماء اليهود على المعاهدة وفكرة تدويل فلسطين لدى الحكومة البريطانية، حيث أنها تتنافى مع فكرة الوطن القومي اليهودي، فأكدت لهم بريطانيا أن التدويل هو مجرد خطوة مرحلية تكتيكية نظرا لأطماع فرنسا وروسيا بفلسطين، وأن بريطانيا ستعمل على إلغاء التدويل (فلسطين تاريخها وقضيتها، مؤسسة الدراسات الفلسطينية 2003). ومن ثم تجرأت بريطانيا على إصدار "وعد بلفور" في كانون ثاني من العام 1917، وقد جاء في سياق طمأنة اليهود بعد إفشاء سر معاهدة سايس بيكو، وقد نص الوعد على: "إن حكومة صاحب الجلالة ترى بعين العطف تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية"، ومن ثم أقرته فرنسا وإيطاليا عام 1918، وتلتهما أمريكا في عام 1919، مما يشكف عن تآمر غربي قديم مسيّر بالعقلية الصليبية نحو نزع فلسطين من المسلمين، سواء عبر التدويل أو عبر إنشاء وطن قومي لليهود.
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى (1918)، كانت بريطانيا قد احتلت فلسطين حتى تسهل لليهود هجرتهم إلى فلسطين، ولما دخل الجنرال البريطاني ألنبي القدس وقف على جبل الزيتون فيها وقال جملته الشهيرة التي تكشف عن مكنون العقلية الصليبية: "الآن انتهت الحروب الصليبية"، وهي صدى لمقولة الجنرال الفرنسي "غورو" عندما دخل دمشق ووقف على قبر صلاح الدين –رحمه الله- وركله بقدمه "ها قد عدنا يا صلاح الدين". وفي عام 1920 أعاد الاستعمار البريطاني تشكّله تحت مسمى الإدارة المدنية، وتم تعيين الوزير اليهودي البريطاني صاموئيل –صاحب المذكرة أعلاه- كأول مندوب سامي على فلسطين.
وحتى بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين، لم تكن هنالك حدود "تاريخية" ثابتة تعرّف فلسطين على وضعها الحالي المسمى "حدود فلسطين التاريخية"، نظرا لارتباط تاريخ فلسطين بما يحيطها من بلدان، وحيث أن الخلافة الإسلامية لم تعرّف حدودا ثابتة بين ولايتها، بل مرت الإشارة –أعلاه- إلى جند فلسطين وأقضيتها وسناجقها خلال الخلافة، وظلت فلسطين جزءاً متصلا من بلاد الشام. وعبر التاريخ، كان تحديد أرض فلسطين يضيق ويتسع باختلاف العصور المتعاقبة عليها، ولم تتحدد ما تسمى "حدود" فلسطين على ما هو متعارف عليها في هذا الزمن إلا خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، ولذلك فإن الحدود المشار إليها اليوم "كحدود فلسطين التاريخية" هي نتيجة سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات بين الإمبراطوريات والقوى الاستعمارية مطلع القرن العشرين، وإن الحديث عن "كيان فلسطيني" مبتور عن محيطه ارتبط بالاحتلال البريطاني وبالصراع على النفوذ وبفكرة إنشاء وطن قومي لليهود.
واستمرت الهجرة اليهودية تحت الرعاية البريطانية والتسهيل الأوروبي، وانتفض الناس في فلسطين عدة مرات ضد المآمرة البريطانية والهجرة اليهودية، منها ثورة يافا (عام 1919)، ثورة البراق (عام 1929). وحصلت الهجرات اليهودية على عدة مراحل: كانت الموجة الأولى في الفترة 1882-1903، ولحقتها الموجة الثانية حتى عام 1914، ثم كانت الموجة الثالثة في الفترة من 1919-1923، ثم الرابعة في الفترة 1924-1928. وكانت عصابة الهاغانا قد تأسست عام 1921 كمنظمة عسكرية صهيونية، ورغم أنها كانت سرية وغير مشروعة إلا أن الإنتداب ساعدها وغض الطرف عن نشاطاتها، فيما كان تطبيق القوانين صارماً ضد الفلسطينيين فيما يتعلق بحيازة الأسلحة، وتشكلت بعدها عصابات يهودية أخرى مثل عصابة شتيرن عام 1939، وفي الفترة ما بين 1940-1945 واصلت عشرات الألوف من اليهود الهجرة والدخول بشكل غير رسمي، واستمرت على تلك الحال بعد ذلك (تسلسل التاريخ الفلسطيني منذ العصور الأولى حتى عام 1949).
وبدأت قضية فلسطين بالتبلور كقضية عسكرية للتخلص من الاحتلال البريطاني، وهو ما أدركه المجاهد عز الدين القسام -رحمه الله- الذي خاض الجهاد ضد بريطانيا بعدما كان قد جاهد ضد الاحتلال الفرنسي لسورية عام 1920، ولمّا طارده الفرنسيون انتهى به المطاف في فلسطين، وأسس فيها حركة جهادية ضد الاحتلال الانجليزي لفلسطين، ونفّذت عمليات فدائية ضد المستوطنات اليهودية، بهدف إحباط الهجرة إلى فلسطين، إلى أن استشهد على يد الاحتلال البريطاني عام 1935 (الشيخ عز الدين القسّام).
وفي المقابل كانت هنالك توجهات مبكرة لتسييس قضية فلسطين بعيدا عن قتال الإنجليز قادها الحاج أمين الحسيني، الذي ترأس الهيئة العربية العليا، التي أنشئت عقب استشهاد عز الدين القسام عام 1935، وضمّت مختلف التيارات السياسية الفلسطينية (وتعتبر من الجذور التي أنبتت منظمة التحرير لاحقا)، وحرّكت ما عرف بثورة 1936، ومن المعروف أن الحسيني كان يؤيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية (الحاج أمين الحسيني).
