عربٌ قادمون من الجزيرة العربية على أقدامهم ويحملون أغراضهم على الحمير، يقودهم ثلاثة جنود انجليز يمتطون جيادا، يتوجهون نحو القدس لمحاربة الجيش العثماني المسلم، هذا المشهد كان في عام 1916، ومن هناك بدأ سقوط العرب المدوي.
| صورة نادرة للشريف حسين اثناء اعلانه التمرد على العثمانيين |
منشور اعلان التمرد على الدولة العثمانية الذي نشره الشريف حسين بن علي |
آخر صورة للشريف الحسين بن علي، ملك الحجاز الأسبق، تُلتقَط له في عمّان بعد أن نُقل إليها من منفاه في جزيرة قبرص ، صورة تختصر مأساة رجلٍ استُعمِلَ لهـ.دم الخـ..لافة الإسلامية، ثم تُرِك يذبـ.ل في منفى الغربة، وقد انكشفت له الوجوه وسقطت الأقنعة.
في الحادي والعشرين من نوفمبر سنة 1930 ، وصل ابنه الملك فيصل بن الحسين إلى قبرص، يحمل في صدره وصية الأبوة والشفقة، فنقل والده المريض إلى عمّان بعد أن أذنت بريطانيا ، تلك التي كانت ترى أن الرجل قد أدى دوره في مسرح الخيانة، وأن خطره على مشاريعها قد زال، فما عاد يستحق إهتمام منها !
وفي عمّان، عاش الشريف أيّامه الأخيرة بين أطباءٍ يتناوبون على علاجه، وزائرين يستمعون إلى أنَّاته. كان يشكو الإنجليز ، وقد نقل كثيرٌ ممن زاروه في عمّان شكاواه المريرة من غـ.در الإنجليز وخداعهم، ونصائحه المتكررة لابنه عبد الله، ملك الأردن، وللعرب عامةً بعدم الوثوق بهم. يروي أبو الحسن الندوي في كتابه «مذكرات سائح في الشرق العربي» عن بعض الزعماء الفلسـ..ـطينيين أنهم قالوا:
إن الشريف الحسين، قبل وفاته بأيام، كان طريح الفراش حين طلب من ابنه عبد الله أن يُجلسه، فلما أجلسه قال له بصوتٍ متهدّج:
«يا عبد الله، احذر من الإنجلـ..يز ولا تثق بهم، وانظر ماذا فعلوا بأبيك...».
لكن هيهات هيهات! لم يكن لتلك النصيحة وزنٌ عند عبد الله، فقد ظلّ ينفّذ السياسة البريـ..طـ..انية الموالية للصه.يو.نية، طامعًا أن تمكّنه من ضمّ سورية إلى إمارته .
ثم جاءت الساعة التي لا مردّ لها، فأسلم الشريف الحسين روحه في الرابع من يونيو سنة 1931، بعد أن خُيِّل للأطباء أن صحته بدأت تتحسن. نُقِل جثمانه إلى القدس ، ودفن في ساحة حرم المسجد الأقصى ، حيث تنام تحت ثرى الأرض جراح رجلٍ ظنّ أن النصر يُستعار من أعداء الله، وأن الخلافة تُبنى على وعود الكا..فرين.
رحل الحسين، وبقيت قصته عبرةً لكل من يمدّ يده للغرب يطلب منه عزًّا، أو يظنّ أن في وُدّه خيرًا للإسلام وأمّته. فالتاريخ لا يرحم من خـ..ان الرسالة، ولا يغفر لمن بدّل الولاء.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق