قبل أيام السفير رفعت الأنصاري، القنصل المصري الأسبق لدى الاحتلال قال في حوار للمصري اليوم لم ينشر كاملًا
: إذا لم نتحرّك استراتيجيًا، سنصحو على شرق أوسط يحكمه المنطق الصهيوني.
وكان بين تصريحاته
:
>>إسرائيل ستُصبح القوة المُهيمنة على مقدّرات الإقليم إذا قَبِل العرب بتطبيع غير مشروط، وبنزع سلاح المقاومة.
>>ترامب تفوّق على ريغان في دعم إسرائيل، وتبنّى جرائمها، وغاب حلّ الدولتين من الأجندة الأمريكية بعد انسحابه من الأجندة الإسرائيلية.
>>تفوّق إسرائيل يعود لتجسّسها واختراقها لأمريكا والغرب، وسرقتها براءات الاختراع في المجالات العسكرية والتكنولوجية.. إسرائيل ثاني أكبر متجسّس على الولايات المتحدة بعد الصين.
>>جواسيس إسرائيل وصلوا إلى الحوزات الدينية، واخترقوا الحرس الثوري.. وهناك يهود تشيّعوا تكتيكيًا منذ عهد الشاه بهلوي.
>>اختراق الحوزات الدينية أخطر مما يُعتقد.. اليهود المتشيّعون وصلوا إلى المرشد الأعلى بعدما أصبحوا أئمة مساجد.
>>إسرائيل تمددت في إفريقيا منذ الثمانينيات، بعدما صُدمت من موقف القارة بعد نصر أكتوبر.
>>هناك “صهاينة متأسلمون” في أوروبا والمنطقة العربية يخدمون أهدافًا تجسسية إسرائيلية، وهذا ملفّ خطير للغاية.
>>نحن أمام كيانٍ يتغوّل، ومشهد ضبابي بلا ملامح لحلّ سياسي حقيقي.
>>السادات تنبّأ بعودة المواجهة مع إسرائيل بعد خمسين عامًا.. أمامنا وقت حتى 2029، وأظن أن مصر وإسرائيل لا ترغبان في المواجهة.
>>علينا التنبّه لأن إسرائيل تخترق المجتمعات العربية عبر “حصان طروادة” الطابور الخامس.
>>إذا قررت إسرائيل مواجهة مصر عسكريًا، ستدفع الثمن.. وأظن أن كليهما لا يريد المواجهة.
>>بعض المصريين في إسرائيل جواسيس محتملون.. الموساد يراقب مشاكلهم وطموحاتهم.
>>إسرائيل لم تعد بحاجة لإرسال ثلاثة عملاء لتجنيد جاسوس مصري، فهناك آلاف المصريين المتاحين داخل إسرائيل يمكن تجنيدهم بلا تكلفة.. هؤلاء قنبلة موقوتة.
>>داليا زيادة وأمثالها يبحثون عن الشهرة، ويظنون أن الموساد سيحميهم، لكنه سيُضحّي بهم كما ضحّى بعملائه.
>>أقول لأمثال داليا زيادة: الموساد لا يحمي عملاءه، وعندما تنتهي مهمتهم يُضحّى بهم.. “روبرت ماكسويل” خدم الموساد ثم اغتيل عندما أصبح عبئًا.
>>الاختراق الإسرائيلي الناعم لوعي الشعوب العربية فشل في مصر، ونجح نسبيًا في الخليج.
>>7 أكتوبر ووصول إيران إلى تل أبيب صدمتا إسرائيل.
>>7 أكتوبر كشفت أخطاء استخباراتية وأمنية وعسكرية إسرائيلية.
>>إسرائيل كرّرت أخطاء 6 أكتوبر بعد خمسين عامًا، واستهانت بالمعلومات التي وصلتها.
>>حماس نجحت في خمس ساعات في تفكيك “الفزّاعة الإسرائيلية”، واخترقت الموساد، والشين بيت، وأمان، وحصلت على أجهزة وضباط من وحداتها.
>>المشكلة ليست في التطبيع، بل في فقدان المشروع العربي.
.
>>اليمين المتطرف حوّل الأحلام الصامتة إلى واقع سياسي بمساعدة الولايات المتحدة.
>>إسرائيل الكبرى أصبحت مشروعًا سياسيًا مُعلَنًا.. اليمين المتطرف خرج من الهامش إلى صُلب القرار العسكري والاستخباراتي.
>>ما قيل عن سرقة موشيه ديان آثارًا مصرية من سرابيط الخادم، حقيقي.
>>إذا قررت إسرائيل مواجهة مصر عسكريًا، ستدفع الثمن.
———-
بينما تنزلق منطقة الشرق الأوسط نحو مزيد من الفراغ الاستراتيجي بفعل الصراعات الصفرية، وفي ظل تمدّد الاحتلال الإسرائيلي عسكريًا تزامنًا مع بسطه أذرع ناعمة وشبكات تجسس في بلدان الإقليم، أجرينا هذا الحوار مع السفير رفعت الأنصاري – القنصل المصري الأسبق لدى الاحتلال، وسفير مصر في عدة عواصم إفريقية وغربية.
فتح الأنصاري صندوقًا ثقيلًا من الأسرار، وقدم تحليلات سياسية دقيقة حول تحولات المشروع الصهيوني وانتقال “إسرائيل الكبرى” من حلم صامت إلى واقع جيوسياسي، لا عبر الأدوات العسكرية فقط، بل من خلال اختراقات ناعمة تديرها شبكات تجسس وتحالفات دولية غير معلنة.
أشار الأنصاري إلى تغلغل هذه الشبكات في الحوزات الدينية والنخب السياسية والثقافية في بعض دول الشرق الأوسط، مستشهدًا بما وصفه بوصول “الصهاينة المتشيعين” إلى الحرس الثوري الإيراني، بعد أن ظهر بعضهم كأئمة مساجد في أصفهان.
وأكد الأنصاري أن بلداننا العربية ليست بمنأى عن هذه المخاطر، حيث تُعدّ هدفًا تكتيكيًا طويل المدى لمشروع احتلالي يسعى للتوسع على أراضي ست دول عربية.
وحذّر من شرق أوسط يُعاد تشكيله وفق منطق صهيوني، قائلاً:
“إذا لم نتحرك استراتيجيًا، فسنصحو على واقع إقليمي تحكمه تل أبيب بمنطق براغماتي بحت.”
كما أشار إلى “قنابل موقوتة” داخل الإقليم، منها:
• صهاينة متشيّعون
• صهاينة متأسلمون
• مثقفون وساسة وظيفيون
وحول ملف المصريين في إسرائيل، قال الأنصاري إن بعضهم قد يشكّل “مشروع جواسيس محتملين” يمكن تجنيدهم بسهولة دون تكلفة تُذكر، بعدما كانت إسرائيل تنفق المليارات لتجنيد مصري واحد.
في هذا الحوار الذي لا يخلو من التناقضات، السفير الذي عايش اتفاقية “كامب ديفيد” وعرّف نفسه بأنه “ساداتي وليس ناصريًا”، يُطلق تحذيرات من خطورة الهرولة نحو التطبيع، بعد مرور خمسين عامًا على صراع لم يخمد.
وتطرق إلى تحالفات إقليمية معقّدة – من بينها ما وصفه بـ”التحالف الأمريكي التركي الإسرائيلي” – الذي قال إنه يغيّر خيوط اللعبة في سوريا، رغم تعقيدات الوضع هناك.
وفيما يخص الاختراق الناعم للوعي العربي، أكد الأنصاري أن إسرائيل فشلت في مصر لكنها نجحت جزئيًا في الخليج وإفريقيا.
كما وجّه رسائل جريئة إلى جواسيس إسرائيل في المنطقة، محذرًا إياهم من أن “الموساد لا يحمي عملاءه، بل يضحي بهم عندما تنتهي مهمتهم”، مستشهدًا بما حدث مع “روبرت ماكسويل”.
تحذيرات الأنصاري ليست تحليلات باردة، بل رؤية نابعة من تجربة دبلوماسية واقعية، حيث أمضى تسع سنوات في تل أبيب خلال فترة حرجة أعقبت توقيع اتفاقية كامب ديفيد. كما عمل سفيرًا لمصر في كينيا وإريتريا وسيشل، مما أعطاه نظرة واسعة على التحولات الإقليمية.