وتحددت رؤية بريطانيا بصدور الكتاب الأبيض لسنة 1939 (مشروع الكتاب الأبيض، White Paper of 1939)، والمعروف أيضاً بكتاب مكدونالد الأبيض نسبة لوزير المستعمرات البريطاني، الذي رفض فكرة الدولة اليهودية وفكرة الدولة العربية، فيما نص على "أن هدف الحكومة البريطانية هو أن تشكل حكومة فلسطينية مستقلة خلال عشر سنوات، ترتبط مع بريطانيا بمعاهدة …، يشارك العرب واليهود في حكومتها …"، وأبقى باب الهجرة لليهود مع تحديد أعداد المهاجرين، وحدد المشاركة في الحكومة بناء على نسبة كل منهما لإجمالي سكان فلسطين في سنة 1949.
وتعاظمت العصابات اليهودية، التي تآمرت مع بريطانيا من أجل أن تتسلم الأراضي الفسطينية (الممسمّاة الآن 1948)، وأخذت قضية فلسطين تتبلور بشكل قوي على الساحة الدولية: ففي نيسان عام 1947 أحالت بريطانيا ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، معلنة أنها ستنهي انتدابها في 15 أيار من العام 1948. وفي 29/11/1947 عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا، تم فيه التصويت على قبول مشروع كان قد قدم مسبقا بشأن تقسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين رقم 181، وكانت أمريكا ممن شجع إصدار ذلك القرار. وكانت حرب 1948 كانطلاقة لدولة اليهود، وسارعت دول الغرب بالاعتراف بدولة يهود، وتم قبولها كعضو في الأمم المتحدة في 28-3-1948. وهكذا تبلورت القضية الفلسطينية كقضية سياسية على الساحة الدولية.
وأمام هذه الوقفة التاريخية لا بد من بلورة مجموعة من النقاط التي تنعكس على واقع قضية فلسطين الحالي، منها:
التاريخ ليس مصدرا لإقرار الأحقية بالبلاد، فهي أرض معمورة قبل التاريخ وقبل ظهور اليهود الأصليين، ثم إن اليهود المحتلين لفلسطين قد فقدوا الصلة الشرعية ببني إسرائيل من أتباع موسى عليه السلام، بل إن بني إسرائيل أنفسهم قد فسقوا خلال الديار زمن الأنبياء وقتّلوا الرسل. وفوق ذلك، فإن هؤلاء المحتلين لفلسطين ممن يحملون العقيدة اليهودية قد فقدوا صلة النسب ببني إسرائيل، ولذلك ليس ثمة من قيمة للحديث عن الأحقّية التاريخية، ولا عن وعد الله لأمثالهم، بل هنالك توعّد لله سبحانه للمجرمين منهم، وهذه اللفتة هي فقط من أجل سحب البساط من تحت أقدام أصحاب الدعاوى اليهودية وممن يتحدث عن أباطيل المستشرقين. ولا قيمة لكل محاولات التزوير التاريخي الذي يمارسه اليهود.
لازال الخطر داهما .. حملة عمر سليمان تعلن قبول إلتماسه وتقديم التوكيلات المطلوبة
أعلنت حملة تأييد اللواء عمر سليمان رئيسا للجمهورية عن قبول اللجنة العليا للانتخابات , للإلتماس المقدم من مرشحهم بعد استبعاده بالامس وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد استبعدت سليمان بسبب أخطاء في التوكيلات , حيث ثبت نقص توكيلات محافظتين , كما تنص اللائحة .وكتبت اللجنة علي صفحتها علي فيس بوك " قبول إلتماس السيد عمر سليمان حيث تم الانتهاء من جمع باقي التوكيلات المطلوبة والتي كانت مطلوب من اللجنة العليا 33 توكيل وتم جمع 400 توكيل يعني اضعاف التوكيلات المطلوبة بتاريخ قديم وجاري تسليم التوكيلات الان لمقر اللجنة الان.
جدير بالذكر ان اللجنة العليا للإنتخابات قد أكدت بالامس عدم قانونية استكمال اي مرشح لأوراقه بعد غلق باب تقديم أوراق الترشيح
بتأكيد اكبر واشد: اذا تكلم عزة ابراهيم فانصتوا 3 و4
صلاح المختار
قل لي من هو شريكك اقول لك من انت
مثل محور أصله (قل لي من هو صديقك اقل لك من انت)
جاء الخطاب المتلفز بالصورة المتحركة والصوت للرفيق المناضل عزة ابراهيم، الامين العام للبعث والقائد الميداني الاعلى للثورة العراقية المسلحة، لمناسبة ذكرى تأسيس البعث العظيم يوم 7/4/2012 ليكشف، ويؤكد بنفس الوقت، مجموعة حقائق معاشة بارزة ومجسدة في وقائع من المستحيل تجاهلها اذا كان الباحث عن الحقيقة موضوعيا ومجردا من الغرض المسبق، وفي مقدمة تلك الحقائق تحديد طبيعة الصراع الستراتيجي الدائر في الوطن العربي والاقليم كله المسمى بالشرق الاوسط، في المرحلة الجديدة وهي مرحلة انتقال ايران من موقع الطرف الثاني في غزو العراق بعد امريكا الى الطرف الغازي الاول في الغزو بعد تحول امريكا الى الطرف الثاني نتيجة تسليمها العراق لايران وانسحاب اغلب قواتها بعد هزيمتها امام المقاومة العراقية الباسلة، لذلك ولاهمية وخطورة هذا التطور لابد من طرح سؤال جوهري وهو : ما الذي اكد عليه الرفيق عزة ابراهيم؟
ان الاطروحة الرئيسة هي ان الرفيق عزة ابراهيم ابرز خطورة تسليم امريكا العراق الى ايران بعد هزيمتها امام المقاومة العراقية وان عملية التسليم هذه تشكل نقلة نوعية في الصراع الستراتيجي اكدت بما لايقبل الشك بان الحرب الرئيسة الان بدأت تدور مع ايران في العراق، بكل امتداداتها العربية المعقدة ولكن الواضحة، بعد ان كانت تدور مع امريكا اولا ومع ايران ثانيا، ولذلك فان انسحاب امريكا من العراق بصورة كبيرة واعتمادها في ان واحد على قوات النخبة والمخابرات في ادارة الازمة في العراق وعلى الدور الايراني المخصص لمواجهة المقاومة العراقية والشعب العراقي، احدث تحولا ستراتيجيا رئيسا وخطيرا في العراق والمنطقة كلها.
