صباح الخزاعي
يبدو ان المالكي وأكثرية وزراء المجلس الذي يرأسه في ما بات يعرف بالمنطقة الخضراء التي حصّنها المحتل الاميريكي لسفارته العملاقة ودوائر ومؤسسات الشرعنة منذ وقوع الاحتلال ولحد الأن ، يبدو أنهم مصممون هذه المرة على إنعقاد القمة العربية في بغداد وفي موعدها المقرر
وقد جندوا للترويج لهذا الهدف كل إمكانياتهم المالية والاعلامية في الحاح واصرار غريبين يطرحان أكثر من علامة تعجّب وأستفهام وكأنهم يعيشون في كوكب آخر ولا يعيرون أي إهتمام لما يحدث حولهم من نيران مشتعلة وأخرى تنتظر الاشتعال
والملاحظ ايضاً ان إعلام المنطقة الخضراء وأبواق المال الحرام تسّوق لهذه القمة وكأنها فتح الفتوح ومفتاح لحل كل المصائب والتداعيات التي تعصف وستعصف بالمنطقة برمتها
متى كانت القمم العربية فعاّلة وحاسمة وتخدم مصالح وحقوق الأمة؟ هل يراد لها ان تكون إسقاط لفرض وتلميع لهذا او ذاك؟ وماذا ستستفيد الأمة من قمة تعقد في عاصمة لازالت محتلة وتنهشها الطائفية والفساد وسطوة المليشيات والعصابات المسلحة والمأجورة ؟
من المعيب جداً ان يتم التعامل بشعبي سوريا والعراق بهذا الشكل من الاستهتار السياسي وعلى المكشوف والجراح تنزف والثكالى يزدادون كل يوم وكأن القدر توقف وضاعت القيم والمبادئ واصبحنا لا نجد مخرجا لمصائبنا الا عن طريق إيران أو تركيا أو أميريكا
كيف تعقد القمة في المنطقة الخضراء وحراسها ميليشيات مزدوجة الولاء وتحرّكها أوامر السفيرين الاميريكي والإيراني، كيف يطمئن الضيوف على أرواحهم والحارس عميل والنادل عرضة للابتزاز او بشراء ذمته بدولارات الفساد
كيف يذهب العرب الى بغداد المحتلة وآثار الدمار باقية بل وتزداد بسبب الاحتلال البغيض والاخطبوط الصفوي الذي مزّق العراقيين ينهش أجساد الشرفاء والوطنيين ويستبيح حرمة المقدسات وأصالة العشائر العراقية العربية والكردية التي أنجبت القعقاع وصلاح الدين
إذن ما هي فرص نجاح إنعقاد هذه القمة؟
ليس خطأً اذا قلنا بان هناك معسكرين لا ثالث لهما يتدافعان بعنف تحت طاولات المباحثات والغرف المغلقة وهناك أمام الكاميرات بدبلوماسية هادئة
المعسكر الأول يريد لهذه القمة ان تفعل شيئا جديداً بعد فشل مساعيه في مجلس الأمن الدولي بعد الفيتو المزدوج الروسي - الصيني حول ما يحدث في سوريا. والمعسكر الثاني يريد إستثمار هذا الفشل في تفعيل آليات أخرى تخرج من القمة تعزز الخرق الصفوي للعرب وهيمنة هذا الخرق في العراق وتشرعن الاحتلال الاميركي والخاسر في كل الاحوال هو سوريا أرضاً وشعباً وتداعيات هذه المصيبة على محيطها
لابد ان يكون هناك توافق معقول بين كل الدول العربية قبل إنعقاد القمة وإتفاق واسع حول القرارات والتوصيات التي قد تتبناها القمة، غير ان ذلك لم يحدث ولن يتم بسبب الواقع المرير من شرذمة وتبعثر وتقاطع للمصالح والولاءآت
ولكي يأتي العرب الى بغداد لابد للمالكي ان يضمن صدور قرارات هي بالضد من سوريا وبالتالي أيران ، وهذا لن تقبل به إيران اللاعب المركزي في المنطقة الخضراء وإذا أصّر المالكي على أنعقادها بهذا الشكل، بضغط الشهرة والاضواء وتشجيع الاميريكان له، فسوف تخرّبها إيران عندما توعز لمرتزقتها بإطلاق عدد من الصواريخ على المنطقة الخضراء هي كافية لفرار القادة
أو يصر المالكي على إستحقاق - العراق- بإنعقاد القمة في - بغداد - المحتلة من أجل إصدار قرارات ترضى عنها طهران وتشرعن عمليته السياسية ، فالجواب العربي إما الرفض أو إسقاط الفرض بحضور شكلي هزيل للسفراء ووزراء الخارجية
أخيرا، فأن من مصلحة العرب ان لا تنعقد القمة و لسبب بسيط يعرفه العارف والجاهل، وهو لانها- أي القمة- إذا إنعقدت فسوف تعقبها كارثة الله أعلم بحجمها ومدى الدمار الذي ستخلفه بسبب التجارب السابقة،
وإذا لم تنعقد فالطاس والحمّام باقيان الى أن يفرجها من بيده الفرج جلّ جلاله
أكاديمي وسياسي عراقي مقيم في إنكلترا