وأشار إلى تغيّر البنية السياسية والاجتماعية في إسرائيل، واستغلالها لقواها الناعمة وأجهزتها الاستخباراتية من أجل دعم مشروعها التوسعي.
وأكد أن إسرائيل تغيّرت بعد صدمة حرب أكتوبر، وأن “الردة الاستراتيجية” في العالم العربي بدأت منذ توقيع اتفاق أوسلو.
في هذا الحوار المعقّد، يقدّم الأنصاري رؤية مقلقة لمستقبل موازين القوة في الشرق الأوسط، متحدثًا عن تناقضات الدور الإسرائيلي وحدود الاشتباك الدبلوماسي في لحظة تاريخية لم تعد فيها المواقف رمادية.
■ كيف تُشخّص المجتمع الإسرائيلي من واقع تجربتك الدبلوماسية؟ وما أخطر التطورات التي طرأت عليه؟ وهل ترى أنه بات مهيّأً لتنفيذ طموحات اليمين المتطرف في التوسع نحو ما يسمى بـ«إسرائيل الكبرى»؟
عندما ذهبت إلى المجتمع الإسرائيلي، فوجئت باختلافه الجذري عن الصورة النمطية التي ترسّخت لدينا منذ عهد عبد الناصر. آنذاك، كان الإعلام والمراكز البحثية ممنوعة من تناول تفاصيل الداخل الإسرائيلي، فظلت المعلومات محصورة في بيانات رسمية، وتعاملت الدولة مع إسرائيل كـ”صندوق أسود” لا يفك شفراته سوى المؤسسة العسكرية والمجتمع المخابراتي المصري.
نحن، كأول دفعة دبلوماسيين مصريين، واجهنا صعوبات شديدة، إذ لم نملك خلفية حقيقية عن تركيبة المجتمع الإسرائيلي. واكتشفت سريعًا أن هذا المجتمع لا يشبه أبدًا ما صورته الدراما المصرية – لم يكن الرجل العجوز الغامض، بل مجتمعًا متنوع الأعراق، يضم 85 جنسية مختلفة.
إسرائيل، باستثناء الفاتيكان، هي الدولة الوحيدة المؤسسة على أسس دينية ولغوية. ومع أن معظم المهاجرين لا يتقنون العبرية عند قدومهم، إلا أن الدولة أنشأت «معاهد ألبان» لصهر هذه الفوارق وتوحيد الهوية. تعلمت العبرية، وبمجرد إتقاني لها، انفتحت أمامي أبواب هذا المجتمع تدريجيًا.
من أبرز مفاجآتي حضور لقاء بعد وصولي بتسعة أيام، جمع 700 يهودي مصري في فندق الهيلتون. كان الطابع مصريًا خالصًا: أكل، لهجة، موسيقى. أغلبهم رفضوا الزواج المختلط، مؤمنين بأن التفاهم لا يتحقق إلا بين مصري ومصرية. لكن مع موجات الهجرة، خاصة من الاتحاد السوفيتي وأوروبا، ظهرت حالات زواج مختلط سبّبت أزمات اجتماعية عميقة، وهو ما دفع الحاخامية الإسرائيلية لرفض إجراء مثل هذه الزيجات داخل المعابد.
أخطر ما شهدته في بنية المجتمع الإسرائيلي من الداخل، هو اتجاهه إلى أقصى اليمين وتغيّر المزاج العام نحو التوسع. في الثمانينيات والتسعينيات، كان السلام مع مصر بعد انتصار أكتوبر 1973 يُعد حلمًا جماعيًا، لأنهم يخشون القوة، ولا يفهمون سوى لغة القوة.
أما اليوم، فمنذ الألفية الثالثة، بات التيار الديني المتطرف يهيمن على الخطاب العام داخل إسرائيل، اجتماعيًا وسياسيًا، مُعلنًا ما كان يُقال همسًا وفي الخفاء: قتل العرب، التوسع، إقامة إسرائيل الكبرى، والاستيلاء على الأراضي العربية في ست بلدان، بلا استثناء للمدنيين. لم يعد التطرف الديني محصورًا في المجالين الاجتماعي والديني، بل بات فاعلًا رئيسيًا في السياسة والجيش والمخابرات. اليمين المتطرف حوّل الأحلام الصامتة إلى واقع سياسي، بمساعدة الولايات المتحدة.
إسرائيل الكبرى أصبحت مشروعًا سياسيًا مُعلنًا، بخروج اليمين المتطرف من الهامش إلى صُلب القرار العسكري والاستخباراتي.
⸻
■ هل ترى أن المعاهد الحاخامية في دولة الاحتلال نجحت في صهر مكونات الشتات الصهيوني وتخليق قومية مصنّعة متجاوزة الفروقات العرقية والديموغرافية؟ وما مدى فعالية “معاهد الألبان”؟
الهوية الإسرائيلية ليست طبيعية، بل مصنّعة. ولا تزال تعاني مشكلات عميقة ومتشابكة تتعلق بعوامل القومية: اللغة، الأرض، والهوية. إسرائيل دولة بُنيت على أساس ديني أولًا، ثم لغوي مصنّع بإعادة إحياء اللغة العبرية. المفارقة أن 90% من اليهود الذين هاجروا إليها لا يتحدثون العبرية عند وصولهم، لذا أنشأت القيادة السياسية ما سُمّي بـ”معاهد الألبان” في محاولة لصهر الخلافات. ربما نجحوا في خلق لغة موحدة، لكنّ التحدي الأكبر بقي في عوامل الأرض والهوية.
أما عامل الأرض، فقد نجحت فيه إسرائيل بل تمددت. فمنذ تأسيسها عام 1948، كان التوسع الجغرافي والديموغرافي هدفًا مركزيًا: من حرب 1948 إلى 1956 ثم 1967، وصولًا إلى اجتياح لبنان، وأخيرًا التدخل في سوريا، جنوب لبنان، وغزة.
لا تزال هناك اختلافات وتعقيدات عميقة في المجتمع الإسرائيلي لم تتمكن تلك المعاهد ولا القيادة السياسية من التغلب عليها، فضلًا عن الخلافات العرقية. ويظل التحدي الأكبر أمام الدولة اليهودية هو التحدي الديموغرافي، إذ يعاني اليهود من انخفاض معدلات الإنجاب، ويخشون من الخصوبة العالية للفلسطينيين، وهو ما دفع بعضهم للحديث عن “حرب الأرحام”. فنساء غزة، رغم الإبادة الجماعية، عوّضن خلال عام ونصف من القصف ما فقده القطاع من أرواح، وزادت نسبة إنجابهن تزامنًا مع الحرب، ليظل العامل الديموغرافي في صالح أصحاب الأرض.
ربما لعب التعليم والإعلام الإسرائيلي دورًا نسبيًا في صهر الهويات، لكنه لم ينجح في تجاوز الفروقات العميقة.
⸻
■ نأتي لطموحات التوسع وما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى”.. ما دلالة التغير الذي شهده الخطاب السياسي والاجتماعي الإسرائيلي منذ بداية الألفية الثالثة؟ وهل يتجه المجتمع الصهيوني إلى مزيد من التطرف؟
ما كان يُقال بشأن «إسرائيل الكبرى» والتوسع على الأراضي العربية خلف الأبواب المغلقة بات يُقال علنًا على المنابر. تيار اليمين الديني المتطرف خرج من الهامش إلى صلب القرار السياسي والعسكري والاستخباراتي. في السابق، كان الحديث عن القتل والاستيطان والتهجير يدور سرًا على لسان عناصر متطرفة مثل مائير كاهانا. أما اليوم، فهذه الدعوات تُطرح بوقاحة في الخطاب السياسي، ويتبناها وزراء وشخصيات فاعلة في الحكومة الإسرائيلية.
حتى فكرة “إسرائيل الكبرى”، التي أنكر وجودها قادة سابقون مثل موشيه ديان، لم تعد مجرّد خيالات، وأصبحت مشروعًا سياسيًا مُعلنًا، يطمح لضم أراضٍ من ست دول عربية، ويروَّج لها من شخصيات بارزة مثل بن غفير.