وهنا لابد من المصارحة بان تقدم ايران لاحتلال موقع امريكا كدولة احتلال مباشر وصريح للعراق يؤرخ بدأ الحرب الثالثة الشاملة بين الامة العربية بكافة قواها الوطنية والقومية والاسلامية وايران التوسعية الاستعمارية، بعد القادسية الاولى التي فرضت الاسلام على بلاد فارس، وبعد القادسية الثانية التي وقعت بين عامي 1980 و1988 والحرب الثالثة الحالية اشد ضراوة وخطورة وتعقيدا واهمية ستراتيجية منذ بداياتها من الحربين السابقتين لان امريكا والغرب الامبريالي والصهيونية يصطفان مع ايران علنا الان بكل قدراتهما المختلفة، كما رأينا ونرى خصوصا منذ غزو العراق، من اجل قيامها باكمال الدورين الاسرائيلي والامريكي اللذين قاما على تنفيذ خطة ستراتيجية عظمى هي تفتيت وتقسيم الاقطار العربية، على اسس طائفية ودينية وعنصرية، لتنتهي العملية الصهيوامريكية – ايرانية بالغاء الهوية العربية للاقطار العربية وبلا اي استثناء.
ولاجل تجنب سوء الفهم لابد من الاشارة بوضوح وبلا لبس الى ان التحليل هذا لا يقصد به الاساءة لاحد او دانة احد بل هدفه طرح صورة الوضع المتشكل تدريجيا في ضوء ما حصل حتى الان اي انني اقدم ما هو موجود دون ان اضيف اليه شيئا غريبا عليه، ولذلك فانني كباحث مختص اتحمل وحدي مسؤولية ما سيرد هنا.
تطوران خطيران
ولعل اكبر داعم ومؤكد لصحة ما ورد في خطاب الرفيق عزة ابراهيم حول هذه النقطة، وهو القائد الميداني الاكبر للجهاد في العراق ضد الاحتلال وهذه الصفة تضفي على ما قاله قيمة استثنائية، هو التطور الاول الذي كشفت عنه وكالات الانباء قبل يوم واحد من الخطاب وهو ان الرئيس الامريكي اوباما قد بعث برسالة الى علي خامنئي ديكتاتور اسرائيل الشرقية يؤكد له فيها ان امريكا لا تعارض وجود برنامج نووي ايراني للاغراض (السلمية) ومن نقل هذه الرسالة هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان شخصيا! وبهذ الاعلان انتهت كذبة معارضة امريكا للمشروع النووي الايراني وثبت بالقطع والادلة ان امريكا لم تكن تعارض المشروع النووي الايراني الا اعلاميا ودعائيا بينما هي في الواقع قد تواطأت مع ايران وغيرها من اجل اكمال المشروع النووي الايراني.
والسبب واضح تماما فالمشروع لم يقام لاجل استخدام قنابله ضد امريكا واسرائيل، فتلك نكتة سمجة لم يعد يضحك لها حتى الطفل، بل انه مصمم اصلا وفعلا لاخضاع الدول العربية لايران واذا قاوم الشعب العربي الغزو الايراني بنجاح فان قنابل ايران النووية تنتظرهم تماما كما تساقطت كالمطر الصواريخ المتوسطة المدى التي اطلقتها ايران على بيوت العراقيين في البصرة وبغداد وعشرات المدن والقرى العراقية اثناء الحرب التي فرضتها ايران على العراق فقتلت الاف العراقيين الابرياء.
وعلينا ان نتذكر حقيقة نفسية (سايكولوجية) وهي ان الاستعداد للقتل لا صلة له بنوع السلاح فحينما يقرر انسان ما او دولة ما القيام بعملية القتل فانه لا يفكر بكيفية القتل ولا بسلاحه لان المسألة الاهم هي الوصول لقرار ان القتل ضرورة لابد منها، ولذلك لا فرق نوعي بين الاستعداد للقتل بصاروخ متوسط المدى والقتل بقنابل نووية. هذا هو الدرس الكبير الذي تعلمه شعب العراق من تجاربه مع ايران التي تكن نخبها القومية، خصوصا تيار الملالي المعممين منها، اطماعا في الارض العربية مقترنة باحقاد عنصرية متجذرة ومتطرفة الوحشية.
ولاجل معرفة خطورة هذا التطور في الموقف الامريكي الرسمي من البرنامج النووي الايراني علينا الانتباه لحقيقة علمية معروفة وهي ان الفرق بين مشروع نووي سلمي واخر عسكري هو بثخانة الشعرة والتي يمكن بسهولة رفعها فيصبح المشروع السلمي برنامجا نوويا عسكريا كاملا ينتج الاسلحة النووية محليا وبلا حاجة لدعم خارجي، وهذا ما فعلته كوريا الشمالية وما فعلته قبلها امريكا والاتحاد السوفيتي والصين والهند وباكستان عند بدء العمل على بناء مشروع نووي، وهنا يكمن خطر موافقة امريكا على مشروع نووي ايراني سلمي من المحتم انه يستبطن في احشاءه مشروع انتاج قنابل نووية لا امكانية لاستخدامها الا ضد العرب لاسباب كثيرة، من بينها التفوق النووي الامريكي والاسرائيلي المطلق والذي يحعل مجرد اتخاذ ايران قرارا باستخدام سلاح نووي ضد امريكا او اسرائيل انتحارا حقيقيا لها لاشك فيه.
