اختلط الحابل بالنابل , وحاول المهرجون اعتلاء قمة المشهد الجدى , رغم أن تاريخهم يذخر بالعبث وأحيانا العمالة أو حتى الخيانة , كان الواحد منهم مجرد حذاء لمن يدفع وبقدرة قادر تحول إلى رجل مبادئ,
عمل بعض المهرجين كمبرراتية لجرائم مبارك وجهازه القمعى "أمن الدولة" الذى خرب الدولة وأهان كرامتها وما أن انهار هذا النظام الفاسد حتى وجدنا هؤلاء العملاء يعتلون قمة المشهد الثورى , وليت ذلك فحسب بل راحوا بكل جد ونشاط وكذب يتهمون ضحاياهم السابقين من الشرفاء بأنهم هم عملاء مبارك ونظامه.
ولأن قدرة الله التى أطاحت بمبارك وجزء من عصابته وخلعتهم من كراسيهم خلعا قادرة على أن تقتلع باقى أزلامه فقد جعل هلاكهم فى كذبهم ومن بين حصاد ألسنتهم وقلة وعيهم , وذلك لأن أولى التدبير هلكى والله قادر على أن يعريهم كما عرى زعيمهم.
تخيلوا أن نفرا من هؤلاء الحمقى الهالكين راح يلسن علىّ فى غيابى بأننى عميل لأمن الدولة رغم أن الجميع يعلم انه هو لا أنا من أحذية مبارك , ونسى هذا المأجور أننى حرمت من العمل فى كل الصحف المصرية تقريبا بسبب تقارير أمن الدولة ضدى , بل أننى عوقبت مرارا وتكرارا فى قوتى وقوت اسرتى بسبب مواقفى من هذا النظام الفاسد ومن سياساته تجاه غزة والعراق , وتم طردى من كل الصحف لمدة تزيد عن العشرة سنوات تضورت فيها واسرتى جوعا لكننى لم أهادن قط بل رحت عبر كتاباتى على صفحات "النت" أهاجم هذا النظام ولم يتملكنى اليأس ولا القنوط كما تملك العديدين من الرفاق الوطنيين والقوميين المصريين.
ونسى هذا المخادع اننى كنت أول من هاجم الديكتاتور المخلوع شخصيا فى عام 2004 من خلال ديوانى الشعرى الذى حمل اسم "أشعار مارقة" حيث حفل بقصائد عنوانينها " شاوشيسكو" و"الطاغوت" و"الإخطبوط" و"هُبل"و"المستبد"وبعضها يذكر " مبارك "صراحة" .
كما اننى كنت قد كتبت رواية " زمن السقوط" عن مطبعة "الوطنية" فى عام 1999 تدور أحداثها بالكامل حول التعذيب فى سجون " امن الدولة".. ومن بعد ذلك تم إيقاف نشر كل اعمالى فى هيئة قصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب رغم حصولى على إجازات لجان النشر , كما تم منعى من الكتابة فى جريدة "الوفد" عقب تولى محمود أباظة شقيق الوزير المخلوع أمين أباظة دون سابق انذار , وساومنى أحد كبار الصحفيين "الأمنيين" فى جريدة المسائية على العمل استمرارى فى العمل مقابل العمل لحساب جهاز الأمن فرفضت فتم منعى وبشكل فج من دخول المؤسسة بعد عمل دام سنة , كما رفضت صحيفة وموقع "اليوم السابع" عملى فيها رغم أن الأخ "د.ه" اخبرني اننى سأعمل سكرتيرا للتحرير فى هذا الإصدار الناشئ حينئذ ثم قاموا بعد ذلك بتعيين طوب الأرض إلا أنا , وجميع الصحفيين يعرفون مدى ارتباط "اليوم السابع" بامن الدولة , وما تكرر فى هذا الإصدار تكرر فى الأهرام والمساء والمصرى اليوم , وحتى صحيفتى الأصلية "الأسبوع " حدث فيها خلاف غير مفهوم نتج عنه تقديمى اجازة بدون مرتب , وفى النهاية أدركت اننى شخص غير مرغوب فيه فى صحف دولة " مبارك" وعلى ان ابحث عن عمل أخر وهو والله ما حدث كى اطعم منه اسرتى رغم اننى اعمل بهذه المهنة منذ عام 1990 , ولا يفوتنى ان أؤكد أن الانترنت كان متنفسى الوحيد للتعبير عن النفس ولا ادري ماذا كان سيصير الحال لو لم تخترع هذه التقنية العظيمة.
لقد كان مبارك وأزلامه من القسوة بما لا يمكن غفرانه , وبما يتنافى مع أدنى قيم الانسانية والرحمة , واذكر اننى فى ذات يوم كتبت مقالا فى صحيفة الوفد أكدت فيه أن النظام يقتل معارضيه دون طلقة رصاص واحدة حيث يخيرهم بين الجنون او الموت كمدا وحزنا فى بيوتهم.
وفى ذات يوم كتبت مقالا حمل عنوان " مأساة الصحافة المصرية" ورحت انشره على مواقع الانترنت فالتقانى الزميل يحيي قلاش واخبرنى أن الأستاذ الكبير فهمى هويدى يريد أن يناقشني فيه وهو ما حدث فعلا ثم استئذننى فى الإشارة اليه فى مقاله بجريدة الشروق , وكان المقال قد تضمن معلومات تفيد ان هناك مخططا لتعويم وتمييع نقابة الصحفيين عبر ضم 2000 صحفى إليها خلال السنوات الأربع الأخيرة - فترة مكرم محمد احمد – ويتسم معظمهم بعدم الكفاءة الصحفية والثقافية ويعمل جلهم لدى امن الدولة , وهو المخطط الذى تكشف الآن فى نقابة الصحفيين وصارت هناك مطالبات جادة بوقف لجنة القيد واعادة هيكلة شروط العضوية.
عموما أنا على قناعة بأن الشجرة المثمرة تقذف عادة بالطوب لاسيما لو كان القاذف معلوم للقاصى والدانى أنه رجل "بوليسى" , واذا كان المتحدث مجنون فيجب ان يكون المستمع عاقل.
Albaas10@gmail.com
Albaas.maktoobblog.com