⸻
■ ما خطورة صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف على المنطقة؟ وهل يهدد أراضي ست بلدان عربية تشمل الأردن، مصر، سوريا، لبنان، والسعودية؟
هذا ما كان هدفًا خفيًا، وأصبح علنيًا. بالتأكيد لديهم الرغبة في التوسع، ويعملون بمنهجية لتنفيذ هذه الأطماع. وعلى مصر أن تكثف جهودها لمواجهة ذلك، بالتعاون مع بلدان المنطقة. سأروي لك حديثًا دار بيني وبين موشيه ديان خلال أحد الاحتفالات بالسفارة المصرية في إسرائيل، سألته عما إذا كانت خريطة «إسرائيل الكبرى» معلقة في الكنيست، فقال إنه على استعداد لاصطحابي للتحقق من أنها غير موجودة. السفير سعد مرتضى أكد لي آنذاك أنها لم تكن معلقة.
ويبدو أن فكرة إسرائيل الكبرى كانت موجودة كحلم داخل العقل الإسرائيلي، لكنها لم تكن معلنة. أما اليوم، فقد ترجم اليمين المتطرف هذا الحلم إلى واقع، من خلال السياسات الإسرائيلية والأمريكية، ومن خلال الخطاب السياسي العلني الذي يطالب بأحقية إسرائيل في أراضٍ من ست دول عربية.
⸻
■ بمناسبة موشيه ديان.. نشرت صحيفة “معاريف” في سبتمبر 2020 تقريرًا يفيد بأن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق قام بسرقة قطع أثرية مصرية من منطقة سرابيط الخادم بسيناء عام 1969.. ما حقيقة ذلك؟ وهل حاولنا استعادة هذه القطع؟
نعم، سرق موشيه ديان آثارًا مصرية، وقد ثبت ذلك بعد وفاته. في إحدى المناسبات داخل السفارة المصرية في إسرائيل، واجهته بسرقته آثارًا من سيناء. أنكر حينها، لكنه كان كاذبًا. وبعد ذلك، اعترف لي بشكل مبطن. وبعد وفاته، انكشفت سرقته لمومياوات مصرية؛ إذ باعت زوجته وابنته مومياء لأحد المتاحف البريطانية.
حين احتلت إسرائيل سيناء، قام موشيه ديان بعمليات تنقيب لحسابه الخاص، وقد اعترف لي بذلك بشكل غير مباشر، عندما قال – ربما دون قصد – إنه كان له أساليبه الخاصة في التنقيب. في ذلك الوقت، تعمدت خداعه، لعلمي أنه مهتم بالآثار، وفتحت حديثًا حول هذا الموضوع، وقلت له إن أحد أقاربي لديه نفوذ في هذا المجال.
■ما خطورة الواقع الجديد التي فرضته إسرائيل مستعغلة مساعدة امريكا لها في إعادة ترسيم منطقتنا بالقوة ..وقد رأسنا كيف توسع انتقاما من غزة للبنان لسوريا وصولا لايران؟
لا شك أن الموقف الأمريكي تطور إلى الأسوأ. لطالما كانت واشنطن حليفًا داعمًا لإسرائيل، لكن عهد دونالد ترامب مثل ذروة هذا الانحياز . إرغبات أعادة الترسيم واضحة دونالد ترامب تفوق على ريجان الذي كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين دعما لإسرائيل ،فاقه ترامب ليس فقط على مستوى الدعم العسكري والعلمي والاستخباراتي ، بل أيضًا سياسيًا وأيديولوجيًا من أبرز المؤشرات على ذلك ياب حل الدولتين من الخطاب الأمريكي الرسمي، بعد انسحابه عمليًا من الأجندة السياسية الإسرائيلية.
ترامب أيضًا أدار ظهره لكل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل. بل ذهب أبعد من ذلك، بأعطاء تعليمات للإعلام الأمريكي بعدم تغطيتها، مع محاربة الإعلام الأوروبي الذي تناولها على استحياء.
نحن أمام دعم أمريكي غير مشروط: سياسي، اقتصادي، عسكري، واستخباراتي.
لكن المفارقة أن إسرائيل، بحسب تقارير الكونغرس الأميركي منذ أكثر من عشرين عامًا، تؤكد هي ثاني أكبر دولة تتجسس على الولايات المتحدة بعد الصين — وليس روسيا ولا الاتحاد السوفيتي سابقًا.
إسرائيل دولة قائمة على التجسس والسرقةـ بل أن تفوقها بسبب تجسسها واختراقها امريكا والغرب وسرقتها برائات الاختراع في المجالات العسكرية والتكنولوجية تسرق كل أسباب وعوامل تفوقها من الولايات المتحدة والغرب بدءا من سرقتهعا تصميمات صواريخ أمريكية وفرنسية، وعلى رأسها صاروخ "جيريكو"، المستند إلى تصميم فرنسي. وكذلك برنامج الأقمار الصناعية الإسرائيلي "أفق"، الذي أُطلق عام 1988، استند إلى تصميمات أمريكية، خاصة القمر KH- الأمر لم يقتصر على التكنولوجيا، بل وصل إلى سرقة اليورانيوم المخصب من شركة أمريكية يمتلكها يهودي، عبر شبكة منظمة من المافيا الإسرائيلية–الأمريكية وتتواجد على الاراضي الامريكية ، لتُنسب السرقة إلى "المافيا" وليس إلى "إسرائيل". جزء منها
ومن أبرز الاختراقات، تجنيد جوناثان بولارد، وهو عميل يهودي أمريكي عمل بالمخابرات البحرية الأمريكية، وسرّب معلومات حساسة في وقت لم تكن إسرائيل تمتلك فيه قمرًا صناعيًا وقد أدثت المعلومات التي قدّمها أحدثت أكبر خرق للأمن القومي الأمريكي في تاريخها رغم أن الرئيس الامريكي كارتر كان حذرا.
■ بمناسبة التجسس كنت من أوائل من حذروا من بعض القنابل الاسرائيلية الموقوتة في مقدمتها اليهود المتشعيون والمتأسلمون واختراق طهران .. ما علاقة هؤلاء باختراق الموساد لإيران ؟
أود الحديث أولًا عن اليهود المتشيعين، ثم المتأسلمين، وغيرها من القنابل الاسرائيلية الموقوتة التي يزرعها الموساد عبر عملائه
من البداية، اعتمدت إسرائيل على اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إليها. الكثير منهم انخرطوا لاحقًا في الموساد والمؤسسات الأمنية والعسكرية. بعضهم صار وزير دفاع (شاؤول موفاز)و أيضا رئيس دولة(موشيه كاتساف الرئيس الثامن لإسرئيل من 2000:2007 ) .
خلال ربع القرن الأخير، استخدمت إسرائيل اليهود من أصول إيرانية كأداة لاختراق المجتمع الإيراني عبر إعدادهم بعناية كـ"مواطنين إيرانيين"، وهؤلاء بدأو يتعاشوا بخلفية متقنة بدأوا حياتهم في وظائف بسيطة غير ذات قيمة لا تثير الشبهات.
منذ حوالي 5 عقود تحديدا في نهاية عهد الشاه رضا بهلوي طور الموساد استراجيات التجسس في إيران و ما يسمى باليهود المتشيعيين وهم صهاينة وظيفيين أعلنوا تشيعهم ظاهريا بل تكتيكًا للاندماج وتجنب الاضطهاد الذي عانته الطائفة اليهودية في إيران اندمجوا فعليًا في المجتمع الشيعي دون أن يشعر بهم أحد بأهداف التجسس، ودافعوا عن المذهب في وجه السُّنة. لكن الخطير أن الاختراقات وصلت إلى الحوزات الدينية نفسه حيث وصلوا لمناصي دينية وعلمية.
بعض هؤلاء وصلوا إلى مناصب دينية عليا، وأصبح لهم نفوذ يصل حتى "المرشد الأعلى".