لقد جاءت رسالة اوباما لخامنئي بدعم مشروع نووي ايراني (سلمي) لتؤكد مرة اخرى، ولكن بصورة حاسمة، ما كنا نقوله في العقود الثلاثة السابقة، وما نكرره الان، وهو ان الحملات الاعلامية الامريكية والصهيونية ضد المشروع النووي الايراني ليست سوى حرب اعلام تمويهية لها هدفان رئيسان :
1 – التمويه على الدور الايراني الحقيقي : ان الجهد الايراني الرئيس منذ وصول خميني للسلطة هو اشعال الفتن الطائفية في الاقطار العربية من اجل تفتيتها وتقسيمها، وكان ومازال تفتيت الاقطار العربية البند رقم واحد في كل الخطط الاستعمارية الغربية والصهيونية، لذلك فان لامريكا واسرائيل مصلحة اساسية في دعم هذا الدور الايراني التخريبي خصوصا وانهما فشلتا، كما فشلت قبلهما بريطانيا وفرنسا منذ بداية القرن العشرين، في اشعال فتن طائفية، وجاء خميني وبعده خامنئي لينجحا في خلق الفتن الطائفية، ولاجل اخفاء حقيقة الدور الايراني ومنع عزل ايران عن الجماهير العربية بسبب اشعالها الفتن الطائفية توجب تنفيذ خطط تحسن صورة ايران بنظر العرب خصوصا عندما تنخرط ايران في تنفيذ عمليات تخريبية في الاقطار العربية.
ما هي افضل وسيلة لتحقيق ذلك؟ ليس افضل وسيلة لتحقيق ذلك من ادعاء ايران انها تدعم القضية الفلسطينية وانها تناهض امريكا من جهة، وقيام امريكا واسرائيل بخوض معارك اعلامية وسياسية زائفة مع ايران للوصول الى تلك النتيجة من جهة ثانية. واحد الاشكال الرئيسة للدعم الامريكي والصهيوني لايران يتمثل في خوض حرب اعلامية معها لانها توفر لايران فرصة كسب السذج والخدج من العرب الذين يظنون ان ايران مع القضية الفلسطينية وانها تقاوم امريكا، وبنفس الوقت تؤمن غطاء لمرتزقتها العرب العاملين لصالحها وهم كثر. على اعتبار ان من يقاوم امريكا واسرائيل ويقود (جبهة الممانعة) هو طرف تحرري ويجب دعمه، وهكذا يوفر غطاء قوي لدعم ايران من قبل بعض العرب.
2 – اما الهدف الثاني المشتق من الهدف الاول فهو ابعاد الضوء عن، والتعتيم على، عمليات ايران التخريبية والاحتلالية في احد الاقطار العربية وتسليط الاضواء كلها على معركة الديوك بين امريكا وايران، وبذلك يتوفر لايران غطاء كبير وناجح لاكمال خطط التخريب باقل معارضة ومقاومة عربية لايران. ولذلك لم تكن صدفة ابدا تعمد ايران وامريكا تصعيد حربهما الاعلامية حول المشروع النووي الايراني مع بدء الانسحاب الامريكي من العراق والتمهيد لتسليمه لايران وايصال الحرب الاعلامية الى حد وضع جدول زمني لبدء الحرب على ايران وقيام مسؤولين امريكيين واسرائيليين باطلاق تصريحات نارية تؤكد ان ايران ستتعرض خلال ايام او اسابيع لحرب شاملة ورد زعماء اسرائيل الشرقية (ايران) على ذلك بتهديدات بالرد واغلاق مضيق هرمز وضرب دول الخليج العربي كلها، وهكذا تمت تهيئة النفوس عبر الاعلام الموجه (لحرب مدمرة قادمة ستغير المنطقة جذريا وتنوش كل الاقطار العربية بنيرانها)!!! حدث ذلك الجهد الاعلامي والسياسي قبل واثناء وبعد تسليم امريكا العراق لايران في جهد واضح لاخفاء الطبيعة الستراتيجية الخطيرة والمدمرة لتسليم العراق لايران وتهدئة ردود فعل العرب واشغالهم بمعركة تمويه على الهدف الخطير الذي تجري عملية تنفيذه في العراق وهو اكمال تدمير العراق والعمل على تصفية المقاومة العراقية والغاء هويته العربية وفرض التفريس عليه تماما كما فرضت الصهيونية الصهينة على فلسطين.
ولكن وبعد ان تمت عملية تسليم العراق لايران بلا ردود افعال عربية مناسبة لخطورة الحدث نتيجة رعب خلقه الاعلام من حرب ستغير كل شيء في المنطقة انتهت ضرورة التصعيد بين امريكا واسرائيل من جهة وايران من جهة ثانية، وقامت امريكا عبر رسالة اوباما الى زعيم اسرائيل الشرقية خامنئي بالاعتراف بان لايران الحق في اقامة مشروع نووي سلمي فلم تقع الحرب التي اوصلت تاثيرات الاعلام في الترويج لها حد تخزين اهل الخليج العربي الماء والطعام وضرورات الحياة تجنبا لتدمير مصادر الحياة اثناء حرب ظن الجميع انها حتمية وامر لا مفر منه!!!
اذن، مرة اخرى بعد المائة، لم تقع الحرب التي كانت تصور على انها حتمية ولا مفر منها في الشهور الماضية، كما في العقود الثلاثة الماضية، وتكرر الاستعداد لها والرعب منها مرارا وتكرارا، حسب الترويج الاعلامي والسياسي وحصل بدلا عنها انفراج مزدوج، انفراج امريكي – ايراني وانفراج سوري - امريكي، وهذا هو التطور الثاني الخطير، الانفراج السوري - الامريكي والذي تمثل في تهدئة الاوضاع في سوريا والتي هي الاخرى شهدت تصعيد احداثها الدموية قبل واثناء وبعد تسليم العراق لايران لتتجه الانظار الى حدث اخر خطير في سوريا من اجل اهمال ما يجري في العراق، او اقناع اوساط كثيرة بان ما يجري في سوريا اهم مما يجري في العراق! ولكن وكما في حالة الحرب الحتمية مع ايران فان موقف امريكا والنيتو تغير تجاه سوريا ونظامها واحداثها برفض امريكا والاتحاد الاوربي اي تسليح للمعارضة السورية والضغط عليها للانخراط في حوار مع النظام السوري بعكس الحملات السابقة ل، والمتزامنة مع، تسليم العراق لايران والتي كانت تنصب على الايحاء بان سقوط النظام السوري هدف ستراتيجي امريكي واوربي وانه لا مجال للتفاوض مع النظام او التراجع عن هدف اسقاطه، فقط تذكروا تصريحات هيلاري كلنتون النارية وغير القابلة للمساومة مع النظام السوري ستدركون كيف تغير الموقف الامريكي المعلن بصورة تامة وانقلب الى نقيضه، وكيف ان كلب امريكا القطري قد ترك وحيدا يلعق ذيله حائرا في تفسير ما يجري.
لقد سالت دماء سورية غالية من انصار النظام والمعارضة كالانهار في هذه الفترة التصعيدية المتعمدة من قبل امريكا وحلف النيتو، ولكن حصل هذا التبدل المفاجئ للبعض تماما بعد اكمال تسليم العراق لايران وبعد اعلان صريح ورسمي لخطوة لا يمكن اخفاء خطورتها القاتلة على المستقبل العربي والهوية العربية للعراق وسوريا ودول الخليج العربي والمنطقة كلها وهي قيام تحالف بين العراق المحتل من قبل ايران (وبدعم امريكي رسمي ومباشر) والنظام السوري وايران وستعمل ايران على ضم لبنان اليه بعد ان يقوم حزب الله بالسيطرة العسكرية عليه مباشرة وبدعم امريكي اكيد لان المطلوب هو توسيع نطاق تفتيت الاقطار العربية وتدمير مقومات وقوفها على قدميها ودفعها للانهيار الشامل عبر حروب طاحنة بين العرب انفسهم! وهذه نقطة مركزية لا يمكن فهم ما جرى ويجري بدون الانتباه لها، فالعراق ومعركة العراق هو ما يهم امريكا اساسا وليس ما يجري في سوريا، والمعركة بدأت في العراق ولن تنتهي الا في العراق، هذا هو الف باء الوعي الستراتيجي.
وعلينا جميعا ان نتذكر حقيقة اساسية بالغة الخطورة وهي ان مجرد وجود ايران على رأس هذا الحلف، وبغض النظر عن موقف النظام السوري الذي اصبح واكثر من اي وقت مضى رهينة لايران، يشكل انقلابا ستراتيجيا خطير لصالح ايران وضد المصالح العربية والامن القومي العربي، حصل لضمان التدمير المنظم لعروبة العراق وتفكيكه بعد تطويقه وعزله عن اشقاءه العرب والبدء بحملات اقليمية تقودها ايران ضد المقاومة العراقية المسلحة والسلمية للاحتلال الايراني للعراق وذلك لمنع المقاومة العراقية من طرد ايران كما طردت امريكا، وبعدها تتم السيطرة بسهولة ويسر على الاردن والضفة الغربية.
هل هذا كل شيء ينتظرنا من وراء قيام الحلف الذي تقوده ايران؟ كلا فبعد ان تستقر ايران في العراق بدعم من لبنان وسوريا ستكون تلك الخطوة التمهيدية لاحتلال الجزء الشمالي من اليمن بعد تشطيره وشرذمته فتطوق السعودية من جنوبها بعد تطويقها من شرقها ومن شمالها الشرقي اي العراق المحتل! هل رأيتم الالعاب الامريكية والصهيونية وكيف تنظم وتجري؟ وهل عرفتم كيف تضع امريكا والنيتو اطرافا عربية بضمنها النظام السوري في زاوية الموت المحقق لاجل اجبارها على الاقدام على خطوات انتحارية لكنها تضمن السلامة المؤقتة؟
9/4/2012
***********************شبيه الشيء منجذب اليه
مثل عربي
انها الحرب بالشراكة اذن
ما معنى كل ما تقدم؟ ان الدرس الكبير لمن لديه عقل يفكر به بعيدا عن الاهواء الذاتية او الفئوية هو التالي : ان الحرب الاعلامية المستعرة منذ اكثر من ثلاثة عقود بين ايران وشيطانها الاكبر، امريكا، وشيطانها الاصغر، اسرائيل، والتي لم تؤدي الى اطلاق صاروخ ايراني واحد من ايران على امريكا، كذلك لم تؤدي الى اطلاق صاروخ امريكي او اسرائيلي واحد على ايران، مصممة لتجميل وجه ايران عربيا وجعله مقبولا حتى وهي تحتل اراضي العرب في العراق والاحواز والجزر العربية وتزرع وتنشر الفتن الطائفية المدمرة في مشرق الوطن العربي ومغربه، وتقتل اطفال العرب وشبابهم وشيوخهم، وتغتصب نساءهم وتسرق ثرواتهم...الخ، وما يجري في العراق مثال ساطع على ما نقول.
وهكذا بقوة الحرب الاعلامية تتمكن ايران من كسب بعض العرب، منهم الطيبين ولكن السذج والخدج او المرتزقة الذين استعبدهم المال الايراني المتدفق عليهم بكرم واضح جدا، الى جانبها رغم انها تخوض حرب كسر عظم مع شعب العراق العظيم ومع شعب البحرين الصامد ومع شعب سوريا البطل، ومع شعب لبنان الشقيق الذي تستباح كرامته وحريته من قبل حزب الله الايراني الذي حول سلاح المقاومة لقتل اللبنانيين وابتزازهم واستعبادهم، ومعركة كسر العظم مع ايران لاتقل خطورة باي شكل عن معركة كسر العظم مع الكيان الصهيوني بل انها اخطر من زاوية محددة وهي ان ايران مندسة بين صفوفنا وتتحدث باسم اسلامنا وفلسطيننا لذلك تخلط الحقيقة بالخداع والتضليل وينجر الكثير من العرب الى موقف هو في الواقع موقف ساداتي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، بينما الكيان الصهيوني عدو واضح بلا لبس ولا تداخل مفاهيم وخنادق وعاجز عن تضليل العرب.
وهذا الواقع المعاش بكل كوارثه ليس سوى حرب بالشراكة (War by partnership) تشنها علينا كعرب وهوية ووجود امريكا وايران، والتي تذكرنا بستراتيجية الحرب بالوكالة (War by proxy) والتي كانت امريكا تخوضها ضدنا منذ الستينيات من القرن الماضي وبها استنزفت العرب في عهد القائد جمال عبدالناصر، بواسطة ادواتها خصوصا اسرائيل وشاه ايران والتي سقطت واستبدلت في عام 1990 بستراتيجية الحرب بالاصالة اي تلك التي تخوضها امريكا بنفسها وليس بواسطة ادواتها، بعد ان ادركت امريكا ان قوة اقليمية عظمى قد بزغت هي العراق المنتصر بصورة ساحقة على ايران في عام 1988 ولا يمكن للادوات الاقليمية ان تدحرها فتقدمت الصفوف وتبنت (الحرب بالاصالة) ودشنتها في الحرب الثلاثينية على العراق في عام 1991 واستمرت حتى غزو العراق.