في إحدى الحالات عندما اكاشفت غيران إحدى حالات التجسس اكتشفت أن إمامًا بأحد المساجد الكبرى في أصفهان، كان يُطلق إشارات ضوئية مشفرة من مئذنة المسجد عند صلاة الفجر، مرتين أسبوعيًا، لتحديد مواقع عسكرية أو تحركات قيادات دينية وقامات علمية إيرانية.الشبهات بدأت من أحد الجيران، وبعد مراقبة دقيقة، وحين ألقت السلطات القبض عليه. المفاجأة أنه قال: " تأخرتم كثيرًا... كنت أتوقع مجيئكم منذ وقت طويل."
هذه الواقعة تُظهر أن اختراق الحوزة الدينية أخطر مما يُعتقد. عدد المتشيعين لا يمكن حصره، لكن الاغيرانيين تنبهوا مؤخرا وقد تصاعدت حملات التفتيش والاعتقالات بعد تكرار عمليات الاغتيال والتجسس التي بدأت منذ 2002، وارتبطت بالموساد، سواء باستهداف علماء أو تهريبهم أو تخريب منشآت نووية.
■ ما علاقة اليهود المتشيعين مؤخرًا بحملات الاغتيال التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا، في إيران التي طالت إسماعيل هنيةفي طهران ؟
هؤلاء خلايا نائمة يتم تفعيلها في اللحظة المناسبة. المثال الأوضح نجده في مسلسل طهران، وهو في الحقيقة إنتاج استخباراتي للموساد وليس انتالاجا أمريكيا كما يشاع عنه كعمل أمريكي. العمل يصور بيوتًا لهؤلاء الخلايا النائمة كعائلات إيرانية تبدو مسلمة، لكنها في الحقيقة يهودية متشيعة منذ عقود.
هذه الخلايا ساهمت في نقل معلومات دقيقة عن العلماء النوويين، والقيادات العسكرية، ومواقع مصانع الصواريخ، ومنصات الإطلاق، ومستودعات الطائرات المسيّرة.
في عملية “نارنيا” التي بدأها الموساد يوم 13 يونيو 2025، نفّذتها إسرائيل لاستهداف كبار العلماء النوويين الإيرانيين في منازلهم بطهران وتصفية تسعة منهم خلال لحظة واحدة تقريبًا، حيث نُفّذت الضربات أثناء نومهم باستخدام سلاح خاص غير معلن عنها واستمرت لمدة عام – كانت عبر هؤلاء اليهود المتشيعيين إذ قاموا بتهريب مكونات المسيرات وأجهزة التفجير مفككة إلى داخل إيران، ثم أعيد تركيبها هناك.
بعد الحرب الأخيرة بين إيران وإسرئايل التي استمرت 12 يومًا، وتعاطف الشارع الإيراني مع المقاومة، بدأت إيران حملة توعية تطلب من المواطنين الإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة أو مستأجرين جدد وعليه التحقيقات كشفت عن مبانٍ كاملة مؤجرة عبر جمعيات محلية، كانت تُستخدم كمخازن للأسلحة والطائرات المسيّرة للصهاينة الوظيفيين. في إحدى الحالات، تم العثور على 10,000 طائرة مسيّرة في 3 مواقع مختلفة.
والنتيجة بعد هذا التنبه الايراني لمخاطر الموساد كانت تفكيك 25 شبكة تجسس واعتقال حوالي 700 مشتبه به، وثبتت إدانة عدد منهم. لجأت إيران إلى محاكمات عسكرية سريعة وتنفيذ أحكام بالإعدام كوسيلة ردع كما شهدنا، وهو ما أدى إلى توقف مؤقت لنشاط الكثير من الخلايا النائمة.
■ روجت إسرئيل لمن زعمت أنهم «أئمة مسلمون في أوروبا» يتحدثون عنها كدولة سلام وعن المقاومة والفدائيين الفلسطينيين كـ«إرهاب» وأن السابع من أكتوبر عملية إجرامية ما علاقة هذا بنشاطات الصهاينة الوظيفيين و جواسيس الموساد؟
هذا سؤال مهم للغايةـ بالطبع له علاقة وهذا ملف خطير بالتوازي مع اليهود االمتشيعيين في ايران هناك يهود متأسلمين لهم أنشطة تجسسية وموجودونفي اوروبت و أيضًا في دول عربية، منها مصر ودول خليجية.
رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، مجدي هارون، صرّحت عام 2017 أن عدد اليهود المعروفين كان 18 فقط، لكنها أضافت أنها "لا تعرف عدد اليهود الذين أسلموا، لأنهم كثيرون ومنذ زمن بعيد."
هؤلاء المتأسلمون، مثل المتشيعين، أعلنوا إسلامهم في كل الدول العربية لأسباب مختلفة: للاندماج، لتفادي الاضطهاد، أو بهدف اختراق المجتمعات. الظاهرة ظهرت بوضوح بعد 1948، خاصة في العراق وسوريا ومصر.
ولا يمكن حصر عددهم بدقة، لكن المخابرات المصرية تتابع هذا الملف منذ سنوات، لأنه يمثّل خطرًا طويل المدى. ولاء هؤلاء النهائي يظل لليهودية كما تمثلها إسرائيل، وليس للإسلام أو التشيع.هؤلاء جميعالا جواسيس في منطقتنا لا يمكن حصرهم. لكن ربما يمكننا حصر أنشطتهم. أنا على يقين أن أجهزة المخابرات المصرية ترصد هؤلاء بدقة. في رأيي هؤلاء خلايا نائمة يستخدمون المال للحصول على امتيازات وعندما يحين الوقت سيقومون بأنشطتهم المطلوبة.
■ إذا تعتقد بوجود جواسيس نائمين داخل العالم العربي، بما في ذلك مصر؟
بالتأكيد. أنا أرى أن اليهود المتشيعين والمتأسلمين هم خلايا نائمة منتشرة في الشرق الأوسط والدول العربية وإيران، ومصر ليست استثناءً.
الخطر في هؤلاء هو صعوبة كشفهم لأنهم يحملون هويات دينية وعرقية مزدوجة، ويعيشون في قلب المجتمعات منذ أجيال وعلينا التنبه.
■نأتي إلى ملف المصريين في إسرائيل وكنت قد حذرت منهم منذ عام 2013 كيف ترى خطورة هؤلاء وهل تعتبر بعضهم جواسيس محتملين ؟
نعم. هذا لأيضا سؤال مهم لأن هذا الملف بمثابة قنبلة موقوتةنبهت لخطورته منذ 2013.
في عام 2016، كان لديّ تقدير أن عدد المصريين في إسرائيل بلغ نحو 18,000 شخص، لكن لا توجد أرقام رسمية لا من القاهرة ولا من تل أبيب.
البعض دخل إسرائيل بشكل غير شرعي منذ أواخر التسعينات وبداية 2000 بحثًا عن فرص عمل اليوم، هناك رابطة مصرية في إسرائيل، ورئيسها صرح بأن هناك 7,000 مصري يعيشون «بشكل قانوني» ويحملون «الهويات الزرقاء "، إلى جانب 5,000 آخرين يقيمون بطرق غير قانونية وهنا تشتعل اللمبة الحمراء لأن لو كنا حسنين النية أن ضمن الـ7 آلاف الشرعيين 355 مصري حصلوا على الجنسية الإسرائلية 14 منهم تزوجوا اسرائيليات والباقي تزوجوا فلسطينيات في الداخل المحتل . او أحسننا الظن بهؤلاء فكيف نحسن الظن بمن هم غير شرعيين . الخطورة الكبرى في هؤلاء غير القانونيين، لأنهم أهداف محتملة للتجنيد.
الموساد اليوم لا يحتاج لإرسال 3 عملاء لمراقبة شخص واحد محتمل أن يكون جاسوسا محتملا ... الآن لديه آلاف من المصريين القابلين للتجنيد والاستخدام كجواسيس بلا تكلفة تُذكر هم داخل المجتمع الاسرائيلي والموساد يعلم آمالهم وطموحاتهم ومخاوفهم ويسهل تجنيدهم.