ولكن وفي مجرى محاولات اخضاع العراق او غزوه توصلت ادراة بيل كلنتون الى قناعة واضحة اعلنت رسميا في عام 1998 بعد فشل عملية ثعلب الصحراء، وهي حرب جوية صاروخية استمرت اربعة ايام كانت تمهد لغزو بري، وكان اهم اسباب فشلها صمود العراق وعدم وجود داعم لامريكا داخل العراق فتبلورت ستراتيجية الحرب بالشراكة على اساس ان ايران لديها اتباع في العراق يمكن الحصول على دعمهم المباشر لدخول العراق برا، وهكذا دشنت امريكا ستراتيجية الحرب بالشراكة مع ايران في غزو العراق وكان الدور الايراني هو الاشد حسما بعد الدور الامريكي في انجاح الغزو لوجود اتباع ايران لديها في العراق نفذوا خطة شن هجمات على القوات العراقية والمجاهدين في جنوب العراق وكان لهم دور فاعل في تسهيل دخول قوات الغزو الامريكية والبريطانية.
والحرب بالشراكة، وهي نتاج تلاقي ستراتجية امريكا الامبريالية مع ستراتيجية ايران الامبريالية التوسعية والتي غلفت بغطاء نشر (الثورة الاسلامية) اولا ثم (نشر التشيع الصفوي) ثانيا، وبدأت هذه الحرب بشنها امريكا علينا بصورة غير مباشرة اولا مستفيدة من وجود مطامع ايرانية عتيقة متجددة في ارض العرب اضافة لنزعات الثأر من ابطال القادسيتين الاولى والثانية فكان هذا الدافع الايراني الاساس المتين لصلات شراكة ستراتيجية، وليس تكتيكية كما يتوهم البعض، بين امريكا وايران محورها الاساس العمل المشترك من اجل تفتيت وتقسيم الاقطار العربية كلها وبالاخص ضرب وتدمير العملاق العراقي الذي ظهر خارج كل حسابات الغرب الامبريالي والصهيونية واربك كل التوازنات الستراتيجية الاقليمية والدولية.
ولتوضيح هذه الاشكالية الستراتيجية التي واجهت امريكا والصهيونية نتيجة بروز العملاق العراقي الجبار، بعد عام 1988 وهو عام سحق ايران ودحرها بصورة مذلة ومهينة، لابد من الاشارة الى ان امريكا والكيان الصهيوني كانا يريدان تحقيق ما قاله هنري كيسنجر في عام 1983 عبر قناة السي ان ان اثناء الحرب التي فرضتها ايران على العراق وهو ان افضل نتيجة للحرب بين ايران والعراق بالنسبة لامريكا هي ان تنتهي بتدمير كلا البلدين، لكن امنية امريكا والصهيونية هذه لم تتحقق فبينما دمرت ايران وسحقت قواها الستراتيجية خرج العراق عملاقا اقوى مما كان قبل الحرب ليس عسكريا فحسب بل علميا وتكنولوجيا وسياسيا، وهكذا أخذت عواصفه العاتية تهز من الجذور الكيان الصهيوني وتشكل عقبة كأداء امام تنفيذ خطة امركة العالم في اهم بقاع الارض ستراتيجيا وهي (اقليم النفط) القلب الجيوبولتيكي للعالم الحديث لانه يختزن الطاقة الاساسية لحركته وتطوره ونشاطه بكافة اشكاله، حصل بروز العملاق العراقي المعرقل لخطط امريكا التوسعية في مرحلة استغلال امريكا لبيئة انهيار الكتلة الشيوعية وبدأ الهجوم الامريكي على العالم للسيطرة عليه واقامة نظام عالمي احادي القطبية يدشن ما اسمي ب (القرن الامريكي).
لذلك فان امريكا وجدت ان افضل استثمار متوفر لديها هو عداء ايران الملالي للعرب ووجود مطامع تاريخية ومعاصرة لها في ارضهم ومياههم ونفطهم، اضافة الى انها كانت تتحفز للثأر من العراق الذي مرغ انف ملاليها في اوحال الهزيمة المرة وهزم مشروعهم التوسعي الامبريالي المتبرقع بغطاء (نشر الثورة الاسلامية)، وكانت ستراتيجية الحرب بالشراكة هي افضل خيار لامريكا وايران، من هذه الزاوية الستراتيجية يجب النظر الى تسليم امريكا العراق الى ايران وهو ما حذر منه الرفيق عزة ابراهيم في خطابه الاخير.
باقرار امريكا ان المشروع النووي الايراني مسموح به يدخل الصراع الاقليمي مرحلة جديدة سمتها الابرز ان العدو الرئيس المواجه لنا في ساحات المعارك الدامية والحاسمة هو ايران اما امريكا فقد تراجعت الى الخلف تراقب وتدعم الطرف الايراني مباشرة هذه المرة وهو يقوم بدور خادم للطرفين معا، كما في العراق والبحرين ولبنان وسوريا واليمن والسعودية. وفي هذا التحول المنضبط في اطار ستراتيجية الحرب بالشراكة يلاحظ المراقب بوضوح تام بان امريكا مصممة على مواصلة تفتيت الاقطار العربية بالاعتماد الكامل على الاداة الايرانية، كما في السابق ولكن بصورة مباشرة وشاملة وسريعة واكثر دموية من عامي 2006 و2007 هذه المرة كما يظهر من الايقاظ الكامل والقوي الان لنزعة التوسع الطائفي في العراق والعمل العنيف على تغيير التوازن الطائفي فيه، فتركت ايران تعمل مباشرة ولوحدها ظاهريا في استعمار العراق ومحاولة تغيير هويته وفي الاستعداد لغزو كافة الاقطار العربية.