■هل تتوقع وجود بعض هؤلاء في الجيش الإسرائيلي؟ وهل اتخذت مصر أي إجراءات حيالهم ؟
بالتأكيد اتخذت إجراءات قانونية ضد من حصلوا على الجنسية الاسرئايلية عبر المحكمة الادارية في عام 2009، كانت هناك حملة برلمانية وإعلامية ضد الظاهرة، وانتهت بحكم المحكمة الإدارية بإسقاط الجنسية عن أي مصري يحصل على الجنسية الإسرائيلية، سواء عبر الزواج من يهودية أو فلسطينية من عرب بمن فيهن المسلمات48.
لكن لا توجد معلومات مؤكدة عن مصريين يخدمون في الجيش الإسرائيلي وهم يحملون جوازات مصرية. ربما هناك من حصل على الجنسية عبر الزواج، خاصة ممن تزوجوا من يهوديات، فيصبح مؤهلاً قانونيًا.
لكن حتى الآن، تبقى هذه القضية قنبلة زمنية موقوتة، وتحتاج إلى متابعة أمنية واستخباراتية وتشريعية دائمة
■ انطلاقا من حديثك عن الصهاينة المتشيعين والمتأسلمين وخطرهم المتصاعد في الشرق الأوسط هل تتوقع أن هناك اختراقات وصلت إلى جيوش المنطقة نفسها؟
نعم و المثال الصارخ على ذلك هو إيران. الرئيس أحمدي نجاد صرّح عام 2013 بوجود اختراقات إسرائيلية خطيرة طالت جميع الدوائر بم فيها العسكرية، مما اضطرهم إلى تشكيل هيئة خاصة لمكافحة نشاط الموساد. المفارقة أن الشخص الذي تم تعيينه لرئاسة هذه الهيئة داخل الحرس الثوري وتبيّن لاحقًا أنه عميل نائم من اليهود المتشيعين، وكان يسرّب للموساد آليات تعقب أنشطته. هذا في أكثر هيئة لها قدسية وخصوصية. حتى جهاز الاستخبارات داخل الحرس الثوري – وهو من أكثر المؤسسات الأمنية قدسية وسرية معنية بحماية القيادات العلمية والدينية والعسكريةن– لم يكن محصنًا. التسريبات التي استهدفت مواقع العلماء والقيادات جاءت من داخله، وهو ما مكّن إسرائيل من تنفيذ ضربات دقيقة ضمن عملية "نارنيا".
أما الجيوش العربية، فلا توجد شواهد مؤكدة على اختراقات مماثلة، لكن ليس مستيعدا أما الجيش المصري، الذي أراه صعب الاختراق... لكن لا شيء مستحيل، وإن كنت لا أملك معلومات مؤكدة عن باقي الجيوش.
■ بدأنا نسمع أصواتًا مصرية تبرّر أفعال إسرائيل وتبرّر جرائمها، مثل داليا زيادة. هل تعتبر هذا اختراقًا ناعمًا؟ وما مدى خطورة أمثالها على الوعي العربي؟
حتى الآن، أعتقد أن محاولات اختراق الوعي المصري فشلت إلى حد بعيد. لكن إسرائيل حققت بعض النجاحات في دول الخليج. داليا زيادة وأمثالها يبحثون عن شهرة وتميّز، وربما يظنون أن الكلام الإيجابي عن إسرائيل سيمنحهم حماية أو دعمًا_هذا في أعتقادها.
لكن دعيني أذكّر أمثالر هؤلاء بما قاله أحد الجواسيس الإيرانيين اليهود الذين اعتُقلوا قبل الحرب الأخيرة بعام، قال: "كنت مدير المشهد داخل إيران لصالح الموساد... وكنت واهمًا. الموساد سيتحرك لنجدتي عبر صفقة تبادل . كنت واهم أنني من سيدير المشهد واكتشفت أنني كنت جندي شطرنج حُرّكت حتى انتهت مهمتي، ثم ضحى بي الموساد وبالمناسية هذا تم تجنيده في فرنسا وذهب لايران واخد كوسات تخفي وتجس وتجنيد قبل أن يذهب لأايران ."
تم إعدامه بعد ثلاثة أيام فقط من اندلاع الحرب الأخيرة.، واعترف أنه خطط وساهم في اغتيال 3 قادة أيرانيين ومع ذلك ضحت به اسرائيل . أذا اذا كان أمثال اليا زيادة واهمين ان اسرائيل سيحميهم فهم واهمين.
■ما الرسالة التي تود توجيهها لهؤلاء الذين يتم توظيفهم لخدمة إسرائيل ويُضحى بهم لاحقًا؟
الأمثلة كثيرة. أقول لهم عندما تنتهي مهمة الجاسوس، يضحى به الموساد. انظري إلى روبرت ماكسويل، رجل الأعمال اليهودي البريطاني كان يملك امبراطوية صحافية هناك لخدمتهم.. خدم الموساد سنوات، لكنه عندما أصبح عبئًا، اغتالوه
أذا أذا ضحى الموياد بيهودي صهيوني فكيف يتصور من يظنون أ نفسهم محصنًا أو خفيًا عن أعين الموساد، فهو مخطئ. لا يوجد عميل محمي دائمًا. النهاية حتمًا واحدة: الاستغناء أو التضحية."
■ من سوريا والسودان إلفى ليبيا والعراق وفي في ظل التشرذم والترهل في بعض بلدان العرب كيف يمكن مواجهة هذه الاختراقات الناعمة والحفاظ على هويتنا العربية لحماية الاجيال القادمة من العدو؟ وما السبيل لبناء درع فكري حقيقي في مواجهة التفوق العلمي والتقني الاسرائيلي ؟
مكافحة الفكر الصهيوني يجب أن يكون بالفكر أيضا ولا يكفي التعامل الأمني فقط مع هذه الخلايا الناعمة التي تتغلغل في الأوساط الثقافية والدينية. العربية وتخترقها. المعركة اليوم معركة وعي... وأدواتها حملات توعية مضادة، وليست فقط الاعتقالات أو الإقصاء بل بالحجة والأقناع والتعامل مع هؤلاء يحملات توعية مضادة تحفظ سرديتنا العربية.
■ اليوم تبسط أسرئيل نفوذها ليس فقط عبر الآلة العسكرية بل عبر النفوذ العلمي والتكنولوجي والاقتصادي .. كيف نواجه هذا النفوذ الصهيوني المترامي؟"
العنصر الحاسم الآن في تحديد مكانة البلدان هو هو الذكاء الاصطناعي. فلم يعد رفاهية، بل أصبح جزءًا من كل الخدمات العلمية وأصيح يدخل في الصناعات العسكرية والاستخدامات الاستخباراتية.
الموساد بدأ يتميز ويتفوق لأنه من أوائل الأجهزة التي تبنّت الذكاء الاصطناعي، لكن – بناءً على تجربتي – إسرائيل ليست بالأسطورة ليس بالمجتمع الخارق التي يصورها الإعلام الغربي. هناك ثغرات وأخطاء جسيمة في أجهزة المخابرات. هؤلاء يرتكبون أخطاء لا يرتكبها مبتدأ
هناك حتى اختراقات مضادة، وخلايا يهودية بدأت تعمل لصالح إيران. إسرائيل بدأت تنكشف من الداخل المخابراتي الفاشل والخارج بفشلها في صد الضربات الاريانية التي كانت مؤثرة في إسرائيل.
■ ضربت إسرائيل سوريا وتعدت على سماء دمشق ومع انتشارها عسكريا في الاراضي السولاية تطالب بـ3 مناطق عازلة في السويداء ودرعا و القنيطرة ؟ كيف ترى ذلك ؟
أحمد الشرع حين بدأ المخطط الخاص يتولى السلطة استعان بالخارج أولاً، ولم يكن لديه قاعدة شعبية داخلية. كان الخارج هو من يحميه، لكن في البداية لم يكن الإسرائيليون يثقون به، وسبب ذلك أنه كان مدعوما دعما كاملا من تركيا.
لأنه في البداية كان هناك احتمال لتصادم إسرائيلي-تركي داخل الأراضي السورية، لكن دونالد ترامب أعطى تعليماته لنتنياهو بعدم التصدي لتركيا. وفي المقابل، الأكراد – الذين يُعدّون عنصرًا مزعجًا لتركيا – تم تسليم سلاحهم، ويتم الآن مهادنة النظام التركي في هذا الملف.
أصبح هناك تنسيق إسرائيلي تركي بمظلة أمريكية داخل سوريا لتغيير خيوط اللعبة، ومن هنا بدأ تقسيم الكعكة.
■وماذا عن القواعد العسكرية الإسرائيلية في الداخل السوري ومطالب تل أبيب بمناطق عازلة في الجنوب ؟
حتى الآن، لم يُثبت وجود قواعد عسكرية إسرائيلية داخل سوريا، هم يطالبون بها، لكن لم تُنفذ بحسب معلوماتي حتى هذه اللحظة.
لأن هذه المناطق بدأت تشهد قلاقل وأعمال تُعتبر من وجهة نظرهم تخريبية ومضادة لمصالح إسرائيل. هي نوع من المقاومة، حتى لم في ذلك ى في مواجهة النظام التابع لأحمد الشرع.
■ ما مدى الدعم الدولي الحالي للسيد أحمد الشرع و ماذا لو انقلب الشرع على مطلب التطبيع مع أسرائيل؟
أحمد الشرع ليوم، يحظى الشرع بدعم مطلق من أمريكا، ودعم كبير من الاتحاد الأوروبي، ومطلق من تركيا، وجزئي من إسرائيل. إذًا هو يحظى بدعم الخارج، ويحاول ترتيب أوراقه في الداخل.
وماذا لو تراجع عن التطبيع؟
(ضاحكًا) دعينا لا ندخل في هذا الآن، السوريون يشتمونني بما فيه الكفاية. دعينا نغلق هذا الملف.
■إلى أين يتجه النظام الإيراني؟ وهل تنجح أمريكا وإسرائيل في إسقاطه لاحقا بعدما لوحوا بنجل الشاه رضا بهلوي ؟
الرسالة الإسرائيلية واضحة أن تل أبيب تستهدف إسقاط النظام. لكن الأمريكيين لديهم تقدير مختلف. بأن يتعامل مع هذا النظام بعد نزع أنيابه ونزع نفوذه هدف واشنطن هو نزع القدرات النووية من إيران أولًا، ثم تقليص نفوذها تدريجيًا في المنطقة بتكسير أذرع الفواعل من غير الدول.
ساهمت إسرائيل فعلاً في تقليص النفوذ الإيراني الإقليمي عبر ضربات في غزة، جنوب لبنان ضد حزب الله، سوريا، وداخل إيران نفسها. كل ذلك ساهم في تقليص النفوذ.
لكن إسقاط النظام هدفا بعيدا الشعب الإيراني بات يرى هذا النظام كالقوة الوحيدة القادرة على الوصول إلى الداخل الإسرائيلي. إسرائيل فوجئت بدقة صواريخ إيران الفرط صوتية التي اخترقت منظومات الدفاع الأمريكية والبريطانية والفرنسية، بالإضافة إلى ثلاث منظومات إسرائيلية ومنظومة "ثاد". هذه الصواريخ أصابت بالفعل ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية، إسرائيل تخفي خسائرها لكن تكشف وصول ايران لـ3 قواعد عسكرية اسرائيلية.
■ وهل النظام الإيراني يحظى بشعبية إقليمية الآن على الأقل على المستوى الشعبي؟
نعم، النظام الإيراني لديه شعبية داخلية، وشعبية بين الشعوب العربية، لا الأنظمة. وذها يدفع أمريكا للتفكير في التفاوض مع نظام شعبي قوي له جذور، بدلاً من تغييره. ومن الذكاء أن تقول إمريكا أننا كنا نعلم مطكان خامنئي ولم نغتاله_ حتى ان لم يكن هذا صحيحا.
■ هل تشكل إيران توازنًا استراتيجيًا يخدم المنطقة العربية؟ وهل نديتها لإسرائيل تخدم منطقتنا العربية ؟
نعم لكنه يخدم أيران أولا لنكون موضوعيين. وأرفع القبعة لإيران ويُحسب لها أنها طورت التعليم، ووطنت التعلم رغم الحصار التقني والتكنولوجي اخترعت تقنيات وسط الحصار، وبلغت أعلى المستويات، خاصة في تخصيب اليورانيوم. إيران أصبحت نِدًا عسكريًا وتقنيًا. وهذا ما يثير أعجاب الشعوب العربية قبل الأنظمة.
■ من المنتصر في المواجهة الأخيرة إيران أم إسرئيل من وجهة نظرك ؟
إسرئيل حققت ضربات ناجحة لكنها لم تنتصر، أـما إيران فربدت بشكل متقن ولم تُهزم أيضًا. إذًا لم تخسر.
■هل تشكل إيران خطرا على العرب؟ هل أخطأت في سياساتها مع العرب بدءا من مصر وصولا للخليج وسوريا؟ و هل خطر إيران مجرد "فزاعة" غربية؟ أم أنها
أولا، فزاعة الخطر الإيراني بدأت في الألفية التالتة لطمس الخطر الإسرائيلي . إذا فزاعة النفوذ والخطر الإيراني مصنعة لتشتيت انتباه العرب عن الخطر الإسرئيلي.
ثانيا، إيران لم تكن عدوًا. لكنها أخطأت وكان أحيانًا هناك عناد إيراني غير مبرر مع الرغبات المصرية مثلا في قضية رفع اسم خالد_اتل السادات_ عن شارع إيراني فيتغير اسم الشارع من عشر سنوات ويترك أسفل الاسم الجديد بالبوند العريض (الاسلامبولي سابقا) فهذا عناد غير مبرر. هذا سابقا وقد تغير الآن.
■ما توقعاتك لمستقبل العلاقات المصرية الإيرانية ؟
القيادة الإيرانية الحالية والعقلية الإيرانية الحالية تنبهت وأردكت أهمية مصر، إيران ستتمركز سياسيا في المنطقة حين تقوي علاقاتها مع مصر . و أعتقد أن العلاقات المصرية-الإيرانية قادمة ولكن لابد أن تتم بالمنظور المصري والإيراني الجديد وليس بالأسلوب الإيراني القديم.
■ في ظل تشكيك البعض في جدوى المقاومة كيف تنظر أنت كقنصل ومسؤول دبلوماسي سابق عمل داخل إسرائيل لعملية السابع من أكتوبر أسرارها وتأثيرها على الداخل الإسرائيلي ؟ وهل كانت مٌجدية؟
إسرائيل تفاجأت مؤخرًا بحدثين، الأول كان قاسمًا لها وهو السابع من أكتوبر، والثاني كان وصول الإيراني للداخل الإسرائيلي.
بعد انتصار إسرائيل في 67 كان لديهم مفهوم بأن الجيوش العربية لن تقوم لها قائمة وبالذات الجيش المصري. وقد حمطت مصر هذا المفهوم بنصر أكتوبر 73 وأثبت اخفاق هذا المفهوم؛ للمرة الثانية أخفق الاسرائليين في تقدير المعلومات التي وصلتهم. في أكتوبر 73 وصلتهم معلومات تفصيلية من خلال أشرف مروان الذي التقى رئيس الموساد في لندن يوم 5 أكتوبر و عرض عليه كل المعلومات بفارق وحيد أن االحرب ستبدأ مع آخر ضوء في 6 مساءً، تهاونوا بقوة مصر ويقدرتها على النصر. تكرر الخطجأ في 7 أكتوبر 2023 بعد 50 لأن المعلومات كانت أمامهم عبر الوحدة 8200 المخصصة للمراقبة والرصد الاستخباراتي، أبلغت ضابطتان أن هناك تدريبات على بعد 500 مترو في غزة على الرغم من ذلك جاء تقدير المخابرات الحربية الإسرائيلية «أمان»، أن هذا تقدير ضابطتين ليس لهم خبرة وبالتالي لن يحدث وظنوا أن «حماس» ليس لديها لا القدرة ولا الرغبة ولا الإمكانية وعندما حدث 7 أكتوبر كشفت إخفاق أمني واستراتيجي وعسكري ومخابراتي. ومن هنا جاء نحجاح العملية رغم علمهم بها.