ربما يتصدى لنا احد اتباع ايران ويقول كيف تترك امريكا ايران تحتل اقطار تريد هي احتلالها او استمرار سيطرتها عليها؟ والجواب لاولئك الاتباع ان امريكا حينما تدعم التوسع الامبريالي الايراني فانها تريد في ان واحد توريط ايران في حروب وصراعات معقدة وصعبة تواجه فيها مقاومة عربية تشجعها امريكا وتدعم بعض اطرافها لاجل تقزيم ايران وجعلها في متناول يد امريكا وتابعة لمخططاتها من جهة، وتحطيم وحدة الاقطار العربية بواسطة ايران من جهة ثانية.
السؤال التالي يكشف لنا عن طبيعة الشراكة الامريكية الايرانية على حساب العرب : لم سلمت امريكا العراق الى ايران اذا كانتا حقا في حالة صراع رئيس كما تدعيان بينما كان بامكان امريكا لو ارادت حقا طرد ايران من العراق ان تستغل وجود قوى عراقية كثيرة لها مصلحة في طرد ايران وهي قادرة لو ان امريكا دعمتها على طرد ايران؟
وهنا لابد من توضيح مسألة مهمة وهي ان المقصود بتلك القوى عناصر عسكرية كثيرة تنتمي للجيش الوطني السابق موجودة داخل وخارج العراق وقامت امريكا بالاتصال بعشرات الضباط منها منذ السنة الاولى للاحتلال بل انها دربتها واعدتها للحسم في لحظات معينة بدعم انظمة عربية، وهذه العناصر قبلت بكل الشروط الامريكية حول طبيعة النظام البديل. بتعبير اخر ان هذه المجموعة من الضباط قبلت ان تعمل وفقا للخطة الامريكية فتقوم بطرد ايران واقامة نظام تابع لامريكا مستقر وتحل فيه مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة ويتحقق فيه بدرجة ما نوع من الانجازات التي توفر دعما له من اوساط عراقية تعبت من الازمات والاستنزاف، وهذا امر معروف ولم يعد سرا.
لكن هل حقا دعمت امريكا هذه النخبة من الضباط وساعدتهم من اجل السيطرة على الحكم في العراق بعد طرد ايران واتباعها؟ كلا طبعا فهؤلاء استخدموا كادوات ضغط وابتزاز لايران وللحكومة التابعة لها في بغداد وبواسطة التهديد الامريكي بهم وقع المالكي الاتفاقية الامنية واتفاقية الانسحاب والاتفاقية النفطية بعد تردد كبير، وعند هذا الحد انتهى دور هذه النخبة من الضباط وابقت امريكا المالكي واتباع ايران حكاما على العراق، الامر الذي اربك هذه النخبة من الضباط كما اربك اتباع امريكا الاصليين في العراق الذين تصوروا انها ستسلمهم السلطة بعد ان ارتكب اتباع ايران جرائم بشعة ضد الشعب العراق اصبحت كافية لقيام الملايين من العراقيين العاديين بسحق هؤلاء الاتباع في ليلة ليلاء، لكن هؤلاء نتيجة قصور فهمهم لستراتيجية امريكا الحقيقية ساروا معها بصورة عمياوية واثقين انهم سيطردون ايران بدعم امريكا!
والسبب في بقاء الدعم الامريكي لحكومة تابعة لايران هو التالي : ليس المطلوب اقامة ديمقراطية او حل مشاكل العراق بل تدمير قدرات العراق خصوصا البشرية وتفكيك نسيجه الاجتماعي وزرع او تنمية النزعتان الطائفية والعرقية بحيث تصبحان المقرران الرئيسان لخيارات الناس، بدل المقرر الوطني العراقي، ونشر الفساد عمدا لتدمير قيم المجتمع وتجريده من الروادع الاجتماعية والوطنية والدينية، وهذه الاهداف الامريكية والصهيونية لا تتحقق بحصول انقلاب عسكري يطرد ايران واتباعها خلال ساعات او ايام بل الانقلاب العسكري في الواقع يمنع تحقيق تلك الاهداف لان التخلص من ايران يفرض منطقا مقبولا ومطلبا واحدا وهو الان يجب بدء مرحلة اعادة بناء العراق وحل مشاكله الكثيرة وتحقيق الاستقرار، وبما ان امريكا لا تريد للعراق الاستقرار ولا الوحدة بل قررت تقسيمه وتهميشه فانها لا تريد تحقيق اي خطوة تؤدي لاستقراره وحل مشاكله حتى لو تمت على يد اتباعها وعملاءها. وهذ الحقيقة تكشف الاصرار الامريكي على تدمير العراق ولكن بواسطة ايران مباشرة بعد ان فشلت في استعماره نتيجة قوة المقاومة العراقية.
هل تقتصر هذه الحقيقة على العراق؟ كلا انها متطلبات ستراتيجية امريكية – صهيونية شاملة لكافة الاقطار العربية رايناها بعد العراق في ليبيا واليمن ومصر وتونس والبحرين، والان نراها بصورة بالغة التجسيم والوضوح في سوريا فالموقف الامريكي من احداث سوريا يقدم لنا دليلا قاطعا على ان المؤامرة على الامة العربية اوسع من نطاق سوريا الجغرافي واكبر من مجرد اسقاط نظام وتنصيب اخر، فبعد التصعيد الكبير خلال حوالي العام ضد النظام السوري والضغط بكافة الوسائل واستخدام اموال واعلام قطر وغيرها لاسقاطه راينا امريكا في الشهر الماضي (اذار – مارس) تتراجع وتتبنى موقفا يقوم على عدم اسقاط النظام ورفض ذلك ومنع تزويد المعارضة بالسلاح، فهل هناك تناقض او ارتباك في الموقف الامريكي والاوربي من احداث سوريا؟ وهل هذا التبدل ثمرة فشل محاولات اسقاط النظام كما ان يروج البعض من السذج؟
في الموضوع السوري الخطط الامريكية والصهيونية تقوم على اشعال ازمات دموية تولد تلقائيا نغولها وشياطينها بلا توقف وعدم السماح بحلها بسرعة وافشال اي حل يلوح في الافق لاجل تركها تشتعل وتحرق معها الاخضر واليابس، حتى لو تطلب ذلك دعم او تشجيع تصلب الطرفين من زوايا مختلفة، فالمطلوب هو خلق احقاد وثأرات عميقة يجب ان تكون لها اثار خطيرة لعقود وربما لمئات السنين، ولذلك راينا امريكا في العراق تبدل اداوتها فتارة تدعم الاحزاب الشيعية الصفوية وتارة تدعم الاحزاب السنية الطائفية وتارة تدعم الاحزاب الكردية...الخ، وهي في الواقع تدعم الجميع ضد الجميع تشجع كل طرف على التمسك بموقفه وتصعيد الخلافات لكي يبقى العراق اسير حالة تفتت وتشرذم توصله للهلاك والاضطرار لقبول خيار التقسيم كافضل السيئات.