نبدأ ببعض الإخفاقات الأمنية تمثل ابرزها في اختراق معبر «إيرز» تمكنت حماس من اختراق محطة رصد تابعة لجهاز الشاباك «شين بيت»_ جهاز الأمن العام الإسرائيلي المسؤول عهن التجسس والتخريب والأمن السياسي_ بها سيرفرات وأجهزة كمبيوتر لعملاء إسرئيل الفلسطينيين في غزة بم في ذلك داخل حماس. وعادوا بالأجهزة وبضباط الوحدة
أما لإخفاق العسكري تمثل في وصول حماس للقاعدة العسكرية وبها مقر لجهاز المخابرات الحربية «أمان»_ المسؤولة عن تقديم التقديرات الأمنية للحكومة والجيش- واستولت حماس أيضا على السيرفرات والكمبيوترات التي تتضمن الخطط البديلة حال حدث أي اختراق فلسطيني لذلك تعثرت إسرائيل في أول 30 يوم في عملية الرد.
نأتي للأخفاق المخايراتي المتمثل باختراق حماس لقاعدة خاصة بالموساد_ المسؤول عن الاستخبارات الخارجية والعمليات السرية- رغم وجود قاعدة متقدمة لرصد كل ما هو قادم من معلومات عن خاصة بمصر وسوريا وإيران. اخترقتها حماس أيضا وحصل رجالها على السيرفرات والكمبيوترات وعادوا بشخصين من طاقمها.
تممت كل هذه الاحختراقات في الفترة من 6 صباحًا إلى ما قبل الساعة العاشرة. لم تتحرك إسرائيل بجندي واحد قبل الساعة الحادية عشر، إذًا هناك إخفاق لمدة خمس ساعات تسبب في إخفاق أمني وعسكري ومخابراتي.
نجحت حماس في إخراج المعلومات التي حصلت عليها من قاعدة الموساد إلى بيروت وهناك التقى قيادي من حماس وآخر من حزب الله مع قادة أيرانيين في شمال بيروت وتم تسليمهم الخطط الإسرائيلية الخاصة بالعمليات.
إذًا عملية 7 أكتوبر كانت مفاجأة، جعلت المجتمع الإسرائيلي يهتز. واضرت بصورة أجهزة مخابراته ومؤسساته وقواته المسلحة
كما نجحت حماس في 5 ساعات ف تفكيك الفزاعة الإسرائيلية وفضحت إسرائيل أمنيا واستخباراتيا وعسكريا وأطلقت في اليوم الأول للعملية 5000 صاروخ طبقًا لمصادر حماس و3000 صاروخ طبقًا لمصادر إسرائيلية. ورغم أننها لم تكن صواريخ قادرة على إلحاق أذى كبير داخل إسرائيل أو مستوطناتها لكنها على الأقل كانت قادرة على النفاذ.
■ أثير حولك جدل إعلامي بسبب تصريحات متعلقة بفترة وجودك في إسرائيل وقلت أيضا أنت أن الموساد وضع أدوات تنصت في جدران منزلك وكشفتها.. حدثني عن ذلك؟
حاولوا تشويهي مرات عديدة. وهناك أكثر من عملية تنصت حدثت وأنا موجود هناك. العملية الأولى ككاكتشفتها بعد تركي لفندق أقمت فيه ثلاث أشهر، اكتشفت شيء كان جديد عليا وعلى وعلى كثيرين من أجهزة المخابرات. بعد إنشاء أي مينى فندفيقي أو سياحي في إسرائيل يخضع للجنة من وزارة الإسكان بزعم أنها ستقوم بعمليات فحص الأحمال والإجراءات والحسابات الهندسية، وهي في الأساس لجنة استخباراتية تُخرج الشركة المسؤولة عن بناء الفندق بالكامل بتكليف من جهازي الموساد والشين بيت، تركيب كابلات خفية داخل جميع الحوائط بها أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة، بدا من الغرف الداخلية والممرات ومرورا لالريسبشن وصولا للمطاعم والكافيهات. هذه مختلفة عن كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق، الفندق لا يعلم عنها شيء.ولكل مبنى سياحي "سترونج روم" تكون غالبا تحت الارض كغرفة استخباراتية مؤمنة يديرها ثلاثة مناوبات استخيارارتة ، كل مناوبة من ثلاثة أشخاص. اكتشفت هذا الموضوع، فجأة بسبب تجربتي معهم وبحثت فيه إلأى أن وصلت للمعلومات التي اقولها لكم الآن. أي مكان خاص بالدبلوماسيين عاملين هذه الغرف بنظام سويتش أون وأوف وفور دخول الضيف بداية من موظف أداري أو قنصلي وصولا لوزير خارجية و الأمن الخاص بهم يكون برفقتهم أحد ضباط المخابرات الاسرائلية بحجة تعريفه على غرفته أو جناحه وهنا يكون كل شيء مغلق بلا ذبذبات أو اشارات كهربائية، ثم تبدأ الأجهزة في الغرفة المؤمنة بفتح الميكروفونات والكاميرات وتتبع الطاقم النصلي لحظة بلحظة. كلها أنظمة مدفونة في الحيطان ولا يوجد لها أي دليل مرئي . تخيلوا أن هذا في ذلك الوقت منذ 40 سنة فماذا عن الآن.
تمت محاولة تنصت على كمال حسن و كنت حاضر معه ضمن طاقم دبلوماسي، وحينها قال لي علي صوت التلفزيون لنبدأ حديثنا ظنا منا أن هذه وسيلة تشويش تقليدية اكتشفنا إن غرفة التحكم تلك خفضت صوت التلفزيون تدريجيا. فشرعرنا بعد دقائق فككرر كمال حسن علي الذي لم يكن مجرد وزير خارجية بل له خلفية استخبارارتية وعسكرية (تولى الخارجية عام 1980 خلفًا لمحمد إبراهيم كامل (الذي استقال احتجاجًا على اتفاقية كامب ديفيد وتولى رئاسة الحكومة المصرية في في عهد مبارك 1984 ببداية عهد الخصخصة وكان رئيس جهاز المخابرات بين العامين قبلها بين العامين 1975 و1978 في عهد السادات ولعب دورا محورا في ادارة الاتصالات المصرية مع اسرائيل وامريكا في عهد السادات ـ علي حتى نصاب بالطرش وبعد ثلاث دقائق أخرى من الحديث انخفض صوت التلفزيون مجددا فنظر للطاقم الدبلوماس وقال أولاد العم يريدون التنصت علينا ولن نمنحهم هذه الفرصة وأمرنا أن يتب كل منا ملاحظاته في ورقة وأن نسلمها له رقيًا. وقد كان.
■ حال لم نتمكن من مواكبة التطور التقني والتكنولوجي الاسرائيلي ما الحل و هل عود للبدائية ؟
طالما أننا لا نمتلك الأدوات فالعودة للبدائية هي وسيلة حماية من التكنولوجيا بدليل أن النظام السوري، عندما بني مفاعلًا سوريًا، لجأ إلى العودة للعصور الوسطى.لم يبجأوا لأي اتصال لاسلكي، أو وسيلة يمكن رصدها. عادوا إلى نظام المراسلات المغلقة المتشمعة، اللي ينقلها فريق من الكونستبلات تقرأ وتحرق ويتم الاجابة عليها بنفس الطريقة. ظلت اسرائيل تجهل أمرها رغم وصولها في التنصت لبشار الأسد ولم تكتشف شيئًا.
■ بخصوص كتابك "حكايتي في تل أبيب" والرسالة التي أردت ايصالها.. ما الذي لم تكتبه بعد ولا يزال سرا ؟
كتابي "حكايتي في تل أبيب – أسرار دبلوماسي مصري"، كان لعدة أهداف : وصف المجتمع الإسرائيلي من الداخل بأعين مصرية، نقل خبرة التعرف على العمليات الإسرائيلية من الداخل ثم لإثبات أن المجتمع الإسرائيلي ليس المجتمع السوبر الخارق، بل مجتمع به ثغرات بما في ذلك أجهزته المخابراتية العامة والحربية، ويخطئ أخطاء لا يخطئها جهاز مخابرات مبتدئ. وأخيرا تصحيح الوايات التي أشيعت عني لتشويهي؛ إذ تم تشويهي على صفحات الإعلام الإسرائيلي والبريطاني ووصمي بشيء لم يحدث بالطريقة التي تحدثوا عنها فكان الأصح أن أحكي القصة الحقيقية.