هذه الخطة تطبق في سوريا حرفيا الان فلقد كان بامكان امريكا ومخابراتها اسقاط النظام السوري في ساعات لو ارادت حسم الامور عن طريق انقلاب عسكري يوفر على السوريين انهر الدم السوري الغالي التي سالت ويتجنب تدمير المنشأت والبنى التحتية والخدمات، وليس هناك اي شك على الاطلاق بوجود ضباط سوريين مستعدين لخدمة هدف امريكا بالقيام بانقلاب عسكري ناجح وسريع وذلك لوجود الفساد وغياب الحزب الثوري والعقائدي الحاكم، لكن امريكا لم تكن تريد ومازالت لا تريد حسم الامور في سوريا بسرعة بل تريد طبخ الوضع السوري على نار هادئة هي نار الدم الذي يستمر في التدفق من الطرفين الشعب وانصار النظام وكلهم سوريون كي تتعمق الجراح وتحل غريزة البقاء محل العقل والمنطق، وبذلك تصل سوريا بكافة اطرافها الى مرحلة كسر العظم وعدم وجود مساحة للحل السلمي ويضطر من يرفض الان الحرب الاهلية والتدخل الخارجي لخوض حرب اهلية وقبول التدخل الخارجي. اليس هذا ما حدث ويحدث في العراق؟
اذن الموقف الامريكي لم يتبدل في كل الاقطار العربية وانما تطور وفقا لخطوات محسوبة سلفا وهو بعد ان قام على تعمد منع الحل السلمي للازمات المفتعلة والدفع باتجاه الحل العسكري من قبل المعارضة والحل الامني من قبل النظام وبعد ان صار الحل السلمي صعبا بدأت لعبة امريكا واوربا الاخرى وهي عدم تسليح المعارضة السورية ورفض الغزو الخارجي! وهذه اللعبة تضمن اطالة الصراع وزيادة تكاليفه المادية والمعنوية وتعميق الجراح وقتل ما بقي من استعداد للمصالحة او التفاهم بين السوريين. وستكون الخطوة القادمة المؤكدة هي الثأرات وتصفية الحسابات الدموية من قبل الطرفين كما حصل في ليبيا والعراق، وهذا بالضبط هو هدف امريكا واسرائيل في سوريا كما في العراق وغيره. من هنا فان تراجع امريكا واوربا عن مطلب تنحي الرئيس السوري او اسقاط النظام ليس ثمرة قوة النظام بل ان هدفه الحقيقي هو ادامة ومواصلة الازمة وزيادة تعقيداتها وابقاءها ساخنة وليس العكس. وهو موقف يشجع النظام على التصلب ويشجع المعارضة على العنف اكثر مما مضى.
هل فهمنا سر انجذاب امريكا الى ايران او العكس؟ اليس ذلك نتيجة صواب المثل القائلشبيه الشيء منجذب اليه؟
يتبع.........
15/4/2012
البرادعي: انتخاب رئيس بالإعلان الدستوري استمرار لانتخاب سلطات منقوصة
قال د. محمد البرادعي وكيل مؤسسي حزب “الثورة” – تحت التأسيس – أن إنتخاب رئيس بالإعلان الدستوري هو استمرار لإنتخاب سلطات منقوصة الصلاحيات.
وأضاف البرادعي عبر حسابه على تويتر متسائلاً: “من هو القائد الأعلي للقوات المسلحة ومن يعلن الحرب؟.. وتابع: “وثغرات أخري جوهرية”.
وكان البرادعي قد دعا في تغريدة سابقه المجلس العسكري أن يولي الدستور اهتماما أفضل .. وقال إن قمم الفكر صاغت دستور ١٩٥٤ في ١٨ شهرا، فيما يطالب المجلس العسكري بكتابة دستور الثورة في شهر واحد! . وأضاف لا تستخفوا بأهمية الدستور: مصر تستحق أفضل من هذا.
يذكر أن طنطاوي أكد خلال اجتماعه بقادة الأحزاب إن المجلس العسكري ملتزم بالجدول الزمني الذي أعلنه وأن انتخابات الرئاسة لن تتم قبل وضع الدستور مشيرا إلى أن العسكري سيترك السلطة في الموعد المحدد وهو 30 يونيو القادم وهو ما يعني ضرورة الاتفاق على تشكيل التأسيسية ووضع الدستور والاستفتاء عليه قبل يوم 24 مايو موعد إجراء انتخابات الرئاسة.
المصدر: البديل
14 أبريل 2012
منع عمر سليمان من الترشح للرئاسة .. ضرورة للكرامة القومية
الوقوف ضد عمر سليمان ضرورة من ..أجل الكرامة القومية ..فى مطلع القرن ال18 ثار المصريون ضد الوالى العثمانى وانتهى بهم المطاف لاعطاء الحكم لمحمد على الرجل الالبانى من اصل عثمانى .. وفى اواسط هذا القرن قام احد جنود نابليون ويدعى الكولونيل سيف بالابحار الى ايران للتطوع فى جيشها واثناء توقف الباخرة فى الاسكندرية تعرف على واليها الذى ارسله الى محمد على الذى عينه وزيرا للدفاع ومؤسس اول جيش مصري .. والان لا يعقل ان نثور ضد مبارك فنأتى بنائبه واحد اقوى رجاله .. سيكون مظهرنا امام التاريخ مسخرة
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)