■ و ما الذي لم تكتبه بعد ؟ هل حاولوا تجنيدك أو تهديدك بشيء ؟
لا يستيعوا تجنيديـ المراقية شيء ةالتجنيد شيء آخر. كانوا يحاولوا اتقاء شري كنت متداخل ونافذ داخل الاوساط الاسرئيلية فكان لابد أن تتدخل الأجهزة برسالة أولى بمحالة اغتيال فحثت رسالتين بأنه هناك قرار اسرئيلي بأنه هناك قرار بتصفيتي وبقال انه حادث قضاء وقدر سيتم الاعتذار عنه وهنا تدخل النائب كمال حسن علي وطلب من جهاز المخابراتن اعادتي لمصر وتمت اعادتي سرا ولم تعلم أو تكتشف اسرائيلي بعودتي الا بعد 9 ايام.
.هناك العديد من الاسرار لم تكتب بعد عندما خرجت من إسرائيل سرا حضرت هناك لمدة شهرثم خرجت إلى فيينا. وفيينا كانت هي عاصمة التجسس في العالم. وكان عملاء الموساد ينتظروني، كلًا من الإسرائيليين والنمساويين. وكان النمساويين بيقوموا بعمل رقابة لصيقة لي على مدى الـ 24 ساعة بطلب من الموساد.هذا ما لم أذكره. وكان لدي، تقريبًا،ما لم اقل عنه شيء هو أن كان لدي كتاب آخر، ولكني فضلت أن أعمل كما عمل الدكتور محمد سلماوي في كتاب "مسدس الطلقة الواحدة"، وأن يكون كتابي هذا هو المسدس ذو الطلقة الواحدة.
■ عبد الناصر والسادات، مدرستان مختلفتان في التعامل مع إسرائيل، إلى أي المدرستين تنتمي؟ ولماذا؟
لا، هم ليسوا متضادتين، ولكنهم مختلفتين.الرئيس جمال عبد الناصر كان يلجأ إلى الوعيد والتهديد بالعمليات العسكرية، ولكن حين قام بالعملية العسكرية فشلت، فأصبحت نكسة.السادات كان يدعو إلى السلام، ولكنه كان يستعد عسكريًا وحربيًا لجولة أخرى مع إسرائيل ونجح في اختراق إسرائيلي ومفاجأتهم بخداع استراتيجي.
أنا ساداتي، ولست ناصريًا.
■ مؤخرا تتمدد دولة الاحتلال في أفريقيا ما مدى خطورة ذلك؟ وما حجم تورط تل أبيب فيما يحدث في بعض بلدان القارة من نزاعات أهلية؟
منذ صدمة حرب أكتوبر 1973، قطعت 52 دولة أفريقية علاقاتها بإسرائيل، ولم تبقَ سوى واحدة. وعندما وصلتُ إلى تل أبيب في أوائل الثمانينيات، لم تكن هناك سفارة أفريقية واحدة. هذا الانقطاع مثّل ضربة قوية لذراعٍ كانت تل أبيب تمده بعمق في أفريقيا.إلا أن إسرائيل ثابرت لأكثر من عقدين لإعادة تغلغلها افريقيا، ونجحت مؤخرًا في ذلك. خلال عملي كسفير في إريتريا، شهدتُ بداية هذا التغلغل الاسرائيلي استخباراتيا وعبر ما قبل أنهم خبراء إسرائيليين، رغم غياب سفير رسمي. إسرئيل دعمت إثيوبيا سرًا في حربها ضد إريتريا، وصانوا طائراتها (ميغ 21 و23) عبر تحويلها من أديس أبابا إلى بلغاريا، ثم إلى إسرائيل حيث تُحدَّث وتُعاد في صناديق زراعية، لتُركَّب مجددًا في إثيوبيا. تغلغل دقيق وفعّال.
■ ماذا عن مستقبل السلام في منطقتنا ومستقبل القضية الفلسطينية طالما أن الاحتلال انهى حل الدولتين وحتى حل الدولة الواحدة في ظل المشهد السياسي شديد التعقيد الذي نراه اليوم؟
ارلمب معتقع تماما أنه لن تكون هناك دولتين واذا كانت هناك تصور لدولة فترامب غير قادر على جعلها دولة تحفظ حقوق الفلسطينيين.
ما هو معوض مجرد دويلة وكتنتونات وبلديات معزولة بلا جيش، بلا سيادة، ولا سيطرة على المعابر.
مستقبل القضية الفلسطينية بات مظلمًا. حل الدولتين انتهى فعليًا، وساهمت الولايات المتحدة في انهاء الحلول السياسية عبر دعم التوسّع الاستيطاني سياسيا واقتصاديا وعبر تعقيد المشهد السياسي. إدارة ترامب، تحديدًا، لا تؤمن بإقامة دولة فلسطينية.
■ ما الكلفة الجيوسياسية التي ستتدفعها منطقة الشرق الاوسط حال قبلت المنطقة بالتطجبيع غير المشروط؟
لون قَبِل العرب بتطبيع غير مشروط بحل القضية الفلسطينية ، وبنزع سلاح المقاومة، فستصبح إسرائيل القوة الكبرى المهيمنة على مقدرات الاقليم وستفرض شروطها على العرب فيما يتعلق بمصالحها هي أولا. نحن أمام كيان يتغول ومشهد ضبابي بلا ملامح لحل سياسي حقيقية.
■ ما بدائل لاحتواء التغول الاسرئيلي؟
نعود لما فكر فيه الرئيس الراحل عبد الناصر : الوحدة العربية. كما قال عبد الناصر، التكامل الاقتصادي مقدمة لوحدة سياسية وعسكرية تُمكّن العرب من التفاوض من موقع قوة. هل هذا ممكن؟ الأيام كفيلة بالإجابة.
الفريق سعد الدين الشاذلي كان يؤمن بقدوم مواجهة جديدة قادمة مع الاحتلال قادمة لا محالة.. ما تعليقك؟
الرئيس السادات ورغم ابرامه اتفاق السلام حين سُئل عن مواجهة جديدة مع اسرائيل أجاب بأن معاهدة السلام قد تصمد 50 عامًا على الحد الاقصى ، وبعدها قد تتغير الظروف وتعود احتمالات الصدام مجددا . إذا وفق السادات نحن الآن حتى عام 2029 طبقا لرؤية السادات. ومع ذلك، لا أرى رغبة حاليًا لدى مصر أو إسرائيل في مواجهة مباشرة.
لكن ماذا لو فعلتها أسرائيل ؟
لو قررت أسرائيل مواجهة مصر عسكريا ستدفع الثمن.
■ هناك في الداخل الإسرائيلي يتحدثون عن "عقدة العقد الثامن" وأن نهاية إسرائيل ستأتي من الداخل؟:
هذا هو العمر الافتراضي لدولة اسرئيل وفق النظرة الدينية. تاريخيا حصلت مرتين، لكن ليس بالضرورة أن تتكرر. كثيرون يعتبرون أن العمر الافتراضي لهذا الكيان يقترب من نهايته. ننتظر لنرى.
■ ختاما من واقع تعاملك مع الاحتلال .. بما تنصح ىقادة بعض البلدان العربية ؟
رسالتي للحكومات العربية: لا تهرولوا نحو التطبيع. كما قال عمرو موسى. إذا لم نتحرك استراتيجيًا، فسنصحو على شرق أوسط يحكمه المنطق الصهيوني. ويجب أيضا التوضيح أن المشكلة ليست في التطبيع، بل في فقدان المشروع العربي
أما رسالتي للشعوب: احذروا. إسرائيل لا تعبث. دائما يبنى اللبنة الاولى حتى يصل لمني كامل . اسرائيل تخترق المجتمعات العربية عبر حصان طروادة الطابور الخامس. انتبهوا واحذروا بوابات الاختراق الناعمة.
أوصيهم أيضا بأدوات الحماية والنحصن من المداخل الاسرائلية وأولها الاهتمام بالعلوم ثم بوحدتنا. هكذا نتحصن نحصّن أنفسنا من الاختراق، ونستعيد زمام المبادرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق